مقترح بتضمين العامية الوسطسودانية في الدستور كلغة بدورها رسمية!
المحاولة الجارية هذه الأيام في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية غير مسبوقة ويوجد تقريباً صفر من المراجع حيالها.. وإن وُجِد حديث عن قاموس الكلمات ومصادر تلك الكلمات في العربية أو اللغات السودانية القديمة كالنوبية والبجاوية وبرتا سنار كما اليونانية والتركية والإنجليزية.. فلم يصادفني مطلقاً أي حديث مكتوب عن القواعد وتصاريف الكلام ولا قواعد وتفاعيل الشعر المكتوب بالعامية.. وأظن ذلك كان كذلك لظن منا إن هذا الشئ غير مهم وهو أمر بيَّنا خطله الجسيم حسب هذا التصور في مقالة سابقة.
ولكل ذلك انشد صبر وعون المهتمين منكم حيال مهمة: إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية فهي مهمة ليست سهلة ولو تراءت كذلك. فاللغة أي لغة كائن تصنعه الجماعة عبر التاريخ.. ويظل هذا الكائن يكبر وينمو ويتغير ويتحور وينكمش وربما يموت ويحيا من جديد في إيهاب جديد وهكذا دواليك عبر دورات التاريخ. راجع إن شئت: مبررات أهمية معرفة العامية الوسطسودانية وكيف هي جوهرية (مقالة منشورة الأيام الفائتة).
وملاحظة مهمة في حسباني أن إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية لا يعني وضعها في قالب جامد بل من أجل فهمها موضوعياً وفهم المكتوب بها من نثر وشعر ومعظم أشعار وأرث وفلكلور شعوب السودان مسجل بالعامية الوسطسودانية لا غيرها.
ومن الناحية الأخرى فإن الإحتفاء بالعامية الوسطسودانية ليس خصماً على اللغة الكلاسيكية (الفصيحة) كما قد يتوهم البعض منا فهي أم وهذه إبنة وهما يغذيان بعضهما البعض كل يوم وهو ما يشهد به الواقع المعيش.
كما بذات القدر الإحتفاء بها، ليس خصماً على اللغات والألسن السودانية الأخرى فالعامية الوسطسودانية تحمل في أحشائها عصارة العديد من تلك الألسن واللغات.. فهي العامرة بأكثر ما تكون عليه الفصيحة وهي الجامعة بأكثر ما تكون عليه كل ألسن السودان الأخرى، وهي في البدء أخذت منها ثم أعطتها من عندها وتأثرت بها وأثرت فيها.. فلا تعارض بل انسجام وتلاقي ومصلحة مشتركة.. ولتلك الأسباب جمعا.. فارى ضرورة الاهتمام باستنباط قواعد العامية الوسطسودانية ووضع قاموس شامل لها يستفيد من كل الجهود السابقة (عون الشريف قاسم، مثال).
فعاميتنا هذي شديدة الأهمية وذات خصوصية سودانية واصالة وتاريخ خاص بها. وما تزال تزداد أهمية وكل يوم تتوطد كوسيط تعبيري هام ويتطور كل يوم.. شاركت في صناعته كل شعوب السودان بلا إستثناء.. ومنها أنبثق عربي جوبا (النسخة العامية المنتشرة في دولة جنوب السودان) وبها تأثرت شعوب كثيرة في الأقليم كأثيوبيا وأرتيريا وتشاد.
وتستطيع (العامية الوسطسودانية) أن تكون واحدة من أهم الأشياء التي تجمعنا كسودانيين في وطن يعاني في لحظته التاريخية وتعطينا الشعور بالإنتماء المشترك وتكون مصدر فخر وطني لنا أجمعين .. وقد شارك في صناعتها ونسجها عبر الأزمان معظم أقوام السودان ولو أحتفظ البعض منهم بلغاتهم الأم أو لهجاتهم العامية الخاصة بهم، وتلك اللغات العديدة بدورها شديدة الأهمية وتحتاج الإعتراف الوطني الشامل بها وتحتاج الرعاية.
وإن جاز لي سأقترح تدريس العامية الوسطسودانية وقواعدها الممكنة في مرحلة ما قبل الجامعة.. كما أطمح في أن تضمن كلغة رسمية في الدستور متى ما أصبحت اللحظة مناسبة. فهي سهلة ودقيقة العبارة ولا تنطوي على تعقيدات نحوية وصرفية كثيرة كالفصحى وبالتالي تصلح أيضاً أن تكون لغة الأكاديميا والعلم. (من أعمال مشروع السودان200).
كما أن ظروف السودان الحالية المايلة ومنذ أمد بعيد تحجبنا عن التفكير الإستراتيجي وتجعلنا أسرى للأزمة وبالتالي نقبع في فنجان الراهن بلا رؤية إستراتيجية وتلك دائرة التخلف الحضاري عند كل الأمم المتخلفة ليس وحدنا.. فلا بد من معجزة!
07-17-2022, 09:16 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة