براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في السودان..!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:03 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-01-2022, 00:47 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في السودان..!!

    الإهداء:

    الى..

    دكتور عبد اللــــــه حمدوك ،

    جاء لقيادة بلاده في الفترة الإنتقالية الرابعة بأخلاق النبلاء واصحاب الرؤى الكبيرة الطموحة ..
    واستقال عن الوزارة باخلاق اكثر نبلا واحتراما لشعبه..

    كبر

    (عدل بواسطة Kabar on 06-01-2022, 00:58 AM)







                  

06-01-2022, 00:49 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    براغماتية حمدوك: موت الآيدولوجيا في السودان

    اولا: مدخل
    ثانيا: مقدمة
    ثالثا: : مشهد الآيدولوجيا في السودان
    رابعا: مشهد ثورة ديسمبر والآيدولوجيا
    خامسا: براغماتية حمدوك
    سادسا: موت الآيدولوجيا في السودان
    سابعا: فرص مستقبل الإستقرار السياسي في السودان

    كبر
                  

06-01-2022, 00:52 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    اولا: مدخل:


    ان استقالة رئيس الوزارء الإنتقالي ، دكتور عبد الله حمدوك ، والمقدمة الى الشعب السوداني في الثاني من يناير/كانون ثاني 2022، تدشن عمليا ، وليس نظريا ، نهاية الفترة الإنتقالية الرابعة في تاريخ السودان السياسي. وهذه الإستقالة جاءت باداب جديدة في الممارسة السياسية السودانية مثل تقديم المسئول التنفيذي الأول في الدولة استقالته للشعب مباشرة ، الإستقالة المبنية على استيعاب مشكل التنافر/التناحر السوداني/ السوداني الذي يبرع في صناعة الفشل اكثر من البراعه في صناعة النجاح ، ودور التكالب القاصر الذي لا يستطيع النظر الى ابعد من ارنبة انفه ، و هو التكالب ، الذي يسعى ، دوما ، لتحقيق معنى الإنتصار الزائف وحصره فقط في ازاحة الخصم من المشهد (سواءا باستخدام السلطة السائبة او العنف او الإغتيال) ، والإستقواء بالآيدولوجيا المزيفة ، وهذا الإستقواء غاب على من يركن اليه :أن الثورة التي جاءت بعبد الله حمدوك رئيسا للوزراء في الفترة الإنتقالية ، قد اعلنت موت الآيدولوجيا في السودان منذ ديسمبر 2018.
    ولأننا في السودان لا نملك خصال دراسة الظواهر السياسية والإجتماعية في لحظتها ، كما تعلمنا تكنولوجيا التواصل سريعة التطور ، فان الديدن عندنا هو انتظار مرور سنوات لدراسة الظاهرة ، لنجد انفسنا اننا نعيد كتابة تاريخ الظاهرة بمنطق اللحظة التي نعيش فيها وليس بمنطق لحظة حدوث الظاهرة المعينة.
    في الملاحظات التالية ، نريد ان نكسر تقليد المحافظة والركون الى قوانين التقاليد التي تذهب في ذلك الإتجاه ، وانما نحاول ان نتحدث ونشرح ونحاول ان نفهم الظاهرة في لحظتها.

    كبر
                  

06-01-2022, 00:54 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ثانيا: مقدمة:


    في أغسطس 2019 ، انتهى التفاوض ، بين قوى اعلان ميثاق الحرية والتغيير والمجلس العسكرى الإنتقالي في السودان، الى صياغة اعلان سياسي وبموجب ذلك الإعلان، تمت صياغة وثيقة دستورية لتحكم بموجبها الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان. وقد نصت تلك الوثيقة الدستورية على فترة انتقالية مقدارها (39 شهرا) ، يكون تداول السلطة فيها بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى اعلان ميثاق الحرية والتغيير ممثلا للمكون المدني. صيغة الشراكة السياسية تلك: قبل بها البعض ، تحفظ عليها البعض ، ورفضها البعض الآخر صراحة. وبالرغم من تلك العقبات الأولية ،الإ ان الوثيقة الدستورية ، حددت طبيعة الشراكة بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الإنتقالي ، والذي يفترض حله تلقائيا بموجوب المادة (72) من تلك الوثيقة وذلك بأداء القسم الدستوري من قبل اعضاء السيادة.
    وبناءا على بنود برنامج الحد الأدنى ، المعلن عنه في اعلان ميثاق قوى الحرية والتغيير ، حددت الوثيقة الدستورية لسنة 2019 مهام الفترة الإنتقالية وهياكل السلطة الإنتقالية التي تتكون من مجلس سيادي مشترك (مدنيين وعسكريين ، باغلبية مدنية ) ومجلس وزراء مدني ، ومجلس تشريعي انتقالي وعدد من المفوضيات القومية. وبموجب تلك الترتيبات الدستورية الإنتقالية ، فلقد تم الإتفاق على ان تختار قوى اعلان الحرية والتغيير رئيس وزراء مدني ، يتم التوافق عليه ، ووزراء مدنيين بنفس الصيغة ، على أن يترك للمكون العسكري اختيار وزيري الدفاع والداخلية. بجانب ذلك ، تم الإتفاق على تقاسم فترة رئاسة المجلس السيادي الإنتقالي ، بحيث تكون رئاسته في الجزء الأول من نصيب المكون العسكري ، وان يكون الجزء الثاني برئاسة مدنية.مع الإحتفاظ بمظهر الأغلبية المدنية (ست مدنيين مقابل خمس عسكريين).
    توافقت قوى اعلان ميثاق الحرية والتغيير على اختيار دكتور عبد الله حمدوك ليكون رئيسا لوزراء حكومة الفترة الإنتقالية ، وبموجب ذلك ادى حمدوك اليمين الدستورية للمنصب في اغسطس 2019. الجدير بالذكر هنا ، أن المكون العسكري لا علاقة له بمجلس الوزراء المدني ، تحديدا طريقة اختيار من يعمل فيه ، اللهم الإ اختيار وزيري الدفاع والداخلية ، وبالتالي كان الوضع النموذجي (نظريا) ان تستمر حكومة الفترة الإنتقالية الى نهاية الفترة دون تدخل من المكون العسكري في اختيار رئيسها ووزرائها ، اي ان تكون حكومة مدنية صرفة.وفعلا تم تشكيل مجلس الوزراء (الوزارة الإنتقالية الأولى) على هذا الأساس. ولكن لم يتم تشكيل الهيكل الثالث في سلطة الفترة الإنتقالية ، وهو المجلس التشريعي الإنتقالي ، الذي نصت الوثيقة الدستورية لسنة 2019 ان يتم تشكيله خلال تسعين يوما من التوقيع على الوثيقة الدستورية.
    في اكتوبر 2020 ، تم توقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان ، بين المكون العسكري في الحكومة الإنتقالية وبعض من فصائل الجبهة الثورية ، وذلك في ظل التغاضي عن فصائل مسلحة اخرى مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور. وبموجب تلك الإتفاقية ، تم تشكيل وزارة الفترة الإنتقالية الثانية ، وذلك باستيعاب ما يسمى باطراف العملية السلمية في مجلس السيادة ، مجلس الوزراء والمجلس التشريعي (حال تكوينه). و بموجب تلك الترتيبات الجديدة ، تمت زياده مقاعد المجلس السيادي الإنتقالي لتكون (14) مقعدا ، بدلا عن (11) مقعد ، وذلك باستحداث ثلاثة مقاعد جديده فاقدة الهوية (هل هي عسكرية أم مدنية) لإستيعاب الفصائل الموقعة على اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020.
    في 25 اكتوبر 2021 ، وبالرغم من عدم اكتمال هياكل سلطة الإنتقال ، وذلك بالفشل في تشكيل المجلس التشريعي الإنتقالي والمفوضيات القومية، قام المكون العسكري (وهو شريك في الحكم) بانقلاب على الشرعية الدستورية الإنتقالية وذلك بحل مجلس السيادة ، مجلس الوزراء ، وضع رئيس الوزراء الإنتقالي عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية ، واعتقال عدد من الوزراء وبعض القيادات السياسية في السودان.
    اعاد المكون العسكري تشكيل مجلس السيادة وذلك بابعاد ممثلي المكون المدني من قوى اعلان ميثاق الحرية والتغيير ، الإحتفاظ بممثلي الجبهة الثورية (شركاء السلام) واستبدال المكون المدني بممثلين جدد لا يعرف احد هويتهم السياسية. وفشل المكون العسكري في تنفيذ مزعمه بتكوين حكومة كفاءات مستقلة ليست لها هوية سياسية.
    في 21 نوفمبر 2021 ، وتحت الضغط الداخلي والإقليمي و الدولي ، خرج المكون العسكري بفكرة اتفاق اطاري تم توقيعه بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.وكان الغرض من الإتفاق الإطاري العودة الى استمرار المسار الإنتقالي نحو التحول المدني الديموقراطي بحسب رؤية رئيس الوزراء ، وتصحيح المسار الإنتقالي بحسب رؤية قائد الجيش.
    بيد أن الإتفاق الإطاري لم يحظى بالتأييد من قبل الشارع الثائر والذي يرى أن مجرد التوقيع عليه هو اضفاء شرعية على الإنقلاب العسكري في 25 اكتوبر 2021 ، وايضا رفضت قوى اعلان الحرية والتغيير (الجسم المركزي) وهو المكون الذي جاء بعبد الله حمدوك رئيسا لوزارة الفترة الإنتقالية ، رفضت تلك القوى تأييد الإتفاق الإطاري الموقع في 21 نوفمبر 2021.
    في هذا الإتفاق الإطاري تم اعلان أن مجلس السيادة لن يتدخل في اعمال رئيس الوزراء وان له مطلق الحرية في اتخاذ القرارات التنفيذية المطلوبة وعليه تشكيل وزراة من كفاءات مستقلة. وكانت رؤية رئيس الوزراء المعاد ، عبد الله حمدوك ، ضرورة مشاركة الجميع والإتفاق على تشكيل الحكومة ، الإ ان قوى اعلان الحرية والتغيير (الجسم المركزي) رفضت التعاون مع عبد الله حمدوك في تشكيل حكومة جديدة ، واعتبرت ان الإتفاق الإطاري وأي تعاون معه يعني اضفاء شرعية على الإنقلاب العسكري الذي وقع في 25 اكتوبر 2021. نفس الإتجاه تبنته لجان المقاومة وقيادة الشارع الثائر ، ودعت الى التصعيد ضد الإنقلاب العسكري وفق شعارات محددة وواضحة ، وهي ما عرفت باللااءات الثلاثة: لا شرعية ، لا تفاوض ، لا مشاركة. وخلاصة تلك الشعارات هي ضرورة ابعاد الجيش السوداني من المشهد السياسي في السودان وافساح المجال لحكومة مدنية تقود ما تبقى من فترة الإنتقال نحو التحول المدني الديموقراطي.
    في ظل الإنسداد وعدم التوافق بين القوى السياسية ، والتعنت من قبل العسكر ، والتصعييد من قبل الشارع الثائر ، لم يتمكن عبد الله حمدوك من تشكيل وزراته الإنتقالية الثالثة ، وبالتالي لم يتبقى امامه الإ الإستقالة عن رئاسة مجلس الوزراء ، وهي تلك الإستقالة التي قدمها الى الشعب السوداني في الثاني من يناير 2022 ، مما زاد المشهد السياسي السوداني تعقيدا اكثر.
    استقالة رئيس وزراء الفترة الإنتقالية ، عبد الله حمدوك ، في الثاني من يناير 2022 ، تؤكد فشل النخبة السودانية التي تكرر اخطائها بنفس الخطى.ففي سنة 1958 فشلت النخبة السياسية في بناء الديموقراطية والمحافظة عليها وتطوير دولة المؤسسات الموروثة من المستعمر الإنجليزي ، فقامت تلك النخبة بالإيعاز للجيش باستلام السلطة في 17 نوفمبر 1958 ، وبالتالي تأسيس اول حكم عسكري ديكتاتوري (بعد سنتين من اعلان الإستقلال). نفس الأمر حدث في مايو 1969 ، وفي يونيو 1989 ، والآن في 25 اكتوبر 2021.
    والعامل الأساسي والثابت في كل مراحل وتجارب الفشل هو سيادة الأيدولوجيا الزائفة وخلق اقطاب وهمية متنافرة ومتناحرة على اسس تلك الأيدولوجيا الزائفة.
    ان تكرار فشل النخبة السودانية وعدم التعلم من اخطائها ، يقودنا الى طرح السؤال المركزي: هل السودان يحتاج الى استمرار اشكالية التنافر الأيدولوجي الزائف ، والمجربة منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي في 1956؟ هل يمكن تجاوز هذا التنافر والتناحر الأيدولوجي المتوهم واعلان موت الأيدولوجيا في السودان؟
    للإجابة على هذه الأسئلة المركزية ، سوف نتناول مشهد الأيدلوجيا في السودان منذ الإستفلال في 1956 ، مشهد ثورة ديسمبر 2018 والأيدولوجيا ، براغماتية دكتور عبد الله حمدوك رئيس الفترة الإنتقالية المستقيل ، وافاق مستقبل الإستقرار السياسي في السودان.

    كبر
                  

06-01-2022, 01:54 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ثالثا: مشهد الأيدولوجيا في السودان منذ 1956:


    ظهرت الأيدولوجيا ، بصورة طاغية ، في المشهد السوداني ، ابان السنوات الأخيرة لحكومة المستعمر الإنجليزي في فترة الإعداد لنيل الإستقلال. وكان حقل الأيدولوجيا الأول ليس كيفية بناء دولة المؤسسات والمواطنة والقانون والحقوق والواجبات ، وانما كان مركز الحقل الزائف هو كيفية تعريف هوية الدولة السودانية الوليدة. فلقد ظهر مبكرا تياران تباريا في محاولة تكييف هوية الدولة السودانية: تيار يسعى لتعريف السودان كدولة عربية اسلامية (وهو مركز الإسلاموعروبية في السودان) ، ويتجاهل هذا التيار واقع التنوع الإثني والثقافي واللغوي والديني في السودان.
    وتيار ثاني ينادي بتعريف هوية الدولة على اساس انها دولة سودانية تستوعب الجميع دون تمييز أو سيادة ثقافة على الثقافات السودانية الأخرى ، ودون تمييز لغة ، عرق ، دين على اخر. وان تكون الدولة هي دولة مؤسسات ومواطنة واحترام القانون و تحترم الجميع.
    هذا التنافر الأيدولوجي الحاد ، ادى الى توليد حالة القطبية التي تميزت بالثنائية الزائفة في مشهد الأيدولوجيا في السودان. فاصبح الشغل الشاغل للمفكرين والسياسيين في السودان هو الإنطلاق من نقطة البداية الخاطئة واثارة جدل حول (العروبة مقابل الأفريقانية) ، (الإسلام مقابل الديانات السودانية الأخرى ) ، (اللغة العربية مقابل اللغات السودانية الأخرى)، (المركز مقابل الهامش).
    بيد أن التنافر والتناحر الأيدولوجي الزائف في السودان لم يتوقف على مستوى النقاشات والدراسات الفكرية ، وانما صار واقعا يساهم في وضع السياسات العامة والبرامج والإدارة.
    وهذه الوضعية (وضعية التنافر الأيدولوجي) كرسّت لسيادة تيار العروبة والإسلام (الإسلاموعروبية) في السودان ، بالرغم من مقاومة التيار الآخر. تلك السيادة الإيدلوجية الزائفة تيسرت وفق ظروف موضوعية كوراثة دولة المستعمر مثلا ، بالرغم من ان تيار الإسلاموعروبية في السودان ، يعج في داخله بالتناقضات (الحقيقية والمزيفة) والإختلافات (الحقيقية والمزيفة). لذلك ، كثيرا ما تجنح نخبة هذا التيار المدنية ، الى التعاون مع العسكر في تصفية الخصومات البينية ، وهي خصومات مزيفة في كل تجلياتها.
    في مقال لدكتور فرنسيس دينق [1] ، نشر في سنة 2007 عبر معهد ماستيوشس للتكنولوجيا ، وبعنوان (السودان في مفترق طرق) ، وفي تعليقه على دور المجتمع الدولي للتدخل في دارفور ، شّخص دينق النزاعات في السودان بقوله: ( ان النزاعات في السودان تشير الى أمة تعاني الألام في البحث عن ذاتها ، وطموحاتها للتحرر من العنصرية التاريخية التي تقوم على العرق ، الإثنية ، الدين ، والثقافة. لذلك تحتم الضرورة وجود آلية مركبة تجاوز ما بين الدعم الإنساني والحلول التي تسعى لعلاج كارثة الهوية القومية ومخاطبة تمظهراتها وتعقيداتها ).
    ولشرح عملية التحول الجذري في السودان ، يرى دكتور دينق (في نفس المقال) أن اشكالية الهوية في السودان تظهر في ثنائية معيقة للتقدم والتنمية ، وتحتاج نظام حوكمة يضع الإطار للمعالجة ومحو الحدود بين الأقطاب المتنافرة. وبحسب قول دينق: ( القطب الأول في مشكلة الهوية السودانية الوعي بالذات ، الذي يقوم على اساس العرق والثقافة مما خلق مجموعة اثنية تعي ذاتها كعرب. ويتفرع من ذلك فرض تصور للهوية يقوم على الهوية العربية الإسلامية ، وبالتالي تحديد الإطار العام على الهوية القومية وفق ذلك).وفي مقابل هذا القطب ، يوجد قطب اخر ، بحسب دينق (رؤية السودان الجديد التي تتبناها الحركة الشعبية وهي الرؤية التي تقوم على خلق تحول جذري في السودان يتخلص من أي عنصرية تقوم على العرق ، الإثنية ، الدين ، الثقافة ، النوع "الجندر" ). ويذهب دكتور دينق الى ان رؤية الحركة الشعبية (السودان الجديد) تم تسويفها وتشويهها من قبل الخصوم بزعم انها رؤية غير واقعية ، في اقصى تجلياتها ستقود الى فرض الأفريقانية في السودان ومنها العمل على محو العروبة والإسلام في السودان.
    وتوصيف دكتور فرنسيس دينق لأسباب النزاعات في السودان ، والتي قادت الى الحروب الأهلية وتقسيم السودان ، هو تشخيص واقعي لإشكالية صراع الأيدولوجيات في السودان وزيفه الذي تميز بافتراض الثنائية الإعتباطية وغير الواقعية مثل ثنائية الدين (اسلام ولا اسلام) ، وثنائية الأثنية (عروبة وافريقانية) ، وثنائية الثقافة (مركز وهامش). والإعتباطية نراها واضحة في واقعة تقسيم السودان الى دولتين : دولة السودان ودولة جنوب السودان. فالسودان ، الذي تزعم نخبته على وضع اولوية ايدولوجيا (الدين ، اللغة ، الثقافة ، والعروبة) لم يتمكن من احداث الإستقرار السياسي والإجتماعي والتنموي الذي يقود الى بناء دولة المؤسسات والمواطنة والقانون. ودولة جنوب السودان ، التي تزعم نخبتها على وضع اولوية ايدولوجيا الأفريقانية والعلمانية ، لم تتمكن هي الأخرى من خلق الإستقرار وبناء دولة المؤسسات والمواطنة والقانون.
    كل هذا المشهد (مشهد الأيدولوجيا في السودان) المرتبك ، يضعنا امام سؤال مركزي : هل تبني الأيدولوجيا وخلق القطبية الزائفة المحتقنة بصورة حادة ، يصلح لمقاربة مشكل بناء الدولة في السودان؟ ويتفرع من ذلك: هل السودان الآن (2022) يحتاج الى الديموقراطية ام الى زعيم قوى؟

    كبر
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت


    [1] :
    Francis M.Deng: Sudan at Cross Roads
    https://www.files.ethz.ch/isn/32087/07-05%20Sudan_Crossroads.pdfhttps://www.files.ethz.ch/isn/32087/07-05%20Sudan_Crossroads.pdf


                  

06-01-2022, 08:01 AM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    الاديب الاريب الحبيب كبر .. تحياتي يا جميل
    كما عهدناك .. قراءة الواقع بدقة وبأسلوب فريد
    واصل هذا الابداع

    تحياتي
                  

06-01-2022, 10:55 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    Quote:
    الاديب الاريب الحبيب كبر .. تحياتي يا جميل
    كما عهدناك .. قراءة الواقع بدقة وبأسلوب فريد
    واصل هذا الابداع

    تحياتي



    ول ابا علي عبد الوهاب..حبابك يا صديقي..
    كتر خيرك على المرور والمطايبة..
    وربنا يقدرنا نواصل ونقدم المفيد..
    تحياتي
    كبر
                  

06-01-2022, 10:59 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    رابعا: مشهد ثورة ديسمبر 2018 والأيدولوجيا:


    قاد التنافر والتناحر في مشهد التنافر/التناحر الأيدولوجي المزيف في السودان الى اندلاع الحرب الثانية في جنوب السودان (مايو 1983) بقيادة الحركة الشعبية التي تبنت مشروع السودان الجديد ، الذي يتبني علمانية الدولة مدخلا لإدارة التنوع في السودان.
    في يونيو 1989 ادى التناقض والتنافر داخل تيار الإسلاموعروبية الى انقلاب الجبهة الإسلامية ، والتي تبنت ايدولوجيا لبناء دولة اسلامية عربية لا تعترف بالتنوع في السودان.
    بعد وقوع الإنقلاب (1989) اخذت القوى السياسية الأخرى (والتي هي جزء من تيار الإسلاموعروبية) في تنظيم معارضة للنظام الإسلامي الإنقلابي ، وكونت التجمع الوطني الديموقراطي المعارض ، ورفعت تلك القوى شعار (ثورة شعبية محمية بالسلاح). وظلت المعارضة (مسلحة وسلمية) مستمرة لسنوات عديدة دون أن تتمكن من هزيمة نظام الجبهة الإسلامية الإنقلابي.
    في سنة 2005 تم توقيع اتفاقية السلام الشامل بين حكومة الإنقلاب الإسلامي والحركة الشعبية لتحرير السودان ، وبموجب هذه الإتفاقية نال الجنوب حق تقرير المصير. أما باقي القوى السياسية الأخرى ، ظل البعض في موقفه المعارض للنظام ، والبعض الآخر جنح للتساكن مع النظام عبر تقاسم محدود للسلطة.
    الشاهد ، في عهد حكم الإنقلاب الإسلامي ، أن شهدت القوى السياسية السودانية (احزاب وحركات مسلحة) كثير من الإنقسامات الداخلية التي طالت الحزب الشيوعي ، حزب الأمة القومي ، الحزب الإتحادي الديموقراطي ، الجبهة الإسلامية القومية ، الحركة الشعبية لتحرير السودان ، حزب البعث العربي الإشتراكي (قطر السودان) ، حركة تحرير السودان (دارفور) وحركة العدل والمساواة السودانية. بجانب ظاهرة التشظي في القوى السياسية (مدنية ومسلحة) ، كانت هناك ظاهرة تسرب العضوية الحزبية المنظمة من احزابها وضعف عملية استقطاب عضوية جديدة.
    تلك الوضعية المأزومة في المشهد السياسي والأيدولوجي في السودان ، ادت الى عزوف الأجيال الجديدة عن دعم الأحزاب وغيرها من قوى سودانية.وبالتالي تنامت حالة من فقدان الثقة بين تلك الأجيال الجديدة ومتوسطي العمر والأحزاب السودانية. وكان النقد الموجه ، دوما ، للأحزاب السودانية التأريخية انها اضاعت ثورتي اكتوبر 1964 وابريل 1985، مما افقد السودان فرصه نحو الديموقراطية وصيرورة التداول السلمي للسلطة وبناء وتطوير الإستقرار السياسي والإجتماعي والتنموي في السودان. لذلك ، لم تنجح المعارضة السودانية (مدنية ومسلحة) في اقناع الجماهير للإنحياز لبرامجها وخططها لمعارضة النظام الإنقلابي سواءا كانت سلمية ام مسلحة.وظلت غالبية الشعب السوداني تتجاهل دعوات المعارضة المستمرة للإنتفاض والثورة من اجل اسقاط النظام الإسلامي الإنقلابي.
    في سبتمبر 2013 ، بعد سنتين من استقلال جنوب السودان وعشر سنوات من اندلاع الحرب في دارفور ، قامت انتفاضة قادها الشباب السوداني في الخرطوم دون تحديد رايات سياسية حزبية واضحة.ومارس النظام الإسلامي الإنقلابي هوايته المعهودة في القمع ، وقام بانتهاكات لحقوق الإنسان بصورة واسعة مما ادى الى اغتيال مئتين من ضحايا الإحتجاج.
    استخدام العنف المفرط في قمع انتفاضة سبتمبر 2013 لم يثني الأجيال الشابة من الإستمرار في مقاومة النظام الإسلامي الإنقلابي ، فظهرت فكرة تأسيس وتكوين لجان مقاومة تبدأ باعداد قليلة (3-5) افراد ، وتنشط في الأحياء وتتوسع دائرة النشاط لتشمل جميع المحليات الإدارية في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن سودانية اخرى. والشاهد أن غالبية عضوية هذه اللجان عبارة عن شبكات تطوعية لا علاقة لها بجهات تنظيمية (احزاب ، منظمات مجتمع مدني ، حركات مسلحة..الخ). واستغلت تلك اللجان الوليدة منجزات ثورة تكنولوجيا التواصل ، واستخدمت في عمليات التشكبيك والتنسيق ادوات مثل (التلفونات الذكية ، الصحافة الإلكترونية ، مواقع التواصل الإجتماعي..الخ). وبهذه الأدوات البسيطة تمكنت تلك اللجان من تجييش اعداد كبيرة من الشباب ، والهدف الأول والأوحد هو مقاومة تظام الجبهة الإسلامية الإنقلابي ، والعمل على اسقاطه وبناء تحول مدني ديموقراطي في السودان.

    كبر
                  

06-01-2022, 11:01 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    في ديسمبر 2018 ، تصاعدت مواجهة النظام الإسلامي الإنقلابي ، وكانت البداية من بعض مدن الأقاليم (الدمازين ، نيالا ، بورتسودان ، القضارف ، عطبرة ) بالتزامن مع حراك متنامي في العاصمة السودانية الخرطوم.واستمرت الإحتجاجات والمظاهرات تحت قيادة لجان المقاومة التي لم تظهر على السطح ، مما اكسبها فعالية في التشبيك و التنسيق والحشد وتحريك الشارع. وكان الجامع في كل الحراك الثوري رفض قيادة الأحزاب السياسية للشارع الثائر ، وذلك لمسألة فقدان الثقة التي تطرقنا لها سابقا.
    في ظل هذا الوضع ، وضع الشارع الثائر ، ظهر تجمع المهنيين ، وهي فكرة قديمة في تاريخ السودان ظهرت في ثورة اكتوبر 1964 باسم جبهة الهيئات. وفكرة تجمع المهنيين هي استجابة لرؤية الشارع التي تقوم على فقدان الثقة في الأحزاب السياسية. تمكن تجمع المهنيين من ايجاد ارضية القبول في الشارع الثائر ، وبالتالي تصدى للمساعدة في قيادة الشارع والتنسيق مع لجان المقاومة الموجودة اصلا في قيادة الشارع. هذه الوضعية وجدت القبول من الأجيال الجديدة ، لعدة اسباب منها استيعاب تجمع المهنيين لطريقة تفكير الأجيال الجديدة ، وذكائها في استغلال ادوات التواصل في التشبيك والتنسيق. اضافة لإستيعاب التجمع مسألة الغضب والنقد الصارخ لسلوك القوى السياسية من قبل الأجيال الجديدة.
    أما القوى السياسية المتشظية (جبهة ثورية ، نداء السودان ، قوى اجماع وطني ، احزاب توالي..الخ) اكتشفت ان موقعها في وضع المتفرج سيجعلها تخسر كثيرا في المستقبل (أي بعد سقوط النظام الإسلامي الإنقلابي).
    في يناير 2019 تم الإعلان عن تكوين تحالف قوى الحرية والتغيير ، والذي قام بصياغة برنامج سياسي ، يقوم على الحد الأدنى لكيفية ادارة الفترة الإنتقالية بعد سقوط النظام الإسلامي الإنقلابي. وحتى تلك اللحظة ، كانت اصوات الأجيال الجديدة (عماد الحراك الأساسي) تشعر بالضيق من تدخل القوى السياسية ، لأن الشارع رفض قيام القوى السياسية لقيادة الشارع ، مما جعل هذا الشارع يثق الى حد ما في تجمع المهنيين والإنخراط خلف قيادة تجمع المهنيين للحراك. فغالبية القوى الشبابية (في الشارع) اعلنت اكثر من مرة عدم ثقتها في الأحزاب السياسية السودانية ورفضها بكل مشاربها.
    في 11 ابريل 2019 تم الإعلان عن سقوط راس النظام (عمر البشير) ، واعتلى وزير دفاعه ابنعوف رئاسة الإنقلاب. الإ ان الشارع الثائر لم يكن على استعداد للتجاوب مع اجراء ابنعوف وطالب بذهابه فورا.ومع الضغط المتنامي ، قدم ابنعوف استقالته ، وتكون مجلس عسكري انتقالي بقيادة عبد الفتاح البرهان. وحتى هذا الإجراء الثاني لم يلبي طموحات الشارع ولجان المقاومة وتجمع المهنيين وقوى اعلان الحرية والتغيير ، واستمر التصعيد والذي بلغ ذروته في اعتصام القيادة المعروف.
    المفاوضات بين المكونين العسكري والمدني ، استجابت ،الى حد ما ، لضغط الشارع الثائر. وهو الضغط الذي تبناه تجمع المهنيين بالمناداة لتشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط الذين لا ينتمون لأحزاب سياسية أو ليست لديهم توجهات حزبية صارخة.
    توافقت الأطراف المتفاوضة (مدنيين وعسكر) على اختيار دكتور عبد الله حمدوك لرئاسة مجلس وزراء الفترة الإنتقالية ، ولم تعترض لجان المقاومة على هذا الإختيار ، ورحبت به.
    بيد أن القوى السياسية المدنية لم تلتزم بمبدأ الحياد واصرت على المشاركة في الحكومة الإنتقالية عن طريق المحاصصه وتقسيم الحقائب الوزارية فيما بينها.
    اكثر من مسألة المشاركة والمحاصصة في الحكومة الإنتقالية ، عادت النخبة السياسية والمدنية الى ممارسة عاداتها القديمة وتكرار اخطائها. فظهرت بوادر التنافر والتناحر في شق صف تجمع المهنيين ، ليكون اكثر من جسم يحمل نفس الإسم (تجمع المهنيين).ايضا ظهرت بوادر الخلاف والإنشقاق في تحالف قوى الحرية والتغيير. فظهر تيارين متعارضين في التحالف: تيار يرى ان تكون ادراة التحالف افقية ، وتيار اخر يرى ان تكون ادارة التحالف رأسية بحيث يكون هناك جسم مركزي تكون المشاركة فيه بتمثيل المكونات وفقا للثقل الجماهيري في انتخابات 1986 (موقف حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي) ، وان يكون للتحالف مكتب تنفيذي برئاسة معروفة. في نفس الوقت بدأت الجبهة الثورية في الإنسحاب من تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير بغية خلق وضعية جديدة عبر التفاوض المنفصل مع الحكومة الإنتقالية ، لذلك لم تشارك الجبهة الثورية في الوزارة الإنتقالية الأولى.


    كبر
                  

06-01-2022, 11:02 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    في ظل هذا التشظي ، اعلنت كتلة نداء السودان بقيادة حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي ، تجميد عضويتها في تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير، ثم لاحقا اعلن الحزب الشيوعي (كتلة قوى الإجماع الوطني) انسحابه من التحالف.
    كل تلك التطورات ، ولجان المقاومة تراقب المشهد وتقود بعض الحراك المحدود للتأكيد على انها تحرس ثورتها.
    ظهرت بوادر عديدة لإحتواء لجان المقاومة ومحاولة تسيسها ، أو على الأقل أن تكون في قيادتها عناصر من الأحزاب السياسية.ولكن ، الشاهد أن احتفظت لجان المقاومة بطابعها الأفقي ، واصبحت تطور نفسها كوحدات مستقلة يجمع بينها الهدف ، الوسائل ، والتنسيق.
    لقد استوعبت لجان المقاومة السودانية الدروس التأريخية المتمثلة في اخطاء النخبة السودانية التي اضاعت ثورة اكتوبر 1964 وثورة ابريل 1985 لذلك عملت على تحقيق هدفين:
    اولا: حراسة ثورة ديسمبر 2018 من أن تضيع بفعل النخبة السياسية التي تتميز بالقدرة على ارتكاب نفس الأخطاء دون مراجعة ، وفي نفس الوقت تعمل اللجان على الضغط في اتجاه تحقيق اهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
    ثانيا: احتفظت لجان المقاومة بقدرتها التنظيمية والتنسيقية والإستقلالية كوحدات ، وتكوين لجان على مستوى السودان بتمثيل يبدأ من اصغر وحدة تجمع بشري (حي ، قرية ، الخ) ، ثم المدينة ، ثم المحلية ، ثم الولاية ، ثم المستوى القومي .
    وبالرغم من وعود النخبة السياسية بمشاركة لجان المقاومة بتثميل في المجلس التشريعي الإنتقالي او بالمشاركة في مستويات الحكم الإنتقالي ، الإ ان كل ذلك لم يحدث ، وظلت اللجان في موضع المراقب لأداء الحكومة الإنتقالية بصورة غير رسمية.
    في 30 سبتمبر 2021 أعلن الجيش السوداني عن احباط محاولة انقلابية بقيادة الضابط بكراوي (وهي المحاولة الثالثة في الفترة الإنتقالية حتى ذلك التأريخ) ، وهنا ظهر وجه التطور التنظيمي والتنسيقي في لجان المقاومة السودانية ، وقامت بتنظيم مسيرات عديدة ترفض وتحذر من الإنقلاب على مسيرة التحول المدني الديموقراطي في السودان. بيد أن القوى السياسية قامت بخذلان لجان المقاومة ، وذلك بدخول تلك القوى السياسية في مناكفات وتناحرات عديدة دون مبررات حقيقية ، وانقسمت قوى الحرية والتغيير الى (الجسم المركزي) و (الميثاق الوطني) ، واخذت هذى القوى تتبارى في كيل الإتهامات الى بعضها البعض. وذهبت قوى (الميثاق الوطني) شوطا ابعد واخذت تطالب بحل الحكومة الإنتقالية الثالثة ، وبعضها اخذ في تحريض المكون العسكري في مجلس السيادة على الإنقلاب المباشر على مسيرة الإنتقال نحو التحول المدني الديموقراطي ، وذلك بقطع الطريق على فرصة المكون المدني في مجلس السيادة لرئاسة المجلس في دورته الثانية. وتلك القوى (الميثاق الوطني) عمادها الحركات المسلحة في الجبهة الثورية التي انشقت عن تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير في 2019 طلبا للتفاوض المنفصل ، الذي افرز (لاحقا) ما عرف باطراف العملية السلمية وفقا لإتفاقية جوبا لسلام السودان 2020.
    في 25 اكتوبر 2021 ، قام المكون العسكري في مجلس السيادة بالإنقلاب على الفترة الإنتقالية قبل أن تنتهي ، قاطعا الطريق على رئاسة المكون المدني لمجلس السيادة وفق الترتيبات الدستورية الإنتقالية.وهنا ظهرت لجان المقاومة السودانية بقوة واخذت في تحريك الشارع مناهضة للإنقلاب العسكري والمطالبة بابعاد الجيش من المشهد السياسي في السودان ، وفي نفس الوقت المناداة بابتعاد القوى السياسية (احزاب ، حركات مسلحة..الخ) من الحكومة الإنتقالية وتكوين حكومة تكنوقراط مستقلة تواصل التأسيس وقيادة الدولة الى انتخابات حرة ونزيهة.


    كبر
                  

06-01-2022, 11:50 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    ول أبا كبر،
    سلامات ..

    قراءة صميمة .. منتظرين إجابة هذا السؤال ..
    Quote: هل تبني الأيدولوجيا وخلق القطبية الزائفة المحتقنة بصورة حادة ، يصلح لمقاربة مشكل بناء الدولة في السودان؟ ويتفرع من ذلك: هل السودان الآن (2022) يحتاج الى الديموقراطية ام الى زعيم قوى؟


    أطلع الفيديو التالي ..



    بريمة
                  

06-02-2022, 00:03 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Biraima M Adam)


    ول أبا كبر،
    سلامات ..

    قراءة صميمة .. منتظرين إجابة هذا السؤال ..


    ول ابا بريمة..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على المرور هنا..
    وشكرا على الفيديو للمتحدث غسان ، ونتفق معه في كثير ومن رؤاه..ولقد اثرنا قبل سنوات ، وحتى الآن ان التمحور حول جدل الهوية هو اهدار للطاقة وخلق بؤر مزيفة تشغل الناس.
    بعد بداية نشري لهذه المادة ، ارسلت بعض التسجيلات ، ومنها تسجيل بعنوان (اعادة النظر في الهوية والأيدولوجيا الزايفة) وفيه مقتبس من المنشور هنا ، وسوف اواصل في هذه الفكرة كثيمة منفصلة في مقبل الأيام لو ربنا حيانا.
    بالنسبة للسؤال ، فهذه الدراسة أو المقال طويلة نسبيا ، وفيها الإجابة على هذا السؤال..والنشر المتسلسل املته ظروف الوقت بالنسبة لي ، وايضا ظرف ان نمنح القارئ فرصة للمتابعة.
    تحياتي
    كبر
                  

06-02-2022, 00:17 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    خامسا: دكتور عبد الله حمدوك في المشهد السياسي السوداني:

    في سبتمبر 2018 ، ظهر اسم دكتور عبد الله حمدوك في المشهد السياسي السوداني ، وذلك حينما حاول نظام الإنقاذ البائد الإستعانة به لمنصب وزير المالية وفق اخر تشكيل وزاري لذلك النظام. بيد أن حمدوك اعتذر عن المشاركة في تلك الحكومة. تلك الواقعة (واقعة الإعتذار عن منصب وزير المالية) جعلت من حظوظ عبد الله حمدوك هي الأوفر في قيادة حكومة الفترة الإنتقالية ، لذلك حينما تم طرح اسم حمدوك ليكون رئيس وزراء الفترة الإنتقالية ، حدث توافق سوداني نادر حول الرجل ، وبموجب هذا التوافق ادى حمدوك اليمين الدستورية كأول رئيس وزراء مدني لحكومة الفترة الإنتقالية.
    جاء حمدوك لرئاسة الفترة الإنتقالية بخبرة طويلة ، فاخر منصب دولي شغله حمدوك ، هو أنه كان الأمين للجنة الإقتصادية لأفريقيا وهي منظمة تتبع للأمم المتحدة.اضافة لذلك كانت له مساهمات ملحوظه في بعض الدول الأفريقية فيما يتعلق بالإقتصاد ونظم الحوكمة الرشيدة واثرها في تأسيس الديموقراطية.
    والسؤال: أي نوع من القيادة هو دكتور عبد الله حمدوك؟ هل كانت له رؤية لإدارة الفترة الإنتقالية بصورة ناجحة تفضى الى التحول الديموقراطي المدني في السودان؟

    في كتابه القيم [2] ، وعنوانه (خرافة الزعيم القوي) ، قام آرشي براون بدراسة نماذج عديدة للقيادة السياسية في بعض بلدان العالم ، وخلص الى تقسيم انواع القيادة السياسية الى اربعة انواع:
    اولا: قيادة اعادة التعريف ،
    ثانيا: القيادة السياسية التحويلية ،
    ثالثا: الثورات والقيادة الثورية ،
    رابعا: القيادة الشمولية والقيادة السلطوية
    في تعريفه لمفهوم (قيادة اعادة التعريف) ، يرى براون انها (قيادة تعمل على مد حدود الممكن في السياسة وتغيير الأجندة السياسية تغييرا جذريا) . ووفقا لهذا التعريف ، فان قادة اعادة التعريف ( يسعون الى نقل المنطقة المركزية لديهم وهم ايضا يسعون الى تغيير طريقة تفكير الناس فيما هو مناسب ومرغوب فيه ، ويعيدون تعريف المركز السياسي بدلا عن مجرد قبول الرؤية التقليدية للمنطقة الوسطى في أي وقت محدد ثم يضعون انفسهم في وسطه تماما). ومثال لهذا النوع من القيادة السياسية ، يضع براون نموذج الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين دي روزفلت صاحب رؤية العقد الجديد
    New Deal
    ونموذج الرئيس الأمريكي السابق ليندون جونسون ، صاحب الإصلاحات والتشريعات المدنية في برنامجه (المجتمع العظيم)
    Great Society
    وفيما يتعلق بمفهوم (القيادة السياسية التحويلية) ، يرى بروان أن القادة التحويليين هم (القادة النادرين الذين يحدثون فرقا كبيرا). فالقائد التحويلي هو من يكون له دور حاسم في تغيير المنظومة الإقتصادية أو النظام السياسي في بلاده ، وعادة ما يكون قائد التحويل في المراحل الإنتقالية.
    بالرغم من ان دكتور عبد الله حمدوك ، تصدى لقيادة الوزراة في الفترة الإنتقالية الرابعة في تاريخ السودان السياسي ، الإ ان ذلك لا يجعله في تصنيف براون عن (القيادة التحويلية ، التي تحدث في فترات الإنتقال) . فعبد الله حمدوك ، كان يعمل وفق ظروف و معطيات سياسية واجتماعية واقتصادية واقليمية ودولية ، معقدة للغاية. اضافة لكل ذلك ، فان المشهد السياسي السوداني ، ظل في حالة لا استقرار منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي في سنة 1956 ، مشهد لم يحظى بالإستقرار الذي يمكن لرؤية معينة أن تأخذ حظها وشوطها الطبيعي في التطبيق ، النتائج ، ثم المساءلة والمحاكمة.
    صحيح ، أن عبد الله حمدوك ، كان يعمل وفق معطيات واقع معقدة للغاية ، سواءا على المستوى المحلي ، الذي تميز بهشاشة بناء النخبة السياسية السودانية التي ظلت تقاتل نظام الإنقاذ البائد لأجيال عديدة دون التحسب والإستعداد لممارسة دورها في قيادة الدولة والحكومة ، على الأقل في الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان، وعلى المستوى الإقليمي الذي برزت فيه قوى اقليمية لا تهمها مصالح سوى مصالحها الخاصة مثل الحفاظ على دور القوات السودانية المقاتلة في التحالف في حرب اليمن ومثل العمل المستمر لإستنزاف موارد السودان مجانا (من قبل الأمارات ومصر) ، وعلى المستوى الدولي ، الذي يسعى البعض منه على السيطرة على القرار السياسي السوداني ، ليس من اجل ما يحفظ مصالح السودان من باب الندية ، وانما بمستوى السيطرة والتبعية.

    كبر
    __________________________________________


    [2] آرشي براون : خرافة الزعيم القوي :القيادة السياسية في العصر الحديث
    نقلته الى العربية: نشوى ماهر كرم اللـه ، دار نشر العبيكان

                  

06-02-2022, 00:19 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    وفق مثل تلك المعطيات ، كان الدور المنوط بعبد الله حمدوك لقيادة الفترة الإنتقالية ، الفترة التي تنصلت فيها النخبة السياسية السودانية (مدنية وعسكرية) عن واجبها في التغيير ، وتركت وقامت بتحميل الأمر ، امر تصحيح اخطأء اكثر من ستين عام من عمر الدولة السودانية ، لفرد واحد اسمه عبد الله حمدوك..!!
    فالرجل ،دكتور عبد الله حمدوك ، كان كاليتيم في موائد اللئام من اهل النخبة السودانية ، كتفوا يديه ورموه في البحر المتلاطم الأمواج، وتركوه وحيدا ، ومن عجب قالوا له: اياك ان تغرق يا حمدوك..!!!
    وخاب ظنهم ، فان رصيد حمدوك ، سواءا ظل في الوزارة ، او ذهب ، كل رصيده هو اجيال المستقبل السوداني ، ما يسمى بلجان المقاومة السودانية ، الفصيل الذي حكم بموت الأيدولوجيا في السودان ، الرصيد الذي سيبني مستقبل السودان ، سواءا في حضور حمدوك أوفي غيابه من المشهد السياسي السوداني..!!
    ظل دكتور عبد الله حمدوك ، رئيس وزراء الفترة الإنتقالية الرابعة في مشهد السودان السياسي ، يكرر عبارة وحيدة (سنعبر)..وهذه العبارة اهم من برنامج أي حزب عاطفي في السودان ، لأن القوى السياسية السودانية ، قوى تكتيكية وليست قوى رؤى. القوى السياسية السودانية تعرف كيف تبدع التكتيكات لمقاومة النظم الشمولية الديكتاتوريه في السودان ، لكن لا تعرف كيف أن تلعب دورها الطبيعي في حالة سقوط الأنظمة الديكتاتورية..والأمثلة واضحة: بعد اكتوبر 1964 ، بعد نظام مايو 1985 ، بعد نظام الإنقاذ 2019.


    كبر
                  

06-03-2022, 01:50 AM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    الأخ كبر
    دراسه نقديه واعيه بأحابيل أسئلة الهوية والأيدلوجيا لجهة إنها أسئلة وعي زائف و سبق أن قدمت ورقة لمركز الدراسات السودانيه في بداية التسعينيات بالقاهرة تحت عنوان ~ سؤال الهوية أم التنمية~ نقداً لإطروحات موتمر الخريجين و أفريقية السودان أم عروبته نزولاً لإرجاء مسألة مناقشة الهوية وأيدلوجية الدولة للمؤتمر الدستوري ! فيا صديقي دي زي حجوة أم ضبيبينه ما عندها نهايه
    خارج النص ~
    أنا دفعة صلاح عبدالله دمباوي والذي إستشهد أمامي بسوق الدلنج إثر مظاهرة خرجنا فيها من معهد الدلنج ضد نظام مايو ! وما زلنا نظاهر ونحتج!
                  

06-03-2022, 11:05 AM

Mahjob Abdalla
<aMahjob Abdalla
تاريخ التسجيل: 10-05-2006
مجموع المشاركات: 8947

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: abdalla elshaikh)

    *
                  

06-07-2022, 02:29 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Mahjob Abdalla)

    ول أبا كبر،
    سلامات .. هنا فلاش باك للأحداث ..




    بريمة


                  

06-07-2022, 06:15 AM

صابر فضل المولي
<aصابر فضل المولي
تاريخ التسجيل: 02-04-2012
مجموع المشاركات: 598

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    ربما أفلاطون وحده يجد مخرجا في كيف يحكم السودان.. واكيد سيفشل ويخرج متابطا دولته الفاضلة
                  

06-07-2022, 07:38 AM

عمر أبوعاقلة
<aعمر أبوعاقلة
تاريخ التسجيل: 04-11-2016
مجموع المشاركات: 1321

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: صابر فضل المولي)

    ول أبا كبر
    حباب الطلة والجيّة وجيدن جيت

    التحليل واع وغني كعادتك وليس بمقدوري التعقيب على مداخله فذاك يفوق مقدراتنا
    لكن أعتقد واحدة من الاشكالات التي تعاقبت على تاريخ السودان الحديث هي عدم الوعي
    الوعي الكامل الذي يساعد في خلق حلول لجدليات مهلكة زي (جدلية الهوية) مثلاً

    يكاد يخلو السودان بكل ثرائه من مواعين تصب في وعي المواطن كيفية المواطنة ، مفهوم الحاكم والمحكوم
    الحقوق والالتزامات، مفهوم الحريات، مفهوم التراب والتنوع الاثني والديني الموجود فيه

    بل أكاد أجزم أنه لا يوجد لدينا مراكز دراسات، أبحاث، استراتيجيات (مستقلة)
    وتعمل بحياد في دراسة التاريخ والواقع السوداني وتساعد بدراساتها وأبحاثها في تقويم ونقد ورفد التجربة السودانية والقائمين على أمر البلاد والعباد

    غياب الوعي الداخلي للإنسان السوداني ، غياب الأيدلوجيات الفكرية والعصف الذهني الذي يولد الأفكار للسياسيين وصناع القرار
    مع عدم وجود مراكز للفكر والاستشارة ونشر الوعي المحايد وسط الاثنيات المختلفة
    كل ذلك في يقيني كان له الأثر الكبير في تعميق مشاكل أم سودان يا قولك.

    مودتي التي تعرف
                  

06-08-2022, 04:16 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: عمر أبوعاقلة)


    ول أبا صابر،

    Quote: ربما أفلاطون وحده يجد مخرجا في كيف يحكم السودان.. واكيد سيفشل ويخرج متابطا دولته الفاضلة
    رهيب

    بريمة
                  

06-09-2022, 07:03 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    كتب عبد الله الشيخ:
    Quote:

    الأخ كبر
    دراسه نقديه واعيه بأحابيل أسئلة الهوية والأيدلوجيا لجهة إنها أسئلة وعي زائف و سبق أن قدمت ورقة لمركز الدراسات السودانيه في بداية التسعينيات بالقاهرة تحت عنوان ~ سؤال الهوية أم التنمية~ نقداً لإطروحات موتمر الخريجين و أفريقية السودان أم عروبته نزولاً لإرجاء مسألة مناقشة الهوية وأيدلوجية الدولة للمؤتمر الدستوري ! فيا صديقي دي زي حجوة أم ضبيبينه ما عندها نهايه
    خارج النص ~
    أنا دفعة صلاح عبدالله دمباوي والذي إستشهد أمامي بسوق الدلنج إثر مظاهرة خرجنا فيها من معهد الدلنج ضد نظام مايو ! وما زلنا نظاهر ونحتج!



    عبد اللــه الشيخ..حبابك يا صديقي
    وكتر خيرك على المرور هنا..

    فعلا يا صديقي هو سؤال مهم للغاية: الهوية ام التنمية..ولكن..!
    النخبة السودانية لم تطور تقاليد فكرية الإ ما يرتبط بصورة بسيطة وبدأئية بالسياسي. فالسياسي دوما هو الأعلى ضجيجا. كثيرا ما كنا نطالب القوى السياسية ان تعمل بنظام حكومات الظل ، أي ان يكون لكل حزب كوادر تبحث في الإقتصاد ، التنمية ، الإصلاح القانوني ، العلاقات الدولية..الخ..ولكنهم ، كلهم بلا استثناء ، يلجأون لتغليب الخطاب الخطأ والبدايات الخطأ..لذلك اهدرنا طاقات وسنين كثيرة دون أن نصل الى نتيجة.
    هذه المساهمة ، هي محاولة لوضع نهج جديد في القراءة للأطروحات والمشاريع التي يمكن ان تقود البلد لبر الأمان. فالآن يا صديقي نريد أن نؤكد أنه ليس بالضرورة أن يكون السياسي هو وحده من يملك حقيقة الإصلاح.

    التحية لروح صلاح دمباوي ، واسرتنا جاءت الى المعهد في بداية الثمانينات وللمصادفة كان منزلنا في نهاية المربوع الذي كان فيه منزل عمنا عبد الله دمباوي..والمعهد واحد من المؤسسات التي لن تتكرر في السودان مرة اخرى..مؤسسة فريدة وجميلة للغاية.
    التعازي لك في رحيل اخونا التشكيلي الطاهر بشرى مراد.
    تحياتي
    كبر

    (عدل بواسطة Kabar on 06-09-2022, 07:06 AM)

                  

06-09-2022, 07:11 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)




    الحبيب محجوب..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على الدعم ورفع البوست..
                  

06-09-2022, 12:57 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    Quote: أي ان يكون لكل حزب كوادر تبحث في الإقتصاد ، التنمية ، الإصلاح القانوني ، العلاقات الدولية..الخ..


    الحبيب الأديب كبر تحياتي
    دائما تقودنا نحو الاشياء القيمة

    الملاحظ الحبيب كبر أن كوادر الاحزاب ربما من بداية الاستقلال
    الى يوم فقط (السلطة والامتيازات وتهشيم صورة الآخر المنافس)
    الاحزاب عندنا على طريقة ( هلال مريخ )


    تحياتي الحبيب كبر واصل

                  

06-10-2022, 02:21 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)


    ول ابا بريمة..حبابك يا صديقي..
    كتر خيرك على المرور..وشكرا للمتابعة..
    شكرا يا بريمة على التقرير التوثيقي..وهو امر يهم الشباب كثيرا..
    نفس الفكرة يا بريمة..وانا اراجع دوما تقرير صحفي الديلي تلغراف في 1954 ، الصحفي انتوني مان..الذي كان عنوان تقريره لتغطية الإنتخابات والحال السودانية السياسية والإقتصادية في سنة 1954 ، وطوره ليكون كتاب..وعنوانه:
    Where God Laughed: Sudan Today
    نفس عقلية النخبة التقليدية لم تفهم تهكم انتوني مان في سنة 1954 ، ولم تفهم جهود عبد اللـه حمدوك في 28 شهر فترته في رئاسة الفترة الإنتقالية ، لتعود اليوم وتحاول تجاري الشباب في الشوارع ، وتعلن لنا مقاطعتها لحوار الثلاثية..ليخرج اخونا ول ابا امحمد الحسن ول لبات..مصرحا بان الحوار لن ينجح في غياب قوى اساسية..!!
    الشباب (بنات واولاد) في شوارع الخرطوم ، هم اكبر معلم واستاذ في الراهن..وهم على ارادة لم نشهدها في طيلة تاريخ المشهد السياسي السوداني..
    شكرا يا حبيب ، وكنت مفكر اضيف بعض من فيديوهات دكتور حمدوك ، وسوف ابحث عن كل ما يفيد فكرة الخيط ، حتى ندشن طريق جديد في كتابة الدراسات والتعقيبات..فالإنترنت منحنا فرص جديدة لتطوير فكرة الإستشهاد والكتابة الواثقة..
    تحياتي يا صاحب..
    بالمناسبة شكرا ، يا بريمة ، علي خيط (سيرة المارد الرعوي النبيل)..صدقني يا حبيب ..شباب (بنات واولاد) ذكرت لهم هذا الخيط...وطلبوا الرابط..ووزعته دون استشارتك..!!

    كبر
                  

06-10-2022, 02:23 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    كتب صابر فضل المولى:
    Quote:
    ربما أفلاطون وحده يجد مخرجا في كيف يحكم السودان.. واكيد سيفشل ويخرج متابطا دولته الفاضلة

    صابر..حبابك يا صديق
    كتر خيرك على المرور هنا..

    النخبة السودانية امرها عجيب..تكون المشكلة بسيطة وواضحه ولكن يتم تعقيدها اكثر واكثر في سبيل البحث عن حلول..

    تحياتي
    كبر
                  

06-10-2022, 02:44 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    كتب عمر ابو عاقلة:
    Quote:
    ول أبا كبر
    حباب الطلة والجيّة وجيدن جيت

    التحليل واع وغني كعادتك وليس بمقدوري التعقيب على مداخله فذاك يفوق مقدراتنا
    لكن أعتقد واحدة من الاشكالات التي تعاقبت على تاريخ السودان الحديث هي عدم الوعي
    الوعي الكامل الذي يساعد في خلق حلول لجدليات مهلكة زي (جدلية الهوية) مثلاً

    يكاد يخلو السودان بكل ثرائه من مواعين تصب في وعي المواطن كيفية المواطنة ، مفهوم الحاكم والمحكوم
    الحقوق والالتزامات، مفهوم الحريات، مفهوم التراب والتنوع الاثني والديني الموجود فيه

    بل أكاد أجزم أنه لا يوجد لدينا مراكز دراسات، أبحاث، استراتيجيات (مستقلة)
    وتعمل بحياد في دراسة التاريخ والواقع السوداني وتساعد بدراساتها وأبحاثها في تقويم ونقد ورفد التجربة السودانية والقائمين على أمر البلاد والعباد

    غياب الوعي الداخلي للإنسان السوداني ، غياب الأيدلوجيات الفكرية والعصف الذهني الذي يولد الأفكار للسياسيين وصناع القرار
    مع عدم وجود مراكز للفكر والاستشارة ونشر الوعي المحايد وسط الاثنيات المختلفة
    كل ذلك في يقيني كان له الأثر الكبير في تعميق مشاكل أم سودان يا قولك.

    مودتي التي تعرف


    ول ابا عمر ابوعاقلة..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على المرور والمطايبة..
    غياب الإستقرار السياسي والإقتصادي في السودان ادى للتدخلات المستمرة في عملية التعليم نفسها ، فكل نظام يجئ للسلطة يسعى لتغيير مناهج التعليم والتربية ، وهذا ادى الى عدم استقرار المناهج والنظم والقوانين. هذه نقطة
    النقطة الثانية ، كما ذكرت سابقا سطوة السياسي وسيطرته على المشهد ، والسياسي دائما عابر لا يتميز بالثبات والإستقرار ، وبناء مراكز تهتم بالبحث في المسائل الإستراتيجية وخلق ثقافة البحث والتبشير بقيم الديموقراطية وبناء الوعي لمواطن يعرف واجباته وحقوقه ، لذلك دوما نكون في حالة ارتباك.
    صحيح هناك توسع في التعليم العالي في السودان ، لكن معظم الجامعات ليست فيها مراكز لصناعة الفكر وتطوير الوعي على المستوى المجتمعي ، لذلك حتى فكرة التداول السلمي للسلطة ، صناعة الدستور ، احترام القانون ، الرقابة الإدارية لمحاربة الفساد ، وغيرها من القضايا ، نجده غايبة في اهتمامات المواطن العادي ، وكما هو معلوم نجاح الدولة يقوم على وجود مواطن يعرف معنى المواطنة الفاعلة.
    الأمل في الشباب ، وهم يمتلكون ادوات البناء والأهم افكار البناء.
    كتر خيرك..
    تحياتي

                  

06-10-2022, 02:50 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    كتب على عبد الوهاب:
    Quote:
    الحبيب الأديب كبر تحياتي
    دائما تقودنا نحو الاشياء القيمة

    الملاحظ الحبيب كبر أن كوادر الاحزاب ربما من بداية الاستقلال
    الى يوم فقط (السلطة والامتيازات وتهشيم صورة الآخر المنافس)
    الاحزاب عندنا على طريقة ( هلال مريخ )


    تحياتي الحبيب كبر واصل


    ول ابا علي عبد الوهاب..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على المرور والمتابعة..
    فعلا يا صديقي ، البيئة السياسية في السودان تعاني من الإستقرار ، وهذا ما ادى الى وجود حالة من الهشاشة وعدم المؤسسية في بنية الأحزاب نفسها ، لذلك النتيجة هي ان السياسي السوداني دوما يفتقد بناء الرؤية الواضحة والعملية والتي تهتم بالواقع والمستقبل.
    تحياتي
    كبر
                  

06-10-2022, 03:01 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    رؤية دكتور عبد الله حمدوك: الحوكمة والديموقراطية:




    ثمة سؤال مركزي ، يتبادر للذهن في حال تأمل تجربة دكتور عبد الله حمدوك في رئاسة وزراة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، وهي فترة قصيرة للغاية ، فالسؤال: هل كان عبد الله حمدوك يملك رؤية لإدارة الفترة الإنتقالية والتأسيس للتحول المدني الديموقراطي في السودان؟
    في اكتوبر 2019 ، كانت أول زيارة لدكتور عبد الله حمدوك الى المملكة العربية السعودية ، وفي تلك الزيارة ، ذكر حمدوك لبعض من اعضاء الجالية السودانية في السعودية ، ان قوى الحرية والتغيير لم تقدم له برنامج مفصل يحوي تصورها لإدارة الفترة الإنتقالية. وهذه الصراحة والشفافية ، فسرها البعض بصورة سلبية ، ولكن غاب على الجميع توجيه سؤال لحمدوك عن تصوره لإدارة الفترة الإنتقالية ، وما هي رؤاه البديلة ؟
    صحيح ان كثير من السودانيات والسودانيين نجحوا على مستوى الخبرات الإقليمية والدولية ، وغالبية اهل السودان قد تفتخر باسماء عديدة من النساء والرجال ممن ساهم في صياغة راهن البشرية المعاصر وهي مشاركات تنجح كثيرا خارج السودان ، والسؤال لماذا؟
    من تلك الخبرات السودانية التي نجحت خارج السودان ، كانت تجربة دكتور عبد الله حمدوك . فواحدة من اهتمامات دكتور عبد الله حمدوك ، على مستوى افريقيا والشرق الأوسط (تحديدا ما يسمى بالعالم العربي) ، هي الإنشغال بالتنظير والتنفيذ لفكرة الحوكمة الرشيدة وبناء الديموقراطية في افريقيا والشرق الأوسط.
    وحتى نفهم مشهد هذه الإهتمامات المعاصرة ، التي يعمل ويشتغل عليها دكتور عبد الله حمدوك ، ولعشرات السنين، لابد من بعض المراجعات في اوراق عديدة قدمها الرجل في لقاءات وورش عمل وحلقات نقاش ووضع سياسات.

    في سنة 2000 ، قدم الدكتور عبد الله حمدوك [3] ، ورقة بعنوان ( الحوكمة الرشيدة وتحديات السياسة:رؤية بنك التنمية الأفريقي).
    في هذه الورقة ، حدد دكتور عبد الله حمدوك عناصر الحوكمة الرشيدة في خمسة مفاصل/عناصر:
    اولا: المحاسبة والمحاسبية ، وذلك بمراجعة ومحاسبة كل المنظومات التي تقوم على ادارة المال العام ، القطاع العام ، احداث اصلاحات في القطاع العام والخدمة المدنية وادارة المال العام ،
    ثانيا: الشفافية: والتي تتطلب الحق في المعلومة ، الكشف عن المعلومات وسجلات المال العام ، والكشف عن خطوات الصرف من المال العام ، وخضوع ذلك للمراجعة المنضبطة والمحاسبة ،
    ثالثا: محاربة الفساد ،
    رابعا: توسيع المشاركة في صناعة القرار المتعلق بالقضايا العامة ،
    خامسا: ضرورة اجراء الإصلاح القانوني والقضائي.



    كبر


    _______________________________________________________________



    [3]
    ( الحوكمة الرشيدة وتحديات السياسة:رؤية بنك التنمية الأفريقي)
    https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/15201/278190PAPER0Mo10evaluation0Capacity.pdf؟sequence=1https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/15201/278190PAPER0Mo10evaluation0Capacity.pdf؟sequence=1
                  

06-10-2022, 03:06 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في سنة 2001 ، قدم دكتور عبد الله حمدوك [4] ورقة للنقاش بعنوان ( الحوكمة والسياسة في افريقيا : مراجعة للتجارب المعاصرة في افريقيا).
    واهتمت تلك الورقة بمناقشة مفاهيم مهمة مثل: مفهوم الحوكمة ، مفهوم المحاسبة والمحاسبية ، مفهوم الإصلاح الإقتصادي ، ومفهوم السياسات. وكان حمدوك يدرك بان الحوكمة الرشيدة (كفكرة حديثة) ذات ارتباطات بتلك المفاهيم المركزية ذات الطبيعة المتداخلة والمترابطة. وتركزت فكرة حمدوك في ان الديموقراطية ، المشاركة السياسية ، وبناء المؤسسات الوطنية الفاعلة هي من اهم العوامل في تأسيس الحوكمة الرشيدة.
    في مراجعات تجارب الحوكمة في افريقيا ، في نفس الورقة ، يذهب حمدوك الى أن مسالة الإنشغال بالتركيز على ادارة الأزمات الإقتصادية في افريقيا قد صاحبه ضمور في الإنتباه لإلتزامات الحكومات (الأفريقية) تجاه امر الحوكمة. ومثل تلك الإلتزامات المهمة تشمل تأسيس دولة القانون والنظام ، خلق مؤسسات وطنية ادارية تتميز بالشفافية ، توسيع البنيات التحتية (وتطويرها) لتغطية حاجات المناطق الريفية ، حماية الفئات المستضعفة ومنحها فرص المشاركة في عملية صنع القرار العام ، والأهم توفير وصيانة السلام.

    في تعريفه لمفهوم "الحوكمة" ، يرى حمدوك بانها ( علم دراسة سلوك واداء الحكومات ، بما يشمل ادارة الإقتصاد ، المؤسسات السياسية و الإدارية ، بما يوفر الفرص لإدارة الدولة). وبالتالي ، توفر الحوكمة الإطار الأمثل للمواطنين لممارسة حقوقهم ، تلبية التزاماتهم ، بما يؤدي لحماية مصالحهم.

    وكاٍطار عام ، تتطلب الحوكمة الرشيدة ، وفقا لحمدوك ، من صناع القرار توفر بعض الشروط لممارسة دورهم في السلطة. مثلا ، ضرورة وجود دولة فاعلة ، مجتمعات ومنظمات مجتمع مدني فاعلة تساهم في خلق عملية خلق صنع القرار العام ، ووجود قطاع خاص له دور مستقل ومنتج في بناء الإقتصاد. وبهذا الفهم ، تكون الحوكمة الرشيدة ، وفق حمدوك ، هي شرط سابق لوجود المؤسسات الفاعلة.
    ولكي تكون " الحوكمة الرشيدة" اكثر فعالية ، فان حمدوك يوضح اربعة مناهج متداخلة مع بعضها البعض:
    اولا: يجب ان تلتزم الحكومات بالمصداقية العالية ،
    ثانيا: يجب ان يكون النظام السياسي والإداري خاضع للمحاسبة والمراجعة ،
    ثالثا: يجب أن تعمل البيئة السياسية والإقتصادية على تقليص الخطر والكوارث عبر برامج واقعية ومضبوطة بمواقيت محددة للتنفيذ ،
    رابعا: من الأهمية ، بمكان ، أن تعبر السياسات الداخلية والوطنية عن مصلحة اكبر قطاع من الشعب وأن تكون المنافسة السياسية مفتوحة للجميع .

    في ختام ورقته ، ( الحوكمة والسياسة في افريقيا: التجارب المعاصرة) ، خلص حمدوك الى بعض الدروس المستفادة من تجارب تطوير الحوكمة الرشيدة في افريقيا ، مثل:
    1/ لقد تم اجبار القادة السياسيين (في افريقيا) ، بفعل الظروف الداخلية وضغوط المانحين الخارجية ، الى اعادة التفكير في دور الدولة وضرورة بناء مؤسسات تعمل للتنمية ،
    2/ أن الإدارة المناسبة للمال العام تشكل مركز عملية الحوكمة الرشيدة ،
    3/ أن الحكومات لا تستطيع أن تلبي كل الحاجات الإجتماعية والتنمية في المجتمع المعين ،
    4/ ضرورة مراجعة دور القطاع العام في تنفيذ السياسات ، والتأكيد على عمل السوق وفق بناء وظيفي فاعل وتصميم الأليات المنظمة القوية ،
    5/ ان عملية الحوكمة ، تشكل جزء مهم من العملية السياسية برمتها.

    كبر


    ـــــــــــ
    [4]
    ( الحوكمة والسياسة في افريقيا : مراجعة للتجارب المعاصرة في افريقيا)
    https://www.wider.unu.edu/publication/governance-and-policy-africa
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  

06-10-2022, 03:32 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    كل هذى الرؤي تم تطويرها في سنوات لاحقة ، عبر اوراق قدمها دكتور عبد الله حمدوك.فكانت ورقة ثالثة [5] بعنوان ( القضايا الإقليمية في بناء الديموقراطية:حول الإتجاهات المعاصرة في افريقيا والشرق الأوسط).
    في هذه الورقة المهمة ، تحدث حمدوك عن ست تحديات تواجه بناء الديموقراطية والحوكمة الرشيدة في افريقيا والعالم العربي ، وهي:
    1/ ضعف التقاليد والثقافة الديموقراطية ،
    2/ ضعف المؤسسات الوطنية في الدولة ،
    3/ ضعف الأحزاب السياسية ،
    4/ غياب ادارة النزاعات التي تقوم على الإثنية والهوية والدين ،
    5/ غياب دور القطاع الخاص كعامل مهم في التنمية ،
    6/ فوارق النوع
    .(Gender Gap)


    كبر

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    [5]
    ( القضايا الإقليمية في بناء الديموقراطية:حول الإتجاهات المعاصرة في افريقيا والشرق الأوسط )
    https://www.corteidh.or.cr/tablas/25040.pdf
                  

06-10-2022, 03:35 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)




    في سنة 2015 ، قامت اللجنة الأممية اٌلإقتصادية لأفريقيا[6] ، بنشر كتاب احتوى على نتائج بحوث حقلية ، وتوصيات مبنية على دراسات واقعية ، ولقد اشرف دكتور عبد الله حمدوك على تحرير هذا الكتاب ، وكتب مقدمته بالإشتراك مع فرنسيس اٍكومي ، وكذا فصل الخاتمة. وعنوان الكتاب هو ( التمويل المبتكر لإحداث التحول الإقتصادي في افريقيا). احتوى الكتاب على سبعة فصول: الفصل الأول (المقدمة والخلفية) ، الفصل الثاني (تعبئة موارد راس المال المحلي للتنمية في افريقيا) ،الفصل الثالث ( تدفقات الأموال غير المشروعة وكيفية كبحها والإستفادة منها )، الفصل الرابع (قواعد انصاف القطاع الخاص والتنمية في افريقيا) ، الفصل الخامس (تمويلات تغير المناخ والتبعات المؤثرة على التحول في افريقيا) ، الفصل السادس ( الشراكات الجديدة ومصادر التمويل المبتكرة للتحول في افريقيا) ، الفصل السابع (خاتمة).
    كل فصل في هذا الكتاب القيم ، تكون خاتمته عبارة عن توصيات عملية يرجى تطبيقها لإحداث التحول الإقتصادي في افريقيا واحداث التنمية بصورة حقيقية تؤثر على مستقبل سكان قارة افريقيا.
    في الفصل الأول (المقدمة والخلفية) نقرأ مراجعة عامة لوضع التطور والإقتصاد في افريقيا ، وتلخيص لبقية فصول الكتاب ، مما يوفر خارطة طريق لمتابعة الأفكار والتوصيات في الكتاب.
    يلاحظ ، ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين أن الأداء الإقتصادي في افريقيا قد شهد تحسن ملحوظ. وبالرغم من أن هذا التحسن قد يعزى الى الطلب العالمي المتزايد للموارد الطبيعية والمعادن ، الإ أن هذا النمو والتحسن الإقتصادي يرجع الى عوامل داخلية مترابطة مثل: التحسن في الحوكمة ، الإدارة الجيدة للإقتصاد الكلي ، التزايد في عملية التمدين ، زيادة الطلب ، الزيادة الملحوظة في الإستثمارات والتجارة مع شركاء تلقيديين وحديثين ، التوسع المعتبر في السوق الإقليمي ، اضافة الى مستوى تنويع الإنتاج والصادر بواسطة بعض الدول الأفريقية.
    اٍن النمو الأفريقي الملحوظ ارتبط ايضا بانخفاض التوترات والنزاعات الداخلية ، وتقليل وضعية اللآمساواة في كثير من الدول الأفريقية ، وازدهار الكثافة السكانية في عمر الشباب والتي تتميز بمقدرات واعدة تدعم القوى العاملة لو تم تسخيرها بصورة جيدة.
    هناك اهتمام متزايد من قبل الشعوب الأفريقية ، الحكومات الأفريقية ، وشركاء التنمية ، بأن المصادر التقليدية لتمويل التنمية ، بما يشمل المصادر الخارجية ، لها قصورها ومحدوديتها. تحديدا ، هناك اقرار بانه وبالرغم من ان الجهود الرسمية لمساعدة تطور افريقيا قد دعمت جهود التنمية ، الإ انها لم تحدث النمو المستدام والنتائج التنموية المطلوبة.
    في الفصل الثاني (تعبئة راس المال المحلي لتنمية أفريقيأ) ، يفحص هذا الفصل التحديات ذات الأبعاد المتعددة التي تجابهها افريقيا في امكانية تعبئة مواردها الداخلية واستغلالها في التحول الإقتصادي المنشود.
    يحدد الفصل ويحلل الأسباب الجذرية التي تجعل تعبئة الموارد الداخلية منخفضة في القارة الأفريقية مثل: انخفاض معدل الإدخارات العامة والخاصة ، ضعف ادارة معدلات الفائدة ، ضيق المواعين الضريبية ، الطلبات الإدارية المعقدة ، التوزيع غير المنضبط للمنح تجاه الشركات الأجنبية ، التهرب الضريبي ، الفساد ، القصور في نمو وتطوير النظم المالية ، ميول البنوك للتمييز، ضد الأفراد والأعمال الصغيرة، لصالح الشركات الكبرى وقطاعات معينة ، اضافة لواقعة أن الأسواق الأفريقية الكبرى ليست بالنضج الكافي لدعم عملية تعبئة الموارد الداخلية العاطلة والخارجية ، والإستفادة منها تجاه استثمار منتج.
    ان الإنخفاض في معدلات ناتج الإدخارات المحلية ، مقارنة بمعدلات ناتج الإستثمار المحلي ، يقيد من الإستقلالية لموضعة الموارد للإستثمار في قطاعات مفتاحية مهمة. فالأقطار الأفريقية يجب عليها الإستخدام الإيجابي للموارد المحلية بغية تجسير الحاجات المالية. لذلك يجب على هذه الدول توسيع القاعدة الضريبية ، والتي تتميز بالضيق حاليا ، رفع مستوى الإدخارات وتطوير اسواق كبرى لجذب الإستثمار الأجنبي ، واستخدام فائض السيولة في اسواق المال.
    يلاحظ أن ارتفاع مستويات التمويلاات الخارجية ، بما فيها دعم التنمية ، تعمل كعامل مثبط لمسألة تعبئة الموارد الداخلية ، ويجب معالجة ذلك بوضع اصلاحات تهدف الى استغلال الموارد الغير مستغلة ، أو تلك التي لم تتم ادارتها بصورة حسنة. ومثل تلك الإصلاحات يجب أن تعمل على ضبط تدفق الأموال غير المشروعة ، وتأسيس قدرات مؤسسية تعمل على بناء مصادر مالية مبتكرة مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص ، الثروات الوطنية ، وسندات المهاجرين.
    في الختام ، يقدم الفصل الثاني ، عدد من الإستراتيجيات لتعبئة الموارد المحلية لإحداث التحول ، بما يشمل: استراتيجيات التوسع الضريبي واستكشاف قدرات المساهمة من قبل القطاعات غير الرسمية ، تخفيض الضرائب او الإستثناءات الضريبية للمستثمرين الأجانب ، ومعالجة المعوقات التي تحول دون تطبيق تلك السياسات.
    وضع وتنفيذ سياسات وطنية لتشجيع وتطوير خدمات مالية مبتكرة لدعم محدودي الدخل في المجتع ، تقليل السيولة الكبيرة في القطاع الوسيط وتحسين فرص التوصل للخدمات وتحسين سعر الضمانات لصالح الأعمار الوسيطة.
    النظر باهتمام الى التحديات الموروثة والتي تعوق من تأسيس اسواق كبيرة فاعلة.
    اتخاذ خطوات لتأسيس لوائح واطر قانونية لإستخدام الأسواق الكبيرة كوسائل لتعبئة الموارد لإحداث استثمارات منتجة.
    تبني سياسات تساعد الدول الأفريقية في تجاوز عقبات تنفيذ السياسات وتمكنها لإستخدامها في تحقيق مصادر مالية داخلية مبتكرة ، مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص ، والثروة القومية ، وسندات المهاجرين.
    الفصل الثالث (محاربة الأموال غير المشروعة) ، يكشف الفصل عن واقعة أن تقليص الأموال غير المشروعة وتجفيف مصادرها ، يشكل واحد من اهم المصادر غير المستغلة لتعبئة الموارد الداخلية واستغلالها لإحداث التنمية في افريقيا.
    في هذا الفصل ، تم تحليل الأبعاد المتعددة ، المصادر ، وتدفقات الأموال غير المشروعة وتسربها من القارة ، وتقديم مقترحات لإستراتيجيات تساعد في اعادة توجيه تلك التدفقات لصالح التحول الإقتصادي في افريقيا.


    كبر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    [6]
    التمويل المبتكر لإحداث التحول الإقتصادي في افريقيا
    https://archive.uneca.org/sites/default/files/PublicationFiles/innovative-financing-economic-transformation-africa2015-adf_en.pdfhttps://archive.uneca.org/sites/default/files/PublicationFiles/innovative-financing-economic-transformation-africa2015-adf_en.pdf

                  

06-12-2022, 07:43 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في سنة 2017 ، قدم دكتور عبد الله حمدوك [7] خطاب اللجنة الإقتصادية لأفريقيا (تتبع للأمم المتحدة) امام قمة الإتحاد الأفريقي. وكان عنوان الخطاب (تسخير الفوارق الديموغرافية عبر الإستثمار في الشباب). في هذا الخطاب ، تحدث حمدوك عن خمس رسائل تشكل تحديات وفي نفس الوقت تعمل على الكشف عن خيارات القارة الأفريقية للأستفادة من الفرص المتاحة لتغذية التحول والتنمية الشاملة. شملت تلك الرسائل : توصيف النزعات الكبرى للعولمة ، اٍلزامية تطوير الحوكمة الرشيدة ، السلام والأمن ، ورؤية الإتحاد الأفريقي لتطوير سياسات اطارية تحتاجها القارة لتسريع عملية الإستثمار في قطاع الشباب وتطوير التحول والنمو الشامل ، والتعاون الأقليمي وتنسيق السياسات لتنمية افريقيا في ظل التغير المتسارع الخطى على المستوى العالمي.
    في الرسالة الأولى ، تحدث حمدوك عن ثلاث نزعات كبرى توضح مشهد العولمة. اولى هذه النزعات أن العولمة تعاني من حالات انقسام وتشظي.وان هذه النزعة ، جعلت العولمة تتجه نحو التعايش بدل السيطرة. ونتيجة لهذه النزعة قد نشهد تقدم بطئ او انقسام في العولمة.
    النزعة الثانية ، من النزعات الكبرى للعولمة ، تتعلق بالشراكات العالمية لإحداث التنمية المستدامة. فحالة التشظي والإنتقائية للعولمة لها اثارها في الشراكات العالمية الموجودة ، خصوصا اجندة 2030 ، اجندة عمل أديس ابابا ، والشراكات الإستراتيجية للإتحاد الأفريقي.
    النزعة الثالثة ، من النزعات الكبرى للعولمة ، الإشارة الى تواضع رؤى النمو العالمي. فجهود النمو العالمي تظل متواضعة في مجال التجارة ، فرص الإستثمار بين الدول المتقدمة والدولة النامية.
    في الرسالة الثانية ، يرى حمدوك ، ان قارة افريقيا تحتاج الى الإهتمام بالداخل والتركيز على قضايا الحوكمة ، الديموقراطية ، والسلام والأمن. باعتبار أن تلك العوامل تشكل شروط اساسية للتنمية.فهناك اجماع كبير حول اهمية تلك العوامل واثرها في احداث التنمية وفي نفس الوقت ضرورة تقويتها وتطويرها. لذلك ، فليس من المستغرب أن تلك العوامل تحظي باهتمام وحضور كبير في اجندة 2063 وأجندة 2030.
    في الرسالة الثالثة ،وهي تتعلق بثيمة تلك القمة الأفريقية (التي يخاطبها حمدوك) ، وهي عنوان الخطاب ( تسخير الفوارق الديموغرافية عبر الإستثمار في الشباب). يرى حمدوك بانه يمكن الإستفادة من الفوارق الديموغرافية عبر اربعة أليات ، هي: زيادة فرص العمل ، زيادة الإدخارات بسبب تخفيض درجة التبعية والإعتمادية ، زيادة الطلب الداخلي بسبب رفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد ، وتنمية الرأسمال البشري عبر الإستثمار في التعليم ، تطوير المهارات ، الصحة والرفاه بما يشمل تنظيم الأسرة.
    يرى حمدوك أن تحديات فرص العمل في افريقيا واللامساواة في توزيع تلك الفرص ، ذات صلة بالتركيبة الديموغرافية في القارة الأفريقية. فالقارة تشهد تزايد في معدلات نمو السكان ، وتزايد متسارع في نمو معدلات اعمار السكان في سنن الشباب.لذلك ، ان عملية جعل الفوارق الديموغرافية كرافعة لمستقبل النمو يشكل تحدي لأفريقيا.فأفريقيا اليوم تشكل الإقليم الأكثر شبابا في العالم ، اي قارة شابة. فاكثر عشرة دول ، في العالم ، تتميز بعدد كبير من السكان في سن الشباب ، توجد في افريقيا.و بهذا الفهم ، فانه حوالي سنة 2050 ، ستكون حوالي 38-40 دولة ذات كثافة سكانية في سن الشباب في قارة افريقيا.فعكسا لمعظم اقاليم العالم ، فان افريقيا تشهد نمو في عدد السكان في سن الشباب.والبرغم من ان هذا النمو السكاني النوعي يشكل فرص للإستفادة من الفوارق الديموغرافية ، الإ انه يشكل خطر يتمثل في ارتفاع فرص البطالة بين الشباب.
    في هذا المسار ، يرى حمدوك ، ان عمق واطار التنمية في أي مجتمع يعتمد على كيفية تنشئة وتربية الشباب ، توزيعه ، واستغلاله بالصورة المثلى لإحداث التنمية.لذلك ، فان الرؤى السياسية الإجتماعية ، الترتيبات السياسية ، تنمية الإقتصاد ، كلها يجب عليها الإعتراف واعتبار دور الشباب ، خصوصا في تطوير التقدم الإجتماعي ورفع قدرات الأداء الإقتصادي.فأن ارتفاع معدلات سن الشباب قد يكون فرصة كبيرة لإحداث التحول الإقتصادي والإجتماعي.في المقابل ، قد يشكل ذلك مصدر لعدم الإستقرار اذا لم تتمكن الدول الأفريقية من تسخير جهود الشباب عبر تصميم وتنفيذ سياسات مناسبة واستكشاف فرص اقتصادية جديدة.
    في الرسالة الرابعة ، يرى حمدوك ، لتسخير الفوارق الديموغرافية ، على الدول الأفريقية ابتداع وتنفيذ خطط بعيدة المدى في ظل ضرورة وجود قيادة فعالة وتتميز بابتكار الرؤى العملية الواضحة. لقد برهنت البحوث التي اجرتها اللجنة الأممية الإقتصادية لأفريقيا في السنوات 2007/2008 على ضرورة المناشدات المتكررة للدول الأفريقية لتبني خطط طويلة الأمد تركز على التحول والإصلاح المؤسسي والنمو الشامل عبر التصنيع والقيمة المضافة. وبالرغم من أن خطوات القارة الأفريقية في تنويع الإقتصاديات تسير بصورة بطيئة ، الإ ان عملية التحول الجذري ، المشار اليه في اجندة سنة 2063 وسنة 2030 ، يجب أن تتسارع.وهذا الأمر يعتمد كثيرا على قدرة الدول في التعرف على الفرص واغتنامها وفي نفس الوقت وضع الإعتبار للتحديات التي تقلل من الإستفادة من تلك الفرص ، بما يشمل اكتشاف النقائص في البنيات التحتية وطبيعة رأس المال البشري في القارة.لقد اثبتت الشواهد أن دول شرق اسيا لها تجارب ثرة في تسخير الفوارق الديموغرافية عبر الرؤى والخطط الإستراتيجية طويلة الأمد. فالفوارق الديموغرافية حدثت في فترات 5-15 سنه ، وهذا يعد اقصر مدى ولم يحدث في أي مكان اخر في العالم ، لذلك نرى أن الفوارق الديموغرافية لعبت دورا بارز في حدوث معجزات النمور الأسيوية.
    فقضية نيل الحقوق الأساسية والحريات ، يعد الخطوة الأولى لتسخير الفوارق الديموغرافية ويجب أن يعضد ذلك بتصميم سياسات وافعال تعمل للإستثمار في الشباب. في حقيقة الأمر هناك ضرورة استراتيجية تحتم وضع سياسات للإستفادة من الفوارق الديموغرافية. هذه الضرورة ، تفتح نافذة من الفرص للأقطار الأفريقية للتخطيط لكيفية التعامل مع الفوارق الديموغرافية ، حينما تكون غالبية السكان من الشباب ، وذلك قبل ان يدخلوا ضمن القوى العاملة.
    في الرسالة الخامسة ، من خطابه ، يؤكد حمدوك أن التعاون الإقليمي وتنسيق السياسات التمنوية في افريقيا مسألة ضرورية ومهمة.
    في ختام خطابه قال حمدوك: ( أن قدرات الشباب تشكل نقطة أملنا العظيمة ، وفي نفس الوقت قد تشكل تحدي مزعج.أن اطفال افريقيا يمكنهم أن يعلوا سقف امالهم وطموحاتهم بناء على القرارات التي نتخذها.فدرجة نجاحاتنا تقاس بنوعية اجيالنا في المستقبل ، وذلك بوزن كلماتنا مقابل فعلنا لتحقيق تنمية جذرية وشاملة).
    كل تلك الرؤى المتطورة ، حملها دكتور عبد الله حمدوك معه حينما تم تكليفه بقيادة الفترة الإنتقالية كرئيس للوزراء. وحينما استلم عمله ، قام عبد الله حمدود ببلورة رؤية عملية لإدارة الفترة الإنتقالية ، ولم يقم بصياغة هذه الرؤية بمفرده وانما جاءت عن طريق مشاركة سودانية واسعة.


    كبر

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    [7]
    تسخير الفوارق الديموغرافية عبر الإستثمار في الشباب
    https://au.int/sites/default/files/speeches/31938-sp-address_by_dr._abdalla_hamdok_executive_secretary.pdfhttps://au.int/sites/default/files/speeches/31938-sp-address_by_dr._abdalla_hamdok_executive_secretary.pdf



                  

06-27-2022, 06:52 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في سنة 2019 كان رئيس وزراء الفترة الإنتقالية دكتور عبد الله حمدوك يلعب دور الميسر الرئيسي لسلسلة حوارات بعنوان (حوارات اصحاب المصلحة السودانية: خيارات الإستقرار الإقتصادي ، التعافي ، والنمو الشامل) [8]. وكانت تلك الحوارات تقام على نظام المائدة المستديرة ، وشملت السلسة ثلاث موائد مستديرة اشرف على تنظيمها (المعهد الملكي للشئون الدولية) وهو منظمة بريطانية معروفة باسم
    Chatham House
    الغرض من تلك الحوارات السودانية – السودانية التعرف على العوامل التي قادت الى الكارثة الإقتصادية في السودان ، والخطوات العاجلة التي يمكن اتخاذها لتلافي الإنهيار الإقتصادي الكامل ،وملامح الإصلاحات الجذرية على المدى الطويل التي يحتاجها السودان في مسار التعافي.
    وقد شاركت في سلسلة الحوارات تلك، فئات عديدة ومتنوعة شملت مسئوليين حكوميين ، شخصيات من قوى المعارضة ، اقتصاديون ، خبراء سودانيين في مجال الحوكمة والإقتصاد السياسي ، شخصيات من المجتمع المدني ، ممثلين للمؤسسات المالية الدولية ، وممثلين في مجال صنع السياسات.
    ولقد تم تقسيم حلقات الحوار الى ثيمات عديدة شملت: شرح المشهد السوداني العام والبحث عن الفرص المتاحة ، بناء بيئة للإصلاح: توضيح اسس التعافي، استقرار الإقتصاد: تطبيق سياسات قصيرة المدى ، ادارة الديون المالية ، التعافي الإقتصادي: تطوير استراتيجيات على المدى المتوسط والطويل ،و بناء سودان للمستقبل:الشمول وبناء القدرات.


    كبر
    ___________________________________________


    [8]
    حوارات اصحاب المصلحة السودانية: خيارات الإستقرار الإقتصادي ، التعافي ، والنمو الشامل

    https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/2019-10-03-SudanStakeholderDialogues_0.pdfhttps://www.chathamhouse.org/sites/default/files/2019-10-03-SudanStakeholderDialogues_0.pdf


                  

06-27-2022, 06:54 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    1/ شرح المشهد السوداني العام والبحث عن الفرص المتاحة:*

    شهد السودان في 2019 تغيير زالزالي تمثل في سقوط نظام البشير وتشكيل حكومة انتقالية جديدة ، مما اعطى الأمل والتوقعات الكبيرة بأن السودان في مرحلة انتقال وتجاوز الماضي نحو بناء دولة السلام والشمول والإزدهار. بيد أن الحكومة الإنتقالية ستواجه تحديات عديدة. فالأوضاع السياسية تتميز بالهشاشة الواضحة ، والإقتصاد قارب نقطة الإنهيار.لقد فقد السودان 75% من موارده المالية بسبب ذهاب الجنوب في سنة 2011. سابقا كان البترول يشكل 95% من صادرات السودان ، مما يشكل أكثر من نصف موارد البلاد. ازالة العقوبات الإقتصادية الأمريكية في سنة 2017 كان منظور له أن يؤدي الى التعافي الإقتصادي ، ولكن ديون الحكومة كانت في حالة تزايد ، والعجز في الميزانية والإحتياطيات الأجنبية صارت في اسوأ الأحول. كل ذلك مقرونا بحالات ارتفاع معدل التضخم وضعف العملة المحلية التي تم انقاص قيمتها لعدة مرات ورغم ذلك ظل الفارق كبير بين سعر الحكومة وسعر السوق الأسود.
    في ظل هذه الظروف ، فان الأولوية الأولى للحكومة الإنتقالية هي تحقيق السلام في الأقاليم المتأثرة بالحروب ، بما يشمل جذور واسباب ونتائج التهميش ، والتشجيع على اعادة التأهيل وبناء النمو الشامل في كل انحاء القطر. ان الخطة قصيرة المدى يجب ان تركز على اصلاح المنظومة المالية في السودان ، ووضع أليات فاعلة لإحتواء ضغوط التضخم ودعم الإنتاجية في قطاعات أساسية . السودان في عهد النظام السابق كان يرزح تحت ضغوط الصرف خارج الأطر الرسمية مما يقتضي انهاء تلك الممارسة ومحاسبة من كان يقوم بها. فقلد كانت ميزانية السودان العامة تعاني من توجيه الصرف نحو دعم السلع ، تحويلات الدولة ، الصرف على اجهزة الأمن ، وكل ذلك يجب أن يتوقف وان تتم اعادة توجيه الصرف نحو قطاعات الصحة والتعليم والرفاه الإجتماعي.
    ان أكبر تحدي يواجه الحكومة الإنتقالية على المدى المتوسط والطويل ، هو عملية تفكيك المؤسسات المحمية من قبل النظام السابق والتي تتحكم في قطاعات اقتصادية مهمة في السودان ، بما يشمل الشركات المملوكة للجيش وجهاز الأمن. ومثل تلك العملية ستكون اجراء معقد وقاسي مما يتطلب اصلاح سياسي وحوكمي لتأسيس مسألة المحاسبية والشفافية وتقوية جهود محاربة الفساد.
    ان السودان يحتاج لبرنامج تحول شامل يدفع لتحريك الإقتصاد وخلق فرص العمل. وهذا يحتاج وجود نظام بنكي يوفر الفرص للقطاع الخاص في الحصول التمويل ، دعم قطاعات الإنتاج ، خاصة مجالات الزراعة والصناعة ، وتلبية حاجات البنية التحتية بما يشمل قطاع الطاقة والإتصالات.
    وبالرغم مكل كل تلد التحديات ، الإ أن الحكومة الإنتقالية امامها فرصة متميزة لتطوير رؤية اقتصادية على المدى الطويل ، كجزء من الأدبيات الوطنية الجديدة والتي تبشر ببناء نظام شامل وعادل.ومثل هذه الرؤية تشكل ضرورة ملحة لبناء المشروعية بالرغم من واقعة أن الوضع الإقتصادي قد ينهار قبل حدوث التحسن فيه.واذا لم يحدث التسويق الجيد لرؤية الإصلاح ، فان بعض الإجراءات مثل رفع الدعم عن السلع ، سيقابل بمقاومة من قبل المواطنين.أكثر من ذلك فان امام الحكومة الإنتقالية واجب وضع سياسات لحماية الفئات المستضعفة لكي لا تتأثر اكثر مثلما كان الوضع السائد سابقا. يجب التأكيد على أن اجندة الأصلاح السياسي والإقتصادي يقوم على قاعدة تعاون واسعة من قبل الفئات الإجتماعية ، بما يشمل قطاع المرأة والشباب والفئات المستضعفة في المناطق المهمشة في السودان.


    كبر


    ________________________

    * نفس المرجع [8]
                  

06-27-2022, 07:46 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    2/ بناء بيئة للإصلاح: توضيح اسس التعافي*:


    ان تسارع التغيير في السودان خلال السنوات القادمة ، وتوتر الحالة الإجتماعية السائدة الآن ، يتطلب حساسية سياسية عالية في السودان. ولكي يكون للإصلاحات الإقتصادية معنى حقيقي ، وفي نفس الوقت بناء ثقة من المواطنين ، يجب ان تحدث بصورة متوازية مع الإصلاح السياسي المستدام وعملية بناء عقد اجتماعي جديد وبناء سلام شامل وعادل. ومثل هذا الأمر يتطلب ضرورة وجود حوكمة ذات اولويات متعددة مثل توسيع المشاركة ، احترام حقوق الإنسان ، زيادة في المحاسبة العامة والشفافية ، وتقوية جهود مكافحة الفساد. بجانب هذه الإصلاحات يجب اعادة هيكلة اجهزة الأمن في السودان ، والتي تشمل حاليا عدد من الرموز المؤثرة في عملية صنع القرار السياسي . لذلك فانه لابد أن اثار ونتائج الإصلاح تتميز بالجوهرية. كثير من القوانين تحتاج التعديل وازالة القيود المفروضة على المواطن. بيد أن الإصلاح التشريعي وحده لا يكفي . فالتغيير الحقيقي يعتمد على الإرادة السياسية القادرة على تطبيق القوانين واحترام الدستور.
    تحت نظام البشير ، كانت الخطوط بين السلطات الثلاث (تشريعية ، تنفيذية ، قضائية) تتميز بالضبابية ، واكثر من ذلك ن كانت تلك السلطات كثيرا ما تكون تحت تاثير الأجهزة الأمنية التي تتدخل في كثير من القطاعات. ان سيطرة الأجهزة الأمنية على مؤسسات القضاء السوداني ، قد خلقت نوع من التشكيك في العملية القانونية واضطراب وارباك للأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وبالتالي ، اصلاح القطاع العام والمؤسسات المالية يجب أن يصحبه تغيير هيكلي عميق في مركز عمليات صنع القرار من قبل الحكومة. تأسيس الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية وضح ادوار ومسئوليات اجهزة الحكم الإنتقالية ، مما يمنح الحكومة فرصة للتنسيق وتقليل تداخل وتوازي مستويات صنع القرار. مؤسسات القطاع العام ، مثل القضاء والبنك المركزي يجب تقوية استقلاليتها بالقانون لحماية قدراتها على اداء مهامها ، بما يشمل تمكين البنك المركزي من قدرة وضع السياسات المالية.
    ان محاربة الفساد تتطلب دعم من حكم القانون وبناء مؤسسات المحاسبة على المستويين المحلي والقومي. واهم الجهود يجب أن تتوجه لإنهاء عمليات التجنيب والممارسات الشائهة مثل أن يكون سلطة وضع اموال خارج الخزينة العامة للصرف الذي لا يتقيد بقنوات الصرف الرسمية. فهناك تقارير عديدة للمراجع العام تشير الى ممارسات الصرف الحكومي خارج القنوات الرسمية ، مما خلق حالة لا مشروعية تلك الممارسات. يجب على الحكومة الإنتقالية التحقيق في نتائج المراجع العام والبدء في الإصلاحات بامر وزير المالية لبدء التنسيق بين ميزانيات الوزارات الأخرى.
    يتركز النشاط الإقتصادي في السودان حول عدد قليل من الشركات ، معظمها مملوك للحكومة. وهناك اتهامات واسعة بالتعدي وسرقة المال العام.فان استقرار الإقتصاد ، بما يشمل قطاع الزراعة أو الصناعة ، يتطلب اعادة هيكلة الأصول الخاصة وحل الشركات الطفيلية التي تعمل خارج اطر القانون. هناك مئات من الشركات الحكومية وشبه العامة قد انشئت في النظام السابق وتعمل على تسريب المال العام ، الصرف على المواليين السياسيين ، وتيسير عمليات الفساد الإقتصادي. ان عملية انشاء لجنة لمكافحة الفساد وتحسين بيئة الأعمال يمكن أن تساعد في كبح جماح الممارسات الخاطئة وخلق فرص لشركات كي تعمل بصورة ايجابية وتطوير سلوك نحو المسئولية الإجتماعية.


    كبر

    ___________________________________

    * نفس المرجع [8]
                  

06-27-2022, 01:18 PM

عمار قسم الله
<aعمار قسم الله
تاريخ التسجيل: 12-21-2015
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    جزيت خيرا أخ كبر - فالرجل جاء يحمل خلاصة تجاربه ونجاحاته في القارة الأم
    وأعلن أنه سيتعامل مع العالم ببراغماتية صريحة - لايجامل في مصلحة السودان
    لدي زيارته لمصر تحدث بصراحة لم تحدث منذ الاسٍستقلال عن (مثلث حلايب المسكوت عنه)

    Quote: في هذه الورقة المهمة ، تحدث حمدوك عن ست تحديات تواجه بناء الديموقراطية والحوكمة الرشيدة في افريقيا والعالم العربي ، وهي:
    1/ ضعف التقاليد والثقافة الديموقراطية ،
    2/ ضعف المؤسسات الوطنية في الدولة ،
    3/ ضعف الأحزاب السياسية ،
    4/ غياب ادارة النزاعات التي تقوم على الإثنية والهوية والدين ،
    5/ غياب دور القطاع الخاص كعامل مهم في التنمية ،
    6/ فوارق النوع
    .(Gender Gap)

    الرجل كان يعلم مكامن الخلل - وكان يدري أين تكمن الحلول
    ولكنه كان محاصرا بين متناقضات (الشخصية السودانية) - ومطامع السياسيين
    **
    واصل
                  

07-07-2022, 04:46 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: عمار قسم الله)



    عمار قسم اهخr..حبابك يا صديق
    كتر خيرك على المرور هنا..
    فعلا عبد اللـه حمدوك جاء برؤية لبناء السودان ، ولكن البيئة السياسية ، بالرغم من مرور اكثر من ستين سنة من عمر الدولة الوطنية، لم تكن صحية..وتحتاج لسنوات لكي تتعافي..في كل التجربة لم تتعلم النخبة السودانية من اخطائها ، والأنكي العمل على انتاج نفس الأخطاء..فالأداء الآن يشبه اداء الثمانينات بعد الإنتفاضة ، والستينات بعد اكتوبر ، واداء الخمسينات قبل انقلاب عبود.. نفس العقلية /الخطاب/السلوك.
    السودان الآن في ظروف افضل لبناء نظام ديموقراطي معافى ، والفضل يرجع لشباب السودان الذي استوعب تاريخ النخبة السودانية ويحاول شق طريق اخر في التفكير والتعاطي مع القضايا العامة.

    كتر خيرك يا صديقي ،

    كبر
                  

07-07-2022, 04:54 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    3/ استقرار الإقتصاد: تطبيق سياسات قصيرة المدى*:


    ان اقتصاد السودان ، على المدى القريب ، يحتاج التركيز على تطبيق اصلاحات في النظام المالي ، احتواء ضغط التضخم ، ووقف عمليات طباعة العملة الكثيفة من قبل البنك المركزي.فالحكومة الإنتقالية تمتلك المشروعية والثقة الكافية لإصلاح الميزانية والحد من الصرف. يلاحظ أن ميزانية السودان العامة الرسمية تعادل 3.7% من اجمالي الناتج المحلي ، وان كانت بعض التقديرات تذهب الى تقدير اعلى. ان الميزانية القومية تحتاج الى اعادة هيكلة بالتركيز على ميزانية الجيش واجهزة الأمن ، تحويلات الدولة ودعم السلع ، والتي تشكل ، مجتمعة، نسبة 70% من الميزانية الرسمية ، ويجب اعادة توجيه ذلك نحو اولويات اخرى مثل الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية ، وهي القطاعات التي تشكل مجتمعة نسبة 10% من الميزانية.
    ان نظام البشير السابق ، كان يركز صرف الميزانية على قطاع اجهزة الأمن حيث بلغت النسبة 60% من كل مرتبات الحكومة. وبالتالي عملية تقليص الكادر في اجهزة الأمن وتكلفة تشغيل تلك الأجهزة ، سيكون عملية حساسة سياسيا وذات صعوبة تحتاج التدخل وتتطلب دعم من العسكر وقادتهم في المشاركين في ادراة الفترة الإنتقالية.
    ان قضية سحب الدعم ، هي الأخرى تمثل قضية حساسة ، والتقليص المباشر في الصرف على مستوى عريض قد يأتي بنتائج عكسية.وكل ذلك بسبب عوامل عديدة ، بما يشمل عرقلة النمو وخلق صعوبات للفئات الإجتماعية المستضعفة ، مما قد يؤد الى فقدان الثقة في السلطة الإنتقالية. ولكن تظل الحقيقة ماثلة للعيان ، أن النظام المالي الحالي يعمل كأكبر عامل مجفف للمال العام ، ويعمل لمصلحة اصحاب الثروة وخلق بيئة الفساد ، وهو نظام ظاهر عليه عدم الفعالية في مساعدة الفقراء والفئات الأكثر فقرا.
    ان تقليص الدعم على السلع ، سيوفر موراد للصرف على القطاعات الإجتماعية وخلق فرص للإستثمار في المستقبل ، وفي نفس الوقت يقلل من عمليات تهريب السلع المدعومة الى دول الجوار. فالتدرج في عملية سحب الدعم يتطلب الحد من حدة صدمة ارتفاع الإسعار بسبب تلك العملية.واحدى طرق المعالجة هي اتباع نظام سعر ثنائي للمواد الغذائية الأساسية ، كالخبز ، بهدف حماية الفئات المستضعفة ، وكل هذا يحتاج اختبار حقيقي تفصيلي. ان حكومة السودان الإنتقالية ، وكبادرة لحسن النوايا ، عليها أن تبدأ عملية تقشف صارمة وذلك بتقليل نثريات الوزراء وتقليل تكاليف سفرهم وتقليل تكاليف الإحتفالات العامة ، وفي نفس الوقت يجب التركيز على الصرف على التنمية.
    ان اولويات الحكومة الإنتقالية على المستوى المتوسط يجب أن تشمل حماية استقلالية البنك المركزي من التدخلات السياسية واعادة وضعيته الطبيعية كأخر مصدر للإستدانة من قبل الحكومة.ومثل هذا الأمر ، يتطلب نظام سعر صرف موحد حتى يساهم في خلق بيئة صحية للتنافس في مجال الإستثمار المنتج ، خصوصا في قطاعات الزراعة والصناعة ، ويجب الأ يكون لذلك اثر على مدخرات المواطن. بمجرد تنفيذ مثل هذه الأليات ، يمكن للسودان التحرك نحو نظام سعر صرف مرن مما يؤدي لتقليص الشقة ما بين السعر الرسمي وسعر السوق.
    على المدى القريب ، هناك ضرورة وحاجة ملحة للتعرف على مجموعة من التدخلات الإقتصادية المهمة لكي يتم تحريك الإقتصاد السوداني نحو مسار الإصلاح. عملية التعرف على اولى خطوات التعافي يمكن ان تكون بواسطة فريق متدرب من وزارة المالية ، بما يشمل البنك المركزي ، مؤسسات المال الدولية ، وممثلين للقطاع الخاص. التركيز على تدخلات متسلسلة ومتدرجة ، مثل بناء مؤسسات رأسمال فاعلة ، قد يعبد الطريق لعملية تجسير المال ، وبالتالي يساهم في عملية ادارة الديون والإصلاحات على المدى الطويل.


    كبر

    __________________________________

    * نفس المرجع [8]
                  

07-07-2022, 04:56 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    4/ ادارة المال والديون:*


    ان الإدارة المستدامة المتوازنة لعبء الديون السيادية في السودان ، والتي تتراوح ما بين (50- 60 مليار دولار) ، تشكل استراتيجية مركزية للإصلاح على المدى الطويل.على المدى القريب ، هناك ضرورة لإجراء حوارات جادة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لأهمية اعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي وكسر العزلة التي دامت لسنوات عديدة في حق السودان ، بما يشمل فرص السودان للإستفادة من مبادرة الدول الفقيرة ذات المديونية العالية
    (HIPC)
    في ظل النظام السابق ، قامت الحكومة بعدد (14) محاولة لبرامج يقودها مندوبي صندوق النقد الدولي ، ولكنها كلها لم تحدث اثرا ايجابيا واضحا ، وهذا يقود الى ضرورة اتباع نهج جديد ومحادثات تؤكد على مسألة اعفاء ديون السودان.
    عبء ديون السودان الأن ، هي عبارة عن (ديون وهمية)
    (Phantom Debts)
    وهي الديون التي لم تتعامل معها حكومات البشير بجدية: فنظام البشير كان يلجأ للبحث عن تمويلات قصيرة المدى ، بشروط غير ميسرة ، من الصين والخليج العربي مقابل الذهب (الذي عادة ما يكون عائده خارج الميزانية العامة) ، وكل تلك الممارسات ادت الى الى ارتفاع معدلات التضخم والإنقاص المستمر لقيمة العملة السودانية. ان ديون السودان يجب أن تحسب بدقة. فهناك صعوبات تواجه التقييم الدقيق لتلك الديون ، وذلك بسبب تعدد معدلات الصرف في السودان والتي تعوق عملية التعرف على حقيقة تلك الديون. ان عملية اعفاء ديون السودان والوصول الى اتفاقية في شأن ذلك مع الدائنين الدوليين المتعددين ستكون عملية طويلة الأمد. على السودان الموازنة ما بين الحاجة للمساعدة على المدى القصير ومخاطر التكاليف الباهظة للإستدانة المستمرة.
    لكي يكون الدعم بصورة افضل للحكومة الجديدة في السودان ، يجب ان يكون هناك تنسيق للتمويل الدولي عبر أليات شفافة مع اشتراط لتوجيه التمويل نحو اصلاحات محددة وواضحة.فتعاون مؤسسات المال الدولية مطلوب لإنهاء المأزق الحالي ، سواءا عبر سندات تجارية توجه لقطاع الزراعة والصناعة أو عبر طرق تمويل اخرى مثل بنك التنمية الأفريقي والذي لم يتأثر بالعقوبات الأمريكية. في نفس الوقت يحتاج الدائنون الدوليين الى اعادة هيكلة الديون التي تمت بشروط غير ميسرة ، ومثل هذه الخطوة ستجعل السودان مستفيدا دعم القدرات لإدارة المال العام.


    كبر

    ______________________


    * نفس المرجع [8]
                  

07-07-2022, 05:01 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    5/ التعافي الإقتصادي: تطوير استراتيجيات من المدى المتوسط الى المدى الطويل:*


    هناك فرصة امام حكومة السودان الإنتقالية ليس فقط في اتخاذ قرارات عاجلة لتنشيط الإقتصاد ، وانما فرصة لتطوير رؤية وطنية لتأسيس نظام حوكمة اقتصادية لكل قطاعات المجتمع يما يتميز بالشمول والتمثيل العادل والعدالة.ان السودان يحتاج الى ادارة خلاقة تستطيع توظيف قطاع الشباب ، الموارد الطبيعية ، وافضلية الموقع الجيو-سياسي الذي يتمتع به السودان ، فوجود مشروع وطني خلاق سيعيد الثقة للشعب ويرسل اشارة للمجتمع الدولي بان استراتيجية الإصلاح للمدى الطويل قد اخذت في التبلور الفاعل. ولتنشيط مصادر التمويل وخلق فرص العمل ، فان على الحكومة الإنتقالية تطوير استراتيجيات لدفع النمو وتحسين القوانين في نطاق القطاعات المنتجة مثل الزراعة والثروة الحيوانية ، الصناعة ، الخدمات والتعدين والبترول.

    أ/ الزراعة والصناعة:

    يعتبر قطاع الزراعة حجر الأساس لتعافي الإقتصاد السوداني. الزراعة تساهم بنسبة 30% من اجمالي الناتج المحلي وتشكل المصدر الرئيسي لفرص العمل ، وذات صلة عميقة بالرفاه ، والإستقرار والأمن الإجتماعي لشعب السودان.ولكن هذا القطاع الهام ظل يعمل بصورة اقل من طاقته الحقيقية ، وذلك باستخدام اقل من ربع المساحة الزراعية في السودان والتي تقدر بعدد 70 مليون فدان. قلة الإستثمار وضعف الإنتاجية اثر على قدرة الصادارات السودانية على المنافسة ، وهي التي تقدر بمبلغ (2 مليار دولار) مقابل (9 مليار دولار) للواردات.فقط 10% من الزراعة في السودان تستخدم نظم الري الحديثة ، فيما تبقى يعتمد على نظم الري المطري.مشروع الجزيرة ، والذي كان يمثل اكبر مشروع في افريقيا يعمل بنظام الري الحديث ، تعرض لمشاكل كتيرة بسبب سوء الإدارة والفساد.
    هناك فرصة حقيقية لتحسين الإنتاج في السودان وذلك بالتوسع في الصناعات الزراعية ، الصناعات التحويلية التي يمكن ان تضيف الكثير للإستفادة من الناتج الزراعي: مثلا انتاج ملابس قطنية ، تصدير لحوم مصنعة ، وصناعة ومنتجات الجلود ، داخل السودان.في مسار المضي قدما ، يجب تطوير نظم الري الحديثة والتشجيع على استخدام المخصبات والأسمدة مما يؤدي الى زيادرة انتاج صغار المنتجين ، ويحسن من قراءة مؤشرات السوق وفتح فرص للأسواق الرسمية.من القطاعات الإنتاجية التي ستساهم في زيادة النمو:منتجات الألبان ، الإستثمار في الحياة البرية والغابات ، واستجلاب سلالات محسنة في قطاع الثروة الحيوانية.
    ان مشاريع الزراعة الكبيرة في السودان يمكن ان تستفيد من عملية ادخال الميكنة ، والتكنولوجيا الخضراء المتوازنة يمكن ان تخلق افضلية للفائدة ، خصوصا من مصادر الطاقة المتجددة. وتطوير ذلك الإتجاه يتطلب راسمال ذكي ، استجلاب وتحويل الخبرات ، وفي نفس الوقت الإستثمار في بناء القدرات داخل السودان. يجب انشاء مركز قومي للبحوث لقيادة هذه الإستراتيجية ، والذي يمكن تمويله جزئيا بواسطة القطاع الخاص. في مركز هذه الإستراتيجية يجب مراعاة انخراط المناطق المهمشة في ذلك بهدف التأكيد على ان عملية النمو الصناعة شاملة لكل انحاء السودان.

    كبر
    ________________________________

    * نفس المرجع [8]
                  

07-07-2022, 05:05 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ب/الخدمــات"

    بالرغم من ان قطاع الخدمات في السودان يقدر بنسبة 45% من اجمالي ناتج الدخل المحلي ، الإ ان هذا القطاع يعاني الضعف في استخدامه في مجالات الزراعة والصناعة ، ولهذا الضعف تأثير كبير في تقوية الإقتصاد عموما. ان شركات الخدمات مثل التسويق او التوزيع ، ظهرت في السودان في السنوات الحديثة ، وهي شركات صغيرة الحجم ، ويلاحظ أن قطاع الخدمات تسوده الإتصالات وخدمات البنوك. فيما يتعلق بقطاع الإتصالات ، فان خدماته المدفوعة مسبقا تشكل 95% من اشتراكات المستخدمين في عدد 31 مليون مستخدم للموبايل ، ولكن تظل خدمة الإنترنت من اهم عوامل النمو ، والتي توفر فرص جيدة في التنسيق مع قطاعات الخدمات الأخرى كنظام البنوك. ان ظهور الموبايل في السودان يشكل اختراق كبير يقدر بنسبة 72% ، ولكن استخدامه في نظام البنوك يشكل فقط نسبة6% ، وهذا الأمر يشير الى ضرورة ادخال تكنولوجيا النظام البنكي الإلكتروني والذي سيمكن السودان من القفز على المسارات التقليدية للتنموية ونظم التمويل.

    ج/ مستخرجات الأرض:

    ان انتاج الذهب والبترول ، يشكل مصدر مهم للمال في السودان.كان قطاع البترول يمثل شريان الحياة للنظام السابق ، والذي كان ينظر اليه بالمصدر المهم لمعالجة اشكالات الإقتصاد المزمنة. ولكن معضلة غياب الشفافية جعلت الصعوبة في التعرف على هذا القطاع بدقة ، سواءا على مستوى الإحتياطي أو الإنتاج في الراهن.السودان يعتبر اكبر ثالث قطر في افريقيا في انتاج الذهب ، ووفق التقديرات الرسمية لسنة 2018 ، بلغ انتاج الذهب 93 طن (ما يعادل اربعة مليار دولار امريكي). والذهب يشكل المصدر الرئيسي لتوفير العملة الصعبة في السودان.ولكن لازال التعدين العشوائي يشكل نسبة 80% من نشاط انتاج الذهب ، وتضارب السياسات والضرائب الباهظة والفساد والمحسوبية ساهمت في تهريب 75% من انتاج الذهب السوداني الى الخارج. وغض النظر عن غياب المعلومات الموثوقة ، الإ ان الدخل من انتاج البترول والذهب في السودان لم يتم توجيهه لإحداث استثمار ملحوظ في البنيات التحتية وتطوير الخدمات.وبالتالي ، على الحكومة الإنتقالية أن تبدأ التخطيط والإستشارات برؤية انشاء صندوق تمويل سيادي من المصادر المحلية واستغلاله في الإستثمار في البنيات التحتية والخدمات ورفاهية المواطن.


    كبر
                  

07-07-2022, 05:10 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    د/ التحديات العامة التي تواجه القطاعات المنتجة:

    ان الإصلاحات مطلوبة على جبهات واسعة في قطاعات الإنتاج حتى يتمكن السودان من زيادة النمو بصورة كبيرة. فارتفاع معدلات التضخم وتحديات تععد اسعار الصرف قد ساهمت كثير في تدمير عملية التنافس في قطاعات الزراعة والصناعة. وهذا الأمر لم يتوقف اثره في الصادرات ، بل يمتد للتأثير على استيراد مدخلات الإنتاج الزراعي للشركات التي لا تستطيع التنافس مع الشركات المحمية من قبل الحكومة عبر المحسوبية والفساد وهي العوامل التي توفر لهذه الشركات الحماية والإستفادة كثيرا.أكثر من ذلك ، فان الجمارك والضرائب الباهظه على الصادارات تعقد من نمو القطاع الخاص. النظام السابق ، كان يستخدم القطاعات المنتجة عبر المحسوبية لخلق الولاء السياسي ، وخلق عدم فعالية في هذه القطاعات مما نجاح أي شركة مرتبط بالولاء السياسي والصلة باجهزة الأمن. مثال لذلك أن تجارة الذهب في جبل عامر (بدارفور)تقع تماما تحت سيطرة قوات الدعم السريع . لذلك يجب أن تكون قوات الدعم السريع واجهزة الأمن الأخرى جزء من عملية الإصلاح في السودان ، بما يشمل توحيد التعاملات والصفقات المالية ، وان تؤول تلك لولاية وزارة المالية الفيدرالية.
    أيضا شركات الإتصالات والبنوك ، هي الأخرى كانت عرضة للإستغلال والمصالح السياسية: ففي السابق كان التمويل يتم دون الخضوع للشروط التجارية المعروفة ، وفي الراهن تقوم شركات الإتصالات بقطع خدمات الإنترنت في حالة المظاهرات أو الهبات الشعبية. مثل هذه التشابكات السياسية تؤدي الى تقييد المساحات للفاعلين الجدد ، كبارا أو صغارا، عبر كل القطاعات المنتجة.
    من العوامل التي تعقد بعملية التوسع في القطاعات المنتجة هي ، محدودية البنيات التحتية ، بما يشمل النقل والإتصالات ، والتي تعوق الإمداد ونقل المنتجات المصنعة. ايضا هناك اشكالية امداد الطاقة المتعثر والذي يخلق صعوبات في قطاع الصناعة والصناعات التحويلية الزراعية. فالإعتماد على مولدات الكهرباء في القطاعات المنتجة سيتأثر كثيرا بتكاليف وقود الديزل. بالتالي تظل عملية الإستثمار ، على المدى الطويل ، في البنيات التحتية مسألة مهمة في تطوير بؤر متعددة تشمل كل اقاليم السودان ويجب ان تتواصل عبر مبادرات اقليمية متداخلة تشمل كل الأقاليم بما فيها حزام الزراعة في اواسط السودان.
    التحدي الآخر ، يتمثل في قلة الخبرات التقنية التي تساعد الشركات في تنفيذ الإصلاحات أو تطوير استراتيجيات للأعمال التجارية. والأثر السلبي لقلة الخبرات التقنية يرتبط دوما بغياب ارادة التغيير اة ضرورة استبدال البنيات التنفيذية الضعيفة ، خصوصا تلك التي تكون جاءت بموجب الولاء السياسي او المحسوبية ، اسوة بعدم القدرة على تطوير وتحسين نظم وكوادر الإدارة الوسيطة.

    هـ/ الوصول الى مصادر التمويل والأسواق المجاورة:

    ان الإستثمار يشكل قضية مهمة لتمويل وتحسين اداء القطاعات المنتجة في السودان. يواجه السودان نقص في التمويل المحلي والتأمين المتاح ، وطرق التمويل التقليدية من المانحين مثل الإتحاد الأوروبي ، تكون دوما مقيدة وقاصرة لإحداث النمو.مصادر التمويل المحتملة من البنك الأوربي للإستثمار والمؤسسات المالية الإقليمية مثل بنك التنمية الأفريقي وبنك التجارة والتنمية لشرق وجنوب افريقيا، كلها مصادر يمكن أن تساعد في سد الفراغ.مثلا ، في نهاية سنة 2018 ، اجاز بنك التنمية الأفريقي قرض بمبلغ (75 مليور دولار) لمجموعة (دال) ، والتي تعتبر واحدة من اكبر الشركات السودانية التي تعمل في مجال المواد الغذائية والزراعة ، للقيام بعمليات التوسع الرأسي في الأغذية المتكاملة والزراعة.
    تزداد فرص السودان الممكنة في الزراعة والصناعة بالوصول بهسولة ويسر الى الأسواق المجاورة مثل مجموعة دول (الإيقاد) والتي يقدر سكانها مجتمعة بعدد (260 مليون) أو مجموعة دول (الكوميسا) والتي يقدر عدد سكانها مجتمعة بعدد (460 مليون) ، اضافة الى اسواق دول الخليج الغنية ذات الطلبات المتميزة في استيراد المواد الغذائية.
    ان تعافي الإقتصاد السوداني ذو صلة بدولة جنوب السودان ، بشكل رئيسي اقتصاد البترول وفرص التبادل التجاري وتدفق التحويلات.الفشل في الإستعداد للتكامل في الأنشطة الإقتصادية بين البلدين ، وحدوث الحرب في جنوب السودان ، كل ذلك كان له الأثر الكبير في اقتصاد السودان. وبالتالي ، بناء شراكة جديدة تيسر التكامل الكبير والتجارة الرسمية ستكون في مصلحة البلدين.في سبتمبر 2019 ، تمت خطوة مهمة في خلق هذه الشراكة الجديدة حيث اتفق دكتور عبد الله حمدوك والرئيس سيلفا كير على اعادة فتح بعض النقاط الحدودية بين البلدين.



    كبر
                  

07-07-2022, 09:40 PM

Mahjob Abdalla
<aMahjob Abdalla
تاريخ التسجيل: 10-05-2006
مجموع المشاركات: 8947

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    Quote: والأنكي العمل على انتاج نفس الأخطاء..فالأداء الآن يشبه اداء الثمانينات بعد الإنتفاضة ، والستينات بعد اكتوبر ، واداء الخمسينات قبل انقلاب عبود.. نفس العقلية /الخطاب/السلوك.

    سلام استاذ كبر,
    الذى يحدث الان ربما اقرب لما كان يحدث في الاعوام ما بعد 1885 الي 1898
    يبدو ان عقلية معظم السودانيين الا في بعض مظاهر الكرفتات و البدل.
                  

07-09-2022, 02:46 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Mahjob Abdalla)


    Quote:

    سلام استاذ كبر,
    الذى يحدث الان ربما اقرب لما كان يحدث في الاعوام ما بعد 1885 الي 1898
    يبدو ان عقلية معظم السودانيين الا في بعض مظاهر الكرفتات و البدل.



    الحبيب محجوب ..حبابك يا صديقي

    كل سنة وانت طيب..
    كتر خيرك على المرور..
    عارف يا صديقي ، اهم جانب مهمل في دراسة سيكولوجيا الإنسان السوداني هو القدرة الفائقة على العنف والإختلاف. فعلا لم يتغير شئ كبير منذ عهد المهدية والى الآن ، نفس التحالف بين القبيلة ورجل الدين والسلطان هو الذي يتحكم في تصورات الغالبية. الآن يا صديقي كلما حاول شباب السودان ان يكون عمليا ويحلم ببناء وطن يشبهه ويشبه مستقبله تجد شيخ تجاوز السبعين ولا يعرف كيف يتعامل مع تلفون ذكي حديث ، هو الذي يأمر وينهي..والغريبة تجد من يطيعه.
    تحياتي
    كبر
                  

07-09-2022, 02:52 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    6: بناء سودان المستقبل: التضمين/الشمول وبناء القدرات:


    تحتاج الحكومة السودانية الإنتقالية لبناء نظام حوكمة اقتصادي عادل وشامل ، ويمثل جيمع قطاعات المجتمع في السودان. ان المجموعات المستضعفة والمتضررة يجب تضمينها بصورة مثلى في أجندة الإصلاح. امور مثل توفير فرص العمل لفئة الشباب والتأكيد على مشاركة المرأة في صنع القرار في القضايا العامة ، كلها تشكل عناصر مهمة لبناء مؤسسات تعكس التمثيل العادل وتتميز بالإستمرارية.

    أ/ بناء السلام كأساس للنمو المستدام:

    لقد استمرت النزاعات الدموية في اطراف السودان لأجيال عديدة.وبالتالي من اهم اولويات الحكومة السودانية الإنتقالية الوصول الى اتفاق سلام شامل والعمل على تحقيق سلام مستدام في اقاليم النزاع ، بما يشمل دارفور والمنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) وشرق السودان. ان فوائد السلام المستدام تتمثل في تخفيض الصرف على الأمن ، وفي نفس الوقت تمكين النمو ودعم الشرائح الريفية في الإنخراط في الإنتاج ، خصوصا في حال توفر فرص العمل مدفوع الأجر ، ويمكّن السلام من تنمية البنية التحتية وترقية ناتج الصناعات الزراعية.
    ان التهميش التأريخي والإنقسامات الإثنية الحادة هي عوامل ساهمت في احداث اخطر النزاعات الدموية في كثير من اطراف السودان المهمشة ، مما ادى الى فقدان كبير في الأرواح ونزوح سكاني واسع وكوارث انسانية. ملايين من السودانيين يعيشون كنازحيين داخليين أو لاجئين في الدول الأخرى ، وعانوا من ضربات الطيران الحكومي وتدمير قراهم واحتلالها بواسطة " مستوطنين جدد" وحرمانهم من المساعدات الإنسانية. ان الوعي السائد وسط المجتمعات الصغيرة المتأثرة بالنزاعات الدموية ، وغيرها من المجتمعات في اطراف السودان ، هو: أن معاناة هذه المجتمعات المستمرة تحت نظام البشير ، لم يتم فهمها بصورة صحيحة أو الإعتراف بها كمظالم حقيقية من قبل صناع القرار في المركز ، واي وعي يستمر في تهميش هذه القضايا واهلها وابعادهم عن المشاركة في صنع القرار في القضايا العامة ، سيكون مصدر للغضب. فمبدأ (فرق تسد) الذي كانت تتعامل به سياسات نظام البشير ، بما يشمل تشجيع القبلية وتسليح القبائل ضد بعضها البعض ، قد اثر بصورة خطيرة في تمزيق النسيج الإجتماعي وخلق صورة التمحور الحاد.
    هناك حاجة ملحة وعاجلة في بناء السلام ، ويجب ان توضع في الإعتبار قضايا: العلاقة بين المركز والأطراف ، والأمن ، والعدالة الإنتقالية ، والعودة ، والتعويضات ، واستعادة الأراضي والأموال ، بطريقة تجعل المجتمعات المتأثرة تجلس مع بعضها لبناء المصالحات واسس التعايش السلمي ، وهذا يشمل العمل على عودة النازحين واللاجئين والمجموعات المهمشة الأخرى ، واحتوائهم في بناء الحوكمة الجديدة بصورة تمكن من سماع اصواتهم.
    عملية بناء السلام الشاملة يجب أن تمتد ، ايضا ، لتشمل المجموعات المهمشة الأخرى مثل المجتمعات السودانية الصغيرة التي تأثرت وتضررت من سياسات حكومة البشير في بناء السدود في شمال السودان ، والتي خلقت حال نزوح عشرات الآلاف من السكان وتهجيرهم من وادي النيل الخصب الى الصحراء القاحلة دون التعويضات المناسبة.أيضا هنالك العديد من السودانيين في مناطق السدود قد فقدوا اراضيهم نتيجة للمصادرات العشوائية في عهد النظام السابق أو المستثمرين الأجانب. ايضا هناك البعض الذي فقد عمله في الخدمة المدنية أو الجيش أو اي من المهن الأخرى ، او من تم اجبارهم لإغلاق اعمالهم بسبب التطهير الأيدولوجي وممارسة التمكين ، مما تسبب في دفع البعض للهجرة وبالتالي حرمان السودان من خبراته الموهوبة.


    كبر
    _______________________________________


    * نفس المرجع [8]
                  

07-09-2022, 03:22 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    عيد سعيد
    وربنا يخضر ضراعك .. ويزورنا المصطفي ..

    ما شاء الله معلومات في غاية الأهمية ..
    حضور ومتابعة ..

    بريمة
                  

07-09-2022, 06:24 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Biraima M Adam)




    Quote:
    عيد سعيد
    وربنا يخضر ضراعك .. ويزورنا المصطفي ..

    ما شاء الله معلومات في غاية الأهمية ..
    حضور ومتابعة ..

    بريمة


    ول ابا بريمة..حبابك يا صديقي
    عيد الحول ما يغضب زول ، زايدين ماني ناقصين..
    ان شاء اللـه معيدين في جبيل عرفات..
    اللــه يخلي ليك الطويرات لمن تحضر جديدهم..
    كبر
                  

07-09-2022, 06:29 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ب/ ترقية اللامركزية وبؤر النمو المتعددة:

    ان اقتصاد السودان غير متناسب ومتوازن وذلك بتركيزه على الخرطوم ، والتي فيها رأسمال يقدر بثلثي اجمالي الناتج المحلي مما يؤدي الى اتساع الشقة بين المركز وألأطراف. كل ولايات السودان تعتمد السودان تعتمد على التحويلات التي تأتي من جهاز الدولة المركزي في الخرطوم ، ومثل هذه التحويلات تعتمد على شبكات تحظى بالرعاية السياسية من قبل النافذين في النظام. العديد من ولايات السودان لا تعاني فقط قلة الموارد ، وانما تعاني الفشل في ادارة مواردها المحلية وتوجه الصرف نحو المرتبات. في بعض المناطق تشكل الضرائب العديدة على البضائع ، صعوبات في المنافسة لصالح المنتجات المحلية ، خصوصا اسعار الثروة الحيوانية وترحيلها لموانئ السودان.
    على المستوى الفيدرالي (القومي) فان " مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية " تعاني ، ولزمن طويل ، من التدخلات السياسية السافرة ، بالرغم من أن من صميم اهدافها الشفافية فيما يتعلق بتحويلات الدولة. على المدى الطويل ، يجب أن يكون الهدف خلق بؤر نمو متعددة تشمل كل انحاء السودان ، مدعومة بالمراجعة والإصلاح وتطبيق الفيدرالية المالية ، بهدف ترشيد الصرف واعادة هيكلة التحويلات مما يؤدي الى خلق مخصصات اكبر توجه نحو الولايات المهمشة والأقل نموا ، وفي نفس الوقت محاربة المحسوبية والمحاباة السياسية. كل هذا يتطلب اصلاح " مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية " بهدف حماية استقلالها وترقية الشفافية وتطبيق سياسة مالية تقوم على قواعد واضحة وفي كل ولايات السودان.

    كبر
                  

07-09-2022, 06:33 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ج/ الشباب ، المرأة ، وفرص المستقبل:

    ان غياب الشفافية في البيئة الإقتصادية السودانية ، جعلت شباب السودان فاقدا لفرص العمل. العديد من شباب السودان قد هجر البلد ، والبعض مصمم على المغادرة بحثا عن فرص في بلاد اخرى ، والبعض الآخر غرق في الحركات المسلحة. أكثر من نصف عدد سكان السودان البالغ 40 مليون ، هم في سن اقل من 25 سنة ، وهناك انقطاع صلة تام بين الفئة الشبابية والقيادات السياسية العجوزة في العمر. وبالتالي ، فان الأجيال الشابة يجب أن تلعب دور راسخ في تشكيل مستقبل السودان ويجب أن ينالوا اكبر قدر من التمثيل ، وتحسين التعليم وتقوية فرص العمل.
    لقد عانت النساء ، بصفة خاصة ، بصفة خاصة ، كثيرا من قهر النظام البائد وامامهن احتمالات عديدة للإستفادة من التغيير في نظام الحوكمة في السودان. على السلطات في الفترة الإنتقالية دعم اكبر تمثيل للشباب والمرأة في بنيات الحوكمة الجديدة فيما يتعلق بالأجهزة التي تساهم في صنع القرار في القضايا العامة. ان خطوة رئيس الوزراء ، دكتور عبد الله حمدوك ، في تعيين اربعة نساء في وزارته ، بما يشمل منصب اول امرأة سودانية تنال منصب وزيرة الخارجية ، يعتبر خطوة الى الأمام ، وقد لاقت ترحيب واسع ويجب البناء على ذلك.
    في مقدمة الإعتبارات على المدى الطويل ، سيكون التحدي في النمو المتسارع في القوى العاملة في القطر ، باعتبار ان هناك 130 الف يتوقع جاهزيتهم لدخول سوق العمل في السودان. ان السودان حاليا ، يقع تحت التوقعات في معايير الصرف الإجتماعي لمواجهة الإقتصاد النامي. فميزانية التعليم تقدر بنسبة 2% في عهد البشير ، وكل النظام التعليمي قد فشل في تقديم خريجين بالمهارات اللازمة لمقابلة احتياجات سوق العمل. وبالتالي ، فان خلق تنوع في البرامج الإقتصادية سيكون مهما في توليد انتاجية عالية وخلق فرص عمل مستدامة. اضافة لذلك ، يجب ترقية معايير وآليات اتشجيع الشباب للإنخراط في المشاريع وريادة الأعمال ، وازالة العوائق امام أي اعمال أو مشاريع منتجة.
    ان الخدمة المدنية الفعالة تعتمد كثيرا على قوى العمل الماهرة. في ظل النظام البائد ، كان استخدام المحسوبية والواسطة في الخدمة المدنية ، جعلها متضخمة وغير فعالة كمؤسسة ادارة عامة. ولخلق خدمة مدنية مهنية ومستدامة ، يقتضي ذلك أن تعكس ، الخدمة المدنية ، تمثيل كل القطاعات في المجتمع السوداني: المرأة ، الشباب ، المجموعات المستضعفة ، المجموعات من مناطق الأطراف السودانية ، كل هذه الشرائح الإجتماعية يجب أن تكون في اولويات اجندة الإصلاح ، بجانب تطوير وتنمية ثقافة الخدمات.


    كبر
                  

07-09-2022, 09:56 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    دكتور ابراهيم البدوي..اول وزير مالية في الفترة الإنتقالية في حكومة دكتور عبد اللــه حمدوك..




    كثير من المفاهيم في حديث دكتور البدوي ، سوف نرجع اليها ونذكر القراء بها..المهم الآن مراجعة اسس البرنامج الإنتقالي الأولية..كما ورد في فقرة (اجتماعات اهل المصحلة) التي اشرف عليها وراقبها المعهد الملكي للعلاقات الخارجية (تشام هاوس)..

    البرنامج الذي تم البدء في تنفيذه وتطبيقه..

    كبر
                  

07-16-2022, 03:20 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)




    اطروحة دكتور عبد الله حمدوك: نظرية الأحزمة الخمسة للتنمية في السودان:


    في العام 2019 وفي اول مؤتمر صحفي له في بداية عمله كرئيس لوزراء الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، وجه الى دكتور عبد الله حمدوك سؤال عن أي المدارس الإقتصادية سيتبعها في فترة حكومته الإنتقالية: الرأسمالية أم الأشتراكية؟
    فكانت اجابته:( بعد سنين التجريب ، فان موضوع الأيدولوجيا قد تراجع الى المقاعد الخلفية ، واقتصاد اليوم تحكمه البراغماتية. وعالم اليوم ماعاد هو عالم الحرب الباردة (ابوضلفتين) بحسب عبارته. يمكن الإستفادة من الإقتصاد الرأسمالي ، يمكن الإستفادة من الإقتصاد الصيني ، وستكون لك القدرة على انجاز النهوض الإقتصادي لو تعاملت مع هذه المسائل بحصافة عالية.)
    وذكر دكتور عبد الله حمدوك ، في ذاك المؤتمر ، أن هناك مواضيع لا تقبل المساومة مثل الصحة والتعليم.اتباع نهج النمور الأسيوية يمكن ان يجعلك أن تعمل مزج بين الإثنين: خلق المؤسسات الفاعلة والسياسات الواضحة الممكنة.
    وأشار عبد الله حمدوك الى أن اقتصاد السودان هو السادس في افريقيا ، ووجود الرؤية الصحيحة والسياسات الصحيحة عبرهما يمكن أن نواجه التحديات الإقتصادية واحداث النهوض. وفي رؤية دكتور عبد الله حمدوك أن في المدى الطويل يمكن أن نواجه التحديات بالإنتاج ، لأننا في السودان لا نستطيع الإعتماد على الهبات والإعانات وعلينا بالإنتاج.ولتحقيق ذلك علينا ان نعيد بناء القطاع المالي والبنكي.
    في 15 يونيو 2021 وفي حوار تلفزيوني مع دكتور عبد الله حمدوك ، تحدث عن نفس الرؤية التي تعرض لها باقتضاب في أول مؤتمر له في 2019 وكررها في حوار مماثل في 2020.ومن اقواله في هذا المؤتمر:
    1/ " ان الحل الحقيقي للمشكلات الإقتصادية التي تواجه بلادنا يكمن في الإنتاج"
    2/ نحن نعلم أن الحل الحقيقي يكمن في الإنتاج وتحريك قدرات الريف وتطوير موارده"
    3/ " الحل الناجع لبلادنا في الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة التحويلية الناجمة عن ذلك"
    4/ " نعمل على جذب الإستثمار على ضوء رؤية واضحة وفق الأحزمة الخمسة للتنمية في بلادنا ، واستخدام التقنيات الحديثة التي توفر الوقت والجهد والموارد ، لكن هذا الأمر يحتاج الى تمويل وتمويل كبير جدا"

    وقد وضح دكتور عبد الله حمدوك ، الأحزمة الخمسة بأنها:
    أ/ حزام التمازج: يمتد من ام دافوق غربا الى الكرمك شرقا.وهذا أغنى حزام في السودان فيه البترول والذهب والمعادن الأخرى والثروة الحيوانية والزراعة.
    ب/ حزام الصمغ العربي: ويمتد من النيل الأبيض شرقا لغاية حدودنا مع تشاد, وهو حزام غني بالمحاصيل والصمغ العربي نفسه.
    ج/ حزام الأنهار: وهو الحزام المروي ، ويمتد من النيل الأبيض جنوبا لغاية نهر عطبرة شمالا.وهو حزام غني بموارد عديدة للزراعة والمياه وانتاج الطاقة الكهربائية.
    د/ حزام المحاصيل النوعية: يمتد من شمال الخرطوم لغاية حدودنا مع مصر ، وغني بالبستنة والمحاصيل الأخرى.
    هـ/ حزام البحر الأحمر: غني بالثروات (معادن ، غاز طبيعي ، ثروات البحر) ، وهذا الحزام يحتاج الى انتباه شديد وخاص من قبلنا.لذلك اقترح دكتور عبد الله حمدوك ان تقوم مفوضية خاصة بالبحر الأحمر لتخاطب القضايا الإستراتيجية لهذا الإقليم لأنه فيه تقاطعات اقليمية ودولية.


    كبر
                  

07-16-2022, 03:25 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    نظرية (الأحزمة الخمسة للتنمية في السودان) التي طرحها دكتور عبد الله حمدوك عبر حوارات (مؤتمرات صحفية ، حوارات تلفزيونية) ، تشكل قراءة معقولة للواقع السوداني ، وذلك لأنها استوعبت تاريخ المطالب في السودان ، وبالتالي قدمت رؤية حلول بناءا على تاريخ الحركات المطلبية الإقليمية في السودان . ففي تاريخ السودان ، قامت تجمعات اقليمية معروفة في السودان مثل ( حركة اللواء الأبيض 1924، مؤتمر الخريجين 1938 حزب سانو 1947 الذي طرح فكرة الفيدرالية ، اتحاد جنوب وشمال الفونج 1953 ، مؤتمر البجا 1958 ، جبهة الجنوب 1965 ، اتحاد عام جبال النوبة 1965 ، جبهة نهضة دارفور ، وحركات من دارفور مثل سوني واللهيب الأحمر). [9]
    هذه التجمعات الأقليمية تطورت في سنوات الثمانيات من القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، حيث ظهرت الحركة الشعبية لتحرير السودان ، حركة المقاومة المسلحة في شرق السودان ، وحركات المقاومة المسلحة في دارفور (حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة السودانية).

    لقد لاقت اطروحة الأحزمة الخمسة للتنمية في السودان ، والتي طرحها دكتور عبد الله حمدوك ، ترحيبا واسعا من قبل الشعب السوداني والأكادميين والمثقفين .
    في مقال لدكتور عبد السلام سيد احمد[10] ، نشر في 22 ديسمبر 2020 ، في موقع (الفلاسفة نيوز) ، بعنوان (الأحزمة التنموية الخمس في السودان) ، اشار، عبد السلام، الى ( اثارت اطروحة رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك حول الأحزمة التنموية الخمس للسودان ردود فعل واصداء واسعة)..
    ولقد استعرض دكتور عبد السلام سيد احمد تلك التفاعلات بالإشارة الي مقالات السر سيد احمد ، جمعه كنده ،طه البطحاني ، عثمان ميرغني ، واغفل الأشارة الى دكتور حيدر ابراهيم علي ، الذي كان اول معلق على اطروحة دكتور عبد الله حمدوك حول الأحزمة الخمسة للتنمية في السودان.وسوف نستعرض بعض التفاعلات مع الأطروحة التي اشار اليها دكتور عبد السلام سيد احمد.
    في 11 يونيو 2020 كتب دكتور حيدر ابراهيم علي[11] مقالا بعنوان : ( حمدوك اول رئيس وزراء للسودان بعد الإستقلال ) ونشر المقال في موقع صحيفة التغيير الإلكتروني.
    في ذاك المقال ، قال استاذنا دكتور حيدر: (كنت منذ سنوات انتظر أن يأتي حاكم للبلاد تكون اولوياته التنمية والوحدة الوطنية، والأ يملأ البلاد بالخطب الجوفاء ، والكلام الكثير المنمق المحلى بأبيات الشعر وأيات القران والأحاديث لدغدغة العواطف الدينية بين البسطاء والعامة والمتعلمين السطحيين..)..!
    واضاف دكتور حيدر ابراهيم يقول (وفي اللقاء الأخير مع التلفزيون السوداني ، كانت قضية التنمية حاضرة في كل ألإجابات. كان المذيع المحاور يسأل عن القروض والمساعدات التي يمكن أن يقدمها اصدقاء السودان. فكان حمدوك يرد كل مرة: نحن نبحث عن شراكات واستثمارات بعد تحسين قوانين الإستثمار. وهو يؤكد على الإعتماد على الذات.وختم اللقاء بطرح استراتيجية مستقبلية واضحة المعالم حينما تحدث عن الأحزمة الخمسة ، وشعرت بنشوة حقيقية ، فلأول مرة يتحدث مسئول بهذه الدقة والوضوح عن مشروعات تنموية تحقق النهضة للوطن.)
    في 12 يونيو 2020 ، كتب السر سيد احمد[12] مقال بعنوان ( من الإنشغالات الصغرى الى الأسئلة الكبرى (2/2) : أحزمة حمدوك الخمسة ورحلة البحث عن مشروع قومي) ، نشر بصحيفة سودانايل الإلكترونية. وفي تلك المقالة قال السر سيد احمد (فاجأ الدكتور عبد الله حمدوك السودانيين بطرح جديد في مجال التنمية يغطي كل انحاء البلاد).
    واضاف السر يقول ( هذا الطرح يعتبر لبنة جديدة واضافية لمسيرة طويلة بدات في البلاد قبيل الإستقلال وذلك عبر شعار تحرير لا تعمير ، الذي لخص هموم واهتمامات تلك الفترة ، وهو ما وضع الأساس للشكاوى الخاصة بالتهميش وضعف التنمية والخدمات في كل الأقاليم التي تطورت فيما بعد انفجارات سياسية وامنية ومطالبات باعادة هيكلة الدولة السودانية ، بل العودة بها الى منصة التأسيس).
    وواصل السر سيد احمد يقول ( ولهذا يمكن أن تشكل فكرة الأحزمة نقلة نوعية في هذه الممارسة فهي تنقل الإهتمام التنموي الى اقاليم السودان المختلفة ، بدلا من تحريكها مركزيا واهم من ذلك تقسيم الثروة بتوليدها اولا ثم قسمتها بعد ذلك ، كما انها تعلي البعد الإقتصادي لشكل الحكم ويجعل للإقليم أو الولاية هوية تجاوز البعد القبلي والإثني وتجعله اقل اعتمادا على المركز فيما يتعلق بالتمويل. كما انها يمكن ان تتيح الفرصة افضل لمشاركة افضل لفئتين برزتا كقوتين فاعلتين في الساحة ، وذلك على غير ما كان عليه الوضع اثر الإنتفاضتين الشعبيتين في 1964 ، و1985 ، والإشارة الى القوة الشبابية ورجال الأعمال.).

    في 22 ديسمبر ، كتب دكتور عبد السلام سيد احمد مقال بعنوان ( الأحزمة التنموية الخمسة في السودان) ، ونشر بموقع الفلاسفة نيوز. في هذا المقال قال دكتور عبد السلام ( اثارت اطروحة رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك حول الأحزمة التنموية الخمسة للسودان ، ردود فعل واصداء واسعة).
    واضاف يقول ( الشئ البارز في اطروحة الأحزمة التنموية الخمس هي انها تشمل السودان كله من شئ من التركيز على الأقاليم البعيدة عن المركز وهي بالتالي تجترح نهجا جديدا يطرق ابواب التنمية بعيدا عن محور الخرطوم- سنار- كوستي المألوف والموروث من ايام المستعمر. وبالتالي فان هذه الدوائر التنموية المتعددة يمكن أن تعالج متلازمة المركز والهامش التي اناخت بظلها الثقيل على السودان منذ استقلاله بل ان هذه الرؤية التنموية الجديدة اذا احسنت ادارتها وتحققت مآلاتها فانها يمكن أن تقوّض الأرضية التي انبنت عليها متلازمة المركز والهامش. على صعيد مستقل فأن الأحزمة بامتدادتها الأفقية والطولية والعابرة للحدود الإدارية والحواجز الإثنية واللغوية والثقافية مرشحة لأن تسهم بصورة اكثر عملية واكثر نجاعة في بناء الوحدة الوطنية .).


    كبر
    _____________________________________________________-




    [9]

    عمر عبد الرحمن ادم (التجمعات الإقليمية) ، دراسة نشرت في كتاب (التنوع الثقافي ةبناء الدولة الوطنية في السودان ـ ابحاث الندوة الثانية ابريل 1995) ، منشورات مركز الدراسات السودانية ، القاهرة ، 1995.

    [10]

    دكتور عبد السلام سيد احمد (الأحزمة التنموية الخمس في السودان)
    https://philosophynews.net/1542https://philosophynews.net/1542

    [11]
    دكتور حيدر ابراهيم علي
    ( حمدوك اول رئيس وزراء للسودان بعد الإستقلال )
    نشر المقال ايضا في صحيفة التغيير ، على الرابط:
    https://www.altaghyeer.info/ar/2020/06/11/%D8%AF-%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%83-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3/https://www.altaghyeer.info/ar/2020/06/11/%D8%AF-%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D9%...1%D8%A6%D9%8A%D8%B3/

    [12]
    السر سيد احمد[12] ( من الإنشغالات الصغرى الى الأسئلة الكبرى (2/2) : أحزمة حمدوك الخمسة ورحلة البحث عن مشروع قومي)

    https://sudanile.com/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%BA%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8-2/https://sudanile.com/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%BA%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D...D9%84%D9%83%D8%A8-2/
                  

07-16-2022, 03:55 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    قال براغماتية حمدوك قال سليل المراحيل، العربي الجانا من الاندلس!

    نعم الجنجويدي ده بحاول يقول لينا خلاس، قرطو، سكرو، اقفلو سمكرو علي نكتة هوية مستعبدينا الاعراب لجمهورية السودان!

    نعم مشعل محارق الابادة عامل عربي للبسموهم "زرقة" والان بقول لينا بلاش موضوع هوية!!

    هو المطلع "دينا" شنو من اساسو؟

    مش أزمة الهوية البجسدوها امثالك، مشعلي المحارق، واللي حيولعو السودان تاني من أول جديد في الأيام الجاية لاقدر امون، بالوكالة، عملاء مخابرات مستعبدينا الاعراب، من أمثال زعيمك حمرتي، العامل عربي، ياللنكتة؟

    نعم هو عايز يحافظ علي وهم عفن كرور إيدز العروبة والسلام!
                  

07-16-2022, 04:08 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Bashasha)


    حمدوك في الحكومة:


    الزخم الكبير على مستوى التنظير وبناء الرؤى والإستراتيجيات والتطبيق في العديد من الدول الأفريقية ، واحداث اختراقات ونجاحات مشهودة ، كان ذلك هو الرصيد الذي حمله دكتور عبد الله حمدوك وهو يتصدى لمسئولية قيادة رئاسة وزراء الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان . وبالرغم من اشارته التي وردت في اول لقاء له في السعودية في سنة 2019 وقوله ان قوى الحرية والتغيير لم تسلمه برنامج مفصل لكيفية ادارة الفترة الإنتقالية ، الإ انه كان ، ولازال ، يملك رؤية واضحة وراسخة ، وتطبيقها سيكون من اكثر التطبيقات المعقولة للخروج بالسودان الى بر الإستقرار والنهوض. فلقد كانت ، ولازالت، لدكتور عبد الله حمدوك رؤى جيدة وعملية ويمكن تحقيقها في اطار زمني محدد ومضبوط.

    الوثيقة الدستورية لسنة 2019 ، قد تضمنت برنامج الحد الأدنى والواردة الإشارة اليه في المادة (8) من تلك الوثيقة. فكانت القضايا الإنتقالية الملحة والتي تتطلب الإهتمام بها كأولويات وتحتاج المعالجة ، مفصلة بصورة دقيقة وواضحة ، قضايا مثل (تحقيق السلام ، الغاء القوانين المقيدة للحريات ، محاسبة منسوبي النظام البائد ، معالجة الأزمة الإقتصادية ، الإصلاح القانوني ، تعزيز حقوق المرأة ، تعزيز دور الشباب ، الإصلاح في مؤسسات الدولة ، سياسة خارجية متوازنة ، تفكيك بنية التمكين للنظام البائد ، التحقيق في عملية فض اعتصام القيادة واجراء المحاسبة ..الخ) وغيرها من قضايا انتقالية.

    يلاحظ أن مهام الفترة الإنتقالية المنصوص عليها في المادة (8) من الوثيقة الدستورية لسنة 2019 ، هي نفس القضايا والإهتمامات التي ظل دكتور عبد الله حمدوك يعمل عليها طيلة العشرين سنة الماضية وذلك على مستوى القارة الأفريقية ، بصورة عامة ، وعلى مستوى بعض الدول الأفريقية بصورة خاصة. ولقد بينا في استعراضنا للأوراق العملية ووضع السياسات التي شارك فيها دكتور عبد الله حمدوك ، وكيف تبلورت رؤاه حول الحوكمة الرشيدة ، الديموقراطية في افريقيا والشرق الأوسط ، كيفية احداث التحول الإقتصادي الذي يقود الى النهضة والإزدهار.

    حينما تولى دكتور عبد الله حمدوك رئاسة حكومة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، كانت هياكل الحكومة الإنتقالية تتكون من مجلس السيادة ومجلس الوزراء في غياب المجلس التشريعي الإنتقالي ، الذي كان ينظر له (حال تكوينه) أن يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية والقضائية والسيادية ، وتشريع واجازة القوانين التي تسهل من عملية الإنتقال. هذه الوضعية (وضعية غياب المجلس التشريعي) جعلت من مجلس السيادة الإنتقالي ، بقيادة المكون العسكري ، يتدخل كثيرا في اعمال السلطة التنفيذية ، وبالتالي لم تكن للسلطة التنفيذية ورئيس وزرائها ، السلطة الكافية لتنفيذ السياسات والمشاريع الإنتقالية.
    في ظل هذه الوضعية المشوهة والهشة ، شرع دكتور عبد الله حمدوك في اداء مهامه بمبدأ (العمل وفق الممكن ، والبحث عن الفرص للتطوير) ، وبالتالي حدد بعض الأولويات في ثلاثة محاور مهمة للإنطلاق والبداية:
    أولا: العمل على حل الضائقة الإقتصادية عبر السياسات والخطوات والأليات العاجلة ،
    ثانيا: العمل على ارجاع السودان للمشهد الدولي وتحويله من دولة مشاكسة في عهد النظام البائد الى دولة صديقة ، وفي نفس الوقت اتخاذ خطوات عملية على شطب ديون السودان المتراكمة ،
    ثالثا: تحقيق السلام في السودان الذي انهكته الحروب طويلة الأمد.
    ومعروف أن دكتور عبد الله حمدوك قد اكتسب خبرة طويلة في التعامل مع المجتمع الدولي مما اكسبه قدرة فهم عقلية المجتمع وكيف يفكر واللغة التي يفهمها ذلك المجتمع. كل تلك الخصائص حاول دكتور عبد الله حمدوك تسخيرها لتحقيق مصالح السودان التي فقدها بسبب تخبطات النظام البائد.



    كبر
                  

07-23-2022, 10:16 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)






    طلب بعثة اممية تحت الفصل السادس:


    ميثاق الأمم المتحدة يخولها للتدخل في النزاعات عبر اليات عديدة. فهناك سلطة التدخل بالطرق السلمية في فض النزاعات المهددة للأمن والسلم الدولي ، مثل اجراءات الدمج والتسريح ، اعادة الإعمار ، اعادة وتوطين النازحين. ومثل تلك السلطات مضمنة في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة ، ومثل هذه التدخلات تحدث عادة بطلب من حكومات الدول التي تعاني من نزاعات داخلية تشكل تهديدا للأمن والسلم الدولي.
    أيضا للأمم المتحدة ، وبموجب الفصل السابع من ميثاقها ، سلطة التدخل في النزاعات المسلحة ، في حال فشل الطرق السلمية تحت الفصل السادس. ومن الأليات المتبعة تحت الفصل السابع اجراءات الضغط الإقتصادي والتدخل المسلح عبر بعثات حفظ السلام المسلحة. والتدخل بموجب الفصل السابع يفرض على الدولة التي تعاني من نزاعات مسلحة عبر طلب من مجلس الأمن الدولي.
    في السودان ، ومنذ العام 2005 ، تم انشاء ثلاث بعثات من قبل الأمم المتحدة ، فكانت بعثة دولية لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، وانتهت مهمة هذه البعثة في سنة 2011 حينما نال جنوب السودان استقلاله من السودان. والبعثة الثانية كانت تحت الفصل السابع لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) ، وبعثة ثالثة للإنتشار في منطقة أبيي.
    في 21 سبتمبر 2019 ، القى دكتور عبد الله حمدوك ، رئيس وزراء الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، خطابا امام مجموعة الـ 77 في الأمم المتحدة.في ذلك الخطاب اشار دكتور حمدوك الى أن الأمم المتحدة قد تلعب دورا مهم في انجاح الفترة الإنتقالية ودعم التحول المدني الديموقراطي في السودان. واكمالا لهذا الخطاب ، في 27يناير 2020 ارسل دكتور عبد الله حمدوك طلبا للأمم المتحدة لتأسيس بعثة اممية تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.وتم ادخال بعض التعديلات على خطاب يناير ، وارسلت في خطاب بتاريخ 27 فبراير 2020 ، وفي هذا الطلب [13]، وضح دكتور حمدوك النطاقات التي يحتاج السودان الدعم والمساعدة فيها ، وهي ثمانية نطاقات:
    اولا: دعم مفاوضات السلام بين الأطراف السودانية ، والتي تجرى بمدينة جوبا ،
    ثانيا: المساعدة في تعبئة الدعم الإقتصادي والتنموي ، بما يشمل دعم مؤتمر المانحين المنظور اقامته مستقبلا ،
    ثالثا: تنسيق وتسهيل الدعم الإنساني ، ودعم بناء القدرات واصلاح الخدمة المدنية ،
    رابعا: الدعم الفني والمادي لتسهيل عمليات اعادة الدمج والتسريح لمقاتلي الحركات المسلحة ، واعادة دمجهم في المجتمع ،
    خامسا: المساعدة لدعم الفوائد بموجب اتفاق السلام في دارفور ، جنوب كردفان ، والنيل الأزرق ، عبر جهود بناء السلام ،
    سادسا: دعم عمليات اعادة التأهيل والدمج للنازحين واللاجئين ، عمليات المصالحة بين المجتمعات المحلية ، ودعم برنامج العدالة الإنتقالية ،
    سابعا: المساعدة في احداث التحول من الإعتماد على العون الإنسان الى دعم برامج التنمية المستدامة الوطنية ،
    ثامنا: دعم عمليات الإحصاءات ، السكان ، والإنتخابات.

    فطبيعة البعثة الأممية هي بعثة سياسية هدفها دعم السلام والتحول الديموقراطي والمساهمة في بناء القدرات وتنفيذ برامج الدمج والتسريح في اطار الترتيبات الأمنية التي يتم التوافق عليها مع حركات التمرد.
    وقد ابدت قوى سودانية مختلفة اعتراضها على استمرار البعثة الأممية تحت الفصل السابع ، باعتبار ان وجود تلك البعثة قد انتفت مسبباته ، وطالبت نفس القوى بان تكون في السودان بعثة تحت الفصل السادس.( وقد خاضت بعثة السودان الدبلوماسية في الأمم المتحدة معركة من اجل الإنتصار لإنشاء بعثة تحت الفصل السادس وذلك بتأييد من روسيا والصين واجهاض مشروع الفصل السابع الذي ترعاه ألمانيا وبريطانيا. وبرر متابعون تبني المانيا وبريطانيا لمشروع قرار يضع السودان تحت الفصل السابع ، بالشكوك التي تنتابهما وبعض القوى الدولية في حدوث انتكاسة سياسية ، والإنحراف عن المسار الذي رسمته الوثيقة الدستورية للمرحلة الإنتقالية ، كما ان اشهار هذا السلاح كفيل بالضغط على القوى الداخلية التي تساورها رغبات في الإستحواذ بمفردها على السلطة ).
    في 7 يوينو 2020 اصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم (2524) والذي نص على انشاء البعثة الأممية في السودان.


    كبر
                  

07-30-2022, 01:19 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    وقد ثار جدل كثيف بين القوى السياسية السودانية ، بعضها رافض لبعثة اممية تحت الفصل السادس والبعض مؤيد لها. وواضح أن الإختلافات لم تكن تقوم على اسس استراتيجية ، بل قامت على مناكفات سياسية الغرض منها اثبات الوجود في المشهد ، وحتى ندلل على هذه الخلاصة فاننا سوف نستعرض بعض المواقف المناوئة لتأسيس بعثة اممية سياسية في السودان تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
    كل القوى التي تتبني رؤى الإسلام السياسي كانت رافضة لوجود البعثة بمبررات واهية. فالمؤتمر الشعبي (اعلن رفضه مدينا أي تدخل أممي أو محاولة تقويض السيادة الوطنية مطالبا رئيس الوزراء بسحب خطابه والإعتذار للشعب السوداني)..!!!!!!
    في نفس الإتجاه كان رد حزب المؤتمر الوطني المحلول ، حيث كتب ابراهيم غندور يقول ( ان تجربة السودان في نشر قوات دولية أو اقليمية مختلطة لحفظ السلام تثير اسئلة حول مدى فاعليتها أو جدواها مقارنة بتحقيق اهدافها وكلفتها الكلية ، لا سيما انها فرضت على الإرادة الوطنية وقبلت في النهاية بشروط معلومة )..!!!!!!
    وفي نفس الإتجاه ، كان يذهب راي المكون العسكري في مجلس السيادة ، حيث تحفظ على بعض مهام البعثة بحجة انها انتهاك للسيادة الوطنية.
    ولقد استغرب كثير من اهل السودان من هذه المواقف ، لأن السودان كان يرزح تحت بعثة اممية مكونة تحت الفصل السابع وادخلت جيوش عديدة في السودان منذ العام 2007. وان تلك البعثة الأممية (اليوناميد وغيرها) فرضت فرضا على السودان ، فلذلك يستغرب الناس من موقف ابراهيم غندور (والذي كان وزير خارجية سابق) الذي لا يستطيع التمييز بين بعثة اممية سياسية سلمية تحت الفصل السادس ، وبعثة اممية من ضمن مكوناتها قوات اممية مسلحة لحفظ السلام تحت الفصل السابع..!
    ومن ردود الفعل على طلب البعثة الأممية تحت الفصل السادس ، كان تفاعل حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي [14] ، والذي ركز في نقطتين: النقطة الأولى: ان مهام البعثة تشكل مساس بالسيادة الوطنية (موقف متطابق مع المؤتمر الشعبي ، المؤتمر الوطني ، والمكون العسكري) ، وفي هذه النقطة (اعتبر الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي أن قرار مجلس الأمن في شأن البعثة الأممية الجديدة للسودان مساسا بالسيادة الوطنية) ، وقال الصادق المهدي (أن حزبه غير موافق على أن يكون لمجلس الأمن اشراف مباشر على تنفيذ الوثيقة الدستورية باعتبار ذلك تهميشا لدور المؤسسات الدستورية السودانية).
    النقطة الثانية ، اعتراض حزب الأمة على طريقة تقديم الطلب بخصوص البعثة الأممية تحت الفصل السادس ، حيث اعتبر ان رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك لم يكن مفوضا في هذا الخصوص ، وفي هذا المنحى قال الصادق المهدي (ان رئيس الوزراء تقدم بالطلب للأمم المتحدة من دون الرجوع للحاضنة السياسية المشاركة في الفترة الإنتقالية ) مشيرا الى ( أن هذه المبادرات يجب أن تخضع لقرار مشترك من جميع الشركاء السياسيين في السودان).
    نفس الموقف ، تم تكراره من قبل حزب الأمة في تصريحات اخرى ، حيث أن الحزب (أعتبر أن طلب حمدوك يعد خرقا للوثيقة الدستورية وليس من مهام الحكومة الإنتقالية ويتنافى مع التفويض الشعبي المتمثل في تحقيق اهداف الثورة).
    في مقابل المواقف المناوئة لتاسيس بعثة اممية تحت الفصل السادس ، كانت هناك اصوات مؤيدة ، ولقد تقدمت الحكومة الإنتقالية ببيانات عديدة تشرح فيها طبيعة البعثة ومهامها والغرض من طلب تأسيسها في السودان.ايضا كانت هناك ردود افعال مؤيدة للبعثة وركزت على ضحد فرضية (المساس بالسيادة الوطنية). فلقد اشار الفريق جلال تاور، الخبير الإستراتيجي السوداني ، الى (أن مسألة انتقاص السيادة الوطنية غير وارد بالنظر للبند السادس من ميثاق الأمم المتحدة ، والذي يتحدث عن تسوية النزاعات سلميا وتقديم المساعدات الإنسانية والفنية. ألأمر يرتبط بقوة الروح المعنوية للجماعة ، واهم بنودها الثقة ، أي من الثقة في الأهداف والثقة في القيادة الى الثقة بالنفس من كل عضو بالجماعة ، وواضح أن هذه الثقة غير كاملة بالدرجة التي تجعل الجميع يثق في خطوة القيادة ممثلة في دكتور حمدوك رئيس الحكومة الإنتقالية الذي طلب هذه البعثة).
    وفي نفس الإتجاه المؤيد للبعثة تحت الفصل السادس ، جاء رد منصور ارباب رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة ، حيث قال ( في كل الدول التي مرت بأزمات سياسية وصلت حد الحروب الأهلية استعانت بالمنظمة الدولية لإستعادة عافيتها ).
    وتابع ارباب قائلا ( وجود الأمم المتحدة في السودان حتى تحت الفصل السابع ، ضرورة املتها الأحدات التي جرت والتي تجري في السودان منذ الإستقلال المزعوم وحتى اليوم ، حيث وصلت الجرائم في البلاد الى حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور ، وتم تهجير اكثر من ثلاث ملايين خارج السودان ، فضلا جرائم الحرب والمليشيات التي مازالت تعبث بارواح المواطنين في دارفور . السودان بحاجة الى بعثة اممية قوية تقوم بمهام
    الــ
    ).Peace-Making

    في مقال له ، بعنوان (السودان من الفصل السابع الى السادس:الحقائق الغائبة) والمنشور بموقع الجزيرة [15] ، تساءل احمد حسين ادم قائلا : (هل بعثات حفظ السلام تعني الوصاية الدولية؟). واجاب قائلا: (بعثات حفظ السلام تحت الفصل السادس لا تعني الوصاية الدولية بأي حال من الأحوال.اذ أن الوصاية الدولية هي مفهوم قانوني دولي يعني خضوع اقليم سياسي معين لإدارة دولة اخرى وفقا لشروط خاصة تبرم بينهما ويشرف على تنفيذها مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة).

    لم يتوقف التباين والخلاف حول بعثة الأمم المتحدة تحت البند السودان في حد المكونات السياسية والجيش واهل الرأي في السودان ، وانما امتد الى نطاق اخر فيما يتعلق بالمرشح لرئاسة البعثة الأممية.
    في مقالها [16] ، المنشور في صحيفة اندبندنت عربي ، بعنوان (كوامن الخلاف حول المبعوث الأممي الى السودان) رصدت منى عبد الفتاح ملامح واسباب الخلاف داخل مكونات الحكومة الإنتقالية حول ترشيح المسئول الأممي الذي يجب ان يقود البعثة الأممية الى السودان. فلقد تداولت اوساط الأمم المتحدة اسمي مرشحين هما: نيكولاس هيسوم ، وهو دبلوماسي من جنوب افريقيا و مبعوث سابق للأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان ، والدبلوماسي الفرنسي جان كريستوفر بليارد والمتزوج من سيدة سودانية. ومناط الخلاف أن المكون العسكري يدعم ترشيح نيكولاس هيسوم لقيادة البعثة ، بينما دكتور عبد الله حمدوك كان يدعم ترشيح الدبلوماسي الفرنسي جان كريستوفر بليارد. وهذه القطبية امتدت ايضا الى مواقف بعض الدول التى تمحورت حول مرشح دون الأخر. حيث تبنت كل من الصين وروسيا دعم المرشح نيكولاس لأنه يحظي بتأييد المكون العسكري في السودان ، بينما تبنت ألمانيا وفرنسا دعم المرشح جان كريستوفر بليارد.
    ولأننا هنا نتحدث عن (براغماتية دكتور عبد الله حمدوك) ، قد يتبادر للأذهان سؤال مهم وهو: ماهي الأسباب التي جعلت دكتور عبد الله حمدوك يرفض ترشيح نيكولاس هيسوم، وفي المقابل يدعم ترشيح جان كريستوفر بليارد لقيادة البعثة الأممية في السودان؟
    وبحسب منى عبد الفتاح ، ان دكتور عبد الله حمدوك كان يرفض ترشيح نيكولاس وفقا لسببين:
    اولا: كان لنيكولاس تصريح سابق افاد فيه بأن الحكم المدني يحتاج الى حماية " العسكريين الذين لديهم القدرة على نقل البلاد الى مكان أفضل أو الى أزمة كارثية اذا ما حاولوا التشبث بالسلطة" ،
    ثأنيا: تصاعد رفض حمدوك له بأن لم يستجب الى طلب منحه تاشيرة دخول الى السودان في وقت سابق.
    في مقابل رفض دكتور عبد الله حمدوك لترشيح نيكولاس هيسوم لرئاسة البعثة الأممية في السودان ، كان تأييده لترشيح جان كريستوفر بليارد ، وذلك وفق اسباب معينة.
    بحسب منى عبد الفتاح ( تتبلور رؤية حمدوك في الدبلوماسي الفرنسي بأنه لعب دورا في حشد الدعم الأوروبي للحكومة الإنتقالية بعد تعيينها في سبتمبر (ايلول) 2019. وكذلك للعلاقة المميزة بينه وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، اذ يرى حمدوك أن في مقدور بليارد جذب تمويل فرنسي واوروبي لدعم الإنتقال المدنية في السودان.واثناء الثورة السودانية زار بليارد الإعتصام في ميدان القيادة العامة للقوات المسلحة ترافقه زوجته السودانية وابناؤه).
    واخيرا ، استقر راي الأمم المتحدة على اختيار السيد فولكر بريتس لقيادة البعثة الأممية في السودان تحت البند السادس..وهي البعثة التي فرض دكتور عبد الله حمدوك اهدافها وحجمها ..!
    المضحك في هذا الأمر ، امر البعثة الأممية في السودان تحت البند السادس ، أن دكتور عبد الله حمدوك حدد مناطها العام ، وفي صراعه عن تحديد رئيس البعثة ، صمتت النخبة السودانية من اقصى يسارها الى اقصى يمينها ، عن دعم موقف دكتور عبد الله حمدوك وترشيح نسيبنا الدبلوماسي الفرنسي جان كريستفور بليارد، اختفى اليسار السوداني بقيادة الحزب الشيوعي السوداني ، البعث العربي الإشتراكي ، منظمات المجتمع المدني ..الخ ..وتركوا الأمر للإسلام السياسي وحزب الأمة بقيادة المرحوم الصادق المهدي..!


    كبر
    ___________________________________________


    [14]
    https://asharq.com/ar/2UBLY1I46jdgRF4AFp4ocj-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D8%AE%D8%B6%D9%88%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A/https://asharq.com/ar/2UBLY1I46jdgRF4AFp4ocj-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D8%AE%D8%B6%D9%88%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%80%D8%A7%D...F%D8%A7%D9%86%D9%8A/
    [15]
    أحمد حسين ادم ، (السودان من الفصل السابع الى السادس:الحقائق الغائبة)
    https://www.aljazeera.net/blogs/2020/5/5/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84...B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
    [16]
    منى عبد الفتاح ، (كوامن الخلاف حول المبعوث الأممي الى السودان)
    https://www.independentarabia.com/node/139281/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84/%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%B9%D9%88%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86https://www.independentarabia.com/node/139281/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84/%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%85%D9%86-%...88%D8%AF%D8%A7%D9%86


                  

07-30-2022, 10:55 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10875

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    تحياتي الأخ كبر

    إشادة ولو متأخرة بهذا الجهد المقدر..

    عرض بانورامي شامل ودقيق و عميق ...

    ... تناول ممتاز فيه جهد كبير ورؤية علمية جامعة للسياسي والاقتصادي والاجتماعي..
                  

08-07-2022, 07:06 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    Quote:

    تحياتي الأخ كبر

    إشادة ولو متأخرة بهذا الجهد المقدر..

    عرض بانورامي شامل ودقيق و عميق ...

    ... تناول ممتاز فيه جهد كبير ورؤية علمية جامعة للسياسي والاقتصادي والاجتماعي..


    ول ابا محمد عبد اللـه الحسين..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على الحضور والمطايبة والإشادة..
    ابدا يا صديقي ، ليست هي اشادة متأخرة ، وانما شارة حضور ومشاركة..
    سعدت كثيرا يا صديقي ، وانت تشير لهذا الخيط حينما كان يحبو..ودعوتك للصديقات والأصدقاء بمتابعته..نعم يا صاحب..انت من اول من دعى الناس للإلتفات لهذا الخيط والمادة والجهد المبثوث فيه..
    سعدت يا صديقي في اعادة سؤالك الذكي في خيطك (من هم الشوابنة) والتحية عبرك لجهد ولدنا (نسيبنا) الألماني انريك ، وفي رواية ود الأصيل (هنريكو) ، هذا الخيط يا صاحب ، مثلما ظهر اولا واقعدتني الظروف للتواصل معه ، اسعدني في اعادة اكتشافك له وعرضك الثاني ، وكلفني جهد لطيف ناوي اشاركك فيه..اذا ربنا حيانا ومد في ايامنا..لنقول كلمة عابرة في مشهد التثاقف السوداني..
    في اثناء جمعي لمادة اشارك بها في خيطك (من هم الشوابنة) تقاطعت مع سؤال جوهري يا دكتور محمد ، وهو من اخترع القبائل في السودان؟..
    قادني البحث الى شخصية غامضة اسمها (السمرقندي) ، والبعض يقول هم اكثر من شخص (يعني نظام السمرقندي الكبير والسمرقندي الصغير) ولم يكتب التاريخ عن تفاصيل هذه الشخصية الغامضة..
    والسمرقندي ،كبيرا كان أو صغير ،عندي ، يشبه شخصية زول راوي للقران ، في مصر ، كتب نسخة (عندي نسخة مصحف مصرية فيها الإشارة لهذا الشخص ، وسوف اشير اليه بالإسم في حوار اخر) ، واشار اليه الباحث الألماني نولدكه في بحثه عن اصول الأسلام الأولى..لغاية اشغال باتريشا كرون ومايكل كوك ، وبعدهم الكندي دان غيبسون صاحب(جغرافية القران)..!
    بحثي الفرعي ، عن السمرقندي مخترع القبائل في السودان ، سببه نزاع اهلنا في بحر ازرق ، وهو النزاع الأخير الذي حدث في اقل من شهر مضى ، وسببه سؤال (من هم الشوابنه) وسببه من روى القران وكيف كان ذلك؟
    شكرا يا صديقي..
    دكتور عبد اللــه حمدوك ، قبل التحدي ، وهو يعرف الواقع ، وحينما اقعدته الظروف المحيطة عن مواصلة المشوار ، اعتذر بكل شجاعة..واستقال..وترك لنا سودان التطاحن والمتناقضات والعنف والحروب ..!
    تحياتي
    كبر

                  

08-07-2022, 07:13 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)




    اعادة السودان الى المشهد الدولي:


    كان دكتور عبد الله حمدوك يدرك ان المدخل لعلاج مشكلات السودان يبدأ باعادة السودان الى المشهد الدولي ، وهذه الخطوة هي التي تمكن السودان من الإستفادة من مؤسسات المال الدولية ، وارجاع النظام المالي والبنكي السوداني الى وضعه الطبيعي. وكان دكتور عبد الله حمدوك يدرك أن علاقة السودان مع الولايات المتحدة الأمريكية ليست على ما يرام ، وان امريكا تلعب دور كبير في عزلة السودان خلال النظام البائد. فقام بعدة خطوات اولها معالجة الدعاوى القضائية ضد السودان ، والتي ينظرها القضاء الأمريكي ، بسبب احداث تفجيرات السفارات الأمريكية في تنزانيا وكينيا.وقد نجح دكتور عبد الله حمدوك وحكومته في احداث تفاهمات مع الإدراة الأمريكية في هذا المنحى ، تلك التفاهمات هي التي يسرت الأمر للخطوة الثانية وهي التقدم بطلب للإدارة الأمريكية لرفع العقوبات الإقتصادية التي فرضت على السودان منذ العام 1993 ، اضافة الى الطلب بازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وهي القائمة التي وضعتها الإدارة الأمريكية والتي يتعامل بها اصدقاء امريكا وحلفائها في كل انحاء العالم.
    وكانت الحكومة الأمريكية قد طلبت من حكومة السودان الإنتقالية تنفيذ بعض الشروط حتى تتم ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.واسباب الإدارة الأمريكية لوضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، ترجع الى بعض القوانين الأمريكية مثل قانون اتفاقية السلام الشامل السودانية لسنة 2005 وهو القانون الذي تم تعديله في سنة 2006 ليصير (قانون سلام دارفور والمحاسبة).
    ولقد وعدت الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات لإزالة اسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب . وفي 26 اكتوبر 2020 شهدت الإدارة الأمريكية بأن السودان استوفى مطلوباتها ، وبالتالي صدر القرار بازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وهذه الخطوة فتحت ابواب وفرص عديدة للسودان.
    تزامنا مع التفاهمات السودانية الأمريكية ، بدأت حكومة دكتور عبد الله حمدوك محادثات دولية مع صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي ، وغيرها من مؤسسات المال الدولية والإقليمية. ونتج عن تلك المحادثات أن قام صندوق النقد الدولي بمنح السودان فرصة الإستفادة من من مبادرة الدول الفقيرة ذات المديونية العالية
    High Indebt Poor Countries (HIPC)

    وهذه الخطوة وضعت السودان في مسار الإستفادة من تخفيض ديونه المتراكمة ، وفي نفس الوقت توفير فرص الإستفادة من الدعوم المالية الدولية.
    تمت هذه الإجراءات بعد أن وافق السودان على اجراء بعض الإصلاحات الإقتصادية التي قامت على عدة محاور ، منها:
    اولا: رفع الدعم عن الوقود ، وهذا الدعم كان يكلف الخزينة العامة السودانية مليارات الدولارات سنويا ، اضافة الى فتحه لأبواب الفساد الواسع الذي كان يساعد على تهريب الوقود السوداني الرخيص الى دول الجوار ، حيث بلغ الأمر ان اسعار الوقود في تلك الدول اقل من السعر الذي يتعامل معه المستهلك السوداني.
    ثانيا: تخفيض قيمة العملة السودانية وتعويمها ،
    ثالثا: العمل الجاد على أيلولة شركات الجيش والأمن لوزارة المالية حتى تتمكن من مباشرة الولاية على المال العام دون استثناءات. وكان دكتور عبد الله حمدوك قد ذكر مرارا ان 80% من اقتصاد السودان تتحكم فيه تلك الشركات ، وأن ضبطها والتحكم فيها سيغني السودان من الإعتماد على المساعدات المالية الخارجية.



    كبر
                  

08-07-2022, 12:30 PM

محمد صديق عبد الله
<aمحمد صديق عبد الله
تاريخ التسجيل: 09-05-2017
مجموع المشاركات: 1517

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    سلام أخي كبر، ومشكور على هذا العمل المتعوب عليه

    أولاً، اسمح لي أن أختلف معك في ما ورد في هذا المقتبس:

    Quote: تحتاج الحكومة السودانية الإنتقالية لبناء نظام حوكمة اقتصادي عادل وشامل ، ويمثل جيمع قطاعات المجتمع في السودان. ان المجموعات المستضعفة والمتضررة يجب تضمينها بصورة مثلى في أجندة الإصلاح. امور مثل توفير فرص العمل لفئة الشباب والتأكيد على مشاركة المرأة في صنع القرار في القضايا العامة ، كلها تشكل عناصر مهمة لبناء مؤسسات تعكس التمثيل العادل وتتميز بالإستمرارية.


    لا تحتاج الفترة الانتقالية بحكم طبيعتها إلى التدخل لبناء أي نظام حوكمة اقتصادي، بل ينحصر واجبها في تصريف الأعمال وتهيئة الظروف السياسية والأمنية لانتخابات عادلة ونزيهة وشفافة تفضي إلى حكومة منتخبة تضطلع بوضع السياسات المتعلقة بمعاش الناس والعلاقات الخارجية وتطبيق القوانين والتشريعات التي تسنُّها سلطة تشريعية مستقلة.

    لم نكن حتى في حاجة إلى خبير اقتصادي مثل الدكتور حمدوك، بل إلى "عدلي منصور" سوداني يقتصر دوره على قيادة الفترة الانتقالية إلى برّ الأمان بأقلّ قدر من التدخل في السياسات والقوانين بعيدة المدى.

    من مشاكل حمدوك الأساسية، في تقديري، تركيزه على أن حلّ أزمة السودان هو حلّ "اقتصادي خارجي"، في حين أن أسَّ الأزمة كان "سياسيًا داخليًا" في المقام الأول؛ ولذلك أرى أنه أهدر وقتًا ثمينًا في اللهث وراء المجتمع الدولي لتحقيق إنجاز يُنْسب له شخصيًا، وهو شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية الإرهاب، على حساب توحيد الجبهة الداخلية وراء هدف واحد وهو الانتقالي السلمي للسلطة. ويؤسفني أن أقول أيضًا إن الرجل كان يستغل منصبه لتلميع صورته دوليًا وتحسين سيرته الذاتية وعينه على منصب رفيع في المنظمات الدولية. أما الشعب، فقد أجمع عليه إجماعًا غير مسبوق ربما لأنه كفر بالساسة وضاق بهم ذرعًا وآثر أن يجرّب خبيرًا اقتصاديًا ممن لم يلوثّهم الانغماس تنظيميًا في العمل السياسي، مثلما حدث وقتها في تونس، إذْ انتخب أفراد الشعب التونسي الأستاذ الجامعي "المستقل" قيس سعيّد بأغلبية 74% بعد أن تأملوا ماضيهم فلم يجدوا إلا جراحًا وخرابًا، وتراءت لهم خيباتهم وانكساراتهم بسبب تصدُّر محترفي السياسة المشهد وإدمانهم بذل الوعود العاطلة، ولذلك اختار الشعب استنكاه المختلف.

    كتبتُ يوم وصول حمدوك لرئاسة الوزراء قائلاً إنه لا حمدوك ولا غيره يمتلك عصا موسى ليحيل بؤس الشعب السوداني رخاءً ورفاهية بين عشية وضحاها. لا غرو، فقد ورث جبهة داخلية مضطربة، واقتصادًا منهارًا، وعقوبات دولية، وفسادًا استشرى ونخر في عظم الخدمة المدنية؛ لكنه ضيّق الواسع على نفسه فلبس عباءة المخلّص من الفقر والفاقة، ولما اتسع الخرق على الراتق، عهد بالمهمة إلى جنجويدي لا يفقه سوى لغة القتل والسحل.

    لا مآخذ شخصية ولا مأكلة على حمدوك؛ لكنه للأسف أبى أن يكون رئيسًا لكل السودانيين، بل سلَّم نفسه لفئة قليلة منهم أتت به إلى السلطة بعد أن باعت دماء الشهداء بثمن بخس بوضع يدها في يد قتلتهم وتوقيعها وثيقة دستورية معيبة سندفع ثمنها لأجيال قادمة.

    عهد حمدوك و"قحت" من الفترات الكالحة والعصيبة في تاريخنا، ولم أجد وصفًا له إلا بهذا المنشور القديم:



    تحياتي

    (عدل بواسطة محمد صديق عبد الله on 08-07-2022, 03:16 PM)
    (عدل بواسطة محمد صديق عبد الله on 08-07-2022, 03:33 PM)

                  

08-12-2022, 07:39 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: محمد صديق عبد الله)


    محمد صديق عبد الله..حبابك يا صديق
    كتر خيرك على المرور والمطايبة ،
    بالنسبة للفقرة التي اقتبستها يا صديقي ، هي جزء من الخلاصات التي توصلت اليها مجموعة من الخبراء في انشطة الموائد المستديرة التي تم تنظيمها وتنسيقها من قبل تشام هاوس سنة 2019، وكانت بعنوان (حوارات اصحاب المصلحة السودانية: خيارات الإستقرار الإقتصادي ، التعافي ، والنمو الشامل)
    تصميم الفترة الإنتقالية ، في ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير لم يقم على مبدأ الحد الأدني وان تكون حكومة انتقالية مهمتها التجسير للإنتقال من حقبة الشمولية الى التحول المدني الديموقراطي ، وانما المطالب كانت هي ان تعالج الحكومة الإنتقالية اخطاء الدولة السودانية منذ الإستقلال مرورا بتجربة حكم الإنقاذ ، وهذا عمل يحتاج فترة طويلة. وبالتالي المسؤل عن هذا النهج الخاطئ هو النخبة السياسية التي تهربت من دورها ورمت الأمر على حكومة محدودة السلطات والتجربة.
    التركيز على الخارجي لم يكن اقتصادي فقط وانما كان جل الجهد هو اعادة السودان للمشهد الدولي حتى يستفيد من فرص عديدة. كثيرا ما كان دكتور عبد الله حمدوك يذكر ان السودان لا يحتاج الى هبات واعانات وان السيطرة على شركات الجيش وتبعيتها لوزارة المالية كافي لإخراج السودان من الكارثة الإقتصادية ولكن الرجل لم يكن يملك السلطة والأدوات والأليات الكافية لتنفيذ ذلك.
    اما الإشكال السياسي على مستوى الجبهة الداخلية فعلا واقعة موجودة وهذه المسئول منها القوى السياسية التي تفتقر للجدية والخبرة في التعامل مع الفترة الإنتقالية لأن الفترة كما ذكرنا كانت طموحة للغاية ومحاولة معالجة اشكاليات متراكمة. فالقوى السياسية ، خصوصا الأحزاب عادت لممارساتها القديمة التي اضاعت ثورة اكتوبر وابريل ، وهي ممارسة الإحتراب والمناكفات لأسباب غير موضوعية.
    فعلا ، اتفق معك لا حمدوك ولا غيره يستطيع أن يحل مشاكل السودان في فترة قصيرة وذلك يعود لأمرين في اعتقادي:
    اولا: حالة الإحتقان وعدم جدية النخبة السودانية للعمل حقيقة لإنجاز التحول ، وهذا الإحتقان اوجد حالة الإختلافات المصطنعة والهروب من القضايا الجوهرية مثل خلق التماسك والسلام والعمل على البناء بصورة جادة ،
    ثانيا: المزاج العام الذي يتاثر كثيرا بتضارب الخطابات ، وعقلية الإستعجال والمحاكمات العاطفية للمواقف والواقع.
    لا اظن يا صديقي ان دكتور عبد اللــه حمدوك كان يسعى لتلميع نفسه لمنصب ، فالرجل يا صديقي في مرحلة سن المعاش .
    اما ان حمدوك لم يختار ان يكون رئيس وزراء لكل السودانيين ، فهذا خطأ النخبة السياسية في السودان التي تعاملت مع الفترة الإنتقالية بالسعى لتحقيق الكسب الخاص ، وكان الرجل يدعو كثيرا للإتفاق وانجاح الفترة الإنتقالية ولكن النخبة هي التي اصرت على افشال الفترة الإنتقالية لحسابات خاص. وحينما اشتد الإحتراب ، قرر الرجل الإستقالة والإبتعاد عن المشهد. وحتى اليوم بعد كذا شهر من استقالته لم يستقم الحال وانما ظل في حالة انحدار مستمرة.
    كتر خيرك يا صديقي
    كبر
                  

08-12-2022, 07:48 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    اجراءات تلافي اثار الإصلاحات الإقتصادية (برنامج ثمرات):


    لتلافي اثار الإصلاحات الإقتصادية ، مثل رفع الدعم عن الوقود وتعويم العملة السودانية جزئيا مقابل الدولار ، لجأت حكومة دكتور عبد الله حمدوك الى تبني بعض السياسات مثل برنامج التحويلات النقدية المباشرة للأسر الفقيرة. ومثل تلك السياسات تنتشر في بعض بلدان العالم مثل بنغلاديش ، المكسيك والبرازيل. بيد أن التجربة في السودان تختلف بعض الشئ عن تجارب البلدان الأخرى ، وسوف نوضح هذه الإختلافات حتى نستفيد منها في حال تطبيق البرنامج مرة اخرى.



    برنامج (ثمرات) في السودان:


    تمويل البرنامج في السودان يقوم على اتفاق مع البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، منظمات دولية ، والدول المانحة.
    في فبراير 2021 قام السودان باجراء تعويم جزئي للجنيه السوداني مقابل الدولار ، وفي يونيو 2021 تم تحرير سعر الوقود تماما. بعد ذلك ابتدرت الحكومة الإنتقالية برنامج (ثمرات) والذي يستهدف 32 مليون نسمة من عدد سكان السودان البالغ 44 مليون نسمة . المرحلة الأولى استهدفت اربعة ولايات سودانية: البحر الأحمر ، كسلا ، الخرطوم ، وجنوب دارفور.
    في اغسطس 2021 ، اعلنت حكومة هولندا دعمها للبرنامج بمساهمة قدرها 5 مليون يورو (5.9 دولار).
    والجهات المسئولة عن البرنامج في السودان هي وزارة المالية الفيدرالية ووزارة الرعاية الإجتماعية.
    ولقد صاحبت المشروع بعض المشاكل ، منها:
    أ/ قنوات التوزيع غير واضحة ،
    ب/ حركة العدل والمساواة تسيطر على المشروع عبر وزير المالية ومسئول البرنامج وهو ايضا من حركة العدل والمساواة ،
    ج/ ليست هناك شروط واضحة للإستفادة وانما تصرف النقود بلا شروط تفرض على المستفيد .

    في البرازيل (وهي الدولة التي ابتدعت الفكرة) تمنح الأسر تحت خط الفقر منحة نقدية شهرية ، ولكن هناك شروط يجب ان تستوفيها الأسر المستفيدة. مثلا تدفع الحكومة البرازيلية مبلغ 32 دولارا لأي طفل اكمل جرعات التطعيم ، و15 دولارا لكل طفل مسجل في المدارس بصورة رسمية. أيضا هناك معايير للأسر الأكثر فقرا. المنحة النقدية يتم تسليمها للأمهات وربات المنازل عبر بطاقة مواطنة ، ويتم الإرسال عن طريق البريد. البطاقة تعمل كبطاقة بنك
    Debit Card

    يتم اصدارها من بنك الإدخار البرازيلي وهو بنك حكومي. ويتم السحب عبر اربعة عشر الف موقع على نطاق البرازيل ، وهذه الممارسة تمنع الفساد ، وكذلك تساعد في تسهيل وتسريع عملية الدفع وحماية الإستلام ، والأهم حماية المستفيد من تأثيرات السياسيين والأحزاب السياسية. وللبرنامج موقع الكتروني ينشر اسماء المستفيدين بغرض الشفافية.
    وفي دراسة للحكومة الفيدرالية البرازيلية اثبتت أن نقود منحة الأسر الفقيرة يتم صرفها وفق اربعة اولويات: الطعام ، مستلزمات المدارس ، اللبس ، والأحذية.
    ولقد طورت البرازيل نظام ضبط ورقابة لبرنامج منحة الأسر الفقيرة ، وذلك باستخدام اقمار صناعية وانترنت (عبر موجات الراديو) ، مما يسمح بتبادل المعلومات مع المحليات النائية حتى في حال عدم وجود الكهرباء أو التلفون.
    وكان يمكن للسودان الإستفادة من التجربة البرازيلية وتطوير برنامج (ثمرات) ليكون بصورة دائمة.

    في نوفمبر 2021 ، وكرفض لإنقلاب 25 اكتوبر 2021 وحل الحكومة المدنية، قام البنك الدولي بتجميد دعمه لبرنامج (ثمرات).


    كبر
                  

08-12-2022, 08:13 PM

محمد صديق عبد الله
<aمحمد صديق عبد الله
تاريخ التسجيل: 09-05-2017
مجموع المشاركات: 1517

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    شكرًا كبر.

    واصل يا صديقي ومتابعين حرف حرف.
                  

08-27-2022, 06:25 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: محمد صديق عبد الله)

    حبابك صديقنا محمد صديق..
    كتر خيرك على التشجيع..


    كبر
                  

08-27-2022, 06:27 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    دكتور عبد اللـه حمدوك خارج الوزارة:




    أ/ تجربة العمل في بيئة قاسيه ومعقدة:


    حينما تصدى دكتور عبد اللـه حمدوك لمهمة ادارة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان (اغسطس 2019-يناير 2022) ، كان يدرك جيدا انها مهمة صعبة في بيئة قاسية ، خصوصا مزاج الشعب السوداني ، وهو الواقع الذي يعج بالإختلافات الحقيقية والمفتعلة ، مما يقود المتأمل لهذا الواقع بالوصول الى خلاصة واضحة مفادها: ان هذا الشعب ، خصوصا نخبته (مدنية أو عسكرية) لا تعرف المحرمات الأخلاقية والسياسية ، ولا تعرف الخطوط الحمراء التي تفصل ما بين الذاتي ومصالح الوطن.
    أيضا ، كان دكتور عبد الله حمدوك يدرك جيدا أنه يقود وطن فيه انتشار واسع للسلاح وبعثات اممية لحفظ السلام، وانهيار مؤسسات الدولة التي يستغلها البعض لتحقيق مصالح مؤقتة لا تخدم قضايا السودان الكبرى ، وانتشار الفساد على كل مستويات الدولة ، اضافة الى حالة الحرب في اطراف السودان لعشرات السنين ، والأهم غياب ثقافة الديموقراطية والتداول السلمي للسلطة والعمل على بناء وطن من ركام الخراب المتعدد الوجوه.
    بالرغم من كل المعضلات والمعوقات ، قبل دكتور عبد اللـه حمدوك التكليف وهو يدرك وجود اشكالات على مستوى تقاسم السلطة ،ومستوى اختيار الكادر الوزاري المنوط به العمل تحت قيادته . فالوزارة الأولى ( سبتمبر 2019- سبتمبر 2020) ، كانت تعج بكادر اداري (على مستوى الوزراء) قليل التجربة والعمق السياسي وصناعة السياسات والرؤى التي تستوعب واقعها الإجتماعي والسياسي والإقتصادي. ولكن ، بالرغم من كل هذه التحديات ، فلقد كانت هناك بعض الإشراقات على مستوى الوزارات مثل وزارة الصحة الفيدرالية بقيادة دكتور اكرم التوم التي نكبت بظهور جائحة الكرونا ، وزارة المالية والإقتصاد الوطني بقيادة دكتور ابراهيم البدوي ، وزارة التربية والتعليم العام بقيادة البروفسور محمد الأمين التوم ، ووزراة العدل بقيادة دكتور نصر الدين عبد الباري ، فلقد نجحت هذه الوزارات في تبني رؤى وسياسات كانت كفيلة بوضع السودان في المسار الصحيح.
    في مجال مكافحة الفساد المستوطن في هياكل الدولة السودانية ، كانت رؤية المعالجة تكمن في تشكيل لجنة فيدرالية ، وهي لجنة (تفكيك وازالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989) ، وهي تلبية لمطلب مضمن في ميثاق قوى اعلان الحرية والتغيير لسنة 2019 ، وتم تكوينها بموجب قانون خاص ، بتمثيل مهني واسع فيه ممثلون لوزارات فيدرالية ، وجهاز الأمن والمخابرات العامة ، الجيش ، الداخلية ، الدعم السريع ..الخ ، اضافة الى عدد محدود (5 اعضاء) من المدنيين الذين تم اختيارهم وفق معايير النزاهة.
    بيد أن نجاح الفترة الإنتقالية الرابعة ، لم يكن مسئولية حكومة دكتور عبد اللـه حمدوك لوحدها ، وانما هو جهد جماعي يشمل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوات النظامية وحركات الكفاح المسلح. فالصيغة التي تم الإتفاق عليها لتكوين هياكل السلطة الإنتقالية (مجلس سيادة ، مجلس وزراء ، مجلس تشريعي انتقالي ، مفوضيات متخصصة) اغلب هذه الهياكل لم يكتمل وانما اكتمل اختيار هيكل مجلس السيادة وهيكل مجلس الوزراء ، وتجاهلت القوى السياسية عن قصد اكمال الهياكل الأخرى (المجلس التشريعي والمفوضيات المتخصصة) ، وذلك يرجع لإصرار القوى السياسية التعامل مع الفترة الإنتقالية باعتبارها فترة ديموقراطية مستمرة.وهذا السلوك اقعد بخطوات نجاح فترة الإنتقال السلس ومحاولة التأسيس لمستقبل الإستقرار في السودان.


    كبر
                  

08-27-2022, 06:47 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)




    ب/ صناعة الإرتباك المتقن:


    في كتابه القيم (النخبة السودانية وادمان الفشل ، الجزء الأول) ، خلص دكتور منصور خالد [17] ، في تصنيفه لمواصفات صانع القرار السياسي في السودان الى تصنيف ثلاث مدارس. بيدا أن دكتور منصور خالد ، وفقا لتجربته في المشاركة والمتابعة والتحليل ، اشار الى وجود مدرسة رابعة ، خاصة بالسودان ، يتميز فيها صانع القرار بـ (المشاغبة).
    يقول دكتور منصور خالد:
    ( ومن جانب ثان فاٍن كان لصنع القرار مقومات ، فاٍن لصانع القرار ايضا مواصفات وقد لخص الفاروق عمر هذه المواصفات في كلمات اربع وهو يوجه النصح لولاته: " تفقهوا قبل أن تسودوا". والفقه الذي اراده عمر للولاة هو الفقه بامور المعاش. ومن ظواهر السياسة في السودان ـ مثله مثل بلاد الله الأخرى ـ أن مواقع السلطة فيه تتعاورها مدارس ثلاث: مدرسة أهل النظر والفعل ، ومدرسة اهل النظر بلا قدرة على الفعل ، ومدرسة أهل الفعل بلا نظر. الإ أن السودان ـ بخلاف بلاد الله الأخرى ـ قد عرف بجانب هذه المدارس الثلاث مدرسة رابعة هي مدرسة المشاغبين السياسيين ، وما اذى السودان منذ استقلاله حتى يومنا هذا تلاميذ مدرسة المشاغبين هذه.) ص [53-54].
    في توضيح مفهوم المدرسة الرابعة (مدرسة المشاغبين السياسيين) ، والخاصة بالمشهد السوداني ، يقول دكتور منصور خالد:
    (ونجئ من بعد الى مدرسة المشاغبين ، والتي هي اساس البلاء ، نجئ الى مسوخ ترتدي البزات وتعلك الشعارات وقد اسميناهم في كتاب اخر دارويش السياسة. فالدرويش يقف في حلبة الذكر ويصيح : "حي قيوم" حتى يخر صريعا وهو يحسب أن روح الله قد حلت فيه ، هذا هو حال اخوته دراويش السياسة الذين يقف الواحد منهم يصيح ما وسعه الصياح ، أيا كان هذا الصياح: ليبرالية ، اشتراكية ، وحدوية ، اسلامية ، ظانا بأن الصيحان كاف وحده لأن يحقق له غايته المبتغاة. ولا يعي هذا المسكين أن الواقع الإجتماعي لايبدله العواء المنبري وأن صنع التغيير لا يتم بالحديث عنه ، و أن الإستمساك الأعمى بالمسلمات النظرية يضر النظرية ولا يفيد الواقع ، و أن صنع القرار ليس رديفا للحديث المكرور عن صنع القرار . ومن جهة اخرى فان التغيير الذي نسعى لإستحداثه دائما يتم في اطار دولة عصرية ، وللدولة العصرية مناهج ادارة ولها انماط أداء.) ص [55].
    ودكتور منصور خالد ، غض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه ، الإ انه يظل واحد من اهم الأقلام التي وثقت لظواهر سياسية واجتماعية سودانية ، مقارباته وتحليله يستوعب ارث ضخم من المعارف في تحليل تلك الظواهر. فالرجل لم يكن مجرد كاتب ومحلل فقط وانما ، في بعض محطات حياته ، كان مشاركا في صنع القرار ابان توليه الوزارة في عهد نظام مايو (1969-1985 ). لذلك تاتي تقييماته وتوصيفاته وتحليلاته من باب التجربة العملية والنظرية. وان كان دكتور منصور خالد يصف لنا (مدرسة المشاغبين السياسين في السودان) بان اهلها يجيدون الهتاف العالي ، والنظر الى القضايا والتعامل معها بصورة سطحية وتسطيح متعمد للوعي العام ، فاننا نتسائل هل اهل هذه المدرسة العجيبة لازالوا يجدون حظهم في التصدي وقيادة العمل السياسي في السودان في الألفية الثالثة؟اعتقد أن الإجابة ستكون نعم.
    فأهل تلك المدرسة من اهم ميزاتهم وقدراتهم هي انتاج الإنسداد العام عبر الشد والجذب والإحتراب البيني في تفاصيل جزئية لا تحقق مصلحة سواءا كانت ذاتية او وطنية. فهم دوما يطلقون الرصاص على ارجلهم دون التصويب المحكم نحو الهدف الحقيقي .ومن تجليات هذه العقلية (عقلية المشاغبة السياسية في السودان) العمل ، قصدا ، على افشال الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان وذلك عبر صناعة الإرتباك المتقن: فهم تارة يقولون أنهم مع التحول المدني الديموقراطي ، ولكن ادائهم على ارض الواقع يذهب في اتجاه اخر تماما. وهم تارة يقولون (منذ 1965) انهم يريدون أن يذهب العسكر الى الثكنات والإبتعاد عن العملية السياسية في السودان ، ولكن ، واقعيا ، يعملون على التحالف مع العسكر واستغلال مؤسسة الجيش ، لأنهم يثقون كثيرا في الجيش ، ثقة تفوق ثقتهم في الشعب السوداني. بهذه العقلية كان الأداء في كل الفترات الإنتقالية في السودان وصولا الى الفترة الإنتقالية الرابعة والتي سادتها " صناعة الإرتباك المتقن".

    كبر
                  

08-27-2022, 06:50 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    بدأت الفترة الإنتقالية الرابعة في اغسطس 2019 بصيغة اعلان سياسي عقبه اعلان دستوري يحوي الإطار الدستوري لإدارة هذه الفترة ، ونتج عن ذلك خلق صيغة شراكة بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى اعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنين.وواضح أن القوى (سياسية ، عسكرية ، مهنية ، ومنظمات مجتمع مدني) التي تصدت لإدارة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، انها كانت لا تملك رؤية استراتيجية لإنجاح الفترة الإنتقالية.وانما انشغلت هذه القوى بامور اجرائية مثل كيفية اخيتار عضوية المجلس السيادي الإنتقالي ، رئيس الوزراء ، ومجلس الوزراء: فهل يكون الإختيار على اساس الأستقلال والمهنية (تنكوقراط) أم على اساس المحاصصة السياسية يتم فيه تقاسم السلطة على اساس سياسي (احزاب ، عسكر ، منظمات مجتمع مدني..الخ) ؟ فالشراكة كانت شراكة اجرائية شكلية تفتقر للعمق الموضوعي الإستراتيجي للتاسيس الذي يقود الى الإستقرار السياسي والدستوري والحقوقي في مستقبل السودان. فوضعية الشراكة الإجرائية الشكلية تلك أدت الى خلق حالة الإرتباك المتقن الصنع ، الذي تعمد الى تجاهل محاور استراتيجية لتاسيس الأنتقال ، مثل التعامل بجدية مع قضية السلام والسلم الإجتماعي والأمن ، والتعامل مع الوضعية الإقتصادية ورؤية لإدارة الموارد العامة وتقديم الخدمات ، الإنتقال السياسي وعملية الإنتقال والشرعية.
    اولأ: غياب السلام يشكل قضية كبيرة في السودان ، وهي الوضعية التي ادت الى انهيار النسيج الإجتماعي وعدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي. لذلك كان تحقيق السلام الشامل العادل من اهم مطالب ثورة ديسمبر المجيدة في شعارها وخطابها. فالحكومة الإنتقالية كانت تواجه تحديات أمنية عديدة: تواجه تعدد الجيوش والمليشيات الحكومية ، ظاهرة انتشار السلاح وسلاح الحركات المطلبية المسلحة التي تقود الحرب في اطراف البلاد ، والحركات المسلحة تواجه تحدي توفير الضمانات التي تجعلها تضع سلاحها وتنخرط في عملية التأسيس والبناء ، يواجه المواطنون ، بما فيهم الشرائح المستضعفة والأقليات ، تحدي توفر الأمن والسلام الذي يوفر فرص المشاركة في صناعة القرار العام وعملية التعافي ، وقطاع الأعمال والمال يواجه تحدي توفير فرص الإستقرار والمؤسسات المالية الموثوق فيها والبيئة الإقتصادية المستقرة التي تساهم في نهوض الإستثمار وتقديم الخدمات بصورة فعالة ، والمنظمات الدولية تواجه تحدى وجود بيئة مستقرة حتى تستطيع المساهمة في بناء السلام والقدرات واصلاح قطاع الخدمة العامة ، ودول الجوار تحتاج الى تأكيدات على استقرار امن السودان الذي يشكل عمق لأمن تلك الدول .ومعروف أن اي عملية واتفاق سلام بين اطراف متنازعة في أي دولة كانت ، تحتاج الى خطوات وعمليات معروفة ومتفق عليها دوليا واقليميا ، مثل عمليات نزع السلاح ، والتسريح ، واعادة الدمج ، واصلاح وتقوية النظم العدلية الجنائية لتأسيس عمليات العدالة الإنتقالية بما يشمل المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب ، واقامة المصالحات على مستوى المجتمعات الصغيرة المتضرر، وعمليات اجراءات جبر الضرر في حق الضحايا.
    كل هذه القضايا المتعلقة بقضية السلام في السودان ، وبالرغم من أن الضرورة تحتم التعامل معها بصورة استراتيجية ، الإ انها كانت تشكل حالة غياب في مخيال النخبة السودانية (مدنية ، عسكرية ، وسياسية) التي صممت الشراكة الإجرائية الشكلية لإدارة الفترة الإنتقالية.
    ثانيا: كانت النخبة السودانية التي تصدت لبناء الشراكة الإجرائية لإدارة الفترة الإنتقالية ، تدرك جيدا أن هناك وضعية انهيار اقتصادي في السودان ادى لخلق ضائقة تعاني منها جميع شرائح المجتمع ، وفي نفس الوقت أدى الإنهيار الإقتصادي الى فقدان الثقة في النظام المالي والبنوك في السودان. الإ أن نخبة الشراكة الإنتقالية لم تكن تملك رؤية استراتيجية للمعالجة وتوفير التمويل وادارة المال العام وادارة الموارد المحلية بصورة تقود لتأسيس الإستقرار الإقتصادي.فالمواطن يحتاج للثقة في قدرات الحكومة الإنتقالية في ادارة الموارد المحلية مما يؤدي الى وجود خدمات فعالة. النخبة التي صنعت صيغة الشراكة الإجرائية الشكلية لم تكن لديها رؤية استراتيجية للسيطرة على تلك الموارد ، فجل الموارد السودانية المحلية تقع تحت سيطرة الجيش والمليشيات مثل الدعم السريع وبعض حركات الكفاح المسلح في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور. وبالرغم من أن اتفاقية جوبا لسلام السودان سنة 2020 اعترفت بالخلل في توزيع الثروة وطرق ادارتها مما افرز ظلم تاريخي في حق بعض الأقاليم والفئات والشرائح الإجتماعية ، الإ ان تلك الإعترافات ظلت مجرد نصوص جيدة الصياغة تقبع في الورق فقط.

    ثالثا: قامت الشراكة الإجرائية الإنتقالية في الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان على ترتيبات سياسية ودستورية بنيت على وثيقتين هما: الوثيقة الدستورية الإنتقالية لسنة 2019 بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الإنتقالي ، والوثيقة الثانية هي اتفاقية جوبا لسلام السودان سنة 2020. وكلا الوثيقتين انطوت على تفاصيل دقيقة توضح ، على الأقل نظريا، عملية تقاسم السلطة ، وليس التأسيس والبناء الحقيقي ، وبناء هياكل السلطة في الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان. وهذا الأمر يثير تساؤل عن طبيعة الإنتقال السياسي ، بعد السقوط الشكلي للنظام البائد والسلام الجزئي، والعملية الإنتقالية التي ينظر اليها كألية لمعالجة اشكالات الدولة السودانية منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي في سنة 1956.والأهم من ذلك سؤال عن الشرعية التي بموجبها عملت بعض فئات النخبة السودانية (مدنية ، عسكرية ، سياسية ، مهنية ..الخ) لإدارة الفترة الإنتقالية ، وهي الفكرة التي اوكل الأمر فيها ، جزئيا ، للسلطة التنفيذية بقيادة دكتور عبد اللـه حمدوك. فلقد كانت التحديات الإنتقالية تتمثل في الإتفاق على مشروع سياسي ودستوري يحكم الفترة الإنتقالية ، وتصميم هياكل السلطة الإنتقالية وتقاسم السلطة ، التأسيس لإدارة الموارد السودانية والسيطرة عليها والترتيبات الإقتصادية التي تقود للإستقرار الإقتصادي، اعادة السودان للمشهد الدولي وفق علاقات تخدم مصالح السودان في المقام الأول ، واعداد السودان لمرحلة التداول السلمي العاقل للسلطة عبر تأسيس العدالة الإنتقالية وصناعة الدستور وبناء مؤسسات تساهم في التأسيس لعملية انتخابات لتحقيق مستقبل الإستقرار السياسي في السودان ، والإهتمام بتوفير السلام الشامل العادل والسلم الإجتماعي والأمن لكل مواطن/ة وتأسيس مناخ البناء والتأسيس للإنتقال السلس.


    كبر

    __________________________________________________


    [17]
    دكتور منصور خالد (النخبة السودانية وادمان الفشل ، الجزء الأول)
    https://www.noor-book.com/en/ebook-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%A7%D8%AF%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B4%D9%84-pdfhttps://www.noor-book.com/en/ebook-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%A7%...9%81%D8%B4%D9%84-pdf
                  

08-30-2022, 05:02 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    ج/ النخبة السودانية: مهزومة؟ مأزومة؟ أم معاندة؟


    ان خروج دكتور عبد الله حمدوك والإستقالة عن قيادة حكومة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، ينبغي ألا يتم تقييمه عبر معايير نجاح أو فشل الحكومة ورئيس وزرائها ، انما المعايير الأنسب لمراجعة تلك الحقبة ، يجب أن تنظر لأداء النخبة السودانية (مدنية أو عسكرية) عبر عشرات السنين منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي في سنة 1955. ومثل هذا الأداء النخبوي يتميز ببعض الميزات الجوهرية والهيكلية في طرائق تفكير هذه النخبة وجذور بناء مخيالها الإجتماعي والسياسي. فمعروف ، بداهة أن أي نخبة تتصدى لقيادة وطنها وشعبها ، يجب أن يكون لها مخيال اجتماعي فعال يستوعب حركة التطور والمتغيرات في المجتمع.النخبة السودانية ، ومنذ الإستقلال ، لم تنتج تقاليد تتعلق ببناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة والعدالة، والأهم عدم القدرة على انتاج تقاليد تعمل على صناعة الإستقرار والتداول السلمي للحكم والتقاسم العادل للسلطة والثروة. فالنخبة السودانية ورثت مؤسسات الدولة التي تركها المستعمر الإنجليزي، سواءا في الإدارة و نظم التعليم والقانون والعلاقات الخارجية ، ولم تتمكن تلك النخبة من تطوير تلك المؤسسات أو المحافظة عليها حتى ظلت تعمل في ظروف ومعطيات واقعية تجاوزتها.وفوق ذلك ، لم تكن هذه النخبة (السودانية) تمتلك الشجاعة لمراجعة اخطائها المتراكمة (منذ الإستقلال) عبر السنين ، وعدم القدرة على النظر حولها لتأمل التجارب في افريقيا أو العالم اجمع ، ودراسة الدول والمجتمعات المشابهة في التركيب والقضايا الإجتماعية والسياسية التي تشبه واقع السودان والإستفادة ة من تجارب العلاج.النخبة السودانية تتميز بعقلية منغلقة (دوغما) تسول لها بانها فئة اجتماعية تتميز بالصمدية التي لا تعترف حتى بالتعامل مع المجتمع السوداني وقضاياه التي تتحرك وتتطور وفق قوانين التغير والحراك المتصاعد بمرور الزمن ، وانما تتعامل هذه النخبة بمبدأ الثبات الإجتماعي فتصورها لقضايا المجتمع السوداني في ستينيات القرن الماضي وطرق المعالجة لازالت تصر هذه النخبة (بصورة يرثى لها) على تطبيق تلك التصورات التي تجاوزها الواقع والتأريخ ، حتى ولو بعد مرور خمسين عاما على انتاج تلك التصورات وفشلها عبر التجريب المستمر.

    في كتابه (الديموقراطية في الميزان) [18] يوضح لنا محمد احمد المحجوب اشكالات النخبة السودانية في اجواء الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي ، حيث قال: (وبدأت مشاكلنا فور حصولنا على الإستقلال. وكان السبب لهذه المشاكل واحدا: فالأحزاب التي اما عملت من اجل الإستقلال ، وجدت نفسها فور تحقيق الإستقلال من دون هدف محدد، وتتصارع في محاولة لتلبية احتياجات البلد الحديث العهد.كان الشئ الكثير متوقعا من الأحزاب ، فقصرت جميعها عن تحقيق هذه التوقعات. اذ لم تكن لديها برامج مفصلة ومحددة لمعالجة النمو الإقتصادي والإجتماعي.وكل قضية طرحت في مرحلة ما بعد الإستقلال كانت تعالج وفقا لأهواء الحزب ـ في حين كانت هناك مشاكل ملحة ومستعجلة تتطلب العمل الفوري.) ص. [175]
    بيد أنه من الظاهر في مميزات النخبة السودانية أنها لا تقرأ ما كتبه من عمل معها في قيادة بعض مراحلها مثل المحجوب ، او منصور خالد أو محمد المكي ابراهيم وغيرهم ، وهذا العيب يعود الى بنية عقلية (الدوغما )التي تتميز بها طرائق تفكير تلك النخبة. فهي نخبة لا تعرف اخطأئها ولا تعرف خصلة المراجعة والتقييم للإداء. فاللحظة الفكرية والمخيال الإجتماعي للنخبة السودانية في فجر الإستقلال ، استمر بنفس الطريقة وغابت الرؤى الإستراتيجية لبناء الدولة في السنوات اللاحقة.هذا الوضع جعل تلك النخبة في وضع سلبي:ان تقوم بتطوير سلوك حماية ، اقل ما يوصف بالفهلوة والإستهبال ، وهو سلوك الإنحناء المزيف لهدير اصوات الشعب الثائر في اوقات الثورة والإنتفاض ضد الديكتاتوريات والحكم الشمولي. مثلا ، حينما انتصرت ثورة اكتوبر 1964 واسقطت نخبة نظام العسكر بقيادة الجنرال ابراهيم عبود ، جاءت النخبة السودانية بحكومة انتقالية برئاسة السيد سر الختم الخليفة (تكنوقراط من حقل التعليم ). ولكن النخبة السودانية لم تكن امينة وحريصة على البناء والتقدم والإزدهار ، ولم تتمكن حكومة الفترة الإنتقالية ، وقتها ، من قيادة الإنتقال بصورة سلسة تساهم في التأسيس والتداول السلمي للحكم ، وانما كان الضغط على تلك الحكومة الإنتقالية عبر الحيلة الماكرة (الذهاب الى الإنتخابات). ولم تكن تلك النخبة في وضعية وضوح حول لماذا الإنتخابات ، في غياب برامج اقتصادية وسياسية واجتماعية واضحة ، ناهيك عن ظاهرة الحرب في الجنوب. والأهم غياب خصلة ترتيب الأولويات في اجندة الوطن الكبرى مثل حل قضية الجنوب ، ترتيب خطوات الوحدة والتنمية. فالنخبة السودانية بعد حكومة اكتوبر 1964 الإنتقالية ، عادت للتناكف والتشاكس في اولويات خيالية لا تشبه الواقع السوداني ، مثل الحرص على الدستور الإسلامي ، وارتكاب اكبر جريمة في قيم الديموقراطية وذلك في واقعة طرد نواب الحزب الشيوعي السوداني ، وهم نواب منتخبون وفقا لقاعدة (الذهاب الى الإنتخابات) التي جعلتها النخبة شعار اقعدت به اداء حكومة سر الختم الخليفة الإنتقالية.
    في كتابه (النخبة السودانية وادمان الفشل ، الجزء الأول) وصف دكتور منصور خالد طبيعة الفرد او الأفراد الذين تتكون منهم النخبة السودانية ، بأن طبيعة الفرد النخبوى تنتابها حالة من (تصدع الذات) الذي يخلق فرد مأزوم.
    ويصف لنا دكتور منصور ، الفرد النخبوي السوداني المأزوم بقوله:
    (المازوم ليس هو المواطن اوهاج الذي يهيم على سفوح التاكا في شرق السودان ، ولا المواطن تية الذي أكدى يديه الحفر في هضاب جبال النوبة في وسط السودان ، ولا المواطن سر الختم الذي مازال يستمسك بالقليل الذي ابقاه "الهدام" من ارض صلعاء في على ضفاف النيل بشمال السودان. المأزوم هو تلك الأقلية الإستراتيجية من صفوة المثقفين أو بالأحرى المتعلمين التي افترضت لنفسها التعبير ووضع القرار وتقرير المصير باسم هؤلاء جميعا بحكم سيطرتها على الحكم والمال والتعليم ووسائل الإعلام الحديثة).ص.[15]*

    النخبة السودانية التي كانت بعد الإستقلال مباشرة ، وجدت نفسها بلا اهداف وبرامج كما وصفها المحجوب ، والتي شاخت وصابها (تصدع الذات) و(الأزمة) كما وصفها دكتور منصور خالد ، كانت طيلة السنين تراكم التركات الثقيلة التي اورثت السودان التصدع الفعلي (انقسام السودان) ، والحروب التي اهلكت الإقتصاد والجغرافية والنسيج الإجتماعي . وخلقت تلك النخبة ، عبر مراحلها ، مفاصل تشكل الكوارث المتراكمة ، التي لم يكن مخيال هذه النخبة أي نوع من المبادرات والرؤى في سبيل المعالجة وخلق الإستقرار .
    كل هذه التركات الثقيلة ، كان ينظر الى حكومة الفترة الإنتقالية ، بقيادة دكتور عبد الله حمدوك ، أن تعالجها في ظرف ثلاث سنوات.


    كبر


    ___________________________________________-

    [18] : محمد احمد المحجوب (الديموقراطية في الميزان)

    * منصور خالد (النخبة السودانية وادمان الفشل ، الجزء الأول)ز
                  

09-06-2022, 08:45 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    د/ التركات الثقيلة وحكومة دكتور عبد الله حمدوك الإنتقالية:

    عقلية (الدوغما) ، كميزة من مميزات النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) ، لا تميز فقط اداء النخبة المدنية السياسية في فترات الإنتقال (1955، 1965، 1985 ، 2019 ، 2022) ، وانما النخبة العسكرية السودانية هي الأخرى كانت تتميز بهذه العقلية ، ولديها قدرة يرثى لها في خلق حالة الإنسداد و اضاعة الفرص والإعتداد بالرأي الصمدي لمعالجة المشكل السوداني في الوحدة الوطنية والتنمية وتطوير عملية التداول السلمي للسلطة.
    بعد انهيار الحكومة المنتخبة في 1965 (بعد حكومة ثورة اكتوبر الإنتقالية) ، جاء نظام مايو 1969 ، وهذا النظام بالرغم من سيطرة نخبة العسكر عليه وانفرادها بالرأي والسلطة ومحاولة تطبيق نموذج ايدولوجي ، ذي السمة اليسارية الإشتراكية ، الإ انه لم يحظى بالقبول والإستقرار ، وانما كانت (صناعة الإرباك المتقن) سائدة عبر المعارضة من قبل النخبة المدنية التي فقدت هيمنتها التي منحت لها بموجب ثورة اكتوبر 1964. وهذا الإرباك ظهر جليا في ان نظام مايو (الذي بدأ يساريا وانتهي يمينيا) لم ينجح في التصدي للقضايا الوطنية في الوحدة والإقتصاد والتنمية وبناء دولة المؤسسات والقانون والتداول السلمي للسلطة. وانتهى نظام مايو في 1985 بموجب انتفاضة شعبية ، أسلمت الأمر الى النخبة السياسية المدنية ، وهي تلك التي لم تتعلم من اخطائها في فترات الإنتقال السابقة (1955 و1965) . فلقد كانت النخبة السودانية المدنية ضئيلة المخيال الإجتماعي وخالية الوفاض في ناحية الإستراتيجيا والرؤى والبرامج التي تتصدى لمعالجة اشكالات السودان الواضحة للعيان مثل قضية الحرب (والتي اتسعت رقعتها لتشمل كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق) ، وقضية ادارة الثروات السودانية واقتسامها بصورة عادلة ، والبدء في عملية التنمية التي تشمل جميع انحاء السودان سواءا كانت تنمية اقتصادية ، سياسية ، اجتماعية ، أو ثقافية.

    النخبة المدنية السودانية التي تصدت لقيادة السودان بعد الفترة الإنتقالية (1986) ، لم تكن على استعداد لفهم خارطة الواقع السوداني الذي خلفه نظام مايو الشمولي (1969-1985) ، ولم تكن على استعداد لمراجعة ذاتها وتدبر واجبها اليومي والإستراتيجي ، وانما عادت لتكتيكها الطبيعي المجرب وهو المناداة بـ (انتخابات ) عاجلة بعد نهاية الفترة الإنتقالية القصيرة ، وهي الإنتخابات التي جرت في 1986.كل البرامج التي طرحتها القوى السياسية المدنية في ذلك الوقت ، لم تكن تملك قدرات فكرية واستراتيجية لإستيعاب واقع السودان ، الذي ظللته تركة نظام مايو الثقيلة ، ولم تكن لها القدرة على ابتكار وابتدار خطوات بناء دولة مؤسسات وقانون وعدالة تستوعب كل مظلم اهل السودان التأريخية ومطالبهم الموضوعية العادلة. تلك النخبة لم يكن لديها التدريب والتربية السياسية الكافية التي تقوم على فهم المخاطر الحقيقية التي خلفها نظام مايو ، ناهيك عن التفكير الجاد في فهم تلك المخاطر والعمل على معالجتها ولو جزئيا ، وهو النهج الذي نظن لو تم اتباعه لوضع السودان في المسار الصحيح. فماهي تلك المخاطر؟ وهل كانت النخبة السودانية المدنية التي ورثت نظام مايو ، تدركها؟

    كبر
                  

09-06-2022, 08:47 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    من المخاطر ، التي تصل لحد الكارثة ، والتي خلفها نظام مايو (1969-1985) ،والتي غابت على نخبة الفترة الإنتقالية الثالثة والديموقراطية الثالثة ، نرى أنها تتمثل في بعض المحاور الإستراتيجية:
    اولا: هجرة العقول السودانية المتميزة ، وهذه الهجرة سببها أن النخبة العسكرية السودانية في قيادة دفة الأمور في نظام مايو ، قد سعت بصورة غريبة ومتسارعة في فرض ظروف اجتماعية وسياسية طاردة ، جعلت كثر من اهل السودان يبحثون عن الإستقرار والنموالذاتي في دول اخرى ، خصوصا دول الخليج ،التي كانت توفر ظروف مجزية ومستقرة ، والتي كانت الهجرة اليها تستوعب كل فئات المجتمع السوداني : من الصفوة المفكرة المؤهلة تعليميا وفكريا وثقافيا الى غاية فئة المواطن العادي المغامر الذي يبحث عن حظوظ افضل.والإشكال في هذه الهجرة ، انها استنزفت رأس المال البشري والإجتماعي السوداني ، وهذا رصيد مهم للغاية في بناء المجتمعات والأمم. وبالتالي بدأت نخبة نظام مايو في العمل على تفريغ وطرد راس المال البشري والإجتماعي السوداني ، واصبحت البلاد تدار بواسطة اهل الولاء من النخب الضيقة العقول والخيال ، وهذه فئة تتميز بالجــبن والخوف على المصالح الذاتية الضيقة ، تلك التي يحتم الحفاظ عليها العمل على هوى الحاكم بامره في الدولة.

    ثانيا: انهيار نظام الأمن الغذائي في السودان وغياب نظم درء الكوارث. صحيح أن النخبة المدنية السودانية التي ورثت نظام مايو في الديموقراطية الثالثة (1986-1989) كانت خيالية وغير واقعية لدرجة انها تستطيع ان تدبج المقالات والكتب لكي تثبت للشعب السوداني ان نظام مايو بدأ يساريا اشتراكيا وانتهى يمينيا اصوليا ، ولكنها لا تستطيع ان تحدث الشعب السوداني ، الذي اهداها ثورة بالمشاهرة على نظام (شيك على بياض) ، عن تركة نظام مايو واثرها في مستقبل بناء الإستقرار في السودان. معروف ان اخر ايام نظام مايو في سنة 1985 ، انتابت السودان ما يعرف بكارثة المجاعة ، وهي الكارثة التي شملت كثير من مناطق الموارد الحيوية الإستراتيجية (مثل قطاع الثروة الحيوانية والزراعة) في غالبية اقاليم السودان ، وتسببت في النزوح الداخلي الكبير. صحيح ان المجاعة (ككارثة استراتيجية) يرى البعض ان سببها تغيرات الطقس في كوكب الأرض وظاهرة الإحماء..
    Global Warming
    التي ادت الى ارتفاع درجات الحرارة في طقس كوكب الأرض ، الإ ان ذلك لا يعفي من: أن السودان ، حينما تصدت نخبة عسكر نظام مايو السودانية لقيادته ،عبر الإنقلاب العسكري وخلق النظام الشمولي الأحادي ، كان السودان في وضعية تتميز بوجود الفائض في الثروة والمال والموارد وموارد الأمن الغذائي. ولكن الظاهر للعيان أن نخبة عسكر نظام مايو ، مثلها ومثل فروع النخبة السودانية الأخرى ، كانت تفتقر للمخيال الإستراتيجي الذي يسعي لبناء دولة حقيقية وليس دولة صورية هشة.والشاهد المهم في ظاهرة مجاعة 1985 في السودان ، والتي لم تدرس كخطر استراتيجي مهم ، انها حولت السودان من دولة مستقلة ، تعتمد على مواردها الذاتية في مواجهة كوارث مثل المجاعة ، الى دولة تابعة غير مستقلة تعتمد على الإغاثة من الخارج (دول المجتمع الدولي).
    ثالثا: ظاهرة الحرب ، ككارثة استراتيجية من ضمن تركة نظام مايوفي سنة 1985.ملاحظة جديرة بالإنتباه في تكييف فكرة نظام مايو (1969-1985) أن هذا النظام لم يكن تطور طبيعي وعقلاني في مسار تطور المخيال الإجتماعي السوداني وارساء الديموقراطية. نظام مايو في السودان ،كان فكرة عاطفية انفعالية غير عقلانية ، سادتها فكرة الإنتقام الذاتي. من قاموا بانقلاب 25 مايو 1969 ، لا يملكون خيال استراتيجي يسعى لبناء دولة في السودان ، وانما كان فعل الإنقلاب ، في حد ذاته ، هو عبارة عن ردة فعل على واقعة طرد نواب الحزب الشيوعي السوداني من البرلمان المنتخب في 1965 ، وهو اجراء (طرد نواب الحزب الشيوعي) والذي كان اجراء خاطئ بكل المعايير الديموقراطية في زمانه وفي الأزمنة اللاحقة لمن يؤمن بقيم الديموقراطية ويسعى لتوطيدها في السودان.والنقطة المهمة التي يجب ان ننظر اليها بكل تجرد ، أن انقلاب مايو كان يحسب على ما يسمى بالقوى العلمانية واليسارية في السودان والتي اخطأت اصابة الهدف مما سبب الهدر والخراب في تاريخ السودان.

    كبر
                  

09-06-2022, 08:50 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في فبراير 1972 ، وبوساطة مجلس الكنائس العالمي ، تم توقيع اتفاقية السلام في اديس ابابا بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان (انانيا). وبموجب هذه الإتفاقية تم الإستجابة لمطلب اهل الجنوب في الحكم الذاتي ، واصبحت محافظات الجنوب (اعالي النيل ، الإستوائية ، وبحر الغزال) اقليم واحد تمتع بالحكم الذاتي في اطار الدولة السودانية الموحدة. في الإتفاقية تم النص على ان تكون اللغة العربية هي الرسمية في دولة السودان، وفي نفس الوقت منح الإقليمي الجنوبي حق استخدام اللغة الإنجليزية. وبناءا على اتفاقية فبراير 1972 ، تم وضع دستور السودان الدائم لسنة 1973 ، وهو الدستور الذي استوعب كثير من النصوص والأفكارو النقاشات التي ثارت حول مشروع الدستور الإسلامي لسنة 1968. في دستور السودان لسنة 1973 تم تعريف السودان في المادة (1): (جمهورية السودان جمهورية ديموقراطية اشتراكية موحدة ذات سيادة وهي جزء الكيانين العربي والأفريقي).وهذا التعريف لدولة السودان هو نفس التعريف الوارد في مشروع دستور 1968 ، حيث عرفت المادة(1) دولة السودان بالنص على (السودان جمهورية ديموقراطية اشتراكية تقوم على هدي الإسلام). ومن طرائف هذا الدستور (دستور 1973) انه قنن لعنصرية غريبة في نوعها ، فالدستور لايعترف صراحة بكل سكان السودان الذين تقوم عليهم جمهورية السودان.!! فالمادة (3) تنص على: (تقوم جمهورية السودان الديموقراطية على اساس تحالف قوى الشعب العاملة المتمثلة في الزراع والعمال والمثقفين والرأسماليين الوطنيين والجنود وفق ميثاق العمل الوطني.)..!! وبالتالي يشير هذا النص الدستوري الى أن أي مواطن في السودان خارج نطاق الفئات المذكورة بالضرورة خارج نطاق المواطنة في جمهورية السودان الديموقراطية.
    من اشكاليات دستور السودان لسنة 1973 والذي جاء بموجب اتفاقية 1972 ، انه حذى حذو مشروع دستور 1968 ، ولأول مرة ، اشار بصورة واضحة الى امر اللغة والدين والنص عليهما في الدستور. فلقد اشارت المادة (10) الى: (اللغة العربية هي اللغة الرسمية بجمهورية السودان الديموقراطية) وهو النص الذي يقابل المادة (3) من مشروع دستور 1968 والتي تنص على: (الإسلام دين الدولة الرسمي واللغة العربية لغتها الرسمية). أما الدين فلقد تم الإشارة الى امره في اكثر من نص في دستور1973. اشارت المادة (9) الى: (الشريعة الإسلامية والعرف مصدران للتشريع والأحوال الشخصية لغير المسلمين يحكمها القانون الخاص بهم). وتكررت الإشارة الى امر الدين في المادة (16) حيث تم النص في بعض الفقرات على:
    ( أ/ في جمهورية السودان الديموقراطية الدين الإسلام ويهتدي المجتمع بهدي الإسلام دين الغالبية وتسعى الدولة للتعبير عن قيمة ،
    ب/ والدين المسيحي في جمهورية السودان الديموقراطية لعدد كبير من المواطنين ويهتدون بهديه وتسعى الدولة للتعبير عن قيمه ،
    ج/ الأديان السماوية وكريم المعتقدات الروحية لا يجوز الإساءة اليها أو تحقيره.)
    وبالرغم من توقيع اتفاقية السلام في 1972 ووضع الدستور في سنة 1973 ، لم ينعم السودان بالإستقرار ، فلقد كانت هناك حركات لتغيير الحكم عن طريق العنف المسلح (حركة 19 يوليو 1971 ،حركة 5 سبتمبر 1975 ، حركة 2 يوليو 1976 ، وحركة 1981). اضافة لذلك لجأ نظام مايو للنكوص عن مبدأ الإقليم الواحد في الجنوب وتم تقسيمه الى محافظات عديدة والغاء مبدأ الحكم الذاتي ، مما ادى الى عودة اهل الجنوب للكفاح المسلح وظهرت الحركة الشعبية لتحرير السودان في مايو 1983. وكرد فعل على هذا الموقف ، أعلن نظام مايو توجهه نحو اقصى اليمين واعلن قوانين سبتمبر 1983 المنسوبة للشريعة الإسلامية ، اضافة الى اتباع نص في مشروع دستور 1968 والذي كان يمنح القضاء سلطة تشريع القوانين (المادة 142 من المشروع ، وقانون اصول الأحكام القضائية في نهاية نظام مايو) ، وعاد السودان الى دوامة العنف وصراع الهوية على اساس ديني.
    رابعا: من مظاهر تركة نظام مايو (1969- 1985) انتشار الفساد المؤسسي ، وهي الظاهرة التي عمت كل مفاصل الدولة سواءا في الإقتصاد أو السياسة أو الخدمة المدنية أو الشرطة..الخ. وهذا الفساد يرجع سيطرة نظام حكم الفرد الذي تحيط به بطانة فاسدة قاصرة النظر الإستراتيجي ويهمها خدمة مصالحها الضيقة على حساب مصالح الوطن.
    مفاصل تركة نظام مايو الثقيلة لم تواجهها النخبة المدنية ،في فترة الديموقراطية الثالثة ، بجهود ومعالجات جادة وانما هدر الطاقة يتوجه الى التصارع حول اجازة قانون جنائي اسلامي (مشروع القانون الجنائي لسنة 1988) في البرلمان المنتخبة. وهذا السلوك ذكرنا بما حدث بعد اكتوبر وقصة الدستور الإسلامي (مشروع دستور 1968) . ومثل هذه المسائل ليست قضايا استراتيجية مثل قضية الوحدة الوطنية والتنمية وبناء الإستقرار في السودان.
    كل هذه التركة الثقيلة تم تعميقها اكثر بواسطة النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) عبر نظام الجبهة الإسلامية (1989-2019) والذي كان ردة فعل يمينية على يسارية نظام مايو.
    ولقد سارت نخبة انقلاب الجبهة الإسلامية يونيو1989، في نهج نخبة نظام مايو التي بدات يسارية وانتهت الى اقصى اليمين. فنخبة انقلاب الجبهة الإسلامية بدأت بتعميق فكرة عسكرة المجتمع ، التي بدأت في نظام مايو بصورة خافتة ، واختارت نخبة الجبهة الإسلامية التصعيد على مستوى الحرب الأهلية ، وكان التصعيد أن حرب السودان في الجنوب اصبح النظر اليها باعتبارها حرب دينية بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي.وفي الإقتصاد لجأت نخبة انقلاب الجبهة الإسلامية 1989 الى اللجوء لبيع معظم اصول القطاع العام فيما يسمى بالخصخصة ، وسعت لإقامة نظام حكم شمولي لا يعترف بالتعددية في الحياة السياسية ، وانما كانت الخطوات متسارعة في ان يكون الحزب هو الدولة.

    كبر
                  

09-16-2022, 02:46 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    سادسا: موت الأيدولوجيا في السودان:


    1/ اشارة مهمة:

    في يوليو سنة 2011 انفصل جنوب السودان واستقل مكونا دولة خاصة ، وهذا الإنفصال/الإستقلال كان متفقا عليه بموجب اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، والتي منحت اهل الجنوب حق تقرير المصير اذا لم تنجح الفترة الإنتقالية (2005-2011) في جعل الوحدة جاذبة. واستقلال جنوب السودان هو مطلب اهل الجنوب ، الذي كلف ملايين الضحايا ، وذلك منذ لحظات استقلال السودان الأولى في سنة 1955 ، وكانت المطالبة وقتها تتمثل في الدعوة لحكم فيدرالي يعترف ويدير التنوع واحترام خصوصية كل اقليم من اقاليم السودان ، وان يكون هذا التنوع في اطار وحدة الوطن الواحد. والسؤال المركزي هنا: لماذا وصل الحال باهل الجنوب الى دفع اثمان باهظة والإنفصال والإستقلال عن الوطن الأم؟

    في سنة 2022 صدر التقرير السنوي الجديد لمؤشر السلام العالمي ، وهو تقرير سنوي يقيس ويرتب الدول الأكثر استقرارا وامنا وسلاما في العالم ، وذلك وفق معايير ومؤشرات مقسمة لثلأثة مجموعات:
    المجموعة الأولى: النزاعات الدولية والمحلية ،
    المجموعة الثانية: السلم والأمن الإجتماعي
    المجموعة الثالثة: العسكرة في المجتمع
    ومن المعايير والمؤشرات التفصيلية النظر الى: عدد النزاعات الداخلية وعمرها ، العلاقة مع دول الجوار ، الإستقرار السياسي ، مستوى العنف في الجريمة ، ومستوى الوعي الإجتماعي بالجريمة. تجمع درجات نتائج هذه المؤشرات وتكون الدولة التي نالت اقل معدل في الدرجات هي الأكثر استقرارا وامنا وسلاما. وكان عدد الدول التي شملها التقرير (163) دولة ، اكثرها استقرارا وامنا ووسلاما ، وكانت ايسلاندا هي الأفضل على مستوى العالم ، وافغانستان اسوأها على الإطلاق. ومن بين افضل ثلاثين دولة تتميز بالإستقرار والأمن والسلام ، كانت دولة افريقيه واحدة وهي دولة موريشس والتي جاء ترتيبها الـ (28) على مستوى العالم.
    اما في نطاق افريقيا ، فقد تم استخلاص افضل عشرة دول افريقية من ناحية الإستقرار وتوفر الأمن والسلام ، وايضا تم استخلاص أسوأ عشرة دول افريقية غير مستقرة وينعدم فيها الأمن والسلام.
    بموجب التقرير السنوي لمؤشر السلام العالمي لسنة 2022 ، كانت افضل عشرة دول هي:
    1/ موريشس ، معدلها (1.58) ، وترتيبها عالميا (28)
    2/ غانا ، معدلها (1.759) ، وترتيبها عالميا (40)
    3/ غامبيا ، معدلها (1.792) ، وترتيبها عالميا (45)
    4/ بتسوانا ، معدلها (1.801) ، وترتيبها عالميا (48)
    5/ سيراليون ، معدلها (1.803) ، وترتيبها عالميا (50)
    6/ زامبيا ، معدلها (1.841) ، وترتيبها عالميا (56)
    7/ غينيا الإستوائية ، معدلها (1.863) ، وترتيبها عالميا (59)
    8/ملاوي ، معدلها (1.895) ، وترتيبها عالميا (65)
    9/ نامبيا ، معدلها ( 1.908) ، وترتيبها عالميا (68)
    10/ السنغال ، معدلها (1.916) ، وترتيبها عالميا (70)

    وكانت اسوأ عشرة دول افريقية وفقا لمؤشر السلام العالمي ، كما في تقريره لسنة 2022 ، هي:
    1/ جنوب السودان ، معدلها (3.184) ، وترتيبها عالميا (159)
    2/ الصومال ، معدلها (3.125) ، وترتيبها عالميا (156)
    3/ السودان ، ومعدلها (3.007) ، وترتيبها عالميا (154)
    4/ ليبيا ، معدلها (2.93) ،وترتيبها عالميا (151)
    5/ مالي ، معدلها (2.911) ، وترتيبها عالميا (150)
    6/ اثيوبيا ، معدلها (2.806) ، وترتيبها عالميا (149)
    7/ بوركينا فاسو ، معدلها (2.786) ، وترتيبها عالميا (146)
    8/ نجيريا ، معدلها (2.725) وترتيبها عالميا (143)
    9/ الكاميرون ، معدلها (2.709) ، وترتيبها عالميا (142)
    10/ النيجر ، معدلها ( 2.655) ، وترتيبها عالميا (140)

    نستخلص من التقرير السنوي لمؤشر السلام العالمي 2022 ، أن السودان ودولة جنوب السودان ، كليهما يقع ضمن اسوأ عشرة دول على مستوى العالم وافريقيا ، من ناحية عدم الإستقرار وغياب الأمن والسلام.
    وهذه الإشارة خطيرة ومهمة للغاية ويجب التوقف عندها كثيرا ، لأنها تثير اسئلة مركزية وجوهرية: لماذا السودان وجنوب السودان يتميزان بكل هذه الصفات السلبية؟ هل تلك الأوضاع ناتج لفقر في الموارد والثروات؟هل هو فقر في التعليم ومؤسسات الدولة الفاعلة؟ أم هو فقر في عدم القدرة على انتاج رؤية وبناء منظومة وطنيه تحسن ادارة التنوع وتساهم في احداث النهضة؟

    في كتابه (النخبة السودانية وادمان الفشل ، الجزء الأول) ، اشار دكتور منصور خالد الى ازمة الرؤية ، وذلك بقوله ( الأزمة السودانية في تقديرنا ليست هي ازمة حكم وازمة هوية فحسب ، وانما قبل ذلك أزمة رؤية).ص.15

    والسؤال المركزي الذي يقتضي التمحيص والبحث عن اجابة ، هو: هل أزمة الرؤية في السودان ذات صلة بالأيدولوجيا السائدة عبر تأريخ السودان؟ وهل السودان ، تأريخيا كان يملك زمام المبادرة في بناء حضارة بشرية لها اثرها في العالم؟
    للإجابة على هذا السؤال المهم ، ينبغي أن نلقي نظرة على مفهوم الأيدولوجيا ، وتقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان ، أي الكشف عن ملامح الأيدولوجيا السائدة في السودان ، والتي اوصلت نخبة السودان الى التفريط في وحدة السودان وعدم تنميته وجعله وطنا مستقرا سياسيا ويسوده الأمن والسلام ، وهذا التفريط هو الذي وصل لدرجة انقسام السودان الى دولتين فاشلتين ، تفتقران للإستقرار.


    كبر
                  

09-16-2022, 03:41 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    2/ مفهوم الأيدولوجيا:



    في كتابه (البرمجية الثقافية: نظرية في الأيدولوجيا) [19] ، يلخص جاكوب بلكين مفهوم الأيدولوجيا في تيارين: الأول ، ينظر الى الأيدولوجيا باعتبارها نظرة للوجود ، اطار ذهني ، مذهب في الكلام ، أو مجموعة معتقدات تساهم في كيفية خبرة البشر للعالم.وفي هذه الحالة يكون مصطلح أيدولوجيا محايدا نسبيا.
    التيار الثاني ، ينظر الى الأيدولوجيا باعتبارها نوع من التعميّة/التغبيش الذي يخدم مصالح طبقية ، ويرقي رؤية كاذبة للعلاقات في المجتمع ، او منتج للظلم والقهر واللأعدالة.بمعنى أخر أن الأيدولوجيا هي طريقة للتفكير وبناء الكلام/الخطاب الذي يساعد على تأسيس والحفاظ على سيادة حالة عدم المشروعية وعلاقات السلطة غير المعترف بها.وبالتالي تكون الأيدولوجيا هي الخطاب الذي تجد فيه شبكات السلطة القامعة وطنا لها.
    الأيدولوجيا ذات صلة وثيقة بعملية انتاج الثقافة في المجتمع ، خصوصا في السودان . فالأيدولوجيا هي الناتج الطبيعي لتطور الثقافة والتي تقوم على الفهم المشترك بين افراد المجتمع.وفي هذه الناحية يذهب هانس قادمار الى أن الفهم الثقافي المشترك صار متاحا وفقا لتموضعنا التاريخي الذي يولد تقاليد ذات سيرورة تاريخية. وفكرة قادمار تربط بين الوجود التاريخي والفهم الثقافي المشترك. ويؤكد أن وجود الإنسان هو وجود في التاريخ ، ولكي تكون انسان في مجتمع ما ، فهذا يعني وجود في تقاليد تاريخية ، والتي تتطلب فهما مشتركا.ومثل هذه التقاليد دوما تتميز بالتحيّز والتقييم المسبق للأخر في محيط نفس الثقافة ، والأخر في محيط ثقافات اخرى.
    وبالرغم من أن قادمار لايعتبر نظريته حول الفهم الثقافي المشترك بأنها نظرية في الأيدولوجيا ، الإ انها تساعد كثيرا في محاولتنا لمعالجة مفهوم الأيدولوجيا في السودان ، وهو المفهوم الذي نشأ وتجذر واصبح نوع من انواع التموضع في التأريخ ومحاولة افتراض فهم ثقافي مشترك.
    والأيدولوجيا السائدة في السودان ، لقرون عديدة ، اقرب الى مفهوم التيار الثاني الذي اشار اليه بلكين، بأن الأيدولوجيا السائدة في السودان ظلت دوما وسيلة لخدمة مصالح مجموعات معينة على حساب مجموعات اخرى في اطار السودان. وبالتالي ، ظلت الأيدولوجيا السائدة في السودان ، بكل تجلياتها ، تحرص على تقديم وترسيخ رؤى كاذبة لتكييف بنية العلاقات في السودان سواءا كانت علاقات سلطة ، علاقات انتاج ، علاقات اجتماعية ، علاقات فكرية ، أو علاقات تأريخية.وهذه الوضعية هي التي اسست لسيادة ، ولقرون ، الدولة القامعة ، القائمة على رؤى مجموعة تفرض على مجموعات اخرى ، في اطار الوطن الواحد. والدولة القامعة في السودان ، ومنذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي ، ظلت تتميز بعدم المشروعية على مر السنين ، ولم تحظي في كل مراحلها بالإعتراف من قبل مجموعات سودانية عديدة. وفقدان المشروعية كان يقوم على هيمنة ثقافة/دين/ايدولوجيا على بقية الثقافات مما انتج حالة الظلم واللاعدالة.ومن اثار ذلك أن ظل السودان فاقدا للإستقرار ، غياب التنمية ، غياب الأمن ، وغياب السلام ، محاولات المقاومة المستمرة ليهمنة الأيدولوجيا السائدة في السودان، مما ادى الى تقسيم السودان لدولتين فاشلتين. فالأيدولوجيا السائدة في السودان ، تم ترحيل تقاليد صناعتها ، كما هي ، الى الدولة الوليدة في جنوب السودان.
    والأيدولوجيا بهذا الفهم ، يمكن تتبعها وتتبع تقاليد صناعة ، وظروف سيادتها.


    كبر
    ________________________________

    [19]
    J.M.Balkin
    Cultural Software: A Theory of Ideology, 1998
                  

09-16-2022, 03:44 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    3/ تقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان:


    أ/ ملاحظات اولية:

    تقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان ، هي عملية تاريخية موغلة في القدم.وهذه العملية ، كما سنرى لاحقا ، تميزت بتكريس ايدولوجيا معينة ، نسميها هنا (الإسلاموعروبية) ، والتي تقوم على الثقافة العربية والإسلامية.وعملية بناء هذه الأيدولوجيا ،و حمايتها على مر القرون ، تميزت بوجود فئة اجتماعية معينة عملت على انتاج وترسيخ وفرض هيمنة هذه الأيدولوجيا. والسؤال هنا ، هل كانت ايدولوجيا الإسلاموعروبية تحظى بفهم مشترك عام ، وقبول من مكونات المجتمع السوداني ، الذي يتميز بالتنوع الإثني والثقافي والجغرافي والإقتصادي؟

    كثير من المفكرين والباحثين في السودان ، نظر وبحث في جذور تقاليد صناعة الأيدولوجيا السائدة في السودان ، والغالبية اختارت لحظة تكون السلطنة الزرقاء أو سلطنة الفونج كنقطة تاريخية ترجع اليها ظاهرة تبلور الأيدولوجيا السائدة في السودان. وقبل تناول هذه التقاليد وتأريخانيتها ، يجب الإشارة لبعض الملاحظات الجديرة بالإعتبار.
    الملاحظة الأولى ، هي أن غالبية المفكرين والباحثين والمتكلمين عن الأيدولوجيا السائدة في السودان ، وهم في نفس الوقت اداة مهمة في صناعة تلك الأيدولوجيا والحفاظ على صيرورتها ، غالبية هؤلاء هم اسرى للتقاليد وتموضعها في التاريخ ، التقاليد التي تقوم على فهم ثقافي يفترض فيه انه فهم مشترك. وهذا السلوك يتجلي في ظاهرة التحيّز والتقييم المسبق تجاه الآخر الثقافي والإثني في السودان. فلقد ظل الحال ، ولسنين عديدة ، يتميز بغياب محاولة لفهم الثقافات السودانية الأخرى ، وغياب دراسة مطالب التنوع في السودان ، ومناداة البعض بضرورة الإعتراف بالتنوع والعمل على ادارته بصورة جيدة ، تؤدي الى خلق دولة مواطنة ومؤسسات فاعلة وقانون صارم ، تعمل على احداث التنمية المتساوية ، المشاركة في السلطة والثروة ، وبالتالي خلق الفهم المشترك الذي يشكل اطار فكري وفلسفي يحترم جميع المكونات السودانية.
    الملاحظة الثانية ، هي أن الأيدولوجيا السائدة في السودان ، ايدولوجيا الإسلاموعروبية ، ظلت ، وعلى مر السنين ، تعمل على خلق شبكات من الوعي الزائف/الكاذب الذي يكرس للإهتمام بقضايا مجردة ، مثل هدر الطاقات في سؤال الهوية (عربية ام افريقية أم سودانوية) وطبيعة الدولة (علمانية/دينية/ مدنية). وهذا النهج عمد الى تغييب الأسئلة الجوهرية المهمة مثل سؤال التنمية وتسخير الموارد الطبيعية والثروات التي يذخر بها السودان ، واسئلة ادارة التنوع وبناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات الفاعلة. كل هذه الأسئلة كانت غائبة ، أو مغيبة عن عمد ، لسنين طويلة في صيرورة تقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان.
    السؤال الذي يتبادر للذهن هنا : ماهي طبيعة الأيدولوجيا السائدة في السودان؟ ماهي العوامل التي ساهمت في تطورها واستمراريتها؟.

    كبر
                  

09-18-2022, 02:08 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ب/ جذور الأيدولوجيا السائدة في السودان:



    اولا: التكوين:


    في كتابه (الفكر السوداني ، اصوله وتطوره) [20]، يشير الشاعر السوداني الكبير محمد المكي ابراهيم الى لحظة تاريخية مفارقة في تاريخ السودان ، وهي لحظة فقدان أهل السودان لزمام المبادرة الحضارية والى والأبد. حيث يقول المكي: ( حين دكت ارجال الغزاة امبراطوريات بعانخي وترهاقا ، وحين طمرت رمال الصحراء حضارات نبتة ومروي ، كانت الأرض السودانية قد فقدت مرة والى الأبد لواء المبادرة الحضارية التي ظلت ترفعه طوال اجيال متلاحقة واصبحت مجموعة البشر التي تعمرها يتيمة وضائعة في عالم مضطرد التقدم والتمدن متجدد الحضارات. عندئذ لم يكن غريبا أن يستورد السودان الديانة المسيحية وأن تنهض على اساسها ثلاثة دويلات سودانية هي : علوة والمقرة والنوبة ، وان تظل تلك الدويلات ضعيفة ومتنازعة حتى يكتسحها امامه الغزو العربي الوافد). ص.11

    ويرى محمد المكي ابراهيم ، أن هذا الغزو العربي لم يأتي بغتة ومرة واحدة وانما كان يتمدد ببطء وثبات عبر المعاهدات والمهادنات والتبادل التجاري ، الى أن انتصر على مملكة النوبة (نوباتيا) في القرن العاشر الميلادي ، والمقرة في القرن الرابع عشر الميلادي ، واخيرا هدم مملكة علوة وتأسيس السلطنة الزرقاء 1505-1821 ميلادي.ويخلص المكي الى أن الميلاد الحقيقي للثقافة العربية في السودان يبدأ بعهد الفونج.
    واشارة المكي مهمة للغاية ، اذا اردنا أن نفهم طبيعة جذور الأيدولوجيا السائدة في السودان ، فهي ايدولوجيا ناتج لسيادة الثقافة العربية والإسلامية ، والتي ظلت تعمل بقوة لإزاحة سطوة الثقافات المحلية التي كانت تسود السودان لمئات السنين. فالثقافة العربية الأسلامية كان لها جمهورها العريض الذي كان بين افراده فهم مشترك اسس لتقاليد راسخة ، ساعدتها كثير من العوامل والظروف للتطور والإستمرار.
    اختيار المكي لعصر السلطنة الزرقاء كنقطة لميلاد الثقافة العربية في السودان ، يرجع لكون أن عصر الفونج كان تتويج لمراحل تاريخية متعاقبة ادت الى تأسيس الدولة المركزية في وسط السودان.
    ومعروف أن السلطنة الزرقاء لم تكن دولة سودانية اصيلة ، وانما كانت تقوم على تحالف الغزاة العرب والمستعربين المسلمين الوافدين الى السودان وفق عوامل وظروف عديدة.ولكي نتعرف على ظروف تكوين هذا التحالف ، لابد من القاء نظرة تاريخية على الواقع قبل تشكله ، واثناء تشكله ، وبعد انهيار السلطنة الزرقاء.


    كبر
    ________________________________________

    [20] محمد المكي ابراهيم ، (الفكر السوداني ، اصوله وتطوره) ، مطبعة أرو التجارية 1989.
                  

09-18-2022, 02:25 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في كتابه (معالم تاريخ سودان وادي النيل: من القرن العاشر الى القرن التاسع عشر الميلادي ، 1954) [21]، يعطينا الشاطر بصيلي عبد الجليل لمحة عن طبيعة الواقع الذي سبق تأسيس السلطنة الزرقاء، والذي قامت فيه دويلات ومشيخات اسلامية على انقاض ما كان قائما من دويلات مسيحية ووثنية ، وكان لزاما بعد أن استكملت تلك الدويلات والمشيخات الإسلامية مراحل تطورها ، أن تتطلع الى سلطة مركزية تجمع في صورة ما ، بين تلك الدويلات والمشيخات استجابة للنمو الطبيعي. ص.40
    يقسم الشاطر بصيلي توزيع السكان في حوض وادي النيل الى قسمين رئيسين: القسم الأول: السكان المشتغلون بالزراعة والتجارة في السودان ، والقسم الثاني:مناطق الرعي والزراعة البدائية.ص.35

    القسم الأول في توزيع السكان في السودان ، وهو القسم المتعلق بالسكان المشتغلون بالزراعة والتجارة ، ينقسم الى اربعة مجموعات اقليمية هي:
    المجموعة الإقليمية الأولى:
    تقع هذه المجموعة بعد شلالات (حنك) شمالا وجنوبي الشلال الرابع جنوبا ، وهي الرقعة التي عرفت بمملكة المقرة التي سقطت في الرابع عشر الميلادي.وقد حافظ اهلها على لغتهم واسس مجتمعهم ، ومن اقسامها:
    1/ دار الجوابرة ، وغالبية سكانها من الجوابرة والنوبة وقليل من المهاجرين المصريين وبعض البجا ، وبها مشيخات أرقو وجزيرة مقاصر والخناق ، وجميعها تتبع لملك أرقو.
    2/ دار البديرية ، وتبدأ من حلة (تيتي) حتى جبل داقر (حدود الشايقية) ، وبها مشيخات الخندق ، دنقلا العجوز ، جزيرة تنقاسي ، ابكر ، والدفار ، ويتزعم هذه المشيخات ملك دنقلا العجوز.
    3/ دار الشايقية: وتقع بين جبل داقر حتى الشلال الرابع ، وبها مشيخات حنك ، قوشابي ، مروي ، والعمري. وغالبية سكانها الشايقية وقليل من النوبة.ص.36
    المجموعة الإقليمية الثانية:
    تقع في رقعة الأرض من الشلال الرابع حتى راس الوادي (عند مصب نهر عطبرة في النيل) . وتنقسم هذه المجموعة الى:
    1/ دار المناصير: من الشلال الرابع حتى غرب ابوحمد.
    2/ دار الرباطاب : تبدأ من حلة الشماخية (غرب ابوحمد بنحو خمسين كيلومتر) حتى الشلال الخامس (شمال بلدة العبيدية) ، ولهم مشيخة في الشمال واخرى في الجنوب.
    3/ دار الميرفاب: تبدأ من شمال الوادي حتى راس الوادي ، ومركزها بربر.ص.37
    المجموعة الإقليمية الثالثة:
    وتبدأ من الجانب الأيسر لنهر عطبرة حتى شمالي "أربجي". وتشمل:
    1/ الدامر: قامت عليها زعامة بيت المجاذيب.
    2/ دار الجعليين: مركزها شندي حيث يقيم المك ، وبها مشيخات صغيرة كلها تخضع لسلطان العبدلاب.
    3/ دار العبدلاب:تمتد من جنوب شندي حتى شمالي "أربجي" ، وقامت فيها بعض المشيخات ومركزها بلدة (قرّي) وبها عبد الله جماع الذي كان يمارس سلطاته باسم السلطان السناري ، واحتفظت دار العبدلاب في حدودها على ماكانت عليه "علوة".
    المجموعة الإقليمية الرابعة:
    احتلت هذه المجموعة قطاع الحكم السناري ، الذي شمل ارض الجزيرة من "أربجي" شمالا حتى دار فنج (فونج) جنوبا ، وفيها مشيخات خشم البحر ، فازوغلي ، وكنجارا. ص.38

    القسم الثاني في توزيع السكان في السودان ، وهو القسم المتعلق بالسكان المشتغلون بالرعي و الزراعة والبدائية ، ينقسم الى ثلاثة مجموعات اقليمية هي:
    المجموعة الإقليمية الخامسة:
    قامت هذه المجموعة في ارض البطانة التي تحد جنوبا بالنيل الأزرق ورافد الرهد شرقا ، وتتعد حدودها الشمالية حوض العطبرة (نهر عطبرة) ، وتفصل بين هذه المنطقة والنيل (بين عطبرة والخرطوم) المدن والأراضي الزراعية القائمة على النيل.
    المجموعة الإقليمية السادسة:
    تحتل هذه المجموعة رقعة المنطقة في الصحراء الشرقية ، التي تبدأ من جنوبي اسوان حتى دهلك (مصوّع). ولم تكن هذه المنطقة خاضعة لسيطرة السلطة السنارية.
    المجموعة الإقليمية السابعة:
    احتلت هذه المجموعة الصحراء غرب النيل من دنقلا شمالا حتى تقلي جنوبا ، وتعرضت هذه الرقعة لإعتداء سلاطين السودان الغربي والفور.

    كل هذه المجموعات الإقليمية في حوض النيل في السودان ، هي التي تحالفت وقاتلت اخر مملكة مسيحية في السودان ، وهي مملكة علوة في حوالي 1505 ميلادي. وبالتالي اقامت السلطنة الزرقاء/مملكة الفونج كدولة مركزية قابضة لتلك المشيخات والدويلات في السودان الوسيط.ويلاحظ أن الشاطر بصيلي ، مثله ومثل غالبية الباحثين السودانيين ، تجاهل اقاليم كردفان، جبال النوبة ، ودارفور وممالك الجنوب ومشيخاته الصغيرة التي كانت موجودة هناك. وفيما يخص كردفان ودارفور ، فلقد اشار الشاطر بصيلي الى ذلك بقوله (ولم نتعرض الى بلاد كردفان "تقلي" ودارفور لأنها لم تدخل في بادئ الأمر في نطاق المشيخات التي تكون عنها الإتحاد السناري ، ولأن دخول تقلي و دارفور في محيط العلاقات السنارية لم يحدث الإ بعد تغلب العنصر الإسلامي في تلك البلاد بعد قيام السلطنة السنارية في حوض النيل الأزرق بفترات متباعدة ). ص.67

    كبر

    ________________________________

    [21] الشاطر بصيلي عبد الجليل ،
    (معالم تاريخ سودان وادي النيل: من القرن العاشر الى القرن التاسع عشر الميلادي ) ، مطبعة ابو فاضل ، القاهرة 1955.
                  

09-24-2022, 04:10 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    بيد أن نعوم شقير [22] ، حينما كتب عن تاريخ مملكة الفونج قد وضح حدود هذه المملكة/السلطنة بصورة اكثر وضوحا وذلك اعتمادا على ملخص تاريخ الشيخ عبد الدافع وتاريخ الزبير ود ضوة . وفقا لذلك ، "فلقد امتدت مملكة سنار من الشلال الثالث شمالا ، الى اقصى جبال فازوغلي جنوبا ، ومن سواكن على البحر الأحمر شرقا الى النيل الأبيض غربا. وكان الحد بين مملكة سنار ومشيخة قرّي مدينة اربجي بالقرب من المسلمية ، التي قيل انها اختطت قبل سنار بثلاثين سنة اختطها رجل يسمى حجازي. فمن اربجي فصاعدا جنوبا كان تابعا لملوك الفونج راسا لا دخل لمشايخ قرّي فيه ، ومن أربجي شمالا الى الشلال الثالث كان تابعا لإدارة مشيخة قرّي تحت سيادة ملوك الفونج. وقد كانت المملكة مقسمة الى عدة ممالك ومشيخات من سود ونوبة وعرب حضر وبادية وكان كل ملك أوشيخ يدفع الجزية لملك سنار الإ أن له نوع من الإستقلال ، وأما البلاد الواقعة بين الشلال الثالث والأول فقد كانت بيد الكشاف والأتراك." ص.74

    كبر

    __________________________________
    [22] نعوم شقير ، (ـاريخ السودان) ، تحقيق الدكتور محمد ابراهيم ابوسليم ، الناشر دار الجيل /بيروت.
                  

09-24-2022, 04:21 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ثأنيا: اسباب التكوين:


    واسباب التكوين هنا ، نقصد بها الأسباب التي ادت الى هجرة العرب الى السودان ، وهم يحملون الثقافة العربية والإسلامية ، وبالتالي توفر الظروف التي اتاحت لهم تكوين مشيخات توصف بانها عربية اسلامية ، تطورت الى غاية تشكيل تحالف اسس لدولة مركزية استطاعت توحيد تلك المشيخات.
    ولقد وضح كل من محمد المكي ابراهيم ، الشاطر بصيلي عبد الجليل ، ورجب محمد عبد الرحيم ، كيفية هذه الهجرات العربية والعوامل التي دفعت العرب الى الهجرة الى السودان ، وهي اسباب ،عكسا للسائد في تقاليد البحث السودانية في هذا الشأن ، لا علاقة لها بانتشار الإسلام والفتح الإسلامي المعروف تاريخيا. صحيح ان العرب الذين هاجروا في فترات مختلفة للسودان ، لم يكن ذلك جزء من عملية الفتح ، وانما كان لأسباب كثيرا ما تتعلق بامور ذاتية كظلم الحكام في مصر وخلق ظروف طاردة جعلت العرب ينخرطون في التفكير في البحث عن وطن بديل وذلك امتثالا لروح وثقافة الترحال البدوية واكتشاف المجهول من اجل ظروف افضل.
    فمحمد المكي ابراهيم، كما اشرنا سابقا ، يرى ان التمدد العربي الإسلامي في السودان كان عبر المعاهدات والمهادنة والتبادل التجاري.وجل هذه الأليات سمحت للعرب بالتوفر على الأرض والأمان والعمل ، ثم الطموح للحكم الذي قاد الى السيطرة عبر تحالف السلطنة الزرقاء/مملكة الفونج.ولكن المكي غفل عن تحديد نقاط زمانية معينة لصيرورة/سيرورة تلك الهجرات العربية الى السودان.
    الشاطر بصيلي عبد الجليل ، يوضح لنا ان هجرات العرب الى السودان ، كانت من مصر ، وكانت في شكل موجات متلاحقة فرارا من بطش المماليك وذلك في القرنين (السابع والثامن هجري/الثالث عشر والرابع عشر ميلادي).
    وفي كتابه (العروبة والإسلام في دارفور في العصور الوسطى) [23] ، يشيردكتور رجب محمد عبد الرحيم الى العوامل التي اثرت في هجرة العرب الى دارفور وطبيعة وازمان تلك الهجرة. ورجب يرى أن هجرة العرب الى دارفور كانت قبل القرنين الخامس والسادس عشر ، وان هذه الهجرات تكاثفت وازدادت بعد انهيار مملكة المقرة المسيحية في سنة (733هجري/1323 ميلادي). وبحسب رجب ، يرجع سبب هذه الهجرات الى عدة عوامل: سياسية ، عوامل البيئة والطبيعة الخاصة باقليم دارفور ، موقع الإقليم واثره في قدوم تلك الهجرات ، وعوامل تتصل بنشاط التجارة والتبادل التجاري. ص.49
    ولقد تحدث رجب بتفصيل اكثر عن الأسباب السياسية التي سادت في مصر ودفعت العرب للهجرات الى السودان. ولقد حدد نقطة زمانية اكثر وضوحا لبداية تلك الهجرات المنظمة. يقول رجب ( اهم العوامل التي ادت الى هجرة العرب الواسعة الى وسط السودان وغربه في دارفور ، هو سوء العلاقة بين عرب مصر وحكامها. ونشأ سوء هذه العلاقة بداية منذ ان امر الخليفة العباسي المنتصر بالله واليه في مصر باسقاط اسماء العرب من الديوان وقطع العطاء والرواتب والأرزاق عنهم منذ عام (218هجري/833 ميلادي). فثار العرب في مصر وانتهى الأمر بهزيمتهم وتخليهم عن نفوذهم وسلطانهم لعناصر اخرى غير عربية). ص.51
    ولقد قدم رجب صورة واضحة لأزمنة العداء بين عرب مصر وحكامها والذي تسبب في هجراتهم نحو السودان. وفي هذه الناحية يقول ( العداء بين عرب مصر وحكامها امتد لحقب طويلة وعديدة نتج عنها هجرة العرب نحو السودان . وبدأ هذا العداء في عهد الأتراك الطولونيين (254-292هجري/868-905 ميلادي ) ، والإخشيدين (323-358هجري/935-969 ميلادي) ، والفاطميين (358-567هجري/ 969-1172ميلادي) ، عصر سلاطين المماليك (648-923هجري/ 1250-1517ميلادي).ص.55
    انسان تلك الهجرات العديدة ، وعلى مر الحقب ، كان يشكل اداة وحامل لنوع من الثقافة ، التي تخلق تقاليدها المتوارثة ، وبالتالي تصنع ايدولوجيتها السائدة ، هذا الإنسان كان يحمل رؤيته للوجود والأشياء ، ويسعى لفرضها على انسان الثقافات الأخرى التي كانت موجود في ارض السودان قبل تلك الهجرات ،وهذا يقودنا لتناول "الإنسان/كأداة حاملة للثقافة" ومحتوى الثقافة التي حملها الى أرض السودان اثارها الممتدة حتى الآن.

    كبر

    __________________________________________

    [23] دكتور رجب محمد عبد الرحيم ، ( العروبة والإسلام في دارفور: في القرون الوسطى) ، الناشر دار الثقافة للنشر والتوزيع/القاهرة
                  

10-06-2022, 05:32 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    ثالثا: الحامل/الأداة والمحتوى:


    في كتابه (نقد العقل العربي) [24] ، يقدم لنا دكتور محمد عابر الجابري تعريفات دقيقة لثلاثة مفاهيم مركزية ، تفيدنا في تحليلنا للأيدولوجيا السائدة في السودان تاريخيا وراهنا. اول هذه المفاهيم ، مفهوم " العقل العربي" والذي يعرفه الجابري بقوله: ( ان "العقل العربي" الذي سنقوم بتحليله ، تحليلا نقديا ، ليس مقولة فارغة ولا مفهوما ميتافيزيقيا ولا شعارا ايدولوجيا للمدح أو الذم ، وانما نقصد به جملة المفاهيم والفعاليات الذهنية التي تحكم ، بهذه الدرجة او تلك من القوة والصرامة ، رؤية الإنسان العربي الى الأشياء وطريقة تعامله معها في مجال اكتساب المعرفة ، مجال انتاجها واعادة انتاجها).ص.70
    والمفهوم الثاني ، هو مفهوم " الإنسان العربي" حامل المحتوى الثقافي واداته التي تنقل عبرها الثقافة ، ويعرف الجابر هذا المفهوم بقوله: ( ونحن نقصد بـ"الإنسان العربي" الفرد البشري المشخص الذي تشكل عقله ، تفتح وترعر ونما وتقولب ، داخل الثقافة العربية التي تشكل بسبب ذلك اطاره المرجعي الرئيسي ان لم يكن الوحيد). ص. 70
    والمفهوم الثالث ، الذي قدم له الجابري تعريف هو مفهوم "الثقافة العربية" ، وذلك بقوله : ( و "الثقافة العربية" بوصفها الإطار المرجعي للعقل العربي ، نعتبرها ذات زمن واحد منذ ان تشكلت الى اليوم ، ومن راكد يعشه الإنسان العربي اليوم مثلما عاشه اجداده في القرون الماضية ، يعيشه دون أن يشعر بأي اغتراب أو نفي للماضي عندما يتعامل فكريا مع شخصيات هذا الماضي ، ادبأئه ومفكريه ، بل بالعكس هو لا يجد تمام ذاته ، لا يشعر بالإستقرار ولا يحس الجوار الإ باستغراقه فيه والإنقطاع فيه). ص.70
    حينما نطبق مفاهيم الجابري الثلاثة على واقع السودان ، تاريخيا وراهنا، نجد انفسنا امام "مخلوق جديد هو السوداني الحديث" كما يشير محمد المكي ابراهيم ، وهذا المخلوق ، لازال يتميز ، على الأقل من ناحية كونه اداة/حامل للثقافة العربية ، بنفس صفات العقل العربي كما عرفه الجابري. بيد أن هذا "المخلوق الجديد" لم يكتفي فقط بحمل الثقافة العربية وعقلها فقط وانما اضاف اليها مرجعية دينية (الدين الإسلامي) مما خلق حالة من القدسية على تلك المرجعية التي يرى انها يجب أن تسود دون مراجعة أو مساءلة أو نقد.
    ويصف لنا محمد المكي ابراهيم ، المخلوق العربي الحديث في السودان ، بقوله: ( في البداية كان هنالك جموع من القبائل العربية تعايش خليطا من قبائل السودانية الحامية والزنجية. وعلى امتداد العصور بدأ العرب الوافدون يختلطون باهل البلاد اما مصاهرة واما استرقاقا.ومن خلال هذا التلاقح ظهر الى الوجود مخلوق جديد هو السوداني الحديث ، الذي لا يشكل دما عربيا خالصا أو دما زنجيا خالصا ، ولكنه بالتأكيد يجمع في انسجته ذينك النوعين النوعين من الدماء ويحمل في دماغه نتاج الثقافة الأقوى والأكمل : الثقافة العربية.)*. ص.11-12




    كبر
    ___________________________________________________________

    [24]

    الدكتور محمد عابد الجابري ، (نقد العقل العربي) ، الناشر مركز دراسات الوحدة العربية.
    * [2] مجحمد المكي ابراهيم
                  

10-06-2022, 05:40 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    وبالرغم من موقف محمد المكي ابراهيم بان المخلوق الجديد يحمل الثقافة الأقوى وهي الثقافة العربية ، الإ انه وصف الحامل/الأداة/المخلوق الجديد باوصاف قاسية ، سوف نتعرض لها لاحقا.بيد أن وجه الثقافة العربية التي انتقلت الى السودان ليست هي الأقوى في محيط الثقافة العربية بصورة عامة ، وانما كانت قشور الثقافة العربية ، كما اشار المكي نفسه لهذه النقطة.
    ونوع الثقافة العربية والإسلامية ،التي جاءت الى السودان عبر الهجرات العربية الى السودان ، يوضح لنا الشاطر بصيلي عبد الجليل مضمونها وذلك بقوله : (وجاءت الى جنوب الوادي في ركاب هذه الهجرات مختلف العقائد والمذاهب الفكرية وبخاصة اتباع الفاطميين من جند وغيرهم. وايضا جاءت مع هؤلاء المذاهب الشيعية التي انتشرت بصورة ضيقة.). ص.49
    وكان لهذه المحمولات الثقافية ، التي اصبحت ذات مرجعية دينية وقدسية ، اثار كثيرة في ممالك السودان الوسيط (مملكة الفونج ، مملك تقلي ، مملك المسبعات ، ومملكة دارفور). فاصبح الملوك السلاطين يسعون لإسترضاء حليفهم رجل الدين ، بالبحث عن نسب جيد يصلهم بالنبي محمد (صلعم) أو اصحابه المعاصرين له.
    في عهد الملك عمارة دنقس (910-940هجري/1505-1540ميلادي) ، حاول سلطان تركيا سليم غزو السودان من الشرق وذلك في سنة 1517ميلادي ، وكاتبه الملك عمارة دنقس بخاطبين نجحا في اقناع السلطان سليم التعديل عن غزو السودان.وهذه الواقعة مثبتة في ملخص الشيخ عبد الدافع وتاريخ الزبير ود ضوة ، وثبتها نعوم شقير بقوله: (عمارة دنقس هو رأس سلسلة ملوك الفونج.قيل في ايامه قدم السلطان سليم الى سواكن ومصوع فامتلكهما ودخل الحبشة بقصد الزحف الى سنار فخاطب ملكها يدعوه الى الطاعة ، فاجابه (دنقس) بما مفاده: " ان لا اعلم ما الذي يحملك على حربي وامتلاك بلادي ، فان كان لأجل دين الإسلام فاني انا واهل مملكتي عرب مسلمون ندين بدين رسول الله ، وان كان لغرض مادي فأعلم أن اكثر اهل مملكتي عرب بادية وقد هاجروا الى هذه البلاد في طلب الرزق ولا شئ عندهم تجمع منه جزية سنوية" . وارسل له مع الكتاب كتاب انساب قبائل العرب الذين في مملكته جمعه له الإمام السمرقندي أحد علماء سنار. فلما وصل الكتابان الى السلطان سليم اعجبه ما فيهما وعدل عن حرب سنار.قيل فاخذ كتاب الأنساب معه الى الآستانة وهو لايزال في خزانة كتبها الى اليوم). ص.70
    ومن الخطاب المنسوب لملك الفونج الأول عمارة دنقس ، يجب ان نتوقف حول بعض الحقائق ، وهي ان سكان المملكة هم عرب مسلمون وأهل بادية جاؤا الى السودان طلبا للرزق وليس نشر الإسلام.ولكن الإشارة المهمة هي صفة (علماء) والتي ترتبط كثيرا برجل الدين الذي يسعى لإضفاء قدسية على ذاته ، وهو المسجون في ماضي زمن الثقافة العربية الراكد غير المتحرك بحسب وصف محمد عابد الجابرى. والخطاب اشار الى اخطر شخصية في تاريخ السودان الوسيط ، كما نعتقد ، وهي شخصية الإمام السمرقندي احد علماء سنار كما يقال. وهذه الشخصية غاضمة ولا احد يعرفها بالتفصيل ، ولا لم يعثر على تعريف به ، فكل ما يعرف عنه هو عبارة (الإمام السمرقندي أحد علماء سنار). وخطورة الإمام السمرقندي تكمن في أنه هو الذي اخترع فكرة القبائل العربية وذلك بتفرغه لكتابة كتاب عن انساب القبائل العربية في مملكة الفونج ، وهو التقليد الذي امتد الى اقاليم السودان الأخرى في كردفان ودارفور ، حيث اخذت القبائل تؤلف لها كتاب "شجرة" نسب ترجع اصوله الى عهد النبي محمد (صلعم) واصحابه.
    ومن نقطة اختراعات السمرقندي "الشخصية الغامضة" تكونت الثقافة العربية في السودان ، حيث يرى محمد المكي ابراهيم أن الميلاد الحقيقي للثقافة العربية في السودان يبدأ بعهد الفونج. وهذه الثقافة هي ما حاول توطيده "المخلوق الجديد/السودان الحديث" والذي كان يعتمد على ادوات مثل الحرص على تأكيد اتصال عرقه بالأصول العربية خارج السودان ، والتأكيد على تفوقه اللغوى في محيط السودان ، وتفوق منظومته الدينية التي حرص على صيرورته مما يسمح له بخلق الهيمنة الثقافية العربية الإسلامية والعمل على الحفاظ على سيادتها واعادة انتاج السيادة في مراحل كثيرة من تاريخ السودان الوسيط الى غاية راهن اليوم.وقد اشار محمد المكي ابراهيم الى ظاهرة عجز "المخلوق الجديد/السوداني الحديث" في مواجهة تحديات الذوبان في المحيط الأفريقي المحلي في السودان ، لذلك لجأ الى استيراد واستضافة فقهاء وعلماء من خارج السودان من (الحجاز ، مصر ، والمغرب). وعمليات الإستيراد والإستضافة هذه اصبحت جزء من القاعدة الأخلاقية لشعب السودان ، " حيث اصبح الإنسان العادي يتوقع من كل وافد أن يكون الأغزر علما والأوسع معرفة". ص.13. ومن هنا تأسست عملية التبعية التي اختارها "المخلوق الجديد/السوداني الحديث" الذي ظل قانعا باداء فروض الولاء والموارد الى مركز خارجي بعيد ، يحاول ان يربط ذاته بذلك المركز عبر تزوير الهوية والنسب العربي ، والهوية الدينية الإسلامية.
    ومحمد المكي ابراهيم ، ايضا يشير الى أن عصر الفونج كان عصر التلقي السوداني للثقافة العربية ، التي تشكل دولة الفونج هامش بالنسبة لها وبلا قيمة كبيرة .لذلك هذا التلقي كان يتميز بالسطحية وتقبل الوارد دون تمحيص او تدقيق ، فوجدت الطفيلات الثقافية والقشور الثقافية والدينية بيئة ملائمة لسيادة تلك القشور ولاحقا اصبحت الثقافة الرسمية في السودان. والطفيلات الثقافية والقشور الثقافية جاءت الى السودان ، لأن الثقافة العربية في مركزها كانت تعاني نوع من الضعف والإهتزاز امام مؤثرات خارجية عديدة. اكثر من ذلك ان الإنسان الذي حمل قشور هذه الثقافة الى السودان ، لم يكن من المبدعين الأصيلين في حقل الثقافة العربية أو حقل الإسلام أو حقل الفكر ، ولم يكن من القادة ، وانما كان من عامة الناس وطائفة الإنسان العادي لا يخلو من الشعوذة والدجل ، كما يحدثنا محمد المكي ابراهيم.
    من كل الدراسات المشار اليها هنا ، وغيرها ، نخلص الى أن السلطانات الإسلامية في تاريخ السودان الوسيط (الفونج ، تقلي ، المسبعات ، دارفور) كانت تقوم على ثلاث مؤسسات تشكل تحالف فيما بينها وهي: مؤسسة السلطان/الحاكم ، ومؤسسة الدين (رجل الدين) ، ومؤسسة القبيلة (شيخ القبيلة). وكلها يجمع بينها رابطة الإنتساب للعرب ، وبالتالي الثقافة العربية والعقل العربي ، ورابطة الإنتماء للإسلام ، غض النظر عن نوع الإسلام الذي كان سائدا في السودان في ذلك العصر. وبالرغم من تلك الروابط المزعومة ، ظل "المخلوق الجديد/السوداني الحديث" هامشا ذليلا لم ينل الإعتراف الكافي بالرغم من الأثمان الباهظة التي دفعها لتأكيد ولائه لتلك الروابط. ولكن ، رغما عن تلك الحقيقة ، ظل هذا المخلوق الجديد يعمل على فرض هيمنة الثقافة العربية والإسلامية ، ولقد سمى محمد المكي ابراهيم مركز تكييف دولة الفونج بانها دولة ظلت تحكمها الصوفية (مباشرة أو ضمنيا) لمدة خمس قرون.وهذا ارث كبير لازلنا نعيش اثاره في سودان الألفية الثالثة.
    اشارة اخرى ذكرها محمد المكي ابراهيم ، ان "المخلوق الجديد/السوداني الحديث" استطاع ان يقاوم اثار الثقافة التركية التي جاءت مع حكم التركية (1821-1885) بعد هزيمة دولة الفونج. وهذه المقاومة ، قد ترجع جيناتها الى أن المستعرب السوداني ، لم ينسى ما حدث لأجداده في عصور حكام مصر الوسيطة (اتراك طوليين ، اخشيديين ، فاطميين ، ومماليك). ولكن نفسه ، " المخلوق الجديد/السوداني الحديث" عاد للتساكن والتماهي مع المستعمر البريطاني ، مما خلق فرصة لتجديد الحلف القديم ، حيث اختفت سطوة سلطان الفونج وقامت بدلا عنها سطوة السلطان المستعمر البريطاني ، بينما تجددت مؤسسة رجل الدين و مؤسسة القبيلة ، وتم احياء التحالف الثلاثي للمرة الثانية ، لتكون اركانه (السلطان/رجل الدين/شيخ القبيلة). وبعد الإستقلال ، اختفى السلطان البريطاني ، وورث الثنائي (رجل الدين وشيخ القبيلة) الدولة السوداني ، وتولى الأمر نيابة عن المستعمر ، فيما يسمى جزافا "الدولة الوطنية في السودان". لأن طريقة بناء عقلية "المخلوق الجديد/السودان الحديث" بنية لا تعرف الإبداع والإبتكار ، ظلت ترمم ايدولوجيتها السائدة عبر ادوات عديدة مثل التعليم ، الإعلام ، السيطرة على مراكز المال ، ومحاولة الإستمرار في استغلال ثروات السودان وموارده ودفعها للخارج العربي والإسلامي ، بحثا عن اعتراف في مجال الهوية والأصالة. وانتهت تقاليد هذه الأيدولوجيا المهزمة السائدة في السودان الى نتائج كارثية مثل الحروب الأهلية ما بعد الأستقلال ، انقسام السودان ، ومسرح العبث الذي نشهده الأن في سودان الألفية الثالثة.وهذا يقودنا لتتبع مسارات الأيدولوجيا السائدة في السودان الى غاية عهد دكتور عبد الله حمدوك في الحكومة الإنتقالية الرابعة.



    كبر
    ______________________________________________

    - صز49 ، الشاطر بصيلي
    - صز70 ، نعوم شقير
    - ص.13 ، محمد المكي ابراهيم
                  

10-09-2022, 10:37 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    رابعا: مسارات الأيدولوجيا السائدة في السودان:


    والمسارات التي نتحدث عنها هنا ، اخترنا لها اطار زمني ، وذلك منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي (ديسمبر 1955) لغاية سودان الألفية الثالثة الذي نعيش فيه الآن. ومن يتأمل تلك المسارات يلاحظ فيها نفس الأوصاف التي اطلقها محمد عابد الجابري في وصف "العقل العربي ، الإنسان العربي ، الثقافة العربية".
    خلافا لموقف دكتور منصور خالد ، في كتابه (النخبة السودانية وادمان الفشل) ، والذي ذهب الى ان ازمة النخبة السودانية تكمن في "غياب الرؤية" ، خلافا لهذا ، يذهب عمرو محمد عباس، في كتابه (الرؤية السودانية:الكتاب الأول : انتاج الفشل ، لماذا نحن هنا) [25] ، الى أن هناك رؤى سودانية وطنية عديدة ، وفي ذلك يقول (منذ أن تكون السودان بحدوده الجغرافية بعد الغزو التركي/المصري 1821 ،وانتصار الثورة المهدية ، تصادمت رؤى عديدة لبناء الوطن ، وقد ركزت معظم هذه الرؤى على بناء الدولة كمدخل لبناء الأمة حسب الفهم الأيدولوجي الدارج للرؤية عن الأمة والدولة) ص.29 وقد قام عمرو بتقسيم الرؤى الوطنية السودانية الى مجموعتين:
    أولا: الرؤى السودانية من المهدية الى الرواد ، وتشمل رؤية (المهدية ، ثورة 1924 ، مؤتمر الخريجين/الرواد) ،
    ثانيا: الرؤى السودانية من القومية ، العقائدية ، الى السودان الجديد ، وتشمل رؤية (القومية العربية ، الحزب الشيوعي السوداني ، تيار الدولة الدينية ، السودان الجديد).ولقد اشار عمرو عباس الى بعض المحددات الإقتصادية والإجتماعية التي ساهمت في تشكيل هذى الرؤى ، مثل الزراعة وطرق تنظيمها المتعلق بملكية الأرض ، الإدارة القبلية التي تمارس سلطات على ادارة الأرض والزراعة ، الطبقة التجارية ، والحركة الصوفية ، وبالتالي تشكلت البنية الإقتصادية والإجتماعية في السودان على "ملاك الأراضي" ،الطبقة التجارية ،الطرق الصوفية ، والإدارة الأهلية.واضاف عمرو عباس مجموعات اخرى في تكوين المجموعات السابقة ، والمجموعة الجديدة تشمل "الخليفة وحكامه" والزعماء المرتبطين بالمهدية والأنصار بشكل عام. ص.28
    ويلاحظ في تصنيفات عمرو محمد عباس للمجموعات التي شكلت البنيات الإقتصادية والإجتماعية في السودان ، غياب مجتمعات جنوب السودان التي كانت تفتقر للطرق الصوفية ، والمهدية ، وحتى علاقات الأرض التي تدار بطرق مختلفة عن الطرق التي تدار بها في وسط السودان ، أي سودان سلطنة الفونج الذي اصبح النواة الأولى لسودان اليوم. أيضا غاب ذكر مجموعة الرعاة ، ومعروف ان هذه مجموعة ذات اثر كبير في انتاج ثروات السودان على مر التأريخ.
    ويذهب عمرو عباس ، الى "أن المدخل لمناقشة رؤى السودان ، انها نتاج فشل المنظومة الإقتصادية/ الإجتماعية /السياسية في ادراتها للسودان" ص.34
    وفي مناقشته ، يميز عمرو عباس بين تيارين: تيار يرى بناء الأمة ثم بناء الدولة على اساس ذلك ، وتيار يرى بناء الدولة ثم صياغة الأمة على ضوء ذلك. وفي هذا المنحى يقول عمرو عباس (تفردت عن هذه الرؤى رؤية المهدية ، اللواء الأبيض ، ورؤية السودان الجديد ، والتي طرحت بناء الأمة على اسس جديدة ، ومن ثم صياغة الوعاء الملائم للدولة) ص.29
    ولقد اشار عمرو عباس ، الى الخلل في الرؤى الوطنية السودانية ، وانها تنطلق من نقاط الأساس والإفتراضات الخاطئة. وفي هذا المنحى يقول عمرو عباس : ( انطلقت كافة الرؤى التي طرحت لبناء الوطن من فرضية اكتمال بناء الأمة السودانية ، فرؤية الرواد انطلقت من غلبة الهوية العربية الشمالية الحاكمة ، وسارت على منوالها الرؤية القومية ، مع اعتراف مضمر بخصوصية السودان ظهر جليا في تردد نظام مايو في الدخول في اطروحات الوحدة الثلاثية مع مصر وليبيا وفي اعتماد الحل الإقليمي الذاتي للجنوب).ص.39
    وقد اشار عمرو عباس الى اسباب فشل ثلاث رؤى سودانية. فهو يرى ( أن الرؤية العرويبة والإسلاموعروبية فشلت في الإسهام في بناء الأمة ، الوطن ، أو تأسيس دولة حديثة موحدة مستقرة ، رغم تدبيجها الخطط الإستراتيجية وانتقالها من خطة لأخرى ، والتظاهر بمشاركة الأخرين في المؤتمرات المتنوعة لأغراض العلاقات العامة الخارجية وتسهيل تسلل المنتفعين اليها).ص.34
    والرؤية الثانية هي "الرؤية الشيوعية" وعنها يقول عمرو عباس (عالجت الرؤية الشيوعية ورؤية تيار الدولة الدينية فرضية الأمة من المدخل الأيدولوجي. فالرؤية الشيوعية تنطلق من عالمية النظرية وانتماء الطبقة العاملة القائدة وتمازج القوميات من خلال البناء الوطني الديموقراطي المفترض " الذي انتهى بتفكك الإتحاد السوفيتي الى قومياته المختلفة" وقد تم معالجة وضع الجنوب " الحل الإقليمي الذي طبق بعد اتفاقية اديس ابابا 1972 وحتى 1983" ). ص.39
    والرؤية الثالثة هي رؤية "تيار الدولة الدينية" ، وعنها يقول عمرو عباس (عالجت رؤية تيار الدولة الدينية مسألة بناء الأمة من عالمية الإسلام كقيم ومبادئ فاضلة ، تسيّد العروبو/اسلامية محليا ، قصر تمثيلها على الحركة الإسلامية ، التمكين الشامل للحزب على الدولة ، انتهاج فيدرالية تحت غطاء شمولي لتصدير المسئولية للأطراف ومركزة السلطة ، تسيد الرأسمالية الطفيلية الإسلامية وتركز الثروة داخل مثلث حمدي ، تقرير المصير لتنظيف البيت من الداخل من الهويات خارج المنظومة العربو/اسلامية ، والإنفراد بالسودان "الفضل" واخيرا اعتماد سياستي الإقصاء الكامل والإستجابة للقوة).ص.40


    كبر
    _________________________________________________


    [25]
    عمرو محمد عباس محجوب، (الرؤية السودانية:الكتاب الأول : انتاج الفشل ، لماذا نحن هنا).دار عزة للنشر 2013.

    (عدل بواسطة Kabar on 10-11-2022, 12:06 PM)

                  

10-11-2022, 12:15 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    خامسا: من دولة الهوية الى دولة المواطنة:


    الملاحظ في مسارات الأيدولوجيا في السودان وبناء تصورات الدولة ، انها ظلت تركز على انتاج مفاهيم لبناء دولة الهوية دون الوضع في الإعتبار التحديات الواقعية التي تواجه بناء دولة من هذا النوع.ففي السودان يوجد صراع واضح للهويات ، باعتبار ان السودان متعدد الإثنيات ، الثقافات ، اللغات ، والأديان.وكل تلك العناصر المتداخلة كل منها يشكل اساس لهويات متعددة مثل الهويات الإثنية ، الثقافية ، اللغوية ، والدينية.
    في تطور مسارات الأيدولوجيا في السودان ، حدثت بعض الإزاحات في بعض المواقف ، وظهرت مفاهيم جديدة مثل "الدولة المدنية" و"رؤية السودان الجديد".
    في كتابه (حوار حول الدولة المدنية) [26] ، يحدثنا الأستاذ محمد ابراهيم نقد قائلا: ( طرحنا مصطلح وتصور الدولة المدنية لأول مرة في عام 1988 خلال المشاورات التي اجراها مجلس رأس الدولة مع الكتل البرلمانية).ص.31
    وبالرغم من الأستاذ محمد ابراهيم نقد قدم تصور للدولة المدنية ، الإ ان هذا التصور كان يسعى لحالة من التوفيق ما بين الدعوى الى علمانية الدولة مقابل الدولة الدينية. فالأستاذ نقد يرى أن مفهوم الدولة العلمانية هو مفهوم انتجته بيئة فكرية وسياسية اوربية وأنه يتلائم مع واقع السودان ، وباالتالي يحتاج السودان يحتاج الى مفهوم بتواءم مع طبيعته وتطوره.
    ولقد اشار الأستاذ محمد ابراهيم نقد الى بعض الوثائق التي قدمت مساهمات في صياغة تصورات للدولة. ولأن قضية علاقة الدين بالدولة وعلاقة الدين بالسياسة مفاهيم تشكل حجر الزاوية في قضايا السودان الشائكة ، فلقد رصد نقد التطورات في هذه القضية التي تبلورت في مفهوم "فصل الدين عن السياسة". وفي هذا المنحى اشار الأستاذ محمد ابراهيم نقد الى "اعلان نيروبي 1993 حول علاقة الدين بالسياسة" و " قرارات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995" و" ورقة قضايا استراتيجية" التي صاغها الحزب الشيوعي السودان في سنة 1999 وفيها تم تناول قضايا عديدة منها قضية فصل الدين عن السياسة.
    وأهم مبدأ في هذه الإعلانات والقرارات والأوراق ، الإتفاق على فصل الدين عن السياسة. وتم صياغة ذلك في التصور لدولة المواطنة التي صيغت في اعلان نيروبي 1993 بالنص على " 2/ يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تاسيسا على حق المواطنة واحترام المعتقدات وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس او الثقافة ، ويبطل أي قانون يصدر مخالفا لذلك ويعتبر غير دستوري".ص.34
    في ورقة الحزب الشيوعي السوداني سنة 1999 "قضايا استراتيجية" تم توضيح مبادئ الدولة المدنية ، والتي تعني نظام مدني ديموقراطي تعددي ، ومبدأ تعدد الأديان والمعتقدات ، والتي تشمل اغلبية مسلمة ومسيحيون ومعتقدات افريقية. ص.37
    وبناءا على ذلك تمت صياغة مبادئ النظام السياسي المدني الديموقراطي التعددي ، بأنها:
    أ/ المساواة في المواطنة وحرية العقيدة والضمير بصرف النظر عن المعتقد الديني.
    ب/ المساواة في الأديان
    ج/ الشعب مصدر السلطات ويستمد الحكم شرعيته من الدستور.
    د/ سيادة حكم القانون واستقلال القضاء ومساواة المواطنين امام القانون بصرف النظر عن المعتقد أو العنصر أو الجنس
    هـ/ كفالة حرية البحث العلمي والفلسفي وحق الإجتهاد الديني
    و/ ضمان الحقوق والحريات الأساسية ، السياسية والمدنية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، وضمان حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية
    ز/ الإلتزام التام بما اجمعت عليه الحركة السياسية السودانية في اعلان نيروبي بالنسبة التشريع ، ووفق هذه المبادئ يمكن ان تتسع الإجتهادات لكي تشمل مصادر التشريع الدين وعطاء الفكر الإنساني وسوابق القضاء السوداني. ص.38

    تصورات "الدولة المدنية" ، بهذه الكيفية ، لم تفارق كثيرا تقاليد صناعة الأيدولوجيا السائدة في السودان ، فمعروف ان دستور نظام مايو لسنة 1973 ، هو الدستور الذي سارعلى نهج مشروع دستور السودان لسنة 1968 ، والذي ادخل هوية الدولة الدينية ومسألة مصادر التشريع التي تقوم على الدين، ومسألة اللغة.وبالرغم من ان تصور "الدولة المدنية" الذي نحته الأستاذ محمد ابراهيم نقد ، يحاول ان يفارق التقاليد القديمة ، الإ انه تصور توفيقي يسعى لتخفيف الحمولات والتعنت حول المصطلحات ، لخلق موقف وسطي ما بين تصورات الدولة الدينية وتصورات الدولة العلمانية.


    كبر

    ________________________________________________


    [26]
    محمد ابراهيم نقد ، (حوار حول الدولة المدنية) ، الشركة العالمية للطباعة والنشر 2012.
                  

10-11-2022, 12:25 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    في 1997 ، وبمناسبة زيارة دكتور جون قرنق للقاهرة في الفترة من 24 نوفمبر – 5 ديسمبر 1997 ، قدم "رؤية السودان الجديدة : اسئلة الوحدة والهوية" [27] وهي الرؤية التي تتبناها الحركة الشعبية لتحرير السودان.وقام الدكتور الواثق كمير بتحرير الكتاب.
    واذا كانت رؤية الحزب الشيوعي السوداني حول "الدولة المدنية" ، التي حدثنا عنها الأستاذ محمد ابراهيم نقد ، تحاول التوفيق على اساس الكم (التعدد: سياسي ، ديني ، الخ) ، فان "رؤية السودان الجديد" التي طرحها دكتور جون قرنق ، كانت اكثر وضوحا جرأة وذلك باعتمادها على تأسيس "الكيف" وهو قضية التنوع الغني في السودان.
    ورؤية السودان الجديد ، قامت بتناول قضية اسئلة الوحدة الوطنية والهوية ، بفهم جديد مخالف للتقاليد السائدة في صناعة الأيدولوجيا في السودان.فلقد وضح دكتور قرنق أن الوحدة الوطنية في السودان الجديد يجب أن تقوم على استيعاب حقيقة التنوع الغني في السودان باعتبارها حقيقة تاريخية ومعاصرة. ويجب استيعاب تلك الحقائق ان كنا نريد بناء دولة موحدة وقوية.فالسودان اليوم ، ومن تجاربه التاريخية ، تظهر فيه وقائع وعناصر التنوع: اثني ، ثقافي ، ديني ، لغوي ، جغرافي ، اقتصادي ..الخ
    في بناء الوحدة الوطنية في رؤية السودان الجديد ، التي تقوم على ضرورة الوضع في الإعتبار حقيقة التنوع في السودان وحسن ادارته ، ادخل دكتور قرنق تقاليد جديدة في اعادة اكتشاف تعريف المشكلة في السودان . فدكتور قرنق يرى أن المشكلة هي مشكلة السودان وليس مشكلة جنوب السودان.بمعنى اخرأن هنالك مشاكل عديدة في كل اقاليم السودان (الشرق ، الشمال ، الوسط ، الغرب ، الجنوب). وهذه المشاكل ظهرت واستمرت لأن رؤية السودان القديم تقوم على تصور اقصائي وقاصر ولا يعترف بحقائق التنوع سواءا في التاريخ او الواقع المعاصر.
    النقطة الثالثة التي عالجتها رؤية السودان الجديد هي قضية الدين والدولة.فهذه الرؤية تعترف بوجود الدين في المجتمعات السودانية المتنوعة ، مما اوجد واقعة تعدد الأديان في السودان مثل الإسلام ، المسيحية ، والأديان الأفريقية الأصيلة.وبالتالي يصعب أن يكون للدولة السودانية هوية دينية أو لغوية واحدة. ويقول دكتور قرنق ( في مجتمع ديموقراطي يجب أن يكون الدستور الديموقراطي هو مصدر التشريع ، لذلك نصنع دستور يضمن حرية الدين ، وان نضع نص يغطي الدين والعرف. ويجب ان يضمن في مثل هذا الدستور وثيقة للحقوق تضمن حرية الدين والعبادة وان يكون الفرد كما يشاء واحترامه سواء كان مسيحي او مسلم او أي معتقد اخر) ص.49
    والإجابات التي حاولت رؤية السودان الجديد معالجاتها ، كانت اجابة لسؤال الوحدة والهوية . واختارت الرؤية التنظير لدولة المواطنة التي يجب عليها ان تحسن ادارة التنوع الغني في السودان.
    واقعيا تم بلورة معظم هذه الأفكار في اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 كاتفاق سياسي نتج عنه دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 ن وهو الدستور الذي فشل في ازالة التمييز في القوانين ، حيث استمرت الوضعية الشائهة باعتماد قوانين تحكم طائفة من المجتمع وقوانين اخرى لطائفة اخرى في نفس الدولة.

    كبر
    ____________________________________________


    [27]
    John Garang;
    The Vision of New Sudan: Questions of Unity and Identity
    Edited by: Dr.Elwathig Kameir
    Publisher: Consortium For Plicy Analysis And Development Strategies (COPADES)
                  

10-11-2022, 01:18 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    الى أين؟


    يلاحظ في تقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان ، انها تقاليد استمرت لخمسة قرون (1504-2022ميلادي) ، وان حاملها هو "المخلوق الجديد" بحسب وصف محمد المكي ابراهيم ، وان مساراتها عبر كل هذه السنين انتجت "الفشل " كما يذهب دكتور منصور خالد وعمرو محمد عباس . ومن تمظهرات هذا الفشل أن التفكير ، على مدى السنين ، في بناء الدولة هو تفكير غير واقعي واقصائي تقوم به فئة قليلة " مأزومة" تفكر فقط لسودان تحالف الفونج الذي صار نواة لسودان اليوم. ايضا ، من تمظهرات الفشل الأيدولوجي في السودان ، أن النخبة السودانية التي تشكل الحامل/الأداة ، هي نخبة اجترار وتقليد مبتذل ولا تعرف الإبداع والإبتكار. فكل الأفكار والثقافات التي تحاول تلك النخبة فرضها لا تدرك طبيعة الواقع السوداني ، واقع التنوع الإثني والثقافي والإقتصادي واللغوي والديني والتاريخي. أن انسان النخبة السودانية ظل في حالة تلقى مستمرة ، ولقرون ، لكل ما يأتي من خارج السودان سواءا كانت القومية العربية ، الأخوانية الإسلامية ، حتى الماركسية والإشتراكية والليبرالية كلها لم تكن ابتكار من قبل نخبة السودان ، وانما هي اجترارات فاشلة لمنظومات فكرية وقيم ثقافية وحضارية نشأت في بيئات اخرى وفق معطيات لا تشبه معطيات الواقع السوداني من قريب أو من بعيد.
    حالة التلقي والإجترار التي تميز بها "المخلوق الجديد" انسان النخبة السودانية ، والممتدة منذ سنة 1504م ، جعلت انسان هذه النخبة يعاني من حالة انفصام وعقدة هوية نفسية يبحث عن الإعتراف بها في السعي الدؤوب للإلتحاق بمراكز بعيدة سواءا كانت مراكز فكرية ثقافية عربية ، اسلامية ،ماركسية ، ليبرالية..الخ.
    وهنا يثور سؤال: الى اين تتجه الأيدولوجيا السائدة في السودان ،بعد التجريب الذي استمر لخمسة قرون ولم ينتج سوى الفشل في بناء الدولة ، الحروب في كل انحاء السودان ، تقسيم السودان لدولتين فاشلتين؟
    نعتقد أن وصف التجربة بـ (ادمان الفشل) أو (انتاج الفشل) هو توصيف غير دقيق ، وانما الأدق أن هذه الأيدولوجيا التي سادت في تاريخ وراهن السودان انها ايدولوجيا تعاني الإحتضار والموت ، ولقد ماتت فعليا ، وهذا ما نوضحه في الصفحات القادمة.
    وموت الأيدولوجيا الذي نتحدث عنه هنا ، يبدأ من تصحيح البؤرة الخاطئة التي كانت تشكل الأساس لسؤال كيفية بناء الدولة السودانية ، وهي البؤرة الخاطئة التي اهدرت الطاقات والمقدرات في خلق اسئلة زائفة والبحث عن اجابات زائفة. بمعنى اخر ، هل يحتاج السودان لتعريف هويته على اساس العروبة/الأفريقانية؟ أو على اساس دولة دينية/مدنية/علمانية؟ أم أن السودان يحتاج اكتشاف هويته الحقيقية على اساس انه بلد غني ولديه رصيد زاخر من الثروات من راس المال البشري (كبلد يتميز بانه شاب وان نسبة الشباب تشكل قيمة كبيرة في تركيبة سكانه ، وانه شباب نوعي) لغاية الثروات الطبيعية والمعدنية والتي تتوزع في اقاليم السودان بصورة طبيعية عادلة؟
    حينما قاد شباب السودان ثورته المجيدة في ديسمبر 2018 ، طرح اجندة جديدة ومفارقة لتقاليد النخبة عبر مر تاريخ السودان ، اجندة مثل (السلام ، الحرية ،العدالة) ، واجندة ان ثورة دسمبر 2018 هي ثورة وعي تسعى لبناء وعي لسودان جديد ، واجندة مثل توسيع المشاركة وأن يكون شعب السودان هو صاحبة السلطة التي عبرها يسعى لبناء وتاسيس الدولة التي حلمها لسنين عددا.
    كل تلك الأجندة ، وغيرها من اجندة التأسيس ، كانت حاضرة في ذهن الدكتور عبد الله حمدوك حينما تصدى لرئاسة حكومة الفترة الإنتقالية ، وقد كانت له خبراته التي ساهمت كثيرا في صياغة تلك الأجندة وغيرها بصورة دقيقة ، من التعريف للمشكل الى غاية التعامل معه واقعيا ثم تقديم المعالجات وفقا لمعطيات السودان سواءا على مستوى بنية القيم السودانية او مستوى اكتشاف الفرصة الممكنة لجعل البرامج ممكنة التنفيذ.فالرجل ، حمدوك ، جاء بادبيات جديدة على الساحة السودانية ، وظل يحدث اهل وطنه بان هناك فرص عديدة وموارد عديدة يمكن ان تجعل البلد ينهض من درك التخلف والتبعية والضعف.
    والأدبيات والتفاكير الأيجابية التي طرحها عبد الله حمدوك ، هي التي تهدينا الأمل للتفكر حول مستقبل الإستقرار في السودان. فالوعي الذي يشكل اهم اجندة شباب ثورة ديسمبر المجيدة ، يصيغه حمدوك بخبرة وتجربة في رؤيته عن الحوكمة ، الديموقراطية ، السلام ، رؤى النمو الإقتصادي ، توسيع المشاركة في صناعة القرار العام ، استغلال الموارد الذاتية والإبتعاد عن التسول للهبات والإعانات ، وغيرها من رؤى عديدة ومتنوعة.
    فذاك الوعي الذي ينادي به الشباب في مقاومة المنظومة القديمة (عسكر ونخبة مدنية فاسدة قاصرة الرؤى) ، ورؤية دكتور عبد الله حمدوك ، هي ادبيات تشكل تقاليد جديد لا يهمها تحديد هوية دولة السودانية الدينية واللغوية والإثنية ، وانما يهمها تقديم منصات لإعادة تعريف الهوية على اسس جديدة تهدم جدران المبكي التي ظلت محط النخب السودانية القديمة.


    كبر
                  

10-30-2022, 04:17 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    الفصل السابع: فرص مستقبل الإستقرار السياسي في السودان:


    في الأجزاء السابقة ، رأينا أن تقاليد صناعة الأيدولوجيا السائدة في السودان ، وعلى مدى خمسة قرون من السنين ، كان يحكمها صراع زائف ينطلق من النقطة الخاطئة لمعالجة المشكل السوداني ، وهي انطلاق التفكير من سؤال ماهي هوية السودان. وانتهى الأمر لحدوث وجود تياران هما تيار"الإسلاموعروبية" وتيار"السودان الجديد" وكلاهما اهدر كثير من الطاقات في محاولة الإجابة على سؤال هوية الدولة السودانية. لم تتمكن صناعة تقاليد الأيدولوجيا السائدة من بناء دولة سودانية مستقرة وقوية ، فالهم الأكبر لكل فئات النخبة السودانية ، كان البحث عن بناء دولة الهوية والتي تقوم على تصور احادي يسعى لفرض هوية الإسلام والعروبة واللغة (سواءا كان تحت مظلات :يسارأو وسط أو يمين/ مدنيين أو عسكريين)، دون الوضع في الإعتبار واقع التنوع في السودان.وفي نفس الوقت ، انتهت تقاليد صناعة الأيدولوجيا في السودان الى وضع لبنات اولية لبناء دولة المواطنة في مقابل دولة الهوية.الإ أن حتى هذا الإتجاه ، أيضا ، كان اسير لتأثيرات اسئلة الهوية.فرؤية السودان الجديد التي وضعت في المشهد قضية "الوحدة في التنوع" والتنبيه المهم الى أن التنوع امر واقع في السودان سواءا على مستوى التاريخ أو مستوى المعاصرة ومن الصعب تجاوزه. وفشلت هذه الرؤية على مستوى التجربة الواقعية.ولم تتمكن من خلق فرص اختبارها على مستوى السودان قبل الإنقسام.أما حينما انفردت رؤية السودان الجديد بدولتها الوليدة في جنوب السودان ، لم تتمكن الحركة الشعبية من تقديم نموذج دولة يقوم على رؤية السودان الجديد.فبمجرد حدوث استقلال جنوب السودان في يوليو 2011 ، والذي قادته الحركة الشعبية عبر نضال شاق واستمر لعشرات السنين ، دخلت فكرة "الوحدة في التنوع" في اختبار قاسي للغاية وعادت الحرب على اساس الهوية الإثنية واللغوية.
    والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا : ماهو الموضوع المركزي الذي غاب ، او لم ينل بعض الإهتمام ،في اذهان صناع الأيدولوجيا السائدة في السودان؟ وماهي التقاليد البديلة التي يمكن ان تقود الى بناء دولة سودانية باسس تسعى لصناعة الإستقرار والنمو والإزدهار؟
    يلاحظ ان مشهد تقاليد صناعة الأيدولوجيا غابت عنه تقاليد التفكير في موضوع مركزى ،اكثر اهمية من التفكير في هوية الدولة ،وهو قضية التنمية في السودان، التنمية التي تهتم بخلق راسمال بشري فعال ، ورؤى لتطوير الإقتصاد السوداني وبالتالي التعامل بحكمة للإستفادة من ثروات السودان الطبيعية الزاخرة.


    كبر
                  

11-06-2022, 06:30 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    أ/ الطريق الى دولة التنمية:


    تجربة دكتور عبد الله حمدوك ، على قصرها ، في حكومة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، قد ادخلت ادبيات وتقاليد جديدة ومختلفة ومفارقة في طرائق التفكير السودانية التقليدية. لقد ظل دكتور عبد الله حمدوك يكرر ويشرح معالم رؤيته في الخروج بالسودان الى طريق التعافي ، عبر تحدثه عن مشروع "سنعبر" وذلك عبر طرح تصوراته للحوكمة الرشيدة ، وبناء السلام والديموقراطية ، والأهم ترديده لمفاهيم وافكار مثل أن السودان يمكنه الإعتماد على موراده الذاتية دون الحاجة الى المعونات والهبات الأجنبية. وأخذ حمدوك يدخل ادبيات جديدة مثل الإنتباه الى أمر الصادرات السودانية وأن السودان يجب الأ يصدر الثروة الخام وانما يجب خلق صناعات تحويليه حتى يستفيد السودان من قيمة صادراته الى اقصى حد ممكن . تلك الرؤى خلقت تقاليد جديدة ، فلقد انتبه اهل السودان ، على مستوى القواعد الجماهيرية والنخب ، الى امر التدخلات الأجنبية في السودان ، سواءا على المستوى الإقليمي أو الدولي ، التي بلغت الى حد المطالبة بـ"يجب ان يذهب حمدوك" ، وأن غالبية اهل السودان اخذت تنتبه الى امر الثروات السودانيه المنهوبة من قبل بعض الدول الإقليمية مثل مصر والأمارات والسعودية.هذه النقلة في الوعي دشنت عمليا تقاليد سودانية جديدة في طرائق التفكير ، حيث انتقل مركز السؤال من سؤال دولة الهوية/المواطنة الى سؤال دولة التنمية التي تعيد تعريف هوية دولة السودان بانها دولة غنية بالثروات وأن كثير من اهل العالم يحتاج الى خلق شراكات مع السودان حتى تحدث عملية تبادل المنافع بصورة الندية وليست بصورة التبعية كما هي الحال في التقاليد السابقه. واساس الهوية السودانية الجديدة دشنه دكتور عبد الله حمدوك عبر اطروحته عن "الأحزمة الخمس للتنمية في السودان" ، وهي الهوية التي تخلق المساواة في السودان دون الحاجة لمعايير مجردة ، غير واقعية ، التي خلقت كثيرا من الغبن التأريخي وسمحت لمجموعات أن تفرض هيمنتها الخاصة ، مثل معايير الدين واللغة والإثنية والثقافة.


    كبر
                  

12-31-2022, 06:27 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ب/رؤية التنمية:


    في تقرير اصدرته مفوضية الجنوب [28] برئاسة التنزاني جوليوس ناريري ، بعنوان (التحدي للجنوب) ، والجنوب المعني هنا هو الجنوب الحضاري أو ما كان يعرف في الإدبيات بمفهوم (الدول النامية والدول تحت النامية) ، في هذا التقرير تم تعريف مفهوم (التنمية) وفقا لرؤية اقطار الجنوب الحضاري ، وخصائص المفهوم والشروط اللازمة لتحقيق التنمية والنهوض.وهذا ما سنقوم باستصحابه هنا بصورة مقتضبة لا تخل بجوهر المفهوم وربطه بالتقاليد اللاحقة التي ساهم دكتور عبد الله حمدوك بتطويرها على المستوى الأفريقي وذلك بادخال مفاهيم جديدة مثل مفهوم "الحوكمة الرشيدة" وكيفية توطين "نموذج الديموقراطية" الذي يستوعب الخصائص المحلية ومنظومة القيم لكل مجتمع افريقي على حدة.
    التنمية هي عملية تساعد البشر من التحقق من قدراتهم ، بناء الثقة في الذات ، والعمل على انجاز حياة الكرامة والتحقق الذاتي في الوجود. فهي العملية التي تحرر البشر من الإستغلال والخوف من تحقيق وانجاز ما يرغبون في تحقيقه.فهي حركة تقود الناس بعيدا عن القمع السياسي ، الإقتصادي ، الأخلاقي ، والإجتماعي. من خلال التنمية ، فان عملية الإستقلال السياسي تكون اهم الميزات المنشودة. فهي "عملية التنمية" عملية خلق النمو ، التي تكون في داخل المجتمع الذي يسعى لتحقيقها.فالتنمية بهذا المعنى هي ، في الأساس ، تنمية الإعتماد على الذات ، على مستوى الفرد والجماعة.فأساس تنمية ، أي مجتمع ، يجب أن يعتمد على موارده الذاتية "البشرية والمادية" ، التي يجب تسخيرها بصورة كبيرة لتلبية احتياجاته.
    ولكن المجتمع هو افراده.لذلك يجب ان تكون التنمية بواسطة البشر لمنفعة البشر في المجتمع.ولإحداث التنمية الحقيقية يجب أن يكون مركزها الإنسان في المجتمع.يجب أن توجه التنمية لتحقيق القدرات وتحسين الظروف الإجتماعية والإقتصادية لرفاهية المجتمع. ويجب تصميم التنمية بصورة تضمن لأفراد المجتمع الوعي بانها عملية تخدم مصالحهم الإجتماعية والإقتصادية.
    ان البشر هم افراد واعضاء في المجتمع. يجب أن يفهموا ويعوا مصالحهم بالصورة التي تؤثر على مجرى التنمية القومية في بلدهم. لذلك يجب أن يتمتع مواطني المجتمع ، من النساء والرجال ، بالحرية في التعليم ، حرية الحق في التعبير ، حرية التجمع والإنتظام في تشكيل مجموعات تعبر عن مصالحهم وتدافع عنها. أيضا من حق اعضاء المجتمع الحرية في اخيتار من يحكمهم ويدير شئونهم ويجب أن يكون لهم الحق في محاسبة من يحكمهم.
    التنمية ، كعملية ، تتموقع في السياقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ، لإحداث اثر ان المواطنين لديهم اٍلتزامات نحو المجتمع. فالتنمية تعني تطور الفرد والمجتمع الذي يكون الفرد عضو فيه. ان العالم الحديث ، فيه ، يمتد المجتمع من الأسرة الى القرية ، الى البلدة ، الى الحي ، الى المدينة ، الى الولاية ، الى الأمة ، ثم الى العالم. وعلى كل هذه المستويات ، يجب على الأفراد أن تكون لهم القدرة على التأثير في القرارات والمشاركة في صناعتها وتنفيذها والسيطرة على الأنشطة التي تؤثر على المجتمع. ولكن انخراط افراد المجتمع في عملية التنمية ، يجب التأكيد عليه عبر قواعد اطارية يصنعها المجتمع بنفسه ، ويتم تنفيذها بواسطة من وقع عليهم الإختيار لحكم المجتمع وادارة شئونه.وبالتالي ، عملية التنمية ، بالضرورة تتضمن الحرية السياسية للأفراد والمجتمع. وهذا يقود الى أن وجود المؤسسات الديموقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة من أساسيات وجوهر التنمية . فمصالح لا تتحقق الإ في وجود الحرية السياسية.فالشعب يجب أن يكون قادر على اختيار نظام الحكم وقواعد تحدد ماذا تفعل الحكومة باسم الشعب . ان احترام حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون والتداول السلمي للسلطة ، كلها عناصر تشكل أهم ركائز الديموقراطية.
    ان صورة الديموقراطية المختارة في أي مجتمع يجب أن تكون مناسبة لتأريخ الأمة ، حجمها ، والتنوع الثقافي فيها.فالأنظمة السياسية يجب أن تكون خاضعة للمحاسبة بواسطة شعوبها ، وفي نفس الوقت لديها القدرة على الإستجابة لرؤى الشعب المعبر عنها بكل حرية.
    مجملا ، التنمية هي عملية النمو الذي يعتمد يعتمد على الذات ، وتتحقق عبر مشاركة المواطنين لخدمة مصالحهم كما يرونها ، وتكون تحت سيطرتهم.أول اهداف التنمية انهاء الفقر ، توفير فرص العمل المنتج ، تحقيق الإكتفاء الذاتي للحاجات الأساسية للمواطن ، والتوزيع العادل لأي فائض في الثروة ، وكل ذلك يشمل توفير السلع والخدمات الأساسية مثل توفير الغذاء والمسكن ، التعليم الأساسي ، العلاج والصحة ، ومياه الشرب النقية ، الأ ان يكون ذلك متاحا لكافة المواطنين في المجتمع.اضافة لذلك ، فان عملية التنمية تحتاج لتوفر شروط مسبقة مثل البناء الديموقراطي للحكومات وتوفر الحريات والحقوق الأساسية مثل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وحرية النشر وتداول المعلومات ومؤسسات عدلية توفر الحماية للجميع وتطبق القانون بعدل ومساواة.
    الفترة القصيرة التي قضاها دكتور عبد الله حمدوك في رئاسة حكومة الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، قد كشفت عن الرؤى الكبيرة التي كان يحملها وحاول انزالها كواقع في السودان.فعبد الله حمدوك لم يكن ، فقط ، منظر لتصورات التنمية المناسبة لكل دولة افريقية ، وانما ساهم في تطبيق بعض تلك الرؤى وشارك مع اخرين في وضعها في بؤرة بعض التجارب الأفريقية التي تمضي نحو النجاح. ويدرك دكتور عبد الله حمدوك أن التنمية عملية شاملة تتضافر فيها عدة عناصر منها الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والسلام و الإستقرار . في الإقتصاد بدأ دكتور عبد الله حمدوك بالبرنامج الذي شارك في صياغته كثير من اهل الإختصاص في السودان من اقتصاديين وسياسيين وعلماء اجتماع ، وهو البرنامج الذي سهل تشام هاوس عقد ورشه وموائده المستديرة ومداولاته وصياغة مطالبه وخطوات المعالجات للوضع الشائك في السودان. ولقد بدأ دكتور حمدوك بالعمل على انجاز ذلك البرنامج واضاف عليه اطروحته لأحزمة التنمية الخمسة في السودان والتي اشرنا اليها في الفصول السابقة.واهمية تلك الأطروحة ، لم تقف فقط في نقطة توضيح وتقسيم السودان الى اقاليم اقتصادية متنوعة ومتداخلة ومتشابكة ، وانما قدمت الأطروحة اجابة ظلت مفقودة في المشهد السوداني ، وهي الإجابة المتعلقة بسؤال الهوية في السودان. حيث انتقل تعريف الهوية الى مستوى جديد ، وهو ضرورة اعادة تعريف هوية السودان على اساس ثرواته وموارده وتعددها وتنوعها ، وان استغلال هذه الثروات بصورة جيدة سيحسم قضية التهميش ، وينقل التنمية الى أي جزء او اقليم في السودان ، مما يغلق الباب في وجه عثرات التنمية غير المتوازنة التي تسببت في الحروب السودانية القائمة على اشكالية الهوية الزائفة.
    اضافة لأطروحة دكتور حمدوك في التنمية ، عمل على كسر عزلة السودان الدولية ، وتوفير الفرص العديدة التي تمكن السودان من الإستفادة من ثرواته بصورة عادلة وتجعل منه دولة مستقلة وتتعامل بندية مع العالم.ولكن ، مثل هذه الطموحات الكبيرة ، يلزمها ترتيب البيت الداخلي في السودان وضرورة اعادة تأهيل مؤسسات الدولة واصلاحها.ولقد بدأت خطوات الإصلاح بطيئة ومتعثرة بسبب بيئة الإنهيار التي واجهت حكومة الفترة الإنتقالية.وأكبر التحديات كانت بداية انهيار المؤسسات المالية والبنوك ، وقضية الفساد الذي شمل كل مؤسسات الدولة ، وقضية السلام التي تشكل اكبر مهدد للفترة الإنتقالية ومستقبل الإستقرار في السودان.
    في محاربة الفساد ، بدأت رؤية حكومة دكتور عبد الله حمدوك الإنتقالية ، بمكافحة مفاصل الدولة العميقة التي صنعها نظام الحركة الإسلامية عبر انقلاب يونيو 1989. وبالتالي وضحت تلك الرؤية في تشريع تفكيك وازالة تمكين النظام البائد ، وتم تكوين لجنة مختصة لمحاربة الفساد واسترداد المال العام المنهوب عبر اساءة استغلال السلطة في النظام البائد.وايضا تمت معالجات وتعديلات في بعض القوانين وفقا لمطالب ميثاق اعلان الحرية والتغيير ، وغيرها من الأعمال التي تصدت لها حكومة دكتور عبد الله حمدوك. بيد أن كل هذه الإجراءات المهمة كانت تعمل في محيط بيئة قاسية ، شارك في خلقها مشهد الإرتباك حتى من قبل بعض القوى التي ظن الشعب انها تعمل لمصلحة القضايا العامة.
    من اهم التحديات التي واجهتها حكومة دكتور حمدوك ، هي قضية السلام. ولقد اجتهدت الحكومة في العمل لحل هذه المشكلة ، ولكن ، كان هناك بون شاسع بين الرؤية والتطبيق. فرؤية دكتور حمدوك ، كانت مثالية لحد ما ، تقوم على افتراض قوة الإرادة السودانية و بيئة يلعب فيها اللاعبون باخلاق تشبه اخلاق لعبة كرة القدم. ففي هذه اللعبة ، كما هو معروف ، يتعدد اللاعبون وينقسمون الى طرفين ، وكل طرف يسعى لتحقيق النصر وفق قواعد معلومة للجميع وطاقم حكام يراقب الأداء حتى لا يحدث الشطط وبالتالي الفوضى. أي ان الكل يعمل وفق قواعد اللعبة لتحقيق اهدافه .هذه الوضعية ، هي التي كان يتصورها ويفترضها دكتور حمدوك ، أن الكل فهم قواعد اللعبة وعليه التقيد بقوانينها. ولكن..!..حسرة..!..لم يكن الفرقاء السودانيين ، في قضية السلام ، يملكون الإرادة أو الإيمان بقواعد اللعبة لصناعة السلام الحقيقي ، وانما كلهم كان على استعداد لخرق القواعد من اجل مصالح ذاتية وانية وقصيرة الأجل. لذلك ، جاءت اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020 ، التي يظن دكتور حمدوك والشعب السوداني ، بانها مدخل لإكمال عملية السلام وصنع الإستقرار كشرط لبدء بناء النهضة في السودان. وكانت الإتفاقية ، بالرغم من احتوائها على مبادئ ومعالجات لقضايا السلام ، الإ انها افرغت تماما من محتواها وتم استغلالها كمطية للمناصب السياسية (تقاسم السلطة) ، دون احداث سلام حقيقي أو مدخل سلام يشجع الأخرين في الإنخراط في عملية السلام والعمل على بناء نهضة السودان.وغض النظر عن الغاء البعض اللوم على دكتور حمدوك في عملية سلام جوبا او عدم اكتمال السلام في السودان ، أو من يدافع عن موقفه والوضع في الإعتبار الشروط الموضوعيه التي ادت لسيادة التشاكس في البيئة الداخلية ، الإ ان خطوة السلام تعتبر واحدة من الإيجابيات التي تحسب لصالح حكومة دكتور حمدوك وجديتها في محاولة مواجهة قضية الحرب والسلام في واقع السودان المتشظي والمتشاكس.
    وقضية السلام في السودان هي قضية جوهرية وحقيقية ولا مستقبل للإستقرار ما لم يتم مواجهة هذه القضية بجرأة ووضوح. ورؤية دكتور حمدوك للسلام يجب التوقف عندها كثيرا ومنحها قدر كبير من الإهتمام.فركائز تلك الرؤية ، لا تقتصر فقط في العمليات الفنية مثل الهدنة واعلان وقف اطلاق النار والتفاوض على تقاسم السلطة ، وانما تمتد تلك الرؤية اكثر عمقا لأنها تعول على أن يكون مقاتل حركات الكفاح المسلح جزءا من المواطنة وبناء النهضة.وهذا المبدأ يعني ان يتم توسيع المشاركة السياسية والإجتماعية والإقتصادية عبر مواطن/ة يمتلك حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.فرؤية دكتور حمدوك لقضية السلام مرتبطة جوهريا بمبدأ "المشاركة الإجتماعية في صنع القرار المتعلق بالقضايا العامة ، واهمها قضية التنمية" ، أو بمعنى اخر ، السلام الحقيقي يوفر فرص لإعادة تعريف المواطنة على اساس توسيع المشاركة المتعلقة بالقضايا العامة.وهذه المشاركة هي التي يشير اليها دكتور عبد الله حمدوك بقوله المتكرر عن ضرورة تقوية انسان ومناطق الريف والقطاعات الإجتماعية المستضعفة مثل قطاعات المرأة والشباب وذوي الحاجات الخاصة والمتأثرين بالحرب في مواقع الحرب وغيرها. ومثل تلك المبادئ تقوم على فهم حقيقي لواقع السودان. لأن مناطق الريف ، وهي المتأثرة بالحرب ، هي مناطق الثروات والإنتاج.ولكل حصيف ومتأمل دقيق أن يستبين ذلك بمراجعة خريطة الحروب السودانية ، والتي تشتعل دوما في أغنى اقاليم السودان ومناطق الثروات والموارد التي يأمل السودان في استغلالها لخلق التنمية والنهوض.اذن قضية السلام ، كانت قضية جوهرية في رؤية دكتور حمدوك لخلق الإستقرار في السودان ، وأن نقطة التأسيس الأولى هي توسيع المشاركة الإجتماعية في صنع القرار المتعلق بالقضايا العامة ، وهي المشاركة التي لن تحدث الإ في ظل سلام حقيقي يقود للإستقرار والتفرغ لبناء السودان.
    وقضية "توسيع المشاركة الإجتماعية" ذات صلة جوهرية بقضية "الحوكمة الرشيدة" التي ظل دكتور عبد الله حمدوك ينظر لها ويطور رؤاها ويطبقها البعض على مستوى افريقيا. فكما ذكرنا سابقا ، أن مؤسسة رجل الأعمال البريطاني ، من اصول سودانية ، محمد ابراهيم (مو ابراهيم) ، صاحب..
    MO FOUNDATION
    وهي المؤسسة التي تشجع ترسيخ الديموقراطية والحوكمة الرشيدة في افريقيا ، وفي سبيل ذلك تقدم جوائز دورية للدول الأفريقية .الشاهد ، أن معايير مؤسسة "مو ابراهيم" تقوم على مبادئ صاغها دكتور عبد الله حمدوك ، وعمل على تطويرها باستمرار عبر عشرات السنوات (كما اشرنا في مراجعتنا لأوراق دكتور حمدوك في الفصول السابقة).

    وفي فكرة "الحوكمة الرشيدة" في اطروحات دكتور عبد الله حمدوك ، هي الأخرى ترتبط بتوطين الديموقراطية في المجتمعات الأفريقية.وفي السودان ، حاول دكتور حمدوك توطين الأفكار المتعلقة بعملية "توسيع المشاركة" في مجتمع السودان ، ليس بفهم توسيع تلك المشاركة عبر تقاسم السلطة بصورة فوقية ، وانما يمتد الفهم الى اعمق من ذلك بان يتاح للمواطن/ة المشاركة الحقيقية في صنع القرار العام ، وتطوير ثقافة حقوقية تتعلق بحق المواطن/ة في مساءلة ومحاسبة من يفوضهم للعمل باسم الشعب وعملية اتخاذ القرارات المتعلقة بادارة المال العام وعملية التنمية بالصورة التي تعود بالنفع على المواطن في المقام الأول.
    وفكرة " توطين الديموقراطية" ، " الحوكمة الرشيدة" و " توسيع المشاركة" ، كانت اخر فكرة عملية دشنها وشجعه دكتور عبد الله حمدوك في مفهوم تأسيس سلطة الشعب الحقيقية عبر اطروحة البناء القاعدي.

    كبر


    ____________________________

    [28]
    The Challenge to the South: The Report of the South Commission;
    Publisher: Oxford University Press, New York, 1990


                  

01-08-2023, 09:18 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ج/ البناء القاعدي والإستثمار في قطاع الشباب:


    في استعراضنا لبعض من اوراق واعمال الدكتور عبد الله حمدوك ، كنا قد اشرنا الى خطابه امام الإتحاد الأفريقي ، وقلنا:
    (في سنة 2017 ، قدم دكتور عبد الله حمدوك [7] خطاب اللجنة الإقتصادية لأفريقيا (تتبع للأمم المتحدة) امام قمة الإتحاد الأفريقي. وكان عنوان الخطاب (تسخير الفوارق الديموغرافية عبر الإستثمار في الشباب). في هذا الخطاب ، تحدث حمدوك عن خمس رسائل تشكل تحديات وفي نفس الوقت تعمل على الكشف عن خيارات القارة الأفريقية للأستفادة من الفرص المتاحة لتغذية التحول والتنمية الشاملة. شملت تلك الرسائل : توصيف النزعات الكبرى للعولمة ، اٍلزامية تطوير الحوكمة الرشيدة ، السلام والأمن ، ورؤية الإتحاد الأفريقي لتطوير سياسات اطارية تحتاجها القارة لتسريع عملية الإستثمار في قطاع الشباب وتطوير التحول والنمو الشامل ، والتعاون الأقليمي وتنسيق السياسات لتنمية افريقيا في ظل التغير المتسارع الخطى على المستوى العالمي.)

    يرى دكتور عبد الله حمدوك ، ان من الضرورة ان تبتدر افريقيا عامة ، والسودان خاصة للإستثمار في قطاع الشباب وذلك بغية تحقيق وتطوير التحول والنمو الشامل. ومن بين الرؤى التي يؤمن بها دكتور عبد الله حمدوك أن قطاع الشباب مهم ليس فقط في الإقتصاد وانما في بناء الحوكمة الرشيدة والمشاركة في بناء التحول السياسي الذي يرسخ للتحول الديموقراطي الحقيقي ، سواءا على مستوى القارة الأفريقية أو على مستوى السودان.وفقا لهذا الفهم ، فان اخر اطروحة قدمها دكتور عبد الله حمدوك ، قبل استقالته ، قد دعى الى تشجيع الشباب لإبتدار عملية "البناء القاعدي" باعتباره نوع الممارسة الديموقراطية المباشرة التي تتيح للمواطن/ة في المشارك في صناعة القرار العام وتقديم المبادرات التي تخدم قضايا المواطن.
    في 19 سبتمبر 2021 ارسل دكتور عبد الله حمدوك ، رسالة الى لجنة مقاومة الصافية ولجان مقاومة القضارف ، قال فيها " تحية خاصة للجنة مقاومة الصافية وهي تختبر الإنتخاب القاعدي ، وتحية خاصة للجان المقاومة في ولاية القضارف ، التي اعلنت قبل ايام اكبر تجمع مؤسسي للجان في الولاية واتمنى ان ينتظم ذلك العمل كل مناطق السودان. يظل البناء القاعدي هو العمود الفقري للحكم المحلي وهو احد أهم اسس قيام السلطة المدنية الديموقراطية".
    ونفس محتوى الرسالة ورد في موقع وكالة السودان للأنباء (سونا) ، حيث ورد:
    " لا مجال في سودان الثورة لغير تطلعات الشعب السوداني للتراجع عن الغاية التي خرج من اجلها الشهداء والثوار. ان سواعد شباب لجان المقاومة من الجنسين التي هدمت قلاع الإستبداد ، هي الأقدر على مقاومة الردة وهي التي ستبني حلم الوطن الخيّر الديموقراطي ، وعيونهم هي التي تراقب ، وتنظيمهم هو الذي يحمي ، وتكويناتهم وقدراتهم هي التي تحدث التغيير نحو الأفضل.
    نختلف على القضايا الوطنية ونتفق على البناء ، كل في موقعه ،نخطئ ونصيب ، ونعدل ونصحح ، ونزيل العوج ونقيم العديل للبلد ومستقبلها بقدرة شبابها "

    وفي نوفمبر 2021 ، وبعد توقيعه الإتفاق الإطاري مع عبد الفتاح البرهان ، قدم دكتور عبد الله حمدوك تنويرا حول الإتفاق الإطاري لمجموعة من اعضاء لجان المقاومة بالعاصمة والولايات ، جاء فيها :
    " وحث رئيس مجلس الوزراء جميع الشباب بالإستمرار في قضايا البناء القاعدي لوضع اللبنات الأساسية للتحول الديموقراطي الحقيقي والمستدام ، والشروع في انتخابات المحليات لتصبح مختبرات للديموقراطية والديموقراطية المحلية ، لجهة أن هذه العملية ستنتج ممثلين منتخبين حقيقيين للمجتمعات المحلية يعبرون عن مصالح قضايا المواطنين بأحيائهم.واضاف قائلا: هذه عملية لا نحتاج فيها اذن من اي شخص أو جهة ".

    في يوم الإثنين 29 نوفمبر 2021 ، اوردت سكاي نيوز ، خبر تحت عنوان " حمدوك: يجب أن نشرع فورا في اجراءات انتخابات المحليات" ، وجاء في الخبر:
    " أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ، الأحد ، على ضرورة اجراء انتخابات المحليات ، واصفا ذلك بانه بداية عملية للتحول الديموقراطي في البلاد. وقال حمدوك لدى استقباله مجموعة من اعضاء لجان المقاومة بالعاصمة والولايات : " يجب أن نشرع فورا في اجراء انتخابات المحليات وهذا امر لا تحتاجون لإذن من احد ، وفي ذلك تدشين للتحول الديموقراطي.
    ودعا رئيس الوزراء السوداني جميع الشباب للإستمرار في قضايا البناء القاعدي ، قائلا: " ان هذا ما يضع اللبنات للتحول الديموقراطي الحقيقي و المستدام . والشروع فورا في انتخابات المحليات لتصبح مختبرات للديموقراطية والديموقراطية المحلية.
    واضاف " أن هذه العملية ستنتج ممثلين منتخبين حقيقيين للمجتمعات المحلية يعبرون عن مصالح قضايا المواطنين بأحيائهم.واضاف قائلا: هذه عملية لا نحتاج فيها اذن من اي شخص أو جهة ".

    ان فكرة "انتخابات المحليات" التي يشجع عليها دكتور عبد الله حمدوك هي نوع من انواع الديموقراطية المباشرة ، التي تكون دوما اكثر شيوعا في مستوى الحكم المحلي. فكثير من المجتمعات ذات الديموقراطية تترك الحكم المحلي للمواطنين ، سواءا كان ذلك على مستوى اختيار عمد المدن ،المدن الصغيرة ، البلدات ، القرى .. الخ. في هذا المستوى يباشر الناس اختيار من يديرون قضاياهم العامة ذات الصبغة المحلية ، بصورة مباشرة ، أي ان الإنتخابات لا تقوم على اساس الأحزاب السياسية ، قومية او اقليمية ، أو على اساس برامج حزبية ، وانما يتم انتخاب افراد مستقلون وليس لهم انتماءات سياسية.
    وحينما ينادي دكتور عبد الله حمدوك ويشجع على ممارسة هذا النوع من الديموقراطية المباشرة ، فهو قد استوعب خلل تجارب الحكم (ديموقراطية أو ديكتاتورية) في السودان ، والتي دوما تكون تنازلية وليست تصاعدية. فالحالة التنازلية نجد أن ممارسة الديموقراطية في السودان دوما تنظر الى ادارة الدولة بان القرار يصنع في القمة ويتم انزاله الى القاعدة. اما الحالة التصاعدية فهي تفعل العكس ، بان يتم ممارسة الديموقراطية من مستوى القاعدة والصعود الى القمة ، حتى يتم ضمان المشاركة الحقيقية للمواطن.
    واطروحة دكتور عبد الله حمدوك حول "البناء القاعدي" هي محاولة لتصحيح الممارسات المتعلقة بالحكم اللامركزي ، تحديدا الحكم المحلي. وسوف نستعرض هنا لمحة عن تطور الحكم المحلي في السودان ، الى غاية تجربة الفترة الإنتقالية الرابعة التي بدأت سنة 2019

    كبر
                  

01-08-2023, 09:34 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    د/ تجربة تطور الحكم المحلي في السودان:


    الحكم المحلي هو مستوى الحكم في الدولة الذي يتعامل مباشرة مع المواطنين. ولقد مرت تجربة الحكم المحلي في السودان بتطورات عديدة ، سوف نتعرض لها هنا باقتضاب غير مخل.
    عاش السودان ازمان طويلة تحت ظل نظام الدولة المركزية ، وفي ثلاثينيات القرن المنصرم ، توصلت الإدارة الإنجليزية الإستعمارية الى نتيجة مفادها عدم فعالية الإدارة الأهلية على مستوى الحكم المحلي ، لذلك قامت بتأسيس نظام مجالس المدن والأرياف.
    في ورقة بعنوان " توزيع استخدامات الثروة: تحويل الحكم المحلي في السودان نموذجا" ، يقول الباحث [29] ابراهيم محمد سليمان:
    ( تجربة الحكم المحلي في السودان قديمة ، بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، ابان اصدار قانون مجالس البلديات والمدن والأرياف لسنة 1937 ، وكذلك مجالس المديريات الإستشارية لسنة 1943. ثم تطورت عبر حقب ، حيث شهدت تقلبات عديدة مدا وجزرا ، حسب نظام الحكم السائد في المرحلة المعينة ، ابتداء بمرحلة قانون الحكم المحلي لسنة 1951 والذي يعتبر من اهم المراحل ، مرورا بتجربة قانون ادارة المديريات لسنة 1960 ، ثم قوانين الحكم الشعبي المحلي لسنة 1971 و1981 ، ثم مراسيم تأسيس الحكم الإتحادي لسنوات 1991/1995 في عهد الإنقاذ ، اضافة الى قوانين الحكم المحلي لاحقا للسنوات 1991 ، 1998 ، 2003 ، 2006). ص.2


    وتحت قانون الحكم المحلي لسنة 1951 ، تم تقسيم السودان الى تسع مديريات ، وتقسيم السودان الى (86) مجلسا ، لها اختصاصات تتعلق بالمسائل التي تمس حياة المواطن مثل: النظام العام ، الصحة العمومية ، التعليم ، الزراعة ، المباني والتخطيط ، المنافع العامة ، الى جانب اختصاصات اخرى. وفي ظل هذا النظام ، كانت هناك علاقة مباشرة بين المجالس المحلية والحكومة المركزية. كما يلاحظ غياب تنظيم مباشر لعلاقة مباشرة السلطة على مستوى الحكم من ناحية الإنتخاب والإختيار ، لأن الموظف في هذا المستوى يتم تعيينه بواسطة الحكومة المركزية ، وبالتالي ليس للمواطن المباشر الحق في مشاركة الإختيار أو صناعة القرار العام في هذا المستوى من الحكم.

    ظل وضع الدولة المركزية ، كنظام اداري ، الى غاية انقلاب 25 مايو 1969 بقيادة جعفر نميري. ونادي نظام مايو باتباع نظام لا مركزية الدولة ، وذلك بخلق مستويات للحكم قومية ، مديريات ، ومجالس محلية. وفي سنة 1971 صدر قانون " الحكم الشعبي المحلي" والذي ينسب الى دكتور جعفر محمد علي بخيت. في هذا القانون تم انشاء وحدات الحكم الشعبي المحلي والتي بلغت (5610) وحدة وذلك بغية توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار العام . بيدأ ان بين هذه الوحدات ، كانت هناك فقط (18) وحدة ، تسمى المجالس التنفيذية الشعبية، ذات شخصيات اعتبارية وسلطات وصلاحيات مالية وموازنة ، بينما بقية الوحدات اعتبرت وحدات مساعدة للمجالس الشعبية التنفيذية.
    في سنة 1981 ، اتجه نظام مايو الى نظام الحكم الإقليمي ، حيث تم تقسيم السودان الى ست اقاليم ، وطرأ تعديل بسيط على مستوى الحكم المحلي.
    ولكن الثابت في تجربة نظام مايو في لا مركزية الحكم ، لم تمنح حرية الإختيار في مستوى الحكم المحلي ، سواءا على مستوى الإقليم ،او المحافظة أو مجالس البلديات والمدن والأرياف ، وكان حزب الإتحاد الإشتراكي ورئيس الدولة هو من يتحكم فيمن يتولى مناصب الحكم المحلي ، وبالتالي اصبحت فكرة المشاركة الشعبية الواسعة مجرد مسألة نظرية على الورق فقط.
    في يونيو 1989 حدث انقلاب الجبهة الإسلامية القومية ،وبدأ الإنقلاب باصدار مراسيم دستورية ، وتبني فكرة الحكم الإتحادي ، وذلك بتوضيح اربعة مستويات للحكم: اتحادي ، ولائي ، محافظات ، ومحليات. بموجب هذا الهيكل تم تقسيم السودان الى (26 ولاية) ، وصارت (18 ولاية) بعد استقلال الجنوب في سنة 2011. وعدد (189) محلية ، وتم الغاء مستوى المحافظة. واستمر الإحتفاظ بمستويات (اتحادي ، ولائي ، محليات). وبالرغم من أن المزعم النظري هو تقسيم السلطة والثروة ، واحداث مشاركة سياسية واسعة في طريقة بناء واتخاذ القرار العام ، الإ ان هذا النظام كان اشبه بتجربة نظام مايو ، حيث الت السيطرة لحزب المؤتمر الوطني على كل مستويات الحكم الإتحادي والولائي والمحلي. وبالتالي لم تكن هناك حرية اختيار على مستوى الحكم المحلي ، ولم تكن هناك ضمانات دستورية تسمح لكافة المواطنين بالمشاركة في اخيتار من يدير شئونهم ويتبنى قضاياهم على مستوى الحكم المحلي.
    وفي عهد حكم الجبهة الإسلامية ، ظهرت بعض المفاهيم النظرية مثل "فدرالية سياسية" و" فدرالية مالية" ، ولكنها افتقرت الى الضمانات الدستورية الواضحة التي تحدد طريقة تداول السلطة على جميع مستويات الحكم التي تبناها النظام بصورة فوقية وشكلية.
    الوثيقة الدستورية لسنة 2019 ، احتفظت بمبدأ لا مركزية الدولة ، وحددت مستويات الحكم بانها (اتحادي ، اقليم أو ولائي ، ومحلي). وفي هذا المنحى تنص المادة (9) على:
    ( 1/ جمهورية السودان دولة لا مركزية ، تكون مستويات الحكم فيها على النحو التالي:
    أ/ المستوى الإتحادي ، ويمارس سلطاته لحماية سيادة السودان وسلامة اراضيه وتعزيزرفاهية شعبه عن طريق ممارسة السلطات على المستوى القومي ،
    ب/ المستوى الإقليمي أو الولائي ، ويمارس سلطاته على مستوى الأقاليم أو الولايات وفق ماي قرر من تدابير لاحقة ،
    ج/ المستوى المحلي ، ويعزز المشاركة الشعبية الواسعة ويعبر عن الإحتياجات الأساسية للمواطنين ، ويحدد القانون هياكله وسلطاته ).
    وبموجب هذا المبدأ الدستوري ، كان الإتجاه نحو تنظيم علاقات مستوى الحكم في السودان. وحينما اشارت المادة الى الحكم الإقليمي أو الوزاري ، كان ذلك تحسبا لإحداث اتفاقية سلام تعالج قضايا الحرب في السودان ، واحتمال العودة للعمل بنظام الحكم الإقليمي.
    في سبتمبر 2020 ، عقدت ورشة لمناقشة واستعراض قانون الحكم المحلي ، وكانت الورشة بواسطة ديوان الحكم الإتحادي في ولاية القضارف بالتعاون مع وزراة العدل السودانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.وشملت الورشة اوراق عديدة ورقة عن مفاهيم عامة عن اساسيات الحكم المحلي في النظم الفيدرالية ، وورقة عن نظام الحكم اللامركزي في الوثيقة الدستورية ، وورقة عن الأطر والسمات العامة لمشروع قانون الحكم المحلي ، فضلا عن استعراض لمشروع قانون الحكم المحلي الجديد لسنة 2020 [30].
    وتم اعداد مشروع "قانون تنظيم الحكم اللامركزي والعلاقات بين اجهزته لسنة 2020" ، وفيه تنص المادة (3) على:
    ( تتكون مستويات الحكم اللامركزي من الآتي:
    أ/ مستوى الحكم الإتحادي ،
    ب/ مستوى الحكم الولائي ،
    ج/ مستوى الحكم المحلي ).

    وفي الفقرة (5) من المادة (5) من مشروع القانون المذكور علية ، النص على: ( يمارس مستوى الحكم المحلي السلطات المخولة بموجب قانون الحكم المحلي أو أي قانون اخر شريطة الأ يتعارض مع أي قوانين اتحادية أو ولائية).

    وبالرغم من أن مشروع هذا القانون لم يجاز ، الإ ان المشروع اتسم بالعمومية ، ولم يتحدث بالتفصيل عن كيفية ممارسة الحكم المحلي ، وغابت الإشارة على دور المشاركة الشعبية عن طريق الإختيار ، والإطلاع على سجل الميزانيات والمال العام في مستوى الحكم المحلية وطريقة الصرف ومراجعة الصرف ، وتمويل مشاريع التنمية ، وغيرها من القضايا التي تتعلق بمصالح المواطنين المباشرة.
    هذا المشروع ، وغيره من اصلاحات ، كانت نقطة البداية لأطروحة دكتور عبد الله حمدوك حول "البناء القاعدي" ، وكان يعتبرها تجارب اختبار مهمة لتأسيس الديموقراطية التصاعدية في السودان ، وترسيخ ثقافة الإنتخاب وحرية الإختيار ، والرقابة على اعمال الحكم المحلي.

    كبر
    _____________________________________________

    [29]
    ابراهيم محمد سليمان: " توزيع استخدامات الثروة: تحويل الحكم المحلي في السودان نموذجا" ، معهد ابحاث السلام ، جامعة الخرطوم.
    [30]
    مهند عبادي ، " قانون الحكم المحلي: بناء نظام اداري جديد" ، صحيفة الراكوبة الإلكترونية 28 سبتمبر 2020
                  

01-09-2023, 09:16 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    هـ/ البناء القاعدي: تونس والسودان


    تجربة البناء القاعدي ، على مستوى افريقيا ، ابتدرها الرئيس التونسي قيس سعيد ، وكان ينادي بها منذ سنة 2011 ، الى ان تم انتخابه في سنة 2019 لرئاسة الجمهورية التونسية. في سنة 2022 تم طرح الدستور التونسي الجديد وتبنى فكرة "البناء القاعدي". والفكرة تقوم على الديموقراطية المباشرة التي تقوم على انتخابات قاعدية "على مستوى المحليات" ثم تصعيد الى مستوى تشريعي يسمى مجلس النواب.وفي الباب الثالث من الدستور ، وتحت عنوان " الوظيفة التشريعية" ، ينص الفصل السادس والخمسون على ( يفوض الشعب ، صاحب السيادة ، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي اول يسمى مجلس النواب ، ولمجلس نيابي ثاني يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم.)
    وبموجب هذا النص الدستوري ، فانه ستتكون مجالس محلية منتخبة في كل معتمدية ، عدد افرادها يتماشى مع عدد عماداتها ، ومن كل مجلس محلي يصعد عضو المجلس الجهوي ، وعضو الى مجلس النواب.المجلس الجهوي "في المحافظات " يتكون من عدد اعضاء المحليات ، ويختلف العدد من محافظة الى اخرى ، ومجلس النواب يمثل اعضاء من كل محلية "معتمدية" وعددهم 274 نائبا. المجلس الوطني للجهات والأقاليم يتكون من (72) نائبا يمثلون المجالس الجهوية ، وهذه المجالس الجهوية البالغ عددها (24) مجلسا حسب عدد المحافظات ، سنتخب كل مجلس جهوي (3) اعضاء يمثلونه في المجلس الوطني للجهات والأقاليم ، ومن الثلاثة اعضاء يقع انتخاب عضو يمثل المجلس الجهوي في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.دور المجلس الوطني للجهات والأقاليم رقابي بالأساس يتابع مشاريع الجهات والأقاليم ويحرص على العدالة التنموية بين الجهات.
    في ابريل 2022 ، نقل عن الرئيس التونسي قيس سعيد قوله "ان التصويت في هذه الإنتخابات سيتغير ليكون في دورتين وسيكون على الأفراد وليس على القوائم كما كان الحال في جميع الإنتخابات السابقة" . في سبتمبر 2022 جاء القانون الإنتخابي التونسي ، وتم اجراء بعض التعديلات بما شمل : تقليص عدد نواب مجلس الشعب من (217) الى (161) ، اعادة ترسيم الدوائر الإنتخابية داخل وخارج تونس ، اعتماد نظام الإقتراع على الأفراد في دورتين ، و اقرار امكانية سحب الوكالة من النائب.
    و"البناء القاعدي" بهذا المفهوم ، هو فكرة جاءت من اعلا وتتجه نحو القاعدة ، وانه يسعى لإنهاء وجود الأحزاب عبر نظام ديموقراطية مباشرة.
    والسؤال هنا ، هل النموذج التونسي ، وقد فشل في اول تطبيق له عبر الإنتخابات التونسية الأخيرة ، يشبه أم يختلف عن النظام القاعدي في السودان؟
    في فبراير 2022 ، كتب [31] سمير محمد علي ، مقال بعنوان " البناء القاعدي ما بين السودان تونس" ، قائلا ( من اهم السمات التي تميز لجان المقاومة مقارنة بأي كيانات اخرى ، هو بنيتها التنظيمية التي تعتمد على ما يعرف بالبناء القاعدي.فمفهوم البناء القاعد ظل محور نقاش بين لجان المقاومة في مختلف اقاليم السودان ، وبعض المثقفين خلال الفترة الماضية ولازال).
    وحسب لجان المقاومة في السودان فان مفهوم البناء القاعدي في السودان يؤسس على دلالاتين:
    اولا: التنظيم القاعدي في مقابل تنظيم المجموعات ،
    ثانيا: البناء القاعدي ينساب من اسفل الى اعلى في مقابل البناء الفوقي الذي ينساب من اعلى الى اسفل. فبناء التنظيم يبدأ من الأحياء صعودا الى الوحدة الإدارية ثم البلديات ، المحليات وصولا الى المستوى الإقليمي/الولائي ثم الفيدرالي /الإتحادي.
    وابدى سمير محمد علي بعض المخاوف في حالة تطبيق البناء القاعدي ، سواءا في السودان أو تونس ، وذلك بالإشارة الى : ( سيتم التطبيق تحت سلطة ما ، وبالتالي سيتوقف نجاح النموذج على طبيعة تلك السلطة ، وليس بالضرورة أن يؤدي تطبيق هذه النماذج للتخلص من العيوب السابقة في الممارسة الديموقراطية و ما يصاحبها من صراحات واساليب فاسدة ، بل سيظل الصراع الحزبي واساليبه الفاسدة من المستوى القومي الى مستوى القواعد في المحليات ، وسيسعى الحزب أو النظام الحاكم ، بما يملكه من سلطات للسيطرة على القواعد في المحليات وتسخيرها لأهدافه ، وهكذا ربما تصبح اللجان القاعدية في المحليات ساحة للصراع السياسي الأيدولوجي والكل يريد السيطرة عليها ).


    كبر
    _________________________________

    [31]
    سمير محمد علي حمد ، " البناء القاعدي ما بين السودان وتونس" ، سودانايل 16 فبراير 2022

                  

01-09-2023, 09:19 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    و/ فرص مستقبل البناء القاعدي في السودان:


    غض النظر عن التحفظات حول امكانية استغلال القوى السياسية والأحزاب لساحات البناء القاعدي ، التي تبدأ من مستوى الحكم المحلي ، الإ ان هذا النموذج يشكل ضرورة لتداول السلطة في مستواها المباشر في السودان، وافساح اكبر قدر من مشاركة المواطن في ادارة مصالحه والشئون التي تمس به مباشرة. وهناك عوامل كثيرة ، تشير الى ان الإتجاه في السودان الأن ، على مستوى القواعد يرغب في احداث اصلاحات حقيقية في الخدمة المدنية ، المنظومة العدليه والقانونية ، المنظومة السياسية. ونفس هذا الإتجاه يشير الى ضرورة توسيع المشاركة وعدم الثقة في الأحزاب السودانية الموجودة الآن باعتبارها ، احزاب تقوم على المبادئ المجردة وغياب الرؤى البرامجية الواقعية التي تهتم بمواضيع مثل التنمية ، ادارة ثروات البلاد بصورة راشيدة تمكن السودان من الإستفادة منها ، الخدمات على المستوى المباشر الذي يلامس المواطن.
    والبناء القاعدي في السودان ، هو وسيلة لتحقيق غاية المشاركة المباشرة ، ولكن مثل هذا البناء يحتاج كثير من العمل حتى يكون نموذج راسخ. فهناك حاجة لإحداث ثقافة عامة تبشر بهذا النموذج للديموقراطية التصاعدية ، والأهم وجود ثقافة تبشر بالديموقراطية وكيفية ممارستها وفقا لمعطيات منظومات السودان الأخلاقية والإجتماعية والدينية . ايضا لابد من ابتدار عملية اصلاح قانوني يحدد كيفية ممارسة البناء القاعدي ، وهذا يتطلب تشريعات جديدة تنظم عملية الإنتخاب على مستوى المحليات والبلديات والمدن ، وتشريعات توضح هياكل الحكم المحلي ، مثل العمل بنظام (عمدة المدينة ، المعتمد..الخ) و ضرورة وجود نظام مستشارين منتخبين لتشكيل سلطة شبه تشريعية على المستوى المحلي. ايضا لابد من ابتدار عملية تشريعات لإصلاح النظام الضريبي ، لأن مستوى الحكم المحلي هو اكبر رافد للإقتصاد والخزينة العامة في السودان ، ولابد أيضا من اصلاح قوانين الأراضي والإستثمار الذي يمنح الحكم المحلي فرص ابتدار مشاريع تنموية تتعلق بمصالح المواطن مباشرة. كما تتطلب الضرورة وجود تشريعات للشفافية العامة ، وحرية الإطلاع على المعلومات المتعلقة بالمال العام من ناحية الصرف والإدخار واولويات توجيه الصرف ، ولابد من وجود قوانين تلزم المحليات لنشر ميزانياتها العامة وان تكون مثل هذه المعلومات متاحة لكافة المواطنين في المحلية ، والأهم تشجيع سكان المحلية في المشاركة في ابتدار برامج لتمويل المحلية وكيفية تحديد اولويات الصرف التنموية.
    على المستوى القومي ، هناك اتجاه لإعتماد النظام الفيدرالي ونظام اعادة تقسيم السودان الى ست او سبعة اقاليم. واذا عاد السودان الى نظام الأقاليم ، فهذا يحتاج اعادة تعريف الكيانات الإدارية ، مثل المحافظات ، وبالتالي يكون النظام: اقليم ، محافظات ، محليات (مدن ، بلديات ، ارياف). واذا تم اتباع هذا النظام لابد من وجود تشريعات تحكم العلاقة بين هذه المستويات ، وبالتالي تعديل النظام الإنتخابي الفيدرالي ليكون التنافس بين الأحزاب السياسية على المستوى الفيدرالي والإقليمي ، اما مستوى المحافظات والمحليات يجب ان تكون الإنتخابات بنظام الأفراد دون وجود للأحزاب.ويجب ان تكون للأقاليم مجالس تشريعية تصدر تشريعات على مستوى الأقاليم ، مع منح المحافظات فرص اصدار تشريعاتها الخاصة وفق حدودها الجغرافية والإدارية. ايضا يمكن ادخال فكرة الأحزاب الإقليمية التي يسمح لها القانون بالتنافس وفق حدود الإقليم ، ويترك المستوى الفيدرالي لأحزاب فيدرالية لا تشارك في الإنتخابات الإقليمية.

    كبر
                  

01-09-2023, 10:01 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    الخاتمـة:



    أ/ المشهد بعد استقالة دكتور حمدوك:

    في الثاني من يناير 2023 ، مرعام على استقالة دكتور عبد الله حمدوك ، رئيس وزراء الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان ، وفي نفس الوقت مر خمسة عشر شهرا على اطول فراغ دستوري في تاريخ السودان ، حيث لم يتمكن انقلاب 25 اكتوبر 2021 من اختيار رئيس للوزراء ووزراء لإدارة الفترة الإنتقالية. في هذه المدة ، بعد استقالة دكتور حمدوك ، ظل السودان في حالة تخبط وانهيار ومشاكل على المستوى الإجتماعي ، الأمني ، الإفتصادي ، والسياسي.
    اجتماعيا ، ظل المجتمع السوداني في حالة انهيار ، حيث ظهرت العديد من الظواهر الخطيرة مثل انتشار المخدرات ، والتفكك الأسرى ، وشيوع خطاب الكراهية الذي قاد الى الإختباء خلف القبيلة والجهات ، وظهور كيانات (غض النظر عن قوتها ، ضعفها ، جديتها) لم تكتفى بالمطالبة السلمية لتحقيق الحقوق وانما التهديد باللجوء الى السلاح. وكل هذا الإنهيار تحت بصر المكون العسكري الذي ظل يغض الطرف عن بعض الظواهر ، واخرى يخلقها ويدعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وكل ذلك لغياب حكومة تقوم بالتأسيس وضبط الأمور.
    أمنيا ، اصبح السودان دولة غير آمنة تماما ، وشاع العنف الدموي الكبير في كل انحاء السودان ، بما فيها العاصمة الخرطوم. ففي العاصمة ظلت سلطة الإنقلاب تستخدم العنف المفرط في قمع الثوار في المسيرات السلمية التي تنادي بمدنية الدولة والحكم ، وفي نفس الوقت اصبحت صناعة بؤر العنف المتعددة تنتاب الأقاليم (النيل الأزرق ، جنوب كردفان ، غرب كردفان ، وكل ولايات دارفور) ، وهو عنف مصنوع بدقة لتصفية خصومات النخبة الحاكمة في الخرطوم ، سواءا عنف مصنوع من قبل الإنقلاب أو حلفاء الإنقلاب مثل احداث النيل الأزرق ، أو اهل النظام البائد ممن يرون أن أي استقرار في السودان هو ضرب لمصلحتهم في الوجود في المشهد السوداني. ايضا من بؤر العنف المصنوعة من قبل انقلاب 25 اكتوبر 2021 ، حيث صارت السلطة تصنع الجريمة المنظمة مثل العنف في شوارع الخرطوم من قبل ظواهر مثل (9 طويلة ، النيقرز ..الخ) والتجارة في المخدرات وتوزيعها ، وغض الطرف من قبل قوات منع الجريمة والضبط وانفاذ القانون ، بل حتى حماية هذا النشاط الهدام.
    اقتصاديا ، زادت الضائقة المعيشية في غياب حلول جذرية أو حتى حلول تقود لتخفيف حدة هذه الضائقة. الخطاب العام غابت عنه مفردة التنمية وكيفية تحقيقها ، وتوقف الدعم الدولي الذي بدأ في الضخ الى السودان في عهد دكتور عبد الله حمدوك ، وربط عودة تدفق الدعم الدولي بوجود حكومة مدنية ذات مصداقية ، وتوقفت الوعود بالمساهمة في مشاريع البني التحتية المهمة مثل تطوير قطاع الكهرباء ، ومدخلات الزراعة ، واصلاح النظام الضريبي ، والإستفادة من بعثة الأمم المتحدة السياسية في بناء القدرات والسلام ، والإصلاح المؤسسي لبناء مؤسسات دولة فعالة. وقام وزير المالية جبريل ابراهيم بعقد صفقات خارج الأطر القانونية تتعلق بالموانئ وطرق سكك حديد تعبر اراضي السودان ، ومثل هذه المشاريع تتطلب مشروعية عبر حكومة ذات مصداقية لأنها تتعلق بمستقبل اجيال السودان.ولازالت مؤسسات الجيش التجارية والإستثمارية تعمل خارج ولاية المال العام ، وظلت عمليات نهب الثروات السودانية من قبل دول الجوار والإقليم مستمرة دون ضبط واضح.
    سياسيا ، لأول مرة في تاريخ السودان ان تكون فترة انتفالية تقوم على ثلاثة اعلانات سياسية ودستورية (اعلان سياسي ودستوري في سنة 2019 ، اعلان سياسي ودستوري بعد اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020 ، واعلان سياسي ودستوري 2022). سادت حالة الإنقسام السياسي الحادة المشهد السوداني ، وتوقفت عمليات التفاوض حول اكمال السلام. هذا المشهد تميز بحالة الإرباك المتقن التي تحدثنا عنها في فقرات سابقة ، وهو حقل النخبة السودانية المفضل في تخريب الفترة الإنتقالية عبر خلق بؤر صراع مزيفة ومحاولة فرضها بانها مسلمات واولويات . فتقزم الخطاب من حال الكلام عن احداث الحوكمة الرشيدة واستثمار فترة الإنتقال في التأسيس البناء لمستقبل الديموقراطية والإستقرار ، تقزم الخطاب الى درجة (الغلاط) حول مفاهيم مثل (اسقاط) أم (انهاء ) الإنقلاب ، مقاومة أي اتفاق يحدث ، التخوين المستمر بين الأطراف التي سمحت لها الصدفة التأريخية للتصدي لقيادة الفترة الإنتقالية. فظلت فكرة الفهم الصحيح للإنتقال غائبة في اذهان الجميع.وظلت ثقافة (المحرمات الوطنية الكبرى) غائبة في اذهان قادة الصدفة التاريخية في السودان.هذا الإنقسام الحاد ، والذي يصل حد التطرف والغلو في بعض الأحيان ، تسبب في فتح الباب للتدخلات الأجنبية (اممية واقليمية) في الشأن السوداني ، بل وصل الأمر بالنخبة السودانية (مدنية وعسكرية) في أن تكون في حالة اعتياد واريحية في التعامل مع هذه التدخلات باعتبارها امر عادي ومرغوب فيه. وصناعة هذا الإرباك في المشهد السياسي السوداني ، هو امر مصنوع بدقة ، كما قلنا ونقول دوما ، ويجئ لعدة مخاوف من قبل النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) . فاستقالة دكتور عبد الله حمدوك ، ينظر اليها الكثيرون والكثيرات بانها مؤامرة مدبرة من قبل العسكر والمدنيين. فالمدنيين ، مكون عماده احزاب سياسية ، وهذه الأحزاب تدرك جيدا انها فقدت ثقة الجماهير تمام ، وان مستقبلها في الديموقراطية والإنتخابات غامض وانها تدرك جيدا أن أي انتخابات لن يفوز فيها حزب منفردا بالإنتخابات مما يسمح له بتشكيل حكومة وتطبيق برنامجه. العسكر ، يخشى في استمرار دكتور حمدوك ، بأن يصير التأسيس امر حقيقي وتحدث الإصلاحات التي تبعد الجيش من السياسة وفي نفس الوقت ايلولة شركاته لسيطرة ولاية المال العام في السودان (وزارة المالية).ولكن ، بالرغم من النجاح في ابعاد دكتور عبد الله حمدوك ، الإ ان انقلاب 25 اكتوبر 2021 فشل في تشكيل حكومة ، وايضا فشلت النخبة المدنية في ذلك.لماذا؟

    كبر

                  

01-09-2023, 10:03 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ب/ الإشراقات بعد استقالة حمدوك:


    بالرغم من قتامة المشهد العام بعد استقالة دكتور عبد الله حمدوك ، الإ ان القوى السياسية والعسكرية فشلت في اختيار رئيس وزراء ووزراء لقيادة حكومة الفترة الإنتقالية المتبقية.والسبب الرئيسي في ذلك هو موقف الثوار ولجان المقاومة في الشارع ، والتي تشكل اهم كتلة فاعلة المشهد السياسي السوداني. منذ بداية انقلاب 25 اكتوبر 2021 اتخذت لجان المقاومة السودانية (في العاصمة والولايات) موقفا واضح تمثل في اللاءات الثلاثة (لا اعتراف ، لا تفاوض ، لا مساومة) ، وبالرغم من البعض ظن أن هذا الموقف غير واقعي ، الإ انه اثبت قوة لجان المقاومة التي نجحت في منع الإنقلاب والقوى السياسية المدنية من تشكيل حكومة انتقالية بعد استقالة دكتور عبد الله حمدوك. وهذا الموقف قد شجع عليه دكتور حمدوك من قبل حينما خاطب لجان المقاومة بانهم هم من يحرسون ثورتهم ويعملون على انجاحها ووصولها لتحقيق مطالبها.قامت لجان المقاومة بتطوير مواقفها حيث بادرت بصياغة مواثيق سياسية ، تم تجميعها في ميثاق (تأسيس سلطة الشعب) وفيه تصورات لجان المقاومة لرؤاها ، وهي الرؤى التي تحمل مضامين واضحة تقوم على مبدأ ابعاد الجيش والأحزاب من ادارة الفترة الإنتقالية ، وذلك لغياب الثقة في مثل هذه المكونات النخبوية ، وهو ما قلنا عنه في عنواننا لهذه الدراسة (موت الأيدولوجيا في السودان).
    في فعل المقاومة ، قدمت لجان المقاومة السودانية (في العاصمة والولايات) تضحيات كبيرة ، حيث صعد الشهيدات والشهداء منذ انقلاب 25 اكتوبر 2021 ، حيث وصل عدد الشهداء (124 شهيدة وشهيد ، حتى كتابة هذه السطور) ، واعتقالات ومحاكمة طالت كثير من اعضاء وعضوات لجان المقاومة. ولكن رغم كل ذلك ، قدمت لجان المقاومة والثوار في الشارع اهم الدروس في التصميم والإرادة الواضحة القوية ، وان المستقبل في السودان هو للشباب السوداني من الجنسين . فهذا الشباب ، اثبت انه فئة اجتماعية كبيرة في احلامها وطموحاتها وامالها ، والأهم اظهار القدرة الفائقة في تحقيق المطالب وابتداع الأليات المتجددة والمبتكرة في احداث فعل المقاومة والحفاظ علي سيرورته واستمراريته. تمتلك لجان المقاومة السودانية والثوار رؤى كبيرة لا تقتصر فقط على العدالة لإنصاف شهداء هذه اللجان ، وانما العمل على تحقيق القضايا الأستراتيجية مثل احداث السلام الشامل ، الإصلاح المؤسسي في اجهزة الدولة السودانية حتى تعود تلك الأجهزة اكثر فعالية ، العمل على السيطرة على ثروات السودان وادارتها بصورة يكون هدفها تحقيق مصالح السودان ، وان تكون علاقات السودان تتسم بالتوازن بناء على مبدأ السودان اولا. ومثل هذا الوعي الكبير في ابتداع الرؤى الكبيرة ، هو الضمانة الحقيقية لصياغة مستقبل السودان بصورة تنجح في اقامة دولة مؤسسات ومواطنه وقانون ، تشبه هذا الشباب الفذ.
    لم تتوقف ادوار لجان المقاومة والثوار في السودان ، فقط في حراسة الثورة ، وانما اسست لأدبيات جديدة. فلجان المقاومة السودانية اصبحت محل تقدير وتوافق كبير بين اهل السودان ، ونجحت في تحقيق التفاف حولها وحول فعلها الثوري وادواته السلمية. خلقت لجان المقاومة ادبيات جديدة ، مثل الرقابة الشعبية على اداء الحكومة والنخبة (مدنية وعسكرية) ، وهذا الدور هو تأسيس جديد لنوع جديد من الرقابة الشعبية ، ومؤكد سيستمر في مستقبل السودان السياسي ، فحتى لو جاءت حكومة منتخبة وفق انتخابات صحيحة ونزيهة ، فلن تكون رقابة مثل تلك الحكومة قاصرة على السلطة التشريعية المنتخبة فقط ، بينما ستسود ادبيات الرقابة الشعبية التي تراقب جميع هياكل السلطة سواءا في فترة انتقالية أو فترة حكومة منتخبة.


    كبر
                  

01-09-2023, 10:07 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    ج/ الزعيم القوى أم البيئة الجيدة؟

    هناك اصوات كثيرة تنادي بعودة دكتور عبد الله حمدوك لقيادة الجزء الثالث في فترة الإنتقال في ظل الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان. والأسباب ليست هي من باب جلد الذات والحسرة على الفرص المهدرة ، وانما تلك الأصوات ترى في دكتور عبد الله حمدوك أنه رجل يمتلك رؤى كبيرة وواضحة وواقعية يمكن أن تجعل من فترة الإنتقال فترة تأسيس حقيقي يضع اللبنات المهم لتأسيس الإستقرار في السودان.وفي مقابل ذلك ، هناك اصوات قليلة ، تنتقد تجربة الرجل بصورة لاذعة ، بل البعض جعل منه حائط مبكي ولوم باعتباره لم يحقق المطلوب منه ، وانه فوت على السودان فرصة انتقال حقيقي.
    غض النظر عن المطالبة بعودة دكتور عبد الله حمدوك أم لا ، الإ ان كل هذه الأصوات فاتت عليها واقعة محددة وهي أن الأمر ليس وجود زعيم قوى يمتلك خصائص القيادة والقدرة على ابتدار الرؤى الكبيرة ، وانما الأمر يتعلق بالبيئة التي يعمل فيها مثل هذا الزعيم.
    واليوم ، أي سوداني أو سودانية يتصدر رئاسة الوزارة في الفترة الإنتقالية الخامسة في السودان ، فلن يتمكن من الإنجاز ، وذلك لأسباب عديدة ، منها أن النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) غير جادة في حدوث انتقال وتاسيس حقيقي ، لأن هذه النخبة تتخوف من أي نجاح باعتبار انه سوف يسحب البساط منها ، خصوصا وان المزاج العام في السودان يفقد الثقة في هذه المكونات . ايضا من الأسباب ، ان مؤسسات الدولة واجهزتها المختلفة لازالت تحت سيطرة اعوان النظام البائد ، ليست على مستوى الأفراد فقط ، وانما ايضا على مستوى القوانين والتشريعات.ايضا من الأسباب ، اصرار الجيش على الإحتفاظ بشركاته واستثماراته التجارية التي تمول له عمليات العنف الذي يحتاجه لقمع الشعب السوداني ، واكثر من ذلك ان الجيش وجهاز المخابرات العامة يعج بالضباط الذين يعملون ضد مصالح السودان ولصالح دول معينة في الجوار والإقليم ، ونفس الأمر ينطبق على بعض المكونات المدنية.ايضا من الأسباب ، العوامل الإقليمية المضادة ، فهناك بعض الدول تخشى حدوث تحول مدني ديموقراطي في السودان حتى لا يكون قدوة لشعب اخرى في المنطقة ، والخوف من أن يسيطر السودان على ثرواته والتحكم فيها لمصلحة السودان واهله. ومن الأسباب ، اصرار بعض القوى السياسية على السيطرة على المشهد الإنتقالي ، مثلما حدث في التجربة من سنة 2019 لغاية سنة 2021. فالقوى السياسية لازالت تصر على تساهم في تشكيل الحكومة القادمة ، بل البعض يذهب ان تكون الحكومة سياسية في مكوناتها وفي الجهة التي تقف خلفها (الحاضنة السياسية) ، والبعض يرى أن تكون الحكومة من كفاءات وطنية مستقلة ، وان تشارك الأحزاب في المجلس التشريعي الإنتقالي المقترح. وهذا يعني ، انه في كل الأحوال تصر القوى السياسية المدنية على تكرار اخطائها المدمرة ، وهو التدمير الذي امتد لمدة (67) سنة منذ استقلال السودان عن المستعمر البريطاني. وعود الجيش التي ابتدرها الجنرال عبد الفتاح البرهان في يوليو 2022 ، بان الجيش سيبتعد عن السياسة (طبعا لم يحدد هل هو ابتعاد نهائي ام فقط في فترة الإنتقال المقترحة بمدة سنتين؟) ، الإ انه ليست هناك ضمانات حقيقية لهذه الوعود ، اللهم الإ تكرارها بمناسبة او دون مناسبة.
    بيد أن من اهم سوء البيئة السياسية السودانية ، التي لا يستطيع ان يعمل فيها أي من كان ، هو سيادة ثقافة التشاكس السياسي الذي لا يقوم على اسباب حقيقية ، وانما هو اداة من ادوات صناعة الإرباك التي تتقنها النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) على مر السبع وستين سنة منذ استقلال السودان. مقابل سيادة هذه الثقافة ، هناك غياب لثقافة (المحرمات الوطنية الكبرى) ، ومثل هذه المحرمات موجودة في أي مجتمع بشرى على سطح كوكب الأرض. حيث تكون هناك محرمات يجوز الإتفاق عليها ، وعدم تجاوزها ، والإختلاف فيما دونها. فالنخبة السودانية (مدنية وعسكرية) ليست لها خطوط وطنية حمراء ، وانما هي على استعداد لخلق ادوات التشاكس المزيف واستخدام كل الأدوات لدعم المواقف في الخصومة السياسية.وهذه الحال هي التي تجعل البيئة السودانية السودانية مأزومة ومسمومة ، ولا تقود الى تحقيق الإستقرار.فهل كل النخبة السودانية تعمل فعلا لتحقيق التحول المدني الديموقراطي؟ صحيح الكل ، ظاهريا يقول بذلك ، ولكن يكون الإختلاف هو سيد الموقف. هل تريد النخبة السودانية احداث سلام حقيقي في السودان؟ الكل ينادي بذلك ، ويعمل ضد تحقيق هذا الهدف. الكل ينادي بضرورة تحقيق العدالة والإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة ، ولكن يعمل ضد ذلك. وغيرها من الأمثلة التي يعرفها الشعب السوداني بصورة واضحة.
    كل هذا التخبط والإرباك في السودان ، قد تحدث عنه دكتور عبد الله حمدوك ، حينما عرضنا سابقا . تحدث حمدوك عن ست تحديات تواجه بناء الديموقراطية والحوكمة الرشيدة في افريقيا والعالم العربي ، وهي:
    1/ ضعف التقاليد والثقافة الديموقراطية ،
    2/ ضعف المؤسسات الوطنية في الدولة ،
    3/ ضعف الأحزاب السياسية ،
    4/ غياب ادارة النزاعات التي تقوم على الإثنية والهوية والدين ،
    5/ غياب دور القطاع الخاص كعامل مهم في التنمية ،
    6/ فوارق النوع
    .(Gender Gap)

    وهذه التحديات لازالت ماثلة في المشهد السوداني ، وللأسف لم تستوعبها النخبة السودانية (مدنية وعسكرية) ، ولم تضع رؤى لتجاوز هذه التحديات ، بل في الأساس ليست في حسابات هذه النخبة ، لأنها هي نخبة الحظوة التأريخية التي تعتقد ان لها حق سماوي في التلاعب بمصير السودان.
    يظل دكتور عبد الله حمدوك ، اهم ظاهرة ايجابية حدثت في تأريخ السودان ، ومثلما قالها دكتور حيدر ابراهيم علي (اول رئيس وزراء حقيقي في السودان منذ الإستقلال).

    محمد النور كبر- كندا – الثامن من يناير 2023



                  

01-09-2023, 10:09 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)



    شكر وتقدير:


    بدأت رحلة هذا الخيط قبل سنة (8 يناير 2022) ، وثابرنا على الإستمرار فيها ، وتطويرها ، وهي جهد بسيط لرد الجميل لدكتور عبد اه م حمدوك ، وتعريف الشعب السودان بجهود الرجل السابقة لتنسمه رئاسة الوزارة في الفترة الإنتقالية الرابعة في السودان.

    اوجه الشكر ، لصديقاتي واصدقائي ، ممن توفرت لهم فرصة المتابعة لهذا الخيط ، وهي متابعة جادة وتشكل زاد لنا ، لتناول قضايا عامة تهم اهل السودان ، حتى لو بالرصد والمتابعة وتثقيف الرأي العام السوداني ، حتى يستطيع اتخاذ القرارات الصائبة في ترتيب الأولويات والأليات لتحقيقها.

    اشكر الجميع .. ونتمنى أن نوفق في عمل اخر.

    تحياتي

    كبر
                  

01-11-2023, 00:07 AM

Aamer Hussin
<aAamer Hussin
تاريخ التسجيل: 04-05-2016
مجموع المشاركات: 114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    أستاذنا الأديب كبر
    قراءة ثاقبة تساعد الأجيال الجديدة على فهم تاريخ السياسة
    السودانية بأسلوب أدبي رائع ومجهود جبار يجب أن يتحول الي
    كتيب ترفد المكتبة السودانية بتحليل سياسي رائع
    كن بخير فأنت كما عهدناك اديبا اريبا وسياسيا لا يشق له غبار
    عامر حسين
    الفاشر ١١يناير ٢٠٢٣
                  

01-27-2023, 08:31 PM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Aamer Hussin)

    مواصلة القراءة .. في هذا الخيط الرائع .. ول أبا قدم عصارة جهده في هذا البوست الأستثنائي
    قليلون من القانونين يجدون الوقت لرفدنا بمثل هذا المادة الثرة والطرح الرفيع ..

    بريمة
                  

01-28-2023, 07:01 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    كتب عامر حسين:
    Quote:
    أستاذنا الأديب كبر
    قراءة ثاقبة تساعد الأجيال الجديدة على فهم تاريخ السياسة
    السودانية بأسلوب أدبي رائع ومجهود جبار يجب أن يتحول الي
    كتيب ترفد المكتبة السودانية بتحليل سياسي رائع
    كن بخير فأنت كما عهدناك اديبا اريبا وسياسيا لا يشق له غبار
    عامر حسين
    الفاشر ١١يناير ٢٠٢٣

    صديقي عامر..حبابك
    اخبارك والأهل في السودان ،
    كتر خيرك على المرور والمطايبة ونعتذر عن التأخير في الرد.
    وضعت المقال الطويل في ملف بي دي اف..ووزعته على بعض الصديقات وألأصدقاء في الواتساب..باقي بقينا ناس واتساب وكده..
    كتر خيرك يا عامر وربنا يقدرنا دوما على تقديم ما يساعد اهلنا..
    تحياتي
    كبر
                  

01-28-2023, 07:03 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)


    كتب بريمة:
    Quote:
    مواصلة القراءة .. في هذا الخيط الرائع .. ول أبا قدم عصارة جهده في هذا البوست الأستثنائي
    قليلون من القانونين يجدون الوقت لرفدنا بمثل هذا المادة الثرة والطرح الرفيع ..

    بريمة


    ول ابا بريمة..حبابك يا صديقي
    كتر خيرك على المرور والمطايبة..
    هو جهد المقل ، والبرد والجليد كانوا عاملين فينا عمايل..لكن الحمد لها اكملنا الفكرة
    ونتمنى ان تفيد الجميع..
    المشروع القادم:
    "السودان: الفساد وقوانين جرائم الأموال"..
    بديت فيهو وسوف ابدأ النشر قريبا..

    تحياتي
    كبر
                  

01-28-2023, 10:53 PM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: براغماتية حمدوك: عن موت الأيدولوجيا في ال� (Re: Kabar)

    ول أبا كبر،
    سلام وجيداً جيت ..

    ول أبا، الوصلات شرت الصفحة .. إرجع للمراجع .. وأمسح الوصلات (اللنكات) في المراجع رقم (11)، رقم (12)، رقم (14) رقم (15) ورقم (16). ..
    وراجع بقية الوصلات مثلاً وصلة مرجع Francis M. Deng .. مرجع رقم (1) .. سوف ترجع الصفحات في حجمها الطبيعي .. وتسهل لينا عملية القراية ..

    لو عايز ترفق هذه المراجع .. أرسلها لي علي الأيميل التالي
    bir. adam @ hotmail .com

    بريمة

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de