عيونك يا حمادة فيها حاجة .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 10:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-16-2018, 09:20 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عيونك يا حمادة فيها حاجة .

    09:20 AM April, 16 2018

    سودانيز اون لاين
    shaheen shaheen-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    FGC18.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    عيونك يا حمادة فيها حاجة

    **

    SNB_7.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    حتى اننى اخجل من نفسى لانى نسيت الاسم الثلاثى , بحثت دون جدوى عن زملاء الدراسة فى مدرسة "حلفا الثانوية الأكاديمية" لكى اعرف منهم , من عثرت عليهم لم يتذكروا حتى اسمى الاول الا بصعوبة بالغة .
    ولهذا فان الاهداء كما يلى :-
    الى " خالد " , الشاب الحلفاوي طويل القامة , الوسيم فى هدوء , الذى خرج معنا فى مُظاهرة ضد النظام العسكرى الثانى فى احتضاره الاخير , ومات بطلقة صوبها عسكرى وطنى ارعن على قلبه تماماً , بتهمة مُحاولة أشعال النار فى محطة البنزين الواقعة فى قلب السوق التجارى بـحلفا الجديدة .
    والبشر فى نهاية المطاف لا يتذكرون الاسماء الثلاثية لمن سقطوا فى سعيهم المُغامر المجنون لتحقيق حلم جماعى , لن يتحقق على الاطلاق ! .
    لو تغيرت تصاريف القدر يا " خالد " , وكنت انا الذى ذهبت الى المشرحة فى ذلك اليوم الملتهب الحرارة , وانت الذى رجعت سالماً الى اهلك وشعاراتك واوهامك .. فهل كنت ستتذكر اسمى ثلاثياً حتى الان ؟ .
    ما معنى الشهادة من اجل وطن لا يحترم حتى الاحياء ؟ .
    ومتى سيأتى اليوم الذى سنجد لنا فيه خيار رابع , غير (1) الموت , (2) او الهجرة , (3) او الزنازين ؟ .






                  

04-16-2018, 09:22 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    لم يبق فى اللغة الحديثة هامش للاحتفال بمن نحب
    فكل ما سيكون كان
    سقط الحصان مُضرجاً بقصيدتى
    وانا سقطت مُضرجاً بدم الحصان .
    محمود درويش
                  

04-16-2018, 09:30 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    ما الموقف الاساسى يا اصدقاء من الفلسفة ؟ .
    ما القضية الاساسية ؟ .
    الرطانة غير المفهومة عن اسبقية الوجود المادى , ووحدة العالم .
    مخابيل العالم الغربى , " كارل ماركس " وصديقه الحنون " فريدريك انجلز" , " فورباخ " , و " لينين " صاحب اللسان السليط .
    وحدى على الشرفة , ارتدى ملابسى المنزلية الصيفية الخفيفة , فى يدى كوب شاى .. هل الاهم تفسير العالم ام تغييره ؟ .
    الانقلاب العسكرى الرجعى فى " شيلى " ضد القوى الاشتراكية , و " كوبا " قيثارة الدم والدموع والحلم المنشود , " فيتنام " الدرس القاسى لراس المال المُستغِل .
    " مايو " يا زملاء ليست ثورة , هى فى نهاية المطاف مُغامرة لعناصر البرجوازية الصغيرة التى تتعجل الانتصار .
    اليسارى القديم الاجوف يقف فى شرفة الطابق الرابع ويطرح على من يمشى فى الارض السؤال الخالد :-
    - هل ننزل للجماهير ؟ .. ام نترك الجماهير تصعد لنا ؟ .
    والمصعد مُعطل , أسبوع كامل وانا اجد عليه تنويه ؛؛ المصعد تحت الصيانة ؛؛ فكيف تصعد لنا الجماهير ؟ , كان يجب عليهم ان يضعوا عليه التنويه الاتى ؛؛ ممنوع البول يا حمار ؛؛ .
                  

04-16-2018, 09:48 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    1

    1985

    ح م ا د ة
    عند استلامك لهذا الخطاب يا حبيبى سوف اكون فى القاهرة, وبعدها لا ادرى اين سيستقر بنا المطاف انا وزوجى واطفالى ؟ .
    لا اُحب تلك الجملة الشهيرة :
    - مع السلامة .
    لن استطيع النظر فى عينيك وانا انطقها , انطق كل حرف سخيف فيها .. صدقنى سوف انهار واتراجع عن السفر .
    اخيراً يا حمادة , بعد كل ذلك القلق الطويل , وبعد السؤال المُحير صعب الاجابة :
    - ح تعملى شنو ؟ .
    اغادر السودان ربما الى الابد .. زوجى كما تعلم مع نميرى فى القاهرة , لا يستطيع العودة , ولن يستطيع .. وابنائى معى فى السودان .. وانت فى السودان .. وفى الاذاعة اصبحت اسمع نغمة ؛؛ تطهير بقايا مايو ؛؛ و ؛؛ السدنة ؛؛ كأنها نشيد يومى سخيف ومُقرر , مثل اناشيد العلم الصباحية المُزعجة .
    حكيت لك عن كل ذلك بالتفصيل المُمل , وعن المعاملة المُهينة القذرة من جانب البعض , بعض المُتحولين اللذين تحولوا فجأةً الى ثوار سياسيين ومُفكرين تقدميين من طراز رفيع رغم صمتهم التام طيلة الـ 16 عاماً الماضية عن كل ما كان يحدث امام اعيونهم من عيوب واخطاء , وصوبوا علي انا وحدى سهام عنتريتهم الوطنية ارضاءً للسادة الجُدد , وللوضع الجديد / القديم ! .
    ادركت ان هذه ما عادت بلدى .. خلاص يا حمادة , خلاص , انتهت ايامى هنا .
    هل تتذكر عندما طلبت منى ان اطلب الطلاق ؟ .. اقول لك كما قلت سابقاً , مُستحيل .
    صراع العقل والقلب والجسد ,, انت ما زلت شاباً صغير السن وانا ام لبنتين وولد , هم فى أمَسّ الحاجة للاب الحقيقى , مهما كانت درجة احتقارى له , ومهما كانت درجة احتقاره لى ! .
    واكبر منك بسبع سنوات كاملة , تتذكر جيداً خوفى من هذا الفارق العمرى الشاسع بيننا .
    اعرف اننى لن اجد شخصاً احبه ويحبنى مثلك , لكن الحواجز التى بيننا اكبر .. بينى وبينك الاطفال الثلاثة يا حبيبى .. بينى وبينك علوية طفلتى المعاقة ذهنياً .. هل تعرف معنى عذاب ان تصبح مسئولاً عن كائن حى حتى اخر لحظة من عمرك او عمره ؟ , عن الاكل والشرب وتنظيف الفضلات حتى اخر نفس فى صدرك ؟ .
    انت الذى ايقظ فى جسدى معنى الانوثة , علمتنى معانى مُختلفة للجنس .. انا من بعت جسدى وشبابى وجمالى لصاحب المنصب الكبير .. قطعة جميلة يعرضها فى فخر على مجتمع كاذب .
    احبك يا حمادة , احبك .. وسوف اتذكر كل لمسة من يدك على جسدى .. اتذكر كل لحظة حميمة .
    ستمر الايام , وتتزوج , وتنسى كل الذى كان بيننا .. واطلب منك ان تنسى ابتسام فيصل خليل , هذا رجاء وطلب فى نفس الوقت .
    حبيبى , اترك لك هذا الخطاب فى منزل صديقك مصطفى , لاننى خوافة كما تعرف .
    اعتنى بنفسك من اجلى ارجوك .. ارجوك اهتم بصحتك .
    ربما تجمعنا الاقدار من جديد , وقد اصبحنا عجوزين تماماً , ربما .
    سامحنى حبيبى .
    عيونك يا حمادة , فيها حوجتى واحتياجى , فيها شبقى الانثوى ورغبتى الانسانية فى الامن والطُمأنينة والاستقرار النفسى , فيها الحب الذى يأتى مثل الحظ مرة واحدة فقط خلال مسيرة العمر القصير .
    / بسبوسة /
    الخرطوم فى 2 سبتمبر 1985 .
    ملحوظة : تركت لك فى ثنايا الخطاب خصلة من شَعرى .
                  

04-16-2018, 02:51 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    2

    2000

    اين انتِ يا " ابتسام " ؟ .. اين طعم الجسد ؟ .
    ابحث عنكِ فى الشوارع .. سافرت لبلاد النفط الصحراوية الصفراء وانتِ فى داخلى , وعدت الى بلاد النيل الكالحة السوداء وانتِ فى دواخلى .
    اُفتش عن خارطة جسدكِ الانثوى , انهمكت فى البحث عنها فى اجساد الاوروبيات , والافريقيات , والاسيويات , ولم اعثر عليك ! .
    اين انتِ ؟ .. يا يمامة الجنس البديع , شهقة الذروة الانثوية النادرة عندما يلتحم الجسدان
    - اها .
    اها , صهيل الفرسة , والعرق يُغطى جيدها الطويل اللامع .
    وشقتى فى حى " كوبر " هى معقلى , زنزانتى وحصنى الحصين .. لا احد يدخل فيها الا من ارغب انا ان يدخلها .. حصاد ضياع العمر فى الخليج .. اقف فى شرفتها انظر للناس فى احتقار وقرف , بينى وبينهم ما صنع الحداد , " مصطفى شكرى " هو الوحيد الذى كان يقتحم وحدتى دون سابق انذار , يتجول فى الشقة ويعبث فى الكتب المتناثرة باهمال فى الاركان , كتب قرفت منها وهربت
    - فردية مُطلقة يا حمادة .
    - برافو عليك يا مناضل يا صنديد .. وانتا الجماعية المُطلقة عملت ليك شنو ؟ .
    - لازم يكون عندك هدف فى الحياة , اى هدف , ان شاء الله انو المريخ يفوز ببطولة الدورى .. لكن كده يا حمادة دى حياة ما عندها طعم , حياة سخيفة ومُملة .
    - انتا هدفك شنو ؟ .
    - هدفى ميادة بتى تعيش كويس , وعزيزة تكون مبسوطة , وافتش عن مفاهيم جديدة لافكارى .
    - طـظ فى كل حاجة .
    - اتزوج يا حمادة .. صدقنى ده احسن حل لحالة انعدام الوزن بتاعتك دى .
    - قصة الزواج دى انا حسمتها وانتهيت .
    - بتمارس جنس ؟ .
    - عندك رغبة ؟ .
    - هاهاهاهاها .. مُشكلتك لسانك طويل .. المذيعة ديك وين ؟ , هى كان اسمها اخلاص , ولاّ بسمات , ولاّ شنو ؟ .
    - ابتسام فيصل .
    - كسرت قلبك .. يا مهترش فى زول يحب عضوة اتحاد اشتراكى .
    - ما كان عندها علاقة بالاتحاد الاشتراكى .
    - المهم كانت مايوية .
    - الحب والجنس ما عندهم علاقة بالسياسة يعنى انتا لو لقيت امبريالية عريانة فى السرير ما ح تنوم معاها ؟ .
    - ممكن انوم معاها عشان اقنعها تبقى اشتراكية , وبكده الواحد يستمتع ويخدم رسالته الفكرية فى نفس الوقت .. هاهاهاهاها .. والله انتا كلك مِحن يا حمادة , قوم اعمل لى شاى انا مُصدع وعندى ضيق نفس كالعادة .
    - بالجد يا مصطفى ما حصل خنتا عزيزة ؟ .
    - انا قبل عزيزة مارستا الجنس مرتين .. وبعد ارتباطى بيها فى تانية جامعة ولحدى هسع ما لمستا مرأة غيرها .
    - woow .. كده انتا ح تخش الجنة بدون اى كلام .
    - عندى احساس انى ما ح اعيش كتير يا حمادة .. عارف كده ؟ .
    - عليك الله انا براى زهجان , فما تقلبها لى امينة رزق , القصة ما ناقصة .
    - لا والله .. تعرف .. عندى احساس قوى .. صحتى فى النازل يا حمادة .
    - انت ارهقتا نفسك فى كلام فارغ وشعارات عبيطة .. متابع مع الدكتور ؟ .
    - متابع يا سيدى وبيقول كلو تمام التمام , وما فى حاجة وخلى البخاخة طوالى جنبك , كلام دكاترة ما عندهم شغلة زيك كده .
    - اتشاكلتا مع عزيزة ؟ .
    - كالعادة .
    - عشان قصة مرقتك من الحزب ؟ .
    - مافى موضوع غيرو اليومين ديل فى البيت , بتقول نصلح من الداخل وانا بقول تنظيم جديد .
    - انتو الاتنين دراويش .
    - انت كرهتا السياسة لشنو يا حمادة ؟ .
    - مافى زول يستاهل تضحى عشانو .
    - جميل انو لسه فى نظريات جديدة لنج للحياة .. خلى الخستكة بتاعتك دى وقوم اعمل الشاى .
    عندما عدت من المطبخ حاملاً صينية الشاى كان " مصطفى " يغط فى نومه العميق وصوت تنفسه المتقطع يُغطى اركان شقتى .
    نظرت له فى حنان ابوى كلاسيكى , بدا لى وهو فى ملابسه الداخلية كأنه قديس نائم يحلم بمستقبل افضل للآخرين , وينسى نفسه ! .. لو ايقظته لشرب الشاى فسوف ينهض للتبشير بالاشتراكية , من الافضل تركه نائماً .
                  

04-16-2018, 03:29 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    3

    1980

    شمس الصيف التى لا ترحم .
    اتصبب عرقاً , وهذه الخرطوم كئيبة كما هى العادة فى هذا الفصل من السنة .
    اصوات الهتافات البعيدة , الرائحة الخانقة لمسيل الدموع تُعبق الجو , جنود مدججين باسلحة , ورجال فى ملابس مدنية يُحدقون فى الناس بارتياب , وعاصفة ترابية اكملت المشهد العبثى وبدأت فى عقاب الناس على خروجهم ضد الحاكم .
    - ماشى امدرمان ؟ .
    لم اعتقد انها تتحدث معى .. ابتعدت خطوتين عن سيارتها التى وقفت بجوارى تماماً
    - يا زول انا بتكلم معاك .. ماشى امدرمان .
    تمد راسها من النافذة الامامية , نظارة شمسية كبيرة تُغطى نصف وجهها
    - انا ؟ .
    - يعنى فى زول غيرك واقف هنا ؟ .. ماشى امدرمان ؟ .
    اندهشت من العرض
    - أأأيوه .
    - اتفضل اركب , انا ماشية لحدى الاذاعة .
    فتحت الباب الامامى , وصعدت بجوارها وانا فى قمة الحرج
    - معليش يا استاذة ازعجتك .
    كانت تنظر لى , او ربما كانت تنظر لاتجاه اخر مُختلف , عيونها كانت محجوبة عنى بالعدسات السوداء اللامعة
    - مالك مسكين كده ؟ .. البلد فيها مُظاهرات وما ح تلقى مواصلات بسهولة .
    على جنبات الطريق كان العسكر يرتدون خوذات معدنية ثقيلة رصاصية اللون رغم حرارة الطقس !
    - موظف ؟ .
    - استاذ ثانوى عالى .. لغة انجليزية .
    - no .. yes , خشمك ما بيتعب من الانجليزى .
    - اتعودنا .
    تخوفت ان تكون رائحة عرقى ثقيلة بما يكفى لكى تصل الى انفها , وهى كأنها خرجت لتوها من الاستحمام , رائحة ناعمة لطيفة تنبعث من بشرتها
    - وانتى موظفة ؟ .
    - مذيعة فى الاذاعة .. ابتسام فيصل .. ما سمعتا بالاسم ده قبل كده ؟ .
    - معليش انا اكتر حاجة بسمع اذاعة لندن .
    ندمت على اننى قلت ذلك
    - الظاهر عليك مثقف كبير .. اذاعتنا دى سجمانة ساكت .. متزوج ؟ .
    - لا ابداً .
    فرحت لاننى قلت ذلك
    - غريبة رغم انك وسيم , وعيونك خضرا .
    - شـ شـ شكرا .
    - الاسم منو بالمناسبة ؟ .
    - حمادة .
    - لا بالجد اسمك منو ؟ .
    - بالجد والله , حمادة .
    - ح م ا د ة .
    قالتها بحروف متقطعة
    - طيب واسم الدلع شنو ؟ .
    - محمد .
    - هاهاهاهاها .
    - متزوجة ؟ .
    - متزوجة .. للاسف الشديد .
    شعرت بحسرة لا ادرى لها سبب
    - تاجر ؟ .
    - هاهاهاهاها .. يعنى عشان راكبة عربية ؟ .. لا , متزوجة عميد فى جهاز الامن .
    - يا ساتر .. يا ساتر .
    - يا ود ما تخاف .. الدنيا لسه بخير .
    على مدخل الكبرى العتيق اوقفونا , وانحنى عسكرى مُرهق على نافذتها الامامية , قال فى لهجة روتينية ثقيلة
    - ماشيين وين ؟ .
    خلعت نظارتها الشمسية , ظهر وجهها كاملاً , جمال طبيعى ناعم بدون رتوش او مساحيق , قالت فى ثقة
    - انا ابتسام فيصل خليل , مذيعة فى الاذاعة , وده الاستاذ محمد مخرج مشهور , وماشيين الاذاعة نسجل برنامج مع الرئيس نميرى .
    تراجع العسكرى فى ذعر , حتى اوشك على القاء التحية العسكرية علينا
    - معليش يا اساتذة .
    صاح بصوت مرتفع اجش
    - خلى العربية دى تمر .
    انفجرنا فى الضحك ونحن فى مُنتصف الكبرى العتيق
    - عساكر وهم .. انا شيطانة , مش كده ؟ .
    - شديد .. انا بحب الناس الدمها خفيف .
    - ساكن وين فى امدرمان ؟ .
    - الموردة .
    - احسن ناس يا باشا , رأيك شنو اعزمك شاى فى كفتريا الاذاعة .
    - شاى وقت الغداء ؟ .
    - اممممم .. انا زولة بخيلة .
    على الطريق شاهدت شاباً صغير السن , يتم ضربه بوحشية بالغة , يحاولون ادخاله داخل عربة تقف فى مُنتصف الطريق , وهو يُقاوم فى بسالة .. هو هناك وحيداً بينهم , وانا هنا معها ! .
    لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
                  

04-18-2018, 10:38 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    4

    1997

    حمادة الحمار .
    خامس خطاب وانت لا ترد ! .
    اخبرنى الواثق انك كنت تعبان نفسياً فى الفترة الاخيرة وعندك مشاكل فى الشغل , ارجو ان تكون الامور الان تمام التمام .
    حاول ان ترد علي بخطاب يتيم يتم ارساله على عنوان ؛؛ مدرسة امدرمان الثانوية النموذجية بنات ؛؛ ليد الاستاذة/ عفاف مكى .. عفاف هى صديقة صدوقة لـ عزيزة فى المدرسة .. طبعا يا حمار لو ارسلت الخطاب باسم عزيزة فسوف يستمتع ناس الجهاز بخطك البديع واسلوبك الرشيق .
    ايها - الواطى الكبير - , اخبارى كما هى لا جديد تحت الشمس , ما زلت فى الاختفاء غير المفهوم ومقابلاتى لـ عزيزة وميادة تتم عبر مُغامرات اشبه بقصص وهلوسات اجاثا كريستى .
    هذه الايام لا حديث لنا غير الخاتم عدلان ! .
    اُريد منك معلومات بالتفصيل الممل عن المؤتمر الصحفى الذى عقده فى لندن قبل سنتين .. لا اثق فى كلام عجائز الحزب عنه هنا , ولا اثق حتى فى الصحف السودانية .
    الواثق تحدث عن ابتعادك التام عن الجالية السودانية وانك لا تحب ان تذهب لاحد , ولا ان يأتى اليك احد .. ما الذى يحدث لك ؟ .
    انا هنا ايضاً تعبان نفسياً بشكل حاد .
    التكاليف الحزبية اصبحت روتينية بلا طعم ولا لون او رائحة , مثل من يقوم بنقل كومة هائلة من الرمل بقبضة يده الوحيدة , لو تحدثت عن التجديد والتحديث وانتخاب القيادة , وعن المؤتمر الخامس الذى تأخر كثيراً , يتم اتهامك فوراً بانك من مجموعة ؛؛ اولاد الخاتم ؛؛ ! .
    اصبحت مع مطلع شمس كل يوم جديد , اتساءل عن معنى النضال ! .
    هل هذه الاجتماعات التى لا تُقدم ولا تُأخر , هى النضال ؟ .
    هل الثرثرة التى لا تنتهى حول حتمية انتصار الارادة الشعبية , هى النضال ؟ .
    توزيع البيانات هو النضال ؟ .
    هل يشعر الناس بما نفعل ؟ .. وهل لما نفعل اساساً اى قيمة فى زحزحة جبل القهر والتخلف الجاثم على الصدور ؟ .
    اسئلة تدق فى الراس مثل الشواكيش , والراس من الاساس مُتعب من الاسئلة .
    هل صحيح انك تفكر فى العودة النهائية للسودان ؟ .
    شكراً , شكراً , شكراً , على الـ 150 الف جنيه التى ارسلتها مع الواثق لان ميادة تحتاج فعلاً لرسوم دراسية عاجلة , هل تتذكر ايام الدراسة المجانية فى هذا الوطن الانتيكة ؟ .
    صحتى عال العال , مثل الحصان , مُواصل مع البخاخة اللعينة التى اصبحت مثل عشيقتى فى نوبات الربو المزمنة , فقط اتعب ايام الغبار الشديد .
    كل التحايا يا حمار .. ارجو الرد السريع .
    / مصطفى شكرى / .
                  

04-19-2018, 09:47 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    5

    1999

    - انا عاهة مُستديمة فى جسد الحياة .
    " نجوى كمبال " , واحدة من الكوارث البشرية التى مرت فى حياتى .
    تقف عارية على سريرى وترفع يديها وهى تنظر لسقف الغرفة فى حركة مسرحية تعود للقرن الثامن عشر , وتنطق الجملة الخالدة
    - انا عاهة مُستديمة فى جسد الحياة .
    بعد عودتى النهائية من الخليج بفترة قصيرة , قابلت هذه الكارثة , كنت اقود سيارتى اليابانية بلا هدف , مُستمتعاً بجهاز تبريد الهواء الذى يحول السيارة الى جنة مُصغرة فى لهيب الصيف الخرطومى الكريه .. كانت تقف تحت ظل شجرة كبيرة على جانب الشارع المرصوف , واضعة يديها فوق صدرها مثل تمثال آثرى حزين .. وقفت على بعد نصف متر منها / قليل من قلة الادب فى هذا الصيف , مُفيدة للصحة / .. جاءت فى خطوات بطيئة , فتحت الباب الامامى وجلست بجوارى
    - برجوازى مُتعفن .
    كانت تفوح منها رائحة سجائر رخيصة
    - ماشية وين يا بنت الطبقة العاملة ؟ .
    - اى حتة يا برجوازى , ما عندى مانع .
    - عندى شقة فاضية .. افتكر دى حتة مناسبة , مش كده ؟ .
    - فاضية , مليانة , اى حتة .
    - طالبة ؟ .
    - نجوى كمبال من مدنى , طالبة فى جامعة الاحفاد بدرس علم نفس , عمرى 20 سنة , بحب الجنس وبوب مارلى .. عندك فى الشقة سجاير ؟ .
    - اتشرفنا , ما بدخن .
    - بنقو ؟ , عرقى ؟ , بيرة ؟ .
    - يا بت الناس انا ما زول مُنحرف للدرجة دى , انتى كمان ما تبالغى .
    - برجوازى تعشق فقط لحم النساء الفقيرات ؟ .
    قالتها باللغة العربية الفصحى
    - ما شاء الله , ما شاء الله , اختنا فى الله ماركسية ؟ .
    - كارل ماركس ده انسان يمينى منحرف .. الثورة ما محتاجة تنظير , الثورة محتاجة شلالات دم .. لازم 99 فى المية من الشعب يموت عشان الباقيين يبدوا صاح .
    - انتى عيانة نفسياً ولاّ شنو ؟ .
    شاعرة فاشلة , وفنانة تشكيلية رسمت لوحتين , تكتب مسرحيات لا تعرف البداية من النهاية فيها , وتُفكر فى انشاء تنظيم سياسى اعضائه من ماسحى الورنيش والمشردين , وستات الشاى !
    - وده لو مؤاخذة ح يكون حزب سياسى , ولاّ وزارة شئون اجتماعية ؟ .
    نموذج غريب من جيل يتخبط بلا هدف .. مارست معها الجنس مرتين.. وبعد ذلك لم اقترب منها , تركتها تتجول فى الشقة عارية كما ولدتها امها عندما تزورنى
    - مالك يا عمو ؟ .. زهجتا من جسدى ؟ .
    - لا ابداً , بس حصل لى ضعف جنسى بعيد عنك .
    - ضعف جنسى فجأةً كده ؟ .
    - فجأةً كده .
    كنت اجلس وانا اراقبها .. قرد فى حديقة حيوان
    - مقطع اول
    نجوم فى تخوم السماء
    أأأأأه
    ابتعاد
    سنبلة قمح
    نص قصير
    طاغية
    جهازى التناسلى
    يختلط فى جهاز خلط الفواكه
    جان جاك روسو
    لوحة مرسومة بالزيت على اوراقى
    مقطع ثانى
    أأأأأأه .
    - ده شنو يا بت ؟ .. ده نص ادبى بيعمل وجع راس عديل .
    - انا تلميذة ادونيس .
    - و ادونيس ده ما لقى زولة غيرك تكون تلميذتو ؟ .
    - انتا طبعاً يا عمو من انصار مدرسة الشعر العمودى , ناس عنترة والمتنبى والكلام الفارغ ده .
    التحيات الزاكيات لشعلة الضياع والا جدوى وهى تنتقل من يد جيل الى يد جيل اخر بكل ثبات , وسلاسة , ويسر , واخلاص .
                  

04-19-2018, 10:04 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    6

    1991

    رائحة النفط فى كل مكان .
    نفطهم المنهوب .
    وهمسات تلك الايام البعيدة .. لو تعود تلك الايام !
    - عارف انو لونك كاكاوى ؟ .
    - يا بت انا بحب الشاى .
    كانت تنام على صدرى عارية تماماً .. احبها بعد الانتهاء من الجنس , بعد الشهقة الاخيرة
    - اها .
    بعد الوصول للذروة , تنقلب طفلة وديعة , مُبتلة بالعرق .. اُداعب شعرها المتوحش المجنون فى الامكنة الحساسة .. اجعلها تنام على جسدى .. تنطق اسمى مُتقطعاً
    - ح م ا د ة .
    تريد المزيد , واُريد المزيد .. اقلبها على ظهرها بعنف .. انظر لها
    - لا يا حمادة عيونك بتدوخ .. لا .
    انطق اسمها كأنها بعيدة عنى فى صحراء خالية من البشر
    - ابتسام .. ابتسام .
    منذ 2 أغسطس 1990 , وانا ابذل جهداً خرافياً مُضاعفاً فى هذه المؤسسة الاعلامية الضخمة , عملى فى قسم الترجمة يُسعدنى , والراتب الشهرى يجلب المزيد من السعادة , وموقف حكومة بلادى من احداث الغزو ادخل القلق لنفسى .
    منذ فترة والهمس يدور عن تصفية رعايا الدول التى ساندت موقف " العراق " , عن طردهم من المؤسسة لاسباب واهية , وتأكد الهمس باقالة المدير التنفيذى فى قسم الاعلانات , حظه العاثر اوقعه فى حمل جنسية جمهورية " اليمن " التعيسة , كانت بيننا مودة ورحمة , واحاديث سرية نسخر فيها من أهل البلد ومن عنجهيتهم البترولية الفارغة , شعرت باننى خسرت ظهر وسند , هو نفسه من مواليد " بيت المال " ذلك الحى الامدرمانى العريق , وعنده ذكريات لا تنتهى عن دكان ابيه هناك , وعلم زوجته كيفية عشق الفول بزيت السمسم , قال لى وهو يُغادر مكتبه للابد بيت شعر جميل
    - يمانيون فى المنفى
    ومنفيون فى اليمنِ
    جنوبيون فى صنعاء
    شماليون فى عدنِ .
    عندما اخبرتنى المصرية " نهاد الحلوانى " السكرتيرة الشخصية لصاحب المؤسسة , ان الشيخ " جاسم " يُريد مقابلتى فوراً , سقط قلبى بين قدمى
    - فى شنو يا نهاد خير ؟ .
    قالت فى شك
    - مش عارفة والله يا حمادة .. هو كده الشيخ جاسم عندو جنونة فى راسه .. وربنا يجعلها خير وتكون ترقية يا عم .
    دخلت على مكتبه لاول مرة فى حياتى , نظرت لى " نهاد " نظرات تضامنية وهمست فى نبرة اخوية صادقة
    - ربنا معاك يا ابن النيل .
    قالوا انه لا يتحدث مع احد الا وهو يرفع راسه فى اتجاه السقف , ربما انتظاراً للوحى .
    الشيخ " جاسم بن ظافر " له عيون صقر , فيها الكثير من الفحولة والشهوانية والرجولة البدوية القاسية , انف عربى طويل معقوف , وآثار جدرى قديم على وجهه .. كل ذلك جعل منه شخصية كارزمية بشكل او اخر .
    كأنه ينتظر الوحى .. والوحى توقف عن الهبوط للبشر منذ فترة بعيدة , قال ونظره مُركز على السقف
    - صدام هذا يا شيخ ملعون , والله امرمط بامه الارض .. عثرة تشلج ما بعدها يقوم .
    هل اجلس ؟ , ام اظل واقفاً ؟ .. عن من يتحدث بالضبط , هل يتحدث عن " صدام حسين " ؟
    - أأأه يا كويت أأأه .. نعلوا الخيل يت الخنفسانة وقالت نعلونى .
    هل يتحدث معى انا ؟ .. فضلت ان التزم الحذر والصمت والوقوف , فربما هو الان فى نوبة لوثة عقلية , وهم لهم احياناً لهجة موغلة فى البدواة تحتاج لقاموس .
    اخيراً استقر الرأس المُعذب فى مكانه الطبيعى بين الكتفين , رمانى بنظرة سريعة وكسول
    - يا حمادة .. يا حمادة .. رمس يا حمادة , شبلاك ؟ , استريح .
    ماذا يُريد ؟ , جلست على المقعد الذى امامى وانا فى حيرة
    - عندج أسلوب رفيع راقى فى الترجمة , ترجمة كشخة .
    حمدت الله فى سرى ان هناك ثناء لمجهودى , اذاً الامر لا يتعلق بالاقالة او الاستقالة او بموقف بلدى من " الكويت " , شعرت بارتياح كبير .. والثرثرات الحذرة التى سمعتها اعلمتنى ان كل هذه المؤسسة هى فى الحقيقة مملوكة بالكامل لزوجته الشيخة " وجدة " الشقيقة الكبرى للاسرة التى تتحكم فى مفاصل الوطن وابار النفط التى لا تنضب , عرفت انه الزوج الرابع , بعد ان فضل من سبقه الرحيل الى السماء , وانها تفوقه فى السن , فارق يقترب من العشر سنوات او ربما فى روايات مُغرضة آخرى الى اكثر من ذلك بكثير , لكن السلطة والمال يصنعان المعجزات , والشيخة على كل حال تعمل على دعم الشباب الناهض بنشاط ملحوظ .
    قالوا ان مكتبه من تصميم مهندسة ديكور ايطالية مشهورة , مزجت فيه بين اللون الابيض والاسود بطريقة انسيابية عبقرية , وقالوا انه حاول اقامة علاقة جنسية معها لكنها هددت بابلاغ سفارة بلدها لحمايتها منه .
    خرجت من عنده وانا احمل بعض الاوراق , قال انها مقال ! , طلب منى اضافة بعض التواريخ والأحداث والتحليلات التى اجدها فى الصحف الاجنبية , وان استخدم اسلوبى الادبى الخاص ! .
    نظرت لى " نهاد " فى حنان وترقب وانا اُغلق الباب خلفى
    - خير يا حمادة ؟ .
    - لا .. خير .. كل خير يا بت النيل .
    سهرت حتى الصباح فى كتابة المقال , كتبته باسلوب مُميز .. ووصلتنى انباء فى ظهيرة اليوم الثانى ان للشيخ " جاسم بن ظافر " مقال قوى عن الوضع فى المنطقة سوف يتصدر عدد الغد من الصحيفة اليومية .
    26 فبراير 1991 كان تحرير " الكويت " , وهو نفس اليوم الذى طلب منى فيه ان اتزوج عشيقته المصرية " نهاد الحلوانى " , بعد ان امرت الشيخة " وجدة " بطردها فوراً من العمل .
    - يمانيون فى المنفى
    ومنفيون فى اليمنِ
    جنوبيون فى صنعاء
    شماليون فى عدنِ .
                  

04-25-2018, 09:48 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)


                  

04-27-2018, 09:14 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    7

    1980

    اخبرت " مصطفى شكرى " عنها , عن اللقاء الاول , والجلوس فى مبنى الاذاعة , عن قفشاتها المرحة , عن شهرتها التى اندهشت لها , الجميع يتودد لها , ويسعى لالقاء التحية .
    كان هو كالمعتاد , مثل حكماء الديانة البوذية , قليل الكلام , يضع اصبعاً على شفته السفلى وينظر لك دون مقاطعة , يستمع لما تقول حتى الصباح
    - الناس ديل يا حمادة ما عندهم ضمير , واحدة غنية وزهجانة , ح تلعب بيك ولما تزهج بتشوف غيرك .
    دافعت عنها بحماس
    - الناس ديل برضو فيهم ناس كويسين زينا .
    - الطفيلية ما عندها اخلاق .
    - تانى رجعنا للسياسة يا باشا ؟ .
    - فى اخبار عن حملة اعتقالات كبيرة احتمال تبدأ من بكرة , نميرى خلاص انتهى , بقى زى الكديسة المزنوقة فى ركن , عايز يخربش اى زول عشان يتخارج .. تتخيل المجنون ده ممكن يعلن فى اى لحظة قوانين الشريعة الاسلامية .
    - ما للدرجة دى كمان يا درش .
    - لا , ممكن , الترابى ده ثعلب خطير .. بعدين انتا كمان اعمل حسابك ما تدخل لى فى قصص رومانسية وهبالات مع زوجة عميد فى الامن فى ظروف زى دى , ربنا يستر علينا ويستر على البلد , الايام الجاية دى ايام زفت .
    - ما تخاف انا ح اكون شهيد الحب والحرب والثورة , حاجة كده زى ابطال الثورة البلشفية بتاعين 1917 .
    - انتا فى النهاية مصيرك ح تكون رسبوتين القياصرة .
    فى الصباح اعتقلوه .. اخبرتنى زوجته " عزيزة " بنباء الاعتقال وبانها حامل فى شهرها الثالث .
    وانا وجدتها امام باب المدرسة .. تقف بثبات وثقة شديدة بالنفس , لم اتخيل , توقعت ان تنسى , تنسانى
    - ابتسام فيصل ترحب بكم يا اصحاب العيون الخضراء , وتقرأ على حضراتكم نشرة اخبار الثالثة .
    خفق قلبى , كاد ان يسقط
    - ابتسام ؟ .
    - ح م ا د ة , مش انتهيت من الحصص ؟ .. تعال انا راكنة العربية تحت شجرة .
                  

04-27-2018, 09:23 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    8

    1999

    امامى مدرسة ثانوية للبنات .
    وانا على شرفة زنزانتى , ارقبهن , استمع لصخبهن , للضجيج المُفتعل .. فى عيونهن اقبال على الحياة ورغبة فى المُغامرة , وشغف للفت الانظار .
    ادركت ان الحياة مثل القطار , ينزل منه الفرد فى المحطة المكتوبة على تذكرته , ويصعد الركاب الجُدد , يُواصلون السيرة والمسيرة , نزول وصعود لا ينتهى .. بلا معنى او مغزى ! .
    يقرأ اسمى المكتوب على الاوراق ثُلاثياً
    - حمادة الحاج نور العليم .
    - نعم استاذ .
    رفع راسه الضخم من على اوراقى المُبعثرة على مكتبه الابنوسى الفخم , توصية الشيخ " جاسم " لها مفعول السحر
    - وهسع يا حمادة لو الزول داير يدلعك يقول ليك شنو ؟ .
    - يقول لى محمد .
    - هاهاهاهاها .
    سخيفة , سمعتها مليون مرة .. والاستاذ الوغد الكبير " عصام الدين " يظن نفسه " محمد حسنين هيكل " السودانى
    - عمرك أأأأأأأأ , 46 سنة ؟ .
    - نعم استاذى .
    - تقريباً نحنا من نفس الجيل .
    نفس الجيل ! , يا ابن الـ .. , هل تظن الورنيش على شعرك سيُخفى تجاعيد الوجه المنتفخ ؟ .. انت يا ايها الوغد تحدثت مع " اسماعيل الازهرى " يوم رفع علم الاستقلال البائس
    - معليش يا حمادة سمعتا انك كنتا يسارى متحمس ايام الجامعة .
    - طيش شباب معاليك .
    - فعلاً .. فعلاً اليسارية دى زى العادة السرية , اى مثقف لازم يجربها .. هاهاهاهاها .
    - فعلاً زى العادة السرية .
    انت اكلت فى كل الموائد .. مقالاتك فى 1969 و 1970 احفظها عن ظهر قلب , تفضحك وتُعريك , يا ابن " فلاديمير اليتش " القديم
    - طيب وخليت الكتابة فى السياسة ليه ؟ .
    - لقيت يا استاذنا انو الكتابة الادبية والاجتماعية والمواضيع الخفيفة اقرب لى من السياسة .
    - بس السياسة عندها بريق , ونكهة خاصة .
    - كفاية فى السودان يكون فى استاذ الاجيال عصام الدين .. ما بقدر انافس قمم .
    ارتج الكرش الضخم من الفرحة ولمعت العيون خلف عدسات النظارة الطبية الشبابية - المنحط معبود النساء الساقطات -
    - انتا شاب مليان ذوق واحترام .
    - دى حقايق استاذى .
    جاء هذا الفيل ايام زمان الى الجامعة .. كنت ايامها عضواً نشطاً فى تنظيم يسارى .. وكان هو صحفى يعرض مؤخرته البديعة بعد الردة على رجال ثورة مايو الظافرة والمنتصرة بأذن الله .. هتفنا ضده وضربناه بقشر الموز والبرتقال .
    نظر لى بحدة
    - انتا وسيم , الصورة فى الجرايد بتظلمك .
    لم اسمع انه شاذ !
    - شـ شـ شكرا ده بس من لطفك المعهود .
    - لا والله , تعرف مرة كنا قاعدين نتكلم عن احلى صحفية , واوسم كاتب صحفى سودانى والناس جابت اسمك .
    هكذا اذاً انتهيت !
    - ودلوقتى يا اخينا حـ نشوفك كل يوم وده من حظنا السعيد .
    لم اسمع ان هذا الحيوان شاذ ّ!
    - شكراً يا شهاب الصحافة العربية .
    - بس معليش سؤال سخيف .. اول مرة اشوف سودانى عيونه خضرا .. مُركب عدسات لاصقة ولاّ شنو ؟ .. هاهاهاهاها .
    اكره ما اكره ان اضحك للنكتة السمجة .. مكانك الطبيعى ايها المهرج الكبير فى فرقة " الفاضل سعيد " للهيافة والاستعباط .
    ابتسمت تقديراً لخفة الدم المُفتعلة
    - دى من بواقى جدة تركية من جهة الوالد .
    - واللون الكاكاوى بتاع البشرة .
    - الوالدة اثيوبية .
    - والوالد ؟ .
    - جعلى من شندى .
    يُريد ان يعرف ؟ .. ام يُريد ان يتأكد ؟
    - يا اخى دى خلطة ما حصلت .. عشان كده العصير طلع ممتاز .
    هل هذا الفيل شاذ جنسياً ؟ .
    رتب اوراقى دون اهتمام كبير
    - انشاء الله تكون معانا فى صحيفة الشروق من الاسبوع الجاى , واعتبر من هسع الصفحة الاخيرة كل يوم جمعة بتاعتك , الشيخ جاسم ده انسان عزيز علينا يا حمادة .
    - ده شرف لى اكون تلميذك يا استاذى .
    قاعدة المادية الجدلية الجوهرية ؛؛ الجديد ينفى القديم ؛؛ , والامور تسير على ما يُرام , هذه الصحيفة مُمولة بشكل كامل من الدولة الخليجية التى كنت فيها , ومقالاتى مدفوعة الاجر سوف تستمر هناك بشكل اسبوعى , مُكافأة نهاية الخدمة .
                  

04-30-2018, 05:02 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    9

    1982

    تضع اصبعها على شفتي
    - الليلة 6/6 .
    - تعادل .
    - عيد ميلادك يا حمار .. كل سنة وانتا طيب , الهدية بتاعتك موجودة فى العربية .
    6/6/ 1953 .. شقاء جديد ظهر للعالم .. صرخة بائسة لانسان بائس .. هل يحتاج العالم لشخص مثلى ؟ .
    ابن الحبشية .. " لولو " الحبشية .. يا جسد تعذب تحت اجساد الرجال .. من هو ابى ؟
    - 29 سنة ؟ .
    - 29 زفت .
    - وانا 36 زفت , يا زفت .
    شمعتى على جسدك .. سنواتى .. اعياد ميلادى .. قرابينى وكل ما عندى اضعه هنا , على عتبات كهف افخاذك
    - اها .
    لو استمرت النشوة دون طعام وشراب ونوم وسياسة .. حتى نتحول هياكل عظمية .. النشوة يا " ابتسام " ورائحة العرق المخلوطة بالروائح
    - من بعد بكرة ما ح تشوفنى .
    افزع
    - ليه خير ؟ .
    - ا ل ع ا د ة , يا ح م ا د ة .
    دقائق الصمت بيننا كلام
    - عارف انا فى الجامعة كنتا ناصرية , قعدتا عضوة فى التنظيم سنة كاملة وبعد داك اعتزلتا الهيصة بتاعت السياسة .
    - والله العظيم ؟ .
    - والله العظيم , وكنتا بكتب شعر كمان .
    - بالجد يا ابتسام ؟ .
    - بالجد انتا قايلنى زولة سجمانة وما مثقفة زيك ؟ .. اقول ليك حاجة من اشعارى ؟ .
    - ياريت انا بحب الشعر شديد .
    - بس ما تضحك علي .
    - ما بضحك .
    - وعد ؟ .
    - اى والله ما بضحك .
    - الليلة يوم الدم
    ح تنور مشانق الشمس
    وين فجر الوطن ؟
    الناس تفتش عن شمس
    الناس تعاين للسماء
    دنقرتا نظرى على الارض
    يا ناس بفتش عن وطن
    راجل عجوز , عاين , ضحك
    يا بتى لو ضاع الوطن .. فـ من الصعب نلقاهو فى قش الزمن .
    صفقت فى فرحة
    - برافو بسبوسة .. برافو .. خطيرة .
    نظرت اليها وجدت سحابة من الكآبة على وجهها بدون اى مُناسبة
    - قصيدة عويرة ؟ .
    ارتجف صوتها عند السؤال
    - يا بت والله قصيدة حلوة .
                  

05-02-2018, 04:33 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    10

    2004

    الا " مصطفى شكرى " .. الا " مصطفى " يا ربى .
    على ردهة حوادث مستشفى الخرطوم , شاهدت من بعيد " عزيزة " تقف مثل تمثال اغريقى حزين فى ذهول , وابنتها " ميادة " تتلوى على الارض , هرولت نحوهما , سقطت اكياس الفاكهة على الارض داستها الاقدام , صوتى يتقطع
    - يا رب .. يا رب .. يا رب .
    اعرف , واخاف ان اعرف
    - يا رب .. يا رب .. يا رب .
    اصطدم بالناس فى طريقى وابعدهم عنى بكل عنف .
    صاحت عندما اقتربت
    - خلاص , خلاص , مصطفى مات يا حمادة .. مصطفى خلاص مات .
    لم افهم , لم استوعب , كأننى استمع الى اخبار قيام الحرب العالمية الثالثة .
    " عزيزة " اداب .. " حمادة " اداب .. " مصطفى " زراعة , ثلاثى الجبهة الديمقراطية الشهير .. جامعة الخرطوم وسينما النيل الازرق .. الشعارات البلهاء .. والشعب الاشد بلاهة .. المظاهرات .. و" مصطفى " ذات مرة ينتزعنى من براثن ايدي ؛؛ بتاعين الامن ؛؛ امام البوابة الرئيسية وانا فى حالة اغماء كاملة , رائحة البُمبان الخانقة واصوات طلقات نارية حية مُرعبة , والهتافات الموسيقية الخالدة التى تشق عنان السماء
    - للثكنات يا عساكر .
    - الجامعة جامعة حرة والعسكر يطلع بره .
    " مصطفى شكرى " عضو الحزب الشيوعى سابقاً .. سنوات الاعتقال والاختفاء والخروج الجريح
    - الماركسية انتهت .. لازم نفتش عن مفاهيم جديدة .
    الكوميديا السوداء .. خرج هو وبقيت زوجته " عزيزة " عضوة نشطة .. فرعون اركان النقاش مات فى مزبلة مستشفى الخرطوم !
    - لا .. لا .. ما بصدق يا عزيزة , لا .. لا يا عزيزة .
    تشبثت بكلتا يديها القويتين بقميصى
    - واااااى يا مصطفى .. واااااى .
    وعندما سقطت على الارض كان قميصى مُمزقاً بين اصابعها.. احاط بنا الناس من كل اتجاه فى شهامة لا تُطاق , بعضهم حمل " ميادة " , وبعضهم انحنى على الارض لحمل " عزيزة " , وانفضوا من حولى ! , انا الوحيد وقفت وحيداً , وقفت بـ الفانلة الداخلية وانا ابكى وانادى عليه مثل طفل فقد امه فى الزحام
    - يا مصطفى ماشى وين ؟ , ما عندى زول غيرك اتكلم معاهو .. حرام عليك ماشى وين ؟ .
                  

05-02-2018, 04:40 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    11

    1999

    بعد اشهر معدودة من العمل معه , " هنادى بتى " سقط صريعاً .
    ازمة قلبية حادة .. سقط تماماً بالقرب من مكتبه , سحب معه اثناء السقوط كل ما هو موجود على سطح المكتب الابنوسى الفخم , (.) تمثال افريقى من العاج , (.) جهاز راديو صغير , (.) المستندات ذات الاوراق الكثيرة , (.) وجهاز الهاتف اليابانى ابيض اللون .
    منذ اليوم الاول لعملى فى صحيفة الشروق وانا اُطلق عليه سراً اسم " هنادى بتى " .. هى ابنته الوحيدة , او على الاصح هى اخر من تبقى من الذرية الطالحة , الكبير " عوض " مات غرقاً فى رحلة ايام عيد , والاوسط " عابد " طفش فى بلاد الله الواسعة وانقطعت اخباره .. كل خمس دقائق كان المرحوم الوغد " عصام الدين عوض " رئيس تحرير جريدة الشروق الثورية يتحدث عن الابنة المعجزة
    - بتى طالبة فى السنة النهائية فى طب جامعة الخرطوم .
    - ماشاء الله استاذى , هذه الشبلة من هذا الاسد .
    يرتج الكرش الضخم من الفرحة , وتلمع العيون الضيقة خلف زجاج النظارة الطبية الشبابية
    - وانتا ما اتزوجتا لحدى هسع ليه يا حمادة .
    - ما لاقى زولة زى الدكتورة هنادى .
    - هاهاهاهاها.. يا سلام يا حمادة والله كمية الذوق الفيك تكفى بلد كامل .
    هى الخالق الناطق مثل المرحوم الوغد , فيلة مُتحركة , نفس جينات البلاهة
    - ممكن اقول ليك انسة هنادى ؟ ولاّ بتحبى اقول ليك دكتورة هنادى ؟ .
    - احسن تقول لى هنو .
    - حاضر يا هنو .
    ارتج كرشها الضخم من الفرحة ولمعت العيون الضيقة خلف زجاج النظارة الطبية غريبة الشكل
    - وانا ممكن اقول ليك حمادة بدون استاذ ؟ .
    - يا ريت يا هنو .
    اصبحت تاتى الى مقر الصحيفة اكثر من العاملين فيها
    - هنادى بتى بتسلم عليك .
    - حمادة يا اخى ما تساعد هنادى بتى فى الترجمة .
    ننفرد سوياً فى المكتب
    - انا يا هنو عندى مشكلة فى ترجمة المصطلحات الطبية .
    - انتا بس ورينى الحاجات العارفها .
    تضع نهدها - ثمرة البطيخة الصيفية الكبيرة - على كتفى وهى تتنفس بعمق
    - هنو لا .. كده غلط , انا زى ابوك .
    - معليش ما قادرة .. انا بتعذب .
    لديها لثغة طفولية فى نطق بعض الحروف
    عندما كانت تنطق جملة ؛؛ انا بتعذب ؛؛ كنت اتخيل ان الوغد شخصياً هو من يضع ثمرة بطيخه على كتفى
    - هنادى بتى بتشكر فيك كتير يا حمادة وقالت هى ما فهمت الا منك .
    - لا شكر على واجب .. نحنا تحت الخدمة .
    صراع المنشية و القصر قصم ظهره
    - يا جماعة الحاصل شنو ؟ .. يعنى كده شيخ حسن طار ولاّ شنو ؟ .
    فى ثالث ايام الخلاف الشهير انزل مقاله حول مفاهيم الخلاف داخل الاسرة الواحدة الكبيرة وتحدث فى غباء عن ضرورة تجاوز الازمة وان السودان فى حاجة الى جهود " حسن الترابى " و" عمر البشير " معاً .
    فى ظهيرة نفس اليوم جاءت مكالمة قصيرة للغاية من جماعة القصر , ومكالمة اكثر طولاً من جماعة المنشية , ادرك بعدهما الوغد الكبير انه قد دخل المصيدة
    - حمادة , حمادة .. تحليلك للوضع السياسى شنو ؟ .
    - والله يا استاذى انا بعدتا عن السياسة لى فترة طويلة وما بقدر أأأ....
    يُقاطعنى فى انفعال
    - معقول , معقول تكون مسرحية ؟ .. الزول يقيف مع منو ؟ .
    فى يوم وفاته مر من امامى دون ان ينظر لى
    - صباح الخير استاذى .. دكتورة هنادى كيف ؟ .
    - كويسة يا حمادة , كويسة .
    ارتفعت الهمهمات عن الاقالة
    - الزول ده ركب التونسية , اصحاب الجريدة كانوا مراهنيين على حسن الترابى , وبعد كده لازم عصام الدين يزح ويجى احتمال فى رئاسة التحرير نوح جمعة لانو عندو علاقة كويسة مع على عثمان محمد طه .
    ارتفعت الصرخات فى مكتب الوغد الكبير وهو يستقبل مكالمة الاطاحة به من رئاسة التحرير , سقط بالازمة القلبية
    - معليش ما قادرة .. انا بتعذب .
                  

06-18-2018, 05:50 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    12

    2005

    - الو .. عمو حمادة , الحقنى ماما تعبانة شديد .. الحقنى بسرعة عمو .
    منذ رحيل " مصطفى " , و " عزيزة " نُعانى تدهور صحى مُتعاقب .. صدمة الرحيل قاسية ومُوجعة , هو الذى اعطنا انا وهى معنى جديد , غريب , مُختلف , للحياة .
    لو تعود تلك الايام ! .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
    احياناً عندما كنت اعود فى اجازاتى المتباعدة من الخليج , كانت " عزيزة " تُدبر لنا اللقاء ويخرج هو من الاختفاء لمقابلتى
    - لسه ما زهجتا من النضال يا مصطفى ؟ .
    يضحك ويمسح فخذى بيده الرقيقة
    - لسه يا حمادة .. انتا عامل شنو فى الخليج ؟ .. طبعاً هناك مافى يسار .
    - هناك فى بترول وقروش , مصطفى انا ممكن اشوف ليك طريقة انتا وعزيزة وميادة .. كفايك بهدلة وضياع عمر فى كلام فارغ .. يا مصطفى حرام عليك الايام بتجرى .
    - معاك سجاير مستوردة ؟ .. مشتاق ليك يا ابو عيون خضرا يا عواليق .
    يُغير الموضوع ويتهرب
    - اعمل حسابك الناس ديل لو لموا فيك بقتلوك .. وبعدين وشك اصفر كده ليه ؟ .. ناس الحزب الخراء ديل ما بيأكلوك ولاّ شنو ؟ .
    ينظر لى فى حيرة واندهاش
    - انتا اتغيرتا كتير يا حمادة ! .. رغم كده انتا اكتر واحد بحبو فى حياتى , عندى يا سيدى مشاكل التنفس الانتا عارفها , ما اكتر من كده .. تعرف يوم من الايام ممكن اموت بعدم التنفس .
    - عليك الله تعال معاى الخليج .. كفاية سياسة وزفت .
    - لا يا حمادة , لا .. انا لو طلعتا بره السودان شبر واحد ممكن اجن .
    - فى مليون الف شيوعى قاعدين بره مرتاحين ومواصلين نضالهم زى الترتيب .. اشمعنى انتا دينك يطلع براك هنا ؟ .
    - ديل قاعدين بره لانهم ما مصطفى شكرى .. وبعدين تعال هنا يا ود الـكـلـب انتا ما اتزوجتا لحدى هسع ليه ؟ .. اوعا المكنة بتاعتك تكون باظت .
    لم تتغير كثيراً , نفس الجمال , نفس طريقة الكلام , نفس الجدية فى التعامل مع الحياة
    - عزيزة مالِك سلامتِك ؟ .
    - ميادة يا حمادة .. ميادة اتقدم ليها واحد عايش فى استراليا وعايزة تمشى تعيش معاهو هناك .. اعمل شنو ؟ .. يعنى لا القى مصطفى , لا القى ميادة ! .
    هى الحياة يا عزيزتى " عزيزة " .. هى الحياة اللذيذة .. كلنا لها فى النهاية , فى نهاية المطاف تنغلق الدائرة العبثية علينا باحكام ونتخبط فى ظلام الوحدة .. يوم لا ينفع مال , لا اهل , لا ابناء , لا احزاب .. ننزل الى لحد القبر وحدنا .. ينسانا الناس , وتتبول الكلاب على شاهد قبرنا
    ذات مرة فى ازمنة سحيقة ضربونا بالبُمبان , سقطت العبوة جوارى تماماً وانفجرت فى ازيز , لم استطع الرؤية اصابنى شلل بصرى , سقطت على الارض ومن المجهول امتدت فجأةً يد طرية وعفية من بين سحابات الدخان كريه الرائحة
    - انا عزيزة يا حمادة , انا جنبك ما تخاف غمض عيونك .. زول يجيب قميص مبلول بـ موية .
    مددت لها يدى
    - ما تخافى يا عزيزة انا جنبك ,, خلى ميادة تختار حياتها .. غمضى عيونك وحاولى تنومى انتى تعبانة .
    اين انت يا " مصطفى " ؟
    - الزملاء والزميلات .. الجبهة الديمقراطية تدعوكم الى ركن نقاش حول الوضع السياسى الراهن .
    ليرحمنا الله جميعاً .
                  

07-25-2018, 05:25 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

07-28-2018, 03:25 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    13

    2002

    عندى فى يوم الجمعة طقوسى الخاصة منذ عودتى من الخليج .
    ابدأ يومى بالاستماع لصوت " عبدالباسط عبدالصمد " وهو يتلو القرآن .. يجعل الصوت من هذا اليوم يوماً شجياً .
    كثيراً ما حاولت ان اُصلى ولكننى فشلت ! , حتى اننى لا تذكر الان كيفية الصلاة الصحيحة وكيفية الوضوء بالترتيب المُفترض !, كم عدد الركعات فى كل صلاة ؟ , والفرق بين صلاة الجهر والسر ؟ .
    عند عودتى النهائية لارض الجحيم , اشتريت من الخليج سجادة صلاة فارسية غالية الثمن وسبحة من الكهرمان , والمصحف المرتل بصوت البديع " عبدالباسط " .. قررت ان اتصوف , ان انتمى .. نعم , مُشكلتى هى عدم الانتماء لشيء , اى شيء .
    اضع السبحة الكهرمان حول رقبتى
    - دى شنو الموضة الجديدة دى كمان يا حمادة ؟ .
    - انتا يا مصطفى زول مُلحد , ما بتفهم فى الحاجات الروحية .
    - وهى الحاجات الروحية الا الزول يلبس سبحة فى رقبتو ؟ .
    - عايز اخش الطريقة السمانية .
    - الا مُنتمى يبحث عن الانتماء .
    يضع يده على جُرحى المتعفن بالصديد
    - انا جاد .
    - واشمعنى يعنى الطريقة السمانية ؟ ليه ما العركية او التيجانية ؟ .
    - عشان ناس الطريقة السمانية قريبين من شقتى .
    - هاهاهاهاها.. خلاص بالله اعزمنى فى الحضرة عشان اضرب الزلابية وشاى اللبن .. هاهاهاهاها .
    - اصلو الزول ما يتكلم تانى معاك فى موضوع جاد .
    احسد اصحاب الطرق الصوفية , القناعة والايمان الراسخ الذى لا يتزعزع , جذورهم راسخة فى الارض السمراء بكل اقتناع وبلا طموح او تنطع , احسدهم انا الهوائى فى تهويماتى العجيبة .
    اجلس على سجادتى الفارسية غالية الثمن
    - يا رب عايز اصلى .. عايز الايمان يخش قلبى .. يا رب عايز ارتاح .
    الدعوة لا تُستجاب , لا تصل حتى الى السماء !
    - شوف ليك جمعية بتاعت اطفال مشردين ساهم فيها , او اتبنى ليك طفل يتيم , كده ممكن تلقى جرعة روحانية وانسانية انتا مُحتاج ليها .
    - عايز اصلى يا مصطفى , عايز اصلى , انا تعبان شديد .
    - شاعر بيك .. والله العظيم شاعر بيك يا حمادة .. بس للاسف ما عندى حل او اجابة .
    - عايز اصلى .
    - يا حمادة ما تعمل لى صداع , اهى ديك الماسورة امشى اتوضأ وصلى .. ما عايز امام ؟ .
    - علي الطلاق يا اخى انتا زول مُلحد ود حرام ساكت .
    - هاهاهاهاها .
                  

07-28-2018, 03:36 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    14

    2001

    - معاى زول بره .
    - زول ؟ .. زول منو ؟ .
    " نجوى كمبال " اصبحت تعرف مواعيد تواجدى فى الشقة .. اتركها تأتى كيفما اتفق لها , تغيب بالشهور وتظهر .. تتعرى وتتجول , " طرزان " فى غابته الابدية بدون قطعة الجلد التى تُغطى نصفه الاسفل .. اصبحت بالنسبة لى تسلية , بوهيمية مثل شِعرها , غجرية تتمنى ان تكون حلبية تسكن الخيام وتتسول بالقرب من الجامع الكبير , تتسكع وتمارس الجنس مع العسكر فى ميدان عبدالمنعم القديم
    - واحد اسمو الكنج .
    - وده كمان كنج فى ياتو مملكة ؟ .. احنا مش دولة جمهورية ؟ .
    - ده زول بتاع ورنيش , من حزام الفقر الافريقى واقف تحت .
    - وعايز منى شنو بتاع الحزام والورنيش ؟ .. ما عندى جزمة عايزة تتورنش .
    - خلى خفة الدم دى .. الزول ده امنية حياتو انو يمارس جنس مع زولة شمالية , ودى حاجة من حقو لاننا على ما اعتقد دولة مُوحدة بمنطوق الدستور .
    - وانتى قررتى تقومى بالمهمة الدستورية دى نيابة عن الشماليات ؟ .
    - بالظبط كده .
    - نجوى كمبال .. الجنون عندو حدود , انا شقتى ما بيت دعارة .. عايزة توحدى السودان وتتشـرمـطـى , شوفى ليك خرابة فاضية او اى مكان تانى , ما تكررى الحركة دى تانى معاى هنا , مفهوم ؟ واتفضلى اطلعى بره .
    - برجوازى مُخنث رقيع .. تـافـه .. شمالى حقير , اتفو عليك .
    بصاقها ارتطم بوجهى
    - اطلعى بره يا زبالة , يا منحطة .. بره .
    دفعتها بقوة , اختل توازنها, سقطت , وارتطم راسها بعنف على مقبض الباب الخارجى , نهضت ووجهها تُغطيه الدماء
    - ده دم ؟ .. حيوان , حيوان وسـخ .
    اخذت تبكى وهى تضربنى بحقيبة يدها الجلدية على وجهى .. احتضنتها
    - انا اسف نجوى .. انا اسف .. ما كان قصدى .
    - زح منى .. زح منى .
    حملتها بين ذراعي , ريشة صغيرة ضائعة تتخبط فى دوامات رياح ترابية لا ترحم .. ضحية من ضحايا هذا الوطن الغبى .. ايها الوطن الحقير ها هى قرابين التعاسة تحترق على ايقاع عزف سلامك الجمهورى
    - تعالى اغسل ليك الدم واشوف لو كان جرح كبير نمشى مستوصف .. انتى لسه بت صغيرة , ليه البشتنة دى يا نجوى ؟ .
    اخذت تترنم شعراً وهى دائخة !
    - من يفهمنى فى هذا العالم ؟
    انظر كم فرداً فيه
    كم انسان ؟
    لكنى احتاج لفرداً واحد
    يا هذا العالم احتاج لانسان
    هل اطلب لبن الطير ؟ .
    - لا حول ولا قوة .. ده ما وقت شِعر , دنقرى راسك فى الحوض عشان اغسل ليك الدم .
    - جسدى ملك للفقراء
    ادفع فاتورة هذا القبح
    يا هذا القبح .. هذا جسدى
    فتعال لتغسل قبحك .. يا قبح .
    - انتى الظاهر حصل ليك ارتجاج فى المخ , غسلى البلوزة من الدم بسرعة عشان نمشى اقرب مستوصف .
                  

07-29-2018, 09:56 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    15

    1999

    - شوفتا الـمنحـط ده عمل لى شنو ؟ .
    - خلاص استاذى .. حصل خير .
    - انا الزول التـافـه ده يضرب لى يدى وما داير يسلم .. هو قايل نفسو شنو ؟ .
    واقفين كنا خارج نادى الضباط .. دعوة للاعلاميين بمناسبة عودة شاعر تقدمى كبير عارض نظام مايو بجسارة مُتناهية .. وخرج من السودان بعد 1989 , وبعد ان ادرك ان النظام العسكرى الثالث لن يسقط بعد ان سقطت اسنانه وانحنى ظهره من صقيع كندا , عاد يُجرجر اذيال الهزيمة والخيبة ويتمسح فى افخاذ السادة الجُدد .. النظام فرح به , وقرروا تكريمه , مارس كل العهر الموجود فى الدنيا من اجل ان يُقنع جمهوره الحبيب بان البطولة كانت فى معارضة نظام مايو , وان البطولة الحقيقية الان تتجسد فى التعاون مع حقبة الانقاذ ضد الاستهداف الخارجى الطامع بطبيعة الحال فى ثروات هذه البلد الطاهرة .
    ذهبت مع رئيس تحريرى الوغد الكبير " عصام الدين "
    - يا حمادة لازم تعرف الناس , اهم حاجة فى الصحافة العلاقات العامة , هى راسمال الصحفى الحقيقى .
    عندما دخلنا النادى , كانت جميع الوجوه المشبوهة موجودة , الشامى على المغربى , ثعابين مهارة فى تغيير جلودها , وجوه تبتسم فى سعادة غامرة وتتحدث عن مخاطر العولمة على القيم الاسلامية السمحة .
    عندما دخل الشاعر الكبير ضجت القاعة بالتصفيق وهرول الجميع للمصافحة , جلست فى مقعدى ارقب مسرح العبث هذا واقول لنفسى
    - مثقف سودانى اصيل , يواصل مسيرة السلف فى الزحف المقدس نحو طريق التعـريـص العريض .. من سيبقى فى اليسار اذاً , والجميع يشدون الرحال نحو اليمين ؟ .
    عندما حان دور استاذى الصحفى الخطير فى تقديم فروض الولاء والطاعة لنجم العهد الجديد , ضرب الشاعر التقدمى الكبير يده بعنف
    - انا ما بسلم على المايويين .. ابعد يدك الملوثة بدم ابناء الشعب السودانى .
    ولان الجميع ايديهم ملوثة بالدماء , فقد تكهرب الجو وحدثت ضجة .. خرج استاذى وهو يسب ويسخط
    - شوفتا عمل شنو ؟ .. عايزك تنبذو بكرة فى مقال .. انا عارف فضايحو كلها .
    - خلاص استاذى .. حصل خير .. ده اصلو انسان كـلـب .
    انفجرت الدموع فى الوجه السمين
    - ديل كلهم ناس تـافـهين .. كلهم دايرين يبيعوا .. كلهم والله العظيم يا حمادة .. الفرق بس فى التوقيت , فى ناس باعت وهى لسه شباب , وفى ناس قررت تبيع بعد ما وصلت الستين .
    وضعت يدى اربت على كتفه
    - انا بعرف اربى الواطى ده كيف , انا عصام الدين عوض بعرف اتعامل مع الاشكال دى كويس .
    عندما ذهب بسيارته .. وقفت وحيداً امام بوابة النادى .. بدأ الشاعر التقدمى فى القاء قصيدة قديمة مشهورة , كانت قديماً طازجة وكانت تلهب حماسنا ايام الجامعة , اصبحت الان جافة مثل رغيف الخبز البايت ! .
    جلست على مُقدمة سيارتى من الخارج
    - حكمة اليوم .. فى ناس باعت وهى لسه شباب , وفى ناس قررت تبيع بعد ما وصلت الستين .
    لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
                  

08-23-2018, 06:56 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    16

    2003

    - معقول ! , نجوى كمبال شخصياً ! .
    - شخصياً .. مُمكن ادخل ؟ .. ولا برضو ح تطردنى ؟ .
    - اطردِك كيف ؟ .. انا مُشتاق ليك شديد .
    كانت شاحبة وهزيلة .. تحمل آطارين من الخشب تُغطيهما بورق صحف يومية
    - عندى ليك هدية .. عيد ميلادك كان قبل اسبوع مش كده ؟ .
    - مُتذكرة يوم عيد ميلادى ؟ .
    اشعر بالذنب منذ اليوم الذى دفعتها بقسوة , اثر الجرح القديم ما زال واضحاً اعلى حاجبها الايسر
    - وغطسانة وين الزمن ده كلو ؟ .. رجعتى مدنى ؟ .
    - قاعدة فى الخرطوم التعيسة .
    بدات فى التجرد من الثياب .. تعجبنى حركاتها وهى تُلقى بالثياب بعيداً على الارض فى اهمال لذيذ
    - لسه عندك ضعف جنسى ؟ .
    - احتمال اكون اتعالجتا .
    وقفت عارية تماماً بعد ان كورت اخر قطعة من ثيابها الداخلية بين يدها والقت بها بعيداً
    - عايزة حمام بارد وكباية قهوة تقيلة .
    جلست امامى تتمطى مثل قطة صغيرة
    - انتى بتحبى تقلعى هدومك ليه ؟ .
    - الهدوم دى يا عزيزى مسألة متخلفة , انتا عارف الناس دى بتلبس الهدوم لشنو ؟ .
    - افتينا يا شيخة .
    - الهدوم دى اساساً عشان المناخ , يعنى تحميك من البرد والشمس وكده , ومادام الزول قاعد فى جو لطيف معتدل مافى داعى للهدوم .
    شعرت فجأة برغبة قوية ان اعتصر شفتيها , جذبتها نحوى وقبلتها
    - لا , انتا الظاهر عليك اتعالجتا بالجد .
    - عارفة يا نجوى , واحد من اتنين يا اما الناس دى كلها مجنونة وانتى العاقلة الوحيدة , او العكس .
    جذبت بنطال الجينز من على الارض واخرجت علبة السجائر , اشعلت واحدة
    - لسه زعلانة منى ؟ .
    اطلقت من فمها سحابة كبيرة من الدخان
    - عادى .. فى بلد متخلف رجعى زى السودان الزولة ممكن تتوقع اى حاجة , احنا بنعيش فى مجتمع ذكورى مُغفل .. عاين هديتك .
    جردت الآطارين من ورق الصحف
    - دى يا سيدى اللوحتين الرسمتهم فى حياتى .. لو بتحب الفن التشكيلى .
    شعرت بامتنان غريب نحوها
    - يا الله , يا نجوى دى هدية قيمة جداً , اشكرك عليها .
    - اعمل ليك قهوة معاى ؟
    - يا ريت .
    اعطتنى ظهرها وهى تتجه للمطبخ لديها جسم بديع ومُؤخرة صبيانية صلبة ومُتماسكة فى تحدى وقـح .. جاء صوتها من هناك
    - البن والسكر وين ؟ .
    - فوق راس التلاجة .
    شعور غريب .. ان تسمع صوت انثى تتحدث معك من المطبخ .. شعور غريب , ان تأتى الى انفك رائحة قهوة تصنعها لك انثى , وانت تُحدق بغباء فى لوحة فن تشكيلى بدون ؛؛ راس او قعر ؛؛ ! .
    جاء صوتها من جديد
    - ممكن ابيت معاك الليلة يا عمو ؟ .
    رددت بسرعة كأن شخص اخر هو الذى يتحدث
    - يا ريت يا نجوى , انا زهجتا من النوم براى .
    - بالمناسبة , انا خلاص اتخرجتا واتخارجتا من الجامعة ومن سخافة التعليم الاكاديمى الرسمى الفارغ .
                  

08-23-2018, 07:16 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    17

    1992

    منذ الايام الاولى لزواجى من المصرية " نهاد الحلوانى " , اكتشفت كم هى مسكينة ومكسورة الجناح .. من طنطا تلك المدينة الفلاحية فى الوجه البحرى .
    قالت ان زوج امها الضريرة تسلل يوماً الى فراشها - حصيرة على الارض - , وهى طفلة وجعل الدم يسيل بين فخذيها
    - عارف يا حمادة كان عندى حداشر سنة , بس كنت زى فلاحات طنطا جسمى اكبر من سنى .
    زوج امها فحل زنيم , يمتلك دكان خردوات , يعشق الحشيش , وفى ساعات الصهللة والمزاج العالى يُصبح زبوناً دائماً للطفلة التى تنام على الحصيرة
    - دلوقتى لما اتذكر الايام دى , مش عارفة سكت ليه ؟ .. يمكن اكون كنت خايفة انو امى تعرف .. او يمكن اكون كنت عايزة الحاجة اللى هو بيعملها .. مش عارفة .
    جدعة , اصيلة , علمت نفسها بنفسها , ودخلت معهداً للسكرتارية
    - عندى دبلوم عالى ودرست فرنساوى وانجليزى , لما كنت فى المعهد حبيت استاذ عبدالمنصف المحامى .. اول واخر حب فى حياتى , كان انسان وسيم وبسيط وطيب , هو اساساً صعيدى من سوهاج , لبست الحجاب عشان خاطرو .. فى يوم اعتقلوه بتهمة انو من الاخوان المسلمين , ومات من التعذيب فى مباحث امن الدولة .. متعرفش ده عمل فى نفسى شرخ اقد ايه .. كرهت مصر وحسنى مبارك .
    تصنع شاياً مصرياً رائقاً , يجعلك تشتاق لان تسمع " ام كلثوم " وانت ترتشفه
    - بكره الخليج , وبكره مصر , وبكره اى دولة عربية , عايزة اسافر فى دولة محترمة .. بلد ما يكونش فيها جوز امى او الشيخ جاسم .
    وجه ابيض ناصع .. ابنة شعب تعرض للظلم والاضطهاد عبر مسيرة الـ 7000 سنة حضارة
    - فضلت ازن فى ودن عبدالرحمن اخويا عايزة اجى الخليج جنبك واشتغل , شاف لى الشغلانة دى , قلت فى نفسى يا بت احمدى ربك واعملى لنفسك قرشين سافرى بيهم اى دولة محترمة بعيد عن التخلف والوساخة .. من اول اسبوع وحياتك الشيخ فارس ابن الوسـخة مسك بزازى وهو بيتكلم معايا , يا كده يا ارجع للبهدلة وقلة القيمة فى مصر .
    عاشت مصر والسودان تحت تاج سحق الاحذية الخليجية .. ليست اللغة ولا الدين او النيل والتاريخ الطويل والمصير الواحد .. العامل الرئيسى بين الدولتين هو سحق كرامة ابناء ادم الاعزاء بين الدولتين الشقيقتين
    - عارف يا حمادة , الانسانة مننا لو اقدرت تعيش فى ظروف محترمة عمرها ما تنحرف .
    مشغولاً عنها كنت اكتب المقال الجديد ؛؛ حقوق الانسان فى الاسلام بين الواقع والتطبيق ؛؛ .. بقلم الشيخ " جاسم بن ظافر " .
                  

09-11-2018, 08:51 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    18

    1997

    درش الوغد .
    وضعت يدك فى جرحى , عندما سألتنى عن التغيير الذى حدث ويحدث لى فى خطابك الاخير .
    هل تتذكر مقولة ذلك الفيلسوف ؟ , بان الانسان لا يقفز فى نفس النهر مرتين .
    انا هنا فى غربتى وعزلتى المجيدة عن الناس والحيوانات والاشياء التى تدور من حولى , دحضت تلك المقولة بكل بساطة .
    قلت , وهل يكن الانسان الذى يقفز هو نفسه كما كان عند القفزة الاولى ؟ , بعد سنة او بعد ايام .
    اذاً فان المقولة خطأ من الاساس , هى قفزة واحدة فقط , بعدها يتغير نفس الانسان ويتغير نفس ماء النهر , علاقات غرامية جديدة , اراء سياسية جديدة , وربما دين جديد وعلاقات جنسية جديدة , وطبيعة عمل مُختلفة .
    هل فهمت ما اقصد من كلامى المسطول هذا ؟ .
    انظر ماذا تفعل الرياح فى الجبال , وماذا تفعل المحيطات فى اليابسة .. فى صبر ايوبى بديع يُغيران وعبر ملايين السنين ما كنا نظن انه ابدى وخالد " تضاريس الجغرافيا الخلابة " , تنقرض انواع من الكائنات وتكتسب حشرات وآفات مناعة ضد المبيدات .
    التغيير سُنة الحياة يا درش , باسثناء الانظمة القمعية التسلطية فهى فرض مُؤكد بالاجماع والقياس ! .
    خلعت حذائى وسرت فى صحراء الربع الخالى ابحث عن الكليات , تركت لكم الجزئيات (.) اسقاط النظام (.) تحقيق وتحقق الاشتراكية (.) تعديل قانون الاحوال الشخصية (.) التعليق الفكرى الجاد على خطاب الرئيس الاخير ومُقارنته بعشرات الالاف من خطبه السابقة , الخ .
    كلها ما عادت تهمنى , خلعتها مع حذائى ولم اقفز فى النهر لاننى لا اعرف السباحة .
    ابحث عن ابتسام فيصل خليل وعن رائحة عضوها التناسلى فى ايام حيضها وايام طهرها .. وعن اجابات للكليات , وهذه هى حياتى بكل فخر وبدون اى تنطع وطنقعة فارغة , وانا حر فيها .
    بالمناسبة , قرأت قبل ايام عبارة مسيحية اعتقد انها من الانجيل , عذبتنى وارهقتنى يا درش , فهل هى الاجابة الصحيحة لما ابحث عنه :-
    ( باطل الاباطيل والكل باطل وقبض الريح , ولا منفعه تحت الشمس ) .
    / حمادة / .

    (عدل بواسطة shaheen shaheen on 10-24-2018, 11:45 AM)

                  

09-11-2018, 04:46 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    19

    2005

    اليوم هو يوم زواج " ميادة مصطفى شكرى " انطق الاسم ثلاثياً لاعرف انها ابنة الغالى .. يوم واحد فقط وكان من الممكن ان تكون ابنتى انا
    - عزيزة عايز اتكلم معاك فى موضوع .
    فى لحظة شجاعة نادرة قررت ان ابوح لها , وليحدث ما يحدث
    - معليش يا حمادة بعد المحاضرة ماشية زراعة , مصطفى قال عايزنى ضرورى .
    يوم واحد فقط وكنتى ستصبحين زوجتى يا " عزيزة "
    - مصطفى طرح لى يا حمادة .
    - طرح ليك كيف ؟ .
    - قال انو بحبنى .
    القلب النازف اصلاً , ازداد نزفاً .. قلب ابن الحرام الموجوع من الدنيا .. ابن " لولو " الحبشية
    - ووووانتى رايك شنو ؟ .
    - محتارة .. ما عارفة .. اصلى ما اتخيلتا انو مصطفى ممكن يحبنى .
    - يازولة مصطفى ده انسان راقى وابن ناس .. والف زولة تتمنهو .. انا شخصياً لو كنتا بت كنتا حبيتو .. هاهاهاهاها .
    بيننا حواجز الطبقات , انا أبن الحبشية , العبد الفقير لله مجهول النسب .
    والان ماذا يا موجوع ؟ .. " حمادة " اداب , " عزيزة " اداب , و " مصطفى " زراعة .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .. اوجعتنى يا حبيبى " مصطفى " , اوجعتنى .. دون ان تدرى طعنتى فى الصميم يا صديقى , يا ابن الموردة يا شيوعى .. كانت حلمى الشخصى والخاص جداً ابنة الطبيب الشهير " راشد الفاضلابى " .. " عزيزة راشد الفاضلابى " , زهرة جامعة الخرطوم , قصيرة القامة , شعر ينسدل على الاكتاف , عيون مُستديرة شديدة السواد , وثقة فى النفس تُعطى الجمال الانثوى بريقاً خاصاً .
    اليوم زواج " ميادة ".. العريس خروف استرالى حقير وسمين .. واحد من تلك الـكلاب السودانية التى اخذت حق اللجوء السياسى دون ان تعرف حتى معنى السياسة او الوطن .. جاء يتحدث انجليزية شوارع ثقيلة ويستعرض فى حماقة الجواز الاجنبى .. فى المقابلة الاولى اخذ يحشر بين اضراسه كلمات انجليزية دون اى مُبرر , و" ميادة " المسكينة مبهورة بهذا الـ " مايكل وست " السخيف .. شعرت برغبة مجنونة فى كسر انف استعراضه القذر
    - بالمناسبة انا وعزيزة عندنا ماجستير فى اللغة الانجليزية .
    عندها عاد الى قواعده سالماً مُتحدثاً لغة القرآن الكريم بلهجة ابناء الجزيرة
    - وشغال شنو هناك يا ابنى ؟ .
    - شغال فى شركة كبيرة .
    - شركة بتاعت توزيع بيتزا ؟ .
    - لا .. استيراد وتصدير .
    - ماشاء الله عليك رافع راس البلد .. وانتا ماسك الاستيراد ولاّ التصدير ؟ .
    عرف اننى اسخر منه .. كـلاب اللجوء السياسى .. ماسحى المراحيض العمومية , مُنظفى بصاق الخواجات فى الشوارع .. كلاب اللجوء السياسى , زبالة المجتمع السودانى , يحفظون عشر كلمات من لغة اجنبية ويمتلكون جواز سفر اجنبى ويعتقدون انهم انبياء الله فى التحضر والثقافة ! .
    فى يوم العرس واصل الخروف الاسترالى ابهار الغلابة بنقود مسح مراحيض سيدنى الخاصة والعامة , صالة افراح باهظة الثمن , وفنان مشهور بالشذوذ غالى الثمن فى الجنس والغناء .. " عزيزة " كانت جميلة فى ثوبها الوقور , تبتسم دون اى مناسبة
    - حمادة ما تخلينى براى .
    كانت خائفة من فراق ابنتها الوحيدة ربما الى الابد .. " عزيزة " اداب , ذات مرة قال لها خواجة فى محاضرة عامة
    - انتى يا سيدتى تتحدثين الانجليزية افضل من الملكة اليزابيث شخصياً .
    اهل الخروف كانوا مُحتشدين فى صالة الافراح , معجبين بانجازات ابنهم العظيم ماسح خراء الاستراليين فى جمع النقود واختيار اليمامة .
    انحنيت عليها هامساً
    - بالجد راجل بتك ده عايش فى استراليا .
    - ليه ؟ .
    - اصلو بنطط فى الرقيص زى الكنغر .
    ضحكت تلك الضحكة القديمة الصافية .. ضحكة ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
    فجأة ودون مقدمات نظرت فى عيونى مباشرةً وهمست لى
    - بالمناسبة انتا لسه وسيم زى زمان يا حمادة .
    يوم واحد فقط وكنتِ ستُصبحين زوجتى يا " عزيزة راشد الفاضلابى " .
                  

09-15-2018, 09:54 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    20

    2006

    عجوز تماماً انت الان يا " حمادة " .
    عجوز ووحيد .
    لا زوجة , لا اطفال .. كم تبقى من العمر ؟ , وكم تبقى للقبر ؟ .. سنة ؟ , سنتان ؟ , ايام معدودة ؟ .
    اثناء التصفح الروتينى للصحف التى صدرت اليوم , جحظت عيونى , والخبر امامك يتراقص صغيراً على الصفحة الاخيرة .. السطور تتداخل .. صدق او لا تصدق ! .
    ؛؛ يُرحب الاعلاميين السودانيين بالعودة النهائية للاعلامية السابقة والقديرة د/ ابتسام فيصل خليل , بعد هجرة طويلة فى الولايات المتحدة الامريكية , مبروك الدكتوراه , مبروك العودة لارض الوطن الحبيب ؛؛ .
    يا الله .. يا الله يا " بسبوسة " .
    تعود " ابتسام " وهى فى التاسعة والخمسين من العمر ! .. عجوز مثلك يا دكتورة .. تسربت عقارب الساعة .. نضبت العادة الشهرية .. توارت النشوة خلف الباب .. مد الفراغ لسانه , الا جدوى , والا معنى .
    " د/ ابتسام فيصل خليل " تعود لارض الوطن التعيس .
    يا فرحتى ما زلت احيا .
    - ثنية لو فاضية عايزك شوية .
    هى التى تعرف جميع اسرار وفضائح قبيلة الاعلاميين .. " ثنية " المسكينة تعرف من صعد على الاكتاف وكيف صعد .. تحفظ اسماء الصحفيات , تعرف من خلعت سروالها الداخلى لرئيس التحرير , وكم مرة خلعته , وكم كان الثمن , مُصيبة مُتحركة تمشى على قدمين , هى التى تجعل من ساعات عملى فى جريدة الشروق ساعات مُحتملة
    - الشمارات شنو يا ثنثن ؟ .
    تكفى حتى اعرف ما يدور داخل الدهاليز فى الخرطوم , واعرف تفاهة الاسماء الرنانة
    - الزول الكريه داك بتاع عمود للشرف والامانة .. قبضوا مراتو مع طلبة من جزر القمر بيدرسوا فى جامعة افريقيا العالمية .. لكن الجماعة الطيبين طفوا الموضوع بسرعة عشان هو محسوب عليهم .
    - وهى المعفنة دى ما لقت غير ناس جزر القمر المضربوين بالفقر والايدز؟ .. مش كان اخير ليها الطلبة الخليجيين ؟ على الاقل كانت لقت ليها قروش بالعملة الصعبة .
    - تقول شنو , هى ذاتها صعبة فى القصص دى .. الظاهر بتحب الفحولة الافريقية .
    - الله يودينا جزر القمر .
    - هاهاهاهاها .. والله يا حمادة انتا شكلك ثعلب مكار .
    - ثنثن فى اعلامية قديمة جات من امريكا , أأأأ اظن اسمها ابتسام او ابتهاج حاجة زى كده .
    - ابتسام فيصل ؟ .
    دق قلبى , وتسارعت انفاسى
    - ايوه , ايوه .. ابتسام فيصل .. عايز نمرة تلفونها .
    رفعت النظارة ذات العدسات قعر الكباية الى بداية انفها
    - انتا بتعرفها من وين ؟ .
    يا بنت الحرام تُريدين مادة خصبة للنميمة
    - لا بس عايز اكتب ريبورتاج عن الاعلاميين الـ اشتغلوا بره السودان , واظن هى اشتغلت فترة كده فى اذاعة صوت امريكا .
    - يا زول الزولة دى كانت متزوجة ايام ناس مايو عميد مهم فى جهاز الامن , وكانت شنة ورنة فى الاذاعة عشان راجلها .
    - اصلو ما معقول ؟ .
    - اى والله , شوفتا الدنيا دى بت كـلب كيف , ما بتدى حريف , زوجها رجع هسع معاها خردة , بعيد عنك جلطة وراقد فى السرير اكتر من خمسة سنين .
    - طيب نمرة تلفونها ممكن القها وين ؟ .
    - عندى فى الموبايل , سجلتها لما قابلتها .
    - قابلتيها وين ؟ .
    اخرجت من حلقها صوت يدُل على انتمائها الطبقى الشعبى الوضيع
    - اجى يا ناسى , وين شنو ؟ .. الزولة دى درست معاى فى الفرع , صحبتى الانتيم وبعرفها زى جوع بطنى .
    يا الهى هل هذا العالم صغير لهذه الدرجة ؟ .
    عندما اخرجت هاتفها المحمول بحثاً عن الرقم .. وقف شعر راسى .
                  

09-15-2018, 10:21 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    21

    1973

    ايامى التى حلمت فيها .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
    مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية يا بيت المال .
    والدماء طازجة , دماء تنبعث رائحتها الثقيلة فى كل ارجاء العاصمة , والهدف المحلى والاقليمى والعالمى هو انتهاز الفرصة وتصفية الحزب من الجذور .
    بيت مُتواضع من الجالوص , الاجتماع الاول .
    التحرك بحذر , قتلتنا الردة .. انكسرت الظافرة , والمرتد مُنتشى بيوم عودته العظيم .. مهمة الديمقراطيين والشيوعيين هى المحافظة على الجسم الهيكلى , المهم هو امتصاص الضربة .
    اللجنة المركزية للحزب تطلب من الجميع الخطوات المدروسة .
    فى شوارع حى بيت المال الامدرمانى العريق , تنبعث رائحة مياه الاستحمام من برك الطين الصغيرة
    - ما تمشى البيت طوالى , امشى مسافة معقولة , وبعد ما تتأكد انك ما مُراقب , ادخل بدون ما تدق الباب .
    رجل عجوز طيب اسمر اللون , يجلس تحت ظلال اشجار النيم البلدية
    - السلام عليكم يا حاج , الواثق موجود .
    تشع ابتسامة على الاسنان الصفراء التى انهكتها الازمنة ودخان السجائر
    - حبابك عشرة , ادخل طوالى يا ابنى .
    يظهر " الواثق " مُتواضع مثل بيت ابيه
    - اتفضل يا زميل .
    ظلت كلمة زميل تحمل الشجن فى الدواخل طويلاً
    كانوا فى داخل الغرفة , اربعة , " عزيزة " الانثى الوحيدة , مثل الهة جبال اغريقية عصية على التسلق .
    التأمين , التأمين , مُفتاح اى ؛؛ قِدة ؛؛ , هذا هو الدرس الاول , هذا هو الدرس الاساسى
    - ما فى ورقة تتكتب , اى زول معاهو وثيقة يتخلص منها , احنا هنا عشان الواثق امه عيانة وهو صاحبنا فى الجامعة , ونحنا كلنا من شندى .
    اجواء مُدهشة , انظر للرمل الاحمر الانيق على الارضية , مرشوش فى عناية , بخور مثل بخور " لولو " الحبشية , يُسافر بك لازمنة " على بابا " القديمة
    - الزميل مفروض يختار اسم حركى .
    حدقت نحوى اربعة ازواج من العيون المؤمنة بالطبقات الكادحة
    - أأأأ .. اسد الدين .
    - عديل كده ! .
    رنت ضحكات حذرة وساخرة .. اوشكت على البكاء .. شعرت الهة جبال اغريق بورطتى
    - تعرف يا زميل لو قبضونا حـ يقولوا نحنا من الاخوان المسلمين .
    " الواثق " يحمل اكواب الشاى دون كلل , يرفض دخول التنظيم , ويفتح بيته وقلبه للزملاء .. اصرار وحماس طاغى , وتحايا حارة من السكرتير العام الجديد " محمد ابراهيم نقد " من مخبائه الغامض .
                  

09-15-2018, 10:42 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    22

    2006

    الايام التى مرت .. والايام التى ستأتى .. الرعب من انقلاب الحلم الجميل لكابوس مُريع .
    اُحدق فى رقم الهاتف .. ضغطة واحدة واسمع الصوت ينساب عبر الاثير , ويعود الماضى الشبح , يعود كائناً حياً يسعى على قدمين .. ضغطة واحدة ولا اضغط , حالة من حالات تعذيب النفس ! .
    ماذا لو انها لا تتذكر ؟ .
    ماذا لو انها ردت فى هلع
    - حمادة ؟ .. حمادة منو ؟ .
    بالامس حلمت بكِ يا " ابتسام " , فى نفس الصورة القديمة , وانا كما كنت فى التاريخ البعيد , بدون تجاعيد الوجه اللعينة, ارتدى قميص احمر اللون , هديتك لواحد من اعياد ميلادى الكثيرة المنسية .
    نجلس على شاطىء نيلنا العجوز الغجرى .. تفتحين ازرار قميصى وتُداعبين شعر صدرى فى اشتهاء مُلتهب .
    تتسلل اصابعى بين فتحات البلوزة , حتى تصل الى كرة اللحم النافرة ذات الحلمة القرمزية
    - احى .. يا ود , الناس بشوفونا .
    - مش قلت ليك مليون مرة تلبسى سنتيان .
    - لا , ما بحب البسو .
    ماذا فعلت بكِ السنوات ؟ .. انا هنا فى قلعتى فى حى كوبر.. انظر الى المدرسة الثانوية الخاصة التى على يمين شقتى , ارقب ضجة المراهقات وصخبهن .. فى عيونهن الرغبة فى الحب والجنس ولفت الانظار , اُدرك ان الدنيا مثل قطار مُتهالك نأخذ منه النصيب , ويأخذ منا النصيب فى اللحم والعظم , ويلفظنا فى اول المحطات ليصعد اخرين ! .. لعبة لا تنتهى الا لتبدأ من جديد .. سخيفة , مُكررة .
    كنت اُحب ان اتفلسف عن معنى الحياة امام " مصطفى شكرى ", كان ينظر لى فى جمود وحيرة
    - الماركسى القديم تحول لـ سارترى عبثى .. وطبلة جوفاء .
    كنت اطارده واضايقه عن معنى الحياة
    - الله فى ولاّ مافى ؟ .
    - عندك قروش ؟ عايز اشترى بخاخة .
    عندما مات ادركت اننى فقدت لوحة تنشين غالية ,كنت اطلق عليها سهام الاكتئاب والقلق من الدنيا وما فيها .
    - انتا يا خراء .. ما عندك زول غيرى تفك فيهو دبرستك ولاّ شنو .
    ضغطة واحدة واسمع الصوت ينساب عبر الاثير .. ضغطت برفق , ضغطت وقلبى يدق , يدق , دورتى الدموية تدور بجنون
    - الو .
    صوت من الثريا يهبط على الارض .. سكت لم ارد
    - الو.. معاى منو ؟ .
    قالتها فى نرفزة
    اخيراً استطعت النطق بعد ان ابتلعت ريقى
    - مساء الخير .. وحمدالله على السلامة .
    - حمادة ؟ .
    ماضى يخرج مُندهشاً من صفحات كتاب تاريخ مدرسى
    - ما نسيتى صوتى يا ابتسام ؟ .
    - عمرى , عمرى ما نسيتك ولا لحظة .. لا انتا , ولا صوتك , ولا اى ثانية كنا فيها مع بعض .
    - مرت كم سنة بسبوسة ؟ .
    - ياااااه .. ياااااه يا حمادة , مُشتاقة شديد اسمع كلمة بسبوسة من خشمك .
    اخيراً بعد الانتظار الطويل .. سُلحفاة تريد قطع صحراء العتمور فى صيف قائظ .. اخيراً انفجرت شُجيرات الصبار عن ازهار صفراء لطيفة بين الاشواك .
    ننطق فى نفس اللحظة , نفس السؤال الكئيب
    - عاملة شنو ؟ .
    - عامل شنو ؟ .
    حبل غسيل مثقل بالملابس البيضاء النظيفة المبتلة , يُريد ان يسقط على ارض قذرة , تمتد ايدي مُسرعة متلهفة لمنعه من السقوط .
    فترات صمت قلقة .. حوار مُتخبط بلا ترتيب او اعداد مُسبق
    - عّجزنا .
    - هاهاهاهاها .
    ضحكة خافتة سريعة , مثل رصاصة مُنطلقة من سلاح كاتم للصوت .. اخيراً بعد التردد الطويل .. مُحاولة بناء جسر يعبر هاوية السنوات السحيقة
    - اتزوجتا ؟ .
    - معقول ! .
    - ليه ؟ .
    - عشان بحِبك .
    صمت فى الطرف الاخر , صوت مُكيف هواء يهدر فى نعومة مصحوباً مع صوت مُرتفع لتلفاز يأتى واضحاً فى اذنى , مسرحية ؛؛ شاهد ما شفش حاجة ؛؛
    - انا اخاف م الكـلب يطلعلى اسد .
    ضجة جمهور ضاحك , بلا هموم او اسئلة كبيرة
    - ابتسام .
    اقفز على حاجز الصمت
    - ايوه يا حمادة .
    صوت جرس الباب فى شكل زقزقة عصفور حزين
    - حمادة الظاهر فى ضيوف .. بضرب ليك بعد شوية , مش دى نمرتك ؟ .
    رددت فى خشونة غريبة عنى
    - ايوه دى نمرتى .
    شعرت فجأة اننى تسرعت فى الاتصال الهاتفى .. يا قوس قزح السماء الملون البديع , كيف يستطيع الانسان قبضك باليد البشرية ؟
    - دقيقة , دقيقة , عايزة اقول ليك حاجة .
    - شنو ؟ .
    - ح م ا د ة .
    تنهار جبال الثلج
    - ابتسام عايزك .. تعالى .. انا مُحتاج ليك شديد .
    - يلا يا حمادة .. عشان الناس الواقفين فى الباب , بعد شوية بضرب ليك .
    زقزقة العصفور تتواصل فى الحاح عنيد
    لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
                  

09-20-2018, 07:09 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    23

    2001

    الكهرباء المقطوعة .. لا حزمة ضوء واحدة وحيدة تدخل لشقتى , ظلام دامس , الشمعة احترقت عن اخرها , تركت فقط رائحة غريبة فى ارجاء الشقة .
    الحرارة الخانقة , و " مصطفى شكرى " يرقد على السرير المقابل , لا احايث بيننا , مُعادلة بسيطة اكتشفناها , فقط ان نبقى جوار بعضنا البعض , هذا يكفى
    - نومتا يا درش ؟ .
    - انوم كيف مع السخانة دى ؟ .
    ظلام المعتقلات المتعددة , جعل منه كائن يتكيف مع كل الظرف الصعبة
    - زعلان لسه من ناس الحزب ؟ .
    - انا ما اشتغلت سياسة عشان عايز تقدير من زول .
    كان الهجوم قاسياً , النبرات الحادة , السخرية المُغلفة بالاحتقار
    - ده ما وقتو .. ما وقت الكلام عن الاصلاح او التخلى عن الماركسية .. اى نقد للحزب فى الظروف دى خيانة , واى زول عندو نقد باب النقاش مفتوح داخلياً .
    تحول البيت لجحيم , الصداقات القديمة بدات فى الانسحاب المنظم
    - مصطفى صحبك خلاص , باع القضية .
    - ملعون ابو امك .
    - طبعاً ما انتا انكسرتا زيو .
    مددت يدى
    - مصطفى .
    جاء الصوت بعيداً
    - ايوه يا حمادة .
    الاختلاف والتلاسن الهمجى بين " الحاج وراق " و " الخاتم عدلان " حول التنظيم اليسارى الصغير الطرى الذى كان فرحاً به / رغم انه لم يسعى للغوص فى وحله / , حوله لكومة رماد .
    لمست يدى كتفه العارى
    - اعمل الحاجة الـ انتا مقتنع بيها وما تشتغل بـ زول .
    - بقيت فيلسوف يا ود .
    - انتا عارف انتا بالنسبة لى شنو فى الدنيا دى ؟ .
    - شنو ؟ .
    - حاجة كبيرة .
    - كم كيلو ؟ .
    - خلى التعـرصـة .. انا بتكلم جد .. مرات كتيرة كنتا بتمنى اكون زيك .. بتمنى انى اكون سياسى مُعتقل , عندى هدف , اى هدف .
    - الحياة دى غريبة يا حمادة .
    - لغز .
    سطعت الغرفة بالاضاءة , عادت الكهرباء من جديد , " مصطفى " بالملابس الداخلية يضع راسه فوق المخدة بشكل مستقيم
    - الكهرباء جات .
    اُريد ان يمتد الحوار , اُريد ان اغسل عنه الهموم .. ان احمل سيفى واغرزه فى احشاء اى انسان يتحدث عنه بسخرية فى الحزب القديم او فى التنظيم الجديد الرخو الذى تحول لشظايا صغيرة شريرة ومُتطايرة
    - عندك عشاء ؟ .
    احيانا اشعر انه لا يُريد ان اصل الى اعماق احزانه
    - فى فول وجبنة .
    - عشاء مُناضلين حقيقيين .. هاهاهاهاها .
    رفع راسه من فوق المخدة , ونظر فى اتجاهى
    - تعرف يا ود يا خايب , انتا وعزيزة وميادة , الناس الوحيدين لى فى الدنيا المعفنة دى .
                  

09-16-2018, 11:32 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

09-21-2018, 04:55 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    24

    2007

    - ثنثن .. صباح الورد يا وردة .
    " ثنية " تجلس قُبالة مكتبى , اعرف انها تُريد الفضفضة .. نتحدث عن كل شيء ولا نتحدث فى النهاية عن شيء مُهم ! .
    ؛؛ وكالة رويترز ؛؛ , هذا هو اسمها السرى هنا فى صحيفة الشروق .. تعشق النميمة والانتقال مثل نحلة لتلقيح الآذان بالفضائح التى تحدث لقبيلة الاعلاميين - وهى كثيرة بالمناسبة - .
    ابنة كـلب حقيقية .
    مع مرور السنوات قام جسر غريب بينى وبينها , تجاوزت الخمسين منذ فترة طويلة .. دميمة , عاقر , تضع فى حقيبتها صورة طفل المانى اشقر سمين يبتسم فى وجه الكاميرا .. زوجها عربيد , تُحاول المحافظة عليه حتى يتبقى لها على الاقل مظهر اجتماعى وحيد فى مُجتمع بليد
    مُحاولة الـ new look فشلت فشلاً ذريعاً , وخلفت لها جراح نفسية غائرة .. استبدلت النظارة الطبية ذات العدسات قعر الكباية بـعدسات لاصقة , وانتهت المحاولة بعيون دائمة الاحمرار
    - يا ثنثن احنا الجو هنا غبار وشمس وقرف , العدسات اللاصقة عايزة هواء ما ملوث وطقس بارد .
    التقينا فى المحيط الاطلسى .. سفينتان فى يوم عاصف , ضلتا الطريق , فقدتا البوصلة , ادركتا ان العودة للمسار الصحيح مُستحيلة .. اقتنعنا انا وهى بالمصير والمُقدر والمكتوب , وبالضياع الابدى .
    فى كل احتفال بمناسبة نجاح باهر لابن غبى من ابناء طاقم الصحيفة اللعين ودخوله كلية الطب , كانت تتمترس بالقرب من مكتبى , شعور اننى مثلها مقطوع بلا جذور او اغصان مُرتفعة للسماء كان يُعطيها الثقة انها ليست وحدها فى التعاسة
    - الشمارات شنو يا ثنثن ؟ .
    نتحدث عن كل شيء .. وفى النهاية لا نتحدث عن شيء مُهم ! .
    الزوج الذى يُدرك المحنة ويتعامل على هذا الاساس .. شاهدت ذات مرة آثار سياط جلدية على ظهرها
    - الزول ده مريض نفسى عديل كده .. اطلبى الطلاق يا ثنثن .
    نظرت لى بعيون دائمة الاحمرار
    - اطلق عشان امشى وين يا حمادة ؟ .
    ابحث معها عن معنى كلمة سعادة .. ما معنى ان يكون الانسان سعيد ؟ .
    تخصصت فيها صحفية شابة لعينة اوصلتها افخاذها البيضاء الطرية لصدر الصفحة الاولى
    - انتى يا ثنية ما بتعرفى معنى الاسرة السعيدة .. عشان كده جنك شمارات وشرمـطة فى اى زولة ناجحة فى بيتها وشغلها .
    عندما تحاصرها الريح العاتية تقترب من سفينتى فى خضم امواج المحيط الاطلسى , مثلها لا اعرف معنى الاسرة السعيدة .
    تنظر لى من خلال عدسات قعر الكباية بعيون دائمة الاحمرار والحيرة
    - امشى وين يا حمادة ؟ .
    انا شخصياً عندى ملايين الاسئلة , ولا اجد حتى نصف اجابة !
    - والله ما عارف يا ثنثن .
                  

09-24-2018, 07:17 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    25

    1980

    - احنا ماشيين وين ؟ .
    - ماشيين ود نوباوى .. عازماك غداء .. عندك مانع ؟ .
    - غداء عند منو ؟ .
    - خالتى ساكنة هناك نمشى نسلم عليها ونتغداء معاها .
    - حـ تقولى ليها انا منو ؟ .
    - دى حاجة ما تخصك .
    اُريد ان امضى فى المغامرة , واُريد ان اتوقف !
    - ما خايفة من راجلك ؟ .
    - اخاف لـ شنو ؟ .
    - يعنى .. عميد فى الامن وكده .
    - ملعون ابوه , وملعون ابو الامن , وملعون ابوك انتا كمان .
    تضرب بيديها على مقود السيارة , تُغنى تلك الاغنية العذبة فى صوت هامس جميل
    - الشوق والريد
    والحب البان فى لمسة ايد .
    تلمس يدى دون ان تنظر فى اتجاهى
    - صوتِك جميل .
    - اكيد , عشان كده انا مذيعة .. تعرف , اول مرة شوفتك واقف فى الشارع مسكين ومنتظر المواصلات قلتا ده الزول الكنتا بحلم بيهو من ايام الثانوى العام .
    - معقولة ؟ .
    - اسمك حلو زيك .. ح م ا د ة .
    تبدأ فى الضغط على فخذى بقوة بيد وتقود السيارة باليد الاخرى
    - ابتسام .. الناس فى الشارع .. خليكى عاقلة , كده ممكن نعمل حادث .
    اضع يدها على مقود السيارة
    - جبـان .. لما نكون برانا برضو حـ تكون كده ؟ .
    - انتى الظاهر عليك مجنونة رسمى .
    - الذ حاجة فى الدنيا الجنون .. هسع عليك الله الدنيا دى فيها شنو عشان نقعد نتصرف بـ عقُل ؟ .. بكرة نكبر ونعجز ونندم شديد على الايام دى .
    تقرصنى فى فخذى قرصة مؤلمة
    - اقعدى ساكت يا ابتسام الناس فى الشارع .
    تُواصل الغناء .. مجنونتى الجميلة
    - ليك يا هاجر
    ليك رسالة
    لو روحك يوم تنسى دلالها
    تشوفنا قريب ما تتعالى
    تسألنا ونسأل عن حالها .
    - بالمناسبة يا حمادة انا ممكن ابوسك هنا قدام كل العالم الوهم ديل ؟ .
    - حـ انزل منِك , وتانى ما حـ تشوفينى .
    - سجمى .. ده اول حادث اغتصاب المراة تكون هى المعتدية .
    اعجبتنى النكتة .. ضحكت
    - نخلى الحب يسرح بينا
    يبقى جناحين ويطير بينا .
                  

09-24-2018, 07:32 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)


    26

    2004

    يوم دفن جثمان " مصطفى شكرى " .
    وانا بقميصى الذى تمزق بين يدي " عزيزة " فى ردهة المستشفى , اشعر كأننى غريب , ونحن نقوم بغسل الجثمان كانت هناك نظرات تسأل فى صمت
    - من انت ؟ .
    انا ذلك الجسد المسجى البارد يا اغبياء .. انا هو , وهو مثل " المسيح " الذى مات من اجل خطايا الملايين .
    لحظة الخروج كانت الاصعب .. خروج " مصطفى " فى عنقريب خشبى بليد .. مُحاولات " عزيزة " و " ميادة " بايقاف الزحف .. مُحاولات الخروج من الرمال المتحركة التى تسحب ببطء قاتل
    - مصطفى .. مصطفى .
    اكفكف دموعى .. احاول ان اُمسك طرف ساق العنقريب الخشبى , ان اجعله يشعر اننى هنا فى المحنة
    - ما تخليهم يمشوا بيهو يا حمادة .. يا حمادة .
    تتشبث بامل بقاء الجسد داخل المنزل
    - يا حمادة يا زميل .
    الخروج من المعتقل .. يرتدى قميصاً مُزركشاً , يبدو نحيفاً وسيماً
    - حمدالله على السلامة .
    - مبروك دخولك الجبهة الديمقراطية .. عقبال الحزب .
    اول مرة اضع كفى فى كفه .. اول مرة يبتسم فى وجهى .. كيمياء من المودة تتدفق من عيون مُجهدة من الزنزانة الرطبة
    - انا اول زول رشحتك .. عارف كده ؟ .
    شعرت بالفخر
    - شـ شـ شكراً .
    نزلت فى القبر .. استقبلت الجثمان فى احضانى , وضعت راسى عليه
    - مع السلامة يا مصطفى .
    رفضت ان اترك الجسد , رفضت .. رفضت
    - يا زول صلى على النبى .
    - استغفر الله .. كلنا لها .
    رفضت .. اغبياء .. اغبياء .. اغبياء .
    ماذا تعرفون انتم عن اجتماعات بيت المال السرية ؟.. عن القلق الفكرى والعذاب ؟ .. عن اب روحى يصمت عن اخطائك ؟ .. يمسح لك شعر راسك فى حنان .. اخرجونى بالقوة , تركوا الجسد ينزلق فى فتحة مُعتمة
    - أأأأخ يا مصطفى .. أأأأخ .
    امسكونى مثل عجل ذهبوا به للذبح
    - أأأأخ يا مصطفى .
    خجلت ان احكى له قصتى مع " نهاد الحلوانى " , خجلت ان احكى له اننى بعت قلمى وجسد زوجتى الفلاحة , للشيخ الخليجى .
                  

09-25-2018, 09:16 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    27

    2006

    تلك الكافتريا الراقية .
    رذاذ مُعطر الجو يفوح فى المكان ويصل للانف قوياً .. نسمات هواء باردة , مُنعشة .. بيننا على المنضدة الرخامية اكواب مياه معدنية وعصير مانجو طازج .
    " ابتسام فيصل خليل " ترتدى النقاب الاسود الكامل ! .
    فقط العيون هى التى تظهر من الجسد العائد للقرون البعيدة .. عيون غريبة , قلقة , تنظر فى كل اتجاه .
    صمت بارد احمق .. ارتباك .. مُحاولة يائسة لاجراء تنفس صناعى لجثة ماتت وتحللت منذ عشرات السنين .. اجابات عن اسئلة لم تُطرح , واسئلة بدون اجابات .. مونولوج نفسى طويل , وديالوج وجد الابواب مُغلقة , عصية , مفاتيحها سقطت فى قاع سحيق لبحر هائج
    - ليه كده يا ابتسام ؟ .
    - الخلاص الروحى يا حمادة .. الاخرة هى الباقية .. الدنيا دى مجرد جسر .. عربية توصلك لحاجة اهم , ومحطة تقدر ترتاح فيها بشكل ابدى .
    - عايز اشوف وشك .. ممكن ؟ .. ارجوك .
    - انا قبل ما اجى السودان مشيت الحج .. فى الطواف سمعتا صوت قال لى البسى النقاب يا ابتسام يا بت فيصل .. البسى النقاب وانتى حـ ترتاحى .
    - ده سيدنا جبريل ؟ .
    رشقتنى بنظرة حادة , غاضبة , توغلت فى مستنقع الدروشة والهروب من المجتمع الحديث .. مسكينة ؟ او ربما سعيدة ؟ .
    أأأأه من تلك العيون الغريبة والبعيدة منى .
    أأأأه من جسد كان ملكى , افعل فيه وبه ما اشاء , جسد تمترس خلف حصون قماش داكن كثيف , غامض , مرعب .. جسد اصبح عصياً على الامساك .
    قمت بمُغامرة مجنونة , كانت يديها ترتاح على سطح المنضدة , وضعت فى حركة سريعة يدى العجوز ذات العروق النافرة على يديها .. يديها ذات القفازات القطنية السوداء .. جفلت منى
    - ارجوك لا يا حمادة .. ارجوك .. احترم خياراتى الدينية .
    مجنون يبحث عن حلم عاش عليه , وها هو الان يتناثر دون شفقة
    - عندى ليك هدية يا حمادة .
    اخرجت اسطوانة كمبيوتر زاهية اللون مكتوب عليها ؛؛ الطريق الى الله ؛؛ , كان وجه الداعية الدينى ابن الذوات " عمرو خالد " مطبوعاً عليها وهو يبتسم تلك الابتسامة الانثوية الرقيقة البلهاء .
    وضعت الاسطوانة فى جيبى .. يا مسكينة , الحادى لا حل له .. وايمانى بالله والشعب مستحيل - رغم كل محاولاتى الفاشلة - .. سجادة صلاتى الفارسية غالية الثمن , ضاجعت فيها " نجوى كمبال " فى مساء تعيس , وبقيت فيها آثار حيواناتى المنوية صفراء باهتة .. سبحتى الكهرمان سرقوها منى , سرقها مُؤمن يبحث عن قصر فى الجنة
    - عايز اشوف وشك بسبوسة .. ارجوك .
    اخر ما اُريد التحدث عنه هو كيفية النجاة من الجحيم .. انا ابن الجحيم فيه ولدت وفيه اعيش واليه اعود .. سلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حياً .
    نظرت حولها .. كافتريا شبه خالية , وطاقم الخدمة مشغول بمتابعة مُباراة تـافهة فى كرة القدم على شاشة تلفاز كبير .
    رفعت ببطء قطعة القماش .. اطل الوجه المستحيل .. وجه امرأة ضاعت فى ساعات سن اليأس المريرة , تجاعيد حول العيون والفم , شعر اشيب ناصع البياض .. ملامح بعيدة لـ " ابتسام " القديمة .. ارتجفت اصابعى وهى تلمس الوجه الذى نام على صدرى العارى سنوات كثيرة .. وجه امرأة عجوز .. وجه اشتاق اليه منذ 1985
    - كبرتا يا حمادة .. مش كده ؟ .. انا على عتبات الستين .
    لوعة التمسك بشباب لا يدوم .
    ابعدت يدى فى رفق لطيف , واسدلت الستار !
    - ح م ا د ة .. دى اخر مرة حـ تشوف وشى .. ودى اخر مرة حـ نتقابل فيها .. لو سمحتا .
    فى هذه اللحظة احرز مُنتخب السودان الوطنى هدفاً قاتلاً فى مرمى مُنتخب افريقى حزين وفقير .. ضج عمال المكان والشارع بالتصفيق والتهليل
    - اتهزمنا يا ابتسام .. اتهزمنا .
    نظرت هى الى كوب عصير المانجو فى اسى .
    عندما خرجنا , وجدتها تتجه نحو عربة سوداء اللون , لم تنظر نحوى , لم تقترح علي الذهاب الى ود نوباوى حيث بيت خالتها القديم .. وقفت وحيداً بين جموع حاشدة ترقص وتصرخ لانتصار كروى باهت وتافـه .
                  

09-27-2018, 07:28 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    28

    1999

    حمادة العسل .
    اخبرنى الواثق فى واحدة من احاديثه الضعيفة انك ستعود الى التى كانت بلدنا فى يوم من الايام .
    قال انك ستعود نهائياً يوم 25 مايو القادم ! , هل هذا صحيح , ولماذا هذا التاريخ الزاهى بالذات ؟ .. شبح تلك المذيعة المايوية يُطاردك اليس كذلك ؟ .
    اكتب لك والبيت خالى الوفاض من البشر , واكتب لك لاننى لا اجد ما افعله بصراحة غير ان اكتب خطاب لشخصك الواطى , فلا اجد امامى تلفزيون او كتاب او صحيفة , لقد خرجت من الاختفاء وظهرت للعلن بقرار فردى منى , اخبرتهم بقرارى قبل اسبوعين من التنفيذ , وهم طلبوا منى الانتظار – انتظار الوحى القادم من اعلى – حتى تتم الترتيبات المطلوبة فى مثل هذه الحالات المُعقدة , لكننى فى بداية فبراير الحالى وفى ليل ليلة باردة حملت ما يُمكن ان تُسميها تهذيباً شنطة هاند باق ووضعت فيها ما يُمكن ايضاً ان تُسميها ملابسى
    - دا طرفى من الاختفاء .
    شكرت بحرارة الاسرة التى ارهقتها وارهقتنى طيلة هذه السنوات الكثيرة فى انتظار سقوط النظام , وذهبت الى منزلى , الى اسرتى الحقيقية , زوجتى وابنتى , وجارتى الارملة التى تتحرش بى جنسياً دون يأس منذ ان كنت طالباً فى الجامعة .
    انا الان فى انتظار قرار الفصل , لكنهم دخلوا معى فى لعبة الا سلم والا حرب , يبدو انهم يتباحثون حول الاقالة او الاستقالة .
    ما احزننى هو موقف عزيزة منى , لا اعرف على وجه الدقة ما يقولونه لها عنى , سألتها ذات يوم فردت ببرود
    - دى حاجات تنظيمية خاصة بالحزب ما عندك فيها شغلة , انتا مُجمد .
    تخيل ! .
    لكن يبدو انهم يقومون بتشويهى بالكامل لها , ولكل من يعرفنى من الزملاء والأصدقاء / باستثناء القديس الواثق فهم يخافون جداً من الحديث عنى امامه / .
    ما زاد الطين بلة , هو حضور افراد من الجهاز بعد ايام من ظهورى , اعتقدنا ان اعتقال طويل المدى هو المتوقع , لكن المفاجأة السارة كانت انه احتجاز استمر لمدة ساعة فقط , كانت المعاملة فيه لطيفة للغاية ! .
    شربت معهم قهوة وحدثونى عن انهم يعرفون اننى على خلاف مع حزبى ! , وشجعونى عليه وطلبوا منى ان اكتب فى الصحف حول هذا الموضوع ! , وقالوا انهم اصدقائى الحقيقيين وعلى استعداد للدفاع عنى فى اى وقت ضد اى انسان يستهدف حرية تفكيرى ! , واوصلونى بنفس العربة الى المنزل مرة اخرى ! , وطبعاً لا احتاج القول اننى لم اوافق الا على شرب القهوة فقط , وهم فى الحزب بالطبع لن يقصروا فى تقديم تحليل مادى مُتماسك حول دعوة القهوة بالجنزبيل المسائية .
    تخيل ! .
    عزيزة بمناسبة وبدون اى مناسبة تتحدث عن خروج مُشرف , وانا لا افهم بالتحديد معنى هذه العبارة .
    حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة بان القضية ليست ابيض واسود فقط , فهناك غابة من الالوان فى هذا الكوكب المجنون باللوحات , القضية ليست اما صفقة مع الجهاز او الخضوع لمشيئة الالهة الماركسية القابعة فى الظلام ومجهولة المكان , الخضوع لمشيئتها فى الاختفاء او عدم الاختفاء , او فى التفكير او عدمه حول جدوى ما نفعل , او فى غسل اليدين قبل وبعد الاكل .
    حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة ان هذه الاسرة الصغيرة , مصطفى وعزيزة وميادة وجارتنا الارملة , ليست فرعاً من فروع الحزب , هى شجرة مُستقلة تماماً , وكل فرد فيها من حقه ان يُغير من انتمائه او طريقة تفكيره دون ان يعنى هذا نسف الاسرة السعيدة من الاساس .
    حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة اننى لم انحرف او اتراجع , والحديقة الاشتراكية ذات الطقس المعتدل وذات انهار اللبن والعسل والخبز للجميع , هى مقصدى وهدفى ولكننى فقط اقترح تغيير الطريق وتغيير وسيلة المواصلات .
    لكنها تُعاقبنى , وانت تعرف نفور اليساريين الابدى من حريات الليبراليين فى التفكير , تذهب لمنزل شقيقتها اجلال , وتُجبر ميادة على الذهاب معها , وتتركنى فى الحبس المنزلى المنفرد لساعات طويلة عن قصد ! .
    هناك وعود من اصحاب اكثر من مدرسة خاصة بان اعمل لديهم استاذ رياضيات , العمل وحده هو القادر على اعادة التوازن لى والى اعادتى الى السيستم السخيف من جديد .
    وانا على ثقة كبيرة ان عزيزة لن تتخلى عنى واننى سوف اموت بين يديها القويتان .. سوف اموت وهى زوجتى وعلى ذمتى .
    يوم 25 مايو القادم , وعندما اعرف مواعيد الطائرة سوف اكون فى انتظارك بالمطار حتى نهتف سوياً ضد النميرى زى ايام زمان ! .
    بحبك يا وغد يا صاحب عيون الكديسة .
    / مصطفى شكرى / .
                  

10-01-2018, 06:41 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    29

    2008

    رائحة موت , وفناء جنائزى قديم .
    اخيراً قررت ان ازور " لولو " الحبشية , امى , وسبب الشقاء .
    هذا ما جناه ابى عليّ , وما جنيت على احد .
    لو فقط حدث الاجهاض قبل الميلاد , لما كانت مسيرة الاحباط هذه .. كم بلغت الان من العمر يا " حمادة " ؟ .. اشتكت منك " نجوى كمبال " ! , الانتصاب لم يعد مثل ما كان .. وحبة الفياجرا الزرقاء خطر على القلب العليل
    - ما قادر تشد زى زمان .
    - التوتر , وضغط العمل .
    تكذب يا كذاب .. بعد الاربعين يُصبح الجنس جحيم .. اين ايام الشباب ؟ , و " ابتسام فيصل " تذوب بين ضرباتك السريعة , العفية
    - حـ اموت .. حمادة حرام عليك .
    وانت تمضى .. ما فات اكثر من الذى سيأتى .
    اسير فى المقابر القديمة المُغلقة .. يُريدون بيعها ! , اصبحت فى موقع استثمارى خطير , لا مكان لعظام الموتى فى هذه البلد الظالم اهله .. اين قبر " لولو " ؟ اصبحت هيكلاً عظمياً الان .. اُريد ان اضع جمجمتها قربى فى السرير , انظر واتحدث اليها .. اقف عاجزاً - مثل ما كنت طيلة حياتى - .
    تشابهت اكوام التراب , كلاب ضالة مُصابة بالجرب عشقت رائحة الجثث المتحللة , فتاة صغيرة تتبول وهى تنظر لى فى تحدى وقـح
    وقفت اُحاول تحديد القبر , اين كان ؟ , هل هى سعيدة الان ؟ , على حبات العرق السائل من بين الفخذين اقف الان , كهلاً مُتداعى , طبلة جوفاء , يسارى قديم , ومُلحد حائر , ثورجى قديم نخره السوس , كاتب صحفى تعلم التـعريص بواسطة الحروف المكتوبة , انسان وحيد , خائف , ينظر للناس من علياء شرفته العاجية
    - تعرف يا حمادة , اخطر حاجة انو الزول الشيوعى يتحول لكائن نخبوى .
    انت يا " مصطفى شكرى " وشعاراتك الحمقاء .
    المُظاهرات فى تاريخك القديم ! , هل انت على استعداد لدخول المعتقل الان , وفى هذه اللحظة بالذات ؟ .
    ارفع يدى وارسم لها علامة الصليب
    - رقدتِ على رجاء القيامة , مع الرب ذلك حسناً جداً .
    اخرج نحو السور المتهالك .. اصبحت عندى مشكلة فى الانتصاب , ومشاكل فى معنى الحياة .
    و " ابتسام فيصل خليل " اختفت خلف نقاب اسود غليظ , حتى " عزيزة راشد الفاضلابى " اختفت فى ظروف غامضة ! .. وانا اخرج ادركت ان لا احد سيبحث عن قبرى عندما اموت بازمتى القلبية .
    دخلوا فقراء الى الدنيا .. وكما دخلوا , منها خرجوا .. شربوا بكؤوس تفكرهم من صرف هواك , وما مزجوا .
                  

10-02-2018, 06:23 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    30

    2006

    اخيراً تُسافر " ميادة مصطفى شكرى " .
    تُغادر ارض وطن غير رحيم , محطتها الاولى فى القاهرة لاجراء سلسلة روتينية طويلة من الاجراءات , ثم من بعد ذلك غزو القارة البعيدة .
    مُثقلة بالحزن انتِ يا سيدتى .. يا " عزيزة "
    - حـ تجى معانا المطار يا حمادة .
    - ما بحب تفاصيل الوداع والهبالات بتاعت البكاء , وقصة مع السلامة والتفاصيل دى .
    - عليك الله ده ما وقت فلسفة , انا مُحتاجة انك تكون معاى .. مُحتاجة ليك .
    - okay , خلاص اقفلى الخط , ربع ساعة بكون معاك .
    مُثقلة انتِ بجراحات الغياب , والفقد .
    تحركنا مثل من سقطت مدينتهم فى يد الاعداء .. انا وهى فقط .. اهل الخروف الاسترالى اصروا ان تنطلق صفارة البداية من منزلهم غير العامر .. " ميادة " هناك عندهم .. بروفة الوحدة يا " عزيزة " , وحدة خانقة , قاتلة .. انا استاذ الاساتذة فيها . والوحدة تعرف من اين تُأكل كتف الوحيد
    - يدك بترجف لـ شنو يا عزيزة ؟ .
    - مافى حاجة .
    انطلقت تباشير موشحات البكاء والنهنهة
    - ياااا الله .. عشان كده ما كنتا عايز اجى .
    - خلاص , خلاص .
    مسحت عيونها بمنديل ورقى
    - مُتذكرة فى يوم , كنتا قلتا ليك عايزك ضرورى ؟ .
    - متين ؟ .
    - فى الجامعة .
    - انتا ما عندك موضوع .
    - فعلاً ما عندى موضوع .
    - كنتا عايزنى فى شنو ؟ .
    - لا ابداً , ذكريات فارغة , بس ما عايزِك تقعدى تبكى لى وانا سايق .. عشان كده بتكلم معاك فى كلام خارم بارم .
    صمت ثقيل .. هل شعرت ذلك اليوم ؟ .. هل تعرف بواسطة الغريزة الانثوية انها كانت حلم حياتى الشخصى فى يوم من الايام
    - انا عطشان , حقو اركن هنا ونشرب حاجة باردة .. تشربى كولا ؟ .
    - سفن اب او اسبريت .. ما بحب الكولا , ومعاك اسبرين عليك الله , عندى صداع فظيع .
    عدت حاملاً زجاجتى المياه الغازية
    - اليوم البتتكلم عنو فى الجامعة , هو نفس اليوم الطرح لى فيهو مصطفى , مش كده ؟ .
    مددت لها زجاجة الكولا
    - لا انا حقتى التانية , والاسبرين وين ؟ .. مصطفى كان بقول انو مشكلتى انى ذكية زيادة عن اللزوم .
    - اقول ليك حاجة .. احسن تبكى بدل الكلام المسيخ ده .
                  

10-02-2018, 06:25 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

10-03-2018, 03:59 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    31

    1973

    - حمادة الحاج نور العليم .. ازيك .
    - أأأهلاً وسهلاً .
    - انا عزيزة راشد الفاضلابى .. طالبة معاك هنا فى اداب , برلومة .
    - اهلاً بيك , شايفك كتير .
    - فى اركان النقاش ؟ .
    - يعنى .. فى اركان النقاش , وفى الكلية .
    - بتعرف مصطفى شكرى بتاع زراعة ؟ .
    - مش الزول الشيوعى البتكلم فى الاركان ؟ .
    - ايوه هو ذاتو , عارف انو الامن اعتقلو امبارح من الداخلية ؟ .
    - شايف الملصقات .
    كثيرة وكبيرة , بخط جميل احمر واصفر ؛؛ اطلاق سراح المناضل مصطفى شكرى ؛؛ .. ؛؛ يا حكومة الردة والدماء ارفعى يدك الملوثة بدماء الديمقراطيين والشيوعيين الشرفاء من طلاب الجامعة ؛؛ .
    كانت هناك رُسومات لحمامات بيضاء تُرفرف عالياً فى سماء زرقاء صافية , ويد ضخمة تُحاول فتح شباك زنزانة
    - فى مظاهرات الليلة داخل الحرم الجامعى .. حـ تشترك معنا ؟ .
    - انتى شيوعية ؟ .
    ضحكت ضحكة صافية
    - يعنى تقدر تقول حاجة زى كده , جبهة ديمقراطية .. انا ابوى طبيب شيوعى معتقل من 71 .
    - بس انا عندى محاضرات مهمة .
    - فى حاجات اهم من المحاضرات ومن حياتنا نفسها .. مش كده ؟ .
    - وووالله ما عارف .
    - لا , لازم تعرف .. احنا يا حمادة ما جينا الجامعة عشان ندرس وبس , احنا زبدة المجتمع السودانى ولازم نكون صوتو فى وش الطغيان .
    نظرت لها , عندها عادة غريبة عندما تتكلم , تنظر فى عيونك مُباشرة ولمدة طويلة
    - اعزمك شاى ممكن ؟ .
    - مافى مانع .
    عادت تحمل كوبين
    - عارف مصطفى مسميك شنو ؟ .
    - هو بعرفنى من وين ؟ .
    - شايفك فى اى ركن هو بتكلم فيهو .. بقول عليك الزول الكديسة الـ بتابع الاركان حقتنا طوالى , عشان عيونك خضرا زى الكديسة .. عندك جذور اجنبية ؟ .
    - جدتى تركية .
    - الاختلاط بين الاجناس البشرية حاجة راقية شديد , عشان كده الاممية بتدعو انو نقيف مع كل شعوب الارض المظلومة .
    انشغلت ارسم باصبعى دوائر وهمية على كوب الشاى الزجاجى .. كلمات غريبة , مُدهشة (.) الاممية (.) تيار اليسار العالمى (.) تشى جيفارا (.) الجديد ينفى القديم (.) مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية (.) 19 يوليو (.) الاتحاد السوفيتى الصديق (.) المطرقة والسندان (.) الطبقة العاملة (.) عمال عطبرة يخرجون من الورش حالمين بدولة المستحيل وبصفارات قطاراتهم تدوى فى كل شبر من ارجاء شبه القارة السودانية ! .
    - معليش عملتا ليك صداع .. انا زولة جنى كلام فى السياسة .
    - لا بالعكس .. انا بحب اسمع كلامكم .
    - شكراً ليك كتير يا حمادة .. واحنا ذاتنا ملاحظين كده .. انتا زول كويس شديد وعايزنك تكون صديق لينا .. ممكن ؟ .
    رفعت راسى من دوائرى الوهمية على سطح الكوب .. كانت تنظر لى دون ان يرف لها جفن .. هززت راسى
    - ممكن .
                  

10-03-2018, 08:38 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    32

    2007

    ما كنت اخاف منه يا " ابتسام " قد حدث .
    كنت اخاف على الحلم القديم .. اتشبث به مثل طفل عنيد .
    كنتِ انتِ الماضى والحاضر , او ربما انتِ ماضى اتمسك به فى مُواجهة حاضر لا اُحبه , ومستقبل غامض لا اُريده .
    لماذا اعتقدت انك نفس ؛؛ الزولة بتاعت زمان ؛؛ ؟ .. نفس الشكل والضحكة وغمزة العين .. نفس الشبق القديم , والفخذ البُنى اللحيم فى استدارة رائعة .
    انتِ ادركتِ لعبة الزمن .. وانا ركبت آلة الزمن الجهنمية , اعود بها عندما اشاء للحظات بهيجة عشتها .
    انتِ واقعية .. وانا مُجرد حالم اخرق .
    عندما شاهدتك ترتدين النقاب , انفطر قلبى تماماً .
    عيون غريبة باهتة تطل من خلال ثياب سوداء كثيفة تحجب التفاصيل والمشاعر
    - ربنا يا حمادة .. ده هو الحب الحقيقى , واللذة الجسدية الما بتنتهى .
    - وانا يا ابتسام ؟ .
    تركتى السؤال مُعلق
    فى شقتى , معقلى , وحصنى الحصين .. اُعيد تركيب الالغاز .. لماذا يتغير الناس ؟ .. لماذا تغيرت انا ؟ .. لماذا تغيرت " عزيزة " ؟ ولماذا اهتزت قناعات " مصطفى " الفكرية , وهى كانت قناعات راسخة وخرسانية , لماذا تغيرت وتغير ؟
    - معقول رجعتى من امريكا انصارية سنة ؟ .
    تبتسم ابتسامة حزينة
    - ربنا يا حمادة عايز كده .. صدقنى لو حبيتو حـ تتغير وترتاح زى ما انا مرتاحة .
    " ابتسام فيصل خليل " تعود من الولايات المتحدة الامريكية وقد ارتدت النقاب ! .
    يا فرحتى مازلت احيا .
    والقلب العليل .. والخطوات الحائرة غير الواثقة والموجوعة .. سنوات العمر التى تسربت من الصنبور واوشكت على النفاذ .
    يا الهى , لمحت " ابتسام فيصل " امس .
    لمحتها من بعيد , مغروسة فى كتلة بشرية تتحرك فى بلاهة وبلا هدف مُحدد .. من بعيد كان حلم العمر يمشى على قدمين .. خيمة سوداء بالكامل , عرفتها من طريقة مشيتها , لها طريقة خاصة جداً .
    وقفت انظر لها تختفى رويداً , رويداً , حتى بهتت تماماً عن مرمى بصرى عند نهاية شارع الجمهورية .
    ندمت اننى لم اهرع اليها , ندمت اننى لم اُوقفها واهزها من كتِفيها واطرح عليها السؤال الاكثر سذاجةً فى تاريخ الاسئلة البشرية
    - لسه بتكتبى شعر ؟ .
    حُبى للشعر اضمحل , انزوى بعيداً فى اقصى الدماغ , مثل زائدة دودية بلا معنى لو التهبت وانفجرت يموت الانسان .
    احمل قلمى وورقى لجرد حساب رحلة العمر .. صفر كبير , هو الحساب النهائى يا " حمادة " .
    قصيدة بعيدة كتبتها فى ازمنة الحلم
    - براك واقف
    وتل الرملة فى وشك
    وزى ضلك
    كما الشجر العنيد شكك .
    اُرددها ولا اصدق اننى كتبتها فى سن صغيرة للغاية
    - ما تخلى الشعر يا حمادة .
    - بقى كلام فارغ يا مصطفى .. يعنى معقول فى زول حـ يفهم ؟ .
    - المهم انو انتا تفهمو , وترتاح لما تكتبو .
    كل الاشياء اصبحت رخيصة يا صديقى , الانسان , والادب , والحب , والقيم النبيلة .
    يا وجعى .
                  

10-05-2018, 10:07 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    33

    1992

    مدد يا سيدى " البدوى " , مدد .
    دخلنا طنطا فى المساء .. ميدان فسيح هادىء , كانت المساجد تصدح باذان العشاء , اصوات جميلة رائعة تغمرنى بحالة من الشجن والا توازن بين الالحاد والايمان
    " نهاد " كانت سعيدة بالعودة للوطن ومسقط الراس - والتى لا تعنى عندى الكثير - .
    منذ البداية كان الاتفاق غير المكتوب بيننا واضح , الجسد ملك للشيخ الخليجى , والعقل وحكاية الذكريات ملكى .
    وبينى وبينها كان الاتفاق غير المكتوب ان نقبل بعضنا هكذا دون تعقيدات لا لزوم لها على الاطلاق , ودون طرح مفاهيم جوفاء عن الخطوط الحمراء للشرف والاخلاق وما يجب وما لا يجب , ولا حتى طرح سؤال علم المنطق الشهير
    - لماذا نفعل هذا ؟ .
    ركبنا عربة بيجو بيضاء كبيرة من القاهرة وانطلقنا .. اجازة فى جمهورية مصر العربية هى هدية كتابة المقالات والزواج من العشيقة .. يموت الشيخ " جاسم " لو تأكدت زوجته الشيخة " وجدة " تماماً من حكايات مُغامراته ونزواته الجنسية , هى الاقرب للاسرة المالكة وهى صاحبة راس المال الحقيقى والنفوذ الحديدى .. اين انت يا صديقى القديم " كارل ماركس " ؟ حتى تعرف ماذا تصنع النقود فى البشر , خضع للقرار وطردها فوراً من العمل , لكنها بقيت سراً فى بلد الرمل الممزوج بلعُاب خام النفط الاسود , دون علم الشيخة
    طنطا مدينة تُحبها من اول نظرة .. " احمد عدوية " بحباله الصوتية المصنوعة من الذهب يُغنى مواويل شعبية حزينة , ومقاهى تنبعث منها رائحة شيشة لطيفة وروادها يُنظرون لمخاليق الله التى تسير فى الشوارع بفضول طفولى
    شقة اهل " نهاد " فى الدور الثانى من بناية مُتهالكة , كانت مُزدحمة بالاهل فى انتظار الهدايا والفرجة على الزوج السودانى , ما كسر قلبى فى هذا الزحام والدتها الضريرة وهى تلمس وجه الابنة وتبكى بكاءً حاراً .. عرفت عندها ان صديقى القديم المعتوه كان مُحقاً عندما تحدث عن الهم المشترك بين الفقراء فى كل ارجاء الدنيا
    " نهاد الحلوانى " كانت مُتوهجة , فلاحة ورثت جينات الاضطهاد من سلالة غابرة .. انزويت بعيداً عن هذا الفرح الباكى , حتى انتبهت لى اخيراً وصاحت فى فخر
    - ده حمادة جوزى .
    مدت امها الضريرة ذراعيها مفتوحتان عن اخرهما فى الهواء
    - يا حبيبى , تعال فى حضن امك .
    ارتميت عليها فى شوق حقيقى , انا اليتيم مجهول الاب , رائحة عرقها كانت فيها طيبة ورضا بالمكتوب .
    مدد يا سيدى " البدوى " , مدد .
                  

10-07-2018, 07:19 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    34

    2008

    - تعال بسرعة يا حمادتى .
    " نجوى كمبال " , رفيقة الرحلة المتبقية لى فى هذا الكوكب البشرى المُخيف .
    لدينا لعبة منذ اشهر عديدة .. التفكير فى الانتحار
    - حاجة كده زى روميو وجوليت ؟ .
    - انا بتكلم جد , جادة جداً.. عارف فى حاجة اسمها تناسخ الارواح , يعنى لو متنا مُمكن جداً روحنا تمشى فى جسد سعيد .
    - طيب لو روحنا مشت فى جسم كـلب ولاّ غنماية نعمل شنو ؟ .
    - دى حـ تكون مشكلة بالجد .
    - ما بتخافى من الموت ؟ .
    - لا .. وانتا ؟ .
    - ما عارف .. لكن قصة الضلام فى ود اللحد والدود الـ بيدخل من فتحات الجسم دى صعبة شوية .
    - مرات فى حياة احسن منها الموت , مش كده ؟ .
    - كتير .
    - انتا عارف الفرق بين الشعوب المتقدمة والمتخلفة شنو ؟ .
    - شنو ؟ .
    - نسبة الانتحار .. هنا فى السودان مثلا تلقى الواحد دينو طالع ومع كده اطلاقا ما بيفكر فى الانتحار .. فى امريكا واليابان والسويد نسبة الانتحار عالية جداً, يعنى مثلاً واحد زى الكاتب الامريكى همنجوى انتحر بكل بساطة , واحدة زى مارلين مونرو انتحرت بكل بساطة .. الحيوانات هى الوحيدة الما بتنتحر .
    - واحنا فى العالم التالت حيوانات ؟ .
    - اكيد , واحتمال اقل من كده كمان .
    اصبحت لعُبتنا المفضلة .. نجلس ساعات طويلة نُحدق فى شاشة الاب توب , نبحث عن قصص الانتحار فى ارجاء العالم , شخصيات مشهورة و شخصيات تخترع اديان مجنونة .. نتشاجر حول افضل طريقة للرحيل
    - عارف احسن حاجة نقفل الشقة ونفتح انبوبة البوتجاز ونرقد فوق بعض عريا .
    - يعنى موت وفضيحة ! .. احسن طريقة موت وبدون الم هى الحبوب المنومة .. نبلع كمية كبيرة ونقعد نقرأ فى شعر لحدى ما ننوم نومة ابدية .
    لعبة وفى قرارة انفسنا حل حقيقى
    - تعال بسرعة حمادتى .
    ترقد عارية على بطنها وامامها شاشة الاب توب
    - شوف ده .. انتحار مراهق يابانى فى السادسة عشر من عمره , ويقوم بتصوير عملية انتحاره .
    - يعنى اصغر منى بـ تمنية وتلاتين سنة ! .
    كان وجهه الاسيوى المُشرق يبتسم فى حزن غريب .
                  

10-07-2018, 07:32 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    35

    1998

    حبيبى درش .
    تحيات حارة من مدينة اسمنتية خرساء , وحارة .
    البشر هنا يا مصطفى يُدركون عقدتهم التاريخية .. انهم شعب بدون حضارة ولا تحضر .. بدو , رغم انهم - لسه ما بدوش - .. تخيل رغم الازياء الباريسية الراقية والعربات الفارهة , الا انهم يشعرون فى قرارة انفسهم انهم اقل من شعوب اخرى كثيرة , هذه هى حالة تحديث التخلف بامتياز .
    الواثق هنا هو النسمة الراقية التى اذهب اليها عند حوجتى لاستنشاق اوكسجين نقى .. باقى الجالية السودانية هنا لا اُحبهم ولا اُحب ان اعرفهم , او ان اعرف قصصهم السمجة المُكررة , ووسـاخاتهم , وضربهم تحت الحزام لبعضهم البعض فى جلسات النميمة , الانسان السودانى تغير كثيراً فى الداخل والخارج يا عزيزى , والاقتراب منه اصبح مثل التدخين , ضار جداً بالصحة .
    اُفكر فى العودة للسودان التعيس حتى يتلم المتعوس على خايب الرجاء .. ليس حباً فيه , ولكن تحت شعار مُكرهُ اخاك لا بطل .
    كيف هى المناضلة اليسارية الفذة عزيزة , والحلوة ميادة ؟ .. صحتك كيف ؟ .. هل ما زلت تحلم بالثورة التى لن تأتى ؟ .
    انا تركت هذه الاوهام خلف ظهرى منذ زمن بعيد , واكتشفت ان امامى صحراء قاحلة ! .. كده وووب , كده وووبين .. لا ادرى ماذا افعل ! .
    هذا خطاب قصير , ليس لاننى مشغول , بل لانى غير راغب فى ان اكتب اى كلام على الاطلاق .
    عندما تنتهى حالة القرف من الورقة والقلم سوف اقوم بكتابة خطاب اطول من لسانك .
    مع السلامة حتى نلتقى , لو مُحتاج اى حاجة نحنا تحت الخدمة .
    اعمل حساب لـ صحتك ايها الوغد الكبير .
    / حمادة / .
                  

10-11-2018, 07:02 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    36

    2007

    ازمتى القلبية الحبيبة .. ذبحتى الصدرية الاولى .
    شعرت بألم خفيف ضاغط خلف القفص الصدرى وانا اجلس امام شاشة الاب توب قُرب منتصف الليل مُتصفحاً المواقع الاخبارية الغربية, اغلقته واتجهت نحو سريرى , قمت باطفاء النور , وتمددت فى صمت , اخاف من المرض والعجز , واكره ان يحملنى احدهم الى دورة المياه لقضاء حاجتى , وانا لا استطيع ان افعل ذلك لو شعرت ان شخص يقف بالقرب من الباب فما بالك لو كان معى بالداخل ! , قضاء الحاجة بعيداً عن سمع وبصر اى انسان واحدة من اهداف حياتى , وهى من اخص خصوصياتى الشخصية , واحمد الله انه لم يتم اعتقالى طيلة حياتى لهذا السبب بالذات .
    الألم الخفيف انتشر الى الرقبة والفكين
    - يا رب .
    ثم تلاشى كل شيء كما بدأ , داعب النوم جفونى وانا اُفكر فى امراض الشيخوخة , وفى ايمانى فى لحظات ضعفى
    - يمة عطشان , عطشان .. افتحى الباب يُمة الشمس سخنة , يُمة .
    ينزاح الحجر الضخم من على ظهر الباب الحديدى المُتأكل بالصداء .. " لولو " مثل فرسة جامحة , كاكاوية
    - معليش يا حمادة حبيبى , تعال , معليش .
    سن الذهب يلمع فى الوجه المشرق .. تسحبنى من يدى للغرفة الطينية البائسة .. رجل مُمدد فى العنقريب الخشبى غارق فى دمائه الحمراء , اتراجع مذعوراً
    - ده شنو يُمة ؟ .
    - ده ابوك .. ما تخاف حمادة حبيبى .
    ينهض ابى مذبوحاً
    - انتا ولد حرام .. انتا ما ولدى .
    اصرخ فى عنف
    - حررررامى .
    اجرى فى الشارع , حافى القدمين , اجرى , اجرى .. والناس تنظر لى فى استغراب
    - حررررامى .
    اسقط على الارض بعد ان اتعثر .
    انهض مُبتلاً بالعرق , ألم لا يُطاق يُحطم قفصى الصدرى بوخزات قوية مثل دبوس حاد للغاية , اتخبط فى الظلام , مفتاح النور , اهرع لجهاز هاتفى المحمول وانا انثنى من الألم
    - عزيزة .. عزيزة انا بـ موت .
    - فى شنو حمادة ؟ .
    انظر لساعة الحائط , الثالثة صباحاً
    صوت " عزيزة " مُلتاعاً وعالياً
    - حمادة حاصل شنو ؟ .
    - تعبان شديد , مصطفى وين ؟ .
    تذكرت انه قد مات منذ سنوات .. يسقط من يدى جهاز الهاتف
    - حمادة .
    اضاءة خافتة جميلة .. غرفة غريبة عنى , افتح عيونى فى فزع
    - حمادة انا عزيزة , حمدالله على سلامتك .
    - حصل شنو عزيزة ؟ .
    - ازمة ..
    تختنق بالبكاء
    - ازمة قلبية يا حمادة .
    - انا وين ؟ .
    - نحنا فى المستشفى .
    - معقول كبرتا للدرجة دى ؟ .
    - كلنا كبرنا .. ما تتكلم كتير .
    - عارفة زمان فى الجامعة فى يوم كنتا عايز اتكلم فيهو معاك عن موضوع .
    - عارفة حمادة .. عارفة .
    - عارفة شنو ؟ .
    - عارفة اى حاجة .. عليك الله ارتاح .
    وضعت شفتيها على فمى .. قبلتنى بشفتين مُكتنزتين
    - اوعا تموت حمادة انا مُحتاجة ليك .
    " عزيزة راشد الفاضلابى " زهرة جامعة الخرطوم فى السبعينيات .
                  

10-11-2018, 07:04 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

10-11-2018, 07:23 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    تشكرات استاذ / صديق مهدى على .
    تحياتى استاذ / امير الامين حسن , شكراً , شكراً على عبء القراءة والتعليق , وانا استفيد بشكل شخصى من كل التعليقات والملاحظات مثل التلميذ المُجتهد , كل نقد اتقبله بصدر رحب , فلا تتردد فى التعليق عن اى جوانب سلبية تراها , انا اتعلم منكم .
    الحبيب الحبوب / احمد محمود , صديق تلك الايام البعيدة / ايام الايمان بالشعب غير المؤمن بنا / , اُتابع اطروحاتك الفكرية عبر المنابر المُختلفة بكل فرح وفخر , انت قلم جاد ومثقف , لك منى الحب الذى تعرفه .
                  

10-11-2018, 08:01 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    37

    1995

    بعد كل هذه السنوات تتحقق رغبتها , وهدفها النهائى فى الحياة .
    تُغادر " نهاد الحلوانى " بصمت الى حيث التحضر والانسانية القحة .
    بعد اجراءات طويلة ومُعقدة , وفتح حساب بنكى ساهمت فيه معها بسخاء على ان اسحبه بعد فترة معقولة من سفرها , تُغادر على جناح اوراق زيارة الى الدنمارك من صديقة عزيزة فى تلك البلاد البعيدة , عرفتها هى وساعدتها خلال عملها فى الدولة النفطية .. والشيخ " جاسم " قد ضجر على ما يبدو من اللحم الفلاحى او انه قد عثر على صيد جديد , وترك الحمامة تُغادر بكل هدوء على الرغم من اننا كنا قلقين من ردة فعله حيث ان هروبها دون ان يدرى سوف يتسبب فى مشاكل لى انا شخصياً .. انا من قمت باخباره برغبتها فى الخروج النهائى والاخير , وهو من وافق على انهاء صك العبودية الحديثة دون حتى التفوه باى كلمة , فقط هزة صغيرة بالراس من اعلى لاسفل .
    تجولنا فى القاهرة الكبيرة المزدحمة , تمتعنا بقهوة عند جروبى , وحاولت ان تجرب الشيشة فى مقهى راقى بوسط البلد لكنها فشلت ودخلت فى نوبة سُعال مُضحكة , زرنا المتحف المصرى ومتحف الشمع , قبلتها فى فمها لاول واخر مرة فى حديقة الاورمان , وسهرنا حتى الصباح فى الحسين ونحن نتحدث عن انفسنا , عزمتها فيلم كوميدى بايخ لنجم سينمائى شهير , مسكت يدى ونحن نجلس فى ظلام القاعة دون ان نضحك , لم نضحك حتى النهاية رغم ان من يجلسون بجوارنا كانوا مُستغرقين فى موجات ضحك هستيرى ! .
    كانت سعيدة , وردية الخدود , فلاحة تُغادر كل هذا الجهل والقذارة , تنجح فى الهروب من سجن ومستنقع العالم الثالث .
    انهينا فى الشهر العقارى مُعاملات الطلاق الروتينية , سكبنا فيها دمعتان
    - تعال معايا يا حمادة .
    - كل الارض منفى .
    - فى اى لحظة زهجت من الخليج , انا ممكن اساعدك وتيجى عندى .
    الايام التى قضيناها معا فى القاهرة , خلقت بيننا خيط متين .. كلانا يشعر اننا قد عشنا تجربة لا انسانية من نوع خاص , وكلانا يشعر باننا شركاء فى جريمة لن نتحدث فيها مع احد
    - قانون عصابات المافيا يا نهاد , السكوت الابدى .
    ذهبنا الى الموسكى , واتحفتنى بحقيبة رجالية جلدية فاخرة
    - دى عشان تتذكرنى .
    كنا نتجول فى الشوارع حتى منتصف الليل
    - مش عارفة حـ ارجع مصر تانى امتى .. يمكن ما ارجعش خالص .
    خطتها كانت واضحة من الدنمارك ستدخل الى السويد وتطلب حق اللجوء السياسى .
    زرنا للوداع الاخير قبر " عبدالمنصف " حبيب قلبها الوحيد الذى سقط ميتاً بين ايدي مباحث امن الدولة المصرية , بكت حتى سقطت على الارض , وانا قرأت الفاتحة على روحه بكل اخلاص !
    - والنبى تيجى معايا .
    - عايزك تبدى حياة جديدة وتنسى الماضى يا نهاد .. اتولدى من تانى , ارمى الفات كله وراء ضهرِك .
    تركت لى ورقة صغيرة عليها حروف بلغة غريبة وطلبت منى مُراسلتها بانتظام على هذا العنوان
    وعندما سافرت , شعرت ان القاهرة قد اصبحت بالفعل مدينة مُوحشة ومُتوحشة .
                  

10-15-2018, 09:54 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    38

    2007

    انك ميت وانهم ميتون .
    فكيف تُبصر القذى الذى فى عين اخيك , ولا تُبصر الخشبة التى فى عينك ؟ .
    فى المستشفى هنا قررت ان اكتب قصة حياتى .
    كتبت الاسم على صفحة بيضاء ؛؛ مرثية جيل ؛؛ رواية بقلم " حمادة الحاج " , لم يُعجبنى العنوان , يبدو مُتعالياً وقريب الشبه من كتاب ؛؛ كفاح جيل ؛؛ , يُعذبنى اختيار الاسم المناسب .. رغبتى تشتد مع مرور الايام ان اكتب قبل ان اموت عن " لولو " الحبشية , امى الحبيبة .. عن " ابتسام فيصل " حبى المرسوم على الجبين مثل شلوخ قبائل الشمال .. اكتب عن " عزيزة راشد " و " مصطفى شكرى " , وايام الايمان بالشعب غير المؤمن .. عن ضعفى وقوتى , الحادى وايمانى .. عن ابى المجهول .. " نهاد " المصرية زوجتى وعشيقة غيرى .. اين قبر امى الان ؟ .. ان اكتب عن " نجوى كمبال " وجيلها الاشد تعاسةً منذ 1956 .. قصة حياتى دون تزوير او رتوش .
    فتحت الباب واطلت بوجهها المجنون
    - عمو , عمو , عمو .. بابا فين ؟ .
    انعشنى حضورها الكاريزمى الباهر
    - سبحان الله يا نجوى , هسع كنتا قاعد افكر فيك .
    - حمدالله على سلامتك يا عمو .
    جلست على حافة سريرى , ونامت على صدرى
    - يا نجوى , اعقلى , احنا فى مستشفى دولة اسلامية ما ناقصين رجم بالحجارة .. امشى اقعدى على الكرسى هناك .. عرفتى كيف انى فى المستشفى ؟ .
    - سألت بتاع البقالة التحت العمارة .. عندك شنو ؟ .
    - ازمة قلبية .. ومرزوع هنا تحت الملاحظة لى اسبوع كامل .. اليوم عندهم بـ الشىء الفلانى , وهم دايرين قروش يحلوا بيها ازمات السودان الكتيرة .
    - حـ تموت ؟ .
    - احتمال كبير .
    شبكت يديها على ركبتها اليسرى ونظرت الى الارض فى حزن حقيقى
    - انا رسمتا لوحة جديدة امبارح .
    - بالجد ؟ , كده يكونوا تلاتة .
    اخرجت من حقيبة يدها الجلدية - التى ضربتنى بها ذات ليلة فى وجهى - ورقة سميكة
    - عاين , رأيك شنو ؟ .
    كانت خضراء بالكامل وعلامة استفهام كبيرة باللون الازرق السماوى فى المنتصف , واسفل اللوحة كتبت : ؛؛ عيونك يا حمادة فيها حاجة ؛؛ ثم الامضاء بخط اسود رقيق " نجوى ك "
    - رأيك شنو فى اللوحة ؟ .
    - ممتازة يا بت .. كده انا لقيت اسم لـ رواية بكتب فيها , وكمان لقيت لوحة الغلاف الرئيسية .
    - حـ تمرق متين ؟ .
    - الليلة .
    - نرجع سوا ؟ .
    - معليش يا نجوى فى ناس اصحابى برجع معاهم .
    - منو ؟ .
    - اصحابى من ايام الجامعة .
    انفتح الباب عن الثنائى الحبيب , صاح " الواثق " فى تهليل
    - براءة يا عجوز .
    وقالت " عزيزة " فى لؤم انثوى
    - معاك ضيوف ؟ .
    - دى نجوى كمبال , فنانة تشكيلية وشاعرة معروفة , معروفة لى انا بس .
    مدت لها " عزيزة " يدها فى برود سخيف للغاية شعرت معه بالحرج , بينما غمز لى " الواثق " بعينه دون ان يُلاحظ احد , توتر الجو قليلاً قبل ان تعلن " نجوى " انسحابها بكل ثبات بعد ان شعرت بالسلوك العدائى , وقفت وقالت وهى تنظر لـ " عزيزة " باحتقار واضح
    - طيب بعد اذنكم يا جماعة , ربنا يكتب لينا سلامة استاذ حمادة .
    نظرت لها فى حزن وتعاطف وهى تخرج مهزومة , وشعرت ان " عزيزة " تنظر لى فى غضب .
    اخرج اليوم من المستشفى الخاص .. هدوء نفسى لذيذ يجتاحنى , سعيد بعودتى لشقتى , زنزانتى , معقلى , حصنى الحصين .. سعيد بوجود " عزيزة " والرائع الانسانى " الواثق " .. شُلة الجامعة , ازهار كبيرة صامدة , تتحدى الزمن والعفن الطافح وتقف فى وجه رياح الحاضر المُثقلة بذرات غبار خانق .. لم يكن ينقصنا الا الراحل " مصطفى شكرى " .
    " عزيزة " مشغولة بترتيب اغراضى الصغيرة التافهة فى حقيبة جلدية انيقة - هدية نهاد قبل رحيلها للسويد عن طريق الدنمارك -
    - المعجون وفرشة الاسنان وين ؟ .
    - فى الحمام .
    " الواثق " يُثرثر فى هاتفه المحمول حول بيع قطعة ارض فى مكان ما من هذه العاصمة القذرة .. هو الوحيد الذى ظل على وفاق نفسى كامل واتصال مع جميع الاطراف التى خرجت من الحزب , والتى خانت الحزب , والتى بقيت فيه .. " مسيح " يضع يده دون استعلاء او قرف على الابرص والاعمى والكسيح , ويرفض رجم الزانية
    كل المحاولات القديمة لضمه لـ الجبهة الديمقراطية او الحزب فشلت ايام الجامعة فشلاً ذريعاً , ولكنه ظل صديقاً وفياً للناس .. وظل فى نظر الجميع زول كويس شديد حتى الان , يُحب اليساريين هكذا دون اى غرض شخصى ! .. بكى فى سماعة الهاتف عندما خرج " الخاتم عدلان " .. وبعد تخرجه من كلية القانون لم يطرح اى اطروحات عبيطة .. شد الرحال الى بلاد نفط صحراوية وتزوج من شايقية حمقاء , ابنة خالته , ارنبة ذات رحم خصب لا تفهم الا فى الطبخ والكنس والمسح والانجاب ووضع المشغولات الذهبية حول يديها واصابعها وجيدها , وضعت له فى العش ستة من الذكور .. لكنه ظل لصيقاً بالناس , هو من قدم لى فرصة العمل فى الخليج , هو من وقف مادياً ومعنوياً مع " مصطفى " , وهو من بكى عندما ترك الاخير الحزب خلف ظهره
    عاد للسودان صاحب مكتب عقارى ضخم فى اركويت .. يتحدث عن الاسعار الفلكية للاراضى وعندما يأتى دور السياسة يتحدث فى مرارة وزهد , اصر على دفع ما تبقى من حساب السلخانة البشرية .
    خرجنا نحن الثلاثة , خرجنا ونحن نُمسك ايدى بعضنا البعض .. قال فى صوت قريب من صوت " مصطفى "
    - الزملاء والزميلات .. ترحب بكم الجبهة الديمقراطية فى ركن نقاش هام .
    " عزيزة " هى اول من احتضننى ثم جاء " الواثق " .. تكومنا على بعضنا مثل فريق رياضى يتعهد افراده على النصر قبل بداية المباراة
    - الله يرحمك يا مصطفى .. حمدالله على سلامتك حمادة .
    عرفت ان هناك من يُحبنى فى صفيحة القمامة هذه والتى تُعرف باسم الوطن .
    يا فرحتى ما زلت احيا .
                  

10-22-2018, 09:53 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    39

    2008

    قارة اطلانتس التى ابتلعتها المياه .. استيقظ الناس ذات صباحاً كالح ولم يجدوها .
    اختفت " عزيزة راشد الفاضلابى " , رحلت عن خارطة من تعرفهم ويعرفونها .
    امكث فى شقتى اياماً طويلة دون ان اخرج , اقول ربما ستأتى , انتفض مع كل صوت لخطوات آدمية على بلاط الردهة الخارجية .
    احسب الساعات والثوانى .
    اكملت اليوم شهرها الثالث بالتمام والكمال .. تحول البحث عنها الى قضية سماوية , نعمل انا و " الواثق " لنشرها على الارض .
    يوم سبت ثقيل , ماتت " ميادة مصطفى شكرى " ودخل زوجها الخروف الاسترالى فى غيبوبة عميقة لمدة اسبوع قبل ان يُقرر اخيراً ان يصعد هو الاخر للملكوت الالهى .
    تفاصيل غير مُترابطة , اخبار مُتناثرة وروايات مُتضاربة , شباب مُراهق ابيض اللون طاردهما بواسطة سيارة رياضية سريعة , تم تبادل كلمات عنصرية وقـحة قبل الدهس .. اتخيل وجه " ميادة " المرعوب , اتخيل تفاصيل النهاية , اطارات مطاطية تُحطم قفصها الصدرى , دمها النازف بشدة على اسفلت قارة بعيدة , انجليزيتها البدائية .. اضعها على قدمي طفلة تحب البسكويت
    - بتويت .. بتويت .
    اجلب لها منه اشكال والوان , طفلة ذات ضفيرة .. واضحك عليها شابة من مُعاناتها مع اللغة الانجليزية
    - مش عيب عليك يا ميدو ؟ ماما اشهر استاذة لغة انجليزية وانتى بليدة فى الانجليزى .
    - ما بحبو .
    كانت هذه علامة التمرد الاولى على المؤسسة العائلية التى تضع الخطوط الحمراء والصفراء والبنفسجية .
    " ميادة مصطفى شكرى " .. كم مرة تبولتى على بنطالى ؟ .. كم مرة تحدثتى معى عن ماما " عزيزة " ؟
    - ماما ما دايرة تقتنع انى بقيت زولة كبيرة يا عمو حمادة , لسه قايلة انى شافعة صغيرة .
    - معليش ميدو .. انتى بتها الوحيدة فى الدنيا ولازم تحبك شديد .
    - بس فى فرق بين الحب والامتلاك .. يعنى ما ممكن ماما ترسم لى طريق حياتى .
    - ممكن تفرضى رأيك ووجهة نظرِك بدون حدة وعصبية , ودايماً حاولى تخليها تحس انك بتحبيها زى ما هى بتحبك .. فاهمنى يا ميدو .
    وصل الخبر نفس يوم السبت الثقيل .. حاولت " اجلال " الشقيقة الكبرى وزعيمة آل " الفاضلابى " تخفيف وقع الصدمة الكارثية على " عزيزة " , قالت انها لم تذرف دمعة واحدة , وكأنها تحت تأثير تنويم مغناطيسى طلبت هاتفها المحمول وارسلت لى رسالة قصيرة
    ؛؛ حمادة , ميادة ماتت فى حادث حركة فى استراليا , البركة فينا ؛؛
    وبعدها اختفت من المنزل .. بحثنا عنها فى كل شبر من حى الموردة .. بحثنا عنها فى مشرحة المستشفيات العامة وعنابرها المختلفة , بحثنا عنها فى اقسام البوليس .. وضعنا احتمال الاعتقال , قام " الواثق " باجراء اتصالات مع شخصيات رفيعة المستوى فى الاجهزة الامنية , انتهت كل المحاولات بالفشل الذريع .
    خرجت ولم تعد , مثل اعلانات الملصقات الورقية فى حوائط السوق العربى , خرجت ولم تعد , يسارية مُلتزمة وسليمة العقل .
    للشهر الثالث على التوالى , ابحث عنها كالمجنون فى الشوارع .
    منذ ان طبعت قبلتها على شفتي فى المستشفى وهى ترفض ان تنظر فى عيونى مُباشرةً مثل ايام زمان , شعرت هى بالندم والذنب , وشعرت انا بالاحراج .
    اين انتِ ؟ .. اين ؟ .
    " اجلال " زعيمة أل " الفاضلابى " اعتبرت ما حدث فضيحة صادمة فى تاريخ اسرة امدرمانية عريقة , ان تختفى امرأة فى ظروف غامضة .. نسجوا قصة ساذجة عن زهايمر طارىء , خيوط ملونة صنعوا منها قطعة تريكو لتغطية سطح المنضدة المخدوش .
    اعرف معنى العذاب يا " عزيزة " تعالِ نتزوج ونضع صورة " مصطفى " و " ميادة " فى غرفة نومنا .. ارجوكِ تعالِ .
    مثل الاساطير القديمة تبخرت " عزيزة راشد الفاضلابى " فى الهواء الطلق .
                  

10-22-2018, 10:22 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    40

    2007

    تعلمت الخوف .
    ازمتى القلبية كسرتنى , والمحاذير الطبية السخيفة حولتنى لشظايا .
    لا افراط فى الجنس / ولا تفريط بطبيعة الحال / , النوم المبكر , عدم الاجهاد الجسدى والذهنى , لا تدخين , الاكل الصحى , التقليل بقدر الامكان من المُنبهات مثل الشاى و القهوة
    اخاف من الموت .
    تحولت وحدتى لجحيم , اول مرة يُحدثنى " الواثق " امس عن الزواج , طيلة هذه السنوات كان يرفض الخوض فى تفاصيل حياتى الخاصة بتهذيبه العالى المعروف
    - حمادة انا قلقان عليك .
    - ما تخاف .. ان الكلاب طويلة الاعمار .
    اغتصبت ابتسامة مصنوعة وباهتة على الشفتين , وتجهم هو
    - فى زول عندنا فى الحلة فى اركويت مات ومافى زول جاب خبرو لحدى ما الجثة ريحتها طلعت .
    - انا جثتى حـ تكون ريحتها كالونيا .
    - عليك الله اتزوج يا حمادة , يا اخى حرام عليك , الزول يشيل هم شغلو واسرتو , وكمان يشيل همك .
    - انا زى الحديد يا الواثق .
    - بالله لا حديد لا صفيح , بكل صراحة وما تزعل منى , عزيزة بقت وحيدة وانتا وحيد .
    - خليت السمسرة وبقيت خاطبة ؟ .
    - على الاقل انتو بتعرفو بعض كويس خالص , ودى اعظم هدية ممكن تقدمها لـ مصطفى , انك تشيل عزيزة فى عيونك وتحميها من الوحدة والزمن .
    انا لا اعرف ما اُريد يا " الواثق ".. انظر لزحام الناس فى الشوارع , هل يعرفون اهداف وخطط مُعينة واضحة يعيشون من اجلها ؟
    حالة عقاب النفس هذه تجعلنى فى منتهى السعادة .. لو عرفت ماذا اُريد من الدنيا كنت ساكون انسان آلى وطبيعى مُبرمج , ومثل الجميع , يتزوج ويخون ويُخان ويموت
    الغروب والوحدة , خيوط الشمس الذهبية وهى تنعكس على شرفتى , البخار يتصاعد من كوب الشاى امامى مثل كوبرا تتراقص على انغام فقير هندى
    وحيداً , انظر للناس فى الشارع , يتكلمون بحماس مُنقطع النظير فى مواضيعهم التـافهة المُعتادة
    من بعيد شاهدت " نجوى كمبال " , لديها بنطال جينز اسود خالد وتي شيرت ابيض مرسوم عليه " ميكي ماوس " وهو يبتسم ابتسامة امبريالية بغيضة , رفعت بصرها نحو شقتى فى الطابق الرابع , التقت العيون , رفعت يدها نحوى فى تهليل صبيانى بهيج .. شعور مُتناقض اجتاحنى , شعور انها ستجعل من ليلتى هذه قوس قزح مُلون , والرغبة فى ان ابقى وحيداً
    سمعت صوت فتح الباب - اصبحت تمتلك الان مُفتاحاً -
    - حمادة .. حى انا منك .
    احتضنتنى بشدة
    - يا بت احنا واقفين فى البلكونة .
    حملت كوب الشاى وتبعتها داخل الغرفة
    - الحمام بسرعة , عايزة ابول .
    كتلة من الحركة والتناقض .. احياناً اُفكر عندما اضع جسدى العجوز على جسدها الشاب , كم مرة مارست الجنس هذا اليوم ؟ , ومع كم شخص ؟
    غضبت عندما استعملت ذات مرة العازل الطبى
    - انا ما عندى ايدز .
    - خايف عليك تحملى منى .
    - لا ما تخاف يا عمو , انا بعمل حسابى كويس بالحبوب .. مرة تانية ما تستعمل العازل .
    جاء صوتها وهى تتبول
    - قلبك كويس .
    - حديد .
    متى ستأتى الازمة الثانية ؟
    - لو موتا حـ تبكى يا نجوى ؟ .
    - لو انتا موتا انا حـ انتحر ؟ .
    كلام , كلام .. لا احد ينتحر , ولا احد يتذكر احد
    - بالمناسبة صحبتك الكانت فى المستشفى شكلها بتغير عليك .
    خرجت عارية من الحمام , جسدها البرونزى قادر على اشعال النار فى جميع اعضائى , اصوم عنه شهور واسابيع واعود اليه اكثر نهماً
    دفعتها بقوة نحو سريرى
    - تعالى نموت سوا .
    ارتميت عليها
    - ح ح حمادة .
    فجأةً جاء صوت " ابتسام فيصل خليل " يغمر الغرفة , اعود شاباً يُعلم التلاميذ اللغة الانجليزية وهو لم يتعلم لغة الحياة !
    - ح م ا د ة .
    " ابتسام " التى ضاعت فى دروب الدروشة
    - اها .
                  

10-23-2018, 09:17 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    41



    2009

    عادة غريبة تملكت " مصطفى شكرى " , كان يُشعل السيجارة بين اصبعيه ويتركها تحترق حتى النهاية دون ان تقترب من شفتيه
    - ممنوع من التدخين بـ أمر الاطباء .. وممنوع من السياسة بـ أمر الحكومة .
    كان يغضب لو لم اُحضر له من الخليج علب السجائر غالية الثمن
    - وليه العذاب ده يا مصطفى ؟ .
    - عشان بتكيف من شعور العجز , حاجة بين ايدك وما قادر ترفعها لخشمك .. حاجة زى العلاقة بين قوى التحديث والشعب .
    - عليك الله ما عايزين كلام فى السياسة , بلا شعب بلا كلام فارغ .
    من هو الشعب ؟ .
    ايام مُراهقتى السياسية , كانت هذه الكلمة تعنى لى الكثير .. الان اصبحت بلا طعم , سخيفة ودون مذاق حقيقى مثل طعام مستشفيات القطاع العام .. اكره خطابات السادة الاشاوس فى الحكم والمعارضة عن الشعب الذى يفهم ويعى .. هل لو كان يفهم ويعى ويقدر على الانجاز , كنا سنصل لهذا الانحطاط ؟
    افهم تماماً الان الحكمة فى سجائر " مصطفى " المُحترقة بين اصبعيه
    - حليلك يا درش .
    وانا لم اصل الا بعد وفاة " مصطفى " , ولم اصل الا بعد وفاة " الواثق " .
    حتى انت يا " بروتس " ؟ .
    حتى انت يا سندى , وعكازى ؟ .
    يا شاى المغرب بالحليب الابيض المُغذى , حتى انت ؟ .. ونحن نتحدث عن " عزيزة " , عن الاختفاء الغامض .. صوتك المُتهدج
    - يا حمادة انتا وين ؟ مُشتاق ليك شوق مطر .. تعال لى الليلة فى البيت .
    " الواثق " يسقط بالجلطة .. اخر الانباء فى اذاعة تعاستى الخاصة .
    شبكة غريبة التفت حول عنقه , شيكات بدون رصيد , تزوير فى اوراق قطعة ارض كبيرة المساحة فى منطقة راقية للغاية .
    زوجته الشايقية الحمقاء تتحدث معى عبر سماعة الهاتف دون انقطاع
    - الواثق فى الحراسة .. اولاد الحرام ديل دبروا ليهو خازوق عشان يطلع من السوق , فى واحد من الاولاد الشغالين معاهو فى المكتب هو العمل فيهو المقلب ده .
    - الواثق هسع فى ياتو حراسة .
    كنت اسمع منه كلام غير مترابط عن مكتب عقارات مجاور له فى اركويت
    - المكتب ده بتاع وزير ولائى من الباطن , كوز لطخ , عرضوا على نوحد الشغل , تعرف هددونى عديل كده .
    ذهبت اليه فى محبسه الاجبارى .. اسد الغابة نزعوا منه الصولجان خلف القضبان
    - مافى عوجة .. مافى عوجة يا حمادة .
    - الشيكات بـ كم ؟ .
    - حمادة ما تشغل بالك .. بس خليك قريب من زوجتى والاولاد .
    - طيب وقصة الاوراق المزورة ؟ .
    - حمادة ده كلام ما حـ تفهموا .. بس عايزك تعرف حاجة واحدة , انا ما حرامى .
    طعنتنى العبارة الاخيرة فى الصميم
    - انا ممكن اعمل شنو ؟ .
    - بس خليك قريب من الاولاد .. تمام ؟ .
    اتذكر اجتماعات بيت المال , والده , والدته , اخته الصغيرة ذات القدم الواحدة
    - ما قدرتا تقنع الواثق يخش لا الحزب لا الجبهة الديمقراطية يا مصطفى ! .
    - الواثق ده حالة خاصة جداً يا حمادة .. انسان نادر بشكل حقيقى لما يقول ما داير يعمل حاجة لازم الزول يحترم رغبتو .
    فى المساء صرخت الشايقية فى سماعة هاتفى
    - ووب علي .. ووب علي .. صحبك وقع بـ جلطة فى الحراسة وهسع فى الحوادث .. امشى وين انا ؟ , امشى وين ؟ .
    عندما خرجت مُهرولاً فى الشارع اكتشفت اننى ارتدى ملابسى الداخلية فقط .
    يا فرحتى ما زلت احيا .
    اقود بجنون , لكننى تأخرت .
    تذكر انك انت من اخترت الرحيل عنى .
    تذكر ذلك جيداً .. عباراتك ترن فى اذنى
    - لما تكون متضايق وزهجان تعال لى نتونس سوا عشان ما تجن .
    اذهب اليك فى المكتب العقارى الفخم .. اُداهمك على حين غرة جالساً على سجادة صلاة هادئة الالوان .. جالساً فى خشوع غير مُزيف , خشوع غريب عنى .. خشوع اشتاق اليه واشتهيه
    - هسع يا الواثق انتا مقتنع انو فى جنة ونار ؟ .
    حركة صغيرة من العيون اُدرك انك لا تحب النقاش فى هذا الموضوع الحساس
    يا ابن مروى الوديعة رحلت وتركتنى للفراغ .. اصبحت مثل موظف مكتب الاحصاء اُحصى عدد الذين رحلوا عن ارضى المهتزة التى اقف عليها
    كنت اقول لك مُهرجلاً
    - اقتل جنا الشايقى وخلى جنا الدابى .
    حركة صغيرة من العيون اُدرك اعتزازك باصلك وفصلك , وانك لا تحب التهريج فى هذا الموضوع .
    رحلت ليلاً .. و " مصطفى " رحل فى ظهيرة ساخنة .. فى تباشير خريف رحلت انت , حتى ان جثمانك كان مُبتلاً برذاذ مطر نقى .
    تركتهم فى طقوس صلاة جنازتهم , وقفت فى الصف الاول , احدق بين طيات الظلام فى جثمانك , الان اصبح عدد احبابى من الموتى اكثر من الاحياء
    - الواثق حسن مختار .
    نقف بين " مصطفى " و " عزيزة " فى يوم عرسهم .. رباعى لا علاقة له بهذا الزحام الصاخب .
    انت يا من حملت همى , واخرجتنى للخليج .
    اندفعوا بعد الدفن مثل الجراد يتسابقون للمغادرة , اولاد الحرام يتركونك وحدك هنا فى الخلاء يا " مسيح " .. صعد معى فى سيارتى اربعة اشخاص مُتجهمين لا اعرفهم ولا اُحبهم , تحركت سيارتى فى بطء .. افكر فيك , وفينا .. الصمت الخشبى الذى حل محل الدموع بعد حذفها .. ارفع هاتفى المحمول , اطلب رقمك الخاص
    - هذا الرقم لا يُمكن الوصول اليه حالياُ .
    من قال ذلك ؟
    - يا جماعة معليش , اتفضلوا انزلوا هنا انا راجع المقابر تانى .
    نظرت الوجوه المتجهمة الى فى خوف وحذر واندفعوا للخروج فى خطوات سريعة
    - يا حاج حسن السلام عليكم .. الواثق موجود .
    تشع ابتسامة من الاسنان التى انهكتها الازمنة ودخان السجائر
    - اتفضل يا حمادة يا ابنى .
    اخته الصغيرة ذات القدم الواحدة تجلس على الرمل ترسم اشكالاً عجيبة
    انطق ذلك الاسم الثلاثى الحبيب
    - الواثق حسن مختار .
    لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
                  

10-24-2018, 05:57 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    42


    1979

    فى الايام التى ماتت فيها , طلبت منى قراءة بعض صفحات من الانجيل .
    قرأت لها وانا فى اندهاش
    - انتى رجعتى مسيحية تانى ؟ .
    - كلو كلام الرب حبيبى .. كلو كلام واحد .
    فى يوم ثلاثاء عصراً ماتت " لولو " .
    ماتت وهى فخورة بشهادتى الجامعية , ومهنتى كاستاذ لغة انجليزية فى المراحل الثانوية .
    تعب الجسد الذى تعذب تحت اجساد الرجال وقرر الرحيل دون ضجة .. فى نفس يوم الثلاثاء صباحاً احتضنت الانجيل على الصدر الضامر وقالت الكلمات الاخيرة لها فى هذه الدنيا قبل الدخول فى الغيبوبة الابدية
    - انا عارفة انك عارف .. سامحنى , ما كان عندى طريقة تانية .. معليش حبيبى معليش .. اغفر لى .
    هل كانت تتكلم معى , ام مع الرب ؟ .
    ليغفر الله لنا الخطايا , ويرحمنا جميعاً .
    حتى فى الموت كانت غامضة .
    بعد مراسم الدفن وانفضاض الناس .. ركعت على قبرها واضعاً يدي على كومة التراب الكبيرة .. قرأت لها من الانجيل صفحات عديدة
    عاشت مسلمة وماتت مسيحية , ودُفنت فى مقابر المسلمين الفقراء .
    يا جسد تعذب تحت اجساد الرجال .
    ارحمنا يا رب , ارحم امى الحبيبة .
    " لولو " الحبشية .. اين مشاوير الزيت والسكر والشاى ؟ .. اين نقود الحلوى .. والشخصيات عجيبة الاشكال ؟
    - حمادة امشى اشترى حلاوة من الدكان .
    اذهب واعود , اطرق الباب المُغلق .. لماذا اغلقت امى الباب , لماذا ؟
    - حمادة امشى جيب زيت من الدكان .
    اذهب واعود , والباب مُغلق .. لا احد يفتح .. اجلس بجوار الباب وابكى
    - يُمة .. يُمة .. افتحى لى عليك الله .. الـواطـة سخنة يُمة .
    ينزاح الحجر الضخم من على ظهر الباب الحديدى المتأكل بالصداء
    - تعال حمادة , معليش حبيبى .. معليش .
    مُرهقة فى لباس شفاف .. قوية مثل فرسة .. كاكاوية .. ينسدل الشعر المُجعد على الاكتاف
    عشت تفاصيل العذاب , الاب العاطل المدمن القاسى , شرس فى صحوته وفى غيبوبة سُكره , جلاد فى حجرة تعذيب , يضربنى ويضرب امى بقسوة غريبة للغاية
    يضع قدمه على رقبتها وهى مُمددة تنزف من انفها على الارض
    - داير قروش , يعنى داير قروش .
    وانا فى العاشرة من عمرى شاهدت كل شيء من خلال النافذة الخشبية القديمة .. الصراخ والشتائم البذئية .. ارتفاع الصوت وانخفاضه , هو السكران دائماً , وهى التى نبتت فيها مخالب لبؤة شرسة .. البحث الدائم عن النقود , لا ياتى الا من اجلها .. يختفى اسابيع ويعود , المدمن الذى لا يعرف الرب والرحمة
    فجأةً صرخ
    - لا , لا , لا .
    ارتفع الساطور مُحطماً الجمجمة .. امى تمتلك قوة بدنية هائلة .. ارتفع الساطور فى رشاقة بديعة وهوى على الراس السكران
    - أأأأأأأأأأأخ .
    نوافير الدم تصاعدت .. اتذكر كلما شاهدت مهرجانات الالعاب النارية , الدم وهو يتطاير من راس من يُفترض انه ابى
    جريت .. جريت .. جريت .. جريت , حافى القدمين , مرعوب , اللسان لا ينطق ولا يتكلم
    - يُمة لا .. يُمة لا .. يُمة لا .
    كثيراً ما ذهبت الى الشارع الذى جريت فيه تلك الليلة , امشى فيه مُتمهلاً , اتذكر الطفل حافى القدمين وهو يجرى وامه ترتكب جريمة قتل كان يجب ان تكون لانها الخلاص الوحيد .. امى الذكية , ندمت اننى لم اعرف منها كيفية ارتكاب جريمة دون عقاب !
    عندما عدت فى المساء مرعوباً كانت هناك حشود هائلة من البشر امام البيت
    - ابوك مات يا حمادة شد حيلك .. انتا هسع راجل .
    سمعت من الهمهمات انه تشاجر فى الانداية .. كانت هناك فى العيون مُؤامرة وصمت خفى , حتى الفقراء يعرفون كيفية التحايل على قوانين البرجوازية المتعفنة !
    كيف خرج وذهب للانداية بعد تلك الضربة القوية على الراس ؟ .
    - لا حول ولا قوة الا بالله .. اللهم اغفر له وارحمه .
    الغرفة التى تمت فيها المذبحة كانت نظيفة دون اى قطرة دم واحدة .. ظللت ابحث اسابيع طويلة عن الساطور دون جدوى
    - حمادة حبيبى .. بتفتش على شنو ؟ .
    يا لصوته الصاخب
    - يا شـرموطة , حمادة ده ما ولدى ؟ .. ده ولد حرام , ولد عيونو خضرا يكون ولدى كيف ؟ .
    كم تعذب ذلك الطفل الصغير ؟ .
                  

10-24-2018, 06:10 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    43

    2009

    ستة من الذكور وقفوا يسدون عين الشمس
    - الفاتحة .
    يقفون فى حركة واحدة مُتناسقة , مثل فرقة راقصة للفنون الشعبية مُوحدة الايقاع
    - الفاتحة .
    انظر لهم فى اعجاب وتقدير .. ستة من الذكور الاصحاء , الاقوياء .. ابناء " الواثق حسن مختار " .. اشعر اننى غريب بينهم , علامة لا معنى لها فى جملة غير مُفيدة
    - خليك مُرتاح يا خال .
    حتى وقفتى معهم فى طقوس الفاتحة العجيبة , طلبوا منى ان ارتاح فيها !
    كم مرة تحدثنا انا وهو عن اهمية الاسرة بعد ان طلب منى الزواج ؟ , انا بلسانى الوقح , وهو بهدوء لا يعرف الاستفزاز وبخوف حقيقى على مستقبل شيخوختى كانسان وحيد
    - ما فى تحديد نسل يا ابو الشباب ؟ .
    - الله اكبر عليك .. خمسة وخميسة .
    - لا بالجد والله , يعنى العالم ناقص ناس ؟ .
    - نحنا فى الصداقة وحاجات زمان واحد .. لكن فى النظرة للحياة الخاصة , نحنا مدرستين مُختلفات .
    - كيف مدرستين مُختلفات ؟ .. بنين وبنات ؟ .
    - انا بحب العزوة , تخيل كده يوم موتك , ستة شباب يكونوا واقفين فى الصيوان ويشيلوا الفاتحة على روحك .
    - هسع بعد ما الزول يموت .. الفرق شنو بين انك ما تلقى زول يدفنك , او العالم كلو يقيف يشيل الفاتحة على روحك , فى النهاية انتا ميت .. مش كده ؟ .
    - وجهة نظر ما سليمة ومعليش لو قلتا ليك وجهة نظر انانية .
    - شكرا على ذوقك يا سمسار الاراضى .
    - عارف معنى الحياة شنو ؟ .
    - انا لو كنتا بعرف معنى الحياة , ما اظن كنتا بتكلم معاك .
    - الاسرة يا حمادة .. تخيل ! .. حاجات كتيرة بتتراجع فى اهتماماتك كل ما العمر مشى , وفى النهاية كل تفكيرك بيكون فى اولادك .
    - وجهة نظر غبية .
    - ده قانون الطبيعة .
    - ده عشان نحافظ على النسل , غريزة موجودة فى كل الحيوانات , عشان ما تنقرض , وافتكر الانسان احسن ينقرض .
    - على الاقل بيكون فى تبرير انك عايش لشنو .. ده عيان , ده سقط فى الامتحان , ده داير يتونس معاك فى السياسة .. يعنى باختصار بتلقى نفسك بتعمل فى حاجة مفيدة .. عزوة يا حمادة , اكتاف من لحمك ودمك واقفة جنبك لو قلتا أأأخ .
    " لولو " الحبشية تقبض يدى فى الماضى السحيق .. وصوت شجارها مع الجارة اللعينة , الابناء الخمسة ضربونى حتى سال الدم من فمى وانفى , تجمعوا حولى واوسعونى ركلاً
    - يعنى عشان حمادة وحيد ما عندو اخوان ؟ .. اتفو عليكم , بهايم ما عندكم رحمة .
    - الفاتحة .
    ستة من الذكور يقفون فى حركة مُتناسقة بديعة .
                  

10-24-2018, 06:37 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    44

    2011

    الحُلم يأتى ويذهب .
    لا يُريد ان يختفى .. يُعذبنى مثل حرقة الجمر على القدم العارى .
    استيقظ على جسد ضخم يرتدى قميص ناصع البياض فى الظلام الدامس , ينظر لنا انا وامى من على حافة السور الخارجى للمنزل , يقف على السور الطينى المتأكل .. اُريد ان اصرخ
    - حررررامى .
    ينعقد اللسان من الخوف , والجسد يهبط الى حوش المنزل , ضخم , بقميص وسروال .. ينظر لى ويتقدم نحو سرير امى .. اتخبط فى العرق والهلع .. اتكلم دون ان افتح فمى
    - يُمة , يُمة , اعملى حسابِك .. حررررامى .
    اللسان لا ينطق والجسد الضخم ينحنى على امى , وهى تُقاوم فى ضراوة , يرفع ساقيها مُحاولاً تعريتها فى الجزء الاسفل
    - ووب علي , ووب علي .. عليك الله لا .. حمادة ولدى بشوفنا , حمادة امشى الدكان اشترى حلاوة .
    اصرخ بكل قوتى
    - حررررامى .
    تنهض امى مفزوعة
    - حمادة بسم الله .. بسم الله حبيبى .
    تضع راسى الصغير على صدرها الريان
    - ده حلم يا حمادة .. اعوذ بالله من شر الاحلام .. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
    تقرأ على اذنى بصوتها الذى ارهقته السنوات
    - قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق .
    يا للمذاق الباهت لحبوب النيتروغليسرين تحت اللسان .
    وخزات الدبوس الحادة كانت تطعن فى الصدر , ثم انتقلت الى الذراع اليسرى .
    وانا هنا للمرة الثانية , نفس المستشفى الخاصة , ونفس غرفة المرة الاولى بالمصادفة البحتة ! .
    لكن لن ينفتح الباب عن احد هذه المرة .
    حتى " نجوى كمبال " تعرفت على عجوز فرنسى فى ردهات المركز الثقافى الفرنسى , تحدثا كما قالت لى ذات مرة عن اهمية توطين الفن التشكيلى فى مناطق النزاعات الاثنية فى عموم القارة الافريقية , عجوز فى بدايات تسعينيات عمره , تزوجته , وهى معه الان فى باريس منذ عام ونصف , قالت انها ستعود لرعايتى من جديد بعد وفاته , لكن يبدو اننى من سوف اموت فى البداية !
    - بابا .. وين family ؟ .
    السستر الفلبينية تتعاطف معى وتندهش اننى وحيد ومقطوع من شجرة , كل الغرف الاخرى تضج بالحياة , خروج ودخول الناس فيها , الضحكات المكتومة , اكياس حلوى صغيرة زاهية الالوان , وفاكهة ذات رائحة لطيفة , وصحف يومية , سندوتشات دسمة تدخل خلسة مع زائر للمرافق , اطفال وشيوخ ومُراهقات , احاديث محلية ودولية عبر هواتفهم .. الا انا , لا احد يدخل غرفتى او يتحدث معى غير الطاقم الطبى ! , احتمى من صمت غرفتى وصمتى بصفحات رواية احضرتها معى Tale of Two Cities , رواية عجوز وقديمة مثلى , فيها رحيق المرحلة التى احبها من عمرى , وعليها فى مُعظم الصفحات الداخلية شخبطة بقلم رصاص حول بعض الكلمات الكلاسيكية الصعبة بخط يد " عزيزة " شخصياً
    - بابا .. وين family ؟ .
    نظرت للائحة الاسماء فى هاتفى , لن اخسر سوى قيودى بهذه المحاولة , طلبت الرقم المنشود , ربما تكون قد ابدلته برقم جديد , انتظرت فى صبر
    - الو .
    كان صوت رجل
    - دى مش نمرة الاستاذة ابتسام فيصل خليل ؟ .
    - ايوه , انا ولدها .
    - الاستاذة موجودة ؟ .
    - الوالدة رجعت امريكا .
    - رجعت اجازة ؟ .
    - معاى منو لو سمحتا ؟ .
    - انا من مكتب قناة الجزيرة وكنا عايزيين نستضيف الاستاذة فى برنامج عن المرأة السودانية .
    - ايوه , معليش والله يا استاذ , الوالدة بعد وفاة الوالد زى شوية تعبت صحياً فى السودان ورجعت تانى بشكل نهائى لامريكا ليها زى سنتين .
    - وانا ؟ .
    - نعم ؟ .
    - وانا هسع القى ضيفة وين للبرنامج ؟ .
    تداعيات مابعد عملية الجراحة الدقيقة فى القلب تتطلب الراحة التامة فى السرير والابلاغ الفورى عن اى اعراض غير طبيعية مثل التنميل وعدم القدرة على تحريك اصابع اى من الاطرف
    الدقة والانضباط , القلب واحد من اهم الاعضاء الحساسة فى الجسم , التعليمات لما بعد العملية باللغة العربية والانجليزية , ادخل فى الرابعة عصراً , ساعة يدى الذهبية ومفتاح شقتى وبعض الاغراض التـافهة الاخرى وضعتها عند موظفة الاستقبال , شحنت رصيد هاتفى المحمول وطلبت منها الاتصال بجميع الارقام الموجودة فيه لو حدث لى مكروه , ارقام الزملاء الاعداء فى صحيفة الشروق , ورقم صاحب البقالة تحت شقتى , ربما يتكرم احدهم فى لحظة شهامة نادرة باجراءات دفنى .. فعلت كل ذلك بثبات
    فى دقة توقيت الانقلابات العسكرية , عند الرابعة الا خمس دقائق وضعونى على النقالة المتحركة , يدفها احد من الامام واخر من الخلف , لمحت السستر الفلبينية تسير بجوارى بخطوات سريعة
    - سستر .
    نظرت الى وجهى , قلت وانا اُحرك راسى مثل الهنود
    - انا family مافى .
    اشاحت عنى بـ ألم
    فى الرابعة تماماً كنت فى مُنتصف غرفة العمليات
    - ح م ا د ة .
    لو تعود تلك الايام , ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
    انتم الذين لا تعرفون امر الغد , ماهى حياتكم ؟ .. انها بُخار , يظهر قليلاً ثم يضمحل .

                  

10-24-2018, 06:45 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)


    يا رفيقى الحاضر هنا , ما من احد حملك على الفرار .. ولست مسئولاً عن ذلك .. لقد بنيت سلامك الشخصى بكثرة ما سددت بالمُلاط - كما تفعل حيوانات السرف - جميع منافذ النور , لقد تقوقعت فى طمأنينتك البرجوازية , فى رتابتك , فى طقوس حياتك الريفية الخانعة , رفعت هذا السور فى وجه الرياح والمد والنجوم .. انك لا تُريد الانشغال بالمعضلات الكبرى .. كلفت نفسك ما يكفيها من عناء لكى تنسى وضعك كانسان .
    انطوان سانت اكسوبرى
    النهاية
                  

10-24-2018, 09:55 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    شكراً استاذ / يوسف طه .
    شكراً .. شكراً , لكل من تكبد عناء وعبء التعليق والنقد عن طريق الواتس اب / قاتل البريد الالكترونى / .
    انى احبكم فكونوا مثل ما اهوى , طيور الازمنة .
    فى الناس المحبة .. وعلى الارض السلام , آمين .
                  

10-24-2018, 10:04 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    hiding-ii-mats-eriksson2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    المرحاض
    السيرة الذاتية الكاملة للدكتور مهدى الماحى

    لوحة الغلاف للرسام Mats Eriksson
    SNB_5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    الاهداء

    لروح الصعـلوك الاعظم فى تاريخ الكتابة البشرية .
    الى الايرلندى المُنحرف والعبقرى .
    " أوسكار وايلد " .
    كاتباً .. ومفكراً .. ومسرحياً .. وشاعراً .. وروائياً .. ومثلياً جنسياً .
    تحية لروحك المُتوحشة وهى تحترق فى الجحيم .
                  

10-24-2018, 10:13 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    خلال مروره بـ " أثينا " , قال غريب , خبير بالوجوه , مُباشرةً لـ " سقراط "
    - انت قبيح , وفيك أقبح العيوب وأسوا الشهوات .
    وقد اكتفى " سقراط " بأن اجاب
    - لشد ما تعرفنى جيداً .
    ***

    الذاكرة هى ما تبقت لنا يا شاهين .. الذاكرة التى تربط الحاضر بالماضى , الذاكرة التى تفضح الاعداء وتعرف الاصدقاء .
    لو اختفت من أذهاننا مثل ذاكرة جهاز الحاسوب المصاب بالفيروس فسوف نختفى من الوجود .
    (مُقتطف من رسالة الكترونية شخصية , من صديق عزيز على قلبى وعقلى)
    ***

    وطني انقذني
    رائحة الجوع البشري مُخيفة
    وطني انقذني , من مدن سرقت فرحي
    انقذني من مدن يُصبح فيها الناس
    مداخن للخوف وللزبل , مُخيفة
    من مدن ترقد في الماء الأسن
    كالجاموس الوطني
    وتجتر الجيفة
    انقذني كضريح نبي مسروق
    في هذي الساعة في وطني
    تجتمع الاشعار كعشب النهر
    وترضع في غفوات البر
    صغار النوق
    يا وطني المعروض كنجمة صبح في السوق

    مُظفر النواب
                  

10-24-2018, 10:21 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    - دكتور مهدى الماحى .. انتا خراء كبير .
    اتحدث مع نفسى كثيراً عند الاستيقاظ من النوم .. اتحدث مع نفسى حتى اطرد الوحدة الخانقة
    انا وبلا فخر , رئيس وهمى لحزب وهمى , مُجرد سكرتير تافـه لملياردير يمنى الاصل عنده نفوذ كبير فى تنظيم الاخوان المسلمين العالمى
    انا مُجرد يافطة كبيرة من القماش يتم التلويح بها عبر الاعلام
    اكاديمى ذو توجهات ليبرالية .. مُؤمن والحمد لله باقتصاد السوق الحر والخصخصة .. الشخص المناسب فى المكان المناسب للقرن الحادى والعشرين
    ألم فتحة الشرج بدأ فى التصاعد , تجاوزت الخمسين بقليل يجب ان اتوقف عن المُمارسة الماراثونية , مرة واحدة تكفى فى الأسبوع
    عندما نهضت عارياً لدورة المياه , لمحت بقعة دم مُتجمدة ومتوسطة الحجم على المرتبة البيضاء , هذه هى المرة الثالثة التى انزف فيها من الخلف خلال النوم , يجب ان استشير طبيب
    حملت جسدى الخمسينى المُرهق ووقفت امام المرآة انظر له فى تمعن , عندى بشرة ناعمة جميلة , ودرجة معقولة من الوسامة , واجتماع حزبى فى العاشرة صباحاً .
    ***

    اشترى كل الصحف السياسية التى تصدر فى الصباح , وامر عليها بعيونى مرور الكرام فى عُجالة عند المساء واتوقف عند اعلانات النعى الاليم وانذارات المحاكم الصارمة , ثم اقوم بإلقائها فى برميل القمامة البلاستيكى فى اليوم التالى مباشرةً
    صدمنى فيها اليوم مقال طويل توقفت عنده على غير عادتى وقرأته بامعان , عن الذكرى السنوية الاولى لكاتب صحفى توفى فى شقته الصغيرة بعد اسبوع من اجرائه لعملية دقيقة فى القلب , مات مُتأثراً بمضاعفات العملية الجراحية , مات كما قال المقال وحيداً دون اسرة ولا اصدقاء
    المقطوع من شجرة " حمادة الحاج نور العليم " اكتشفوا موته بعد ان اوشكت جثته على التعفن , صورته الملونة المُرفقة فى المقال كانت وسيمة ارستقراطية بعيون خضراء , عيون تعود لحقبة العهد التركى او الاستعمار البريطانى
    كاتبة المقال المشحون بلغة ادبية راقية " نجوى كمبال " شاعرة وفنانة تشكيلية تعيش فى فرنسا كما عرفت نفسها فى نهاية مقالها الشجى , كان هناك حب واحساس صادق فى كل حرف وكلمة , هل كانت عشيقته ؟ .. قالت ان قيمة " حمادة " الاساسية تمثلت فى انه لم يفهم الحياة بطريقة صحيحة , وقالت ان من يفهم الحياة ويعرف كل الاجابات بشكل دقيق ولجميع الاسئلة المطروحة , سوف يتحول الى محض انسان آلى كريه , لذا فان علينا ان نستمتع بحل الاسئلة وان ننتحر اذا عرفنا الاجابات , قالت فى رعونة ان الحياة قاعة امتحان وامامك ورقة الاسئلة , قمت بكتابة الحلول , فما عليك الا الخروج فوراً واخلاء مقعدك لطالب جديد ! .
                  

10-24-2018, 10:29 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    قُصاصة من صحيفة يومية :-
    العثور على جثة طالب الصيدلة فى مدينة كوستى يزيد من غموض القضية , والشرطة تواصل حل لغز الجريمة .
    *
    قُصاصة من صحيفة يومية :-
    دكتور مهدى الماحى يُطالب جميع الاحزاب العمل بجدية لانقاذ السودان من الكارثة الوشيكة .
                  

10-24-2018, 10:46 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    1

    انت
    انت يا من بقيت فى الذاكرة المثقوبة مثل غُربال قديم , تشبثت جيداً على حوافها , رغماً عن كل من عرفتهم , تبقى انت الاول والدائم فى لحظات المتعة الصافية
    - هل حزبكم على استعداد .. عشان ما يخوض الانتخابات الرئاسية الجاية فى 2015 ؟ .
    تتعثر ذات الثدى النافر بين اللغة العربية الفصحى , واللهجة الدارجة
    ادور فى المقعد الدائرى الجلدى , نصف دورة جعلت كتفى الايمن بمحاذاة وجهها
    - Droughts occur regularly in our political parties
    لمحت ارتسام ابتسامة نصف بلهاء على وجهها من خلال زجاج النافذة المصقول
    - الترجمة لو سمحتا يا دكتور , عشان انا الانجليزى بتاعى شوية كده أأأأأ .
    استدرت فى مُواجهتها مرة اخرى بحركة سينمائية رشيقة
    - يعنى احزابنا السياسية فى السودان عندها فترات بتاعت قحط وجفاف دورية .. حاجة كده زى الجفاف البيحصل فى قارة افريقيا , لكن مع الحراك السياسى بترجع تانى تستعيد نشاطها وحيويتها .. واعتقد مع الانتخابات الجاية فى 2015 , ممكن نشوف حيوية ما موجودة فى الظرف الراهن .
    - هناك اتهامات لحزبكم انه يخدم رجل اعمال مشهور .. أأأ انو يعنى فى ملياردير سودانى من اصول يمنية قام بـ أنشاء هذا الحزب عشان يكون مخلب قط وأأأأ .
    قاطعتها فى صرامة وتهديد حتى جفلت مثل مُهرة تسقط فى بئر
    - لا .. لا .. لا .. كده عيب , ما بسمح ليكِ تتجاوزى حدودِك فى الاسئلة .
    - انا اسفة يا دكتور , بس انا أأأأ .
    اشهرت قلمى الذهبى مثل مُسدس بين عينيها
    - الكلام ده ما صحيح .. بالتحديد المقصود بالكلام ده هو السيد مصطفى غالب , وده كلام عارى من الصحة , ما اعتقد انو فى مشكلة لو رجل اعمال ناجح ساهم فى تأسيس حزب سياسى مع مجموعة من الاكاديميين المهتمين بالشأن العام , السيد مصطفى غالب انسان وطنى زيو زى اى زول عضو معنا هنا فى الحزب , وبعدين الاسطوانة المشروخة بتاعت انو من اصول يمنية وما سودانى بالميلاد , ده كلام ضد مفهوم المواطنة .. نعم من حق الانسان بعد الحصول على الجنسية فى اى بلد ممارسة نشاطو السياسى , والسيد مصطفى غالب حاصل على الجواز السودانى من سنة 1990 , ومتزوج من سودانية .
    - هل السيد مصطفى غالب ممنوع من دخول اليمن , عشان عندو علاقة مع تيارات الاسلام السياسى اليمنى ؟ .
    - مجرد اشاعات غبية .. والدليل انو السيد مصطفى غالب فى اللحظة دى بالذات متواجد فى اليمن السعيد هو , وزوجتو , وبناتو التلاتة .
    - طيب , لماذا هذا الهجوم والاشاعات بالتحديد على شخص واحد , والحزب فيهو اعضاء كُتار ؟ .
    - والله انا شخصياً رئيس الحزب ومافى زول بهاجمنى , هاهاهاهاها .. شوفى , بالتحديد فى جهات تجارية بتنافس شركات السيد مصطفى عندها مصلحة فى الهجوم الاعلامى عليهو , وزى ما انتى بتكونى عارفة فى ناس بتفتكر انو التجارة قذارة .. مرة تانية بكرر , القرار فى الحزب عندنا هنا قرار جماعى , والحزب ده ما حق زول واحد .
    - انتم علمانيين , ولاّ اسلاميين ؟ .
    - احنا حزب وطنى .. افتكر يا استاذة نص ساعة كفاية على لقاء صحفى .
    - معليش يا دكتور .. اخدتا من وقتك كتير , انا اسفة .
    - ما مشكلة , فى السكرتارية حـ تلقى صور اختارى منهم واحدة تنزل مع اللقاء .. انا ما بحب اتصور الا مع المصور الخاص بتاعى , بيفهم فى الزوايا بتاعت الوش كويس .
    - شكراً مرة تانية .
    مدت يدها للمصافحة ابقيتها داخل كفى لثوانى , كفها ناعم ورقيق
    - عارفة انك حلوة يا انسة بديعة , بالجد انتى بديعة زى اسمك .
    - شكرا ليك دكتور مهدى .. ده اطراء اتمنى اكون بستحقو .
    لملمت اوراقها فى ارتباك واضح
    - بالمناسبة , اسمك الثلاثى شنو ؟ .
    - بديعة تاج السر الامين .
    - خلاص يا بديعة خلى نمرة تلفونِك فى السكرتارية .. عندنا مشروع جريدة يومية عايزين نصدرها باسم الحزب واكيد حـ احتاج ليك ولخبرتك .
    اشرقت مثل قمر فضى حزين فى تمام اكتماله
    - يااااه .. انا شاكرة شديد للثقة دى يا دكتور .
    تأخرت عليه , سوف يفتعل التذمر كالعادة
    - ايوه يا غسان انا جاى فى السكة , لا خليك فى الشقة , ربع ساعة بكون معاك , كان عندى لقاء صحفى , معليش .
    ضجرت منه بعد ان اصبحت لا اُحب العلاقات الجنسية طويلة المدى , ضجرت من ابتزازه , ارهقنى مادياً ابن الحرام , تحصن جيداً ضدى
    حمل ذات يوم كاميرا ديجتال صغيرة بين يديه
    - تعال شوف .
    جلست على حِجره الرجولى الساخن , وضعت راسى على غابة شعر صدره العريض
    - ده شنو يا ولد يا قليل الادب ؟ .. فيلم سكس ؟ .
    - ده انا وانتا .
    وضع لسانه داخل أُذنى واخذ يُربت على فخذى فى نعومة خبيثة .. حملقت فى الشاشة الصغيرة , لحظة بين الحلم والواقع , كنت انا فى الفيديو المصور ارقد تحت جسده الرياضى , ارتعد من التاؤه , خلجات وجهى فى لحظات القذف الفريدة
    انتفضت واقفاً
    - ده شنو يا غسان ؟ .. انتا صورتنى ؟ . . صورتنى كيف ؟ .
    - تخيل لو الفيديو ده لو نزل فى مواقع الانترنت .. سجمك , سجمك .. رئيس حزب سودانى معارض يمارس اللواط مع طالب جامعى .. هاهاهاهاها .
    صرخت بكل قوة
    - مجنون .. انتا مجنون .. عارف انا بصرف عليك كم فى الشهر ؟ .
    هجمت عليه بكل شراسة , جلس ساكناً دون اى مقاومة
    - عايز تحطمنى بعد ما شبعتا من قروشى يا ود الـكـلـب , صرصار زيك داير يحطم دكتور مهدى الماحى .
    انتزعت منه الكاميرا الديجتال الصغيرة , حطمتها على الارض فى عنف , قال دون اهتمام
    - عندى نسخ كتيرة من الفيديو ده .
    كان الدم ينزف على شكل نقاط صغيرة من شفته السفلى بعد لكمتى القوية
    - انا عملتا ليك شنو يا غسان ؟ .
    - انا بهظر معاك .. انتا الظاهر عليك بقيت ثقيل ما بتحب الهظار .
    - اوعك تلعب معاى يا غسان , اوعك , انتا الظاهر عليك ما عارف انا منو , وممكن اقدر اعمل فيك شنو .
    تغيرت لهجته فجأةً
    - عليك الله ما تزعل منى , انا كنتا بهظر معاك .
    التصق بى بقوة من الخلف , شعرت ببداية عملية الانتصاب لعضوه الفحل
    - ما تزعل منى , مافى نسخة تانية من الفيديو , انا بتكلم ساكت عشان ازهجك .
    - لحمى مُر .. اعمل حسابك منى يا ولد وافتح عينك كويس زى الـريــال .
    كيف وضع الكاميرا فى غرفة نومى ؟ .. كيف ؟ , كيف وضع الطوق حول عنقى ؟
    فتحت الباب الخشبى السميك , كان يجلس امام شاشة التلفاز فى هدوء , يحتسى كوب مياه غازية كبير
    - غسان كيف ؟ .
    - تمام .
    دون ان يرفع حتى عينيه من على الشاشة البلورية , يُحب ان يُمارس معى لعبة التجاهل
    ارتميت عليه مُنهكاً من الرغبة والشبق
    - معليش على التأخير حبيبى .
    - مفروض فى وعد بتاع عربية يا دكترة , مش كده ؟ .
    - انا هسع مزنوق مادياً يا غسان , اول الشهر الجاى العربية حـ تكون عندك .
    تتحرك يدى فى اجزاء جسمه بولع , اغمض عيونى
    - كل مرة الشهر الجاى ؟ .. والشهر الجاى ده اصلو ما بيجى .
    خرج منى ذلك الصوت الرقيق المُصطنع , والذى لا اعرف من اين يأتى !
    - غسان .. غسان , خلى الكلام الكتير , انا مُشتاق ليك شديد .
    اين تلك الرائحة التى اُحبها ؟ .. رائحة البول وعطن المراحيض البلدية
    الايام التى لن تعود , وحاسة الشم التى تراجعت مع التقدم فى العمر .. الخفير ضخم الجثة يضعنى بين فخذيه , حقيبتى المدرسية على الارض , اصوات اقدام ثقيلة , صوت الباب ينفتح على مصرعيه , صوت حاد خشن , يرتجف من الدهشة
    - ده شنو ؟ بتعمل شنو يا حاج خليفة ؟ .
                  

10-31-2018, 08:06 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    2

    ليلة امس كانت ليلة حمراء رائعة
    من الليالى النادرة التى يُبدع فيها .. اوصلنى للذروة اربع مرات مُتتالية , تركت عندى تشنجات ذات ألم طفيف فى ذلك الجزء الاسفل
    يبتزنى الوغد .. فهمت الرسالة عندما عرض علي الفيديو المُصور , طالب الصيدلة الفاشل الذى يمتلك فحولة الشباب العفية
    اعرف ماذا يُريد , وهو لا يعرف اننى اعرف .. تلك العلاقة العاطفية القديمة مع زميلة جامعية اتجهت للصحافة - مهنة من لا مهنة له - .. " بديعة تاج السر الامين "
    اشترى ابن الـكـلب من ثمن علاقتى الجسدية بجسده القوى قطعة ارض فى منطقة نائية جنوب الخرطوم , والان يُريد السيارة , وربما بناء ناطحة سحاب !
    - هاهاهاهاها .
    فى كل الاحوال كنت اُريد انهاء العلاقة , بعد " حافظ ابراهيم " اصبحت لا اُحب العلاقات طويلة المدى , تُصبح مثل مؤسسة الزواج اللعينة .. اصبحت اُحب التجديد فى شريك الجنس , وفى نوعية النقاشات والاهتمامات المختلفة معه , اُحافظ فقط على روتين طقوس الاستيقاظ المُبكر
    الان اعرف ان لديه نسخة مُصورة , او ربما اكثر .. أصبح موضوع انهاء العلاقة شبه مستحيل , لن يقبل ان يتوقف صنبور النقود من التدفق , الفاشل ابن الأسرة الفقيرة
    لم انتبه طيلة حياتى ان الطرف الثانى فى العلاقة لديه شجاعة تسجيل ما يحدث على السرير .. هذه واحدة من لعنات العولمة , تلك الاجهزة صغيرة الحجم فائقة الدقة
    كيف ؟ واين ؟ وضع تلك الكاميرا الصغيرة
    - داير تلعب مع بابا مهدى يا ود الحرام ؟ .. انا بحب اللعب القذر زى عيونى .. بالظبط زى ما بحب الـ sex .
    الصباح الباكر , اول طقوسى المقدسة , اشعال سيجارة واحدة ووحيدة طيلة اليوم كله قبل التوجه لدورة المياه , ثم شرب كوب كبير من القهوة السادة وبعدها الاستماع فى صبر حكيم افريقى لنشرة السادسة صباحاً على موجات أثير الـ BBC العربية , اعرف منها ان الدماء فى كل مكان , فى العراق , و باكستان , و دارفور , وتداعيات ازمة الرهن العقارى فى البنوك الامريكية التى اندلعت منتصف عام 2008 وتُرعب العالم حتى الان .. طلاسم اخبارية لا استطيع حلها وفهمها بشكل صحيح وصادق
    مقالاتى الصحفية عبارة عن تجميع مُنظم لمعلومات من الشبكة العنكوبتية , مثلى مثل كل من يكتب , ليس هناك ابداع عقلى وثقافى حقيقى بين السطور
    - دكتور مهدى الماحى .. انتا خراء كبير .
    اتحدث مع نفسى كثيراً عند الاستيقاظ من النوم .. اتحدث مع نفسى حتى اطرد الوحدة الخانقة
    انا وبلا فخر رئيس وهمى لحزب وهمى , مُجرد سكرتير تافـه لملياردير يمنى الاصل عنده نفوذ كبير فى تنظيم الاخوان المسلمين العالمى
    انا مُجرد يافطة كبيرة من القماش يتم التلويح بها عبر الاعلام
    اكاديمى ذو توجهات ليبرالية , مُؤمن والحمد لله باقتصاد السوق الحر والخصخصة , الشخص المناسب فى المكان المناسب للقرن الحادى والعشرين
    ألم فتحة الشرج بدأ فى التصاعد , تجاوزت الخمسين بقليل يجب ان اتوقف عن المُمارسة الماراثونية , مرة واحدة تكفى فى الاسبوع
    عندما نهضت عارياً لدورة المياه , لمحت بقعة دم مُتجمدة ومتوسطة الحجم على المرتبة البيضاء , هذه هى المرة الثالثة التى انزف فيها من الخلف خلال النوم , يجب ان استشير طبيب
    حملت جسدى الخمسينى المُرهق ووقفت امام المرآة انظر له فى تمعن , عندى بشرة ناعمة جميلة , ودرجة معقولة من الوسامة , واجتماع حزبى فى العاشرة صباحاً .
                  

10-31-2018, 08:17 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    3

    اجتماعات المكتب السياسى للحزب ثقيلة على القلب , اعرف كيف اجعلها جحيم لا يُطاق
    اولاد وِسخة كلهم .. اعضاء مكتبى السياسى الحبيب
    كلهم يحملون صفة جحش الله فى برسيمه بكل امتياز
    كل فرد فيهم يُمارس مهنة التجسس ضدى لمصلحة " مصطفى غالب " , وكلهم يتجسسون على بعضهم لمصلحتى .. كلهم يحلمون بالجلوس على كرسى الرئاسة , وكلهم يعلمون ان هذا الحزب عبارة عن بوتيك ادوات تجميل وتركيب عطور لطرد روائح العرق المُنفرة التى تفوح من تحت ابط كل اعضائه , حزب علاقات عامة من اجل التخديم على المصالح الاقتصادية للسيد المحترم فى غابة صراعات ضروس , لا اكثر ولا اقل
    ألم فتحة الشرج , والمزاج غير الصافى , وقرارى اننى لن ترك لهم الجمل بما حمل الا جثة هامدة
    كم فرداً فيهم يعرف حكايات ميولى الجسدية المثلية ؟
    وكم فرداً فيهم يعرف مُغامرات زوجتى " عطيات غالب " الجنسية الفاضحة ؟
    " عطيات " هى الثمن لهذا الكرسى , حصلت عليها فى صفقة تبادل للمنافع .. الشقيقة الصغرى للملياردير المتغطرس
    " عطيات غالب " التى اشبعت شبق مدينة لندن بكاملها , المدمنة السابقة للمخدرات الثقيلة , لم تترك عضو اى زنجى فى بريطانيا العظمى الا وادخلته فى فرجها العجوز , اصبح فرجها مثل المملكة العظمى تماماً فى تاريخها القديم المندثر , لا تغيب عنه الشمس ابداً
    زوجة عاهرة بالكامل لديها ابنة غير شرعية تحمل اسمى , ورئاسة بوتيك يعرض طُراش كريه الرائحة على انه مشروع فكرى طموح وناجح !
    سوف اُعذبهم , انا الوحيد الذى احمل شهادة عليا فى مجال العلوم السياسية فى زريبة الابقار هذه
    - حـ نناقش هسع التقرير السياسى الدورى , عن الوضع السياسى والاقتصادى الراهن .
    اخرجت ملفاً من الاوراق المكتوبة بخط اليد , ملف غاية فى الضخامة
    - معليش يا اساتذة عندى هنا 230 ورقة عايزين نقاش مستفيض حولها .. ومفروض ننتهى منها الليلة .
    شهقوا من الغضب والاستنكار .. اليوم هو الخميس وعشيقاتهم البائسات فى انتظارهم على احر من الجمر , كتمت ضحكة عالية كادت تفلت من فمى
    قلت فى نفسى
    - يا خولات , انتو قايلين السياسة دى سهلة .. ملعون ابوكم واحد وراء التانى .
    كيف اتخلص من " غسان " ؟ .
                  

10-31-2018, 08:32 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    4

    بدايات الشتاء هذه تبعث فى نفسى الشجن
    اخرج من دار الحزب عند التاسعة مساءً .. اللافتة المُضيئة على المدخل تُذكرنى بمدارس العبث فى المسرح والروايات
    ( حزب التنمية الاجتماعي )
    اسماء الاحزاب مثل اسماء البشر , تحمل التناقض الصارخ
    والاشياء المادية الجامدة ايضاً تحمل اسمائها نفس هذا التناقض , فالقنبلة الذرية التى اسقطوها على هيروشيما اطلقوا عليها اسم رمزى غاية فى البراءة والطفولية , ؛؛ الصبى الصغير؛؛ !
    " حافظ ابراهيم " المُعارض العراقى لنظام " صدام حسين " , هو الذى منحنى الحب الحقيقى فى شتاء لندن القارس
    يا كوب الشاى على الطريقة العراقية , مع عزف عود لموشحات شرقية حزينة
    هو الوحيد الذى لم المح نظرات الاحتقار بين عينيه عندما ننتهى , رسام تشكيلى بديع ومخرج مسرحى مشهور .. تعرفت على جميع اطياف المعارضة العراقية فى شقته المتواضعة الصغيرة , شيعة وشيوعيين , سُنة وأكراد وأشوريين , انبياء نهوض دينى بمفاهيم مُعاصرة , وبعثيين فاتهم قطار امتيازات اشاوس الامة الواحدة ذات الرسالة الخالدة , عسكريين برتبهم العسكرية الكبيرة السابقة وقد نجوا من الاعدام باعجوبة , وعملاء اجهزة امنية يُريدون تقارير ليكتبوها لاسيادهم الثوريين فى بغداد
    كان مُعارض نشيط .. مثقف عضوى من طراز رفيع , يفهم ويعرف معنى الحب الانسانى الجسدى
    - يعنى ما لازم علاقة الحب تكون بين انثى وذكر ؟ .. ممكن تكون بين ذكر وذكر , وبين انثى وانثى .
    عيونه العسلية الحادة , ولهجته العراقية الرصينة , همسه الراقى
    - انا بحبك يا مهدى .
    اضع يدى فى جيب معطفه , ويضع يده على كتفى , نمشى متلاصقين فى ازقة لندن القذرة , يُحب " مظفر النواب " , ويكره شعر من يحمل اسمه
    لديه تقطيبة جميلة عندما يتحدث فى السياسة
    - الحرية لكل الشعب العراقى .. الحرية لكل الشعوب .
    رصاصة وحيدة من كاتم صوت استقرت فوق الفك الاعلى من وجهه , سقط على واحدة من شوارع اسفلت عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية جثة هامدة , خافوا من اغتياله فى المملكة المتحدة حتى لا تحدث ازمة دبلوماسية بين البلدين
    تم اعداد كمين مُحكم , اختياره فى لجنة تحكيم فعاليات مهرجان مسرحى للهواة , باعتباره واحد من الاسماء المسرحية المعروفة على مستوى العالم العربى , مؤامرة تم تنسيقها بين السلطات الاردنية والسلطات العراقية , رغم اننى حذرته ورغم ان المقربين منه حذروه
    - يُريدون سحبك واخراجك من هنا للاجهاز عليك , والاردن بلد غير مُحايد بالنسبة للمعارضة العراقية .
    تعلمت ان لا اخجل من نفسى على يديه
    كان حبى الحقيقى .
                  

11-03-2018, 04:13 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    5

    يتجرد من ملابسه .. يقف عارياً تماماً
    احمل خطواتى الصغيرة المترددة اليه
    - ابوى , انا دكتور مهدى .
    ينظر لى بعيون حمراء , وشعر اشعث , وفم عليه بقايا زبد ابيض جاف
    الحمى التى صعدت للراس ودمرت ذلك الاستقرار العائلى الحنون
    كانت تبكى ذات الصوت الملائكى
    - ابوكم الملاريا طلعت فى راسو .
    فى الذاكرة الشبحية بقايا من الانسان الذى كان .. قبل الحطام الذى استقر ردحاً فى مستشفى التيجانى الماحى
    امى وهى تُمسكنى من يدى ونحن نقترب من المكان , تمتحن ذكائى المتواضع
    - دكان ابوك وين يا مهدى ؟ .
    - اهو داك , الواقف جنبو الكارو .
    لافتة خضراء جميلة اعلى الواجهة , عرفت بعد ذلك معنى الحروف المكتوبة فيها بخط عربى بديع
    ؛؛ الماحى عبدالعزيز مهدى .. تجارة اجمالى ؛؛
    لا تدخل معى , هى من نساء الطراز القديم , تقف على بعد امتار قليلة من الدكان وتنتظر حتى ادخل
    - خلاص , ارجعى يُمة .
    اجده يجلس على مقعده مثل الاسد , يُبعد مبسم الشيشة عن فمه ويضعنى على حِجره الواسع فى تهليل صادق , تفوح منه روائح عطر وعرق مخلوطة بتبغ الشيشة
    - اهلاً , اهلاً .. دكتور مهدى الماحى , ازيك يا بطل .
    طلب من جميع من يعمل معه ان يُطلق علي لقب دكتور
    - مهدى ده حـ يكون اعظم جراح فى السودان .
    روائح الصابون وزيوت الطعام تنبعث من المكان كله .. انام على حِجره وفى يدي بسكويت , راسى الصغير على صدره ويده تُداعب شعرى بحنان ابوى اشتاق اليه الان
    امى كانت تُقسم انها مُجرد
    - ملاريا طلعت فى راسو .
    ماتت على امنية ان يعود كما كان , وان نعود كما كنا ! , وان نغفر لها طلقها منه , واندفاعها غير المحسوب فى زواجها الثانى , الذى دمرها ودمرنا قبل ان ينتهى نهاية تراجيدية مُتوقعة
    عندما استلمت الجثة , جثة ابى من مشرحة المستشفى الحكومى .. بكيت وانا انظر لوجهه الحزين العجوز الحائر .
                  

11-03-2018, 04:25 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    6

    تخلصت من كل رصيدى من الافلام الاباحية
    كلها احرقتها قبل ايام
    اشرطة فيديو من زمن غابر , واسطوانات كمبيوتر .. اصبحت لا تجلب لى نفس اللذة القديمة , كأننى اُشاهد مُباريات حيوانية فى المصارعة الحرة بدون اى اثارة
    ابحث دون جدوى عن حب حقيقى , عن لمسات انسانية صادقة , عن "حافظ ابراهيم " جديد يُحب اغانى " فيروز " والموشحات الاندلسية الرصينة , ويُحدثنى عن المدارس الفلسفية والاجتماعية الجديدة فى انحاء العالم
    يتغير الانسان كثيراً عندما يقف على عتبات الخمسين , عندما تنفتح ابواب الكهولة الصدئة امامه ويعلم بالحساب البسيط ان ما مضى اكثر من القادم بكثير
    كم مرة فكرت فى الهرب ؟ .. حلمت اننى ابتعد , اُقدم استقالتى بكل بساطة من هذا الحزب الوهمى , ابتعد بورقة الطلاق عن العاهرة العجوز .. كم مرة فكرت فى الهروب الى مكان لا يعرفنى فيه انسان ؟
    الولايات المتحدة , استراليا , كندا , او ربما العودة مرة اخرى لانجلترا .. حياة جديدة , حياة بعيدة عن من اعرفهم ومن يعرفوننى , بعيدة عن بصاق الناس فى الشوارع القذرة
    ولكننى اقف فى منتصف الطريق حائراً اتساءل فى هلع
    - عمرك هسع 52 سنة حـ تمشى تعمل شنو بعد ده ؟ .
    انا ضحية الروتين اللذيذ , ضحية خوف خواف من البدايات الجديدة الجذرية الجادة , انا الباحث عن الحب المستحيل
    حتى انتِ يا " نوارة " ؟
    حتى انتِ ؟ ولعنة الجنون
    امواج البحر الاحمر وهى تبعث على الضجر والاكتئاب القاتم , الحرارة اللزجة مثل مُخاط السائل المنوى على فتحة شرجى , وذُباب مدينة بورتسودان الاهوج فى عناد , قططها التى توشك على الكلام عند طلب الطعام , صيفها ملعون , والميناء من بعيد فى ليلها الخانق مثل كائنات حكايات الطفولة الخرافية
    هكذا بكل بساطة طلب منى زوجها الطبيب البشرى , ان احملها وابتعد عنه , ان اتحمل وحدى عبء غيابها العقلى .. وحدى يا " نوارة " .. وانا الوحيد بين الناس !
    - اختك يا دكتور بقت خطر على الاولاد , هم ذاتم نفسياتم اهتزت بعد مرض نوارة .. افتكر المتابعة الصحية للحالة الزى دى فى الخرطوم بتكون احسن , وانتا عارف انا ما بقدر اخلى العيادة هنا فى بورسودان .
    تتعرى وتقف بشعرها الاشعث , تُريد الخروج للشارع
    لعنة فى العائلة .. لعنة وراثية , الاب والعم والاخت الصغرى .. جنون لا مقدمات له , جنون يأتى فى مراحل عمرية متأخرة
    يا " نوارة " .. اين تلك الايام الذهبية ؟ , اكواب الكركديه البارد وقطع الثلج الصغيرة تطفو على السطح الزجاجى فى نعومة مُثيرة .. نلعب سوياً داخل دكان ابى بين الكراتين المرصوصة بشكل افقى حتى اعلى السقف , ابى المُـنهمك فى احصاء رُزم النقود الضخمة
    " نوارة " لفظك الزوج والابناء
    - نوارة , انا مهدى .
    تنظر الشاعرة التى تخجل من نشر اشعارها لوجهى فى صمت , هل تعرفنى ؟ .. تتجرد من ثيابها , زبد ابيض جاف على حواف الفم .. لعنة زواج الاقارب
    ايامى وانا فى قمة اللياقة الذهنية اتخوف فيها من اللعنة الوراثية , ان اقف عارياً فى دار الحزب , على فمى الزبد الابيض الجاف , وانا اُحدق فيهم مثل عبيط القرية , وهم ينظرون لعضوى التناسلى المرتخى فى احتقار وشماتة
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب
    اعدائى الاوغاد .
                  

11-05-2018, 09:11 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)




                  

11-05-2018, 09:26 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    شكراً استاذ / عثمان على .
    تحياتى وتشكراتى .
    شكراً .. شكراً .. شكراً , استاذ / هاشم الحسن , تُخجلنى كلماتك والله .. كتر خيرك كتير , كتير .
    انا واحمد محمود جمعتنا كلية الآثار جامعة القاهرة الام .. احمد توجه نحو جبهة كفاح الطلبة , وانا نحو الجبهة الديمقراطية .. ولو كنا نعلم الغيب لما مسنا الضر واستكثرنا من الخير وكنا بقينا اتجاه اسلامى .
    اتمنى ان اكون عند حسن ظنك دائماً .
                  

11-06-2018, 09:46 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    7

    " اخلاص وهبة "
    فزُورة هذه العانس النوبية .. ابنة منطقة جزيرة صاي
    عندما تُكور شفتيها وتصرخ
    - الوطن .
    اشعر بانقباض حاد فى صدرى , انقباض وألم لا يُحتمل على الاطلاق .. صعدت بعد رحلة قصيرة فى صفوف الحزب الى منصب المسؤول التنظيمى , لديها ذلك الاصرار العجيب على العمل السياسى , اول من تأتى للاجتماعات واخر من تذهب .. لا ذرة من الجمال , لا ملمح انوثة واحد يُوحد الله فى وجهها الحزين , تحتضن الكمبيوتر المحمول فى الاجتماع وتكتب كل شاردة وواردة , تكتب بسرعة فائقة واتقان , تكتب المحضر وهى تتحدث , وهى لا تنظر للوحة المفاتيح , وهى تُمسك كوب الشاى بيد وتكتب باليد الاخرى !
    - حزب التنمية الاجتماعى ده حياتى .. تعرف يا دكتور انا بعد ما دخلتا الحزب لقيت هدف لحياتى .
    عندما تُكور شفتيها وتصرخ
    - الوطن مُحتاج لينا .
    اشعر بانقباض حاد فى صدرى
    تخوفت منها فى البداية , خريجة جامعة امدرمان الاسلامية التى لم تجد الا الاعمال الهامشية من نوعية الجلوس فى محل للاتصالات الهاتفية , تنتظر العشاق , وتنظر لهم فى ضجر وهم يتحدثون مع حبيباتهم فى مُكالمات طويلة مُملة لا معنى لها على الاطلاق
    قُلت هى رقم اخر يُريد ان يعبُر من بوابة الحزب الى وظيفة مضمونة العائد فى واحدة من شركات الملياردير المخبول .. ارتعبت منها وهى تضع امامى كل فترة عشرات الاوراق المكتوبة بخط ركيك
    - ده شنو يا اخلاص ؟ .
    - دى طلبات عضوية للحزب يا دكتور .. انا لما ارجع للبيت فى الكلاكلة بتكلم مع الناس هناك عن الحزب وبديهم البرنامج , وقريب انشاء الله حـ نحتاج دار للحزب فى الكلاكلة .
    توجست من حماسها الطاغى .. قُلت هى تُريد احداث تغيير ديمغرافى فى تركيبة الحزب يصب فى مصلحتها عند التصويت فى المؤتمرات العامة .. اصبحت اُعاملها بجفاء جلف
    صرخت فيها ذات مرة بكل حدة , وانا ارمى الاوراق على الارض , اوراق طلبات العضوية وعليها اسماء ما انزل الله بها من سلطان
    - يا اخلاص ده شنو الكلام الفارغ ده ؟ .. احنا ما حزب رطانة عشان كل اسبوع فى عشرين زول من اهلك واصحابك عايزين يدخلوا الحزب , لعب الشُفع ده ما بينفع فى العمل السياسى .. احنا حزب قومى يا بت الحلال , بتاع الناس كلها .
    تخاف من الكلام الحاد وتتلعثم
    - أأأنا مـ مـ ما قـ قصدتا .. يـ يـ يا دددكتور , أأأنا بـ بـ بس كـ كـ كان قـ قصدى ...
    - خلاص , خلاص .. خلاص يا اخلاص انتهينا , يلا اتفضلى بره مع السلامة عشان عندى مقال عايز انتهى منه .
    لم اصدق ما شاهدته بعد ذلك , نهضت من على المعقد وهى تتبول , نصفها الاسفل كله كان مُبتلاً
    - أأأنا , كـ كـ كنتا ....
    جحظت عينيها, وسقطت على ارضية السيراميك البيضاء سقطة قوية
    نهضت من مقعدى فى فزع
    - يا ساتر يارب .. يا ساتر .
    حتى قبل ان اقترب منها , عرفت انها نوبة من نوبات الصرع
    وانا الموعود بالجنون الوراثى .
                  

11-06-2018, 09:58 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    8

    - لسه زعلانة منى يا اخلاص ؟ .
    - لا ابداً يا دكتور انا جيت اعتذر ليك .. أأأنتا استاذى فى النضال والعمل الوطنى .
    ألم الصدر الحاد لكلمات النضال , والوطن , و الجماهير المسحوقة .. كلمات رخيصة ابتذلها التكرار الاحمق الممجوج
    - انا مُعجب شديد بنشاطِك , لكن اهم حاجة عندى انك لازم تفهمى انو النوعية فى العضوية الحزبية اهم مليون مرة عندى من الكمية .
    تجلس على حافة المقعد كأنها على استعداد للركض فى مسابقة العاب اولمبية .. وجهها وهى تنظر للارض فى خجل يزداد دمامة , انا الخبير فى زوايا الوجوه
    - معليش يا اخلاص انا قاعد براى , زوجتى وبتى فى لندن , ممكن اعمل ليك شاى عزابة ؟ .
    - لا شكراً دكتور .. العفو , انا المفروض اقوم اعمله ليك .
    زيارة غير مُتوقعة .. لا اُحب هذه المُفاجأت , البيت هو اشد خصوصياتى , انا العنكبوت الذى ينسج شبكة ضخمة حول ذاته , يتعذب كل من يقترب منه , يتعذب حتى الموت
    - انا اسفة ازورك من غير مواعيد .. واسفة اجيك البيت , بـ بـ بس عـ عـ عندى مـ مـ موضوع مهم .
    اخاف ان تضربها نوبة الصرع
    - خير ؟ .. فى مُشكلة فى الحزب ؟ .
    اخيراً رفعت وجهها , نظرت مُباشرةً فى عيونى
    - انا بحبك .
    لم اعرف اين اتجه ببصرى .. مشهد غريب , اُريد ان اضحك
    - من اول يوم لى فى الحزب وانا بحبك .
    - اخلاص انا انسان متزوج .
    - كان لازم تعرف عشان ارتاح .. ما عايزة منك حاجة , صدقنى ما عايزة اى حاجة .. بس كان لازم تعرف .
    يا " اخلاص وهبة " .. اين عيونك ؟ , يا الله , اين عيونك لتبصرى المستنقع الذى نحن فيه ؟
    العالم ليس ببساطة تسليات مجلات ميكى ماوس المُلونة الجميلة .. يا فتاتى الدميمة , العالم ليس برومانسيات سلسلة روايات عبير الفجة .. العالم قبيح للغاية صدقينى يا " اخلاص " .. قبيح بنفس قُبح وجهك يا عزيزتى , هل تتخيلين ذلك ؟
    عندما ارتطم راسك على السيراميك القاسى , عرفت انك انسانة من عالم مُختلف , انسانة تُريد ان تُحقق ذاتها بالركوب على امواج شعارات سياسية وانسانية غبية لا يؤمن بها حتى من اخترعها .. تحقيق الذات , وايجاد مغزى للوجود بطريقة شريفة فى بلد داعر !
    مسكينة .. انتِ القادمة من كوكب غير بشرى بعيد , انتِ كائن فضائى مثالى وغلبان , ونحن كائنات ارضية وسـخة تمشى على قدمين , نمشى وقد دخلت ذرات تراب الواقع الحادة فى اجسادنا , دخلت فينا عن طريق فتحات الانف والفم والعينين والاذنين والشرج , واتسخنا , كل من يعمل بالسياسة فى دول العالم الثالث وِسـخ بطريقة او اخرى
    - اخلاص انا انسان متزوج .
    كررت اكتشافى الذهبى فى بلاهة
    نهضت بجسمها الاسمر الممشوق , اقتربت منى , انحنت وطبعت قُبلة على شعر راسى بكل شجاعة
    - كان لازم تعرف .. مع السلامة .
    سمعت صوت اغلاق الباب الخارجى وهى تخرج , وضعت يدى على جبينى وانهمكت فى تفكير عميق .
                  

11-10-2018, 12:13 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    9

    ؛؛ الماحى عبدالعزيز مهدى .. تجارة اجمالى ؛؛
    اللافتة الحديدية الخضراء ذات الخط العربى البديع
    اللافتة التى كانت
    عرفت منها ما يفعل الزمن حتى فى الحديد .. احتفظ بها فى اصرار ابله , تحولت الى بقع كبيرة من الصداء المتسخ , كنت اعتنى بها فى السابق , اغسلها برفق بالماء وقطع القماش الناعم حتى لا تنخدش .. منذ ان بدأ الطلاء فى التساقط منها , ابتعدت عنها خوفاً على حياتى من التيتانوس , انظر لها الان فى حزن , الكتابة التى فيها اصبحت تبعث على السخرية بشكل غريب بعد ان تساقطت منها حروف مُهمة
    ؛؛ ما زيز مهد .. تج لى ؛؛
    والاسد الجالس هناك فى اقصى الركن الشمالى , له سِنة امامية جميلة من الفضة وخاتم ضخم من الفيروز الاحمر على اصبع اليد اليمنى , يقبض على مبسم الشيشة فى رجولة , عنده كاريزما طاغية وذكاء تجارى حاد , ولسان فاحش عند الغضب
    - يا عبد القادر يا خراء .. الفاتورة بتاعت امبارح وين ؟ .
    - ميتين ابوكم , اسمعوا هنا يا اولاد الكـلـب ده محل اكل عيش , الداير يشتغل , يشتغل بذمة وضمير , ما عايز مياعة وشكشكة نسوان فارغة .
    " عبد القادر الخراء " كان يتحول فى حضوره الطاغى الى قطة .. قطة انثى تموء بين الاقدام بحثاً عن الحنان والذكور وبقايا فضلات الطعام
    يتيم الابوين , قادم من بلدتنا التى لم اُحبها , الكاملين .. له جدة عجوز عمياء تفوح منها رائحة بالوعة راكدة .. ينام امام الدكان مثل عُتاة المتشردين , يجلس وعيونه على الارض عندما يأتى لبيتنا , نتغامز انا و " نوارة "
    - عبد القادر الخراء قاعد بره .
    تنهرنا امى وهى تكاد تبتسم
    - ده شنو الكلام الفارغ ده , عيب عليكم يا اولاد .. ربنا كده حـ يوديكم النار .
    تتحول القطة الانثى الى اسد ذكر , مواء انقلب الى زائير .. ويضيع الاسد الحقيقى فى رحلة مُضنية هدفها الوحيد التجرد من الثياب
    تتكلم فى حزم
    - الدكان امانة فى رقبتك يا عبد القادر لحدى ما ربنا يكتب السلامة لحاج الماحى .
    لا يرفع عينيها من على الارض
    - ربنا لطيف بعباده , ده عمل يا حاجة ثنية .. فى زول عمل ليهو عمل .
    جلس فى اقصى الركن الشمالى , قبض بيديه على مبسم الشيشة , ووضع بين اصابعه خاتم من الفيروز الباهت اللون , اصبح لا ينظر للارض فى مسكنة , فسُبحان مُغير الاحوال , سُبحان الذى اعطاه مُلكاً وعلمه الجلوس على السرير
    - حاجة ثنية .
    انقلبت بلا اهتمام الى
    - يا ثنية .
    هى فى بدايات ثلاثينيات عمرها , وهو فى منتصف العشرينيات , وطاقة الجسد البشرى لها حدود فى احتمال الحرمان , والغائب يرفض العودة من الغيبوبة .
                  

11-10-2018, 12:22 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    10

    طوبى للاغنياء وهم فى بروجهم المشيدة
    وانا فى سيارتى اتآمل الناس , يأكلهم الفقر , والا جدوى من اى شيء , يحتشدون على جنبات شوارع الاسفلت فى انتظار المركبات العامة , صامتون وصامدون على الحال والمآل الذى لن يتغير , لا جديد تحت شمسهم الحارقة غير العوز والتباهى بالتناسل
    ومتسولة عجفاء تحمل على كتفها هيكل عظمى لطفلة صغيرة يُغطيها الذباب , تطرق على زجاج باب السيارة فى الحاح وتبتسم فى ذل ببقايا اسنان صفراء عبث فيها السوس الاسود
    انا رئيس ( حزب التنمية الاجتماعي ) والمرشح الرئاسى المُستقبلى المُحتمل , اُبشركم من خلف مقود سيارتى ان لا تنمية ولا يحزنون , سيبقى الوضع على ماهو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء , ابشركم ان الجميع لصوص الا انتم , ليس لانكم شرفاء ! وانما لانكم لم تعرفوا من اين تؤكل الكتف , فشلتم يا اغبياء , الفقراء فقراء لانهم فاشلين , هكذا بكل بساطة , وهذا هو برنامجى السياسى السرى
    انقذتنى أشارة المرور من المتسولة التى قد لا تمنحنى صوتها فى الإنتخابات , تحركت السيارات فى اندفاع , هل هناك بشر ازيد من اللازم على سطح هذا الكوكب ؟
    الذكريات .. الذكريات .. الذكريات
    ماذا لو وضعوا قانون جديد يمنع القيادة تحت تأثير الذكريات ؟
    والغفير ضخم الجثة يضعنى بين افخاذه , حقيبتى المدرسية على الارض , اصوات اقدام ثقيلة , صوت الباب ينفتح على مصرعيه , صوت حاد خشن يرتجف من الدهشة
    - ده شنو ؟ .. بتعمل شنو يا حاج خليفة ؟ .
    هى المرة الخامسة التى يغتصبنى فيها , تحولت فى الصف السادس من المرحلة الابتدائية الى عشيق لهذا الفحل الزنيم , تحول الليل الى كوابيس .. كوابيس فظيعة اتذكرها حتى الان وارتجف , اين ابى ليحمينى من هذا العالم المتوحش ؟
    اتذكر التفاصيل , اتذكرها بدقة مدهشة كأنها حدثت معى بالامس , المرة الاولى , والمرة الخامسة والاخيرة .. اختفى بعدها من المدرسة , طردوه ؟ , ام رحل من تلقاء نفسه ؟
    كان الاستاذ الذى اكتشف الواقعة تربوياً من الجيل الذهبى الذى انقرض , تعامل مع الامر بهدوء انسان تعلم فى مدارس الاستعمار الانجليزى المحترم والراقى , تعامل معه دون ادنى ضجيج او انفعال دينى حقير ومُصطنع , هو والغفير وانا , وولى امرى .. ظهر " عبد القادر الخراء " زوج امى فى الصورة , صرخ وضربنى فى مكتب الاستاذ بكف يده الضخمة الخشنة على خدى , لم اُدر له الايسر مثل اى مسيحى مؤمن , ولكننى بكيت بحرقة , اكتشفت اننى لطخت شرف مدينة الكاملين كلها بفعلتى هذه كما قال , وبعدها بايام قليلة كان هو نفسه يصعد على ظهرى فى غياب أمى و" نوارة " , ويلطخ ظهرى وظهر الكاملين كلها بحيواناته المنوية !
    - انتا قايل الشارع ده بتاع امك يا غبى ؟ .
    دخلت فى مسار المشاة عن طريق الخطأ , وانتبهت فى اللحظات الاخيرة , كدت ان ادهس هذه الشابة , اخافها صوت مكابح السيارة القوى , توقفت السيارة على بعد سنتميترات قليلة من جسدها النحيل
    - معليش يا شابة .. معليش .
    - بلا معليش بلا زفت معاك , حيوان مُعـرص ود حرام .
    جسدها كله يرتجف .. كانت ترتدى ثياب فقيرة , ونظارة طبية رخيصة الثمن وتضع مكياج ثقيل لا يصلح للنهار او للون بشرتها الغامق , واحدة من سكان حزام الفقر الذى يلتف كثعبان حول خاصرة المدينة , هل لديها امال واحلام وطموح وحبيب ؟ هل سمعت ذات يوم باسم الحزب الذى اجلس كالخازوق على راسه ؟
    طوبى للاغنياء وهم فى بروجهم المُشيدة يدهسون الناس بسياراتهم الانيقة .
                  

11-11-2018, 07:19 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    11

    هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته
    من القائل ؟ .. وما المناسبة ؟
    اعتقد انه " البرتو مورافيا " .. تشابهت الكلمات بشكل مشوش فى ذهنى .. قبل ان اُعطى ظهرى لجدار القراءة الجادة , وقبل ان تتحول مكتبتى لمتحف اثرى لا يزوره انسان غير ذرات الغُبار العنيدة
    - هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته .
    وانا دكتور " مهدى الماحى عبد العزيز " , حكمت عليك بالاعدام حتى الموت يا " غسان مختار الفاضل "
    انا القاضى والجلاد , جلست على منصة القضاء واصدرت حكمى , ثم ابدلت ثياب القاضى بثياب الجلاد وتابعتك حتى ساحة التنفيذ
    انت المُتهم .. لماذا لم تذهب بهدوء مثل الاخرين ؟ , تبتعد دون اى دليل مادى ملموس , لا اُحب الدماء , على ما اعتقد انت تعرفنى جيداً , ولكننى ايضاً لا اُحب الاهانة والابتزاز .. وما فعلته معى قبل ايام يفوق الوصف يا عشيقى الفحل
    - اسمع هنا انا راجع بكرة شندى .
    - انتا سكران يا غسان ؟ .
    - ما عندك شغلة سكران ولاّ مسطول .. لما الاجازة تنتهى عايز العربية تكون معاى وامشى بيها الجامعة , فاهم الكلام ده ولاّ ما فاهم ؟ , وده تهديد يا باشا , تهديد صريح عشان تكون عارف .
    امسكته بقوة من كتفه الايمن
    - غسان انتا ما عارف انا ممكن اقدر اعمل فيك شنو .
    يرن صوته المخمور العالى فى الشقة الصغيرة الخالية
    - حـ تعمل شنو يعنى ؟ .. طُظ فيك وفى علاقاتك مع الناس المُهمين فى البلد .. انا عندى تسجيلات ليك ممكن تحطمك .. مش داير تنزل فى الانتخابات الجاية ؟ , مش كده ؟ , انا بعرف اعمل ليك دعاية كويسة .
    - غسان انتا سكران .
    - داير العربية لما ارجع من شندى .. مفهوم ؟ .
    اصدرت حُكمى عليك .. والتفاصيل تحتاج للتخطيط ولصبر ايوب
    لا داعى للضجة , وللصوت العالى
    - حااااضر يا غسان , العربية حـ تكون عندك .. انا بس مزنوق مادياً شوية , لكن حـ اتصرف , okay ؟ .
    اِنحنى للريح يا شجرة التخطيط البديعة .. اِنحنى ثم ابصقى عليها عندما تبتعد
    - ماشى وين زى الوقت ده ؟ .. انتا سكران وتعبان وممكن تعمل مشاكل فى الشارع , خليك معاى لحدى الصباح .
    اخاف ان تتكلم وانت فى هذه الحالة .. لقد صدر الحُكم
    يااااه يا " غسان " , المُقابلة الاولى , ذكرى النظرات التمهيدية والاقتراب الحذر .. كانت جميلة تلك البدايات الاولى .. كيف انقلبت لهذه النهاية , نهايات دراما اغريقية فاقعة فى بكائيتها
    كيف استطعت تصويرى يا ابن الحرام ؟
    - هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته .
                  

11-11-2018, 07:32 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    12

    اوغلت فى العمر يا " مهدى الماحى " , كبرت
    كبرت وتجاعيد وجهك تلعنك , وتُعلن للعالم عمرك الحقيقى
    - معقول عمرى وصل 52 سنة ؟ .
    فى تلك الشقة الصغيرة وضعت لوحة زيتية مُعبرة , قطار بعيد على قضبان حديدية , لعبت ريشة الفنان فى اللوحة بحرفية عالية واقتدار , القطار يبدو كنقطة صغيرة بعيدة تتجه نحو التلاشى , فى مقدمة اللوحة اوراق اشجار جافة تتطاير فى الهواء .. اطلقت على اللوحة اسم ؛؛ العمر ؛؛ , سألت كل من اعرف من المهتمين بالفن عن صاحب اللوحة عن اسمه وجنسيته , لكننى لم اعرفه حتى هذه اللحظة , اختفى مثل قطاره البعيد
    الهمس الذى يدور فى المنزل .. الهمس الذى ينقطع عندما نعود انا و" نوارة " من المدرسة , اقارب من طرف الام , واقارب من طرف الاب , كلمات الطلاق و المحكمة اصبحت تتردد بكثرة فى جو الغموض هذا .. اقارب من طرف الاب يخرجون من منزلنا بكلمات غاضبة ولا يعودون اليه ابداً
    " نوارة " فى السنة الثانية من المرحلة الابتدائية , وانا فى السنة الرابعة , انتظرها او تنتظرنى , لا اعود للبيت من دونها , احمل لها حقيبتها واشترى لها ايسكريم عرديب
    - بابا لسه عندو ملاريا ؟ .
    - لسه يا نوارة .
    عندما اتعارك مع صعاليك الشارع كانت تُطلق صيحات مُحاربين عالية , تحمل التراب بكلتا يديها الصغيرتان وتقذفه بكل شجاعة على عيون اعدائى
    - يا اولاد الـكـلب سيبو اخوى .. بابا بكرة يطلع من المستشفى ويطلع عينكم يا صعاليك .
    مازحتها وهى تجلس فى الكوشة يوم عرسها , فخورة بزوجها الطبيب البشرى الوسيم طويل القامة
    - مُتذكرة يا بت يا عروسة ايسكريم العرديب والتراب بتاع الشكلات ؟ .
    لم اتخيل ان تبكى .. وابتعدت انا عن الزحام الراقص وبكيت حتى شعرت بصداع
    خالتى التى لا اُحبها اخبرتنا
    - يا اولاد امكم بكرة حـ تتزوج .
    و الملاريا التى صعدت فى الراس , ترفض النزول .. الايام تحولت الى اسابيع , والاسابيع الى شهور , والشهور الى سنين
    رقصت يوم عُرسها كما لم ارقص .. هى الشقيقة الوحيدة , اللحم والدم وذكريات الطفولة .. عندما عدت بها من بورتسودان وهى فى قمة جنونها الوراثى اشتريت لها ايسكريم عرديب وبكيت حتى شعرت بصداع
    اين انت يا " حافظ ابراهيم " حتى اشتكى لك ؟ .
                  

11-11-2018, 07:34 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

11-30-2018, 06:21 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    13

    تعلمت عزف آلة العود فى تلك الايام الذهبية
    " حافظ ابراهيم " كان يُحول قطعة الجماد الخشبية هذه الى كائن حى , كائن يتنفس , يحزن ويضحك .. تعلمت منه كيف اعزف جميع اغانى الست " ام كلثوم "
    اطير على السحاب بجناحين , اتحدى ضوء البرق الساطع وصوت الرعد الخارق
    بعد الكاس الثالثة تتحول الشقة اللندنية المُتواضعة الى شلالات من الانغام
    - يا نسينى وانتا على بالى
    وخيالك ما يفارق عينى
    ريحنى , واعطف على حالى
    وارحمنى من كُتر ظنونى .
    تعلمت منه عزف المُوشحات الشرقية .. يُدندن وهو يقبض على الكاس الزجاجية بكلتا يديه بموشحات اندلسية شجية
    - الاندلس يا مهدى , دليل خيبة العرب .. الاندلس وفلسطين , والبقية تأتى على يد الطبقات الخائنة للقضية .
    اعزف وحدى , اُداعب الاوتار ليتبدد الملل الخانق .. فقدت القدرة على التركيز , كان يجب علي الاستمرار فى القراءة الجادة والتثقيف الذاتى المُضنى , ربط الاحداث بعضها ببعض حتى لا تتحول الى طلاسم كما هى الان .. اكتفيت من الرحلة بشهادة عليا فى العلوم السياسية حول القرن الافريقى الجائع ومكتبة ضخمة اشعر بالغثيان عندما انظر لها
    - وبعدين يا مهدى ؟ .. انتا عايز شنو بالظبط ؟ .
    جرس الباب الخارجى افزعنى , ما زالت السابعة والنصف مساءً , عرفت انها هى , اخبرتها اننى مريض , ادركت انها سوف تأتى .. تصنعت السعال وانا افتح لها الباب
    - سلامتك دكتور .. قلقتا عليك .
    - اهلاً اخلاص اتفضلى .
    - انتا كويس دكتور مهدى ؟ .
    - دى بس نزلة بسيطة وصداع داير يفترك راسى , وقلتا ارتاح شوية فى البيت , ما تقلقى .
    يبدو على وجهها قلق حقيقى .. انا ايضاً اعرف الحب الحقيقى , صدقينى .. أيام لندن الباردة تعرف ذلك
    - ما كان فى داعى تتعبى نفسك .
    اكياس بلاستيكية سوداء متوسطة الحجم مثل اكياس القمامة , عرفت من الرائحة المنبعثة منها ان بها بعض الفاكهة الطازجة
    - تعبك راحة .. ده واجب علي يا دكتور .
    جلست على ذات المقعد , نفس جلسة المرة السابقة , على الحافة كأنها على استعداد للركض فى العاب اولمبية
    تبادلنا كلمات بلا معنى عن الصحة التى هى تاج على رؤوس الاصحاء , ولا يراها الا المرضى لحسن الحظ !
    كلمات غير هامة وهمهمات للتأكيد يعقبها اعتصام بالصمت , ثم فض للاعتصام بكلمات اخرى .. الابكم انسان سعيد , والاخرس اكثر سعادة , يا ليت البشرية تركت الكلام وكانت الاشارة هى اللغة الرسمية المُتداولة بين البشر
    توجهت نحو هدفى اختصاراً لوقتى الغالى الذى لا اعرف ما افعل به على وجه التحديد
    - بالمناسبة .. عايز منك خدمة يا اخلاص لو سمحتى .
    نظرت نحوى فى ترقب
    - تحت امرك .
    - طلب غريب شوية .
    واصلت النظر لى فى استغراب
    - انا مستعدة اعمل اى حاجة انتا تطلبها يا دكتور .
    - شوفى يا ستى .. انا حـ اشترى عربية باسمك , هى عربية مُستعملة بحالة جيدة من الكرين , وبعد فترة انتى حـ تقومى تبيعى العربية دى لزول تانى .
    - ما فاهمة حاجة ؟ .. هاهاهاهاها .
    ضحكة باهتة لا مكان لها من الاعراب , هل كانت تتوقع اننى سوف اطلب منها مُمارسة الجنس ؟
    - ده اول طلب فى حياتى اطلبه منك يا اخلاص , لو بتثقى فينى نفذى الطلب ده .
    - بس كانت عايزة اسأل أأأ .
    - بدون اى اسئلة لو سمحتى , فى يوم من الايام بشرح ليك بالتفصيل , دى حاجة ليها علاقة بوضعى السياسى وما عايز اظهر فى الصورة .
    نهضت , وجلست بجوارها , تعمدت ان تلمس ساقى ساقها , شعرت بسخونة عجيبة , سخونة انثى مستعدة للمضاجعة
    - انا سعيد انك بتحبينى يا اخلاص , عارفة ليه ؟ .
    - لـ لـ لـ ليه ؟ .
    - عشان انتى انسانة عظيمة , انسانة واعية ومثقفة .
    - أأأأنتا بتحبنى يا دكتور ؟ .
    - مهدى يا اخلاص .. ارجوك , مهدى بس بدون دكتور .
    عندما انحنيت بفمى على شفتيها اليابستان , اغمضت عينيها بشكل مسرحى , وذكرنى وجهها بجثث المشرحة الشاحبة مُغمضة العينين
    همست لها
    - انا مُحتاج فى الدنيا دى لـ انسان اثق فيهو , انسان يحبنى ويحترمنى بدون اى هدف او غرض .
    يجب طرق الحديد وهو ساخن , نظرية ورش الحدادة الشهيرة .
                  

11-30-2018, 06:24 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    14

    وحيد .. والليل طويل
    ليل الشتاء المتقلب , بالامس مائل للبرودة , واليوم له لهيب الصيف الخانق
    وحيد
    عيونى على الشاشة الملونة , فيلم من افلام الرعب التى احبها , خطوات لمجهول يتحرك فى الظلام , يكسر باستمتاع اعناق فتيات شقراوات جميلات وهو يرتدى قفاز اسود اللون .. عيونى ثقلية , يجب ان انهض بعد دقيقة , وضعت الحليب على العين الصغرى الهادئة للـبوتاجاز , وعندى اصرار ان اعرف من هو القاتل
    قلت لنفسى فى تكاسل
    - اللبن حـ يكون فار .
    سمعت خطوات ثقلية خلف ظهرى , وصوت تنفس حاد , صرخت قى رعب حقيقى دون ان التفت ورائى من الخوف
    - منو ؟ .
    نزلت يد خشنة على عنقى من الخلف
    - انا اخلاص وهبة .
    وقف شعر راسى من المفاجأة , شعرت ببرودة فى اطرافى
    - دخلتى هنا كيف ؟ .. الباب مقفول بالمفتاح ! .
    - داير تلعب بى يا مهدى يا واطـى ؟ .. داير تقتل غسان وتخلينى انا المتهمة ؟ .
    اخذت تضغط بقوة على عنقى من الخلف .. شعرت بألم رهيب .. صرخت فى استعطاف ذليل
    - اخلاص .. اخلاص لا .
    - لازم تموت يا مهدى لانك كـلـب .
    اخذت اقاوم .. احاول ان اُبعد يديها القويتان عن عنقى
    - اخلاص لا .
    رائحة غريبة تنبعث .. لا استطيع , تُحكم قبضتها , اُريد ان اصرخ , اتنفس بصعوبة , ألم رهيب , سوف اموت
    - حرام عليك يا اخلاص .. غسان عايز يدمرنى , غسان لازم يموت , انا مرشح الحزب فى الانتخابات الجاية , حرام عليك .
    رايت " نوارة " تقف عارية امامى , تبتسم فى بلاهة وهى تنظر لنا
    - نوارة ؟ .. نوارة انا حـ اموت , اخوك الوحيد حـ يموت .
    صوتى يخرج فى شكل فحيح متقطع .. يخرج بصعوبة , لُعابى يسيل على صدرى , ارتخت جميع عضلات جسدى , اختنق , اغطس فى غيوم داكنة من الغيبوبة
    رنين حاد متواصل .. رنين هاتفى المحمول , استيقظت بصعوبة على ظلام دامس , انقطع التيار الكهربائى , رائحة الغاز القوية تملأ ارجاء الشقة الصغيرة هرولت باتجه المطبخ فى خطوات متعثرة , اغلقت مفتاح البوتاجاز , احرق السائل الابيض المنسكب فى سخونة طرف اصبعى , انقذنى رنين الهاتف المحمول تخبطت فى الظلام وانا افتح النوافذ على مصرعيها لتجديد الهواء .. عاد للرنين من جديد , بعث اضاءة خافتة جميلة فى العتمة من شاشته الصغيرة زاهية الالوان
    - الو , ايوه .
    اتنفس بسرعة
    - دكتور مهدى الماحى ؟ .
    - اهلاً وسهلاً .
    - معاك ادارة مستشفى التيجانى الماحى .
    خفق قلبى .. " نوارة " , صديقة الطفولة , نوارة الايام الحلوة , ضحية اللعنة الوراثية
    - خير .. فى شنو ؟ .
    - عندك معانا هنا نزيلة اسمها ...
    قاطعته بسرعة فى لهفة وخوف
    - نوارة الماحى .. حصل ليها حاجة ؟ .
    - لا خير يا دكتور , لكن الظاهر نوارة دى هربت .
    - هربت كيف يعنى ؟ .
    - يعنى شردت يا دكتور .. بس دايرين نعرف لو جات عندك .
    انحنيت على النافذة , وتركت الهواء الجاف يلطم حبات العرق من على صدرى العارى .
                  

12-03-2018, 06:24 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    15

    البراجماتية
    اُحب هذه الكلمة كثيراً .. استخدمها بافراط فى الاجتماعات عديمة الفائدة لمكتبى السياسى الحبيب
    البراجماتية
    ستار اخلاقى رقيق ونظيف لتبرير افعال لا اخلاقية , فردية او جماعية .. تحمينى هذه الكلمة من سياط عذابات الضمير النادرة , وتُمهد الطريق لتقلبات المواقف السياسية الفاضحة للحزب الذى اجلس كالخازوق على راسه
    - الغاية تُبرر الوسيلة .
    ما هو الفرق نظرياُ على الاقل بين البراجماتية والميكافيلية ؟
    وطلائع الاسرة المقدسة ستصل الى ارض وطنها الثانى الشقيق بعد نصف ساعة , زوجتى الوهمية والعاهرة مثل حزبى , و " شوشو " ابنة غيرى والتى تحمل اسمى الثلاثى .. اقود سيارتى فى شارع المطار الحيوى المزدحم كيوم حشر اخير للبشرية البغيضة .. اُفكر فى " نوارة " , اين هى الان ؟
    امسح الشوارع بعيونى , تُعذبنى فكرة انها بالتأكيد فى هذه اللحظة تتسول المأكل والمشرب من بقايا الناس , ابنة العز القديم تنام الان فى الشارع ! , ابنة الايام القديمة , قبل الجنون , وقبل ان يعبث " عبد القادر الخراء " فى الاصول المادية واللحم الحى للاسرة السعيدة , انقض كصقر جارح على سريرى وعلمنى معنى دفع الثمن .. ثمن الصمت الغالى
    حكيت " لحافظ ابراهيم " عنه وفى عيونى دموع
    - تعرف يا مهدى .. لما ظهرت الداروينية كانت طفرة هائلة فى علم الاحياء , لكن صارت مشكلة كبيرة فى علم الاجتماع , البقاء للاقوى والاوسـخ .. والبقاء لله يا صديقى .
    اختنق من انبعاثات عوادم السيارات فى شارع المطار .. اتسع يا ثُقب الأوزون , اتسع , واصهرهم , اجعلهم كتلة تغلى من العظام السائلة .. الانسان يجب ان ينقرض , هذا هو الحل الذى اقدمه بكل مودة واعتزاز لانقاذ الكوكب الارضى
    لمحت العاهرة العجوز ذات المؤخرة الملساء اللينة فى نهاية صالة الوصول , تتحرك وهى تنظر للفراغ .. مُدمنة المخدرات الثقيلة السابقة , بيضاء اللون وقصيرة القامة , وضعت طناً اضافياً من اللحم على جسدها البدين اصلاً , اصبحت بقرة غير ضاحكة , مُكفهرة وتعيسة تُثير الرثاء .. بعدها بقليل لاحت " شوشو " وهى تُحرك شعرها الحريرى المنسدل مع ايقاع خطواتها الراقصة , خطوات سريعة فى رشاقة
    هذه وبلا فخر , اسرتى الصغيرة
    يا مرحباً بالحياة
    رفعت لهما يدى من بعيد فى تهليل
    - عطيات .. شوشو .
    صوبت لى العاهرة نظرة احتقار مُحايدة .. انا اعرف , وهى تعرف , وشقيقها الملياردير الوغد يعرف
    يا مرحباً بالحياة .
                  

12-03-2018, 06:30 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    16

    المغرب , وبدايات الشتاء
    شجن خاص , شجن يُعيد للرئتين رائحة تبغ غليون الذى احببت قبل اغتياله فى العاصمة الاردنية
    امشى على شارع النيل القديم
    من خلفى قصرهم الجمهورى المتجهم فى وجوه الناس
    اسير بمُحاذاة النيل , الطلاب العاشقين , والمشردين , كــلب اجرب يعرج فى بؤس , ورجال امن يلتهمون حبات الفول السودانى , يُراقبون الناس ومؤخرات البنات المرتجة فى نداء
    وزارات , ومؤسسات حكومية , وفنادق , وعربات تحمل لوحات دبلوماسية يجلس بداخلها سائقين فى قمة الاناقة يرتدون نظارات شمسية سوداء مثل عصابات المافيا
    تتغير الاسماء على طول الشارع فى عمليات خصخصة مُريبة
    الاغنياء فقط هم من يستمتعون بمنظر النيل , والفقراء يهزمهم الفيضان .. حتى النيل فى بلاد العجائب هذه له انحيازات طبقية تستحق التصفيق !
    وانا اُحب التحدى .. ان امشى من القصر الجمهورى حتى نهاية الكوبرى القديم .. الشتاء يعنى المشى عندى , والغروب يعنى الشجن
    خصومى فى ( حزب التنمية الاجتماعي ) اعلنوا الحرب الاعلامية ضدى .. خصومى ابناء امهات زقاق صليب الاوفياء
    ؛؛ هروب شقيقة سياسى معروف من مستشفى للامراض العقلية ؛؛
    كان المانشيت الرئيسى اليوم , لواحدة من صحف الاثارة
    ؛؛ افاد مصدر مطلع ان (ن.أ) وهى الشقيقة الوحيدة لرئيس حزب سياسى مُعارض صغير قد هربت من ... ؛؛
    هنا كانت حديقة الحيوان القديمة , ارتفعت فى مكانها بناية ضخمة مُنبعجة قبيحة المنظر .. عندهم عشق للبنايات الضخمة وهوس لبيع ذكريات الناس
    ابى وامى وانا و " نوارة ".. يحملوننا حتى نمسك زلومة الفيل , لدينا صورة قديمة باهتة للزرافة وهى تقترب من وجه "نوارة " بوجهها الطويل
    اقتلعوا الحيوانات وشردوها .. اقتلعوا الاشجار النادرة التى جلس تحتها الناس يتبادلون الونسات التـافهـة والطعام الدسم واكواب الشاى واللمسات الجنسية السريعة المُشبعة
    اقتلعوا التراب الذى مشت عليه الاف الاقدام , باعوا البلد ووضعوا عليها مساحيق التجميل المعمارية فى لعبة حداثة وتحديث فارغة
    و الحزب الشيوعي العراقى يفصل بقرار تاريخى ومن قلب عاصمة الثورة القادمة الرفيق السابق " حافظ ابراهيم " بتهمة الشذوذ الجنسى , قالوا ان الرفيق يجب ان يكون شخص طبيعى حتى لا يهرب الناس من تأييدهم , كانت معركة فكرية جسورة خاضها الحبيب , كتب واحداً من اهم المقالات فى تاريخ العقل العربى
    ؛؛ انا حر فى جسدى .. وعقلى وقلبى مع الناس والثورة ؛؛
    كان مانفيستو للتمرد والحرية الجسدية والعقلية , قال فيه ان الثورة لا تحتاج لفحول النساء فقط , بل تحتاج للناس , لكل الناس , غض النظر عن ميولهم الجنسية واهتماماتهم الحياتية
    شرب فى تلك الازمة كميات مهولة من المشروبات الروحية , وتفرغ لترجمة اشعار " بابلو نيرودا "
    - فى حاجة يا استاذ ؟ .
    وقفتى طالت امام البرج المُنبعج , وهم يخافون على المُعجزة المعمارية من التفجير الانتحارى , و الحزب الشيوعى العراقى لم يرحم , ولم يُصدر حتى بيان نعى مُقتطب عند اغتياله
    - النضال السياسى يا مهدى يأكل اللحم بشراهة ويرمى العظام بقرف فى سلة المهملات .
    كان يقولها بمرارة بعد ان سقطت التفاحة فوق راسه واكتشف القانون الابدى للحياة والبشر
    - لا انا بس بتفرج .
    - معليش , لكن الوقفة هنا ممنوعة .
    - ليه ؟ .. اصلو انا عربية ؟ .
    خاف من لهجتى الساخرة , اعتقد اننى شخص مُهم فى جهاز اهم , ورد فى تهذيب مواطن صالح
    - معليش يا استاذى , دى بس التعليمات العندنا .
    اعطيته ظهرى ومشيت .. قاعة الصداقة هناك
    - بينى ما بينك علاقة
    سامية زى ثورة بلدنا
    وشامخة زى قاعة الصداقة .
    ايام للشعر الحلمنتيشى , وايام للشعر الجاد الرصين الراقى
    جلست على حافة الرصيف الاسمنتى , ظهرى على النيل ووجهى على القاعة الشامخة .. ايام ادمان الافلام الهندية
    و " نوارة " تضع على الجبهة نقطة صغيرة حمراء من المُنكير , اعتقدت ردحاً من الزمن ان الهند عبارة عن ديكور جميل زاهى وشعب يرقص من الصباح حتى المساء بين مناظر طبيعية خلابة , كان ايمانى فى الطفولة ان بلد التوابل البهيج هذا عبارة عن نساء جميلات ورجال وسيمين شجعان مفتولى العضلات , وخونة يموتون بكل تأكيد فى النهاية كعقاب ربانى لابد منه ! .. عند مرحلة النضوج الفكرى , وعندما عرفت الحقيقة ورايت ابناء الشعب الهندى المساكين على الطبيعة وقرأت ارقام الفقر عندهم واحصائيات بيع الاطفال والتعصب الدينى وتلوث المياه والانهار , وانعدام الصرف الصحى لدى الاغلبية .. كرهت بلدهم وافلامهم وكرهتهم
    جلس بجوارى شيخ عجوز , اشتكى لى وهو يتمخط فى منديل قماشى مُتسخ من الحالة وتربية البنات , وضعت فى جيبه دون ان اتكلم بعض الجنيهات , جلده الابرص جعل منه شخصية ملعونة من شخصيات " تولستوى "
    نهضت نحو غايتى , الكوبرى القديم , اقف فى منتصفه وانحنى على حديده القديم وانشغل بالتفكير
    اين لون الكوبرى القديم ؟
    ايام للشعر الحلمنتيشى , وايام للشعر الجاد الرصين الراقى , وايام لا معنى فيها للشعر او للحياة نفسها
    - سامية زى ثورة بلدنا
    وشامخة زى قاعة الصداقة .
                  

02-26-2020, 07:03 PM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    فوق
                  

02-26-2020, 07:05 PM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    حضوووور ........
                  

02-26-2020, 07:13 PM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: جمال ود القوز)

    اتدبلت المداخلة يا شاهين لأجل عيون هذا السرد الفخيم ..
    واحتمال برضو كمان عشان عيونكـ فيها حاجة ..
    عموما فليبقى البوست عاليا ...
    وهو بهذه الحروف الفخيمة ..


    وتاني كمان فوووق ..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    سؤال على جنب ..
    أين هذه الكتابة من النشر والطبع ككتب ؟ ...


                  

07-08-2020, 09:34 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: جمال ود القوز)

    تحياتى استاذ/ جمال.
    شكرا جزيلا.
    اعتقد ان النشر الالكترونى هو المستقبل ، للكتب والصحف اليومية.
                  

07-08-2020, 09:41 AM

عبدالعظيم عثمان
<aعبدالعظيم عثمان
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 8399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    شاهين سلامات
    موضوع حمادة وإسم الدلع دا جانا من وين؟
    والألقاب في فترة من الفترات ما زول ما عنده لقب
    مستحيل أن يكون شخص بدون لقب في الأسرة
    أو في الشارع بين الأصدقاء والزملاء

    تحياتي
                  

07-08-2020, 10:08 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: عبدالعظيم عثمان)

    تحياتى استاذ / عبد العظيم.
    لم افهم المداخلة ؟
    لو تقصد عدم شيوع اسم "حمادة" فى فترة من الفترات فى السودان ، ارجو البحث فى قوقل عن اسم اللواء "حمادة عبد العظيم حمادة" , عضو المجلس العسكرى الانتقالى عقب انتفاضة مارس / ابريل 1985 ، فحتى جده يحمل الاسم ، مع كامل الاحترام والتقدير لشخصه واسرته الكريمة ، ومع التأكيد ان لا علاقة له بالرواية او موضوعها بطبيعة الحال ، فقط ضرب مثال ان الاسم موجود ومنذ زمن.
    اما لماذا اصبح الان غير مقبول للشخص الناضج ويدل على الدلع ، او لماذا كل طفل يحمل اسم "محمد" هو بالضرورة "حمادة" او "حمودى" حتى يشتد عوده , فهذه من اسرار السودانيين العصية على ذكائى المحدود.
    تشكراتى ، ودمت بخير.
                  

05-15-2021, 12:52 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    17

    اتعذب يا " اخلاص وهبة "
    اتعذب فى وحدتى وضجرى .. يستيقظ ضميرى , امس اوشكت ان انصحكِ بالابتعاد
    اقول لنفسى
    - حرام .. حرام عليك يا مهدى , دى زولة مسكينة .
    يا صحراء القسوة , اى شمس حارقة هذه ؟ .. يا يوم النجاة , الضعفاء فقط هم من يسقطون تحت الاقدام وينسحقون عند هرولة الخروج من ابواب الطوارئ
    - العربية خـ خـ خلاص الاجراءات بتاعتا انتهت .
    - ما عارف اشكرك كيف يا اخلاص .. دى خدمة ما بنساها ليك عمرى كلو .. وطلب بسيط كمان , ما داير زول يعرف الحكاية دى .
    - أأأنا بعرف احفظ السر كويس .. لـ لـ لـ لما احب زول ممكن اديهو عيونى .
    انحنيت عليها وطبعت قبلة بدون طعم على شفتيها .. لا اُريد عيونك يا عزيزتى العانس
    - حمدالله على سلامة مدام عطيات وشوشو .
    جيد جداً .. اذن هى تترصد اخبارى من فم اعضاء مكتبى السياسى , وكالات الانباء الثرثارة
    - الله يسلمك .
    - بـ بـ بتحبها ؟ .
    - منو ؟ .
    - زوجتك .
    احترس .. احترس يا ملك التخطيط , امامك كمين عسكرى لئيم
    - هاهاهاهاها .. فى زول بيحب زوجتو ؟ .
    - ما فهمتا .
    اللعنة عليكِ
    - مرات يا اخلاص الزول بيكتشف بعد سنين طويلة انو مفروض كان يتزوج انسانة تانية غير زوجتو .
    - ولقيتها ؟ .
    - منو ؟ .
    - الزولة التانية .
    نظرت لها فى حنان
    - اكيد .
    - منو ؟ .
    - لا ده سر .
    - عليك الله .
    - واحدة اسمها اخلاص .. بتعرفيها ؟ , هاهاهاهاها .
    هزت كتفيها فى شك
    - يمكن .. بتحبنى من متين ؟ .
    اللعنة على هذا التحقيق الامنى , اللعنة على النساء
    - من زمان يا اخلاص .. بالجد من زمان .
    - بالجد ؟ .
    - والله العظيم .. وحياة اى حاجة مُقدسة فى الدنيا .
    هل ما زالت هناك اشياء مُقدسة عندك يا " مهدى " ؟
    - وانا كمان يا دكتور .. وانا كمان بحبك شديد .
    اقتربت منى واحتضنتى بقوة , شعرت فيها بنهديها ينسحقان على صدرى , وضعت شفتيها على اذنى وقالت بهمس
    - خايفة تكون بتلعب بى .. عارف لو لعبتا بى انا ممكن اعمل فيك شنو ؟ .
    كانت هناك نبرة تهديد مُبطنة لم اشعر معها بالارتياح , حاولت تخليص نفسى من بين يديها
    - اخلاص احنا فى دار الحزب .
    - ما قادرة يا دكتور .. والله ما قادرة .
    يا عذاب الضمير , متى ينتهى الخداع بين البشر ؟ .
                  

05-15-2021, 11:43 PM

أحمد محمد عمر

تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 6272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    قرأتها دقة واحدة كدة بدون توقف
    ذكرتني شغف الصبا بروايات نجيب محفوظ
    عشت مع ابتسام ونجوى ونهاد وعزيزة ومصطفى والواثق كل تفاصيلهم حتى شيعت حمادة لمثواه الأخير
    ثم بدأت الرواية الأخرى وتوقفت في تلك اللحظة الخطيرة منتظراً ما ستسفر عنه مؤامرة اغتيال الفحل الشاب! وهل سيظهر وجه آخر من إخلاص أم تظل بذات الغباء

    شكراً لتلك المتعة التي عطرت يومي وأرجعتني لزمن القراءة الطويلة المتواصلة
    بالطبع لن استعجلك الكتابة لكن أعلمك بأني موجود بصالة الانتظار
                  

05-25-2021, 07:01 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    18

    صالة كبار الزوار
    وانا اختنق فى بدلتى السوداء الانيقة , وربطة العنق مثل حبل مشنقة على الرقبة
    اختنق رغم تباشير الشتاء واجهزة التكييف التى ينساب منها الهواء فى نعومة
    مناديب الصفحات الاقتصادية يحتشدون فى انتظار الملياردير اليمنى المعتوه
    لم ينتبه احد للمسخرة التى تحدث هنا .. رئيس حزب فى استقبال عضو عادى فى حزبه !
    يا للمهزلة الارضية
    عند عودته من رحلته قبل الاخيرة من الصين رفضت الذهاب لاستقباله , تصرف كاد ان يُفقدنى منصبى , قالوا لى انه غضب منى , اخبرنى مدير مكتبه بتهذيبه المعروف
    - يا دكتور مهدى مالك ما جيت المطار ؟ .
    - يا استاذ بلال احنا كلنا من مصلحتنا حزب التنمية الاجتماعى ده يكون واحد من اكبر الاحزاب فى السودان , وواحدة من ابجديات تقاليد العمل السياسى الراسخة فى السودان انو رئيس الحزب ما ممكن يمشى ويكون فى استقبال اى عضو فى حزبه جاى من السفر .
    قال وهو يُراجع بعض الاوراق
    - بس السيد مصطفى غالب هو صاحب الحزب .. مش كده ؟ .
    - ايوه انا عارف , انا بتكلم عن صورتنا قدام الصحافة والاعلام والناس .
    - شوف يا دكتور , انا ما بحب شمارات النسوان , لكن لازم تعرف انو اعضاء المكتب السياسى فى الحزب انتهزوا الغلطة دى واتكلموا مع السيد مصطفى كلام بطال عنك .
    اولاد الشـرمـوطـة , صعاليك مكتبى السياسى الحبيب
    - كلام زى شنو ؟ .
    - يعنى .. المهم , كلام انك بقيت مغرور , وانك عايز تعمل انقلاب فى الحزب ضد السيد مصطفى .. يعنى , عارف وساخة السياسيين السودانيين .. داير انبهك عشان ما تغلط تانى .
    وجدت الحل السحرى , انعمت عليه بلقب المؤسس و القيادى التاريخى للحزب , وبذلك لا غضاضة فى استقباله كلما عاد للبلاد
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب كلهم كانوا فى انتظاره فى صالة كبار الزوار , تبدو على وجوههم فرحة مُزيفة , احدهم يرتدى بنطال اصفر اللون ويحمل باقة من الزهور البنفسجية , هو اشد الناس عداوة لى
    وهو من يرسمونه فى اجتماعاتهم السرية وتكتلاتهم المريبة , يرسمونه الخلفية القادم للعرش الخاوى , جعلتهم يلتفون حوله مثل التفاف النمل على قطعة خبز , بينما كنت اجمع فى هدوء قاتل خيوط أخبار فضيحة مدوية تتحدث عن انه قد أغتصب ابنة اخيه غير الشقيق
    سوف انسفه قبل المؤتمر الوهمى القادم للحزب
    سوف اقوم بتسريب اخبار فضيحته للصحف الصفراء مثل بنطاله فى التوقيت المناسب , سيكون عبرة من لا يعتبر
    - شنو الحاجات دى يا حاج مبارك ؟ .. كده وكده والله غالب ؟ .
    - شنو يا دكتور مهدى ؟ .. حاجات شنو ؟ .
    - يعنى الـ نيو لوك ؟ .. ما شاء الله عينى باردة , وتبراء وتستبراء , قميص لبنى وبنطلون اصفر وزهور بنفسجية , فضل ليك بس دقن ابيض وتبقى بابا نويل .. هاهاهاهاها .
    - بابا نويل ده مش المسيحى بتاع الكريسماس والهدايا يا دكتور ؟ .. ثقافتك ضعيفة للاسف الشديد , بابا نويل بيلبس احمر .. وبالمناسبة انا عندى هدية ظريفة ليك , لكن بقدمها فى الوقت المناسب واتمنى انها تعجبك .
    - سبحان الله , القلوب شواهد , والله العظيم انا هسع بفكر فى هدية ليك يا حاج مبارك .. بس هديتك لى انشاء الله تكون جديدة , ما من بقايا مايو .. هاهاهاهاها .
    كان من ابرز من ساهموا فى النظام العسكرى الثانى 1969 - 1985 , وابرز من ساهموا فى صناعة الانتفاضة الشعبية ضد هذا النظام فى 1985 , وابرز من شتموا نفس هذه الانتفاضة بعد الانقلاب العسكرى الاخير , ولولا انهم ضربوه بالشلوت وطردوه لكان الان من ابرز شخصيات الحزب الحاكم .. كل التخطيط ضدى يتم فى منزله العامر بالدعارة والايمان بالمصالح الشخصية العليا
    اعلن المذياع الداخلى عن تأخير لمدة ساعة كاملة للطائرة الميمونة القادمة من قلب عاصمة اليمن السعيد , تنهد المناضل القديم البابا نويلى صاحب البنطال الاصفر وقال بصوته العالى حتى يُسمع الاطرش فى الصالة
    - معقول يا جماعة ؟ .. ساعة كاملة تانى ما نشوف فيها السيد مصطفى غالب ؟ .. والله العظيم ده حرام .
    تنهد مثل انثى وصلت لذروة افرازاتها المهبلية
    قلت فى نفسى
    - ما يتأخر .. يعنى عايز ترضع منه .. ملعون ابو امك .
    سوف انسفك من على ساحة العمل العام , امسحك من وجه الارض .. جلس وهو يتحدث فى هاتفه المحمول وينظر لى بطرف عينه فى خباثة ثعلب .. هو فى بداية سبعينيات عمره وانا فى بدايات الخمسينيات
    - ده ما مشكلة , الزمن فى مصلحتى .. المشكلة فى الناس الاصغر منى .
                  

05-25-2021, 07:03 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

05-27-2021, 03:01 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    19

    يتأفف منا
    ويشتكى لطوب الارض من صراعاتنا الشخصية داخل اروقة حزبه الشخصى اللعين
    الملياردير المعتوه يُريد ان يجعل من اعضاء الحزب تلاميذ فى المرحلة الابتدائية , مؤدبين , يغسلون ايديهم قبل الاكل وبعده , لا يتحدثون اثناء الحصص الثقيلة على القلب , وينشدون بحماس وطنى منقطع النظير نشيد (بلادى .. بلادى) كلما لمحوا خيال مدير المدرسة الرهيب من بعيد
    هو لم يستوعب بعد حقارة المثقف السودانى المزروعة فى جينات هذا الشعب بترتيبات إلهية مُسبقة , لم يستوعب خاصية تفاصيل الحسد والنميمة والضرب تحت الحزام ببراعة لهذا الشعب البطل
    اجتماع على انفراد فى مقر ادارة شركاته المتعددة النشاطات
    فيلا فخمة من خمسة طوابق بيضاء اللون , يحتل مكتبه الطابق الخامس بكامله , تصل اليه بعد عبور حشد من الحسناوات اليافعات من اليمن , ومصر , واثيوبيا , وسودانيات متفشخرات يحملن بفرح مُتعالى وعنـطـزة جوازات سفر امريكية .. عولمة كما اُنزلت
    ترتفع سماعات هواتف ارضية بيضاء وسوداء , وتنخفض فى رشاقة وهدوء برجوازى رصين ومثقف
    - دكتور مهدى الماحى عندو مواعيد مع السيد غالب .
    تُقال بالدارجية السودانية التى اعرفها كجوع بطنى القديم فى لندن , وتُقال مخلوطة بلهجات أخرى تعبيراً على ما يبدو عن الوحدة الاقتصادية القادمة .. تُقال بالانجليزية المعجونة بكلمات فرنسية عن قصد
    wooow تُعجبنى اللعبة , امر بمراحلها المختلفة وانا فى غاية السرور والانتشاء , اجواء الف ليلة وليلة الكلاسيكية المعروفة مع اضافة احدث صيحات الديكور والاضاءة والازياء
    وفود اجنبية تبيع وتشترى فى أوصال جثة هذا الوطن واوطان الآخرين , خبراء بورصة يتحدثون عن الدمج واعادة الهيكلة وبيع القطاع العام وتسريح العمال تحت ذريعة ضغط النفقات !
    والمصعد الصغير يُصدر نغمات موسيقية لسمفونية مشهورة للترويح عن النفس فى الثوانى المعدودة التى ينغلق عليك فيها وينفتح مباشرةً على مكتبه وهو يُصدر نغمة تنبيه
    لديه عادة قذرة , غاية فى الغرابة .. تجده على الكرسى الجلدى الدوار وقد اعطاك ظهره بالكامل , لا يلتفت اليك الا فى منتصف الحديث , اقول ربما هو يُمارس طقوس العادة السرية
    - الاخبار دكتور ؟
    - تمام سيد مصطفى .
    - الحزب ماشى كويس ؟ .
    - تمام , بنستعد للمؤتمر , بس التصديق عشان الجريدة اليومية فيهو مضايقات ما عارف ليه ؟ .
    - موضوع جريدة الحزب خليهو شوية , عشان فى شركة اعلامية تحت التأسيس , شركة ضخمة فيها قناة فضائية واذاعة fm وصحف سياسية ورياضية واجتماعية , بفتكر انو الناس احسن تكتب فى جرايد مستقلة , الزمن بتاع الصحف الحزبية انتهى فى العالم كله .
    هو صاحب الحمار وانا علي ربطه فى المكان الذى يحدده
    - دى فكرة ممتازة , ومبروك مقدماً .
    - عايزكم فى الحزب تعملوا جبهة عريضة فى قصة حرية التصديق للقنوات الفضائية واذاعات الـ fm .. تعرف انا معجب جداً بتجربة رفيق الحريرى فى لبنان .
    واتمنى ان تنتهى مثله
    - تعرف يا مهدى انا وصلتا لقناعة انو القنبلة النووية هى سلاح القرن العشرين الفتاك , والاعلام هو سلاح القرن الواحد وعشرين الفتاك .
    لو كان هناك انصاف , لكان من المفترض ان يتم تصنيف هذا المخبول ضمن افضل مئة مُفكر مروا على تاريخ البشرية
    - صحيح سيد مصطفى .. الاستثمار فى الاعلام هو المستقبل فى العالم كله .
    وكذلك فى الاحزاب , يجب ان لا تنسى ذلك يا وغدى الحبيب
    اخيراً التفت نحوى , وجه ابيض وسيم وشعر فضى فى اناقة , هو فى السابعة والستين من عمره
    - كفارة لاختك نوارة , سمعتا بالصدفة البحتة انها مرضت قبل فترة بمرض صعب شوية , و شردت من المستشفى ؟ .
    هنا مربط الفرس , وانا مُستعد لهذا السؤال بالذات ايها الوجيه الثرى
    - ده وضع ما بيدى يا سيد مصطفى , المرض والموت دى حاجات من عند الله .
    - بس كان لازم تكلمنى قبل ما اعرف من الناس وتلميحات الجرايد , وافتكر اننا متفقين انك ما تدس عنى اى حاجة ..المهم عندى انو الوضع ده ما يسبب مشاكل لمستقبلك السياسى .
    - انا بس ما حبيت ازعجك بامورى الشخصية , وما اعتقد انو الحادث ده ممكن يهز صورتى قدام الناس , لانو ببساطة ما انا السبب فيهو , بالعكس افتكر الناس بتشعر بالتعاطف مع زول فى وضع زى ده .
    - فى اى مساعدة ممكن اقدمها ؟ .
    - شكراً جزيلاً , انا عارف ومُقدر مشغولياتك , ما تزعج نفسك , انا عملتا البلاغ والاجراءات المطلوبة , ومفروض بكرة ينزل اعلان فى الجرايد مع صورتها وانشاء الله يومين تلاتة بلقاها .
    - المرحلة الجاية دى يا دكتور حساسة جداً بالنسبة لى , ما عايز فيها مشاكل من اى نوع , لا فى الحزب , لا فى اسرتك من عطيات وشوشو , لا حاجات تهز صورتك قدام الناس , انتا عارف العين بقت علي وفى ناس بتكرهنى جداً جوه وبره , عايزك تكون فى الصف الاول باستمرار .. وبعدين الصراعات الشخصية بينكم داخل الحزب بكل صراحة ما مريحانى , لازم تشوف ليها حل وتعمل ليها كنترول , ما تخذلنى لو سمحتا ,okay دكتور ؟ .
    - okay , ما تشيل هم , انا قدر المسئولية .
                  

06-05-2021, 09:04 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    20

    يااااه يا " غسان "
    المُقابلة الاولى
    ذكرى النظرات التمهيدية والاقتراب الحذر
    كانت جميلة تلك البدايات الاولى .. كيف انقلبت لهذه النهاية التراجيدية ؟
    كيف استطعت تصويرى يا ابن الحرام ؟
    - الو يا دكترة .
    - اهلاً غسان .. مشتاقين .
    - انا راجع بكرة من شندى .
    - توصل بالسلامة .
    - اخبار العـر ....
    قاطعته بسرعة
    - كلو تمام , لما توصل حـ تلقى كل الامور جاهزة , يلا مع السلامة عشان انا سايق فى الطريق .
    اتذكرك فى يوم اللقاء الاول .. وانت تجلس فى الصف الامامى , انا على المنصة اتحدث فى ما لا يُفيد ولا ينفع الناس , لقاء العيون الاول , مُعادلات الكيمياء البشرية التى يتحدثون عنها فى كُتب التنمية البشرية
    كان عندنا هوس فى تلك الايام لـبناء قواعد للحزب داخل الجامعات السودانية , وكانت تلك ندوتى الاولى والاخيرة فى الحرم الجامعى
    - انا غسان مختار الفاضل , طالب فى كلية الصيدلة .
    حديث قصير , ومصافحة بالايدى , تعريف بالاسماء الثلاثية وطلب البرنامج , رغم ان برنامج حزبنا المكتوب يختلف 180 درجة عن البرنامج الذى يتم تنفيذه فعلياً على ارض الواقع ! , تبادل لارقام الهواتف باللغة الانجليزية !
    - نسمع صوتك يا غسان , انا بحب الشباب المتحمس للقضايا الوطنية .
    اعجبنى فيه الجسد الفائر , ادركت بخبرتى الا محدودة , مقدار الفحولة الكامنة
    انتظرت .. وانتظرت .. وانتظرت , يا لصبرك المدهش ايها العنكبوت العملاق وانت تنسج شبكتك البديعة المدهشة
    - الو .
    - دكتور مهدى الماحى ؟ .
    - اهلاً وسهلاً .
    - انا غسان .
    - غسان ؟ .. غسان ؟ .. انتا صحفى ؟ .
    اُحب نفسى كثيراً عندما اتقمص شخصية المُستهبل على خشبة مسرح الحياة
    - طالب الصيدلة , كان عندك قبل اسبوعين ندوة فى الجامعة وانا .........
    - ايوه , ايوه .. معليش الزهايمر بعيد عنك , عمك مهدى خلاص بقى شمار فى مرقة .. هاهاهاهاها , مش كان مفروض نكمل كلامنا واديك البرنامج ؟ .
    للصوت نغمة مُختلفة عما هى عليه الان .. طريقة الكلام عند الاقتراب الحذر , تختلف عن طريقة الكلام عند الابتعاد
    اندفعت , اعترف الان بذلك , طلب منى نقود فى اللقاء الاول , وانا دفعت عن طيب خاطر , وصلت للنقطة الخطرة من العمر , نقطة ان تدفع نقداً فى مُقابل ان تجد الشريك .. ماذا سافعل فى ستينيات وسبعينيات عُمرى ؟
    شقتى التى اُحبها .. عرين الاسد العجوز , لو دخلت من بابها الخشبى الاسود السميك ستجد لوحة " العُمر " امام عيونك مُباشرةً , والقطار هناك , بعيد , بعيد , كنقطة صغيرة تتجه نحو التلاشى
    اللقاء الاول فى هذا العرين , الجلوس بقربه , وحدنا هنا .. الرسائل التى ارسلتها له بمكر عن طريق الضربات الرقيقة بالساق , الانحناء عليه للتأكيد على فقرة ما غاية فى الاهمية لمستقبل هذا الشعب فى الصفحة الخامسة من البرنامج الحزبى , الاصبع يضغط على الفقرة فى الورقة وعلى لحم الفخذ فى رفق
    وصلت الرسالة
    - والله تعرف يا دكتور , السياسة دى حاجة مُهمة ولازم الناس تشارك فى الاحزب السياسية , لكن المشكلة الظرف الاقتصادى للناس , انا مثلاً عندى اقساط فى الجامعة لازم ادفعها عشان اخش الامتحان بعد اسبوع .
    وصلت للنقطة الخطرة من العمر , نقطة ان تدفع فى مُقابل ان تجد شريك .. اين شعارات الحب الانسانى العظيمة ايها الرفيق العراقى السابق ؟
    فى الصباح وجدت الورقة الخامسة من البرنامج وعليها آثار الليلة السابقة .. اوراق برامج الاحزاب السودانية مُفيدة فى السرير , وعند انقطاع الماء فى دورة المياه اثناء قضاء الحاجة
    اللقاء الجسدى الاول .
                  

06-06-2021, 06:15 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    21

    اعود من المشرحة خائر القوى , واصوم عن الطعام طوال اليوم
    اخبرونى عن طريق الهاتف بوصول جثة امرأة مجهولة الهوية تنطبق عليها نفس اوصاف " نوارة " .. هذه هى المرة الرابعة
    اصبح عامل المشرحة صديقى , يُقدم لى مراسم التحية البروتوكولية بهزة خفيفة من راسه وهو يلتهم سندوتش , اظافر يديه طويلة وقذرة , عيونه غائرة ولون بشرته شمعى .. رائحة الموت تتدفق من كل الاركان , هذه المرة كانت قوية , اصابتنى بالدوار
    - يا ساتر .
    اخرجت منديلى القماشى وتقيأت عليه
    - معليش يا دكتور , الكهرباء مشكلة كبيرة .
    منظره وهو يمضغ الطعام بلا اهتمام , دفعنى للتقيؤ من جديد
    - بكرة تتعود يا دكتور .
    جثة محروقة بالكامل
    - المرحومة دى كانت مجدوعة فى الخلاء بتاع الحاج يوسف .
    اوشكت على السقوط فى الارض والدخول فى حالة غيبوبة
    - يا ساتر يا رب , ربنا يرحمها ويرحمنا , دى ما نوارة .. نوارة قصيرة وحجمها قليل .
    - تعرف , الظاهر دى جريمة شرف .
    يا للمسكينة , يتم طعنها فى شرفها وهى صامتة !
    وضعت فى جيبه ما تيسر , وانا اتصبب عرقاً من جميع مسام جلدى
    - خليك على اتصال بى طوالى يا جابر , اى جثة لزولة عمرها فى نهايات الاربعين ولونها زى لونى ده كده اتصل بى .
    ابتسم فى ذل للمنحة المالية غير المتوقعة
    - ما عندك مشكلة يا دكتور احنا فى الخدمة .
    هربت بخطوات سريعة من خادم الموتى الشمعى الملعون
    تقيأت للمرة الاخيرة على رصيف الشارع , افرغت كل ما كان فى جوفى , يا الله , لماذا جعلت العفن فى الجسد البشرى وهو يتحلل نحو الفناء الاخير ؟
    ارعبتنى فكرة ان اموت مجهول الهوية , فكرة ان انتفخ عند انقطاع التيار الكهربائى , ان اموت وحيد
    وحدك يا وحيد .. لا ظهر , لا سند
    سوف يتبادل اعضاء مكتبك السياسى الحبيب رسائل التهنئة , يتكبدون مشقة حفل التأبين الهزيل , وقصائد الرثاء السخيفة , ثم ينسونك فى صباح اليوم التالى مُباشرةً , يقتسمون اوراقك وقلمك الذهبى البديع - هدية حافظ ابراهيم فى واحدة من اعياد ميلادك البعيدة - .. وانت تنتفخ , وتنتفخ , والتيار الكهربائى لا يعود
    اتجهت الى مملكة المؤامرات السرية والعلنية , دار حزبى (حزب التنمية الاجتماعي) , حيث لا تنمية ولا يحزنون , اوقفت سيارتى بجوار لافتة حديدية ضخمة , عليها اعلان غريب
    ؛؛ انتظرونا .. مفاجأة كبرى فى الطريق ؛؛
    قلت ربما هو مشروب جديد .. ما تبقت مفاجآت لم اعرفها فى حياتى المديدة
    " نوارة " كانت ستهتم يوم وفاتى , وهى الوحيدة التى كانت ستبكى علي بشكل صادق
    لو يعرف الناس اهمية ان يبكى عليك انسان .. لو يعرفون اهمية عدم الموت داخل ثلاجات المشرحة , الموت على سريرك المنزلى بين افراد اسرتك نعمة كبيرة
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
                  

06-07-2021, 07:42 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    22

    اليوم , تحل الذكرى السنوية لاغتيال الرفيق السابق
    فى تمام الساعة العاشرة مساءً , انطلقت رصاصة وحيدة من مُسدس كاتم للصوت , واستقرت فوق الفك الاعلى
    وحدى فى زنزانتى الصغيرة , اطفاءت الانوار , واشعلت شمعة صفراء كبيرة , وانتظرت انظر للساعة الحائطية الكبيرة بعقاربها الفسفورية المُضيئة
    جعلت من يوم اغتياله عيد ميلاد
    انا الوحيد الذى يتذكر الان , واستاذ قديم فى اللغة العربية قال ان اشتقاق اسم الانسان جاء من النسيان !
    هم هناك , وانا هنا .. " عطيات غالب " و " شوشو "
    انا الاراجوز , اظهر فى المناسبات الرسمية فقط , أعطاء شرعية مُزيفة لهذا التفكك الأسرى الطافح .. " عطيات " لا تشبع من الجنس , لا فائدة , جرب معها الملياردير المعتوه كل الوسائل - حتى العنيفة منها - , ولا فائدة , فلت العيار
    هو من عرض علي الصفقة , يُريد التفرغ لمشاريعه الناجحة , ورائحة ما بين افخاذ شقيقته الصغرى اخر العنقود فاحت باريجها فى ارجاء لندن
    هو بكل صراحة كما قال لى , لديه ارتباطات تجارية وفكرية مع جماعات الأخوان المسلمين لا يُحب ان تهتز
    تحدثنا رجل لرجل وبيننا كوبين من القهوة التركية الثقيلة , فى مقهى صغير تنبعث منه موسيقى لاتينية حزينة
    عقد معى الصفقة بكل سهولة , صفقة صغيرة تحت المائدة , مثل ملايين الصفقات الشخصية القـذرة بين التيارات الفكرية المختلفة فى بلدى , الزواج من الشقيقة الصغرى التى فلت عيارها, والمقابل وظيفة ذات عائد مادى مغرى للغاية فى واحدة من شركاته / على الورق فقط / , مع التفرغ التام لرئاسة حزب سياسى تحت التأسيس
    Tit for tat
    - مجموعة ضغط سياسى مكونة من خبراء تكنوقراط وناس عندهم نفوذ قبلى وسياسى , المجموعة دى عايز العب بيها بوليتيكا , واحمى بيها نفسى ومشاريعى التجارية .
    كنت فى تلك الأيام ابحث بجنون عن تراث " حافظ ابراهيم " الفكرى بعد اغتياله .. اتنقل بحماس لاجمع كل ما كتب من اشعار ومقالات سياسية وترجمات فكرية وادبية مُختلفة , اتنقل بحماس وانا اشعر بالضياع والفراغ والوحدة
    عندها عرفت " عطيات " وشاهدتها لاول مرة .. تجلس بين افراد اسرة عراقية ليبرالية مؤمنة باسقاط " صدام حسين " وازاحته من السلطة اكثر من ايمانها بالله نفسه ! , تجلس بينهم وهى تتحدث عن تحرير العضو التناسلى للانثى العربية كمفتاح جوهرى حاسم لحل مُجمل العملية الثورية المُعقدة فى العالم الثالث
    - تحرير العضو التناسلى الانثوى يعنى تحرير الارض المحتلة .
    كانت مسطولة , وقفت فى حركة مسرحية وهى ترفع ملابسها لاعلى وتخلع سروالها الداخلى الاحمر , ليظهر كهفها غير المقدس المباح وهو مُغطى بشعر اسود كثيف من كل الجهات
    - من هنا اُعلن للعالم اننى حُرة .
    ارتفع التصفيق الحاد من المُتواجدين
    - برافو .. عاشت الحرية .
    وقفت عارية تماماً فى نصفها الاسفل وهى تبتسم ابتسامة ثائر منتصر فى حرب اهلية
    ادركت ان الجميع يُحلق بفعل المسحوق الابيض فى سماوات زاهية .. حملت منهم بصعوبة بالغة بعض ترجمات " بابلو نيرودا " بخط الحبيب الراحل , وتركتهم يُحررون الاراضى المحتلة
    عندما دقت العاشرة , نفخت برقة فى الشمعة الصفراء , ساد الظلام والهدوء .. ونزلت دموعى .
                  

06-09-2021, 06:01 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    23

    حى السجانة
    رقعة جغرافية , هى مرتع الصبا والذكريات
    هنا اتجول بالساعات , اغسل همومى واحباطى على شوارعها الضيقة , مياه البالوعات وهى تُشكل برك صغيرة تنبعث منها روائح صابون اجنبى للاستحمام
    ابحث عن السجانة القديمة , تلك التى كانت .. عن روح الألفة والتضامن الانسانى الحقيقى , عن من يحمل جنازة من لا يعرف بكل حزن صادق على كتفه
    - ناس زمان .. ناس الزمن الجميل .
    السوق القديم , والسكان الاصليين القدماء , اعرف بعضهم , بوجوههم التى لعب فيها الزمن باقتدار ورسم اخاديده عليها , منهم من بتر مرض السكرى بعض اطرافه , ومنهم من دخل فى الزوابع الرملية لخرف الشيخوخة , يجلسون فى ظل الاشجار والحوائط على كراسى مُهترئة , ينتظرون الموت ونشرات الاخبار الاذاعية الكئيبة
    - السلام عليكم .
    يردون دون اهتمام , بل حتى لا يرفعون عيونهم من الفراغ الذى يُحدقون فيه
    - وعليكم السلام .
    ضربت ابنائهم موجات هجرة جماعية , وتركوهم للعراء مُحاطين باحدث انواع الاجهزة الكهربائية , وباليأس
    اعرفهم .. منهم العربجى , و الـقـوادة بسنتها الذهبية الامامية للتباهى , ومن حملت بالحرام , واليسارى الذى دفع حياته كلها فى مُعتقلات طويلة المدى ثم انقلب فى نهاية المطاف الى النقيض يدعو الناس بجلبابه القصير لارتياد المساجد وعدم لمس اجساد النساء فى المواصلات العامة !
    السجانة القديمة .. و السجانة الجديدة
    الاولى التى اُحبها , والثانية التى اخاف منها , الثانية التى نهضت من بين ركام الخلافات حول الميراث بين الاشقاء على البيوت الضيقة , وانتهت بالبيع للاغراب فى اروقة المحاكم !
    تغيرت كثيراً , نهضت فى اماكن البيوت الطينية ذات الرائحة النفاذة فى فصول الخريف , بيوت اسمنتية غبية بلا روح - وانا عدو تحديث المدن الاول -
    اختفت منها المزيرة العامة على روح مرحوم يبذل اهله قصارى الجهد لينال رحمة من الخالق , مزيرة عامة نشرب منها ونحن عائدين من المدارس بواسطة علبة كانت فى الاصل لتعبئة اللبن المجفف , نشرب من ازيارها المُلطخة باللون الاخضر بفعل الطحالب , وتشرب منها الأغنام وبعض كلاب الحى الجسورة
    منزلنا القديم تحول الى لوحة سريالية غامضة من طابقين تخرج منه نساء بلحم ابيض طرى وهن يتضاحكن فى بهجة غير مُبررة .. ودكان ابى الذى تحول الى مكان فخم بزجاج مُلون لبيع قطع الغيار الكورية
    تبدل الحال والمآل , تبدل الناس
    لماذا عُدت من لندن ؟ .. لماذا لم ابتعد بشكل نهائى كما فعل الجميع , لماذا لم اُغير اسمى ودينى ولغتى وجنسيتى ؟
    لماذا اعود مثل مجرم ارعن لمكان ارتكاب الجريمة ؟
    لماذا تقتلنى الروائح ؟ .. رائحة الطين والمطر , ورائحة روث البهائم والفحم المحترق , ورائحة مدخل استقبال مستشفى " التيجانى الماحى "
    انغرس نصل الماضى المسنون فى الاحشاء .. انغرس ولا اُريد اخراجه
    وذكريات " حافظ ابراهيم " هى واحة صحرائى الجرداء
    فلماذا تقتلنى حتى الان رائحة المراحيض البلدية ؟
    - السلام عليكم .
    - وعليكم السلام .
                  

06-11-2021, 09:03 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    24

    هى فى بدايات ثلاثينيات عمرها
    هو فى منتصف العشرينيات
    وطاقة الجسد البشرى لها حدود فى احتمال الحرمان , والغائب يرفض العودة من الغيبوبة
    - أبشر يا عريس .
    الزغاريد والأغانى والضجة .. والضياع
    ليلة زواج امى
    " عبد القادر الخراء " يحمل سوط العنج فى يده , يتقافز الشمبانزي عالياً وهو يُطرقع به فى الهواء
    " نوارة " نامت وتبولت على ثوبها الجديد , ادخلوها للداخل
    وانا ضعت بين الاقدام الكثيرة وسحابات الغبار بفعل الرقص المجنون .. افتش عنها والايدي تمنعنى منها
    - عايز امشى لماما .
    كل اهل الكاملين كانوا هنا .. الا اقارب ابى
    تفاصيل تلك الليلة كأنها حدثت معى بالامس .. تفاصيل تلك الليلة وضعت حاجزاً بينى وبينها حتى النهاية , ما استطاعت هى تجاوزه , ولا رغبت انا فى ذلك
    تحطمت كل الصور القديمة , الضحكات الغريبة المكتومة فى منتصف الليل , التحلق حول اكواب الشاى فى الصباح والمساء , حكايات الجيران , السؤال عن المدرسة وتقليد المدرسين , الحديث عن انتعاش او كساد التجارة
    الأغانى التى كانت فى تلك الليلة , احفظها كلمة , كلمة .. اتذكر طريقة الاداء , وعندما اسمعها الان صُدفة , ينتابنى احساس غريب بالشجن , وبحزن يظل جاثماً على قلبى بقية اليوم
    وانا طفل ادركت انها ما عادت لى
    ذكرى الصفعة الاولى على الخد .. عندما استيقظت ليلاً ووقفت انظر لهما عبر الشباك المفتوح فى دهشة , اضاءة باهتة لكنها كافية لكى اشاهد المعركة واللحم المُتشابك العارى , والصرخات الضعيفة
    - لا .. عبد القادر , لا .
    قفزت من النافذة اليهما , اصرخ فى رعب طفل لا يفهم المشهد الذى امامه
    - بتضرب امى لشنو يا خراء ؟ .
    اضربه على ظهره بقبضتى الضعيفة .. سكون ساد لثوانى قليلة , اعقبته الصفعة الاولى القوية المؤلمة .. لها طعم خاص عن بقية الصفعات فى مراحل العمر المختلفة , اغلقوا بعدها النافذة فى وجهى للابد
    " حافظ ابراهيم " كذلك له نظريات وحديث مُطول لا ينتهى عن الصفعة الاولى للمعتقل السياسى .. قال انها تُسند الظهر وتُصلب العود الانسانى الهش
    - تعرف .. الخوف الاساسى يا مهدى عند الاعتقال الاول هو من التعذيب .. عندما يتأخر يبدأ القلق والعذاب النفسى الحقيقى , وبعد الضربة الاولى يا سبحان الله , يتكيف الانسان مع الوضع .
    قلت له وانا انام على صدره العراقى العارى العريض اننى لم اتكيف التكيف الداروينى المطلوب مع الاهانة والضرب , بل شرختنى .. قلت له ان بداخلى زُجاج مُهشم , زُجاج كثير .. عندما أمشى بسرعة اسمعه يتحرك داخلى
    - كش .. كش .. كش .. كش .
    وكان هو يضحك منى , رغم انه شعورى الحقيقى بلا اى تزييف او مُبالغة .
                  

06-11-2021, 09:05 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

                  

06-12-2021, 07:36 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    25

    عالم السياسة
    عالم الاكاذيب الملونة البديعة .. عالم الشعارات المنفوخة مثل بالون زاهى كبير , بالون ينفجر من اول لمسة دبوس خفيفة
    يتخبط اعدائى , اعضاء مكتبى السياسى الحبيب فى مؤامراتهم شبه اليومية الصغيرة , خطوات قليلة على المؤتمر العام للحزب , تركتهم يرفعون الشعار العريض المريض
    ؛؛ قيادة جديدة للحزب .. فى ظل واقع جديد ديمقراطى للوطن ؛؛
    رغم كل الحروف الابجدية الكثيرة والكبيرة فى الشعار الا ان المعنى واحد , يُريدون الاطاحة بى
    " اخلاص وهبة " جاسوستى الدميمة , لها اذرع اخطبوطية فى كل مفاصل الحزب
    ثبتت رؤية هلال شهر رمضان بالعين المُجردة , وحاج " مبارك " هو المرشح الرسمى ضدى فى الإنتخابات القادمة على رئاسة الحزب , املك الفضيحة التى تنسفه , أغتصب أبنة اخيه غير الشقيق , وتم التعتيم على الفضيحة بشكل هائل , ابن الحرام لديه نفوذ ومخالب ضاربة بعمق فى كل مفاصل الدولة العتيقة , دولة الفساد والمحسوبية
    والعقد شريعة المتعاقدين فى القانون فقط , اما فى السياسة فان الغدر هو شريعة اعضاء الاحزاب فى دول العالم الثالث , و " مصطفى غالب " صاحب هذا السوبر ماركت الوهمى ليس استثناء , بل هو القاعدة
    جلس امامى مثل ثعلب خبيث فى افلام الكرتون
    - يا حاج مبارك , فى مشكلة صغيرة قدام الحزب ممكن تعمل ليهو مشاكل واحنا بعد اسبوع عندنا المؤتمر العام .
    - خير يا دكتورنا ؟ .
    نبرته فيها تهكم , شهادتى العليا الاجنبية هذه لا تنال رضائه , ولقبى الاكاديمى يُثير حنقه
    - اتمنى يكون خير , فى جريدة نشرت قبل يومين تلاتة خبر صغير عن فضيحة جنسية لشخصية عامة .
    - جريدة شنو ؟ .. والحزب مالو ومال القصة دى ؟ .
    - جريدة اسمها الناس , واحدة من جرايد الفضايح وكده .
    - وبعدين ؟ .
    ابتلع ريقه بصعوبة .. بدأ يشعر بالخطر
    - وبعدين صحفى من الجريدة اتصل بى وقال ان الخبر ده بيخص الحزب بتاعنا , وبيخصك انتا بالذات .
    نهض من مقعده مفزوعاً وملدوغاً , يرتفع صوته مثل النساء عندما يعرف ان الريح تهب عكس ما يُريد
    - ده شنو الكلام الفارغ ده ؟ .. ديل صعاليك ما عندهم شغلة .
    رفعت ذراعى الايمن بشكل عمودى مستقيم , كرجل مرور اوقف حركة السير فجأةً دون تحذير
    - يا حاج مبارك .. عليك الله لحظة لو سمحتا وخلينا نتكلم بهدوء , وممكن نحسم المسألة دى انا وانتا بعيد عن السيد مصطفى غالب , لانو لو سمع بالقضية دى حـ يزعل منك , وانتا عارف زعلو بيكون كعب شديد .
    عاد للجلوس مرة اخرى .. جلس هذه المرة مثل طفل مُشاكس تم تهديده باحضار العفريت
    قال فى همس
    - القصة شنو بالظبط يا دكتور ؟
    - القصة يا حاج مبارك انك اغتصبتا بت المرحوم اخوك الما شقيقك , او كان عندك معاها علاقة جنسية وهى حملت منك , وحاولت تعمل عملية أجهاض , لكن للأسف العيادة كانت مُراقبة , والبت انهارت فى قسم البوليس وقالت اسمك , والصحفى قال لى انو الدكتور فى العيادة كان مسنود , وفى بت تانية فى العيادة كانت عايزة هى كمان تعمل اجهاض وبرضو اهلها ناس مُهمين , كل الأطراف كان من مصلحتها انو الموضوع يموت , والموضوع فى النهاية مات فعلاً , لكن فى عسكرى ود حرام عندو حقد على الناس المهمين فى البلد صور صورة من المحضر قبل ما يتشرط ويترمى فى الزبالة , والصورة دى وصلت للصحفى .
    غارت عينيه الى الداخل , اخذ ينظر للفراغ فى فزع وخوف .. طفل مسكين فى سبعينيات عمره يُعانى من مرض التوحد
    - اشاعات تافـهة .
    جاء الصوت من بعيد
    - العيار الما بيصيب بيدوش يا حاج مبارك .. وبعدين الموضوع ده لو اتفتح من جديد حـ نخش فى سين وجيم والبت ممكن تانى تنهار وتتكلم . دى بت صغيرة عمرها 16 سنة , قاصر , عارف معنى كلمة قاصر فى القانون بتعنى شنو ؟ , وعارف معنى انو الناس واهلك يعرفوا قصة الزول البيرقد فى سرير مع بت اخوهو الطفلة ويقلع ليها لباسها , اظنك عارف , مش كده ؟ .
    صمت تام , اخذت اتفحص فيه اظافر يدى اليمنى , صمت سمعت فيه ابواق السيارات فى الشارع الخارجى , وصوت معركة كلامية بين رجل وامرأة
    عندما رفعت عيونى عليه من جديد , وجدته يضع يده على قلبه وهو يتنفس بصعوبة بالغة
    كش ملك
    انا دكتور " مهدى الماحى " الحاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية , انا لست " أبو عبدالله الصغير " يا " فرديناند " الفرنجة حتى اسلمك مفاتيح المدنية واجهش بالبكاء على مشارف غرناطة , ابكى كالنساء على مُلك لم احافظ عليه كالرجال
    - لكن ما تقلق انا عندى الحل .. ناس الجرايد ديل فى النهاية عايزين قروش عشان يقفلوا خشمهم وما يتكلموا تانى , ويا دار ما دخلك شر , ولحدى ما احسم القصة دى افتكر يا تجمد نشاطك فى الحزب لاسباب صحية , يا تعتزل العمل العام وكفاية عليك خالص لحدى كده , وترتاح .
    سكون , ولا عاصفة تأتى
    - تزح وانتا رمز من رموز العمل السياسى السودانى , احسن مما تزح وانتا متهم فى قضية جنائية ريحتها ما سمحة فى حقك وفى تاريخ نضالك .. مش ؟ .
    هذه هديتى التى وعدتك بها .. تهادوا تحابوا .. فاين هداياك الموعودة يا نزيل دار المسنين المستقبلى ؟ .
                  

06-13-2021, 08:46 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    26

    اذن هذا هو الفراق الاخير
    هذه هى الليلة الاخيرة يا عشيقى الوغد , والليالى الاخيرة فى فراق العشاق تحمل بعض الشجن , ومسحة من الحزن الغامض
    هل هو الاعتياد ؟ .. ام انه الحب ؟
    شُكول طِوالُ .. وليل العاشقين طويل
    وانت مشغول بكتاب كثير الصفحات , كتاب كل صفحة فيه عبارة عن مُربع سودوكو لئيم , مُنهمك بجسدك الصحى العارى فى حل هذه اللعبة العجيبة بواسطة قلم رصاص و أستيكة تنبعث منها رائحة الفراولة
    - ده آخر يوم لينا مع بعض يا غسان .
    رفع راسه
    - شنو ؟ .. قررتا تموت ؟ .
    تركت بعض دقائق تمر قبل ان اقول
    - قررتا اتوب .
    - انتا بتتكلم جد ؟ .
    - انتا بتعرفنى , انا زول ما بحب الهظار الكتير .
    جلس بشكل كامل على السرير , تدور فى راسه الوسيم حسابات الربح والخسارة
    - زهجتا منى ؟ .. ولّا ما بقيت تحبنى ؟ .
    - انا لسه بحبك , بس بالجد انا عايز اتغير .
    كنت اُشدد على الحروف فى كل كلمة , اضع على وجهى قناع الجدية والاصرار
    - بس انتا كان كلامك لى مُختلف .. كان كلامك اننا احرار فى اجسادنا , وطالما نحنا ناس ناضجين وما قاعدين ناذى زول يبقى خلاص احنا ما بنعمل حاجة غلط .
    اتحرك بهدوء محسوب داخل الغرفة , انا عارى تماماً مثله , يُراقب تحركاتى بقلق .. لو لم تبتزنى يا وغد , لتغيرت النهايات .. لا يجب ان يتم تكرار نفس الرقم فى نفس السطر , هذه هى القاعدة الذهبية فى سودوكو
    - الانسان كائن مُتغير يا غسان .
    من هو صاحب هذه المقولة , " ارسطو " ام " افلاطون " ؟ .. او ربما اكون انا , انا زعيم الفلسفة غير المشهور فى القرن الحادى والعشرين !
    - وعشان اثبت ليك انى ما زهجتا منك , وانى لسه بحبك , بضمن ليك مُرتب شهرى كويس , عندى خطة انك تدخل معانا الحزب , والمرتب الشهرى ده عبارة عن دعم لفرعية الحزب فى الجامعة عندك , وانتا المسئول عن الفرعية دى .. كلام زى الورد ؟ .
    تهللت اساريره قليلاً , وقال فى حذر
    - والمرتب ده كبير ؟ .
    جلست بقربه على السرير , التصق الفخذان العاريان , شعرت بالحرارة تصعد الى رأسى
    - يعنى انتا كمان ما تتوقع مرتب زى مرتب مدير صندوق النقد الدولى , على العموم الكلام ده مسئولة عنه زولة اسمها اخلاص وهبة , حـ اعرفك بيها عشان تنسقوا مع بعض , وهى كل شهر حـ تجيك الجامعة وتسلمك القروش .
    - يعنى تانى ما حـ نشوف بعض ؟ .
    - لا .
    ولو وصلت للمواد المصورة التى تبتزنى بها , ربما اُسقط عنك حكم الاعدام
    وضعت رأسى على صدره
    - مافى بوسة كبيرة لبابا مهدى قبل ما يتوب توبة نصوح ؟ .
    ذات مرة , وفى لحظة غضب , قال لى " حافظ ابراهيم " اننى يجب ان اتجه لمجال التمثيل على خشبة مسرح .
                  

06-14-2021, 10:14 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    27

    وفى نهاية المطاف فان الحياة عبارة عن لعبة عض اصبع لا تنتهى , من يصرخ فى البداية , يخسر ويخرج
    - الفاتحة .
    ننهض , ونجلس .. اكثر من مئة مرة ونحن ننهض ونجلس , شعرت بالم حاد فى فقرات عمودى الفقرى , الم اشتكى منه منذ فترة على فترات متقطعة
    نجلس فى خيمة عزاء فقيد الوطن , خالد الذكر , شعلة الامة التى انطفأت , التنويرى الفذ .. حاج " مبارك "
    احسًنُ منه لم ترى قط عينى .. واجمل منه لم تلد النساء
    ازمة قلبية حادة فى التاسعة مساءً , حلقت به الى فرع الحزب فى السماء
    ازمة قلبية حادة بعد ساعات فقط من حديثى الشخصى معه !
    لم نعرف مشاكله المُزمنة مع شرايين قلبه الا من ابنه الطالب الجامعى والذى جلس فى الخيمة يحكى بتفصيل غريب , التفت نحوى اثناء المحاضرة الاكاديمية الطبية
    - الحاج قبل الوفاة فى المستشفى قال لى فى وصية مُهمة لازم توصل لدكتور مهدى الماحى رئيس الحزب .
    حدث صمت , وجدت المعتوه " مصطفى غالب " الجالس بين افراد طاقم السكرتارية الخاص به , يرفع راسه فى انتباه
    اوشكت ان اتعرض انا الآخر لنوبة قلبية , فتحت فكى الاسفل فى حيرة
    - خير ؟ .. المرحوم ده كان عزيز علي .
    - المرحوم قال ليك , مافى حاجة بتستحق ده كله فى الدنيا , قال ليك لو فهمنا الحياة كويس قبل المحطة الاخيرة حـ نكتشف انو مافى حاجة بتستحق ده كله .
    انخرط بعدها فى بكاء مرير .. ذهبت وجلست بجواره , وضعت يدى على كتفه
    - شد حيلك .. الفقد واحد , احسن الله العزاء , وانا والمرحوم كنا بنبذل جهد ازيد من اللازم فى الحزب , عشان كده هو قال مافى حاجة بتستحق ده كله , واننا لازم نعيش حياة طبيعية زى الباقيين .
    انقذنى من التبرير الفلسفى , دخول عدد من الأشخاص لخيمة العزاء , صاح احدهم بصوتاً عالى
    - الفاتحة .
    نهضنا من جديد بشكل ميكانيكى
    - الفاتحة .
    اكتشفت اننى لا احفظ السورة القرآنية القصيرة بشكل صحيح
    - مافى حاجة بتستحق ده كله فى الدنيا .
    الحسابات على سرير الموت تختلف عن الحسابات التى تدور فى ذهنك وانت تمشى على قدميك , الشروط عند امتلاك القوة , والإملاءات المفروضة عند الضعف والاستسلام
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
                  

06-14-2021, 03:30 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    28

    بالامس رايت فى المنام اننى اتجه نحو المنصة الرئيسية لالقاء الخطاب الختامى فى المؤتمر العام للحزب وانا ارتدى بدلة رواد الفضاء البيضاء الناصعة المنتفخة والتى تجعل الأنسان يبدو مثل قزم , على راسى تلك الخوذة الزجاجية المستديرة , كنت اقفز قفزات مُضحكة لانعدام الجاذبية , حاولت فى الحلم ان اقبض الميكروفون بيدى لكننى كنت ارتفع فى الهواء , كان الناس يصفقون ويضحكون , والسيد " مصطفى غالب " سقط من على مقعده من شدة الضحك , كنت اضرب على الخوذة الزجاجية بيدى واقوم برسم اشارات بذيئة باصبعى للحضور الكريم وانا فى الهواء
    - كلمات مسك الختام فى نهاية جلسات مؤتمرنا العام , للسيد الدكتور مهدى الماحى , رئيس الحزب للسنوات القادمة من عمر مسيرة النضال .
    ارتجت القاعة بالتصفيق
    صوت " اخلاص وهبة " كان هادئاً وواثقاً وهى تقوم بتقديمى , لم انتبه حتى وجدتها نائباً للرئيس والناطق الرسمى باسم الحزب , تسللت مثل افعى استوائية سامة , تسللت من تحت مقعدى الرئاسى الحزبى , وتسلل اسمها بهدوء قاتل اثناء جلسات المؤتمر العام , وعندما انتبهت كان الآوان قد فات , حاولت المستحيل فى الجلسة قبل الختامية
    - اخلاص وهبة انسانة اثبتت نفسها كمسؤول تنظيمى فى الفترة الفاتت , ومفروض عشان استقرار الهيكل التنظيمى انها فى الدورة الجديدة تستمر فى نفس المنصب .
    صوت الملياردير رجح الكفة باختراع منصب نائب الرئيس , واضاف اليه فى لفتة سياسية بارعة مهام الناطق الرسمى , تحدث عن الموجة النسوية القادمة بقوة لتضرب سواحل التفكير المُحافظ فى العمل العام , واننا يجب ان , ويجب ان , ويجب ان !
    اقتنعت اننا يجب ان !
    لو واصلت الاعتراض , سادخل فى حقول الالغام
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب هم انفسهم أعضاء الدورة المنصرمة , باستثناء خالد الذكر مُغتصب القاصرات والذى رقد مع الرب على رجاء القيامة , مع اضافة بعض الوجوه الشابة لتغذية القلب عن طريق ضخ دماء جديدة فى الشريان التاجى !
    نهضت بخطوات ثابتة - عكس الحلم - , تمهلت فى السير حتى المنصة الرئيسية , تركت اضواء الفلاشات تسطع فى وجهى لاطول فترة زمنية ممكنة
    - بسم الله الرحمن الرحيم .. السادة مُمثلى سفارات الدول الشقيقة والصديقة .. السادة مُمثلى الأحزاب ومنظمات العمل المدنى السودانى .. السادة مُمثلى الأجهزة الاعلامية .. واخيراً وليس اخراً السادة الاخوة والابناء اعضاء حزبى , حزب التنمية الأجتماعى .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , يُسعدنى ونحن نختتم هذا المؤتمر فى عمر حزبنا ....
    من نهاية القاعة تحمس مخبول وبدأ فى التصفيق بدون اى مناسبة , سوى انه مخبول بحب الوطن !
    رغم كل هذا الحشد , رغم القاعة الفخمة والجو الاسطورى لاظهار مقدرة الحزب المادية على الساحة , الا اننى شعرت بالوحدة وشعرت بالخواء
    لماذا انا هنا ؟
    ما الذى افعله فى نفسى بنفسى ؟
    توقفت عن الخطابة لمدة ثوانى , امتدت يدى لكوب الماء المثلج الموضوع امامى , عندما شعرت كفى بالبرودة , تذكرت لندن
    وانا اضع الكوب مرة آخرى فى حركة مسرحية بعد ان ارتويت , اصطدمت عيونى بعيون " اخلاص وهبة " , كانت تنظر لى فى حنان وهى تجلس فى الصف الثانى
    هل انتِ يا " اخلاص " حبل المشنقة ؟ .. أم انتِ طريق الخلاص ؟
    احتاج الى الحب , الى انسان حقيقى ابكى على صدره وانا اشكى , انسان حقيقى فى عالم كل مافيه زائف , وكل من فيه مُزيفُون .
                  

06-15-2021, 05:29 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة . (Re: shaheen shaheen)

    29

    اخيراً وجدتك يا " نوارة "
    وجدتك جثة باردة فى ثلاجة المشرحة
    قلت لهم ويدي ترتجف
    - ايوه , دى هى , نوارة الماحى , نوارة اختى الوحيدة .
    قاموا بحركة مسرحية سخيفة وهم يرفعون ايديهم
    - الفاتحة .. ربنا يصبرك يا دكتور .
    نظرت لهم دون اهتمام , دون ان اكترث حتى برفع يدي لمشاركتهم فى لعبتهم الروتينية المفضلة
    - دى هى نوارة .
    تقرير التشريح اشار باقتضاب ان سبب الوفاة هبوط حاد فى الدورة الدموية , وجدوها ميتة وهى نصف عارية على رصيف , الحمد لله ان الوفاة قد حدثت قبل ساعات , ولم تتحلل
    تحلقوا حولى على هيئة نصف دائرة , عامل المشرحة صاحب الاظافر الطويلة المتسخة وكان يمضغ قطعة من الحلوى اللزجة , شرطى لا اعلم من اين جاء , وثالث رث الثياب يتحدث باسراف عن الاجراءات والاوراق المطلوبة , المختومة باختام وتوقيعات جهات رسمية غامضة
    - الصبر يا دكتور .. ربنا يجعلها اخر الاحزان .
    تطوع الشرطى باضافة معلومة هامة لم اكن اعرفها , وهو يضع يده على كتفى كأننا اصدقاء طفولة
    - الموت علينا حق .. الرسول ذاتو مات .
    شعرت بالدوار من هذه المحاضرات الروحية السمجة , تماسكت بصعوبة بالغة
    - عايز انتهى من الاجراءات بسرعة عشان استلم الجثـ .. عشان استلم نوارة .
    يلعب الموت معى لعبته باقتدار .. ايام لندن كانت بيننا مُكالمات هاتفية طويلة , تطلب منى ان اتدثر جيداً بالغطاء فى البرد , وان اكل وجباتى الثلاث بانتظام , انا المشهور بالفوضى فى مواعيد الطعام
    قلت انها قد وصلت الى بر الامان مع زوجها الطبيب البشرى فى المنفى الاختيار بـبورتسودان , قلت ان السفينة اخيراً قد استقرت فى ميناء لذيذ , أطفال وزوج حنون ناجح على الاقل فى مُحيطه الجغرافى الضيق الذى يتحرك فيه , واستقرار مادى محترم يُشكل طوق نجاة من الحوجة والعوز .. لكن حساباتى كانت خاطئة , متى كانت صحيحة ؟
    كان لديها ولع بالشعر , تكتبه باقتدار , ثم تحرقه فى نهاية المطاف , تخجل من نشره
    ارسلت لى ايام لندن واحدة من اروع القصائد التى كتبتها فى حياتها :
    اهلاً وسهلاً
    انتا مين ؟
    لما عاينتا فـى مرآية
    ما عرفتك
    انتا مين يا وش حزين ؟
    عاملة ايه فيك السنين ؟
    مركب تودى .. التوديك ما بتجيب
    انتا مين ؟
    يا زول مداقش فى دروب الهجرة
    فى جيوب البنطلون شايل حنين
    درباً بوديك .. البوديك ما بيجيب
    **
    ضيعتا وشك يا غريب
    ضيعتو فى زحمة رصيف
    وصرختا فى الوش البديل
    - منو انتا ؟ .. انا شايفك كتير .
    انتا مين ؟
    يا الماشى حفيان فى الطريق
    شاكيك شوك درب المسير
    وين الجناحين شان تطير ؟
    لا راحة فى الوطن الاساس
    لا راحة فى الوطن البديل
    **
    مكتوب عليك الاندهاش
    مقسومة ليك سكة سفر
    شنطك مستفة للرحيل
    موعود تكون فى الغربة يا بحار غريب
    يا غربة فى الوطن الاساس
    يا غربة الوطن البديل
    **
    وشك صرخ فيك
    - انتا مين ؟ .
    رديت
    - غريب , داير استريح .
    وشك قفل باب وشو فى وشك
    وبقيت براك
    انسان وحيد .. مهجوم من الامطار .. حزين
    موعود تكون فى الغربة يا بحار هجين .

    دمعت عيونى فى تلك الليلة من هذا الحس الادبى المرهف, هاتفتها فى الثانية صباحاً , ردت بصوتها المستيقظ من النوم فى فزع
    - مهدى ! .. فى حاجة يا مهدى ؟ .. انتا كويس .
    قلت لها فى شجن
    - اهلاً وسهلاً .. انتى مين ؟ .
    ضحكت فى فرح طفولى
    - بالله مصحينى الساعة اتنين صباحاً عشان تقول لى كده ! .. هجمتنى يا مهدى وووب علي , انا هسع قلتا انك عيان .
    - يا بت انتى شاعرة كويسة .. حرام يا نوارة الموهبة دى تضيع منك , حرام انك تكونى مجرد ربة منزل وبس .
    قالت فى دلال
    - ها , يا ولد , ها .. دى حاجات بكتبها لما اكون زهجانة .. بالمناسبة القصيدة دى كتبتها ليك مخصوص .
    - انا فخور انك اختى يا نوارة , بالجد انا فخور .
    قلت لها فى اصرار اننى سوف انشرها فى اى دورية عربية ثقافية
    - اوعك يا مهدى .. أشعارى لا تُهدى , لا تُباع , و لا تُنشر , لو نشرتها , تانى ما برسل ليك اى قصيدة .
    اصبحت هذه القصيدة بالذات بيننا مثل شفرة , نفتتح بها كل المكالمات الهاتفية
    - اهلاً وسهلاً .. انتى مين ؟ .
    - انتا مين يا وش حزين ؟ .. عاملة ايه فيك السنين ؟ .
    تحرك صديقى بوضع اليد عامل المشرحة ومعه الآخر رث الثياب فى انهاء اوراق الاستلام وشهادة الوفاة , هاتفت زوجها الطبيب البشرى
    - زوجتك اتوفت .
    قال بصوت مُنغم ينتمى لكتلة عدم الانحياز
    - نعم ؟ .
    - انتا بقيت أطرش ؟ قلت ليك زوجتك نوارة ام اولادك اتوفت , كلم الاولاد .
    رد فى أرتباك
    - أأأأأأأ .
    كان هناك فى الطرف الآخر صوت نسائى قوى , سمعت انه قد تزوج من موظفة عيادته الخاصة , امرأة مُتسلطة , نحيفة مثل عود الذرة , ترتدى النقاب وتتحدث عن عذاب القبر حتى فى حفلات الأعراس , تحول البيت على يديها الى خلية اسلامية نائمة .. رحلت الشاعرة الرقيقة عن المنزل وجاءت المتطرفة , شرائط " احمد الجابرى " اختفت , وتكدست فى الارفف الخشبية شرائط " عبدالحميد كشك " , هذا هو التطور الطبيعى للدولة المُتجهة نحو الحداثة فى رشاقة !
    حملتها بين يدي مثل طفل , حملتها وانا احتضنها , رغم كل الاعتراضات لكى نحملها بواسطة النقالة الى عربة الاسعاف
    قلت لهم
    - مافى زول يفتح دينو معاى .. انا بشيل اختى كده لحدى عربية الاسعاف .
    صمتوا فى خوف .. كنت فى قمة الارهاق , من الصباح حتى العصر , تشجع رث الثياب قليلاً وصرخ فى ايمان مؤمن بالشكليات الدينية
    - لا , لا .. كده حرام شرعاً , دقيقة بس , النقالة ياأأأأأ....
    وقف مُعترضاً طريقى , ثم ابتعد بسرعة عندما لمح نظرات عيونى , نظرات عيون مجنون
    كانت مثل طفلة فى الحجم والوزن , مُتخشبة وباردة ومُتسخة
    مشيت بها فى الردهات الداخلية والخارجية حتى مكان العربة البيضاء .. بحلق بعض الرجال البلهاء فى المشهد الذى امامهم , كأنهم يُشاهدون فيلم مُثير على قناة فضائية , كنت اتوقف وانا احملها وانظر فى عيونهم مُباشرة مثل مجنون
    - فى شنو يا علق يا ود الحرام بتعاين لى كده مالك ؟ .
    كانوا يفرون من امامى بخطوات سريعة متعثرة وهم يهمهمون بكلمات عن الصبر ومفتاح الفرج .. عندما وضعتها فى الصندوق الخلفى لعربة الاسعاف , ارحت راسى على صدرها البارد , قلت لها فى همس وحنان
    - انتا مين ؟ .. يازول مِداقش فى دروب الهجرة , فى جيوب البنطلون شايل حنين .
    عندما سمعت صوت السرينة العالى المزعج , وعندما اغلقوا علينا الباب .. بكيت دون توقف , بكيت حتى نزفت من انفى
    - يا ماما مهدى رِعف .
    تصرخ هى فى حب حقيقى , وتأتى امى مهرولة
    - قلت ليك مليون مرة ما تلعب فى الشمس , السخانة بتعمل ليك رعاف .
    تُنزل راسى الى الاسفل , وتسكب الماء البارد عليه , بينما " نوارة " تبكى وهى تمسح عنى الدماء بفستانها المتسخ الصغير .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de