|
|
|
 Re: معاوية نور ... العبقري، الذي احترق بعقله.... (Re: مصطفى الجيلي)
|
هذا الشاب، تماما مثل رفيقه المعنى التجاني يوسف بشير، توفي صغيرا عن عمر ٣٢ عاما، شاملة فترة معاناة المرض العقلي..
سوداني في عشريناته يكمل الطب بالخرطوم.. ويدرس الأدب بمصر ثم ببيروت ويعمل رئيسا لقسم المنشورات الأدبية بصحيفة مصريه؟؟
ينتقد طه حسين والعقاد وكباار الأدباء المصريين وهو أجنبي عنهم وفي عشريناته؟؟
ما هذا البرق الذي لمع في سماء الخرطوم ثم غاب؟؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية نور ... العبقري، الذي احترق بعقله.... (Re: مصطفى الجيلي)
|
في الذكري الثمانين لوفاة رمز التنوير والحداثة السودانية الابر ز معاويه محمد نور ( 1909-1941) صورتان لمعاويه الصبي ومعاويه الشاب ومقال نشر عام 2008 في الذكري المئوية لميلاده ++++++++++++++++++++++++++++++====================== مئوية معاويه محمد نور ( 1909 – 1941 )
الاحتفاء بالضوء الاول
عبد العزيز حسين الصاوي
في يوم ما من شهر ما خلال عام 2009 القادم وشيكا يكون قد مضي مائة عام علي ميلاد العقل المضئ بالمعرفة والثقافه الذي اطلق عليه اهله إسم معاويه محمد نور. ماالذي يمكن أن نقوم به خلال هذا العام كأبسط مايمليه علينا واجب الوفاء المزدوج لهذه الشخصية، و من خلال ذلك لمجتمعنا وبلادنا، لان إرثها يضئ أمامنا درب الخروج من ازماتنا المتشابكه؟
بالمقارنة لمجايليه من القلة القليلة التي اتيحت لها فرصة التعليم الحديث في الجامعة الامريكية ببيروت اوائل ثلاثينيات القرن الماضي كان معاويه محمد نور أقلهم اهتماما بالعمل السياسي المباشر رغم تناغمه مع الاخرين في التطلع الاستقلالي، لا عن حذر في الجو الخانق بعد القضاء علي ثورة 1924 وانما انعكاسا لميوله الشخصيه المحصورة كلية في الثقافه. مع ذلك فأن هذه الطبيعة ( اللاسياسية ) لانشغالاته هي الان اكثر راهنية وفائدة للحقل السياسي مما كانت عليه في اي مرحلة من المراحل. كيف ؟ لان فقدان الخصوبه في هذا الحقل، كما يشهد بذلك فشل جهود فك قبضة التسلط الحاكم، عائد الي التصحر الثقافي لعقلية النخب السودانية منذ يممت وجهها شطر الماضي بأسم الأسلام. تاريخياً خصوبة هذا الحقل نشأت مع دخول السودان عصر الاتصال المفتوح بالعالم الخارجي بواكير القرن الماضي متضافراً مع الجريان الحر لروافده الداخليه مما غذي شرايينه بما تيسر له من احدث منتجات العقل البشري بمقاييس تلك الفتره. اهم مظاهر خصوبة السياسة السودانيه وحيويتها التي نجمت عن عملية التسميد الثقافي والفكري هذه كان تجاوب النخب السودانيه المستدام مع الاحزاب والافكار السياسيه، وعموما انفتاح الشهيه للعمل العام السياسي والنقابي، خلال مرحلة التحرير الوطني وبعد الاستقلال لبضعة عقود ماتجلت اوضح اثاره في الاحتشادات الديموقراطية الفاعلة ضد نظامي عبود ونميري في عامي64 و85 . وسنلاحظ بسهوله ان انخفاض درجة هذا الحضور وهذه الحيويه من" ثورة " اكتوبر التي فككت المؤسسة الدكتاتوريه الي " انتفاضة " ابريل التي لم تفككها الا جزئيا، تناسب طردا مع تكرار واستطالة عمر الفترات الدكتاتوريه وبالتالي السدود والخزانات القمعيه التي شيدتها، مما تسبب في انسداد الشرايين الثقافية والفكريه وتمّكن الفهم الانكفائي الماضوي للدين من صميم تكوين تلك النخب. هكذا انحدرنا الي حالتنا الحاضره التي اقفرت فيها الساحة السياسيه إذ هجرتها النخب إما الي الخاص أوالقبلي – الجهوي المعزولين ايضا عن العام، او الي اكفان التحنيط أداة للانتصارات الطلابيه وغير الطلابيه التي تحقققها لاسياسة حزب المؤتمر الوطني، فالسياسة والتسلط نقيضان متناحران لان الاولي جوهرها قابلية التفاعل والتنازلات المتبادله والثانيه انعدام لهذه القابليه.
علي هذا فأن القيمة الباقية لمغزي عدم انشغال معاويه محمد نور بالعمل السياسي المباشر :هي انه لافعالية لمثل هذا العمل اذا لم يواكبه، او حتي يسبقه، ارساء لبنية تحتية من اتساع الافاق والافهام في مدركات النخب عبر إنشغال قياداتها الجدي بمنتجات العقل البشري المعرفية والثقافية في احدث خلاصاتها الهاضمة لما سبقها من منجزات الانسانيه، وليس اجترار منتجات الاسلاف حتي لو اتخذ مظاهر جديده.
بيد ان القيمة الباقية لانشغالات معاويه محمد نور تذهب ابعد من ذلك كثيرا جدا فهو ينهض كنموذج لايضاهي سودانيا وربما حتي مصريا اوعربيا في التعامل الايجابي مع تلك المنتجات التي قدر للغرب ان يكون موئلها منذ جفاف الموئل العربي- الاسلامي. ففي مقال بعنوان " الاستعما ر والحضاره " ضمن كتابه المعنون " قصص وخواطر، الجزء الثاني، دار جامعة الخرطوم " يلخص معاويه بأعجاب رصين احد مؤلفات الكاتب الانجليزي LEONRD WOOLF بنفس العنوان التي تعرض رؤية نقدية للحضارة الاوروبيه في جانبها الاستعماري، يتضمن ايضا تعليقاته الخاصة ومقدمة حول مذهب النقد الادبي ذو الابعاد الثقافيه و السياسيه المسمي الانسانيه الجديده NEW HUMANISM. والمعروف ان المؤلف ( وهو زوج الروائية فيرجينيا ولف ) كان عضوا في الجمعيه الفابيه الاشتراكيه وحزب العمال كما كان منتميا ايضا الي مجموعة BLOOMSBURY مع شخصيات مثل الفيلسوف برتراند رسل والشاعر اليوت والاقتصادي كينز وتعتبر مكونا أساسيا في حركة الحداثة البريطانيه اوائل القرن الماضي واشتهرت بتحررها الاجتماعي والفكري. (
بمراجعة مجموعة المقالات التي يحتويها الكتاب موزعة بين الفكري والفلسفي والأدبي سنجد ان التوجه العام لكتابات معاويه محمد نور لايختلف كثيرا عن مزيج مركب من محتويات الكتاب وافكار المجموعه التي ينتمي اليها مؤلفه وملاحظات معاويه التكميليه،وهو مزيج يمكن اعتباره إرهاصات توجه ليبرالي علماني. كل ذلك في سياق تعامل مع الثقافة الغربيه يخلو من عقد الدونيه تتجلي فيه قدرة استيعابيه هائله موسوعية المدي تشمل حتي فنون الرقص التعبيري والموسيقي الكلاسيكيه كما تتجلي فيه قدرة تأشير السلبي في النموذج الغربي.
يتمشي مع هذا الاستنتاج حول وجهة تفكير معاويه محمد نور انتماؤه الي " جماعة الادب القومي " التي أسسها الكاتب والروائي المصري محمد حسين هيكل(1888 – 1956) كما نُشرت معظم مقالات الكتاب في جريدة السياسة التي تولي هيكل رئاسة تحريرها لفتره. هذه الشخصية المصريه كانت من أبرز قيادات الفكر والممارسة الليبرالية والتنويرية المصريه وكانت وثيقة الصله بأحمد لطفي السيد مؤسس هذا التوجه الذي فتح التراث النقلي علي العقلي ويعتبر بذلك الوريث الحقيقي لتوجهات الشيخ محمد عبده والافغاني في التقريب بين الاسلام والعصر . كما يتمشي مع هذا الاستنتاج مضمون احدي قصص الكتاب بعنوان " ايمان ". في هذه القصه تتفاعل شخصيتان رئيسيتان إحداهما كثيرة : " الشك الفلسفي ( تعتقد بأن ...) أساس هذا العالم هو التغير والتحول ( هاشم عرفات ) " ، لاحظ الاسم ، والاخري هزلية الي حد ما وتتميز بأنها سريعة التأثر بما تسمعه من الاخرين وعندما تقع تحت تأثير عرفات ينتهي بها الامر الي ان : " يصبح جلال افندي شاكا في كل شئ بعد ان كان مؤمنا بكل شئ ( .. ) واضطرب كيانه العصبي حتي انه وهو علي فراش الموت عندما سأله أهله ان يتشهد مرات ويقول لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله ، فتح عينيه وقال لهم : هل انتم متأكدون ، وراح في سبات عميق " . هذه القصه مثلها مثل بقية قصص الكتاب تشكل أضعف حلقات منجز معاويه محمد نور الثقافي المهول فهي تبدو مصطنعة ومفبركة لانها تطبيق حرفي لنظريات حديثة وقتها في كتابة القصة القصيره لاتتقيد بالنمط التقليدي القائم علي البدايه والنهايه يحاول معاويه ايصالها الي المثقفين العرب. غير ان معاويه يحاول ايضا في هذه القصه إيصال مبدأ الشك المنهجي الديكارتي المعروف ( انا افكر اذا فأنا موجود ) احد اهم اركان فكر عصر النهضة الاوروبي خلال القرن السابع عشر، التي استقرت في تكوينه الفكري. يفيدنا بنفس الاتجاه ايضا احد بحوث الكاتب الماركسي تاج السر عثمان تابع فيه تطور فكر معاويه محمد نور من خلال كتابه الاخر ايضا ( دراسات في الادب والنقد ) الذي لم يطلع عليه كاتب هذا المقال، حيث يتوصل الي انه تبني : " منهجا فلسفيا متكاملا هو منهج الشك الفلسفي في فترة من حياته، واتخذه هاديا ومرشدا له في دراساته الأدبية والنقديةص:47). ".
المرام المتواضع لهذه اللمحة السريعه حول تراث معاويه محمد نور فتح كوة محدوده نطل منها علي العمق الحقيقي للخسارة التي انطوي عليها غيابه المبكر عن حياتنا العامه فقد كان مرشحا اول لوضع اسس حماية عقلية النخب من الارتكاس الثقافي الماضوي وبالتالي حماية السياسه من الركود الديموقراطي. والسؤال هو : من يتصدي لاطلاق عملية استعادة هذه الشخصيه كنموذج يحتذي لاجيال اليوم والغد بتنظيم احتفال دراسي بمئويته؟ التفصيل الوحيد الذي يقترحه هذا المقال لاحتفال من هذا النوع ان يصحبه رفع الستار عن تمثال نصفي لمعاويه محمد نور. في هذا ابتكار وفيه ايضا رمزية تحدي لعقلية التصحر الثقافي التي هدمت تمثال الشيخ بابكر بدري ، رائد التنوير الاجتماعي، والتي لو عاصرت عبقريا اخر رحل مبكرا ( الصوفي المعذب بشكوكه التجاني يوسف بشير 1912 -1938 ) لأحرقته حيا.
( الاحداث 23 ديسمبر 2008 )
+++++++++++
| |
|
|
|
|
|
| |
مصطفى الجيلي
عبدالله عثمان
بدر الدين الأمير
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست