|
Re: بئس قوم العشير في حكم المشير (فانتازيا) (Re: sadiq elbusairy)
|
المشهد الثاني: خلع نعليه و دخل على الشيخ قبل ان يبادره بالسلام قال له الشيخ بصوت غاضب ماذا فعلت يا مصلح ايها الغر كيف تطلق سراح فريستنا ذلك الكافر الملحد من امرك بهذا و الله انك ضار و غير مصلح. قال يا سيدنا الشيخ حلمك علي يا شيخ فقد فعلت فعلتي و اردت الخير للعشيرة قال الشيخ و كيف يكون ذلك خيرا الا ترى اننا بذلنا كل ما في جعبتنا من حيل و مكيدة حتى اوقعنا هؤلاء الكفرة في الاسر؟ قال يا شيخ اتاني شقيق هذا الذي اطلقت سراحه يتوسل لي ان اخاه مريضا و لا يقوى على الاسر و قسوة التعذيب ففكرت قليلا فقلت في نفسي ماذا لو كان الشيخ في موقفي هذا ماذا تراه فاعلا؟، فتمثلت لي صورتك المبجلة امامي تقول لي بوقارك المعهود و حسن منطقك" اطلق سراحه لكن لا تدع القدر يمهله طويلا"، فسالتك مرة اخرى ماذا افعل؟ قلت لي" اقتله من حيث لا يدري و لا يحتسب" فقلت كيف فرددت علي " حادثة عرضية فيموت عنها و نكون امام الناس كالذئب من دم يوسف" فقلت نعم الرأي شيخي المبجل ففعلت . قال الشيخ و ماذا فعلت؟ قال يا سيدي اتسألني و انت الملهم؟ قال السيخ في تواضع جم: انها الشريعة يا بني ام تراني اسفر الغيب عن سري. قال مصلح: دبرت له حادثة مات على اثرها و من فوره. تبسم الشيخ و قال: يالك من مجاهد فذ لقد كبرت و صرت صيادا ماهرا يا مصلح، تستحق ان يكون لك شأن عظيم. عندها تنفس مصلح الصعداء و كانه طيلة استجواب الشيخ له لم يكن يتنفس. (منذ ذلك اليوم صار مصلح احد خلصاء الشيخ يحادثه و يشاوره في الامر قائلا اخبرني يا مصلح ماذا قال لك خيالي يقول مصلح و قسمات وجهه يعلوها التقوى و الخنوع للشيخ في تودد يا سيدي انت الملهم اتسألني و انا بين يديك فقد قلت لي كذا و كذا فهل اذنت لافعل يقول الشيخ على بركة الله ليبارك الرب فيك فكلنا و ما نملك في سبيل الله " ثم طأطأ راسه و اغرورقت عيناه بدومع التقوى و الوجد".)
فكر مصلح في الخروج من عند الشيخ فصار يتململ في جلسته بين يدي الشيخ فظن الشيخ ان مصلح قد اصابه الارهاق من طول الجلسة على الارض فقال له انهض و اذهب الى حالك يا بني لم يكن مصلح يريد الخروج فهو يعلم ان مطاردته تنتظره بالخارج فقد اعلن التوبة الان بعد ان وجد من الشيخ المكانة التي كان يرجوها فكيف له ان يهدم ما بنته الاقدار له و لكن كيف له ان يتخلص من مطاردته و قد اقسم الان لنفسه ان لايضيع الفرصة عليه و يعود لفعلته معها مرة اخرى، اثناء ذلك بدرت له بادرة في ذهنه حتى تبسم منها, فسأله الشيخ ماذا بك يا بني؟ فقال مصلح اريد الزواج من حفيدتك فلانة اذا اذنت لي؟ فرح الشيخ فصار يردد بخ بخ و نعم الاختيار يا بني فانت ابني و هي ايضا ابنتي ليبارك الله لكما. ما كاد ان ينهي الشيخ حديثه حتى زفت البشرى دار الشيخ و سمعت النساء و و سمعت مطاردته بالخبر فانفرجت اساريرها فرحا و سرورا بالنباء العظيم. تناول الشيخ رشفة من فنجان الشاي الاخضر الذي يجلب له من ارض المغاربة و امر لمصلح بفنجان منه. و نهض كل من بالمجلس من اخوته الضباع يباركون له بين حاسد و حانق عليه ، فتلك طبيعة جبل عليها القوم من العشيرة. لم يلبث حتى تم الزواج الميمون بين ضبع و ضبعة الامر الذي زاد مصلحا قربا من الشيخ و حظوة بل اوصى به الشيخ لدى المشير ان يصبح من بين سواعده في الحكومة. صار مصلح ذو سطوة و جبروت يهابه الناس و الضباع ايضا يخافونه فهو هادئ الطبع لا يتحدث كثيرا و لكنه يعلم متى يفعل و ماذا يريد، لا يستطيع احد ان يأمنه فهو اكثرهم حيلة و دهاء و حباه الله ببنية جسدية قوية . لم يكن مصلح يدرك ان تلك ليست منحة بل محنة ستلازمه حتى يقع في ذات الشراك التي ينصبها للناس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بئس قوم العشير في حكم المشير (فانتازيا) (Re: sadiq elbusairy)
|
المشهد الثاني لم أكن أتخيل ان يوما سياتي و اقف أمام مصلح متوسلا و راجيا ذليلا كسيرا لم انم الليل و أنا أفكر كيف سأهزم كبريائي و نفسي و مبادئي، لم استطع النوم و ظللت احدق في خشبات السقف تارة اعدها و تارة أنظر الى الدوائر الكنتورية عليها، و أقول في نفسي إن أخي بين الحياة و الموت في المعتقل و المرض يشتد عليه فلن يقوى على الصمود اكثر، أحيانا أقول أن أخي ليس بأفضل من صديقي الفاضل كلهم من أجل مبادئهم يبذلون الروح، لم يمر على استشهاد الفاضل شهرا بعد على إثر طعنة بسكين على يد مصلح و هو يردد عليه اتتذكر هذه السكين هي ذاتها التي غرستها في حنب عبد السلام و لكنك لن تكون أوفر حظا منه تلك الأيام كان رجال أمن المشير الحيران يلاحقوننا أما الآن فنحن الذين نلاحقهك و نلاحقكم، لقد حكى لي أحد الجيران هذه القصة على لسان إبن عمه أحد رجال مصلح، و كان جاري ينصحني قائلا" لا أذهب إليه فقد يبطش بك أنت". علمت من جاري بواسطة إبن عمه أن مصلح يصلي الفجر في الجامع الكبير، و تلك الفرصة الوحيدة التي يمكن أن تقابله و تكلمه لكن كما اوصاني ابن عمي أن اقول لك إحذر الحرس الذي يتابعه، لا يعلم جاري ان مصلح يعرفني. نهضت من أرقي و استعديت للذهاب لصلاة الفجر بالجامع الكبير ، ثم انطلقت و اناأحاول في الطريق أن افرغ ذهني من التفكير، فكانت نفسي تحدثني كيف لقاتل ان يقف بين يدي الله اي نفاق هذا، فما البث حتى أزجرها و اقول ما لي بذاك شأن المهم أن أقنعه أن يفرج عن أخي من معتقله. وصلت إلى الجامع الكبير توضأت ثم دخلت لم يكن الحضور كثير بعد فقد جئت مبكرا حتى أجلس بالقرب من المكان الذي أخبرني عنه جاري نقلا عن إبن عمه، اتخذت مكانا بالقرب من ذاك المكان، و كنت أتلفت حولي بسرعة الأفكار التي تتقافز في رأسي، غيرت مكاني فقد كان هناك عمود قلت قد يحجب الرؤية عني، و فعلت ذلك ثلاث مرات حتى أستقر بي المقام في مكان استراتيجي لا يمكن أن يخطئني فيه، مرت الدقائق كأنها ساعات ، فجأة سمعت أصوات و حركة كثيفة خلفي لم ألتفت علمت أن مصلح قد وصل، ظللت أركز بصري على المحراب و اتمتم تارة بالاستغفار و تارة بالصلاة على رسول الله لعلي اجد الثبات، لم يكن مصلح ذاك الرجل او على الأقل لم يعد يؤمن مكره، شعرت برجل يقف على يميني و يكبر لصلاة السنة و عندما ركع اختلست النظر انتابتني رعشة هذا الذي بحواري هو مصلح، فما لبث و أن انتهى من الصلاة فبعد أن سلم على يسراه مباشرة مد يده لي مبتسما قال: السلام عليكم الاخ خالد مددت يدي و كانت كقطعة الثلج فهذه اليد التي اصافحها هي من قتل الفاضل و هي التي تبطش بأخي فأي خيانة هذه التي أنا بصددها و لكن تذكرت انني سأنقذ اخي فاروق من بطش هذه اليد الملوثة بالدماء، قلت: و عليكم السلام سيد مصلح ضحك بصوت فاجر ملأ أرجاء الجامع قال: سيد؟ ي أخي نحن أبناء دفعة و بلد بل حي واحد أنا مصلح فقط دون ألقاب استبشرت خيرا رغم أني أعلم أن معسول كلامه يدس فيه السم كما عرف عنه بدأ المأموم في إقامة الصلاة قال: بعد الصلاة نلتقي تقدم إلى الصف الامامي و يبدو ان الحضور يعلمون مكانه في الصف الأمامي ثم بعد ان استوى في الصف الأمامي اشار إلى الحرس الذي على يساره ان يرجع إلى الصف الثاني و أشار إلى ان أتقدم بجانبه في الصف على يساره مكان الحرس الذي رجع للصف الثاني كما أشار إليه مصلح. انقضت الصلاة و الدعاء بعد الصلاة و كان الإمام قد خصص له نصيب منه، تراجع كل من بالصف الأمامي إلى الخلف فكنت أجلس أنا فقط على يساره التفت نحوي قائلا: أعلم لما أنت هنا، تريدني أن اتوسط إليك في إخراج فاروق من المعتقل قلت منكسا رأسي و تكاد الدموع تنهمر من عيناي: نعم فأنت تعلم أن فاروق مريض جدا و يحتاج إلى العلاج قال: قبل أن نخوض في موضوع فاروق أريد أن أحكي لك شئ، قلت: كلي أذان صاغية!!! قال: تعلم يا خالد أننا بذلنا نحن عشيرة الضباع الأرواح من أجل هذه اللحظة، لم تكن الطريق ممهدة تعلم كم عذبنا و اعتقلنا، ربما حكى لك الفاضل (رحمه الله) ( قالها و كأنه شامتا و هو يعلم أنه هو من قتله)، بل حكى لك الفاضل يوم أن اعتقلنا في البيت المهجور أثر معركة دارت بيننا و بين جمعيتهم بالمدرسة الثانوية، بينما كنتم جلوسا في الجامعة، (تبسم في خبث و مكر)، لا تستغرب فقد سمعنا كل ما دار بينكما في تلك الجلسة، فنحن منذ ذلك الوقت نعد العدة لهذا اليوم لذا كان علينا معرفة كل ما يدور حولنا، كنا نعلم أن المشير الحيران لن يدوم أكثر من ذلك فكانت الهدنة معه مرحلة مؤقته، و كنا نخطط بهدوء و حنكة، عموما لم يحكي لك الفاضل ماذا حدث بعد أن أطلق رجال أمن المشير الحيران سراحهم و ابقوا علينا و اذاقونا من العذاب ما لا يتخيله بشر، أبسطها كانوا يعلقوننا من ارجلنا مع سقف غرفة الحجز لساعات طويلة و يجلدون أجسادنا بالسياط و أحيانا بالجنازير الحديدية، ثم كشف عن ساقه اليمنى أنظر هذا اثر الجرح منها، و لكن بعد أعوام أعلن المشير الحيران المصالحة و أطلق يدنا في الأمن و القضاء، لكن المدهش لم أكن أتخيل أنك بهذه القوة، القاضي الذي مثلت انت و زوجتك أمامه كان بمثلى حجمك مرتين او يزيد فقد اخترته بعناية لكن يبد ان غضبك أكبر من جسمك، (ضحك ضحكة مدوية)، نعم لقد دبرت لك تلك المحكمة بل الإعتقال أولا ثم المحكمة لكن لم يكن بحسباني أنك ستهجم على القاضي كما فعلت، أرأيت، منذ ذلك الوقت كنت قادرا على فعل أشياء كثيرة، و كنت أطمع في أن يجعلك ذلك تنضم لي و مجموعتنا، لكنك أصبحت درويشا لا قيمة لك ناقصك ان تلبس جلبابا مرقعا و تحمل إبريق و تلف الألفية حول عنقك. لم استطع ان اتفوه بأي كلمة فقد أصبت بحالة من الذهول، و قد أدرك هو ذلك بل تعمد ذلك قال: أما بالنسبة لفاروق فهو تذكرتي الرابحة، ساطلق سراحه اليوم قبل الظهر سيكون عندكم بالبيت، و لو شئت ان تعالجه بالمستشفى الأمني ليس لدي مانع فقد امرتهم إن يسمحوا لكم لذلك على حسابي. نهض و حدق في عيني بنظرة لم افهما في حينها و قال : السلام عليكم. رجعت إلى البيت مستبشرا و خائفا و متردد أيضا أن ابشر والدي بخبر إطلاق سراح شقيقي عندما كان أذان الظهر يرفع توقفت سيارة أمام الباب نزل منها شخصين يحملان فاروق داخل البيت.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بئس قوم العشير في حكم المشير (فانتازيا) (Re: sadiq elbusairy)
|
المشهد الثالث جاء إبن اخي فاروق و هو شاب يناهز العشرين من عمره ، قال: عمي هناك رجل بالباب يريد أن يقابلك يقول أنه صديقك في الطفولة قلت: أدخله الديوان ريثما ارتديت جلبابي و كنت أتساءل في نفسي بينما كنت أرتدي جلبابي ترى من يكون صديق الطفولة هذا؟ و لما العجلة الأن أذهب إليه و أعرف من هو. كانت دهشتي بادية على وجهي و أنا أرحب بضيفي، فقد كان آخر من اتوقع زيارته قلت: السلام عليكم اي ريح اتت بك. قال: أعلم أنها مفاجئة، أعلم أنك لم تتوقع زيارتي مطلقا. قلت: الحقيقة حتى لم يخطر بخيالي ذلك، عموما مرحبا بك تفضل قال: قبل أن أجلس ارجو أن تتقبل تعازي في وفاة شقيقك فاروق، أعلم لقد مضى وقت طويل جدا، و لكن لم تكن لدي الجرأة و لا بيدي حيلة أن احضر لتعزيتك فيه. قلت: أتعلم من فتح لك الباب و ادخلك الديوان يا أبو القاسم؟ قال: اتقصد ذلك الشاب اليافع إنه يشبهك بل يشبه اخوك فاروق أكثر، هل هو ابنك؟ قلت: هو ابني، لكنه إبن اخي فاروق رحمه الله كان قد تركه و هو في سن الخامسة من عمره انجبه قبل اعتقاله، أتعلم كم عمره الأن؟ عشرون عام يعني انت الأن تقدم لي العزاء في أبوه الذي قتل قبل خمسة عشر عام!!! قال: لا تقسو علي أكثر من ذلك أعلم اني مقصر، و لقد اتيتك اليوم و كلي حسرة و ندم. قلت: الأمر لا يستحق كل ذلك أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي، و لكن قل لي ماذا حل بك أراك نحيلا و يبدو عليك آثار المرض و ثيابك !! ، ليست كما عهدتك فقد كنت انيق الملبس؟!!! قال: هذا ما دفعني لان أتي إليك معزيا، أجر خيبتي و حسرتي (اجهش في بكاء مرير) انتبهت أن خالد إبن اخي فاروق الذي سماه على إسمي لفرط حبه في فقد كنا أنا و فاروق أصدقاء و ليس أشقاء فحسب، جالسا معنا قلت: أنهض و أتي بماء لعمك هذا ثم أذهب لشأنك و اتركنا لوحدنا قال خالد: حاضر يا عمي خرح خالد ثم عاد بعد برهة يحمل الماء الذي قدمه لأبو القاسم الذي لا زال يبكي، ثم خرج. شرب أبو القاسم بعضا من الماء ثم وضع الكأس على الطاولة. ثم نظر الي قائلا: لست هنا فقط للعزاء إنما جئتك أطلب الصفح و العفو عني، فكما ترى ضعفي و قلة حيلتي التي أنا عليها الان. قلت: اصفح عنك فيما؟ في تبليغك عن الفاضل لمصلح أم لمتابعتك لي و رصد تحركاتي لمصلح أم على ماذا؟ّ عموما ذلك زمن مضى و كلا يعمل على شاكلته. قال: يا خالد أرجوك هون علي مهمتي فانت رجل فاضل و عرف عنك كريم اخلاقك. قلت: لا بأس قل ما عندك. قال: بعد مقتل فاروق بثلاثة أشهر، تغير حال مصلح و صار أكثر قسوة و أوسع سلطة كما تعلم، فانقلب على الجميع الذين كانوا يعملون معه من قبل و أتى بأبناء عمومته. استوقفته قائلا: على رسلك قلت مقتل فاروق، أنا اقولها لأني كنت أشك في أنه لم يكن مجرد حادثة بالسيارة بل هناك يد عبثت بسيارته مما أدى الى ذلك الحادث المشؤوم، فمن أين أتيت انت بمعلومة أنه قتل؟ قال: هذا ما أردت أن اوضحه لك، و لكن أقسم لك لم أكن أعلم انها سيارة فاروق، بعد أن بلغ فاروق الصحة من مرضه و عمل بتلك الشركة التي منحته تلك السيارة، و هذه معلومات علمتها بعد الحادثة من مصلح و كانت سببا فيما أنا فيه الأن، أمرني مصلح أن أقوم بفك صواميل إطارات سيارة أعطاني رقمها و مكانها، و قال لي المعلومات تقول أن صاحب هذه السيارة من المعارضين للحكومة الرشيدة و انه سيسافر بسيارته هذه إلى إحدى المدن فجرا و علي أن أنفذ مهمتي قبل ذلك بساعة على الأكثر دون أن يشعر بي احد، و لكن أقسم لك لم أكن أعلم انها سيارة فاروق، (عاد للبكاء مرة اخرى).
قلت: أخبرني ما كنت ستفعل لو علمت أنها سيارة فاروق؟ هل كنت ستعصي أوامر مصلح و لا تنفذ مهمتك؟ قلت ذلك بغضب و صوت مرتفع و مرتجف من الحنق فقد جال بخاطري أن اخنقه و أقتله و لكن حاله و حالته الصحية التي تبدو متدهورة حتى الكلام يخرج منه بجهد واضح من المرض و الإعياء كانت كافية لتنذر بدنو أجله فما حاجتي لادنس يدي. قال: من حقك ان لا تصدقني و لكن أنا الأن في حال أضعف من أكذب عليك فقد تمكن المرض الخبيث من جسدي كله و لا أعلم ان خرجت من عندك كم سأعيش، لقد جئتك متوسلا لأن تصفح عني، ذهبت بالأمس إلى محمد أخو الفاضل الأصغر و طلبت ايضا منه العفو و لكنه لم يفعل و قال لي عسى ربنا يتلطف بك ليس عندي لك غير ذلك. قلت: و ماذا كنت تتوقع أكثر من ذلك، اكنتم تظنون إن الموت لن يدرككم و انتم في غيكم ذلك؟ قال: كانت غفلة مني، أما مصلح لا يرى ذلك غفلة بل يراه أمر شرعي و جهاد، فبعد ثلاثة أشهر من ذلك الحادث المشؤوم جاء بأبناء عمومته من الضباع، و امرهم بحبسي و تعذيبي مكثت و من كان معي من زملائي في السجن عشر سنوات لم ينجى منا سواي، و لما اشتد علي المرض أمر مصلح باخراجي من السجن، و اودعوني مستشفى عام لا اتلقى فيه علاج سوى مسكنات للألم تركوني لاموت هناك فحسب، لم يزرني أحد من أهلي فقد تطلقت زوجتي مني بأمر مصلح و زوجها لأحد أبناء عمومته من الذين أستبدلنا بهم، ظللت بالمستشفى قرابة ثلاثة أعوام، و خرجت أحسن بقليل من حالتي الأولى، خرجت من المستشفى لا مأوى و لا ملجأ فصرت أسكن سوح المساجد و اقتات من بقايا المطاعم، حتى التقيت بعبدالسلام قبل شهرين في موقف الحافلات لم يعرفني في البدء و لكني عرفته، أخذني معه لداره فهو لا زال يعيش وحيدا، و بعد أيام اخذني إلى مستشفى متخصص قال لي الطبيب هناك أن حالتي ميؤس منها طبيا و ليكن الله في عونك، قلت لعبد السلام أن يعطيني عنوان محمد شقيق الفاضل و عنوانك فقد علمت منه أنك غيرت سكنك من الحي القديم، تلك بإختصار حياتي التعيسة. كنت أنوي أن ألقي عليه محاضرة في شرف الرجال و الكرامة و لكن حالته تكفي ان تكون واعظا له. قلت: الله يتلطف بك في عنقك كثير و لكن الله رحيم بعباده عسى أن يتوب عليك، لا أملك لك سوى ذلك نهض بصعوبة و سار نحو الباب و هو يبكي و يجر قدماه ثم خرج.
| |
|
|
|
|
|
|
|