إعلان الوثيقة الثورية رقم (صفر فاصلة صفر صفر واحد) لكل الاصدقاء وصعاليك الزمن الجميل#
يا سادتي الكرام، يا من تضيئون ظلامنا بوجودكم… نحن في أمسّ الحاجة إلى أي "كائن حي" يمتلك ولو شهيقًا يوحي بالثورية، حتى لو كان مصابًا بالربو المزمن. لنقم برميه في المجتمع —على طريقة "رمية البلاي ستيشن" القديمة عسى ولعل أن تتكرم علينا السماء وتزرع "الوعي" في عقول هذه الأمة المجهدة، تمامًا كما ينمو نبات العُشر السام في موسم الخريف… لكي يجد كل محتال نفسه فجأة أمام شعب "مصحصح جدًا"، لا تخدعه لا بيرة الرخوة، ولا سياسي يتقن فنون النصب العتيقة، ولا شيخ طريقة مهووس بجمع الأموال لنفسه.
لكن بالله عليكم، انظروا إلى هذه الكائنات الطلابية المعاصرة… أسئلتهم المُلهمة تجعلك تشكّ في حصولك على شهادة ميلاد: “يا بروفيسور، هل كان "العرقي" هو المشروب الرسمي لثوار الثمانينات؟ هل كانت رقصاتكم "خالية من الكحول"؟ وهل كنتم "تتأملون الصقرية" بحق؟ وهل كانت العلاقات خارج الإطار الشرعي مُتاحة "هكذا بدون تعقيدات"؟” يا أولادي الأعزاء، وعيكم يشبه خدمة الواي فاي المجانية في مقهى خاسر… اتصال متقطع، وفصل متكرر، وفي النهاية لا فائدة تُرجى!
يومًا نجدهم فلاسفة النقد الراديكاليين، وفي اليوم التالي يرتدون عباءة الصوفية الزاهدة، نهارهم كله "تسبيح، وهدوء، وخشوع مُصطنع"… أما ليلهم، فيا سلام: خمر، ومقامرة، وشعار "نحن مفكرون (مفكّرون) مستقلون"! يا إلهي هل أنتم حقًا مفكّرون (بضم الميم)؟ أم مجرد أناس يُطلق عليهم اسم مفكرين (بفتح الكاف المشددة)؟ الفرق شاسع… كبعد السماء عن الأرض.
ثم تأتون لتسألونني عن علاقة الشعب بالحكومة؟ علاقة يا أحبائي تنتهي بخلاصة: الحكومة ترى الشعب مجرد "طفل قاصر"، والشعب يرى الحكومة مجرد "طاغية قاهر"… وبين هذا وذاك، تجد من يقدم بلاغًا في حق زميله ومن يتجسس على جاره، والبلاد كلها تسير وفق المنطق الذهبي: "راقب هذا الشخص… لعل وعسى تجد فيه أي شيء يمكن استخدامه ضده."
ويا لسعادة "أولاد الطرق الدينية"، و"زعماء الأحزاب العاجزين"، و"الزوجة المظلومة التي تتلقى التعليمات"… كلهم تحت أقدام القوى الكبرى، يتم سحقهم كالـكورن فليكس المغموس بالحليب! وبعد هذا، ما زلتم تطلقون على أنفسكم "ثوار"؟ يا إلهي، هل هم حقًا ثوار؟ أم مجرد دلالين (وسطاء) في سوق التغيير؟
رسالة للمنكسرين: أيها المنكسرون… أيها الهاربون من قسوة الحرب إلى "منافي الشوكولاتة والكونياك"… \تفضلوا بالانصراف مشكورين. "العزّة" (يقصد الوطن) أنجبت جيلاً جديدًا، أكثر نظافة من ألسنتكم التي تتقن فن اللف والدوران، وأكثر شجاعة من صدوركم المليئة بالخواء، هؤلاء هم الجيل الذي لا يستمع لأحد فوقه إلا صوت التكييف البارد… ويحب الوطن أكثر من حبكم للـبثوث التلفزيونية المُملة. أنتم؟ بمجرد أن تبدأ الثورة بالجدية، تتحولون إلى فيسبوكيين محترفين، وتطلقون الحكمة الأزلية: “آه، يا جماعة فشلنا… هذه البلاد لا تنفع على الإطلاق.” بينما العلماء جربوا آلاف المرات لاكتشاف لمبة كهربائية واحدة… وأنتم لم تستطيعوا اكتشاف أسباب فشلكم الذاتي ولو لمرة واحدة. لكن بالرغم من كل هذا "الواقع المشرق"… لا يزال هناك "قليلون جدًا" صامدون، ثباتهم يشبه صبة الخرسانة المصابة بالهشاشة، وعزمهم يشق "جبل مرة" إلى نصفين (في الأحلام). هؤلاء هم الباقون، هؤلاء هم الذين بداخلهم نار ثورة "أوشكت على الانطفاء" مهما استمر الزمن في التباطؤ أما "الشباب"؟ يا أخي، هؤلاء هم "الطاقة النووية المُخزّنة"! هؤلاء من سيفككون هذا البلد ويعيدون تركيبه من جديد مع نسيان مسمار أو اثنين بالخطأ. أما شيوخ السياسة؟ ما زالوا يلوحون بالراية وكأنها ورقة كوتشينة في يد راقص متردد… لا يعرفون كيف يحفظونها، ولا كيف يسلمونها لمن هو أهل لها. يا أيها الكبار (شكرًا على كل شيء)… دعوا الشباب يتقدمون للأمام، كونوا لهم مجرد "مرشدين" على جوجل مابز… لا حراس بوابة يحملون عصي غليظة امنحوهم فرصة لارتكاب الأخطاء العبقرية، والتعلم، وربما "اختراع" شيء، و"بناء" شيء آخر… فالبلاد، وبكل تواضع، تعبت من عمليات الترقيع المتكررة التي لا تجدي نفعًا
وأقولها لكم بوضوح صادق كمان الثورة ليست مجرد أغنية رومانسية على شريط تسجيل قديم بعنوان "يا ترى نصدّق؟" وصراع الأجيال هذا، إن لم يتم احتوائه، سيغرق البلاد في بحر من الكوميديا السوداء!
فيا أيها صعاليك الزمن الجميل (المزعوم)، ويا الهاربون الأبديون الذين تستعرضون الشوكولاتة والكونياك في غرف مكيف اتركوا الراية الآن… الشباب قادمون، وليسوا بانتظار إذن من أحد… ربما فقط إذن الوصول إلى الواي فاي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة