|
Re: رسالة إلى صديق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
قد يكون تعبير "صديق" هنا غير دقيق لأن صداقتنا لم تتضمن لقاء مباشرا ...
ولكنها صداقة عميقة انبنت على رسالتين بالبريد الاليكترون فقط ...
ولكني اعتبرها صداقة لأن مدارها الاهتممامات المشتركة والتي تتفوق على أي مشتركات تتكون منها الصداقات..
رددت على رسالة منه وصلتني أمس بعد منتصف الليل و أنا جلست لكي أرد عليه..
فرأيت بعد أن ركلت التردد جانبا أن أشارك بعض من مشاغلي الخاصة واهتماماتي ممن يرى أنها تتوافق مع مزاجه، وأتمنى ألا أكون مخطئاً.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى صديق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الأخ العزيز .... تحية طيبة بالطبع أسعدتني رسالتك الكريمة التي شرفتني بها للغاية .. وهذا لطف منك. أتذكر رسالتك قبل عدة سنوات وموضوعك عن الشيخ بابكر بدري.. في ذلك الوقت كنت مهموما بالكتابة عن النجومي والشيخ بابكر بدري الرجل الفذ..وعن الزبير باشا الذي ترك الناس كل الجوانب المتعلقة بسيرته ليضعوا على صورته فقط عبارة "تاجر الرقيق" ،، كما صورة أوشيك في قصيدة صلاح أحمد إبراهيم فسيرته تحتاج إلى من يكتب عنه بصدق وتجرد، دون أي دوافع غير الصدق والحق والأخلاق مهما تكن الحقيقة.. أقول كنت مهموما بكل ذلك ولكني للأسف أجد نفسي مشوش الفكر، مفتقدا للتركيز انتقل من موضوع لآخر، واتركه لغيره حين يداهمني موضوع جديد بشغف مفاجئ، فأقضي في رحابه مستأنسا أياما وأسابيع، ما بين قراءةِ وبحث، ثم انتقل إلى غيره... وهكذا...وللحق هذا ما أوردني الهلاك. أيضا كانت نقطة ضعفي ولازالت هي أن اعتمد منصة محددة للتدوين..فتراكمت لديّ مقالات وكتابات شتى في موضوعات متنوعة (وربما بعضها متنافرا )..
بعضها مكتمل وبعضها غير مكتمل..ولكنها جميعها تستحق النشر.. أخيرا قررت أن أراجع أنقح ما كتبته سابقا عسى أن أجد الفرصة لنشره. والله المستعان.
أحيانا أجد العزاء المداهن في متعة القراءة وفي تعبير القاريء رقم واحد "بورخيس":( نني أعتبر نفسي قارئًا في الأساس. وقد تجرأت، كما تعرفون، على الكتابة؛
ولكنني أظن أن ما قرأته أهم بكثير مما كتبته، فالمرء يقرأ ما يرغب فيه، لكنه لا يكتب ما يرغب فيه، إنما ما يستطيعه).
**للأسف لم أقرأ مذكرات الدكتور منصور خالد بعد.
إن شاء الله سأتابعك في حسابك في الفيس. عسى أن نستلهم بعض من حلاوة تعبيرك ودقة وجزالة أسلوبك.
أخي العزيز لك الود كله والامتنان لتذكيري بهذه الموضوعات والأشياء الجميلة.
*****أخوك محمد عبد الله الحسين
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى صديق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
تعليق طريفإن شاء الله يكون متوافق مع السياق ... التعليق عن بعض المواقف الطريفة للترجمة نقلته من حساب محمد عبد العزيز تويتر... طلعت الشايب والساموفار مع ذكرى رحيل المترجم طلعت الشايب رحمه الله منذ يومين، تذكرت قصة حكاها عن تجربته في الترجمة وهو شاب، حينما ترجم لقاء بين رئيس هيئة العمليات في الجيش المصري آنذاك سعد الشاذلي وكبير مستشاري إدارة المدرعات الروسي، ففي حديث الچنرال الروسي وردت عبارة ترجمها طلعت إلى الشاذلي على هذا الهل نحو «…وكأنه يبيع الماء فى حارة السقايين». لم يقاطع الشاذلي الترجمة، ولكنه بعد انتهاء اللقاء سأله «… إيه يا حضرة الضابط؟ هما الروس عندهم حارة سقايين برضه؟» شرح طلعت أن الچنرال الروسي قال عبارة بالروسية ترجمتها الحرفية «لماذا تذهب إلى تولا ومعك ساموڤارك؟» (وهو وعاء معدني يستخدم لتحضير الشاي). وأوضح أن تولا مدينة مشهورة بصناعة الساموڤار، ولذا لا مبرر لأن يحمل المسافر إليها ساموڤارا معه، وأضاف له مستعرضًا ثقافته ما يقوله الإنجليز «لماذا تحمل الفحم إلى نيوكاسل؟»لأن نيوكاسل مشهورة بالفحم، هكذا قرب طلعت مفهوم المثل إلى معنى قريب من اللغة العربية. هل يجوز في الترجمة تعريب الأمثال؟ مثل تعريب المثل الألماني وضع له المسامير في القفاز إلى قولنا وضع له العقدة في المنشار حتى تكون أوقع في ذهن المتلقي؟ سؤال للمهتمين بالترجمة وإشكالياتها.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى صديق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
المصري عمر طاهر رجل مبدع ...في كتاباته وفي طريقة حديثه وفي التقاط ادق التفاصيل التي لا يلتفت لها احد ليجعل منها نقطة انطلاق او نقطة ارتكاز ليجمع حولها باقي التفاصيل الحياتية الحميمة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى صديق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
اخترت لكم هذا اامقطع من كتابه"كحل وهبان" مقطع من رواية "كحل و حبهان" ............... شقتنا فى الدور الرابع، ولا أسانسير، لعبتى المفضلة هى التمهل أثناء الصعود أمام شباك مطبخ كل شقة، و الذى يطل على شباك المنور العريض فى كل طابق، محاولا استنتاج قائمة طعام الغذاء التى يعدها كل بيت، أعتبرها فواتح شهية تمهد الطريق حتى سفرة الغذاء التى أعدتها أمى، أو مصدر إلهام يساعدنى فى تحديد ما سأطلب من أمى إعداده فى الغد، ثم أصبحت العادة محض تلصص، ثم صارت جزءا من يومى أترقبه بشغف، التجسس على وجبات الآخرين ممتع، لاحظت بمرور الوقت اننى أصبحت أستهل حوارى مع اى شخص فى المساء ب "اتغديت إيه النهاردة"، و لم أجد يوما استهلالا للكلام يقرب المسافات أكثر من هذا السؤال. البداية دوما كانت فى الطابق الأول عن شباك مطبخ "طنط مديحة"، البورسعيدية الرقيقة خفيفة الدم التى لم تتخل عن لهجتها حتى بعد سنوات من الإستقرار فى المدينة زوجة لضابط شرطة، كانت روائحها دائما هى الأشهى، و فى نهاية رحلة السلم كانت تحصد المركز الأول معظم الوقت، إلى ان مررت بها اليوم و لم تكن هناك أية روائح تنبعث من شقتها. فى الطابق الثانى كانت " طنط ألحان" وكانت من مدمنى الأسماك، تتصاعد من عندها معظم الوقت رائحة ردة السمك المشوى و هى تحترق فوق الصاج، لكن اليوم تتصاعد رائحة مزيج الدقيق المتبل بالثوم الذى يحيط بالسمكة وهو يطقطق فى طاسة التحمير. فى الطابق الثالث كانت الحاجة "أم سمير" قصة منفردة، تمتلك أم سمير أسرار قائمة طعام المدينة الأصلى، "الَمرَج" فخار اللحم بمرق البصل المهروس، او "الويكة" البامية البيضاء التى تنصهر مع االثوم و السمن البلدى فى "مرجسيه" يغطى وجهها طبقة من الفلفل الحامى، اليوم كان ينبعث من شباكها رائحة فريك ينضج على مهل فى الفرن و قد اختلط سكر رائحته ببخار سلق قطع اللحم الضانى الكثيف. تحركت معدتى و بدأت تستعد لصينية "المسقعة" التي وعدتني بها أمي. الباذنجان مخلوق عجيب، رائع فى كل أحواله، حتى رائحه قليه مميزة عن أى رائحة قلى أخرى، رائحة ودودة لا تخلو من حلاوة ما، يترك فى الفم سكرا بدون "تجزيع"، يحلو لى أثناء عمل المسقعة أن أسرق من المطبخ بعض الشرائح المقلية قبل وضعها فى التسبيكة لألقى بها داخل نصف رغيف بلدى ساخن مع نظرة ملح و كمون ثم أختبىء من أمى فى أى مكان قصى أهدهد روحى "النأنأة". المسقعة بديعة فى كل أحوالها، مع الخبز أو مع أرز "حبة و حبة"، خلطة ألوان ساحرة، النظر إليها يرقق القلب، أخضر شرائح الفل، مع أحمر شرائح الطماطم، مع درجات البنى المختلفة فى الباذنجان، مع رمادية اللحم المفروم، و تتناثر هنا و هناك بعض حبات الزبيب بلونها الذهبى و أحيانا حبات اللوز بأبيضها الخشبى، و ينام فوق هذة اللوحة قرن فلفل حامى طويل بعرض الطاجن منحته نار الفرن درجة ما من الاسود اللامع. سمعت خالى يقولها يوما بينما أمى تضع الطاجن أمامه "إذا نظر إليها سرته"، حتى عندما تكون "مسقعة كدابة" لا لحم مفروم فيها تظل محتفظة بجاذبيتها، يبدو تقطيعها إلى شرائح داخل الطاجن قبل توزيعها أشبه بتقطيع "تورته"، قضمها يذكرنى بالفعل ب قضم قطعة جاتوة، هى الحلوى الوحيدة التى تزداد تألقا إذا ما صحبها الفلفل الحامى و حبات الليمون المخلل التى تنزف ماء اختلط بحبات العصفر السمراء، أحبها دائما مع قطعة "بفتيك". تمنحنى المسقعة المتعة نفسها التى يقدمها الفريق الذى أشجعه عندما يكون رائق المزاج، بهجة موافقة الأب بالسماح لك أن "تبات عند جدتك"، الأغانى الشعبية التى يحبها خالى ، متعة حوارات الكرة التى تندلع فجأة مع ناس تقابلهم لأول مرة، لمة النميمة و الضحك فى أحد الأركان عقب نهاية إحدى الجنازات العائلية و إنصراف المعزين، بهجة شرب قمر الدين على عطش شديد. كنت أفكر وأسلى نفسى بترتيب خطوات التهامها (مع قليل من الأرز فى البداية ثم مع الخبز)،ولكن عندما أقتربت من شقتنا لم يكن هناك أثر لأية روائح. فتحت امى الباب فوجدت طنط مديحة عندنا فى غرفة المعيشة، كان يبدو عليها أنها قد أنتهت للتو من وصلة بكاء عنيفة، طلبت منى أمى أن أدخل إلى غرفتى، سألتها عن الغذاء، فقالت أنها لم يكن لديها وقت لعمل شىء لان طنط مديحة موجودة عندنا منذ الظهيرة، طلبت منى أن آكل أى شىء على وعد بعمل صينية بسبوسة فى المساء. عقب ساندوتش سريع دخلت إلى فراشى، كانت جدتى قد أنعزلت فى غرفتى أسفل شباكها و كان المكان الوحيد فى الشقة الذى تزوره الشمس فى هذا الوقت، كانت مشغولة بالتعامل بادوات الحياكة مع روبها الازرق القطيفة القديم الذى أرسلتنى لإحضاره من بيتها قبل يومين، قلت لها هاتى لك واحد جديد فطلبت منى ان "أتخمد نام". عندما تقلبت فى فراشى بعد غفوة لمحت طنط مديحة تقف أمام مرآة غرفتى تضع أحمر الشفاة، دخلت أمى فاعادت لها طنط مديحة أصبع الروج ووقفت مترددة، فقالت لها أمى "يالا بلاش لكاعة"، أنهت جدتى صلاتها ثم نظرت لى قائلة "إغسل وشك و روح سلم". فى صالون منزلنا كان زوج طنط مديحة يجلس مرتديا البلوفر الكاكى الذى يطل من فوقه ثلاث نجمات ذهبية، و إلى يمينه أبى الذى توقف عن الكلام ما أن دخلت عليهما، سلّمت ثم طلب منى الإنصراف، لكن الفضول كاد أن يقتلنى، فهمت مما ألتقطته من الحوار أن الزوج يبدو نادما، كانت طنط مديحة تشكو العصبية و التجريح و الصوت العالى "فى الفاضيه و المليانة"، و ضربت مثلا بواقعة أخيرة ارتفع فيها صوت زوجها معنفا، كانت قد طهت "بطة" و قطعتها قبل أن تضعها على السفرة، فانفجر الزوج غضبا لأنه نبه عليها ألف مرة أن البطة يجب أن توضع على السفرة كاملة، ثم يقوم هو بتقطيعها، فضحك الجميع، ثم سمعت الزوج يبدى أعتذاره أكثر من مرة، وامى تضغط على طنط مديحة للقبول، حتى رضيت، فطلب الأب منهما أن "كفاية مياصة" و عودا إلى بيتكما، لكن أمى قالت لن يحدث هذا قبل تناول البسبوسة. رأيت أمى تضع صينية البسبوسة و الأطباق، قام أبى ليصلى، و طلبت منى الأم أن "تعالى خد صينية الشاى"، بينما أضع الشاى كانت طنط مديحة تضع قطعة من البسبوسة فى طبق و تقدمه لزوجها وهى تسأله بلهفة جعلتنى أقع فى غرامها: "اتغديت؟".
| |
 
|
|
|
|
|
|
|