(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); يصعب القول إن العقوبات الاقتصادية وتقييد حركة التأشيرات على سودانيين، من قبل الولايات المتحدة أخيرا تعني، وفق رأي محمد أبو الفضل في “الأهرام”، أنها رفعت العصا في وجه قوات الجيش والدعم السريع، ويصعب أيضا فهم دعوة المجتمع الدولي، لفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية والالتزام بالتهدئة وفتح الطريق أمام العملية السياسية على أنه أشبه بجزرة لإغراء الطرفين على وقف إطلاق النار، وإحراجهما أمام الشعب. غابت العصا في صورتها الحاسمة التي تجبر المتصارعين على وقف الحرب، ولم تقدم الولايات المتحدة، أو أي قوة دولية جزرة واحدة تدفعهما للتفكير في العودة إلى الحلول السياسية، وتركت الأوضاع لتتحكم فيها القدرات العسكرية، وما يمكن أن تفضي إليه من تداعيات تحدد من يملك مفاتيح الحل والعقد على الأرض. تفسر هذه المسألة أسباب استمرار الحرب لحوالي خمسين يوما، وتعاملت جهات عديدة مع الطرفين على مستوى واحد، بلا تفرقة بين قوات نظامية وأخرى باتت في توصيف السلطة الحاكمة متمردة عليها، ودخلت المعارك عملية استنزاف طويلة دون أن يعلم المهتمون بها متى تتوقف، أو يتم الإعلان عن إنهاك الطرفين أو أحدهما. في غالبية الصراعات التي نشبت في المنطقة السنوات الماضية ظهرت تهديدات وتدخلات ووساطات، بينما في السودان اختفى كل ذلك تقريبا، باستثناء وساطة وحيدة معلنة من قبل الولايات المتحدة والسعودية أدت إلى إجراء محادثات في جدة بين وفدي الطرفين، تواجهها مطبات قد تؤدي إلى فشلها، ما لم يتم القيام بعملية إنقاذ جادة من جانب دولتي الوساطة، ويبدي وفدا الجيش والدعم السريع مرونة تعيد الحياة لها. يوحي عدم تدخل المجتمع الدولي بجدية كافية في الصراع الجاري في الخرطوم بوجود رغبة في إنهاك طرفيه في حرب تمتد شهورا وربما سنوات، حيث يمكن أن تدخل على خطوطها قوى محلية مختلفة تزيدها اشتعالا. ومع تصاعد حدة القتال في إقليم دارفور مؤخرا، أصبح هذا الخيار قابلا للتحقق، ما يزيد الموقف صعوبة في السيطرة على الحرب داخليا أو خارجيا، ويفتح الباب على سيناريوهات أشد قتامة، أبرزها تعرض وحدة السودان للخطر. ومن طربوا للحرب أو ارتاحوا لتطوراتها أو تركوها بلا حبل إنقاذ حقيقي، قد يندمون، لأن النفق الذي دخلته يجعل عملية الخروج منه غاية في الصعوبة، ومن اعتقدوا أن عدم وجود حدود جغرافية مباشرة لهم مع السودان تبعدهم عن جمراته أخطأوا مرتين. مرة لأن روافد الحرب لن تظل محصورة في السودان وحده، ومجرد خروجها إلى دول مجاورة سوف يهدد مصالح قوى إقليمية ودولية متعددة، ومرة ثانية لأن إفرازاتها من لجوء ونزوح سيخلق مشكلة إنسانية لن تتحملها وحدها الدول المجاورة. ويشير عدم تدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب من خلال سياستي العصا أو الجزرة، إلى أن القوى الرئيسية فيه مختلفة بالدرجة التي لا تمكنها من التوافق حول آليات محددة للتعامل مع الموقف، وأن كلا منها ينتظر الخطوة التالية من الآخر ليحدد هو أين يضع قدميه، فالمشهد الراهن يبدو سرياليا أكثر من اللازم. فهناك إجماع دولي في الحفاظ على مواقف متوازنة أو شبه متوازنة بين الطرفين، حتى العقوبات الرمزية التي أقرتها الإدارة الأمريكية مؤخرا، ساوت بين الجيش والدعم السريع، بصرف النظر عن أيهما قد يتضرر منها أكثر من الثاني، فهذا الأمر تفصيلي ولا يعبر عن استهداف من قبل واشنطن لهما، بل يعكس حيرة وارتباكا وتخبطا أمريكيا، وعدم قدرة على تحديد الفواصل العسكرية والسياسية ووسائل التعامل معها. إذا غابت العصا والجزرة من الطبيعي أن ينتظر السودانيون ما تسفر عنه الأيام المقبلة، وفي يد من سوف يوضع مستقبلهم، فالكثير منهم يعيشون تشويشا بالغا، نخبهم بكل أطيافها، لا تدري الجهة التي يمكن أن تتحكم في مصيرهم، الذي يطغى عليه جنرالات ومرتزقة وميليشيات وحركات مسلحة ومتمردون.
الذي لا تعلمه الصحافة المصرية عن النخب السودانية الكثير لا تهرقوا ونحن نعلم من يكتب هذه المقالات لكي يصنع بطولة لرهط منا تذكروا أننا لنا عقول مثل باقي سكان الارض
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة