📉 من الناصر إلى مروي: تكرار الفشل العسكري وغياب المحاسبة في #الجيش_السوداني ⸻ في أواخر العهد الديمقراطي بدأت مظاهر الإخفاق العسكري بسلسلة من الهزائم الميدانية التي كشفت ضعف البنية القيادية للقوات المسلحة وانهيار الروح المعنوية بين صفوفها. كانت #الناصر تحت الحصار، فتقرّر إرسال الكتيبة (118) من كوستي لفك الحصار عنها. تحركت الكتيبة شرق النيل رغم علم الجميع بأن الطريق الشرقي مليء بالخيران التي تعرقل الحركة، بينما الطريق الغربي كان أسلم جغرافياً وإن تواجدت فيه جيوب متمرّدين. أمضت الكتيبة شهرين لم تقطع خلالهما سوى نهر صغير واحد، بينما كانت الناصر تصمد في انتظارها. وعندما علمت الحامية أن الكتيبة قررت العودة لتسلك الطريق الآخر، أدركت أن النجدة لن تصل، فقررت الاستسلام. كان هذا السقوط نتيجة مباشرة لإخفاق قيادي ميداني رغم توفر الإمكانات، لكن القيادة افتقرت للكفاءة والجرأة العملياتية. في سبتمبر 1988، سقطت #كبويتا في شرق الاستوائية بعد انسحاب الجيش تاركاً كميات ضخمة من السلاح والذخيرة، من بينها دبابتان استولت عليهما الحركة الشعبية. ولإعادة التوازن، أُرسل لواء الردع بكامل تجهيزاته، لكن ما حدث في #ليـريا يناير 1989 مثّل ذروة الانهيار. إذ فرّت قوة كاملة إلى جوبا دون قتال لمجرد سماعها أن “العدو يمتلك دبابة”. وعندما التقاهم الفريق عبدالرحمن سعيد وجدهم في حالة معنوية منهارة تماماً. هذه الإخفاقات المتكررة دفعت #الصادق_المهدي بصفته القائد الأعلى للجيش إلى الاجتماع بالقيادة العامة. عرض أسباب الضعف في الأداء العسكري: أن كثيراً من القادة غير مؤهلين ميدانياً، وأن خطة الجيش تقتصر على الدفاع دون مبادرة، مما جعل العدو يملك زمام المبادرة. كما انتقد ضعف الاستخبارات العسكرية، وقصور التوجيه المعنوي الذي فشل في رفع الروح القتالية. ورغم إقرار قادة الجيش بصحة ما طرحه، فإنهم لم يتخذوا أي خطوات إصلاحية. تلاشت الوعود، واستمر منطق التبرير بدل المحاسبة، حتى أطاح الانقلاب بالتجربة الديمقراطية نفسها في يونيو 1989. ⸻ بعد أكثر من ثلاثة عقود، تكرّر المشهد في مارس 2023، حين دفعت #قوات_الدعم_السريع بتعزيزات ضخمة نحو الخرطوم، وأعلن الجيش رفع حالة الاستعداد إلى مئة في المئة، لكن فعلياً لم تتجاوز 30%. رئيس الأركان الفريق أول محمد عثمان الحسين رأى أن الموقف لا يستدعي الجاهزية القصوى، رغم تحذيرات الاستخبارات. وعندما اندلعت الحرب فعلاً، كانت الوحدات في دارفور تقاتل وهي تعاني من نقص الذخيرة، فسقطت الفرق في الجنينة وزالنجي فقط لأن الذخيرة نفدت. في نيالا، اضطر العميد حسين جودات إلى شراء الذخيرة من عناصر الدعم السريع نفسها ليواصل القتال. وفي الخرطوم، قاتلت القوات أكثر من 72 ساعة حتى نفدت الذخيرة، ثم انسحبت. قال القادة الميدانيون جميعاً: “قاتلنا حتى نفدت الذخيرة.” #اليرموك سقطت لنفاد الذخيرة، و**#جبل_أولياء** كذلك، أما الضربة الكبرى فكانت شمال العاصمة حين سيطرت قوات الدعم السريع على مصفاة الجيلي وقري وجبال البكاش — قلب المخزون الاستراتيجي للجيش من الذخائر والصواريخ والمدفعية. كيف تُركت هذه المواقع الحساسة بلا دفاع؟ ولماذا سُمح للدعم السريع بالتمدد فيها دون رد؟ في #مروي، حين أحاطت قوات الدعم السريع بالمطار، اتصل قائد الفرقة 19 بالقيادة ليسأل: “هل هؤلاء عدو أم صديق؟” فجاءه الرد: “تعامل معهم بحكمة.” لم تُطلق رصاصة واحدة، وبعد ساعة كانت الطائرات محترقة على الأرض. وفي #الأبيض، رفضت القيادة السماح للطائرات بالإقلاع رغم اقتراب العدو، فدُمرت في أماكنها. يتحمل المسؤولية في هذا الفشل الذريع رئيس الأركان محمد عثمان الحسين ونائبه خالد عابدين، ومدير العمليات أحمدان محمد خير، وقادة الطيران مروي والأبيض. أما طلب بناء مخابئ للطائرات فقد ظل في الأدراج سبعة أشهر، حتى جاءت الطائرات المسيرة للدعم السريع ودمرت معظم سلاح الجو. ⸻ جوهر الأزمة أن القيادة العسكرية أصبحت تُختار خارج معايير الكفاءة والانضباط المهني، وغابت المحاسبة تماماً. صار نقد القادة خطيئة، ومساءلتهم محرّمة، فتحولت القوات المسلحة إلى ضحية لمن يُفترض أنهم حُماتها. السرية المفرطة داخل الجيش حَجَبت عن الشعب حقيقة ما يجري، وأعطت القيادة العامة هالة زائفة من القداسة، بينما يسقط أبناء السودان في الميدان بلا إمداد ولا وضوح. إصلاح المؤسسة العسكرية اليوم قبل الغد ليس ترفاً، بل ضرورة وطنية. من يحاسب القائد العام وهيئة أركانه؟ ومن يعيد للجيش كفاءته وهيبته؟ محمد قورتي ✍️ ⸻ #الجيش_السوداني #الناصر #كبويتا #ليـريا #الدعم_السريع #الخرطوم #مروي #الأبيض #إصلاح_المؤسسة_العسكرية #السودان
11-01-2025, 06:28 PM
Hassan Farah Hassan Farah
تاريخ التسجيل: 08-29-2016
مجموع المشاركات: 13311
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة