دون اطالة سالخص في هذه العجالة جوانب مهمة تتعلق بعمليات الانتقال الديمقراطي من خلال تلخيص دراسات و بحوث شملت كل تجارب الانتقال في القرن العشرين انتهاءا بالتجارب الحديثة في امريكا اللاتينية و اسيا وافريقا وما سمي بالربيع العربي، بشكل عام هنالك اربعة عوامل تحدد ماذا كان الانتقال سيتم بنجاح و يتمخص عن نظام ديمقراطي حقيقي يؤسس للحريات الاساسية ويحفظ حقوق الاقليات بكافة اشكالها، وهذه العوامل تتمثل في: 1. القيادة السياسية خلال مرحلة الانتقال: في هذه النقطة فيما يخص القوي السياسية يبدو أن التشرزم والتنافس والتسارع لحصد الغنائم حتي قبل خوض المعركة باين امام الجميع، معارك تدور في ماهو ثانوي وانتصارات صغري لا تقدم و لا تؤخر ولا اظن اني في حوجة الي تقديم اي استدلالات.. اما حكومة الثورة فضعفها بائن لا تخطئه العين و الطريقة التي تشكلت بها رغم انها قامت علي مبدأ الكفاءة و التأهيل الا أن الحقيقة المؤلمة ان الكفاءة الفعلية وليس علي الورق هي ما ينقص جل طاقمها. 2. الاداء الاقتصادي للحكومة التي تعقب النظام القديم: لا يخفي علي أحد مدي تدهور الاقتصاد السوداني في صورته الكلية و غياب اي رؤية متكاملة مصحوبة بأليات سياساتية واضحة قابلة للقياس، اما التضخم فامره بلغ مراحل مخيفة وفي ظني ستستمر معدلات التضخم بشكل منتظم وحتي هذه اللحظة لا ادري ما هي الخطة التي تتبعها الحكومة لكبح جماح التضخم، اعتقد اننا في طريقنا الي حالة اقرب الي زمبابوي في غضون عام اوأقل ما لم تحصل معجزة ما تغير هذا المسار. 3. مدي نضج المجتمع المدني: لا توجد تجربة ديمقراطية ذات معني دون فاعلية للمجتمع المدني وما حدث ويحدث في تجمع المهنيين و غيره من المنظمات غير الحكومية والنقابات يؤكد امر واحد ان استمرار تسيس هذه الكيانات سوف يضر باي عملية انتقال واي ممارسة ديمقراطية في المدي الطويل، الفكرة ببساطة انه في ظل اي مجتمع متعدد Plural society يمر بمرحلة اعادة تعريف المصلحة العامة من الضروري ان تقوم منظمات المجتمع المدني بلعب ادوارها وفقا لتموضعها فالحزب عليه ان يشتغل لتطوير برنامج و يدعو الجماهير الي الاصطفاف من خلفه للوصول لسلطة، اما النقابة و اتحادات اصحاب العمل وغيرها فعليها ان تعرف مصالح المجموعات التي تمثلها وفي ظل تنافس وتداخل هذا التعدد تتم اعادة تعريف المصلحة العامة وهذا تلخيص متعجل لنظرية public choice ما قبل سقوط النظام المصلحة العامة كانت "تسقط بس" و هذا ما يسر الاصطفاف خلف هذا الشعار لبساطته و بلاغته و لداحته. 4. التاثير الايجابي او ما يعرف ب Spill Over Effect و هذا يعني ان هنالك تجارب ايجابية تحيط بنا ولها تاثير ايجابي علي عملية الانتقال في بلادنا، تاريخيا من الصعب لدولة ان تصبح ديمقراطية في محيط دول شمولية وهذا حالنا بل الادهي والأمر ان الكل يستغل حالة ضعف الدولة السودانية لاعادة تشكيلها بما يخدم مصالحه الخاصة وهذا ليس خطأ هذه الدول بل حافز لنا للنهوض. و بناءا علي هذا التقديم في تقديري المتواضع هنالك ثلاثة سيناريوهات اولا: ان تستمر العملية الحالية بكل ما فيها من عطوب و يحدث توافق عبراتفاقيات سلام قادمة تعيد ترتيب الامور و يتم تمديد الفترة الانتقالية واذا تحسن امرالاقتصاد بحسن ادراته وتوحدت ارادة السودانيين فربما يكون السودان نموذج نادر للانتقال وقد يدرس في كليات العلوم السياسية في كافة انحاء العالم. ثانيا: ان يتم التفاف علي الترتيبات الحالية من خلال اعادة الاصطفاف و تكوين تحالفات جديدة تفضي الي وضعية اقرب الي مصر عقب احداث 30 يونيو اذا يتخلق شيء من الارادة السياسية مدعومة بتأييد شعبي مع ضخ بعض الاموال من دول تفضل بقاء السودان في ترتيبات يمكن السيطرة عليها مما يعني اننا قد نكون في طريق الانتقال ولكن بشكل قد ينتج وضعية شبيهة بالديمقراطية المتحكم في نتائجها ورهان هذا السيناريو حدوث تحسن اقتصادي سريع يغير من معادلات الاصطفاف الحالية. ثالثا: انهيار ما تبقي من الدولة السودانية بسبب المطالب demands التي تقدم لهذه الدولة المنهارة اصلا ومثال ذلك ان متطلبات و مخرجات اي عملية سلام ستضع مطالب جمة اضافة الي ان الايفاء باستحقاقات الثورة لكل الاطراف يضع ضعوط علي هذه الدولة ليس لها قدرة علي الوفاء بها في الوقت الراهن، وفي ظل التجازب والصراع حول الاحقية الثورية والاستحقاق بسبب المظالم المتراكمة يمكن ان تنهار الدولة سواء بمواجهات مسلحة في لحظة ما او ببساطة ان تتحول فكرة الدولة الي شيء لا وجود له ولك ان تتخيل اقطاعيات تدير اجزاء مختلفة من القطاعات الحيوية و نتيجة لاعادة تعريف المصالح العامة تستمر وضعية شبيهة بدولة اللادولة فقط لان مصالح الجميع تقتضي انسياب شل من اشكال الحياة. الصومال استمرت كدولة بلادولة ما يقارب الثلاثنون عاما و في اسوأ ايام الاحتراب كانت هنالك كهرباء وانترنت وافضل سبل لتحويل الاموال الي مقديشو من اي مكان ما في العالم ومفهوم دولة اللادولة اصبح يدرس كصيغة لاستمرار المجتمعات تي في ظل غياب ترتيبات قانونية تنظم العلاقات الاجتماعية وهو ما يجب ان تقوم به الدولة. لا ادري ما الذي سيحدث لكني ساعمل بكل ما اوتيت من قوة من اجل ترجيح السيناريو الاول و تغليب فرص تحققه، اما الاكاديمي الناقد في داخلي يري ان السيناريو الثالث لابد منه قبل ان تتم اي معالجات لاحقة سمها مساومة من اجل التعايش و الوجود لتؤسس لعقد اجتماعي جديد، ببساطة لا اعتقد ان النخب المتصارعة الان في الساحة في كل المجالات تتمتع بالتاهيل الاخلاقي والمسؤلية لتخليق هذا العقد وربما الكرونا تنهي كل هذا الامر بخلق شروط جديدة او ربما للتاريخ كلمة اخري.
د.بكري الجاك
05-18-2020, 02:51 PM
عبدالله الشقليني عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالله الشقليني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست