أثار تطور الأوضاع السياسية في السودان مخاوف واسعة، أولاً من خطوة تحالف «تأسيس» المؤيد لـ«قوات الدعم السريع» بإعلان هيكله القيادي، وقرب تشكيله «حكومة» في مناطق سيطرتها، وثانياً من تعثّر تشكيل الحكومة التي يرعاها الجيش - وتتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة - من تقطيع أوصال السودان وتجزئته. معارضون وموالون للطرفين أبدوا قلقهم العميق على وحدة البلاد، وحذّروا من احتمالات ولادة دولة داخل دولة، أو تجزئة البلاد إلى دولتين، كسابقة انفصال جنوب السودان، وولادة دولة جديدة في الإقليم السوداني. وأثار هؤلاء أسئلة عن تنازع «الشرعية» بين الحكومتين «غير الشرعيتين»، وتعميق حالة الانقسام السياسي والاجتماعي التي ولدتها الحرب في السودان. في نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، أعلن «تحالف السودان التأسيسي» - اختصاراً «تأسيس» - يوم الثلاثاء الماضي تشكيل هيئته القيادية برئاسة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ونائبه رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» عبد العزيز آدم الحلو، وهي خطوة وصفت بأنها تمهيد لاقتراب تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع».
تكوَّن تحالف «تأسيس» خلال فبراير (شباط) الماضي في العاصمة الكينية، نيروبي، من «قوات الدعم السريع»، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - المجلس الانتقالي»، و«تجمّع قوى تحرير السودان»، وهي حركات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان، إلى جانب قوى وأحزاب سياسية على رأسها «حزب الأمة القومي» برئاسة فضل الله برمة ناصر، و»الحزب الاتحادي الديمقراطي»، تيار محمد الحسن الميرغني.
«حكومة السلام والوحدة»
ووقَّع أعضاء هذا التحالف على إعلان سياسي ودستور انتقالي. وقالوا إنهم سيشكلون حكومة تحمل اسم «حكومة السلام والوحدة» وتنطلق من مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وتتجه للسيطرة على كل السودان. إلا أن تشكيل «الحكومة» تعثّر أو تأخر كثيراً، إذ بعد إعلان الهيئة القيادية للتحالف وتصريحات مسؤولين فيه، توقَّع مراقبون كثر أن يكون تشكيل تلك الحكومة وشيكاً.
في الجهة الأخرى، تعثّر أيضاً تشكيل الحكومة التي يرعاها الجيش. وبعدما أصدر عبد الفتاح البرهان، رئيس «مجلس السيادة» الانتقالي وقائد الجيش، مرسوماً عيّن بموجبه الموظف الأممي السابق كامل إدريس رئيساً لمجلس الوزراء، واجهت درويش تعقيدات عدة أبرزها الخلافات على تسنم كراسي الوزارة، لا سيما مع حلفاء الجيش في «القوات المشتركة» الدارفورية التي تقاتل إلى جانبه «الدعم السريع».
والحال أن لدى كل من «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» السودانية بقيادة جبريل إبراهيم، إصراراً على الاحتفاظ بوزارتَي المالية والمعادن، بلغ حد تلميح بعض قياداتهما لفض الشراكة مع الجيش، بل وقد تصل الأمور حد «التحالف مع قوات الدعم السريع».
في هذه الأثناء، لا تعترف القوى المدنية الرافضة لاستمرار الحرب في تحالف «صمود» على الأقل، بشرعية أي من الحكومتين المزمعتين. إذ ترى أن الحكومة التي يرعاها الجيش «ثمرة انقلاب عسكري» ضد حكومة «الثورة» بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، كما لا ترى في حكومة التحالف الموعودة، سوى خطوة تهدد وحدة البلاد وسيادتها.
مناطق السيطرة
راهناً، يتوزَّع كل من الجيش و«قوات الدعم السريع» السيطرة على السودان. فالحكومة الموالية للجيش تسيطر على ولايات الوسط والشرق والشمال (سنار، ومعظم النيل الأزرق، ومعظم جنوب كردفان، والقضارف، وكَسَلا، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية)، وتتقاسم مع «قوات الدعم السريع» السيطرة على شمال كردفان.
أما «قوات الدعم السريع» فتسيطر على ولايات دارفور الخمس (جنوب، وغرب، وشرق، ووسط، وشمال دارفور)، باستثناء الفاشر. وثمة جيوب تسيطر عليها «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد النور. وأجزاء تسيطر عليها «القوات المشتركة»، وولاية غرب كردفان، باستثناء مدينة بابنوسة، وأجزاء واسعة من ولاية شمال كردفان، والأجزاء الشمالية من جنوب كردفان، وبعض المناطق في جنوبها تسيطر عليها «الحركة الشعبية».
دولة أم دولتان؟
مراراً، أكد قادة «قوات الدعم السريع» أن الهدف من خطوتها «سد الفراغ الإداري في مناطق سيطرتها»، وأن «الدعم السريع يعمل على توحيد البلاد وتحريرها» من سيطرة خصومه الإسلاميين، وفي الوقت ذاته لا يعترف بحكومة الجيش. لكن الخطوة (تشكيل حكومة) أثارت قلقاً كبيراً على المستويين المحلي والدولي، خشية إعادة تجربة انفصال جنوب السودان، كحد أعلى، أو على الأقل الانتقال إلى حكومتين في دولة واحدة.
بما يخصه، الجيش بحكم تحالفه مع «القوات المشتركة»، وهي حركات دارفورية مسلحة، لا يمكنه الكلام عن فصل دارفور والأقاليم الغربية، لكن بعض حلفائه الإسلاميين، لا يخفون رغبتهم في التخلص من الغرب أسوة بما فعلوه مع جنوب السودان. وفي الوقت نفسه يغض الجيش الطرف عن تحرك مجموعات محسوبة على شمال ووسط البلاد، تدعو علانية لفكرة فصل غرب السودان عن وسطه وشماله، تحت ذرائع التمايز التاريخي والثقافي، وهي كالذرائع التي أدت لانفصال جنوب السودان.
وحقاً، حذّر المبعوث الأميركي السابق إلى السودان، توم بيريلليو، من دعوات التقسيم التي بدأ صوتها يرتفع، وما قد تؤدي إليه من كوارث، فقال: «تقسيم السودان قد يزّج العالم في عقود من الحرب». وحذَّر من إنشاء حكومات موازية تؤدي إلى ازدياد الاستقطاب، وتعجِّل في تشظي البلاد إلى دويلات متناحرة.
دور الإسلاميين
بدأ المحلل السياسي محمد لطيف حواراً مع «الشرق الأوسط» بسؤال: «لماذا الحرب»؟ وأردف: «بصفتي مراقباً أقول إن الدلائل كلها تؤكد أن الحرب اندلعت من أجل استعادة الإسلاميين السلطة... وخطوة تحالف (تأسيس) وإن زعم العكس، لن تتعدى كونها أداة ضغط على الجيش وحلفائه للعودة إلى منصة التفاوض».
لطيف استبعد أن يسفر الضغط عن إعادة الجيش إلى مائدة التفاوض، مضيفاً: «من التجربة التاريخية، فإن التيار المسيطر على المشهد ليس حريصاً على وحدة البلاد، وليس منزعجاً من تشظيها». وتابع: «سمعنا أصواتاً كثيرة جداً تتكلم عن ضرورة ذهاب دارفور، لأن قوات الدعم السريع بحسب تصورهم تمثل دارفور. ولذا لا تشكل خطوة الدعم السريع ضغطاً على خصومه، بل سترضي بعض غلاتهم».
وما إن كانت الجهود التي أعلنتها إدارة الرئيس ترمب وحلفاؤه أخيراً قادرة على دفع الطرفين إلى مائدة الحوار، قال لطيف: «هذا يتوقف على قدرتهم على التأثير على قيادة الجيش تحديداً».
مؤتمر في واشنطن
من جهة أخرى، وفي تطور جديد، أعلن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، تنظيم مؤتمر على المستوى الوزاري في واشنطن قريباً؛ لبحث الأزمة في السودان، يشارك فيه وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأميركي.
وأكد بولس وفق صحيفة «سودان تربيون»، أن هدف المؤتمر إحياء المبادرة الرباعية التي تسعى لإيجاد حل سلمي للنزاع الدائر في السودان.
هنا، أوضح لطيف أن العالم ينتظر من قيادة الجيش أن تنفصل عن التيارات الرئيسة الداعمة لها، وعلى رأسها تيار «الإسلاميين» الذين يقفون حجر عثرة أمام أي تفاوض لوقف الحرب. وأضاف: «إذا نجح أي طرف في إبعادهم، فيمكن تحقيق الهدف النهائي، والعودة لطاولة التفاوض».
وحول تصريحات قائد «الدعم السريع» الأخيرة عن الرفض للعودة إلى التفاوض، قال لطيف إنها «شكل من أشكال المناورة... لكن الإشكال الأكبر أن المعركة أصبحت بين (الدعم السريع) والحركة الإسلامية، فإذا نجح العالم في فصل أو تحجيم العلاقة بين الجيش بصفته قوة رسمية، وحلفائه السياسيين، فيمكن العودة لمنصة التفاوض».
تحذير... وتشديد على وحدة السودان
من جهته، حذّر محمد الفكي محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة السابق الذي أطيح به بانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، من تشكيل حكومة في بورتسودان، وقال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً: «من باب المسؤولية الوطنية، يجب وقف تشكيل الحكومة، وبدء عملية سياسية تحفظ وحدة السودان». ثم حذَّر سليمان من احتمالات مواجهة بين أطراف تحالف «بورتسودان»، وناشد قائد الجيش البرهان إيقاف تشكيل الحكومة؛ لأن «تشكيل حكومة في ظل الانقسام الحالي ينذر بتفتيت البلاد».
وفق الفكي لا علاقة للصراع الدائر في بورتسودان بما تسمى «حرب الكرامة»، لأن الأخيرة «حرب سافرة على السلطة... والدليل على ذلك أن نسبة 25 في المائة من كراسي الوزارة الجاري التنافس عليها محصورة بوزارات بعينها». ثم أوضح أن الهدف من تشكيل حكومة في بورتسودان، وتكليف كامل إدريس رئيساً لها، لم يتحقق، و«الحكومة التي يتجه لتشكيلها ستكون مصيبة» وقد تؤدي إلى فض التحالف، وتابع: «الوضع أكثر تعقيداً. قد نجد أنفسنا في دولتين، إذا استمر الانقسام، ولن ينتهي في حدوده، وسينتهي بتفكك البلاد».
صراع السلطة بين الجنرالين يفاقم الأزمة الإنسانية وقد يؤدي إلى كوارث
«الإسلاميون» ضد وقف الحرب
في هذه الأثناء، خلال لقاء تلفزيوني، شنّ أمين حسن عمر، القيادي الإسلامي المتشدد والوزير السابق في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، هجوماً عنيفاً على دعاة وقف الحرب. وقال إنهم «ليس شركاء في الوطن بل شركاء للدعم السريع (الجنجويد بحسب عبارته)»، وبعدما وصفهم بـ«أعداء الوطن»، دعا إلى محاكمتهم بوصفهم «شركاء في الحرب وفي تأجيجها». وأضاف: «هم مجموعة الأفراد الذين يكوّنون ما يُعرف بـ(تقدم)، والآن هم في (صمود)... إنهم يمثلون هذا العنوان والظهير الذي استندوا إليه».
عمر شكك أيضاً في إعطاء رئيس الوزراء صلاحيات كاملة، ووصفه بأنه «أمر متوهم... هذه ظروف استثنائية، لن تعالج بالتمسك بالحقوق بل التسويات، لا سيما أنه رئيس وزراء معين». وأردف: «صانع المُلك هو مجلس السيادة، الذي يملك سلطة التعيين، لو لم يتدخل سيكون له نفوذ، وسيظل رئيس الوزراء مقيداً».
لسنا دعاة انفصال
أما علاء الدين عوض نقد، الناطق الرسمي باسم الهيئة القيادية لتحالف «تأسيس»، فقال إن «أياماً فقط» تفصل بينهم وتشكيل الحكومة في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وإن تأخير إعلانها يعود إلى دواعٍ أمنية وتنسيق سياسي، إلى جانب جهود يبذلونها مع أطراف إقليمية ودولية.
وحول مكان إقامة الحكومة، أوضح نقد أن أجهزتها ستكون موزّعة الرقعة الجغرافية في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» وحلفائها، و«يمكن أن تكون في كاودا - تحت سيطرة الحركة الشعبية بجنوب كردفان، أو نيالا».
أيضاً، نفى نقد بشدة سعي تحالفه «تأسيس» للانفصال عن السودان، قائلاً: «السودان دولة واحدة، ونحن ننشئ حكومة سلام، ليس من غاياتها تقسيم البلاد، بل مناهضة تقسيم السودان، الذي يقوم به الطرف الآخر وحكومة الإسلاميين».
وأوضح نقد أن «حكومته» المُزمعة ستتضمن جهازاً تنفيذياً وبرلماناً وجهازاً قضائياً. وتابع: «نحن مستمرون في تحرير السودان من الإسلاميين المسيطرين، ولن نعمل على تقسيم السودان. مَن يسعى لفصل السودان هو جيش الإسلاميين. نحن لن ننشئ حكومتنا في دارفور، ونترك بقية السودان للجماعات الإسلامية الإرهابية».
وعلّق نقد على الجاري تداوله بأن هدف حكومة «تأسيس» الضغط على الجيش لإجباره على الجلوس على مائدة التفاوض، فقال: «محمد حمدان دقلو، قال لن يعودوا إلى منبر جدة، فكيف سنضغطهم للجلوس على طاولة المفاوضات؟ كل المفاوضات السابقة ذهب إليها (الدعم السريع) وخربها الجيش السوداني، لذلك لا يمكن بعد أكثر من سنتين وخراب للتفاوض، أن نعمل على التفاوض معهم».
وأضاف: «لن نذهب إلى أي تفاوض. نحن نتقدم عسكرياً لنحرر السودان من المؤتمر الوطني الذي يرعى المطلوبين للعدالة الجنائية». واستطرد: «كنا ننادي بالفصل بين الإسلاميين والجيش في بداية الحرب. لكن باستمرارها، اتضح للناس أن الجيش هو جيش الإسلاميين. نحن سنعمل على تكوين جيش جديد من (الدعم السريع)، والحركات المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان، وما تبقى من الجيش السوداني».
+++++++++++++++++++++++++++++
هل استقى ترامب دروسًا في القيادة من أفريقيا خلال حقبة الحرب الباردة؟
ديفيد فان ريبروك
يُقدّم هذا المقال، بقلم ديفيد فان ريبروك، تعليقًا سياسيًا استفزازيًا يُقارن بين أسلوب قيادة دونالد ترامب والتكتيكات التي استخدمها بعض الحكام الأفارقة خلال حقبة الحرب الباردة. ليس هذا ادعاءً حرفيًا بأن ترامب درس القادة الأفارقة، بل هو مقارنة مجازية تهدف إلى تحدي الأطر الغربية التقليدية لفهم السلطة.
إليكم خلاصة الموضوع بعبارات واضحة:
🧩 الحجة الأساسية
يُشير فان ريبروك إلى أن:
قيادة ترامب - التي اتسمت بمطالب الولاء، وشبكات المحسوبية، والترهيب - تُشبه الحكم الشخصي والاستبدادي الذي شهدته بعض الأنظمة الأفريقية ما بعد الاستعمار خلال الحرب الباردة.
تُعد المقارنات التقليدية بالنماذج الأوروبية (مثل زعماء المافيا أو الإقطاعيين) قاصرةً لأنها مُفرطة في المركزية الأوروبية.
لفهم سلوك ترامب السياسي بشكل أفضل، يُمكننا النظر في كيفية استخدام السلطة في الدول الهشة بعد الاستعمار، حيث كانت المؤسسات ضعيفة واعتمد القادة على الكاريزما والإكراه والمحسوبية.
🧠 لماذا أفريقيا خلال الحرب الباردة؟
خلال الحرب الباردة، كانت العديد من الدول الأفريقية حديثة الاستقلال، وعالقة بين نفوذ القوى العظمى. غالبًا ما قام القادة بما يلي:
بناء طوائف شخصية للحفاظ على السيطرة.
استخدام موارد الدولة لمكافأة الولاء ومعاقبة المعارضة.
العمل خارج المؤسسات الرسمية، معتمدين على شبكات سلطة غير رسمية.
يجادل فان ريبروك بأن أسلوب ترامب يعكس هذا النمط أكثر مما يعكس المعايير الديمقراطية الغربية التقليدية.
🗣️ إذًا ما الهدف؟
إنها دعوة لإعادة النظر في كيفية تفسيرنا للاستبداد الحديث. بدلًا من النظر دائمًا إلى ماضي أوروبا، يحثنا فان ريبروك على النظر في المقارنات التاريخية العالمية - حتى تلك التي قد تبدو غير مريحة أو غير متوقعة.
دعونا نستعرض بعض التكتيكات المحددة التي يُبرزها ديفيد فان ريبروك في مقارنته بين ترامب وحكام أفريقيا في حقبة الحرب الباردة:
🧱 1. الولاء على حساب المؤسسات
يُجادل فان ريبروك بأن ترامب، كغيره من الزعماء الأقوياء في حقبة ما بعد الاستعمار، يُعطي الأولوية للولاء الشخصي على حساب الأعراف المؤسسية:
غالبًا ما يُقوّض الضوابط البيروقراطية والقيود القانونية.
تستند التعيينات والإقالات إلى الولاء الشخصي، لا إلى الجدارة أو الخبرة.
يُعكس هذا كيف بنى القادة الأفارقة في حقبة الحرب الباردة شبكات المحسوبية للحفاظ على سيطرتهم.
🗣️ 2. الكاريزما وعبادة الشخصية
ترتبط سمعة ترامب السياسية ارتباطًا وثيقًا بشخصيته، وليس ببرنامج حزبي.
وبالمثل، سعى قادة مثل موبوتو سيسي سيكو في زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليًا) إلى بناء عبادة شخصية، مستخدمين وسائل الإعلام والعروض الاستعراضية لإبراز القوة والوحدة.
يرى فان ريبروك أن تجمعات ترامب وشعاراته وهيمنة وسائل الإعلام عليه جزء من نفس هذا النهج.
🧩 3. هياكل السلطة غير الرسمية
بدلاً من الاعتماد على الحوكمة الرسمية، غالبًا ما يستخدم ترامب قنوات خلفية وأفرادًا من عائلته وموالين له لممارسة النفوذ.
يُذكرنا هذا بكيفية تجاوز حكام حقبة الحرب الباردة لمؤسسات الدولة الهشة للحكم من خلال الزمر والدوائر الداخلية.
🧨 4. الأزمة كأداة
اتُهم ترامب بتضخيم الأزمات أو استغلالها - سواءً كانت تتعلق بالهجرة أو الصحة العامة أو الشرعية الانتخابية - لترسيخ سلطته.
يشير فان ريبروك إلى أن العديد من القادة الأفارقة استخدموا حالات الطوارئ لتبرير الإجراءات الاستبدادية وإسكات المعارضة.
🧭 5. رفض الأعراف الغربية
يُنظر إلى ازدراء ترامب للحلفاء التقليديين والتعددية واللياقة الدبلوماسية على أنه خروج عن الأعراف الديمقراطية الليبرالية الغربية.
يشير فان ريبروك إلى أن هذا يعكس رفض بعض القادة الأفارقة للإرث الاستعماري وصياغة نماذج حكم جديدة، غالبًا ما تكون استبدادية.
🧠 استقبال الحجة
أثارت هذه المقالة جدلًا حادًا. يشيد بها البعض لتحديها التحليل السياسي الأوروبي المركزي وتقديمها منظورًا عالميًا للاستبداد.
ينتقدها آخرون باعتبارها تشبيهًا مُبالغًا فيه أو غير عادل، مجادلين بأن السياق الأمريكي مختلف تمامًا عن أفريقيا ما بعد الاستعمار، مما يحول دون عقد مقارنات ذات معنى.
إنها مقارنة جريئة ومقلقة، ولكن هذه هي الفكرة. يريد فان ريبروك من القراء إعادة النظر في كيفية عمل السلطة في القرن الحادي والعشرين، خاصةً عندما لا تتبع القواعد الغربية القديمة.
هل استقى ترامب دروسًا في القيادة من أفريقيا خلال حقبة الحرب الباردة؟
لفهم أسلوب حكم الرئيس فهمًا حقيقيًا، يجب أن نتجاوز الملاحم الإسكندنافية وقصص الجريمة الصقلية.
منذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، واجه المحللون صعوبة في إيجاد تشبيهات مناسبة لأسلوب حكمه. يُشبّه البعض مطالبه بالولاء، وشبكات المحسوبية، وأساليب الترهيب بأساليب زعماء المافيا. بينما يُصوّره آخرون كزعيم إقطاعي، يُدير عبادة شخصية متجذرة في الكاريزما، ومُلزمة باليمين والمكافآت والتهديدات بدلًا من القوانين والمؤسسات. يصوره عدد متزايد من الفنانين ومبدعي الذكاء الاصطناعي كمحارب فايكنغ. وبالطبع، لا تزال هناك نقاشات حادة حول ما إذا كان الوقت قد حان لإجراء مقارنات جادة مع الأنظمة الفاشية.
في حين أن بعض هذه التشبيهات قد تُقدم بعض العمق، إلا أنها محدودة أساسًا بمركزيتها الأوروبية - كما لو أن السياسة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين لا تزال تُفسر من منظور تاريخ العالم القديم فقط. إذا أردنا حقًا فهم ما يجري، فعلينا تجاوز الملاحم الإسكندنافية وقصص الجريمة الصقلية.
أجد صعوبة متزايدة في عدم رؤية أوجه تشابه لافتة بين الأحداث الأخيرة في الولايات المتحدة وصعود ديكتاتوريات حقبة الحرب الباردة في أفريقيا. بدأ الأمر بإعادة ترامب تسمية خليج المكسيك ودينالي، مما أعاد إلى الأذهان كيف غيّر موبوتو سيسي سيكو، بدافع نزوة شخصية، الكونغو إلى زائير عام ١٩٧١. انتشرت إعادة التسمية الجغرافية على نطاق واسع في أفريقيا نظرًا لتاريخها الاستعماري، لكن الولايات المتحدة بدأت الآن بتغيير الأسماء أيضًا.
كما أن نشر ترامب لقوات الحرس الوطني ومشاة البحرية في لوس أنجلوس بعد الاحتجاجات على مداهمات الهجرة يعكس أسلوب موبوتو المفضل للتعامل مع الاضطرابات المدنية: الحرس الرئاسي الذي يقوم بدوريات في الشوارع لقمع الاحتجاجات. إن الاستخدام المباشر للقوة العسكرية لقمع المعارضة الداخلية هو تكتيك مرتبط بشخصيات مثل عيدي أمين في أوغندا، وروبرت موغابي في زيمبابوي، وبول بيا في الكاميرون ــ وإن كانت عواقبه أكثر فتكاً.
موبوتو سيسي سيكو يخاطب الصحفيين خارج مقر إقامته في كينشاسا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، 23 مارس/آذار 1997. تصوير: ريمي دي لا موفينير/أسوشيتد برس
يُشبه ترحيل ترامب العدواني للعمال اللاتينيين غير المسجلين طرد أمين للأقلية الآسيوية في أوغندا عام ١٩٧٢. صاغ أمين هذه الخطوة كوسيلة لإعادة القوة الاقتصادية إلى "المواطن الأوغندي العادي"، لكنها أدت إلى خراب مالي. ويُعدّ تبني تدابير اقتصادية غريبة ومسرحية تبدو رائعة على التلفزيون لكنها تُحدث دمارًا في التطبيق تشابهًا آخر لافتًا. وتُعيد تعريفات ترامب الجمركية، التي أُعلن عنها بضجة وطنية في "يوم التحرير"، إلى الأذهان إصلاحات موغابي الزراعية الضخمة في ثمانينيات القرن الماضي، والتي عجّلت بانهيار زيمبابوي.
كانت معاداة الفكر والأنانية وأوهام العظمة من السمات المميزة للديكتاتوريات في أفريقيا. بنى فيليكس هوفويه بوانيي من ساحل العاج نسخة طبق الأصل من كاتدرائية القديس بطرس في مسقط رأسه. وتُوّج جان بيدل بوكاسا نفسه "إمبراطورًا" لجمهورية أفريقيا الوسطى. حرص "المارشال" موبوتو على هبوط طائرة كونكورد في قريته. ووصلت إلى الولايات المتحدة طفرة طموحة مماثلة، حيث استقبل ترامب طائرة بوينج 747 فاخرة من قطر، آملاً أن يُنقش وجهه على جبل راشمور إلى جانب جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وثيودور روزفلت، وأبراهام لينكولن.
كان العرض العسكري في واشنطن، في اليوم الذي بلغ فيه الجيش الأمريكي عامه الـ 250، وبلغ فيه ترامب عامه الـ 79، لحظة أخرى من النرجسية المُبالغ فيها. غالبًا ما تترافق عبادة الشخصية الشعبوية والكبرياء الذكوري مع جنون العظمة والازدراء العميقين. وتندرج حرب ترامب الشرسة على الأوساط الأكاديمية وحرية الصحافة تمامًا ضمن هذا التقليد. في غينيا الاستوائية، حظر الرئيس فرانسيسكو ماسياس نغيما كلمة "مثقف" ولاحق الأكاديميين. وأرعب أمين الجامعات لدرجة هجرة العقول.
للوهلة الأولى، قد يبدو اعتبار ترامب نسخة غربية من أحد ديكتاتوريي أفريقيا أمرًا مُزعجًا. في نهاية المطاف، يبدو اهتمامه بالقارة الأفريقية محدودًا بمواردها الطبيعية، لا بنماذجها السياسية. لقد أثّرت الرسوم الجمركية وحظر السفر الذي فرضه مؤخرًا على العديد من الدول الأفريقية بشدة، كما أن سحبه القاسي للمساعدات لا يوحي بإعجابه بأي شيء أفريقي.
علاوة على ذلك، لم تطأ قدم ترامب أرضًا أفريقية قط، ويُقال إنه وصف القارة بأنها مجموعة من "الدول القذرة". فقط عندما تلوح في الأفق صفقة مواد خام، ينبض بالحياة، كما حدث الأسبوع الماضي عندما وُقّعت "اتفاقية سلام" بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في البيت الأبيض. قال ترامب: "سنحصل، للولايات المتحدة، على الكثير من حقوق التعدين في الكونغو كجزء منها".
ولكن بمجرد مقارنة ترامب بدكتاتور الحرب الباردة، يصعب تجاهله. ولا ينبغي أن يُفاجئنا ذلك. كان ديكتاتور ما بعد الاستعمار، إلى حد كبير، صنيعة أمريكية. عاجلاً أم آجلاً، كان لا بد من عودته إلى الوطن.
دعمت الولايات المتحدة الأنظمة القمعية دون قيد أو شرط خلال الحرب الباردة، معتبرةً إياها حصونًا ضد الشيوعية - ليس فقط في أفريقيا، بل في آسيا وأمريكا اللاتينية أيضًا. وقد ظلّ دكتاتوريون مثل فرديناند ماركوس في الفلبين، وسوهارتو في إندونيسيا، وأوغوستو بينوشيه في تشيلي، وخورخي رافائيل فيديلا في الأرجنتين، في السلطة لعقود بفضل الدعم الأمريكي. وعندما انهار الاتحاد السوفيتي، تخلت الولايات المتحدة فجأة عن هؤلاء الحلفاء، ودافعت عن مبادئ الديمقراطية. ورغم أن التسعينيات كانت حافلة بالخطابات حول حقوق الإنسان، والحكم الرشيد، وسيادة القانون، إلا أن شبح الاستبداد لم يختف تمامًا على أرض الواقع.
نشهد الآن انقلابًا مروعًا. فمع زوال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وتراجعها عن دورها في تعزيز الديمقراطية العالمية، لم يقتصر الأمر على تخلي الولايات المتحدة عن الدول السائرة في طريق الديمقراطية في أفريقيا وغيرها، بل إنها بدأت أيضًا في تقليد بعض أسوأ الأمثلة التاريخية للحكم الاستبدادي.
إن النظر إلى نظام ترامب من منظور الأنظمة الاستبدادية في حقبة الحرب الباردة في دول ما بعد الاستعمار يُقدم إطارًا مُقلقًا ومُطمئنًا بشكلٍ غريب.
إذا كان هناك درسٌ واحدٌ دائمٌ من تاريخ الأنظمة الاستبدادية في أفريقيا، فهو هذا: يمكن أن تسوء الأمور بسرعة. كانت ديكتاتوريات الحرب الباردة قاسيةً ودمويةً، وغالبًا ما انتهت بالفوضى وانهيار الدولة. ومع ذلك، يُظهر تاريخها أيضًا أنه عندما تُحيّد المحاكم وتُختزل الهيئات التشريعية إلى مجرد طوابع مطاطية، يمكن للمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة والقوة المعنوية للمؤسسات الدينية والأكاديمية أن تبرز كآخر المعاقل المنيعة ضد الاستبداد. ففي النهاية، عاجلًا أم آجلًا، يزول الديكتاتوريون، بينما تبقى الجهود الجماعية قائمة.
ديفيد فان ريبروك حائز على جائزة الفيلسوف عن هولندا وفلاندرز. من بين كتبه "الكونغو: التاريخ الملحمي لشعب" و"الثورة: إندونيسيا وولادة العالم الحديث".
++++++++++++++++++++++++++++
حيوانات منوية وبويضات مصنعة في المختبر على بُعد سنوات قليلة
علماء على وشك تحقيق اختراق علمي في مجال الأمشاج المزروعة في المختبر
خلايا تناسلية من الجلد؟ قريبًا جدًا مما تظنون
هل يُمكن إنجاب طفل من خلايا الجلد؟
إعادة صياغة التكاثر: هل نحن مستعدون؟
البويضات المُصنّعة مخبريًا: ماذا بعد؟
نهاية العقم؟ يقول العلم: ربما
يقول العلماء إن إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات في المختبر لم يعد ضربًا من الخيال العلمي، فنحن على بُعد بضع سنوات فقط.
يتقدم السعي لإنتاج خلايا جنسية بشرية قابلة للحياة في المختبر بوتيرة سريعة، مع تداعيات هائلة على التكاثر.
إليكم التفاصيل الكاملة عن التطور السريع في علم الحيوانات المنوية والبويضات البشرية المزروعة في المختبر، والمعروف أيضًا باسم تكوين الأمشاج في المختبر In Vitro Gametogenesis (IVG)، وهو مجال قد يُحدث نقلة نوعية في عملية التكاثر كما نعرفها:
🧬 ما هو تكوين الأمشاج في المختبر In Vitro Gametogenesis (IVG)؟
IVG هي عملية تكوين الأمشاج البشرية gametes (الحيوانات المنوية أو البويضات) في المختبر من خلايا غير تناسلية، مثل خلايا الجلد أو الدم.
يعيد العلماء برمجة هذه الخلايا إلى خلايا جذعية متعددة القدرات مُستحثة induced pluripotent stem cells (iPSCs)، والتي يمكن بعد ذلك تحويلها إلى حيوانات منوية أو بويضات.
🔬 كيف تعمل؟
إعادة برمجة الخلايا: تُحوّل الخلايا البالغة (مثل الجلد) إلى خلايا جذعية متعددة القدرات مُستحثة.
التمايز: تُوجّه هذه الخلايا لتصبح خلايا جرثومية بدائية - وهي الخلايا الأولية للحيوانات المنوية أو البويضات.
إعادة الضبط الجيني: خطوة حاسمة تُمحى فيها علامات الهوية السابقة من الحمض النووي للخلية، وتُعاد إلى حالة التكاثر.
النضج: تُنضج الخلايا لتتحول إلى حيوانات منوية أو بويضات فعّالة - وهي خطوة أُنجزت في الفئران، لكنها لا تزال قيد التطوير في البشر.
🧪 التقدم العلمي حتى الآن
في الفئران، نجح العلماء في إنتاج بويضات وحيوانات منوية مُزروعة في المختبر، وأنتجت ذرية سليمة.
في البشر، يقود باحثون مثل البروفيسور كاتسوهيكو هاياشي (جامعة أوساكا) وفرق من جامعة كيوتو وشركة كونسيبشن بيوساينسز هذا التطور.
تضمن أحد الإنجازات الحديثة إعادة البرمجة الجينية، وهي عقبة رئيسية في عملية تخليق الأجنة البشرية (IVG)، مما يُقرّبنا من إنتاج أمشاج قابلة للحياة في المختبر.
🌍 التطبيقات المحتملة
علاج العقم: يمكن للأشخاص غير القادرين على إنتاج أمشاج قابلة للحياة إنجاب أطفال بيولوجيين.
التكاثر من نفس الجنس: يمكن نظريًا لرجلين أو امرأتين إنجاب طفل مرتبط وراثيًا بكليهما.
التكاثر من والد واحد: يمكن لشخص واحد أن يُنتج بويضة وحيوانًا منويًا.
الأجنة متعددة الوالدين: نظريًا، يمكن لأكثر من شخصين المساهمة في إنتاج الحمض النووي للطفل.
⚖️ التداعيات الأخلاقية والاجتماعية
تعديل الجينات: يمكن دمج تقنية IVG مع تقنية CRISPR للقضاء على الأمراض الوراثية - أو تحسين الصفات، مما يثير مخاوف بشأن "الأطفال المُصممين".
إعادة تعريف الأبوة والأمومة: ماذا يعني أن تكون والدًا إذا ساهم ثلاثة أشخاص أو أكثر في إنتاج الحمض النووي؟
التنظيم وسوء الاستخدام: هناك مخاوف بشأن الاستخدام غير المصرح به، أو الاستنساخ، أو تسليع التكاثر.
🧠 الاستقبال العام والعلمي
الرأي العام متفائل بحذر، وخاصة بين أولئك الذين يعانون من العقم.
يؤكد العلماء على ضرورة وجود رقابة أخلاقية صارمة وإرشادات دولية قبل الاستخدام السريري.
تعمل هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة (HFEA) في المملكة المتحدة بنشاط على مراجعة العلم وتداعياته.
⏳ الجدول الزمني
يقدر الخبراء أن الأمشاج البشرية الوظيفية من IVG قد تكون جاهزة خلال 5-10 سنوات، إلا أن الاستخدام السريري الواسع قد يستغرق وقتًا أطول نظرًا لمراجعات السلامة والأخلاقيات.
لم يعد هذا مجرد خيال علمي، بل هو واقع متسارع قد يُغير نظرتنا إلى الأسرة وعلم الأحياء والهوية.
يقول العلماء إن إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات في المختبر على بُعد بضع سنوات فقط.
يتقدم السعي لإنتاج خلايا جنسية بشرية قابلة للحياة في المختبر بوتيرة سريعة، مع تداعيات هائلة على التكاثر.
يُشير أحد رواد هذا المجال المعروفين عالميًا إلى أن العلماء على بُعد بضع سنوات فقط من إنتاج خلايا جنسية بشرية قابلة للحياة في المختبر، والذي يقول إن هذا التقدم قد يفتح آفاقًا جديدة للتكاثر تتحدى علم الأحياء.
وفي حديثه لصحيفة الغارديان، قال البروفيسور كاتسوهيكو هاياشي، عالم الوراثة التنموية في جامعة أوساكا، إن تقدمًا سريعًا يُحرز نحو القدرة على تحويل خلايا الجلد أو الدم البالغة إلى بويضات وحيوانات منوية، وهو إنجازٌ جينيٌّ يُعرَف باسم تكوين الأمشاج في المختبر (IVG).
ويتوقع أن مختبره على بُعد سبع سنوات تقريبًا من هذا الإنجاز. من بين المتسابقين الآخرين فريقٌ من جامعة كيوتو وشركة ناشئة مقرها كاليفورنيا، تُدعى Conception Biosciences، والتي تضم قائمة داعميها في وادي السيليكون، سام ألتمان، مؤسس OpenAI، والتي صرّح رئيسها التنفيذي لصحيفة الغارديان بأن إنتاج البويضات في المختبر "قد يكون أفضل أداة لدينا لعكس اتجاه التناقص السكاني" وقد يُمهّد الطريق لتحرير الجينات البشرية.
قال هاياشي، متحدثًا قبل كلمته في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية للتكاثر البشري والأجنة (ESHRE) في باريس هذا الأسبوع: "أشعر ببعض الضغط. أشعر وكأنني في سباق. من ناحية أخرى، أحاول دائمًا إقناع نفسي بالالتزام بالقيمة العلمية".
إذا ثبتت سلامة تقنية IVG، فقد تُمهد الطريق لأي شخص - بغض النظر عن الخصوبة أو العمر - لإنجاب أطفال بيولوجيين. وبالنظر إلى أن مختبر هاياشي سبق أن أنتج فئرانًا بوالدين بيولوجيين، فمن الناحية النظرية، يمكن أن يمتد هذا ليشمل الأزواج من نفس الجنس.
قال هاياشي: "نتلقى رسائل بريد إلكتروني من مرضى الخصوبة، ربما مرة واحدة في الأسبوع". يقول البعض: "يمكنني القدوم إلى اليابان". لذا أشعر بالطلب الكبير من الناس.
صرح مات كريسيلوف، الرئيس التنفيذي لشركة كونسيبشن، لصحيفة الغارديان بأن البويضات المزروعة في المختبر "قد تكون هائلة في المستقبل".
وقال: "إن مجرد زيادة معدل الخصوبة ... للسماح للنساء بإنجاب أطفال في سن أكبر بكثير سيكون أمرًا بالغ الأهمية". "بعيدًا عن السياسة الاجتماعية، قد تكون هذه التقنية، على المدى الطويل، أفضل أداة لدينا لعكس ديناميكيات انخفاض عدد السكان نظرًا لقدرتها على توسيع نطاق تنظيم الأسرة بشكل كبير".
في عرض تقديمي في مؤتمر ESHRE، استعرض هاياشي أحدث التطورات التي حققها فريقه، بما في ذلك إنتاج خلايا منوية بدائية للفأر داخل عضو خصوي مُنمّى في المختبر، وتطوير عضو مبيض بشري، وهي خطوة على طريق زراعة بويضات بشرية.
يبدأ التخصيب داخل الخلايا (IVG) عادةً بإعادة برمجة خلايا الجلد أو الدم البالغة وراثيًا إلى خلايا جذعية، قادرة على التحول إلى أي نوع من خلايا الجسم. ثم تُحوَّل الخلايا الجذعية إلى خلايا جرثومية بدائية، وهي الخلايا الأولية للبويضات والحيوانات المنوية. ثم تُوضع هذه الخلايا في عضو مُنمّى في المختبر (مُنمّى من الخلايا الجذعية) مُصمم لإرسال التسلسل المُعقد من الإشارات البيولوجية اللازمة لتوجيه الخلايا الجرثومية إلى مسار النمو لتصبح بويضات أو حيوانات منوية ناضجة.
داخل خصيتي فأر اصطناعيتين، لا يتجاوز قطرهما مليمترًا واحدًا، تمكن فريق هاياشي من إنماء الخلايا المنوية، وهي الخلايا الأولية لخلايا الحيوانات المنوية، وعندها تموت هذه الخلايا. ويُؤمل أن يُقرّب عضية خصية مُحدّثة، مزودة بإمدادات أكسجين أفضل، هذه الخلايا من الحيوانات المنوية الناضجة.
قدّر هاياشي أن إنتاج حيوانات منوية بشرية قابلة للحياة في المختبر قد يستغرق حوالي سبع سنوات. وأضاف أن إنتاج حيوانات منوية من خلايا أنثوية سيكون "تحديًا تقنيًا، لكنني لا أقول إنه مستحيل".
اتفق آخرون مع الجدول الزمني الذي توقعه هاياشي. قال البروفيسور رود ميتشل، رئيس قسم الأبحاث في مجال الحفاظ على خصوبة الذكور لدى الأطفال المصابين بالسرطان في جامعة إدنبرة: "قد لا يدرك الناس مدى سرعة تطور العلم". وأضاف: "من الواقعي الآن أن ننظر إلى البويضات أو الحيوانات المنوية المُولّدة من خلايا غير ناضجة في الخصية أو المبيض في غضون خمس أو عشر سنوات. أعتقد أن هذا تقدير واقعي وليس الإجابة النموذجية على الأسئلة المتعلقة بالجدول الزمني".
وافق البروفيسور آلان بيسي، أستاذ طب الذكورة ونائب رئيس جامعة مانشستر، على ذلك قائلاً: "أعتقد أن أحدهم سينجح في ذلك. أنا مستعد لذلك. لا أعلم إن كان المجتمع قد أدرك ذلك".
في حين نجحت عدة مختبرات في إنتاج فئران صغيرة من بويضات مزروعة في المختبر، إلا أن إنتاج بويضات بشرية قابلة للحياة أثبت أنه أكثر صعوبة من الناحية التقنية. لكن التقدم الحديث في فهم كيفية بقاء البويضات في حالة خمول - كما هي الحال في المبيض البشري لأكثر من عقد - قد يكون حاسمًا.
في سباق كسر حاجز التخصيب في الأنابيب، أشار هاياشي إلى أن زميله السابق، البروفيسور ميتينوري سايتو، من جامعة كيوتو، أو شركة كونسيبشن بيوساينسز، التي تركز بالكامل على إنتاج بويضات بشرية صالحة للاستخدام السريري، قد تكون في المقدمة. وقال: "لكنهم [كونسيبشن] سريون للغاية".
رفض كريسيلوف الكشف عن أي تطورات محددة، لكنه قال إن التكنولوجيا الحيوية "تُحرز تقدمًا ملحوظًا في التوصل إلى بروتوكول كامل"، وفي أفضل الأحوال، قد تكون هذه التقنية "متاحة للاستخدام السريري خلال خمس سنوات، وقد تستغرق وقتًا أطول".
يعتقد معظم الناس أن سنوات من الاختبارات ستكون ضرورية لضمان خلو الخلايا المزروعة في المختبر من طفرات جينية خطيرة قد تنتقل إلى الأجنة - أو أي أجيال لاحقة. وقد عاشت بعض الفئران المولودة باستخدام خلايا مزروعة في المختبر أعمارًا طبيعية وكانت خصبة.
وقال هاياشي: "نحن بحاجة ماسة لإثبات أن هذا النوع من التكنولوجيا آمن. هذا التزام كبير".
في المملكة المتحدة، يُعد استخدام الخلايا المزروعة في المختبر في علاج الخصوبة غير قانوني بموجب القوانين الحالية، وتبحث هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة بالفعل في كيفية ضمان سلامة البويضات والحيوانات المنوية المزروعة في المختبر، وما هي الاختبارات التي يجب إكمالها قبل النظر في التطبيقات السريرية.
قال ميتشل: "إن فكرة أخذ خلية لم يكن من المفترض أن تكون حيوانًا منويًا أو بويضة وتحويلها إلى حيوان منوي أو بويضة فكرة مذهلة. لكنها تُثير مشكلة السلامة. يجب أن نكون على ثقة من سلامتها قبل أن نتمكن من استخدام تلك الخلايا لإنجاب طفل".
وهناك أيضًا تساؤل حول كيفية تطبيق هذه التقنية. يتمثل أحد الدوافع الرئيسية في مساعدة من يعانون من العقم، لكن هاياشي قال إنه متردد بشأن تطبيق هذه التقنية للسماح للنساء الأكبر سنًا أو الأزواج من نفس الجنس بإنجاب أطفال بيولوجيين - ويعود ذلك جزئيًا إلى مخاطر السلامة الأكبر المرتبطة بها. ومع ذلك، لو كان المجتمع مؤيدًا على نطاق واسع، لما عارض مثل هذه التطبيقات.
وقال: "بالطبع، على الرغم من أنني أنجبت طفلًا [فأرًا] من أبوين، إلا أن هذا ليس طبيعيًا في الواقع". "لذا أقول إنه إذا توصل العلم إلى نتائج غير طبيعية، فيجب أن نكون حذرين للغاية".
من الممكن نظريًا أيضًا إنجاب أطفال أحاديي التلقيح (بحيوانات منوية وبويضة من أحد الوالدين فقط) أو أطفال متعددي التلقيح (بمساهمات جينية من أكثر من والدين). يقول البروفيسور هانك غريلي، الباحث في القانون والأخلاقيات الحيوية بجامعة ستانفورد: "هل يرغب أحد بتجربة هذين الخيارين؟" ويضيف: "لا أفهم السبب، لكن العالم واسعٌ مليءٌ بالمجانين، وبعضهم أثرياء".
يستعد آخرون للتفكير في بعض الاحتمالات الأكثر جرأةً لهذه التقنية، مثل الفحص الشامل للأجنة أو التعديل الجيني للخلايا الجذعية المستخدمة في إنجاب الأطفال.
يقول كريسيلوف: "صحيحٌ أن هذه إمكانياتٌ لهذه التقنية"، مضيفًا أن اللوائح المناسبة والاعتبارات الأخلاقية ستكون مهمة. "أنا شخصيًا أعتقد أن اتخاذ إجراءاتٍ من شأنها تقليل احتمالية إصابة الأجيال القادمة بالأمراض سيكون أمرًا جيدًا عندما تكون هناك أمراضٌ واضحةٌ يمكن الوقاية منها، ولكن من المهم عدم الانجراف وراءها".
+++++++++++++++++++++++++++
فيروس نقص المناعة البشرية في أفريقيا ليس مجرد مشكلة صحية، بل أزمة إنسانية واقتصادية وشيكة.
الكونغو تستعد لموجة تصاعدية في حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بعد توقف التمويل الأمريكي
ينتشر الفيروس بسرعة في ما يُفترض أن تكون أكثر مناطق البلاد إنتاجية اقتصاديًا.
الكونغو تستعد لموجة تصاعدية في حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بعد توقف التمويل الأمريكي
ينتشر الفيروس بسرعة في ما يُفترض أن تكون أكثر مناطق البلاد إنتاجية اقتصاديًا.
فيما يلي ما يحدث في جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد توقف التمويل الأمريكي لبرامج فيروس نقص المناعة البشرية، وهو وضع له آثار خطيرة على الصحة العامة والاقتصاد:
💸 أسباب الأزمة
أوقفت الحكومة الأمريكية مؤخرًا المساعدات الخارجية، بما في ذلك الدعم المقدم من خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز (PEPFAR)، والتي لطالما كانت حجر الزاوية في علاج فيروس نقص المناعة البشرية والوقاية منه في أفريقيا2.
على الرغم من إصدار بعض الإعفاءات الطارئة لاستئناف الخدمات "المنقذة للحياة"، لا تزال العديد من البرامج غير ممولة، وخاصة تلك التي تركز على الوقاية والتوعية ودعم المجتمع.
🧬 التأثير على خدمات فيروس نقص المناعة البشرية في الكونغو
من المتوقع نفاد مخزونات أدوية فيروس نقص المناعة البشرية والواقيات الذكرية خلال أشهر. خدمات مثل فحص ما قبل الولادة، والتشخيص المبكر للرضع، ورعاية الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) معطلة بالفعل.
انخفضت إمكانية حصول المراهقات والشابات على الرعاية الوقائية قبل التعرض (PrEP)، كما توقفت برامج التوعية.
عُلقت خدمات الحد من الوصمة والإرشاد، مما ترك الفئات السكانية الضعيفة دون دعم.
🌍 لماذا يؤثر الفيروس على المناطق الإنتاجية؟
ينتشر الفيروس بشكل أسرع في المناطق الحيوية اقتصاديًا مثل كاتانغا العليا، حيث يتركز التعدين والتجارة.
تتميز هذه المناطق بحركة سكانية عالية، مما يزيد من خطر انتقال العدوى، وتواجه الآن صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية بسبب انخفاض التمويل.
🧱 استجابة المجتمع المدني والحكومة
أطلقت وزارة الصحة تقييمات الأثر وخطط الطوارئ.
تحاول منظمات المجتمع المدني حشد الموارد المحلية وتكوين شراكات بين القطاعين العام والخاص، لكن العديد منها معرض لخطر الإغلاق بسبب نقص التمويل.
تتواصل جهود المناصرة الدولية لاستعادة التمويل المفقود أو تعويضه، مع توجيه نداءات إلى جهات مانحة مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وكندا.
⚠️ ما هو على المحك
يحذر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز من أنه في حال عدم التدخل العاجل، قد ترتفع الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية والوفيات المرتبطة به بشكل كبير في جميع أنحاء أفريقيا.
في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قد يؤدي انهيار البنية التحتية للوقاية والعلاج إلى تراجع سنوات من التقدم وزعزعة استقرار النظم الصحية الهشة أصلاً.
هذه ليست مجرد مشكلة صحية، بل هي أزمة إنسانية واقتصادية وشيكة.
الكونغو تستعد لارتفاع حاد في حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بعد توقف التمويل الأمريكي
ينتشر الفيروس بسرعة في ما يُفترض أن تكون أكثر مناطق البلاد إنتاجية اقتصاديًا.
بقلم نيكولاس باريو
4 يوليو/تموز 2025، الساعة 11:00 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة
يُفترض أن تكون مقاطعتا جنوب وشمال كيفو الغنيتان بالمعادن، الواقعتان على طول الجانب الشرقي لجمهورية الكونغو الديمقراطية، من بين أكثر مناطقها إنتاجية.
تضم هاتان المقاطعتان خُمس سكان البلاد الشاسعة، وتضمان بعضًا من أهم مناجمها، حيث يتدفق الرجال لاستخراج الكولتان ومعادن أساسية أخرى تُستخدم في إنتاج الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات الكهربائية. تدير النساء مطاعم وحانات على جوانب الطرق. يعيش ملايين الأشخاص في مخيمات، نازحين بسبب الميليشيات المتجولة، بالقرب من الحدود مع رواندا وأوغندا.
الاغتصاب منتشر، وكذلك فيروس نقص المناعة البشرية.
لسنوات، اعتمدت النساء الكونغوليات على مضادات الفيروسات القهقرية التي توفرها الولايات المتحدة، مثل مجموعات العلاج الوقائي بعد التعرض للفيروس، للوقاية من العدوى بعد الاعتداء. لكن تمويل هذه البرامج جفت بعد أن خفض الرئيس ترامب ومساعده الأيمن آنذاك، إيلون ماسك، تمويل معظم برامج المساعدات الخارجية الأمريكية، بما في ذلك العديد من مبادرات مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية.
والآن، وبعد ما يقرب من ستة أشهر، تتعرض المنطقة لخطر دوامة مزعزعة للاستقرار من العدوى والوفيات، مما يقوض أي مكاسب اقتصادية قد تكون ممكنة في هذه الزاوية المضطربة من أفريقيا.
ويقول العاملون في مجال الصحة إنهم اضطروا إلى البدء في رفض استقبال ضحايا الاعتداء الجنسي الباحثين عن مجموعات علاج ما بعد الاغتصاب. تقول نويلا ندول، مسؤولة الحماية في منظمة كير الدولية، وهي منظمة خيرية عالمية، والتي تتلقى عدة مكالمات يوميًا من نساء في حالة من الضيق: "معظم النساء يتصلن بي باكيات. إنهن قلقات للغاية، لكن ليس لدينا أدوية نقدمها لهن".
صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة تدعم برامج أخرى، مثل الفحص السريع لفيروس نقص المناعة البشرية وتوفير الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، في أجزاء أخرى من الكونغو، بما في ذلك العاصمة كينشاسا. إلا أنها غير قادرة على توسيع نطاق هذه البرامج لتشمل مناطق النزاع في شرق البلاد، إحدى أكثر المناطق تضررًا. ويخشى مسؤولو الشؤون الإنسانية من ارتفاع حاد في الإصابات الجديدة بين السكان في سن العمل، مما يثير قلقًا جديدًا بشأن مستقبل المنطقة.
تُثير موجة الإصابات الجديدة قلقًا بالغًا في الكونغو، حيث ساعدت الأدوية الوقائية بعد التعرض وغيرها من الأدوية في خفض عدد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز إلى حوالي 14,000 حالة وفاة سنويًا، مقارنةً بنحو 200,000 حالة وفاة قبل بدء برامج التمويل الأمريكية، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز.
ويعود جزء من السبب إلى مستوى العنف، الذي يرتفع بشكل خاص في جنوب وشمال كيفو.
يُشير مسؤولو العمل الإنساني الآن إلى المنطقة بأنها عاصمة الاغتصاب في العالم، حيث أفادت الأمم المتحدة بارتفاع الاعتداءات الجنسية هناك بنسبة 38% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بعد أن شنت جماعة متمردة تُعرف باسم حركة 23 مارس، بدعم من رواندا، هجومًا عنيفًا على مدينتين رئيسيتين.
قبل أن توقع رواندا والكونغو اتفاقًا بوساطة أمريكية الأسبوع الماضي لوقف رعاية الجماعات المسلحة في شرق الكونغو، قدرت الأمم المتحدة أن طفلًا يُغتصب كل نصف ساعة في المنطقة. من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان الاتفاق سيكبح جماح الميليشيات المتناثرة العاملة هناك بشكل فعال.
قالت جيريمي كاهيندو إنها في أبريل/نيسان دُفعت أرضًا من قبل رجلين مسلحين، وتناوبا على اغتصابها في كيبومبا، وهي بلدة صغيرة تقع على بُعد 16 كيلومترًا شمال مدينة غوما التي يسيطر عليها المتمردون. سارت الأم البالغة من العمر 42 عامًا لثلاثة أطفال لمدة ساعتين إلى عيادة تابعة لمنظمة "كير"، حيث أعطتها ممرضة مسكنات للألم ومضادات حيوية لعلاج الجروح التي أصيبت بها في الهجوم. ثم أرسلتها الممرضة إلى منزلها لأن العيادة نفدت منها أدوية الوقاية من التعرض للفيروس، حسب قول كاهيندو.
قالت: "أخبرني العاملون في مجال الصحة أنه لا يوجد ما يمكنهم فعله من أجلي - لا توجد أدوية".
سرعان ما ثبتت إصابة كاهيندو بفيروس نقص المناعة البشرية. وأكد مسؤولو منظمة كير روايتها.
في المقاطعات الشرقية للكونغو، وزعت الجمعيات الخيرية حوالي 97,560 مجموعة علاج ما بعد الاغتصاب على النساء والفتيات العام الماضي، تم شراؤها في معظمها بأموال أمريكية، وفقًا لمنظمة كير. ويقول عمال الإغاثة إن النساء في المنطقة بحاجة الآن إلى ضعف هذا العدد تقريبًا، حتى مع نفاد الإمدادات.
حتى هذا العام، كانت الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات في الكونغو، حيث قدمت أكثر من مليار دولار سنويًا كمساعدات من خلال الجمعيات الخيرية التي توفر الرعاية الطبية والغذاء وغيرها من الإمدادات الحيوية لملايين الأشخاص المعرضين للخطر. عالميًا، كانت خطة الرئيس الأمريكي الطارئة للإغاثة من الإيدز توفر الجزء الأكبر من مجموعات العلاج بعد التعرض وغيرها من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية للدول الفقيرة. يقول مسؤولون أمريكيون إن البرنامج، الذي أطلقه الرئيس جورج دبليو بوش عام ٢٠٠٣، قد أنقذ حياة أكثر من ٢٥ مليون شخص.
يمكن أن يقلل علاج ما بعد التعرض من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) بنسبة تزيد عن ٩٠٪ إذا تم إعطاؤه خلال ٧٢ ساعة من الاعتداء. ويقول خبراء الصحة إنه يجب تناول هذا الدواء يوميًا لمدة ٢٨ يومًا.
وقال الدكتور كريس رولينجز كاغاندا، وهو طبيب أوغندي: "إذا تم تناوله بشكل صحيح، فإنه يمنع غالبية ضحايا الاغتصاب من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية".
تحذّر وكالات الإغاثة الآن من أن تخفيضات التمويل ستؤدي إلى ارتفاع حاد في معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في الكونغو، وخاصة في شرقها. تصل معدلات انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في شرق الكونغو بالفعل إلى ٣.٥٪، أي أكثر من ضعف المعدل الوطني البالغ ١.٤٪. ويُشير مسؤولون في المجال الإنساني إلى أن نقص مجموعات علاج ما بعد التعرض خطير للغاية لدرجة أن الناجيات من العنف الجنسي يلجأن أحيانًا إلى عدة عيادات، ليعودن إلى ديارهن منهكات وغير ناجحات، بعد انقضاء فترة العلاج البالغة ٧٢ ساعة.
تقول كانزيرا كيهانغا إنها لم تُفاجأ عندما علمت في مايو/أيار بإصابتها بفيروس الإيدز. تعتقد الشابة البالغة من العمر 21 عامًا أنها أصيبت بالفيروس بعد اغتصابها مرتين متتاليتين على يد رجال مسلحين. بعد الاعتداء الأول، ذهبت إلى عيادة طبية، لكنها لم تُعطَ سوى نصف جرعة من دواء الوقاية ما بعد التعرض. بعد أسبوعين، تعرضت للاغتصاب مرة أخرى أثناء توجهها إلى العيادة لاستلام الجرعة المتبقية.
أظهرت دراسة استقصائية حديثة أجرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأكثر من 100 مستشفى في شرق الكونغو أن ما يقرب من ثلاثة أرباعها قد نفدت أدويتها الأساسية بسبب مشاكل الإمداد الناجمة عن خفض التمويل الأمريكي.
وقال إتيان بينلاب، منسق الصحة في الصليب الأحمر في الكونغو: "حتى مسكنات الألم مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين آخذة في النفاد".
ومع كثرة قصص المعاناة، قد تزداد الخسائر سوءًا. فوفقًا لمركز التنمية العالمية ومقره واشنطن، قد تؤدي تخفيضات المساعدات الخارجية الإضافية في مشروع ميزانية ترامب لعام 2026 إلى 675 ألف حالة وفاة إضافية بسبب الإيدز في جميع أنحاء العالم في ذلك العام. وقد تنفد الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية من الكونغو بحلول أغسطس، وفقًا لوزارة الصحة.
للتواصل مع نيكولاس باريو، يُرجى مراسلته عبر البريد الإلكتروني mailto:[email protected]@wsj.com
++++++++++++++++++++++
تزاوج إنسان نياندرتال Neanderthals والإنسان الحديث Homo sapiens في وقت أقرب مما كان يُعتقد سابقًا
أكدت دراستان تشابهًا في تواريخ تزاوج النوعين. وقد زوّد هذا التزاوج الإنسان العاقل بجينات مفيدة.
تزاوج إنسان نياندرتال Neanderthals والإنسان الحديث Homo sapiens في وقت أقرب مما كان يُعتقد سابقًا
أكدت دراستان تشابهًا في تواريخ تزاوج النوعين. وقد زوّد هذا التزاوج الإنسان العاقل بجينات مفيدة.
يكشف الحمض النووي القديم النقاب عن غموضٍ يكتنف علاقات الإنسان الحديث مع إنسان نياندرتال منذ عشرات الآلاف من السنين.
ما هو الحمض النووي القديم؟ هل يوجد حمض نووي حديث وحمض نووي قديم؟
بالتأكيد، إنها قصةٌ شيقة تُعيد تشكيل فهمنا للتطور البشري. دعونا نُفصّلها خطوةً بخطوة:
🧬 ما هو الحمض النووي القديم؟
يشير الحمض النووي القديم (aDNA) إلى المادة الوراثية المُستخرجة من بقايا كائناتٍ حية عاشت منذ آلاف - أو حتى عشرات الآلاف - من السنين.
في هذه الحالة، حلل العلماء الحمض النووي من أحافير الإنسان العاقل Homo sapiens المبكرة التي عُثر عليها في أماكن مثل زلاتي كون (جمهورية التشيك) ورانيس (ألمانيا).
يبلغ عمر هذه العينات حوالي 45,000 عام، مما يجعلها من أقدم الجينومات البشرية التي تم تسلسلها على الإطلاق.
على النقيض من ذلك:
الحمض النووي الحديث هو ما نستخرجه من البشر الأحياء أو الأفراد المتوفين حديثًا.
غالبًا ما يكون الحمض النووي القديم مجزأً ومتحللًا، مما يتطلب تقنيات متقدمة لاستعادته وتسلسله.
🧠 ماذا وجدت الدراسات الجديدة؟
استخدم فريقان بحثيان مستقلان الحمض النووي القديم لتحديد وقت تزاوج إنسان نياندرتال Neanderthals مع الإنسان العاقل Homo sapiens:
حدث التزاوج بين 45,000 و50,000 عام مضت، أي قبل فترة زمنية أحدث بكثير من التقديرات السابقة التي كانت تتراوح بين 60,000 و65,000 عام.
من المرجح أن هذا التزاوج حدث في الشرق الأوسط، حيث هاجر البشر الحديثون من أفريقيا والتقوا بإنسان نياندرتال في أوراسيا.
🧬 كيف اكتشفوا ذلك؟
قام الباحثون بتسلسل الجينومات النووية لأفراد من الإنسان العاقل القديم.
بحثوا عن أجزاء من الحمض النووي لإنسان نياندرتال مُضمّنة في هذه الجينومات.
ساعدهم طول هذه الأجزاء ونمطها في تقدير عدد الأجيال التي مرّت منذ حدوث التزاوج.
على سبيل المثال، تُشير الأجزاء الأطول من الحمض النووي لإنسان نياندرتال إلى اختلاط أحدث، لأن إعادة التركيب لم تُتح لها الفرصة لتفكيكها.
🧠 ما أهمية هذا؟
يؤكد هذا أن جميع البشر غير الأفارقة اليوم يحملون 1-2% من الحمض النووي لإنسان نياندرتال.
كانت بعض هذه الجينات مفيدة، إذ ساعدت البشر الأوائل على التكيف مع:
المناخات الجديدة
مسببات الأمراض
ربما حتى سمات الجلد والشعر المُناسبة لخطوط العرض الشمالية.
🧩 ماذا عن الأحافير؟
ترتبط امرأة زلاتي كون وأفراد من رانيس وراثيًا، مما يُشير إلى أنهم كانوا جزءًا من نفس المجموعة السكانية التي تزاوجت مع إنسان نياندرتال.
تُساعد هذه الأحافير أيضًا في توضيح التسلسل الزمني للهجرة البشرية إلى أوروبا، إذ تُظهر أن الإنسان العاقل الأوائل كان موجودًا في شمال أوروبا في وقت أبكر مما كان يُعتقد سابقًا.
🧠 خاتمة
لا يُخبرنا هذا البحث فقط عن تاريخ اندماج البشر مع إنسان نياندرتال، بل يُظهر أيضًا كيف يُعيد الحمض النووي القديم كتابة قصة أصولنا. الأمر أشبه بالسفر عبر الزمن عبر جينومنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة