|
Re: 💜نوستالجيا معتقة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
سلام أخى ود الحسين ~ وشكرا على هذى الكتابة الصادقة و "صافية وجميلة"😀
#الدكتور جون قرنق كان عنده ركيزة مهمة فى برنامجه الذى لم يتحقق فلقد #قتلوه وكان قاصدين فى شخصه -قتل أحلام شعب السودان وكل المسحوقين فى أفريقيا وغيرها …تلك الركيزة كانت "المدينة تذهب إلى القرية"
| |
  
|
|
|
|
|
|
Re: 💜نوستالجيا معتقة (Re: هدى ميرغنى)
|
ألف مرحب أختنا العزيزة هدى
Quote: #الدكتور جون قرنق كان عنده ركيزة مهمة فى برنامجه الذى لم يتحقق فلقد
#قتلوه وكان قاصدين فى شخصه -قتل أحلام شعب السودان وكل المسحوقين فى أفريقيا وغيرها
…تلك الركيزة كانت "المدينة تذهب إلى القرية" |
جون قرنق رجل ذكي وذو نظرة عميقة وبعيدة الجذور..
ما حدث أثناء الحرب نتمنى أن يكون درسا كبيرا متعدد الدفاتر والصفحات...من بينها العودة للريف.
كانت الهجرة للمدينة لمدة عقود تدميرا بطيئا للمدينة وتآكل سريعا للريف.
لكن فيما أرى فإن العودة للريف هو الحل لكثير من المشكلات على المستوى القومي وعلى المستوى الشخصي.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: 💜نوستالجيا معتقة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
عفوا : هذه نسخة معدلة بعد التنقيح: نوستالجيا: قريتنا الرؤوم يا قريتنا! أين أختفى أهل قريتنا؟ بل أين اختفت قريتنا؟ يا أهل قريتنا..... يا من كنتم تعمرون الذاكرة والخيال والوجدان منذ أن كنا أطفال، أين اختفيتم؟ أنتم يا من نشأنا في أحضان حبكم، ورضعنا من براءتكم وطهركم. كنا نأتي إليكم ونحن أطفال ثم نحن صبيان في عطلتنا المدرسية.. كنا نمكث أياما وأسابيع ثم نودعكم لنعود إلى المدينة. . نعود ونظل نحسب الأيام الشهور حتى نعود إليكم في العام التالي. ونظل نستدعي في كل آن وحين صورة القرية وأهلها بكل أحاسيس ومشاعر(شعرية وجمالية المكان) . لقد فقدناكم يا أعمامنا ويا أجدادنا الأعزاء. فقدنا حسن وفادتكم وصفاء أرواحكم وضحكاتكم الصافية وأنتم تعودون في آخر النهار من الحقول. هل كان صلاح عبد الصبور يصفهم حين قال: الناس في بلادي جارحونَ كالصقورْ غناؤُهم كرجفةِ الشتاءِ في ذُؤَابَة المطرْ وضحكُهم يِئِزُّ كاللّهيبِ في الحَطَب خُطَاهُمُ تُرِيدُ أن تَسُوخَ فِي الترابْ ويقتلون، يسرقون، يشربون، يجشأُونْ لكنهم بَشَرْ وطيِّبُون حينَ يَملِكونَ قَبضَتَي نقودْ ومؤمنون بالقدر. عزيزي لم تكن لديهم إذ يتبارون لكي نتذوق طعامهم..وما كنت لديهم وهم يجودون بما حبتهم به عوائد الأرض والضرع من بضع جنيهات حلال. فقدنا ملامحكم وعباراتكم الودودة التي كنا نضحك لغرابتها علينا . كنا نراكم تارةً كأبطال، وتارة كضحايا تارة أخرى، أبطالا لقوَّتكم و وكدحِكم وجلدِكم، وضحايا لما كنا نظنكم تفتقدون من نِعم المدينة. سنوات كنا نواصل الزيارات، تطهرت دواخلنا ولم نكتفي من حسن سيرتكم ولا من بهي طلعتكم... ومرت الأيام والسنوات ثم تلفَّتنا ولم نجدكم. فأين ذهبتم؟ لستم انتم فقط من فقدناهم. بل فقدنا أيضا القرية، وفقدنا ملامحها. أين ذهب ذلك الفضاء الرملي الواسع المرصّع بالكثبان الرملية(القيزان)، أين ذهبت تلكم المعالم العزيزة، والذكريات الحبيبة التي اختزنتها لسنوات الذاكرة الطفولية ... قولوا، أين اختفت تلكم الأشجار؟ أين أشجار النيم مكتنزة الجوانب والفروع، وأشجار البان بارتفاعاتها التي تعانق الفضاء، وأشجار الدوم بقاماتها السامقة. التي كانت عندما تتهادى أغصانها في الليل كأنهن يحرسن القرية من الجن والكائنات الليلية الغريبة ويظل جريدها يصفق طول اليوم مع الهواء..كان حفيف أشجارها لا يهدا طول الليل كأنه يهدهد أعين القرية وساكنيها لتهجع في منامها. في الليالي المظلمة كانت تقف تلكم الأشجار العملاقة منتصبة كأنها عماليق تحرس القرية من الجن والكائنات الغامضة التي كان تعشش في أرواحنا وتتفنن مخيلتنا في رسمها ليزداد خوفنا. وأين تلكم البئر التي كانت تتوسط سُرَّة البيوت؟، البئر التي ما فتئت تروي ظمأ ساكنيها سوائمهم منذ ميلادهم.إن أنسى لا أنسى أنها كانت تقع وسط تلك المنازل الطينية المتشابهة. كانت مثل بئر مدين يلتقون عندها لتجود عليهم بالسقيا بماء عذب يروي ظمأ البهائم الرتّع والعروق والأوردة وزرع المنازل. كانت البئر قبل أن يلج التلفاز القرية هي نقطة الملتقى للجيران والأحباب وساحة الونسة البريئة والفضفضة ...في كل صباحية كانت الفتيات الغريرات الرائعات يبكرن صبحة (لنشل) الماء من البئر. لم يكن ذاك رياضة صباحية، ولكنه كان روتينا محببا. كان يخفف من عبء الروتين وثِقَلِه تبادل التحيات الصباحية البريئة والابتسامات العذبة. كانت البئر هي المنتدى اليومي لنساء الحلة. مندى يتبادلن فيه الأخبار والأفكار والمشاعر، والتعليقات، ويبُحنَ فيه بالأسرار. كانت أخبار القرية تُدلق طازجة في الصباح عند البئر قبل أن يدركها النهار فيزيد من انكشافها للناس. و بعد أن ترتفع الشمس في كتف السماء ويكون الضحى قد عم الكون، وعنئذٍ ينفضّ السامر من حول البئر بعد أن ابتلت جوانبها بالماء المنساب من الدلو وانسال أثناء انشغال الفتيات بالمزاح والتغامز والمداعبات الصافية. وحينما تتهادى شمس الضحى في مسارها تكون البهائم قد ارتوت، وتكون أزيار الفخار السوداء قد أُتـرِعت. فأين ذهب كل ذلك؟ فأين ذهب هؤلاء؟ كيف انسلوا واحدا إثر واحد، في غفلة منا ومن الزمان؟ لقد ذهبوا جميعا فمنهم من طوته المدافن ومنهم من طوته المدينة بجناحيها الكبيرتين، واختفوا جميعا. آه إذن المتهمة هي المدينة ذلك الغول الكاسر...فقد نادتهم المدينة نداء خفيا..نادتهم بجاذبيتها وبروقها الخُلّبْ وسرابها الذي ظنوها ماءً. كُتِبت في سبتمبر 2020. ************************************************************************************************************************************************* في أبريل 2023 ما بعد ذلك: وعندما اشتعلت الحرب في المدينة وبلغت القلوب الحناجر، وزُلزِل أهلها زلزالا شديد ..هرعوا إليها.. عادوا إلى قريتهم، ونظرات الخجل المستكين تطل من عيونهم.. كانوا قد نسوا أمهم الرؤوم ولكنها لم تنساهم.هجروها ولم عادوا منكسفين لم تشيح بوجهها عنهم. بل مسحت على رؤوسهم في حنان ولسان حالها يقول: "لا تثريب عليكم". وهكذا بدأ من جديد فصل حب جديد. اختتمت في 21 يوليو 2025 محمد عبد الله الحسين
| |
 
|
|
|
|
|
|
|