“البلاد تُسلَّم للهاوية… وتنتظر من يحمل رمادها: شهادة على انهيار الدولة وسقوط الجزيرة” صورة محررو الراكوبة 8 محررو الراكوبة 819 نوفمبر، 20254 فيسبوك X البرهان مع مجموعة من الجنود
د التوم حاج الصافي .خبير علاقات دولية
كان يمكن للبلاد أن تتماسك… لو كان هناك من يُمسك بزمامها. وكان يمكن للجزيرة أن تبقى آمنة… لو كان للخطط معنى وللمؤسسات وجود. لكن ما حدث لم يكن مجرد انهيار أمني، بل انكشاف كامل لغياب الدولة، وغياب المسؤولية، وغياب أبسط درجات الوفاء تجاه مواطنين دفعوا ثمن كل شيء بينما لم يدافع عنهم أحد.
زيارة السريحة… حين يقترب المسؤول من الجراح لا لمداواتها بل لطلب المزيد من النزف
في السريحة، حيث بكت الأمهات أبناءهن، ودفن الناس ما تبقى من أمنهم، جاءت الزيارة التي كان يُفترض أن تحمل اعتذاراً أو اعترافاً أو حتى صمتاً يحترم ثقل المأساة. لكن المفاجأة كانت دعوة جديدة للاستنفار، وكأنّ من عاشوا الموت في طرقاتهم قادرون على خوض حرب جديدة، أو كأنّ من فُتح بابه للفوضى قسراً مطالب بأن يتحول إلى درع من جديد.
السؤال الذي تردّد في صدور الناس كان سؤالاً لاذعاً، موجعاً، حارقاً:
“كيف تطلبون منا القتال… وأنتم لم تقاتلوا معنا حين كنّا نُذبح؟”
سقوط الجزيرة… ليس سقوط ولاية بل سقوط معنى حماية المواطن
حين سقطت الجزيرة، لم يسقط معها التراب وحده؛ سقطت الثقة، سقطت الدولة، وسقطت آخر فكرة بأن الحرب تُدار بعقل أو بضمير.
الجزيرة التي كانت يوماً رمز الاستقرار صارت في ساعات مسرحاً لفوضى مفتوحة. انسحبت القوات دون تفسير، فتمدّد الفراغ كما يتمدّد الليل فوق مدينة بلا قمر. وأصبح المواطن يواجه قدره وحيداً، منزوع السلاح، منزوع الحماية، منزوع السؤال.
ولم يكن ما حدث مجرد “انسحاب”… كان انسحاب الخيبة. خيبة تعلّق في رقاب كل من كان يفترض به أن يمنع الانهيار، أو أن يفسّره على الأقل، أو أن يعتذر عنه.
الاستنفار بعد الخراب… وكأنّ الجسد المنهك يمكنه أن ينهض من جديد
بدلاً من إعادة الأمن، أو تقديم رؤية توقف النزيف، أو حتى إعلان مسؤولية، جاءت الدعوة للاستنفار. وكأنّ البيوت التي نُهبت تمتلك الآن فائض قوة، وكأنّ الأسر التي شُردت تستطيع فجأة أن تصبح جيشاً، وكأنّ الأرواح التي فُقدت لا تستحق سوى أن تكون وقوداً لمرحلة جديدة من العبث.
إن دعوة الاستنفار لم تكن نداءً وطنياً كما صُوِّرت؛ كانت — في نظر الناس — عبئاً آخر يوضع على كتف الضحية بعد أن هدمتها الحرب.
“حرب الكرامة”… كلمة فقدت معناها على أعتاب الخراب
لم يذق مواطن سوداني واحد طعم “الكرامة” منذ أن فُتح باب هذه الحرب. كل ما ذاقه هو الذل: النزوح، الفقر، الجوع، ضياع المدن، واغتيال الأمان.
لا بيت حُمي، ولا امرأة صينت، ولا طفل خرج آمناً من تحت السقف الذي قصفته الحرب. فأيّ كرامة هذه التي تُستخدم في الخطابات، بينما تُدفن الحقيقة في التراب مع أصحابها؟
تلميع الفشل… حين يتحول الواقع المُرّ إلى مادة للتطبيل
في وقت يتساقط فيه السودانيون جوعاً وقهراً، يرتفع صوت كتّاب وشخصيات تلمّع القرارات، وتمجّد الفوضى، وتغسل التاريخ بالمفردات اللامعة. وهذا التلميع لا يغيظ الناس لأنه مديح، بل لأنه إنكار لدمائهم، وتحقير لوجعهم، ومسحٌ لحقائق عاشوها بأجسادهم.
إرث المليشيات… الوجه القاتم الذي لم يتوقف عن ملاحقة السودان
المشكلة لم تبدأ اليوم. لقد صُنعت المليشيات في الماضي، وتُعاد صناعتها اليوم، وتتناسخ بأسماء جديدة وأدوار جديدة. جيشٌ موازٍ لجيش، وقوة موازية لقوة، وسلاح يتحرك بلا ضابط. وما دام السلاح يتكاثر بلا قانون، فإن الدولة تتراجع، والمواطن يُترك في الظلام.
لقد فهم الناس أن الدولة لا تغيب صدفة. وأن الفراغ الأمني ليست لحظة عابرة. وأن غياب المسؤولية ليس خطأ فردياً… بل منهج يكرّر نفسه، ويدفع ثمنه الفقراء وحدهم.
وحين يُطلب من الشعب الاستنفار، يسمع الشعب المعنى الحقيقي للجملة:
“قاتلوا… لأننا لم ننجح في حمايتكم.”
ختاماً… هذا الشعب لا يريد حرباً أخرى، بل يريد دولة
يريد السودان دولة لا تبني مجدها فوق الرفات. لا تخاطب الجراح كأنها مدافع. ولا تطلب من المنكوب أن يحمل السلاح قبل أن يلتقط أنفاسه.
السودانيون يريدون دولة… دولة تحمي ما تبقى منهم، قبل أن يصبح الباقي مجرد ذاكرة.
فيسبوك X مشاركة عبر البريد طباعة صورة محررو الراكوبة 8 محررو الراكوبة 8 4 تعليقات Avatar photoيقولعبسي الكارب: 19 نوفمبر، 2025 الساعة 8:02 م جنة علي كرتي بابها فاتح لمن يرغب
كل حاجة واضحة كالشمس..
من هو صاحب المصلحة في استمرار
الحرب .؟؟
من يدعو المواطنين للاستنفار لن
يتقدم الصفوف ولا اسرته ..بل هم
خارج السودان…
والعاقل طبيب نفسه.
رد Avatar photoيقولعبده: 20 نوفمبر، 2025 الساعة 9:50 ص ياسلام عليك ياخي.لمست وجع الشعب السوداني…..لعنه الله علي من اشعل الحرب دنيا واخره
رد Avatar photoيقولحسن اسماعيل: 20 نوفمبر، 2025 الساعة 9:54 ص البرهان الجبان راعي الكيزان الايخجل ؟ اليس في وجهه
مزعة نخوه بالذي قد ارتكبه في الجزيره من قبل بان امر الجيش بالانسحاب من مدني الى سنار وترك الدعامه الفسده الكفره الفجره يعبثون بها اي بمدني والان ياتي ويدعو الذين لم يحميهم بان يستنفروا مع الجيش، اهل هذا منطق وعدل يا ناس ؟! هذا هو ديدن الكيزان الفسده الكفره الفجره في اللعب بارواح المواطنيين السودانيين والزح بهم في الهلاك وعدم الاكتراث بارواح المواطنيين ، خسئت يا بلهان راعي الخرفان ( الكيزان) …
رد Avatar photoيقولمحمد فضل: 20 نوفمبر، 2025 الساعة 10:06 ص انهم الكيزان يا سادة وراء كل مصيبة لعنة الله على الكيزان و جنجويدهم وبراؤوهم وكيكلهم وما يصنعون وما يتقياوون تبا لهم ولعنة الله عليهم إلى يوم الدين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة