إذا كنت مقيماً هذا العام في مكة وإذا كان معيار ثبوت الشهر لديك يتمثل في غروب الهلال الوليد في الأفق الغربي بعد غروب الشمس حتى إذا استحالت رؤيته، أو بحدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل غروب الشمس أو قبل الأمساك فإنك ستصوم هذا العام (2041ه) يوم الجمعة الموافق 24 أبريل 2020. أما إذا كنت تؤمن بثبوت الشهر عندما تتوفر الظروف الفلكية التي تمكن من رؤية الهلال إستناداً على ما توفر لدينا من بحوث ورصد فلكي، أو كنت تؤمن بالرؤية المجردة أو بالمناظير المكبرة بعد غروب الشمس فإنك ستصوم يوم السبت الموافق 25 أبريل 2020. فلماذا يختلف الفقهاء والفلكيون فيما بينهم ومع بعضهم البعض؟ وهل من الممكن أن يتوصل المسلمون إلى معيار محدد يتفقون عليه أم ستستمر خلافاتهم وجدلهم؟
لكي يتمكن جميع القراء من متابعة هذا البحث لابد لنا في البداية من وقفة قصيرة لشرح بعض المصطلحات الفلكية ذات الصلة بهذا الموضوع. يبدأ الشهر القمري الفلكي عند حدوث الإقتران المركزي بين الأرض والقمر والشمس. يحدث الإقتران المركزي في اللحظة التي يقع فيها مركز الشمس في خط مستقيم بين مركزي القمر والأرض بحيث لا يتمكن الناظر للقمر من الأرض من رؤيته لأن الشمس ستقع وراءه وتسطع على وجهه المعاكس للأرض فتضيئه بينما يكون سطحه المقابل للأرض معتماً وغير مرئي بالنسبة لنا. وتمثل لحظة الإقتران المركزي في الحساب الفلكي زمن مولد القمر الجديد وبداية دورة قمرية جديدة، ويطلق على القمر الوليد إسم المحاق لأنه يمحق أو ينقص ولذا لا يمكن رؤيته.
وبما أن الأرض جسم كروي يدور حول الشمس فإن الإقتران لا يحدث في جميع بقاع الأرض في نفس اللحظة، ولذا فإن لأي بقعة فيها لحظة إقتران مختلفة يطلق عليها إسم الإقتران المحلي أو السطحي. يحدث الإقتران المحلي في أي بقعة من سطح الكرة الأرضية عندما يقع مركزا القمر والشمس على إستقامة واحدة من موقع الراصد. ويبدأ الإقتران المحلي أو السطحي من أقصى بقعة في غرب الكرة الأرضية متجهاً تدريجيا نحو الشرق ليكتمل في أقصى شرق الكرة الأرضية بعد حوالي 4 ساعات من حدوثه في أقصى بقعة في غرب الكرة الأرضية أو بعد حوالي ساعتين من حدوث الإقتران المركزي في مركز الكرة الأرضية. سنلخص فيما يلي المعايير الفقهية والفلكية المستخدمة في ثبوت الشهر ونبين مدى الإختلافات فيما بينها في تحديد موعد ثبوت شهري رمضان وشوال في مكة المكرمة هذا العام.
يتخذ الفلكيون أربعة معايير لتحديد موعد ثبوت الشهر، فمنهم من يعتمد معيار حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل مغيب الشمس أو قبل الإمساك. ويعتمد البعض الآخر معيار غروب الهلال الوليد في الأفق الغربي بعد غروب الشمس حتى إذا استحالت رؤية ذلك الهلال بالعين المجردة أو بالمناظير المكبرة. ويعتمد آخرون معيار توفر الظروف الفلكية الملائمة لروية الهلال حيث يثبت الشهر عندهم متى توفرت شروط الرؤية المستقاة من الأبحاث الناتجة من رصد العلال في السابق حتى من دون رؤية الهلال. وهذا الفصيل من الفلكيين هو الأقرب إلى الفقهاء الذين يثبت الشهر عندهم برؤية الهلال في الأفق الغربي بعد غروب الشمس إستناداً على رويات الحديث، بيد أنهم يختلفون حول ماهية ثبوت هذه الرؤية بالعين المجردة أم بالمناظير المكبرة.
سيحدث الإقتران المركزي القادم في الساعة 05:25 من يوم الخميس الموافق يوم 23 أبريل 2020 بالتوقيت المحلي لمكة المكرمة. كما سيحين موعد الأمساك في مكة المكرمة يوم الخميس الموافق 23 أبريل تمام الساعة 04:25 ويحين الفجر يومها في الساعة 04:35 بالتوقيت المحلي، وستغيب الشمس عشية هذا اليوم في الساعة 18:43 بينما سيغيب القمر في الساعة 19:06، أي أنه سيمكث لمدة 23 دقيقة بعد مغيب الشمس. وسيكون عمر الهلال (الفترة الزمنية بين لحظتي الإقتران المركزي وغروب الشمس) 13 ساعة و 18 دقيقة.
فإذا كنت تؤمن بثبوت الشهر بتوفر الظروف الفلكية التي تمكن من رؤية الهلال أو كنت تؤمن بالرؤية المجردة أو بالمناظير فسوف لن تتوفر الظروف الفلكية لرؤية الهلال مساء هذا اليوم حيث أثبتت الدراسات الميدانية لرصد الأهلة أنه لا يمكن رؤية الهلال الوليد بالمناظير المكبرة إلا إذا كان عمر الهلال أكثر من 12 ساعة وكان زمن مكث الهلال بعد مغيب الشمس أكثر من 30 دقيقة. وبذا ستستحيل رؤية هلال الغروب حتى بالمناظير المكبرة في أمسية 23 أبريل في مكة المكرمة.
أما في بقية أرجاء العالم فإن إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة في أمسية 23 أبريل ستقتصر فقط على الأجزاء الجنوبية الغربية من أمريكا الشمالية بما في ذلك المكسيك وغرب الولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً على غالبية الأجزاء الشمالية من أمريكا الجنوبية. وبذا سيكون يوم الجمعة الموافق 24 أبريل أول أيام شهر رمضان المعظم في هذه البقاع. أما إمكانية رؤية الهلال بالمناظير المكبرة التقليدية فستقتصر فقط على شريط يحيط بشريط الرؤية بالعين المجردة من الناحية الشرقية في كلٍ من أمريكا الشمالية والجنوبية. أود التنويه أن كوكب الزهرة سيكون ساطعاً ومرتفعاً بعد غروب الشمس لعدة ساعات هذا اليوم، ولذا يرجى الإحتراس وعدم الخلط بينه وبين الهلال كما حدث في الماضي من خلط بين الهلال وبعض الكواكب اللأخرى، خاصةً زحل.
أما في أمسية الجمعة الموافق 24 أبريل ستغيب الشمس الساعة 18:43 في مكة المكرمة بينما سيغيب القمر في الساعة 19:57، أي أنه سيمكث لمدة ساعة و 14 دقيقة بعد مغيب الشمس. كما أن عمر القمر سيكون 37 ساعة و18 دقيقة. وسوف توفر الظروف الفلكية السالفة إمكانية رصد الهلال بمكة المكرمة حيث بينت الدراسات الميدانية لرصد الأهلة أنه لا يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة إلا إذا كان عمر الهلال أكثر من 16 ساعة وكان زمن المكث أكثر من 40 دقيقة. وبذا سيكون يوم السبت الموافق 25 أبريل أول أيام شهر رمضان المعظم بمكة المكرمة وفي بقية الأماكن اليابسة من الكرة الأرضية لمن يعتمد على رصد الهلال بالعين المجردة أو بالمناظير المكبرة.
الجدير بالذكر أن مكث الهلال لمدة 23 دقيقة بعد مغيب الشمس سيكون مستوفيا لمعيار ثبوت الشهر بوجود الهلال في الأفق الغربي بعد غروب الشمس على الرغم من إستحالة رؤيتة ذلك المساء لا بالعين المجردة أو بالمناظير المكبرة التقليدية. وعليه فإن يوم الجمعة الموافق 24 أبريل سيوافق الأول من رمضان لمن يتخذ مكث الهلال بعد مغيب الشمس معياراً لثبوت الشهر.
وبما أن الإقتران المركزي والمحلي سيحلان بمكة المكرمة بعد الأمساك يوم الخميس الموافق 23 أبريل فسيكون يوم الخميس هو المكمل لشعبان ويوم الجمعة الموافق 24 أبريل الأول من رمضان لمن يتخذ حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل الإمساك معياراً لثبوت الشهر. لكن في المقابل سيحدث الإقتران قبل الإمساك في العديد من الدول التي تقع غرب الكرة الأرضية ليكون يوم الخميس أول أيام رمضان فيها لمن يتخذ حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل الإمساك معياراً لثبوت الشهر.
أما يوم الجمعة الموافق 22 مايو فسيحدث الأمساك في الساعة 04:05 ويحين الفجر في الساعة 04:15 بالتوقيت المحلي، بينما سيحدث الإقتران المركزي في الساعة 20:38. ستغيب الشمس هذا اليوم في الساعة 18:55 بينما سيغيب القمر في الساعة 18:46، أي قبل 9 دقائق قبل مغيب الشمس وهو ما يجعل رؤية الهلال مستحيلة هذا اليوم في مكة المكرمة، وعليه فسيكون يوم السبت الموافق 23 المكمل لرمضان إستناداً على كل المعاير الفلكية والفقهية لثبوت الشهر ما عدا معيار الإقتران قبل الإمساك حيث يكون السبت أول أيام العيد.
وفي يوم السبت الموافق 23 مايو سيكون عمر الهلال 27 ساعة و22 دقيقة وستغيب الشمس في الساعة 18:55 بينما سيغيب القمر في الساعة 19:39، أي بعد 44 دقيقة بعد مغيب الشمس وهو ما يجعل رؤية الهلال ممكنة بالعين المجردة في مكة المكرمة. وبذا سيكون يوم الأحد الموافق 24 مايو أول أيام عيد الفطر المبارك، ليس فقط في مكة المكرمة بل في العديد من بقاع العالم باستثناء الدول الأوربية والأسيوية التي تقع شرق القوس الممتد من غرب السويد مروراً بتركيا والهند ويشمل أيضاً أستراليا والجزر المجاورة لها حيث سيكون يوم الأثنين الموافق 25 مايو أول أيام عيد الفطر فيها إستناداً على كل المعاير الفلكية والفقهية لثبوت الشهر.
ما زالت الخلافات بين المسلمين تحتدم حول ثبوث الأهلة خاصة أهلة رمضان وشوال وذو الحجة وذلك بسبب إختلاف المعايير التي يتبعها الفقهاء مع تلك التي يتبعها الفلكيون وأيضاً بسبب إختلاف هذه المعايير بين كل فريقٍ على حدة. وقد ظن الفقهاء خطأً أن شهادة الشهر كما وردت في قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185): سورة البقرة (2). تدل على رؤية الهلال بعيد مغيب الشمس كما وردت في العديد من روايات الحديث، لكني أوضحت في بحث سابق ("ثبوث الشهر بين الحساب الفلكي وروايات الحديث والقرآن الكريم) أن رؤية الهلال تختلف عن شهادة الشهر والتي تجمع بين المقدرتين العقلية والحسية، والتي تدخل الرؤية العينية من ضمنها. وأوضحت أيضاً أن القرآن الكريم أقر باتخاذ العلم والحساب الفلكي لحساب السنين والشهور. بيد أن القرآن الكريم لم يحدد معياراً بعينه لثبوت الشهر سواء أن تمثل ذلك في الإقتران أو في تواجد الهلال في الأفق الغربي دون إمكانية رؤيته أو في الرؤية المجردة أو بالمناظير المكبرة.
وعلى عكس روايات الحديث التي أناطت مهمة التحقق من ثبوت الشهر بولي الأمر، فقد جعلها القرآن الكريم مسؤلية فردية اغتداءاً بقوله تعالى: "فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"، مثلها مثل تحديد إذا كان المرض الذي يعاني منه شخص ما يستوجب الإفطار: "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". فمثلما يمكن للمرء تقييم مدى مقدرته على تحمل الصيام أو تركها لطبيب مختص، يمكنه أيضاً تحديد شهادته للشهر إما برؤيته للهلال بنفسه أو بالإحتكام بشهادة شهود ثقاة أو برأي الفقهاء أو السلطات الدينية في الدولة التي يختار الإحتكام إليها أو بالحساب الفلكي واستخدام التكنلوجيا البصرية.
على عكس الفقهاء والذين خلطوا بين رؤية الهلال وشهادة الشهر فإن علماء الفلك ظنوا خطأً أن في توجيه القرآن الكريم لنا باتخاذ العلم والحساب لحساب السنين والشهور هو إقرارٌ بالمعاير التي حددها الفلكيون لثبوت الشهر. لكن يجب التأكيد أن قوله تعالى: "فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" لا لبس فية البتة، لأنه يضع مسؤلية تحديد شهادة الشهر على عاتق الفرد لا على عاتق الأمة. وعلى الفرد أن يختار المعيار المقنع بالنسبة له لثبوت الشهر شريطة أن يكون ذلك الإختيار نابعاً عن علم ومعرفة وبحث.
بعد بحث وجهد طال لسنين قررت إتباع معيار إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة مدعومةً برصد المراصد الفلكية الموثوق بها للعديد من الأسباب. ففي إتباع معيار الرؤية المجردة إحياءً للسنة النبوية والتي سار على هداها المسلمون منذ أن شُرِع الصيام ولأنها أيضاً تمتثل بأمر القرآن الكريم في إتباع شهادة الشهر وفي اتخاذ الحساب الفلكي لحساب التقويم الهجري وتحديد موقع الهلال وإمكانية رؤيته على وجه الدقة. فإماكنية الرؤية لا تستند فقط على الدراسات النظرية بل أيضاً على قرون عديدة من الرصد الدقيق لإمكانية رؤية الهلال والتي تتبناها المراصد الفلكية المنتشرة في شتى بقاع الأرض.
أضف إلى ذلك أن العديد من الدول المسلمة لا تعتمد الحساب الفلكي أو الرصد الذي تقوم به المراصد الفلكية المتخصصة. والمعلوم أن شهادة الشهر فيها تخضع لشهادة أفراد ليسوا ذوي دراية أو خبرة أو معرفة بعلم الفلك أو برصد الأهلة وهو ما تسبب في مرات عديدة في السابق أن يشهد شاهد غير كفؤ بأنه قد رأى الهلال تحت ظروف تستحيل فيها رؤيته فتأخذ السلطات الدينية بشهادته تلك ليتضح لاحقاً أن الشاهد في حقيقة الأمر قد رأى زحل أو كوكب آخر فظنه الهلال. وقد كان بالإمكان تفادي مثل هذه الأخطاء لو إخذ الحساب الفلكي في الإعتبار لتحديد يوم ووقت تحري رؤية الهلال ومكان تواجده في الأفق الغربي وكذلك مدى إمكانية هذه الرؤية.
بالطبع لابد من الإستمرار في رصد الهلال بالعين المجردة أو بالمناظير المكبرة في شتى بقاع العالم لأن المعلومات الناتجة من هذا الرصد سوف تنصب في تحسيين مقدرتنا على الرصد مستقبلاً. وقد آن الأوان أن تستثمر الدول المسلمة في إنشاء مراصد عديدة في كل دولة وأن تتبادل هذه الدول نتائج هذا الرصد وتشجع الأبحاث الفلكية. كما أنه قد آن الأوان أن تستغني الدول المسلمة عن شهادة الأفراد غير المؤهلين لرصد الأهلة وتستعيض عنها بالرصد من قبل المراصد المتخصصة وذلك توخياً للدقة وتجنباً للأخطاء الفادحة التي أُرتكبت في الماضي نتيجةً لقبول شهادة شهود غير الأكفاء.
ولو سأل سائل عن عدم ميلي إلى معيار الرؤية بالمناظير المكبرة فالإجابة تكمن في أن هذه المناظير في تطور مضطرد حتى أنها اليوم مكنتنا من رؤية القمر الوليد مباشرةً بعد الإقتران، وهي بذلك تكون قد حلت محل الحساب الفلكي في تحديد موعد الإقتران. بالطبع لابد من استخدام الحساب الفلكي والمناظير المكبرة لتحديد مكان الهلال الوليد لكن لا يثبت الشهر إلا إذا تمكنا من رؤية ذلك الهلال بالعين المجردة.
أضف إلي ذلك أن إتخاذ معياري حدوث الإقتران المركزي أو المحلي أومعيار غروب الهلال الوليد في الأفق الغربي بعد غروب الشمس فسوف تتسبب في إعادة كتابة التقويم الهجري لأن هذه التقاويم تستبق التقويم الهجري بيوم أو يومين.
يتخذ الفلكوين كما أسلفنا أربعة معايير لتحديد ثبوت الشهر هي حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل مغيب الشمس أو قبل الإمساك، غروب الهلال الوليد في الأفق الغربي بعد غروب الشمس، وتوفر الظروف الفلكية لإمكانية روية الهلال. يقول الفلكيون أن المعايير التي يتخذونها أكثر دقة من معيار الرؤية والتي لا يمكن التحقق منها إلا بعد غياب شمس عشية التاسع والعشرين من الشهر بينما يمكن إتخاذ معايرهم لحساب بداية ونهاية أي شهر في المستقبل. لكن على الرغم من العلمية التي يضفونها لمعايرهم لثبوت الشهر إلا أن هذه المعايير أيضاً تقديرية، مثلها مثل معيار الرؤية. كما أن معايرهم هذه أكثر إختلافاً من معيار رؤية الهلال الذي يأخذ به الفقهاء. فعلى عكس الفلكيين فإن مشكلة الفقهاء لا تكمن في معيار رؤية الهلال الذي يأخذون به لثبوت الشهر إنما في السبل التي يتبعونها للتحقق من ذلك المعيار.
أضف إلى ذلك أن العديد من الفلكيين يأخذ بمعيار الإقتران المركزي لثبوت الشهر بدلاً عن الإقتران المحلي. فالإقتران المركزي لا يمثل إلا اللحظة الزمنية التي يقع فيها مركز القمر أمام مركز الشمس مباشرة وفي خط مستقيم من مركز الأرض. وبما أن الإقتران لا يحدث في جميع بقاع الأرض في نفس اللحظة، فإن لأي بقعة فيها لحظة إقتران مختلفة يطلق عليها إسم الإقتران المحلي أو السطحي. وتكمن أهمية الإقتران السطحي في خصوصيتة المحليه لأنه شبيه بالمواقيت المحلية لحركتي الشمس والقمر والتي تعيننا على تحديد مواعيد شروق وغروب الشمس والشمس في كل منطقة بعينها وتعيننا أيضاً في تحديد مواعيد الصلاة والإمساك والإفطار، بل وفي تحديد مواعيد رؤية الهلال الوليد لكل منطقةٍ على حدة. فمن إتخذ معيار الإقتران المركزي لثبوت الشهر كأنما أقر بالتوقيت المحلي لمكة المكرمة كتوقيت عالمي لمواقيت الصلاة رغم إختلاف المطالع.
ختاماً، أمنياتي أن يترك الفقهاء والفلكيون خلافاتهم جانباً ويتفقوا على معيار الرؤية بالعين المجردة وعلى إتباع حساب الفلك والمراصد الفلكية المتخصصة في التحقق من ذلك المعيار. وكل عام والجميع بخير.
• تعرف أيضاً على بحوثي الأخرى عن خلق الإنسان في القرآن الكريم، النسخ في القرأن الكريم، حادثة إنشقاق القمر وبقية أبحاثي في القرأن الكريم والتي تستند على منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه على موقعي: خلق الإنسان في القرآن الكريم: https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/
• إنضم لمجموعتنا: "بحوث وحوارات في تدبر القرآن الكريم" وشارك معنا بأبحاثك وفكرك:
• سجل إعجابك بصفحتنا "القرآن الكريم ونظرية التطور" وتعرف من خلالها على أهم الأبحاث القرآنية والعلمية عن نظرية التطور وخلق الإنسان في القرآن الكريم باللغتين العربية والإنجليزية. https://www.facebook.com/sinnaryabdelwahab/notifications/https://www.facebook.com/sinnaryabdelwahab/notifications/
افضل تصوم مع السعودية يوم الجمعة...ففي السعودية هناك بيت الله الحرام ... وكل سنة وانت طيب ...وتصوم وتفطر على خير .. ونسأل الله أن يبعد عنكم وباء وبلاء الكرونا ...
04-23-2020, 05:19 PM
عبد الوهاب السناري عبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد الوهاب السناري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست