أنا أحب أنه يكون واضح، أنُّ الناس البيقولوا الإسلام ماهو ديمقراطي ولا اشتراكي – ما عايزين الديمقراطية ولا الاشتراكية – ما فاهمين الإسلام، ولا فاهمين الديمقراطية والاشتراكية.. ثم، بانين مسائلهن على الألفاظ.. مثلًا، يقولوا، الاشتراكية إلحاد.. أها، دا فيه خطأ أساسي، في الثقافة – في الربط بين الماركسية والاشتراكية.. الماركسية إلحاد، يمكنك أن تقول، فلسفة كارل ماركس قائمة على الإلحاد، أصل.. لكن، مش ضروري لتكون إنت اشتراكي، تكون ماركسي.. النقطة دي لازم تكون واضحة عندنا، لأنُّ أخوانا الشيوعيين ما بيدّونا الفرصة لأن نتفكر فيها.. إذا كان إنت عايز تكون شيوعي، لازم تكون ماركسي.. عندهم بالصورة دي، ودا خطأ.. كارل ماركس ما أول اشتراكي، ولا راح يكون آخر اشتراكي.. لكن الماركسية مدرسة محترمة في الاشتراكية، وطُبقت تطبيق عملي، كانت ضرورية في مرحلة تاريخ البشرية.. لكنها مرحلية.. الاشتراكية الماركسية – الماركسية، بصورتها الاقتصادية، وصورتها الإدارية – مرحلية في تاريخ البشرية.. محترمة في الحدود دا.. الخطأ بيجيء عندما نحن نعتقد أن الماركسية هي مصير الإنسان لبكرة.. نحترمها، في مرحلتها، لكنها عندها أخطاء كبيرة، إلى الحد الإنسان يقول أنُّ الاشتراكية، نفسها، ما يمكن أن تنتصر، إلا هزمت الماركسية – إلا إذا وضح قصور الماركسية.. فالاشتراكية عمل إنساني ما مسؤول منه جهة واحدة.. الناس، كلهن، كانوا في صراع مستمر – المستغَلين ضد المستغِلين – دا، عبر التاريخ، من العصر الحجري.. والاشتراكية نتيجة للصراع دا.. الماركسيين قدموا لِها – كارل ماركس قدم لِها – خدمة كبيرة في تحديداتها.. لكن، في غيره قدموا للنواحي دي، ناحية.. فالدراسة الاقتصادية للاشتراكية «العلمية» تقول أن الاشتراكية: أي نظام اقتصادي يملّك وسائل الإنتاج للجماعة، كلهم؛ يسعى في استغلال وسائل الإنتاج بالإدارة الرشيدة، والعلم، واستخدام الآلة، لينمّي الإنتاج من موارد الإنتاج؛ ثم يعدل في التوزيع.. أهو، دي الاشتراكية العلمية.. ودي، فيها اختلاف من اشتراكية ماركس.. فيها اختلاف بسيط من اشتراكية ماركس.. الاشتراكية العلمية هي النظام الاقتصادي الفي بدايته يمنع تمليك وسائل الإنتاج للفرد الواحد أو الأفراد القليلين – للأفراد كلهم، مش للدولة.. ملكية وسائل الإنتاج مش للدولة، للناس.. بعدين، الدولة هي جهاز الناس، اللي نصّبوه.. إذا إنت قلت، ملكية وسائل الإنتاج تكون للدولة، إنت، في الحقيقة، محيت الرأسماليات الفردية، وجعلت الدولة أكبر رأسمالي.. الصورة دي تخلي الدولة ذات مركزية قوية تجنح إلى الديكتاتورية أكتر مما تجنح للديمقراطية.. ولذلك، الاشتراكية العلمية وسائل الإنتاج فيها مملوكة للجماعة، تُستغل بوسائل التعاون؛ الجهاز الفي القمة لِهُ الإرشاد والتوجيه، بالصور دي، ما لِهُ السيطرة الكاملة.. بعدين، السبب البيخلي وسائل الإنتاج تكون مملوكة لجماعة، لتُستغل لزيادة الإنتاج، مش لتُستغل للربح، زيما هي الوضع في الرأسمالية.. إذا أُستُغلت لأبعد حدودها أو أقصى حدودها، وكلما أستُغلت، يُدبّر فرصة زيادة لاستغلالها بوسائل العلم، والإدارة، واستخدام الآلة؛ ثم الإنتاج منها يُعدل في توزيعه.. أهو دا، دا التعريف الاشتراكي العلمي، ودا حظ البشرية كلها، من البدايات.. كل الناس دا نظامهن، ولا يمكن لإنسان واعِ أن يقول: النظام دا، والله، مش ضروري؛ مش إسلامي؛ مش إنساني، الرأسمالية أفضل.. زيما بيدعو الإسلاميين، هسع.. زيما إنتو شايفين، بعض دعاة الدستور الإسلامي قالوا: نحن، والله، ما عايزين اشتراكية ولا ديمقراطية، إلا إذا رمينا الإسلام بالقصور؛ نحن عايزين جمهورية إسلامية.. أها، دا خطأ.. كذلك الديمقراطية بيفتكروها أنها خطأ، ومرفوضة، لأنها جائية من الأغاريق – الإسم دا إغريقي، ما في، في العربي، ولا في، في الإسلام.. ودا خطأ أساسي، لأنُّ المحتوى، بتاع الكلمة الإغريقية، هي أنُّ الديمقراطية حكم الشعب – الحكم البيكون فيه الشعب قائم على أمور نفسه؛ الحكم البيكون فيه للشعب كرامة؛ الشعب هو مصدر السلطة.. الإدارة هي الجهاز النحن بنضعه قدامنا لينفذ.. زيما نحن نركب عربية تاكسي؛ ما كلنا بنمسك عجلة القيادة.. نحن خمسة، في التاكسي، سواق التاكسي هو البيمسك العجلة.. لكن، نحن نقول لِه، ودّينا أمدرمان، ما بيودّينا سوبا.. الإدارة البنضعها قدامنا تنفذ أغراضنا نحن.. نحن مصدر السلطة لتوجه.. إذا كانت الإدارة البنضعها، أو الحكومة عرفت وظيفتها، هي دي..
من سلسلة محاضرات بعنوان «مناهضة الدستور الإسلامي المزيف»، بتاريخ يناير 1969 – نادي العباسية بمدينة أمدرمان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Yasir Elsharif
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست