|
Re: ذكريات: طالب من عالم موازٍ(1) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الكلمات المفتاحية: الاختيار الكسيح، جامعة الإسكندرية، قسم الفلسفة جامعة القاهرة، قسم الاجتماع جامعة الخرطوم. علمي أم أدبي؟ كنت مفعما برغبات جامحة منذ أن أكملت الدراسة في كلية الزراعة بالإسكندرية بأن ألتحق بالدراسة في علم الاجتماع. وهو التخصص الذي كنت أحس منذ أن أكملت الدراسة في المرحلة الثانوي أنني أميل إليه. كنت طوال فترة الدراسة في كلية الزراعة وأنا تحت وطأة الشعور بالذنب بأنني سلكت الاتجاه الخطأ باختياري المساق العلمي. فقد أنني أضعت سنين عددا وأنا أدرس المواد العلمية ولكني لا أجد نفسي فيها، وليست ضمن رغبتي الحقيقية، ولا من بين تفضيلاتي ولا تتوافق مع طبيعتي الفطرية والمزاجية ولا مواهبي وقدراتي ولا توجد في جيناتي أو في حامضي النووي. كنت منذ الصغر أميل لقراءة الشعر والروايات والقصص والتي كنت التهم كتبها التهاما. قرأت لمعظم الروائيين العالميين و معظم الروايات العالمية الشهيرة. لا تتخيل كيف تعاند الميول الفطرية الخيارات الخاطئة المبنية على إعجاب عابر، وغير منطقي، ولا يتوافق مع الميول الفطرية والنزوع الطبيعي للشخص. ولكنها خطى كُتِبت علينا بالرغم من أنها كانت خياراتنا. عاندت نفسي ودخلت كلية العلوم ثم الزراعة. وأذكر، وبعض الزملاء الموجودين شهداء على ما أقول. بأنني كنت في اليوم السابق للامتحان مستلقيا على السرير في الحديقة ذات النجيلة أمام الداخلية وأنا أطالع بشغف في ديوان بدر شاكر السياب، كان من كل من يمر بي يستغرب. هل هذا الشاب مجنون؟ بالطبع لم أكن كذلك، ولكني كنت منساقا بعالمي الخاص، وبزهو الشباب المفتون بالخيال الأدبي والشعر وعالم القصص والروايات، وأي عالم كان بالنسبة لي. وبطبيعة الحال كانت النتيجة الرسوب الحتمي، ولم أحزن أو أندم.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات: طالب من عالم موازٍ(1) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
ذهبت إلى مصر. لم أكن أرغب في دخول كلية الطب التي كانت متاحة في مصر في ذلك الوقت. واخترت أسهل وأقرب الطرق فذهبت لأكمل دراستي في كلية الزراعة في جامعة الإسكندرية، وأنا عازم على أن أواصل دراستي لاحقا في قسم الاجتماع. بحثت عن أكثر الأقسام في كلية الزراعة قربا لميولي فوجدته في قسم الإرشاد الزراعي والمجتمع الريفي. وبعد أن أكملت الدراسة في تخصص الإرشاد والمجتمع الريفي في جامعة الإسكندرية. توجهت إلى الالتحاق بكلية الآداب قسم الفلسفة حيث لم تكن الدراسة في قسم الاجتماع متاحة في ذلك العام. وترافق ذلك مع الالتحاق بمعهد جوته لدراسة اللغة الألمانية مساء. بعد أن أكملت دراسة الفلسفة قدمت لدراسة الماجستير في قسم الاجتماع بجامعة الخرطوم. فتم قبولي لدراسة عام باعتباره تمهيدي ماجستير (مع طلبة السنة الخامسة). بعد النجاح تم قبولي لدراسة الماجستير في قسم الاجتماع. والآن وأنا أستعرض هذه المسيرة الطويلة المليئة بالمطبات والتعثر ومحاولة النهوض وإكمال المسير، أتمنى ألا يخطئ غيري في اختيار التخصص الخطأ. لكني للأسف لاحظت من خلال تتبعي أن هذا الخطأ لم أقع في لوحدي فلا يزال الكثيرون يقعون فيه حتى اليوم. أعتقد أن عدم وضوح الصورة الحقيقية لما نختاره من تخصصات مسئول منه كل الجهات المسئولة عن التعليم سواء في المرحلة الثانوية أو الجامعية، بالإضافة لمسئولية المجتمع والأهل. (مواصلة)
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات: طالب من عالم موازٍ(1) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
اخونا وحبيبنا واستاذنا محمد عبدالله ودالحسين جيت اتحقق من مقولة وهي ان ناس الفلسفة لهم ذاكرة فوتغرافية او متقدة وانا جاي اذكرك واختبر ذاكرتك بى زميل لك في نفس دفعتك في زراعة اسكندرية (الشاطبي) وكان ساكن لفترة طويلة بنفس الشقة في (كيلوباترا الحمامات) يطلع من بيته ياخد يمين 15 خطوة ينزل يركب الترام إسمه (آدم ارباب) ... لأنه من فترة الرجل دا جاب سيرتك ..بكل حب واحترام .... لدرجة قلت ليهو رايك شنو تغني ليهو (وكت سيرتك بجيبوها) ودا كلام لى اللحو .. بخصوص الدراسة ولميول .. حنرجع للموضوع الهام دا .. وتدخل الاقارب والجيران وهل ليهم دور في التاثير على الاسرة في تغيير مسار حياتك..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات: طالب من عالم موازٍ(1) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
سلام وتحية أستاذنا أحمد ياسين
شكرا للأغنية يا فنان
بالمناسبة هذه الجملة( وكتين سيرتك يجيبوها...) في منتهى البلاغة...و ابتداء الأغنية أو القصيدة بهذه الجملة أضاف بعد جمالي
ملموس يحس به المرء عند الدندنة فهي من نوع الجمال المخبوء في داخل القصيدة ويخرج عند اللزوم.
للأسف اتذكرت الاسم لكن الشخصية راحت مني إلا لو شفته...
لكن بلغوا تحياتي واحترامي ولتلك الذكريات اللطيفة ولحسن السيرة التي احتفظ بها وهي دلالة على طيب نفسه..
وأجد نفسي منكسرا لعدم تذكري له.
منتهى الأسف..
ليتني أجد صورة له.
لك الشكر على توصيل المحبة والمشاعر العتيقة والذكريات المعتقة أو العكس.
تحياتي وودي وسلامي لود أرباب
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات: طالب من عالم موازٍ(1) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
عفوا هذا تنقيح وإضافة لما كتبته أعلاه ذكريات الدراسة في قسم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة الخرطوم (الزمان الفترة بين: 1988/1987)دخلت قسم الاجتماع لأقضي سنة تمهيدي ماجستير ضمن مجموعة من الطلاب الذين تم اختيارهم لدراسة السنة الخامسة (الشرف). كان يغلب على مدرسي القسم بشكل عام التوجه اليساري. لا زلت أذكر سيماء المدرسون والمدرسات الذين كانت تحمل سيماهم سيماء الشباب الناضر، والثقافة الحديثة وتوثبهم للمستقبل . كان جلهم من الشباب إلا قليلا. كان من ضمن المدرسين في ذلك الوقت د. محمد يوسف أحمد المصطفى، ود.الواثق كمير، ود. فهيمة زاهر الساداتي، ود. زينب بشير البكري، ود. محمد عبد الرحيم كادوقلي، عبد الغفار محمد أحمد، د. تاج الانبياء الضوي، د. موسى آدم عبد الجليل،ثم جاء بروفسير حسن محمد صالح الذي أصبح مشرفا لي بعد د. محمد يوسف لفصله ود. بلقيس بدري لانتقالها للأمم المتحدة. رحم الله من توفوا منهم وحيّا الله الأحياء منهم ثم لاحقا د. بلقيس بدري التي أكملت الإشراف علي بعد تغيير المشرف، ثم تركتني وذهبت للعمل في الأمم المتحدة. في مرحلة تمهيدي الماجستير/السنة الخامسة كانت الموضوعات جديدة بالنسبة لي وهي موضوعات عن علم الاجتماع وعلم الاجتماع السياسي والنظريات الاقتصادية المبنية على رؤى المنظرين الماركسيين ومنظري مدرسة التبعية في أمريكا اللاتينية. كانت تخلب هذه المدرسة والنظريات الثورية اليسارية ألباب الثوريين في العالم في ذلك الوقت. وبطبيعة الحال انداح هذا الاعجاب والتماهي لدى الطليعة المتعلمة والمثقفة ومن بينهم بعض ممن درسونا. يمكن القول أن نظرية التبعية كانت إحدى النظريات المنقحة من النظريات الماركسية الأرثوذوكسية..لأول مرة أتعرف على الماركسي الفرنسي من أصول مصريةسمير أمين(أحد منظري مدرسة التبعية)، وعلى وإميل دوركايم وماكس فيبر.. تعرفت في تلك الفترة على كتاب مهم لماكس فيبر ةهو كتاب :"الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية"، حيث طرح فيبر في ذلك الكتاب نظرية تربط بين الأخلاقيات البروتستانتية الزاهدة، وبين العمل الجاد، والعمل في التجارة، وتكديس الثروة، ودور ذلك في نهوض الرأسمالية الحديثة. يُقال أن ماكس فيبر كانت له رؤية مضادة لماركس ولفكرة الطبقة.. وكانت كتاباته تنحو هذا النحو ومن بينها كتابه المشار إليه. ي تلك الفترة كان طلاب وطالبات السنة الخامسة ودارسي الماجستير منضوون تحت مظلة مشروع اسمه : "البحر الأحمر" والذي كانت تموله حكومة النرويج. وقد توقف المشروع بمجرد حدوث انقلاب الإنقاذ.بالنسبة لي شخصيا يمثل لي هذا المشروع تساؤلا كبيرا حول حقيقة الهدف منه، وسبب اختياره لمنطقة الشرق تحديدا. كانت تلك الفترة في اعتقادي هي بداية ظهور الدراسات النسوية في السودان. حيث دخلت خفية وعلى استحياء إلى دور العلم في الجامعات من خلال من كانت تفتنهم الدعوات لتحرير المرأة خاصة من سيطرة الرجل. فدرسنا على يد د. زينب بشير البكري بعض المقالات التي كتبتها بواكير الفكر النسوي في أوروبا. وكنت كما كان غيري من الطلاب مغرمين بالفكرة بشكل عام، باعتبارنا شبابا مفتونين بحرية ومساواة المرأة. درسنا أربعة كتاب قد تكون هي أساس النسوية. خلال وجودي في تلك الفترة ضمن طلابا نالوا حظا من دراسات علم الاجتماع منذ الصف الأول كان يشكل لي هاجسا خفيا. إذ كنت أرى نفسي أقل قامة من الطلبة والطالبات الذين كنت أدرس معهم من حيث إلمامي بأساسيات علم الاجتماع، لأنهم التحقوا بالقسم منذ السنة الأولى. فكنت متابعا متابعة لصيقة ومتيقظا ومتلهفا لرشف كل معلومة تجعلني أحس بسد الفجوة بيني وبينهم. كانت تلك الايام أياما حبلى بالأفكار المتفائلة و المتوثبة ومترعة بالتالي بالأنشطة العلمية والثقافية داخل القسم، والتي أضافت إلي الكثير من المعلومات. فكنا نحضر المناقشات التي يقدمها طلاب وطالبات الماجستير لموضوعاتهم.كانت تخلب لبي عبارات ومعلومات يلقي بها "صلاح الزين" بأسلوب مثقفٍ لا يُشق له غبار. فكنت كتلميذ نجيب يود أن يتشرب عقله بهذا التجمع الأكاديمي الثقافي المترع بالمعلومات. كان الجانب الإيجابي الآخر هو أن الدراسة والمناقشات والكتابات حول موضوعات الاقتصاد والسياسة والاجتماع، كانت باللغة الإنجليزية. فكان ذلك دفعة قوية لي في عدة اتجاهات. في المقابل كنت مطلعا ومفتونا من قبل بكتابات بعض أساطين علم الاجتماع في مصر وغيرها ومن الدراسات الشيقة والمحكمة من لدن قامات علمية كبيرة لمفكرين مصريين. وكنت أحس أنه رغم أهميتها وأنه طرقت مجالات كثيرة كان يمكن أن نستفيد منها إلا أأنني وجدت عدم الاهتمام بها، لأسباب سأذكرها لاحقا.
وفي تلك الفترة جاءنا في القسم أستاذان زائران لتصحيح أوراقنا نحن طلاب السنة الخامسة وتأهيلي الماجستير، أحدهما كان المفكر السوداني د. حيدر إبراهيم، والآخر أستاذ علم الاجتماع المصري د. عبد الباسط عبد المعطي. اذكر أن د. عبد الباسط قدم لنا للأساتذة والطلبةفي القسم محاضرة دسمة عن مدارس علم الاجتماع في مصر. ألقت المحاضرة على النشاط الكبير لعدد الأساتذة والمتخصصين في علم الاجتماع في مصر وال. وللحقيقة كانت مصر تمثل في تلك الفترة بؤرة من النشاط والإشعاع الثقافي والأكاديمي . حيث كانت تذخر بالإضافة لكتابات وبحوث حول موضوعات اجتماعية عديدة فقد تُرجمت كذلك معظم الكتب والمراجع الشهيرة في مجال علم الاجتماع على نطاق العالم. (تابع)
| |
 
|
|
|
|
|
|
|