حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات فترة المهدية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 05:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2021, 09:08 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات فترة المهدية

    09:08 AM April, 04 2021

    سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-
    مكتبتى
    رابط مختصر




    حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة: سوداني متعدد الولاءات (1 – 2) .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

    سودانايل- نشر بتاريخ: 01 نيسان/أبريل 2021


    الشكر للأخ و الصديق البروف بدرالدين حامد الهاشمي الذي أرسل لي هذا المقال الذي قام بترجمته ونشره في سودانيزاونلاين..

    وهو مقال دسم يصلح لتقديم قراءة للواقع السياسي و الثقافي و الاجتماعي في فترة المهدية..سوف أتعرض لبعض ما استنتجته في هذا المقال من إشارات

    قد يكون بعضها ماثل في حياتنا الاجتماعية و الثقافية حتى اليوم بل و يرمي ظلاله على سلوكنا السياسي حتى اليوم..






                  

04-04-2021, 09:23 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)


    حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة: سوداني متعدد الولاءات (1 – 2) .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي



    The Story of Sheikh Ahmed Abu Gelaha. A Sudanese Vicar of Bray
    R. Salmon آر سالمون
    ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
    مقدمة: هذه ترجمة للجزء الأول لمعظم ما جاء في مقال للإداري والكاتب البريطاني آر. سالمون عن شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة. نُشر المقال في العدد الحادي والعشرين من مجلة "السودان في رسائل ومدونات SNR"، الصادرة في عام 1938م.
    وبحسب ما ورد في" معجم تراجم أعلام السودان" لريتشارد هيل (وترجمة سيف الدين عبد الحميد) فإن شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة "وجيه ديني من الحوازمة، ولد في أبو حراز جنوب غرب الأبيض، درس لدى الشيخ محمد الصُّغيِّر ود الأمين في قريته ذاتها، وعلى الشيخ طه ود بشير في الرهد. عينته الحكومة المصرية قاضياً لكنه غير موقفه إلى القضية المهدوية عند شروع المهدي في حصار الأبيض. وقضى بعض الوقت قاضياً في دارفور تحت إمرة محمود ود أحمد. غير ولاءه لحكومة السودان لدى انهيار النظام المهدوي. تقاعد عن العمل عام ١٩٠٧م بعد أن عمل في محكمة الدلنج لأربع سنوات".
    أشكر الأستاذ سيف الدين عبد الحميد لتصحيحه الكثير من أسماء البشر والأمكنة التي وردت بالمقال.
    المترجم
    ********** ********** *********
    هذه حكاية الشيخ عبد الله أحمد أبو جلحة ود إبراهيم الذي تولى القضاء في أربع حكومات مختلفة. وهو الآن (أي في زمن كتابة المقال. المترجم) عالم ديني محترم في محكمة الحوازمة (أولاد عبد العال). ورويت لي قصته في الدلنج في خريف عام 1938م، حين كان ذلك الشيخ قاضيا في محكمتها، وكان في غاية النشاط على الرغم من أن عمره كان قد تجاوز الثمانين عاما. وكان يقفز على حماره ويجلس عليه معتدلا بوقار. وكان كثيرا ما يرافقني في موسم الأمطار ونحن نطوف على القرى وفرقان البقارة الواقعة بالقيزان في جنوب الأبيض.
    لم يكن وصف الشيخ الكبير للأحداث التي شارك فيها أو كان جزءًا منها مطابقا للروايات المقبولة والشائعة عنها عند معظم الناس. وربما كان لمرور نصف قرن على تلك الأحداث، أو احتقاره البين لتلك الأيام الرديئة الماضية كبير الأثر في حجب حقائق تجربته الباكرة عن عينيه. ولكن، على الرغم من أن طبيعة بعض أجزاء قصة الرجل الأبوكريفية (المشكوك في صحتها) قد تقلل من قيمتها كمصدر تاريخي أصيل، إلا أن في قصة الشيخ من الاهتمامات الانسانية والأسلوب الذي يعرض سمات وخصوصيات المنطقة المحلية وسكانها، ما يكفي المؤرخ الجاد والقارئ العادي المهتم بسيكولوجية الأهالي ونَفسِيّتهم.
    لكل ما تقدم فسوف أدع الشيخ الكبير – بقدر الإمكان - يروي قصته بكلماته، ولن أعلق على ما قد يرد فيها من حوادث بَعِيدة الاحْتِمَال أو مفارقة لحقائق التاريخ المقبولة.
    **** **** ****
    وُلِدْتُ في "أبو حراز"، الواقعة على بعد مسيرة يوم كامل إلى الجنوب الغربي من الأبيض، في حوالي عام 1270هـ، وعشت فيها حتى بلغت مبلغ الرجال، قبل نحو 15 سنة من معركة شيكان. وحيث لا يوجد الآن إلا بعض الآبار، كانت هنالك في ذلك الوقت نحو 450 ساقية بها بعض أشجار النخيل والجنائن التي زرع فيها الدناقلة البصل والقمح والفلفل والتبغ وأشجار البرتقال والليمون. ودُمِّرَتْ كل تلك السواقي والجنائن في عهد المهدية.
    وكان سكان المنطقة من البديرية الدهمشية، والبديرية العياتقة (التي صحح الكاتب فيها الشيخ بالقول إن هؤلاء فرع من فروع البديرية الدهمشية) والتُّمباب، والتُّمام، والبرقد. ويعيش في المنطقة بعض الجلابة، أغلبهم من الدناقلة الذين يعملون في التجارة. وهنالك أربع قرى للدناقلة بنيت بالطوب الطيني (ذكر الكاتب هنا أن ناظر البديرية الحالي أخبره بأن هنالك قريتين فقط للدناقلة، وأن هنالك بعض السكان من كنانة). وكانت "أبو حراز" يومها مركزا للحكومة التركية، وكان بها سجن، وناظر شايقي اسمه محمد أغا رحمة، عينته الحكومة. (أضاف هنا الكاتب في الهامش أن محمد أغا هو تاجر شايقي كان يعيش في منطقة شمال الأبيض، واستطاع أن يستولى على 200 من الأبل من سكان المنطقة وقدمها للحكومة التركية التي كانت بصدد مد خط للتلغراف في غرب البلاد، وكافأته على صنيعه بتعيينه ناظرا في "أبو حراز"). وكان هناك مركز آخر أصغر في "البِرْكة"، لا يستخدم إلا في موسم الأمطار لمراقبة البقارة.
    كنت وأنا في مرحلة الصبا قد تتلمذت على يد الفكي محمد الصغير ود الأمين. ولكني سافرت بعد عام 1291هـ، قبل أن أتزوج إلى الرهد لأتلقى العلم لبعض السنوات على يد العالم طه ود بشير. (أضاف الكاتب في الهامش أن ذلك العالم كان معروفا في وسط وشرق كردفان، وهو ليس من الجوامعة بل من العواطفة. وكانت له خلوة في الاندرابة الواقعة على بعد خمسة أميال شمال شرق الرهد. وكان قد فر من الخليفة في أم حجر شمال غرب تندلتي إلى جبال النوبة. غير أنه وقع في قبضة الأمير أبو عنجة والذي قطع عنقه بتقلي، وفيها دُفن).
    وعند رجوعي من الرهد وجدت أن الشركسي حسن باشا قويزر- الذي كان قد بنى قلعة المديرية بالأبيض - كان قد عاد للأبيض من الخرطوم بسبب تمرد قاده صباحي ود حامد في جبال ميري. وكان صباحي هذا ملازما في جيش الزبير باشا، لكنه تمرد عليه وتركه في دارفور. ونجح حسن باشا في إنهاء التمرد واعتقال صبحي وجلبه أسيرا للأبيض. (أضاف الكاتب في الهامش أن حسن باشا حلمي كان مديرا لكردفان ثم لدارفور. ومن إنجازاته في كردفان حفر فولة في الأبيض عام 1875م).
    وخاف الناس من المدير حسن باشا وأسموه (العاضي) نسبة لما كان يقوم به مع الذين يغضبونه. كان يأمر بإحضار المغضوب عليهم وحلق شعر رؤوسهم، ليقوم بعضها بأسنانه. وأعلم بأن ذلك اللقب لم يعط للرجل عبثا، فقد رأيت بعيني آثر عضة الباشا على رأس الرجل التُّمامي عيسى أبو شاولو. ونال سليمان النور، ذلك الرجل الظالم لأهله، 1000 جلدة (500 جلدة في يومين متتابعين) بأمر من حسن باشا. إِثرِ ذلك مات سليمان بعد أن نال عقابه.
    وفي تلك الأيام كان ناظر الحوازمة عبد العال هو حماد أسوسة، وكان معه قاضٍ سبق لي العمل معه في التدريس بعد عودتي من الرهد. وفصل حسن باشا ذلك القاضي من عمله لعصيانه لأوامره، وعينني مكانه. وكان راتبي الشهري يبلغ عشرة ريالات (أي 200 قرشا)، يُدْفَعُ لي من خزينة الأبيض كل ثلاثة أشهر.
    وكان الناظر حماد أسوسة يقيم في تلك الأيام في قريته القريبة من الحمادي، ومن فريقه في البِرْكة. وكانت هنالك قرى كثيرة حول البِرْكة. وكان الحوازمة الرواوقة يقيمون بالقرب من كوبي، ولم يكونوا حينها قد تحركوا للجنوب. وكان تاور ﻛﺮﻛﺘﻴﻠﺔ (والد سومي تامر، الشيخ الحالي) هو شيخ الحوازمة الرواوقة، وكان يدفع العشور والضرائب للحكومة عن طريق الناظر حماد أسوسة، الذي كان يدين له بالولاء، ولو عَلَى مَضَض. أما الحوازمة الحلافة فقد كانوا في الدليبة والصباغة، وكان نواي ود دفع الله هو شيخهم. وكان يدفع العشور والضرائب أيضا عن طريق الناظر حماد أسوسة.
    وكانت أبقار الحوازمة عبد العال تجوب المنطقة التي هي الآن دارهم، بينما كان رقيقهم يقيمون في أرض القوز. ولم تتخط فرقانهم جنوب دبِري قط، رغم أنهم كان يغزون باستمرار جبال النوبة لجلب الرقيق، ويغزون المسيرية والحمر لنهب ماشيتهم. ويقوم فرسانهم أيضا بغزو الجنوب لصيد الزَرافات والأفيال. وكان التمام يقيمون في كازقيل، ولم يرحلوا عنها إلى علوبة إلا بعد المهدية.
    وقبل خمس أعوام من بداية المهدية كان مدير الأبيض هو محمد باشا سعيد (المسمى "جراب الفول"). وغاب ذلك المدير ذات مرة عن المدينة وولى مكانه لرجل من الجعلين اسمه الياس ود أحمد أم برير. وفي ذلك الوقت كان السلطان علي كنونة هو شيخ القديات، ويقيم في المنطقة حول ملبس وبُربُر وعلوبة. وكان ذلك السلطان يرغب في توسيع مناطق حكمه، بل كان يطمع في الأبيض نفسها. وعندما غاب مدير المديرية تمرد ذلك السلطان، وانضم له تاور شيخ الرواوقة. وأنضم له أيضا الحمر والدبب والجوامعة والتكارير. وخالفهم في تمردهم شيخ الحوازمة الحلافة وأولاد عبد العال. ووقفت كل كردفان تقريبا ضد الشيخ علي كنونة. وعارضه أيضا قريبه إسماعيل الأمين والبديرية بقيادة عبد الصمد وعبد الرحيم ود الطاهر ونصري محمد (ذكر الكاتب هنا في الهامش أن عبد الصمد وأخاه عبد الرحيم طاهر كانا يعملان بصورة رسمية مع الحكومة كصائدي رقيق، ويشاركانها الربح مناصفةً).
    ووقعت المعركة في عيفانات بالقرب من كوبي. وفيها قتل الشيخ علي وكل من كانوا معه تقريبا. وكانت الحكومة قد أرسلت 500 من الجنود ومعهما مدفعين ضد أي طرف يثبت أنه كان مخطئا. كانوا هؤلاء الجنود يحاربون ذلك الشيخ الذي رفض تنفيذ أوامر الحكومة وتمرد عليها. واستمرت مطاردة الشيخ على وجنده طوال اليوم، منذ طلوع الفجر إلى مغرب الشمس. وغنمت قوات الحكومة منهم الكثير من البنادق والإبل والحمير.
    وكان الناظر أحمد أسوسة قد تُوُفِّيَ قبل وقت قصير من وقوع تلك المعركة. وتولى النظارة من بعده ابن أخته قطية ود الشريف أسوسة. وكنت أنا وقطية قد شهدنا تلك المعركة. ووقفت أنا بالقرب من جنود المدفعية "المدفعجية". كانوا قد أطلقوا أربع قذائف، طارت كلها فوق رؤوس أعدائهم ولم تصبهم بأذى. والحق يقال، كانوا لطفاء مع قادة العدو، ولم يكن يرغبون في إيذائهم، إلى أن حضر أحد ضباط الحكومة وهو في غاية الغضب، وحذر المدفعجية بأنه سيقطع رقابهم إن لم يحسنوا من تهديفهم. فخاف هؤلاء وأصابت القذيفة التالية جمع كبير من جنود الأعداء وقتلت معظمهم.
    أتذكر قبل سنوات طويلة من قيام تلك المعركة، وأنا في نحو العاشرة من العمر، حدثت مشكلة بين "أولا عبد العال" أنفسهم، أدت لمعركة بالقرب من جبل أبو عريف (يبعد ذلك الجبل مسافة عشرين ميلا شمال شرق الدلنج بحسب ما أضافه الكاتب في الهامش) بين دار بتي ودار جواد وأولاد غبوش. وقُتل في تلك المعارك بعض أولاد غبوش وفر الآخرون. ونشبت المعارك مرة أخرى بالقرب من الفيض، وهزم فيها "أولاد غبوش" وقُتل منهم في ذلك اليوم نحو مائة رجل. وكان سبب تلك المعارك في نظري هو حق السقيا في فولة "أم عرق" بالقرب من "أبو عريف".
    وفي تلك الأيام كانت الحكومة معتادة على إشراك كل فرقان الحوازمة ("أولا عبد العال" والرواوقة والحلافة) في فولة صغيرة عند بلكم أم صبيغة الواقعة بين كازقيل والبِرْكة. وكانوا يتسلمون عند تلك الفولة جِزْيهم (ليس واضحا إن كان المقصود هو أن الحكومة كانت تتسلم منهم ما تفرضه عليهم من ضرائب وعشور الخ. المترجم) التي كانت تشمل 100 من الرقيق و100 من البقر و1000 قطعة من الجلود، إضافة للسمن والقطع الفضية. ويُلْحَقُ المسترقون بالجيش، وفي الأبيض تقسم الأبقار على بيوت كبار زعماء المسبعات والكنجارة، الذين كانوا يوالون الحكومة.
    وعندما وصل المهدي إلى قدير، أرسل لشيوخ المناطق جنوب الأبيض طالبا منهم عدم دفع أي ضرائب للحكومة، ولكنه لم يدعهم لإحداث أي ضرر أو أذى بحكامهم، بل دعاهم لمعاملتهم بالحسنى. وفي ذلك الوقت كان من اتبعوا المهدي يٌسمون "الدراويش"، غير أن الاسم تغير لاحقا إلى "الأنصار".
    وسمع مدير المديرية سعيد باشا بما فعله المهدي فأرسل إلى الشيوخ (ليسألهم عن موقفهم من المهدي). وتبرأ الشيوخ أمامه من المهدي ومن أي صلة به، وقالوا بأنهم "أبرياء". غير أن الحكومة خشيت مما قد يحدث واستدعت كل المسؤولين للأبيض. غير أني لم أنفذ ذلك الأمر. وفي تلك الأيام قام حامد ود السنجك (قائد البديرية) بالإغارة على قبيلة منقلا في "أبو سنون" ونهب منها بعض أبقارها وسار بها مفتخرا بفعلته إلى مكان قريب من "أبو حراز" ("أبو سنون" بحسب شرح الكاتب هو جبل شهير يقع على بعد 25 ميلا شمال الأبيض على طريق سودري). وأمر ناظر الحوازمة محمد علي الشايقي البديرية بإعادة الأبقار لأصحابها، ولكنهم رفضوا أمره، وأساؤوا إليه، واصفين إياه بأنه مجرد "جلابي"، وأن المهدي قادم. ووعد مدير المديرية بإعفاء البديرية من الضرائب لثلاثة أعوام قادمة إن هم ردوا الأبقار لأصحابها وأمسكوا - هم والدناقلة – عن قتال الآخرين، وأمرهم بالإسراع في تنفيذ ما طلبه منهم. غير أن الجميع كان ينتظرون حتى تتبين لهم حقيقة المهدي. فإن كان هو "المهدي" بالفعل، فسينضمون إليه (وستفعل ذلك الحكومة أيضا). وإن لم يكن الرجل مهديا بالفعل فستقْتَله الحكومة بلا ريب.
    وحمل أعضاء وفد مكون من أربعين شيخا - كنت من بينهم- رسالة من الحكومة أحضرها لنا عبد الرحيم ود الطاهر شيخ البديرية إلى الدناقلة. وتحركنا من الخور القريب من "أبو حراز" على طريق الأبيض. وبينما نحن في طريقنا إليه هاجمنا بعض الناس وقتلوا عبد الرحيم وأخاه عبد الصمد، وشيخا مهما آخر. ثم أقبل علينا عدد كبير من الدناقلة ولكن تم صدهم، وخلفوا ورائهم 500 من القتلى. وفر الباقون إلى إحدى القرى. ودمر أعدائهم جنائنهم، وقطعوا أشجار نخيلهم، وحطموا سواقيهم، بل وردموا الآبار، واقتلعوا البصل المزروع من تحت التربة. وفي صباح اليوم التالي استسلم الدناقلة، وتم العفو عمن لم يشارك في القتال. ثم أحرق كل شيء كان بالقرية التي لجأ إليها أولئك الدناقلة (شرح الكاتب هنا ببعض التوسع أسباب الخلاف على الزعامة بين الدناقلة وناظر البديرية).
    وهزم المهدي جنود الحكومة في قدير وتقدم نحو جبال الكدرو. وذهبت إلى المهدي في قرية الليّونة (على بعد أميال قليلة شمال الكدرو على طريق الأبيض – دلَّامي) بينما كان في طريقه نحو الأبيض. وجدته رجلا مربوع القامة، عريض الوجه، وممتلئ الجسم، وفي أسنانه الأمامية فلجة، وله لحية ضخمة. وكان لونه شاحبا نوعا ما. كان رجلا تقيا، يداوم على قيام الليل ويكثر من البكاء في صلاته.
    ولم يكن الخليفة عبد الله (وشقيقه يعقوب أمير الجيش) بغريبين عن هذه المنطقة. كانا قد قدما إلى المهدي من الغرب في الأيام الأولى في رفقة والدهما ووالد محمود، الذي غدا أميرا فيما بعد. كان محمود يومها في سن صغيرة. وكان معهم أيضا عيسى زكريا. قضوا جميعا مع فريقهم فصل الخريف في السُّنجُكاية مع موسى باجون والد العمدة الحالي ابوهم موسى. وزرعوا في ذلك الخريف في نفس المنطقة التي أقيم بها سوق الآن. كنت قد قابلتهم وهم في طريقهم للالتحاق بالمهدي. وكانوا يخفون نيتهم تلك. وفي ذلك الوقت لم يكن للخليفة غير ثور واحد وبقرة. وتوفي والد الخليفة قبل أن يكمل رحلته، في "أبو رُكبة" التي لا تبعد كثيرا عن الدويم. إلا أن الخليفة واصل المسير إلى الجزيرة أبا، حيث قابل المهدي، الذي أعطاه راية وسماه خليفته.
    كان الخليفة عبد الله رجلا نحيفا وطويلا، وله لحية كبيرة، ووجه نحيل مُدَبَّب لا يخلو من شحوب. كان رجلا هادئا، لا يبادر بالكلام مع أحد، إلا أن يرد على من سأله شيئا. وكان أخوه يعقوب رجلا قوي البنيان، شاحب اللون وعلى وجهه آثار الجدري.
    وتقدمنا من "الليّونة" حتى وصلنا "البِرْكة" عند الصباح الباكر، وقضينا فيها ليلتنا تلك تحت شجرة عرديب لا تزال موجودة إلى الآن. وفي صبيحة اليوم التالي بدأنا رحلة الذهاب إلى كازقيل شمالا. وسار المهدي معنا على قدميه إلى منتصف الطريق للتدليل على تواضعه. وقضينا ذلك اليوم في كازقيل وبتنا فيها تلك الليلة. وتوقفنا في اليوم التالي عند "فولة علوان"، وقضينا ليلتنا في قرية اسمها "كابا" تقع على بعد خمسة أميال جنوب غرب الأبيض. وفي الصباح اتجهنا صوب "فولة أبو صفية" القريبة من الأبيض. وأدينا صلاة الجمعة في ذلك اليوم في الطريق. وأطلق علينا جنود مدفعية الحكومة قذيفة علينا ونحن في ذلك المكان الذي صلينا فيه.
    كانت الأبيض محصنة بسور ترابي يبلغ نحو مترين عرضا وثلاثة أمتار ارتفاعا. وتقدمنا للهجوم، وبلغنا قلعة المدينة حيث كان المهدي يقف تحت أقواسها. غير أن جند الحكومة صدونا فتقهقرنا نحو "فولة أبو صفية".
    وكان أحد الجعليين النافعاب (اسمه عبد الله ود إبراهيم) قد حاول في الليلة السابقة قتل المهدي عندما كان نائما في "كابا". غير أن الست طلقات التي حاول أن يطلقها عليه لم تصبه. وقُبِضَ على عبد الله وأُحْضِرَ ليمثل أمام المهدي. سُر المهدي بالرجل، وقال لمن حوله بأن هذا "فارس"، ومنحه "راية" وجعله واحدا من الأمراء.
    لم يكن لدى أنصار المهدي أي بنادق، فقد كان يَحْرِمَ استخدامها. لذا قرر أن يعمل على تجويع الحامية التي كان يحاصرها ويحقق غرضه دون اللجوء للقتال. وبالفعل استسلم من كانوا يدافعون عن المدينة بعد أن نفد ما عندهم من طعام.
    ولا تزال آثار الطلقات باقية في قلعة المدينة، وهي بالطبع لم تكن من عمل الأنصار، ولكنها أطلقت عقب وفاة المهدي، عندما كان عمه الشريف محمود حاكما على الأبيض. وفي تلك الأيام تمرد الجنود السود (الذين كانوا قد تخلوا عن خدمة الحكومة) على نائب الشريف محمود، واسمه هاشم ود أحمد. (ذكر الكاتب في الهامش أن اسم ذلك الرجل في مؤلف ماكمايكل "قبائل كردفان" هو الهاشمي). وأحتمى هاشم ود أحمد بالقلعة، فأطلق عل المتمردون نيران بنادقهم عليها، حتى خرج لهم، فأحاطوا به.
                  

04-05-2021, 01:26 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)


    The Story of Sheikh Ahmed Abu Gelaha. A Sudanese Vicar of Bray
    R. Salmon آر سالمون
    ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
    مقدمة: هذه ترجمة للجزء الثاني لمعظم ما جاء في مقال للإداري والكاتب البريطاني آر. سالمون عن شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة. نُشر المقال في العدد الحادي والعشرين من مجلة "السودان في رسائل ومدونات SNR"، الصادرة في عام 1938م.
    وبحسب ما ورد في" معجم تراجم أعلام السودان" لريتشارد هيل (وترجمة سيف الدين عبد الحميد) فإن شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة "وجيه ديني من الحوازمة، ولد في أبو حراز جنوب غرب الأبيض، درس لدى الشيخ محمد الصُّغيِّر ود الأمين في قريته ذاتها، وعلى الشيخ طه ود بشير في الرهد. عينته الحكومة المصرية قاضياً لكنه غير موقفه إلى القضية المهدوية عند شروع المهدي في حصار الأبيض. وقضى بعض الوقت قاضياً في دارفور تحت إمرة محمود ود أحمد. غير ولاءه لحكومة السودان لدى انهيار النظام المهدوي. تقاعد عن العمل عام ١٩٠٧م بعد أن عمل في محكمة الدلنج لأربع سنوات".
    المترجم
    *******
    دخل المهدي للأبيض بعد سقوطها، وقابله عند دخوله لها محمد باشا سعيد (جراب الفول) وعلي بيه شريف، وأحمد بيه دفع الله، ومحمد ود النخيل، ومحمد أغا ياسين (وبحسب تعليق الكاتب كان الأخير هو آخر من حمل لقب "شيخ المشايخ"، وكان ناظرا على خورسي عند ظهور المهدي، وكان من كبراء دواليب دنقلا). وعفا المهدي عنهم جميعا، ووعد بأنه سيأخذهم معه إلى الخرطوم، حيث يمكن لهم بعد ذلك أن يعودوا لديارهم الأصلية. غير أن هؤلاء الرجال لم يلتزموا بما اشترطه عليهم المهدي، وعقدوا اجتماعا سريا قرروا فيه إرسال خطاب إلى غردون باشا ليوضحوا له فيه أنهم لم يهزموا في معركة حربية، ولا بسبب قوة جيش المهدي، بل بسبب الجوع. وأعطوا ذلك الخطاب لرجل من الجوامعة قام بخياطته في باطن حذائه. وبينما هو في الطريق إلى الخرطوم، اكتشف شخص اسمه رحمة ود محمود في "أم دام" وجود ذلك الخطاب في حذاء الرجل وألقى القبض عليه. ولما علم المهدي بأمر الخطاب أمر بإعدام رجال الحكومة الذين كان قد أسرهم عنده. وأوكل تلك المهمة لرجال من قبائل مختلفة. وقد شهدت أنا شخصيا إعدام علي بيه شريف في "البِرْكة". وعُهِدَ بتلك المهمة لرجل يقال له محمد ود بلال. وضرب ود بلال عنق علي بيه شريف ولكنه أخفق في قطع رأسه. لذا ألقوه حيا في بئر. وتجمع الناس حول فوهة البئر ليشاهدوا الرجل وجسده يتخبط في الماء. وكانت هناك زوجة الرجل وأبنائه الصغار أُخِذُوا جميعا إلى المهدي ليقوم برعايتهم.
    وكان الفصل يومها هو فصل الصيف، وقد تجمعت كل القبائل حول الأبيض. وبعد أن تم بذر المحاصيل المختلفة، سمع الناس بأن هكس باشا قادم نحوهم من الرهد على رأس جيش كبير. وتقدم ذلك الجيش نحو علوبة، بينما تحرك المهدي نحو فرنتقل، ومنها إلى "عديدات" بالقرب من "جعيبات" ليمنع وصول جيش هكس إلى "البِرْكة". وأتت للمهدي أخبار تفيد بأن الترك قد بلغوا فولة "المصارين" في شيكان. وسار المهدي نحو "البِرْكة" ومعه خمسين من شيوخ الدين، كنت واحدا منهم. وأصدر المهدي أوامره لأنصاره بالتوجه لشيكان لمنع العدو من الوصول إلى "البِرْكة". وذهبت مع المهدي وشيوخ الدين، وقضينا ليلتنا تحت شجرة عرديب كان قد توقف عندها قبل دخوله للأبيض. ولم يختر المهدي تلك الشجرة عبثا، فقد كان يتفاءل بأنها ستجلب له التوفيق في معركته المقبلة كما فعلت من قبل.
    وبعد أن أدينا صلاة الفجر، بدأنا مسيرتنا للانضمام إلى مقاتلي الأنصار. وركب المهدي على جمله الأبيض الجميل المسمى "دبلان". لم أره يركب فرسا قط. وبلغنا قواتنا في شيكان، ووجدناها قد أحاطت بزرايب قوات هكس. وبحسب تعليمات المهدي كان قواتنا تقف بعيدا عن مرمى نيران العدو. كان اليوم هو يوم السبت، ولما تبدأ المعركة بعد. جلس المهدي على فروة من جلد خروف واستدعى امرائه وخاطبهم بالقول بأن هذه المعركة لن تُحسم في ذلك اليوم ولا في اليوم الذي بعده. وطمئنهم قائلا لهم: "لا تخافوا شيئا، فحياة كل الذين في جيش هكس في يدي الآن، وسنحطمهم كما أفعل بالرمل تحت أقدامي". وقام من مجلسه وداس على الرمل بقدمه. وقال لهم أيضا بأن جنيا اسمه "عبيد" أتى من جيش هكس، وكان مع رجل اسمه جبر الدار (من أولاد حميد). وكان ذلك جبر الدار هو مرشد جيش هكس، ولكنه هرب منه وتاه في الصحراء وهلك من العطش. وقال المهدي: "أٌخبرت بأنه ليس هنالك الآن مرشد لجيش هكس وليس معهم ماء غير فولة "المصارين"، ومياهها متعفنة لا يمكن شربها. يوم الإثنين بإذن الله سيقع كل ذلك الجيش وما معه في أيدينا".
    وبذا بتنا ليلينا تلك في شيكان. ولم نحس بأي حركة منذ فجر اليوم التالي. وبقي الجيشان في مكانهما. وكان جيش هكس محاصرا، ولم يكن بمقدوره الحركة أصلا. وبقينا في حالة انتظار، نترقب اللحظة المناسبة في اليوم التالي.
    وقبيل فجر يوم الاثنين سمعنا أصوات أبواق جيش هكس، ورأينا جنوده يخرجون من زريبتهم في طريقهم للأبيض.
    وأصدر المهدي أوامره الخاصة – التي قال إنها من الله – بأن لا يستخدم أي جندي في جيشه البنادق. والتزم الجميع بهذا الأمر. وسرعان ما انقضت المعركة التي قام بها مشاة الأنصار دون أي مشاركة للفرسان. ومما أذكره عنها أن بعض جنود الحكومة كانوا في الواقع قد قُيِّدُوا بالسلال لمنعهم من الفرار. وتم القضاء على جيش هكس، وحصل الأنصار على الكثير من الغنائم. ورغم أن المهدي كان قد أمر جنده بعدم أخذ أي غنائم في تلك المعركة، إلا أن أنصاره جمعوا الكثير منها. وتصادف أن أحد رجالي سلب بعض ملابس القتلى. ولما اكتشفت ذلك في وقت متأخر من ذلك اليوم، قمت بإبلاغ الأمير يعقوب (أمير الراية الزرقاء) بالأمر، وأخذت الملابس المسروقة لمنع أي شخص أخر من أخذها، وجعلتها وسادة لرأسي عند النوم. وفجأة صحوت من منامي على صوت مزعج ومتواصل آتٍ من الوسادة. وأشهد الله أن ذلك حدث بسبب نار شبت في تلك الملابس. وعلى الفور قمت بأخذها، ونصفها قد احترق ووضعتها أمام الأمير يعقوب. وأعتقد أن تلك النار غير الطبيعية قد التهمت أجساد الذين قتلوا في المعركة.
    وفي أثناء تلك المعركة صعد البُرُوجِيّ (نافخ البوق) في جيش هكس لشجرة تبلدي ليراقب سير المعركة ويبلغ قادة جيشه. وسمعته يتكلم بصوت عالٍ بهذه الكلمات: "أرى ملائكة يهبطون من السماء، ورجال يصعدون من الأرض إلى السماء وهم يرتدون العمائم". ولما سمعه جنود هكس ينطق بتلك الكلمات أطلقوا عليه النار وهو في الشجرة حتى لا يربك رفاقه ويبث الرعب في قلوبهم. وظل جسد ذلك البُرُوجِيّ معلقا على الشجرة وبدأت تتحلل. وظلت بقاياه على تلك الشجرة لأيام عديدة.
    ولما انتهت المعركة حصلنا على الكثير من البنادق والذخائر، ولكن العرب والنوبة المغيرين سرقوا معظمها. ولا بد أن الكثير من بنادق ريمنقتن (Remington) التي يملكها النوبة الآن كانت قد أخذت سابقا من ساحة معركة شيكان. وقبل ذلك لم تكن هنالك بنادق سوى من نوع "أم روحين" و"أبو حجار" و"أبو لافتة" (وكان الجيش التركي هو الذي جلب بعض تلك البنادق لكردفان، بحسب ما أورده الكاتب في الهامش). وكانت هنالك أيضا "أم دريسة"، وهي أدوات حديدية ذات أربعة رؤوس شائكة (caltrops) كان جنود هكس يضعونها حول سورهم اعتقادا منهم بأنها ستعيق وتعطل تقدم الأنصار. وبالفعل أصيب بعض العرب بجروح من تلك الحَدائِد.
    وغنمنا من جيش هكس جوالات مليئة بالقرقوش والدقيق والأرز، وبراميل ماء حديدية، ومعاول وذهب وفضة وبعض المدافع (من نوع واشكان Washkan كما ذكر الكاتب في الهامش). وأودت طلقة واحدة من ذلك المدفع بحياة الفكي أحمد أمير كنانة وعم أبو ريدة علي، العمدة الحالي، إضافة إلى 14 من فرسانه. غير أن خسائر المهدي كانت قليلة جدا على وجه العموم.
    وعثرنا أيضا على حَدْوات خيول، والكثير من ملابس الفرسان الحامية (المُدَرَّعة) مُوَضّبة في صناديق.
    وجُمِعَ كل ما لم تتم سرقته، وأُرْسِلَ لاحقا لبيت المال في أم درمان، حيث قُسِمَ على بعض الأشخاص، وبِيعَ الباقي في مزاد مفتوح. ونلت أنا شخصيا عشرةً من الإبل قسمتها على رجالي.
    وبعد انتهاء المعركة بقينا في المنطقة لعشرة أيام لنجمع الغنائم. ولم نقم معسكرنا في ساحة المعركة نفسها بسبب نتانة رائحة الجثث المنتشرة فيها.
    وأُحْضِرَتْ الغنائم إلى "البِرْكة"، وجلس المهدي على عنقريب تحت شجرة العرديب التي ذكر أنه تلقى وهو جالس تحتها "الراتب" من الله. ولم يكن "الراتب" معروفا قبل ذلك. وبعد ذلك عدنا جميعا للأبيض.
    وبعد فترة غادر المهدي الأبيض وتوجه نحو الرهد، وعين على الأبيض عمه الشريف محمود ود خليل ود عبد الواحد. وذهبت أنا للدويم، غير أني أُمرت بالرجوع للعمل قاضيا مع قاضيين آخرين. وسافرت لاحقا بعد سقوط الخرطوم وموت المهدي إلى الخرطوم لأسترد حصانا مسروقا، وعدت للأبيض دون تأخير.
    قضيت في الأبيض عاما كاملا مع عائلتي، وشغلت فيها وظيفة "عالم"، حيث كنت أصدر الفتاوى في الأمور الشرعية عندما يُطْلَبُ مني ذلك.
    كانت القوانين التي كنا نتبعها هي قوانين الشريعة. كنا نقطع يد السارق اليمنى في أول مرة يسرق فيها، ثم نقطع قدمه اليسرى عندما يسرق مرة أخرى. وكان عقاب شرب "المريسة" هو 80 جلدة، أما تناول التبغ فكان عقابه بعد وفاة المهدي هو مصادرة كل الممتلكات. ورغم أن المهدي كان يمنع – لأسباب دينية - استخدام التبغ، إلا أنه لم يكن متشددا في عقاب مستخدميه مثلما فعل خليفته.
    وعند القبض على الرجل الأعزب أو المرأة العَزبَة مع امرأة أو رجل (أجنبية أو أجنبي عنها)، أو عند ارتكابهما لجريمة الزنى فعقابهما هو الجلد 80 جلدة، أما المحصن أو المحصنة فعقابهما هو الرجم (أي الدفن تحت التراب إلى العنق ثم الرمي بالحجارة حتى الموت). ورأيت تنفيذ الحكم على امرأة أمام المديرية بالأبيض، وكانت قد قُتِلَتْ رجما بالحجارة، ورأيت أيضا امرأة أخرى رجمت عن طريق خيول ركضت حول رأسها وأصابته بحوافرها حتى ماتت.
    وكانت النسوة اللواتي يَرْجُمْنَ عادةً من غير المتزوجات، إذ أنه من العسير اثبات جرم الزنا على امرأة متزوجة (هكذا؟ المترجم). وبحسب نص القانون، فإنه يشترط لإثبات واقعة الزنا أن يشهد أربعة شهود بأنهم رأوا بأعينهم جريمة الزنا. ولم أحكم في قضية مثل هذه إلا في مرة واحدة شهد فيها أربعة رجال على وقوع الزنا. وسمعت قديما بأنه حدث في القاهرة قبل سنوات أن كان هنالك صاحب متجر في السوق قام بتلك الفعلة بعد أن وضع حاجزا أو ستارة على مدخل متجره حتى لا يراه المارة في الطريق. وفجأة هبت ريح عاصفة أزاحت الستارة فانكشف سره ورآه الكثير من الناس. ولم أسمع مرة أخرى بمثل تلك الحادثة قط.
    ولا تُنْفَذُ عقوبتي الجلد أو الرجم على المرأة إلا بعد أن تضع حملها. ويُؤْخَذُ الطفل لاحقا لامرأة تتعهد بتربيته.
    وكنت قد قابلت إبان وجودي في الأبيض عددا من الأمراء. وأحسب أن أفضلهم هو الزاكي طمل التعايشي. كان رجلا طويلا ولكنه لم يكن جذاب الشكل. كانت له نظرات مميزة ولحية كبيرة ويبدو كعربي حقيقي. ولم يكن في مظهره ما يدل على أنه كان مسترقا البتة. كان شديد الصرامة مع رجاله، وكان هؤلاء لا يعصون له أمرا. لذا كان سلوكهم مثالا نموذجيا للأخرين.
    لم يكن الأنصار ينالون أجورا ثابتة، بل كان أجر كل واحد فيهم يعتمد على حظه. وكان القضاة يمنحون أحيانا أبقارا أو عددا من القطع الفضية. وكان الجنود العاديون يقتاتون مما يجدوه من المناطق التي يمرون بها، وكان الأمراء يشرفون على تنظيم عمليات توزيع الأسلحة والطعام على الجنود الأنصار.
    وكما ذكرت، كان الزاكي طمل أفضل الأمراء، إلا أن الخليفة قتله بسبب خشيته من أن تفوق شعبية ذلك الأمير الصارم شعبيته. وقِيلَ أيضا أن الخليفة سمع بأن الزاكي كان دائم الافتخار بتفوق جيشه على جيوش المهدية الأخرى.
    وكان هنالك أمير حوازمي اسمه الخاتم ود موسى. كان رجلا ظالما وخبيثا، وكان يأخذ ممتلكات الناس عنوةً. وهنالك أمير شرير وخبيث آخر هو النور عنقرة. كان النور قبل المهدية من رجال السنجك الذين يعملون مع الحكومة، وعمل في ذات الوقت مع الزبير باشا. غير أنه انضم إلى المهدي وصار أحد ملازمي الأمير حمدان أبو عنجة، رغم أنه احتفظ بجيشه الخاص.
    والنور عنقرة جلابي أصفر اللون، وينتمي لقبيلة الدناقلة. كان رجلا طويلا ضخم الجثة، وله أنف مَعقُوفة وشارب، وليس له لحية. كان رجلا سيئا جدا ومَرْهُوب الجَانِبِ، يأخذ القانون بيده، ولا يخاف الله ولا البشر. وحكى لي قريبي الرجل البديري إبراهيم ود عبد القادر، بأنه قد رأى ذات مرة صديقه الأمير النور عنقرة وهو يلتهم أكباد أطفال صغار من مسترقيه. كان يأكل تلك الأكباد النيئة مع قليل من الملح والبصل والشطة الحمراء وعصير الليمون. كان ذلك أمرا معروفا جدا عند الناس، ولكني لم أر ذلك بنفسي. وقِيلَ إن ذلك كان طعامه المفضل وهو يحتسي العرقي (كما كان يفعل دوما). ولم يكن هناك من يجرؤ على الاقتراب منه وهو على تلك الحال. والحق يقال، كان الرجل ثملا في غالب الأوقات.
    وعلى الرغم من أن تلك الممارسات كانت ممنوعة تماما، وينال مرتكبها أشد العقوبة، إلا أن أحداً لم يجد في نفسه الشجاعة ليبلغ الخليفة بأمره. وعلى كل حال لم يكن من السهل على أي شخص أن يقابل الخليفة، إلا إذا تم استدعائه، إضافةً إلى أن الخليفة كان قد منع الناس من الوِشَايَة بالآخرين.
    وكنت قد سمعت بأن الأمير النور عنقرة كان قد تعود على أكل أكباد الأطفال وهو ببلاد الفرتيت. ولم يكن بتلك البلاد حيوانات أليفة بسبب وجود حشرات بعينها (تمنع تربيتها). لذا لم يكن للرجل من بديل آخر إن اشتهى أكل اللحم، وهو من الذين لا يطيقون البعد عن اللحم والنساء. وكان النور صاحب حس فكاهي خبيث. وحدث ذات مرة أن قطع رأسي أسيرتين عنده عندما لم تستجيبا لأحضانه (1).
    أما الأمير حمدان أبو عنجة، فقد كان أحد مسترقي الخليفة، وعتقه الخليفة وولّاه قيادة جيش من جيوشه. كان رجلا أسود اللون طويل القامة وعظيم الجثة. وكان يرتدي جبة جلدية حمراء ويضع على رأسه طاقية من الجلد الأحمر وعمامة بيضاء.
    وبعد معركة شيكان أُرْسَلَ الأمير أبو عنجة لقتال النوبة في جبال جنوب كردفان. ومنها اتجه شمالا نحو بارا. وخلال سير جيشه مر بالبِرْكة. وكان يرغب في أن ينضم لجيش المهدي في جبال غلفان. وفي "البِرْكة" وزع أبو عنجة على زوجات الجنود بعض المؤن والأموال، حيث منح كل زوجة أردب ذرة وخمسة ريالات وثوب وفركة. وكنت حاضرا لتلك القسمة.
    غير أن زوجات الجنود لم يرضين بما قدمه لهن الأمير وشَكَوْنَ له من غياب أزواجهن. طمأنهن الأمير بأن أزواجهن سيعودون لبيوتهم في غضون شهر واحد. وأعاد التذكير بأن لا تقوم امرأة بمرافقة الجيش، فتعهدن له بذلك. وواصل أبو عنجة المسير مع جيشه. غير أن أولئك النسوة هرولن بطريق أخر غير الذي سلكه أبو عنجة وقَابَلْنَ جيشه في الطريق. غضب أبو عنجة غضبا شديدا وسألهن عما يردنه منه، خاصة وقد كان قد أعطاهن ما يَحْتَجْنَ له من مؤن وملابس ومال. أجابت النساء بالموافقة على كل ما قاله الأمير وشكرنه على تلك المنح. عندها قال لهن: " عُدْنَ إذن لبيوتكن، ولا تزعجوا الجيش مرة أخرى". وعند سماع النسوة لذلك الرد أصبن بخيبة الأمل. وتقدمت واحدة منهن نحو الأمير وقالت له: "يا سيدي الأمير. ما نحتاجه ليس (فقط) الذرة والملابس". وأشارت له بيدها ما تقصده، هي ومن معها. هنا هدأ غضب الأمير وتبسم ضاحكا من قولها، وأقترح عليهن وصفة تعالج تلك الشكوى، فردت عليه امرأة بأن ذلك سيجعل الأمر أكثر الحاحا (لن نخوض هنا في تفاصيل ما اقترحه الأمير ولا ما ردت به المرأة. المترجم). وأعجب الأمير برد المرأة وسمح لزوجات الجنود بمرافقة الجيش.
    ******* ******* ********
    1. ورد في مقال مترجم بعنوان "المنّا إسماعيل: فكي وأمير في كردفان" التالي عن الأمير النور عنقرة: " ... وفي تلك الأيام فر النور بيه عنقرة، الذي كان صديقا لغردون وحاكما لغرب دارفور، ولجأ إلى بارا، وصار فيما بعد أميرا في المهدية في عهد الخليفة عبد الله، وبقي في أمدرمان حتى توفي فيها (في حوالي عام 1928م أو نحو ذلك). وورد أيضا في كتاب روبرت كرامر عن تاريخ مدينة أم درمان أن الأمير محمود ود أحمد كان قد تزوج بإحدى بنات الأمير النور عنقرة https://www.sudaress.com/sudanile/103492https://www.sudaress.com/sudanile/103492
    انظر أيضا لما ورد عن النور عنقرة في موسوعة الويكيبيديا https://bit.ly/3cK7eVwhttps://bit.ly/3cK7eVw
    [email protected]
                  

04-05-2021, 01:27 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: HAIDER ALZAIN)

    شكرا يا وجيه على إشراكنا في القراءة

                  

04-05-2021, 01:48 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: HAIDER ALZAIN)

    الحبيب محمد تحياتي يا جميل
    يا سلام دائما تجلب لنا الدرر
    بوست رائع جداً جداً
    والشكر للحبيب حيدر

    الحبيب محمد واصل مثل هذه البوستات
    أهلنا الدناقلة ديل انتشارهم كان واسع في السودان

    تحياتي ..
                  

04-05-2021, 11:03 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    الشكر لك حبيبنا حيدروف ‏على المقال

    والشكر لك حبيبنا علي عبدالوهاب..‏على الاهتمام

    شكراً لكم على المتابعة والاهتمام
    من يستحق الشكر هو الأخ بدرالدين كاتب هذا المقال الذي أثرى المكتبة الوطنية بترجمة بكثير ‏من الوثائق والكتابات التي كتبها الإداريون الغربيون والرحالة والمبشرين
    والتي تناولت الجوانب ‏التاريخية والثقافية والاجتماعية، وظل كثير منها هو المصدر الوحيد للتعريف بتاريخ ‏السودان. ‏والتي لولاه لظلت ضمن أضابير الوثائق الأجنبية
    ولبقيت ضمن ركام الوثائق ‏والكتابات التي تتحدث عن تاريخنا والتي لا يزال الكثير منها ينتظر من يهتم بنفض الغبار عنها ‏وترجمتها لمساعدة في التعريف بكثير مما كتبه
    عن تاريخ السودان.‏
    ولي عودة للحديث عما يتضمنه هذا المقال من أهمية بالرغم من صغر حجمه وبالرغم من عدم ‏الدقة في المعلومات التي اوردها السارد والتي قد تعود للحالة الذهنية
    للراوي عندئذ أو لطول أمد ‏الحقبة الزمنية التي كان يتحدث عنها..ومهما كان الأمر، فهي ذكريات تكشف جانب من الحياة ‏اليومية لتلك الفترة و ما اعتورها من احداث
    سياسية تمور في باطنها صراعات شتى، سياسية و اجتماعية، شخصية ‏وجماعية ...إلخ.‏
                  

04-06-2021, 08:50 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    لابد أن أقول كلمة في حق البروف الهاشمي، والذي يتقلد الآن كرسي الاستاذية في جامعة ‏السلطان قابوس، أنه من الشخصيات النادرة التي يجللها تواضع العلماء، حتى أنه في سلسلة ‏ترجماته الموسومة(السودان بعيون غربية) يستنكف أن يكتب أي لقب سابقاً لإسمه.من ناحية ‏أخرى فإن تخصص الأساسي أو الحالي لا يمتُّ بصلة لا للترجمة ولا التاريخ ولا أي من ‏العلوم الإنسانية.
    اخيرا لو اردت ان تذكر أعمالي المترجمة فهي:
    ١. ١٣ كتاب ( كل واحد ٣٠٠ - ٣٥٠ صفحة)في سلسلة " السودان بعيون غربية"
    ٢. ترجمة قصص و٣ روايات لليلى ابو العلا، ورواية " الطليعي الاسود" من تأليف ا عطية
    ٣. ترجمة كتاب "يوميات ثورة اكتوبر"
    ٤. كتب جاكسون عن " عثمان دقنة" " المقاتلون السودانيون" و"تطور السودان"
    ٥. كتاب " المهدية باقلام غربية"
    ٦. كتاب " الرق في السودان باقلام غربية"
    ٧. " قصص عالمية قصيرة"
    ٨. في المجالات العلمية ترجم منفردا وبالاشتراك ٣ كتب علمية

    ‏ذكريات أبوجلحة تعتبر من المصادر الأولية النادرة في تاريخ السودان التي أدلى بها ‏مواطنون سودانيون والتي تعتبر مفيدة للكشف عن بعض خبايا الفترة السابقة واللاحقة لفترة ‏المهدية.‏و الوثيقة موضوع المقال رغم تضارب بعض المعلومات والتي قد ترجع في معظمها لطول ‏المدة من ناحية ولكبر سن أبو جلحة من ناحية أخرى إلا أنها تلقي الضوء على نحو مفيد ‏على كثير من الجوانب في تلك الفترة، والتي تنقصها الكثير من دقائق التفاصيل باستثناء ‏الأحداث الكبرى.. كما تندغم في ثنايا السرديات المحكية بعض التفاصيل المهمة التي تتجاوز ‏الجوانب السياسية إلى الجوانب الاجتماعية والعلاقات بين القبائل والتصورات المتبادلة بينه ‏المكونات الإثنية و الأهم أن يكون كل ذلك محكي بلسان شاهد على العصر ومن إنسان ‏منغمس في الأحداثفي الحقيقة ذهلت لحجم المعلومات المحتشدة في المقال المذكور، لذلك رأيت تقديمها للقراء. ‏بالإضافة إلى أنني أحاول التقاط بعض الاشارات الواردة في ثنايا تلك الذكريات علها تضيء ‏بعض الجوانب المهمة التي سقطت من كتابات المؤرخين والتي لا تكتمل إلا من خلال ‏افتراضات تقوم على وقائع فعلية وان تكن أحياناً لا تخلو حينئذ من شطط أو إفراط في ‏الخيال كما أن استخلاص بعض الحقائق غالبا ما يخالطه الهوى ويسوقه الغرض مما يبعدها ‏من الواقع الفعلي..إلا مثل ذكريات أبوجلحة باعتبارها مصادر أولية للمعلومات يمكن أن تملأ ‏دون توجس أو حرج بعض من الفجوات التي لم يحل بها ساردوا الوقائع التاريخية، تلك ‏للوقائع السياسية وللترتيبات العسكرية والمعارك الحربية لتنفذ إلى صميم الواقع الفعلي للحياة ‏اليومية وإلى دينامية التفاعلات على مستوى الحياة العادية للمواطن العادي‏

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 04-06-2021, 09:23 AM)

                  

04-06-2021, 09:30 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    فوق
                  

04-16-2021, 07:50 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    تعليق على المقال:‏
    الحقيقة رأيت من أول وهلة في مقال الشيخ عبدالله أبو جلحة، أنه ليس مجرد سرد لذكريات شخصية بل سرد لحقائق وأحداث تاريخية و ‏اجتماعية وديموغرافية.‏
    سأحاول بما يتاح لي من وقت وظروف أخرى بالتعليق على المقال بشكل متقطع.‏
    الشكر مكرر للبروف النابه بدرالدين الهاشمي، فكما عودنا هو باختياره ما تقاصرت عنه جهودنا نحن المتعلمين ليس ‏فقط في التعرف دعك من ترجمة على بعض الكتابات
    المهمة عن بعض فترات تاريخنا.‏
    فهذه المقالة لكاتبها آر. سالمون تسهم في إلقاء الضوء على فترة حرجة من تاريخنا.وجاء التقاط الكاتب لهذه المقابلة ‏كهدية تساعد بقدر ما هو متاح لظروفها وظروف الشيخ
    أبو جلحة في إجلاء بعض ما خفي أو تأكيد بعض الحقائق ‏التي نقلها لنا المؤرخون. ‏
    لم يجافي المؤلف الحقيقة وهي نفس الأبعادة التي يمكن أن يستشفها القاريء من حكاية ابو ‏جلحة وحيث ‏يقول (أن في قصة الشيخ من الاهتمامات الانسانية والأسلوب
    الذي يعرض عرض سمات ‏وخصوصيات ‏المنطقة المحلية وسكانها).. ‏
    اواصل..‏
                  

04-16-2021, 08:45 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    بروفايل شيخ عبدالله أحمد أبوجلحة يعتبر بروفايل متعدد الأبعاد. ليس ذلك لتعدد ولاءته فقط لكونه قد تنقل ‏في مهنته في عهود سياسية متعددة ومختلفة(تولّيه القضاء
    في أربع حكومات مختلفة) ولكن يتجلى غنى ‏بروفايل الرجل أيضا لكونه امتهن مهنة لا تتطلب الحياد والإنصاف فقط، و لكن لكونه صاحب خبرة ‏متعددة وطويلة تنسحب
    على المعرفة الاجتماعية والسيكولوجية الثاقبة و سبره لمكونات المجتمع بشرائحه ‏المختلفة في تلك الفترات. وتتبدّى هذه النقطة الأخيرة في معرفته بإنسان تلك الفترة
    والمكونات الإثنية ‏المختلفة وفي تصويرالحياة الاجتماعية ‏.‏
    اواصل
                  

04-21-2021, 11:02 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اواصل التعليق على المقابلة التي أجريت مع الشيخ عبدالله أبوجلحة.‏
    بروفايل شيخ عبدالله أحمد أبوجلحة، كما عكسته المقابلة يعتبر بروفايل متعدد الخلفيات والأبعاد. ليس ذلك ‏لتعدد ولاءته فقط ولا لكونه قد تنقل جغرافياً واجتماعياً في مهنته في
    عهود سياسية متعددة منها الثوري ‏ومنها الأجنبي المحتل(حيث تولّى القضاء في أربع حكومات مختلفة) ولكن يتجلى غنى بروفايل الرجل ‏كذلك في ثرائها المعرفي و لكونه امتهن
    مهنة تتطلب الحياد والإنصاف ومعرفة بالمكونات الإثنية ‏والظروف الإجتماعية والثقافية المحيطة، و خبرة معرفة اجتماعية وسيكولوجية بواقع وظروف المجتمع ‏بشرائحه المختلفة
    في تلك الفترات. وقد تبدّى ذلك من سرده الذي يصور الظروف الاجتماعية للمجتمع.‏

    اواصل...
                  

04-21-2021, 11:03 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    حقيقة ما أثار انتباهي تتالي صور متعددة تكشف كل واحدة منها عن طبيعة العلاقات بين المكونات ‏السكانية و تصورات كل مجموعة عن الأخرى وعن طبيعة البناء
    الاجتماعي القائم على القبلية. وهذا ‏بخلاف الجانب السياسي والمهني الذي يمثل ابوجلحة أحد رموزه المميزين في ذلك الوقت من خلال تنقله ‏من خلال مهنته بين
    الولاءات السياسية المختلفة. بالتالي فسلوك ابو جلحة هذا قد يراه البعض انتهازية ‏مبكرة وحتى نلقي بثقلنا في لوم الرجل او وصمه بالانتهازية فإن مهنة القاضي
    هي من المهن قد تكون ‏تميل للجانب الفني المهني اكثر من الجانب السياسي.‏
    وحقيقة عمل ابوجلحة في عدة عهود نجد أنه قد رافقه فيه او حذا حذوه كثير من الاداريين والزعماء ‏الأهليين والمحليين البارزين مثل النور عنقرة و الياس ام برير وغيرهم.
    ويذكرنا ذلك ما نشهده في ساحتنا ‏السياسية اليوم من تبدل الولاءت لدى كثير من الشخصيات ليست السياسية في عالم سياستنا اليوم. ‏
                  

11-17-2023, 07:52 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية شيخ عبد الله أحمد أبو جلحة:من سرديات (Re: محمد عبد الله الحسين)

    لنقف مع التاريخ دقائق للعيد قراءته مرات ومرات
    دائما نكتشف أننا قد غفلنا عن شيء.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de