أعلنت الجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء أن الجمعة الموافق 24 أبريل 2020 (2041ه) سيوافق اليوم الأول لشهر رمضان الكريم. بيد أنها لم تذكر في بيانها إستحالة رؤية الهلال بالعين المجردة وشبه إستحالة رؤيته بالمناظير المكبرة يوم الخميس وهي تعلم تماماً أن السودان، مثله مثل غالبية الدول المسلمة، يتخذ معيار الرؤية لثبوت الشهر. وعلى الرغم من ذكر الجمعية في بيانها أن جميع المعايير الفلكية تبيّن أنه بالنسبة للسودان والمنطقة المحيطة أن أول أيام شهر رمضان المعظم سيكون يوم الجمعة، إلا أن هذا البحث يثبت أن هذه المعايير كانت مختلفة في تحديد بداية شهر رمضان بين يومي الجمعة والسبت.
لكي يتمكن جميع القراء من متابعة هذا البحث لابد لنا أولاً من وقفة قصيرة لشرح بعض المصطلحات الفلكية ذات الصلة بالموضوع. يبدأ الشهر القمري الفلكي عند حدوث الإقتران المركزي للأرض والقمر والشمس والذي يحدث في اللحظة التي يقع فيها مركز القمر أمام مركز الشمس مباشرة وفي خط مستقيم من مركز الأرض بحيث لا يتمكن الناظر للقمر من رؤيته لأن الشمس تقع وراءه وتسطع على وجهه المعاكس للأرض فتضيئه بينما يكون سطحه المقابل للأرض معتماً وغير مرئي.
وبما أن الأرض جسم كروي يدور حول الشمس فإن الإقتران لا يحدث في جميع بقاع الأرض في نفس اللحظة، ولذا فإن لأي بقعة فيها لحظة إقتران مختلفة يطلق عليها إسم الإقتران المحلي أو السطحي. يحدث الإقتران المحلي عندما يقع مركزا القمر والشمس على إستقامة واحدة من موقع الراصد في أي بقعة من سطح الكرة الأرضية.
حدث الإقتران المركزي في الساعة 04:25 وحدث الإقتران السطحي في الخرطوم (حسب مركز الفلك الدولي) في الساعة 03:14 من صباح يوم الخميس (24 أبريل) حسب التوقيت المحلي للسودان. وغابت الشمس عشية هذا اليوم في الخرطوم في الساعة 18:06 بينما غاب القمر في الساعة 18:30، أي أنه مكث لمدة 24 دقيقة بعد مغيب الشمس. وكان عمر الهلال عند مغيب الشمس حسب الإقتران المركزي 13 ساعة و 41 دقيقة وحسب الإقتران السطحي 14 ساعة و 52 دقيقة. وسوف نستعرض فيما يلي الأرقام القياسية العالمية لرصد الهلال والتي تمت بالعين المجردة وبالمناظير المكبرة (التلسكوب) لأصغر عمر وأقل مكث وأقل استطالة (بعد مركز القمر عن مركز الشمس بالدرجات كما يرى من الأرض) للهلال حسب ما أورده مركز الفلك الدولي لنقارنها بمثيلاتها لهلال رمضان لهذا العام.
رصد الهلال بالعين اللمجردة: أصغر عمر: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الأولى: 15 ساعة ودقيقة واحدة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الأولى: 15 ساعة و 33 دقيقة. • المكث: 39 دقيقة.
أقل مكث: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الاولى: 40 ساعة و 18 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الاولى: 39 ساعة و 9 دقائق. • المكث: 29 دقيقة.
أقل استطالة: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الأولى: 15 ساعة و 33 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الأولى: 15 ساعة و دقيقة واحدة. • المكث: 39 دقيقة.
الرصد بالتلسكوب: أصغر عمر للاقتران السطحي: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الأخيرة: 12 ساعة و 23 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الأخيرة: 11 ساعة و 17 دقيقة. • المكث: 24 دقيقة.
أصغر عمر للاقتران المركزي: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الأخيرة: 12 ساعة و 23 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الأخيرة: 11 ساعة و 17 دقيقة. • المكث: 24 دقيقة.
أقل مكث: • عمر الإقتران السطحي عند أفضل وقت: 25 ساعة و 11 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند أفضل وقت: 26 ساعة و 16 دقيقة. • المكث: 20 دقيقة.
أقل إستطالة عن الشمس: • عمر الإقتران السطحي عند الرؤية الأخيرة: 12 ساعة و 23 دقيقة. • عمر الإقتران المركزي عند الرؤية الأخيرة: 11 ساعة و 17 دقيقة. • المكث: 24 دقيقة.
يبدو جلياً مما سبق أن إمكانية رؤية الهلال لمكث بلغت مدته 24 دقيقة، وعمر هلال حسب الإقتران المركزي 13 ساعة و 41 دقيقة وحسب الإقتران السطحي 14 ساعة و 52 دقيقة مستحيلة بالعين المجردة يوم الخميس لأن الأرقام القياسية للمكث تراوحت بين 29 و 39 دقيقة وجميعها تخطت ال 15 ساعة بالنسبة لعمر الهلال. بيد أن الرؤية بالمناظير المكبرة كانت ممكنة بصعوبةٍ بالغة وفقط تحت ظروف جوية إستثنائية نسبةً لقصر مدة مكث الهلال بعد مغيب الشمس لأن الأرقام القياسية للمكث تراوحت بين 20 و 24 دقيقة.
على الرغم من هذه الأرقام القياسية إلا أن الجمعية أكدت أن جميع المعايير تبيّن أن أول أيام شهر رمضان المعظم سيكون يوم الجمعة بالنسبة للسودان والمنطقة المحيطة به. السؤال الملح هنا لماذا لم تذكر الجمعية في بيانها إستحالة رؤية الهلال بالعين المجردة وشبه إستحالة رؤيته بالمناظير المكبرة وهي تعلم تماماً أن السودان، مثله مثل غالبية الدول المسلمة يتخذ معيار الرؤية لثبوت الشهر؟
لم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى إختلاف المعايير الفلكية فيما بينها على الرغم من تأكيد الجمعية على اتفاقها. يعتمد بعض الفلكيين معيار حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل مغيب الشمس أو قبل الإمساك لثبوت الشهر. ويعتمد البعض الآخر معيار غروب الهلال الوليد في الأفق الغربي بعد غروب الشمس حتى إذا استحالت رؤية ذلك الهلال بالعين المجردة أو بالمناظير المكبرة. ويعتمد آخرون معيار توفر الظروف الفلكية لإمكانية روية الهلال حيث يثبت الشهر عندهم متى توفرت شروط الرؤية حتى من دون رؤية الهلال.
ويتضح لنا مما سبق أن الصيام بدأ يوم الجمعة إستناداً على معيار حدوث الإقتران المركزي أو السطحي قبل الإمساك يوم الجمعة ومعيار غروب الهلال بعد غروب الشمس يوم الخميس. أما حسب معيار حدوث الإقتران المركزي أو المحلي قبل مغيب الشمس ومعيار توفر الظروف الفلكية لإمكانية روية الهلال في يوم الخميس فكان يوم السبت أول أيام شهر رمضان المعظم. فكيف يحق للجمعية القول أن جميع هذه المعايير تبيّن أنه بالنسبة للسودان والمنطقة المحيطة أول أيام شهر رمضان المعظم سيكون يوم الجمعة؟
هذه كلمة نصح نوجهها للجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء، وهي التي أخذت مكاناً مرموقاً لدى السودانيين عسى ولعل أن تأخذ منها العبر مستقبلاً والله الموفق. نتمنى أن تقيم الجمعية في بياناتها المستقبلية جميع المعايير الفلكية والفقهية لثبوت الشهر وتترك للمواطن حق تحديد المعيار الذي يختاره لأنه تعالى أناط مسئولية شهادة الشهر بالمرء وليس بالدولة أو الفقهاء أو الجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء.
• تعرف أيضاً على بحوثي الأخرى عن خلق الإنسان في القرآن الكريم، النسخ في القرأن الكريم، حادثة إنشقاق القمر وبقية أبحاثي في القرأن الكريم والتي تستند على منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه على موقعي: خلق الإنسان في القرآن الكريم: https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/
• إنضم لمجموعتنا: "بحوث وحوارات في تدبر القرآن الكريم" وشارك معنا بأبحاثك وفكرك:
يبدو لمنو يا أخوى... هذا زمن الجرافيك و العروض المصورة visual presentation.. الوقت تغير يا حبوب.. معلوماتك دى تختها فى صور بيانية.. أهن ديك الشمس و قدامها القمر و الأرض بيجاى و الخط المستقيم يعنى الأقتران او السطحى أو المحلى، من (النضمى الأكاديمى دا).. بعدين تكتب جملة جملتين على الصور.. هذا عصر الصور و الفيدوهات و ليس عصر القراءة.. القراءة تكون محدودة و من اجل شرح الصور فقط. أنظر الى الصورة أدناه التى تمثل خسوف القمر.. من نظرة واحدة تعرف مفهوم الخسوف.. تخيل لو واحد بدأ يشرح ليك الخسوف بالكلام..
شكراً على النصيحة القيمة. فبحكم العمر والكتابة الأكاديمية تعودت على الكتابة من دون الرسومات والأدوات المساعدة. سوف آخذ نصيحتك في الإعتبار مستقبلاً. مع ودي وتقديري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد الوهاب السناري
Abureesh
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست