*فيم تهاجم فيالق الحمقى د. عمر القراي؟* --------------------------------------------ه
بقلم: سيف الدولة احمد خليل - بارا - شمال كردفان
* طالعت حملات الإنتقاد الموجهة للصديق العالم الدكتور عمر القراي، خاصة في الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فأستدعيت ما يحتفي به صديقي، نقيب الاطباء السودانيين ببريطانيا النطاسي الباهر احمد الليثي من أقوال تقدح في استسهال الكتابة في الاسافير ، فقد اضحت الكتابة شأنا يتعاطاه كل من هب ودب دون امتلاك ادواته. * دوماً ما يحتفى صاحبنا النطاس بقول الكاتب الإيطالي الراحل امبيرتو ايكو : " إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك، منحت حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فورًا. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل!! إنه غزو البلهاء" * ولربما إستطرد مستشهداً بالفيلسوف البريطاني برتراند راسل حين يقول : " لا يولد البشر أغبياء بل جهلة، ثم يجعلهم التعليم أغبياء" فالذي لا ينال قسطاً من التعليم فهو جاهل ولا جناح عليه، إلا أن الذي يحظى بقدر من التعليم ولا يحسن قولاً أو كتابةً فهو غبي. وهذا ما يعضده صديقي النطاسي بقول المؤرخ والأكاديمي البريطاني جورج تريفيليان : "التعليم أنتج قطاعات عريضة من البشر قادرة على القراءةْ ، ولكنها غير قادرة على تمييز ما يستحق القراءة" * استدعيت كل هذا وانا ارى جحافل الحمقى تهاجم دكتور القراي وتحاربه حربا لا هوادة فيها، وهم يتناولون امرا لا فهم لهم فيه، بل يستزيد بعضهم ليعلن بوقاحة ان القراي ليس اهلا لما اسند اليه!! * كمتخصص في المجال، اؤكد ان د. عمرالقراي هو الاحق بما اوكل اليه من منصب، بحكم تأهيله العالي فيما انتدب له. فقد تأهل الرجل في العلوم التربويه ومناهجها وامتداداتها الاجتماعية والثقافية ليجاز بدرجة الدكتوراة من جامعة اوهايو، غير ما احتقبه من تجربة تدريسية في العديد من الجامعات والمعاهد في امريكا ومنطقة الخليج، كما أشتهر الدكتور القراي بأنه رجل معرفي موسوعي. * انتماؤه العقدي او خياره السياسي لا يحولان بينه وبين تولي امر المناهج، فالمناهج امر فني بحت، له اعماق وابعاد لا يدركها الا من لهم علاقة اكاديمية بها، ومن ثم فأن معظم من يكتبون عن موضوع المناهح وعمر القراي معارضةََ، ياتي حديثهم مدابراََ للموضوعية ومشحوناََ بالوتر، فهو غالبا ما يكون هوسا دينيا، او موقفا سياسيا وفي الحالين هو الجهل المدقع. * عمر القراي سوداني مؤهل في المناهج كحقل معرفي فهو بذلك قمين بما تولى * من يدرك كيفية وضع المناهج من فلسفتها، آلية وضعها وتجريبها وتقويمها والاستجابة لنتائج تقويمها، يوقن تماما ان عقيدة او مذهبية من يشاركون في وضعها لا تؤثر عليها او تتلون بها. * المنهج الدراسي الذي توارثناه في السودان وظللنا نفخر به، كان باشراف رجل بريطاني الجنسية مسيحي الديانة، ومع ذلك حرص على ان يشتمل ما وضع من مناهج على دراسة التربية الاسلامية واللغة العربية، ولم يفرض علينا دراسة المسيحية أو ان ننسلخ من عقيدتنا وثقافتنا. * وضْعُ المناهج مسئولية لجان تخصصية وليس مسئولية د. عمر القراي المباشرة. * امر المناهج بحر معرفي عميق لا يحسن لمتنطعي الاسافير والاشياخ الخوض فيه، فلبناء اي منهج دراسي هنالك اسس لا بد من مراعاتها وهي الأسس الفلسفية،الأسس النفسية،الأسس الاجتماعية والأسس الثقافية وهذه تختلف باختلاف المدارس التي تعنى بأمر المناهج، وهي عديدة مختلفة المنطلقات، الا ان اهمها واشهرها الفلسفة الأساسية او التقليدية Essentialism or Traditional التي تندرج تحتها أنواع فرعية من الفلسفات كالمثالية والواقعية والعلمية والإنسانية والعقلية , والفلسفة التقدمية Progressionism والتي تندرج تحتها أنواع أخرى من الفلسفات الفرعية كالفلسفة التجريبية والتجريدية والطبيعية والوجودية . * الفلسفة الأساسية تعنى بحفظ ونقل التراص الاجتماعي، وبذل اساسيات المعرفة وارضاء الدوافع وتنمية الخبرات وترويض العقل واستهداف مستويات تحصيلية محددة، وحرية الطلاب بعدم تقييدهم بجداول دراسية ثابتة استنادا على ان النشاط التعليمي هو مُعَوَّلُ تحديد القيد الزمني، وترتكز هذه المدرسة على ان التعلم هو عملية تَعَرُّف وليس عملية ابداعية. * بينما نجد ان الفلسفة التقدمية التي تعود الي أمثال جون ديوي ( John Dewey) وكلباترك ( W.H.Kilpatrick ) تؤمن بحرية الطالب واستقلاله الفكري وتعبيره عن ذاته، وتهتم بإطلاق وتنمية وتهذيب القدرات والميول، وترى ضرورة اهتمام التربية بمشكلات المجتمع والمسئولية الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة في المجتمع واعادة بنائه، وتعتبر هذه المدرسة الفروق الفردية للمتعلمين، وتهتم بالانشطة البنائية والابداعية وحل المشكلات وانماط التفكير المتقدمة والنمو المتكامل للشخصية، وتجعل من الديمقراطية بين المعلم والمتعلم اساسا للعملية التربوية وتعنى بتطوير المنهج البنائي وتجريبية التعليم. * اهتم التربويون بالجمع بين الفلسفتين لإشباع حاجات وميول المتعلم وخدمة حاجات البيئة المحلية والمجتمع بوجه عام والاهتمام بالتراث الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك يمكن ترجمة الأفكار الى حيز الواقع من خلال البرامج والمناهج التربوية واختيار مفرداتها ومحتوياتها. * استنادا على تحديد وترسيم الفلسفة اللازمة لبناء المنهج، يكون الحديث عن الفلسفة التربوية وعلاقتها بالأسس الفلسفية لبناء المنهج , حيث تكون النظرة الكلية للكون والحياة والإنسان لتتماشى مع مبادئ المجتمع وقيمه وتطلعاته. * هذه اسس حياكة المناهج وليس من بينها فكرة جمهورية، او ماركسية او اسلامية او اي مما يهرف به منتقدو الدكتور القراي. * مناهج التعليم لما بعد الثورة وفي اطار الرغبة في بناء سودان جديد يجب ان تبنى على الفلسفة الاجتماعية والمناخ الثقافي الذي خلقته الثورة تجسيدا، لقيم السلام، الوحدة الوطنية، العدالة الاجتماعية، الحرية، الديمقراطية، القومية السودانية وبناء مجتمع مدني حديث، وبناء جيل مسلح بالمعرفة عارف بهويته ومرتبط بالتراث المعرفي الإنساني والعالمي، مدركا لروح العصر وقيمه الحضارية إدراكا واعيا , يؤلف بين ذلك وبين الحاجات الاجتماعية الراهنة التي يمر بها مجتمعنا. * المنهج الدراسي يجب ان ينمي الاتجاهات العلمية وملكات الابداع والتفكير الخلاق مجافيا للحفظ والاسترجاع، وان يعمق من الإيمان بالمثل الإنسانية العليا، والقيم الروحية التي تدعو إليها الأديان المختلفة كالتسامح والتعاون وعدم التعصب , وان يعمل على تجسيد هذه المثل والقيم العامة في سلوكية الفرد وعلاقته بالآخرين، والتعود على الانتاج والابداع وروح العمل الجماعي والتعاوني، ونبذ التعصب والاستعلاء والمَيَّز العنصري، واعمال العقل النقدي للموروث القومي، وترسيخ مفهوم الأسرة كأساس لتدعيم العلاقات والروابط الاجتماعية. * هذه الاهداف يجب ترجمتها الي أهداف إجرائية واقعية مقاسة، ووضعها في صورة سلوكية لتصبح أهدافا مباشرة على مستوى المقررات الدراسية . * لا بد من الاشارة الي ان المناهج الدراسية والتربوية خاضعة للتغير بتغير الفلسفة المرتبطة عضويا بحراك المجتمع اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، ومن ثم فهي متغير لا ثبات فيه. * ايضا، لا بد من ادراك ان المدرسة ككيان، مهما اختلفنا حول تاريخ نشأتها سواء كانت هي مدرسة حمورابي ١٧٩٢ الي ١٧٥٠ ق.م او المدرسة السومرية او المصرية او اليونانية في العهود القديمة، او مدرسة اوسنابروك في المانيا ٨٠٤ م، ليست لها نسبة الي تجاربنا او تاريخنا، فعهدنا بالمدرسة كمؤسسة بدأ في العهود الاستعمارية، وهي في كل الاحوال والازمان، كانت تمثل مؤسسة حديثة تعنى بالتعليم المدني والمواد الحديثة التي تصنع انسانا مدنيا يسهم في حركة الانتاج والابداع، فهي بالضرورة ليست معهدا او مؤسسة دينية، ايا كان هذا الدين، ومن ثم فان محاولة محاربة القراي بخطاب ديني، محاولة خرقاء. فمن اراد لابنه الاستزادة من حفظ القران فهنالك الخلاوى الخاصة بذلك، ومن اراد له ان يَدرُس دراسات اسلامية او دينية فهنالك المعاهد الدينية، فمهمة هذه المدراس اعداد الطلاب ليكونوا علماء حاسوب، اساتذة، قانونيين، اطباء، مهندسين ، بياطرة وصيادلة * ولمن خاف على ابنه مما يطلقون عليه الصور الفاضحة فهو كأهل الكهف لا يدرك ما يدور حوله، وحتى يعيش وابناءه فيما حبسوا فيه من كهف، يتعين عليه اغلاق الفضاء الاسفيري وتعطيل الاقمار الصناعية والاجهزة الحاسوبية قبل ان ينتقد القراي، فما يخشونه على اولادهم او يتذرعون به في معارضتهم للقراي متاح ومباح للاطفال والشباب في الاسافير، والقنوات الفضائية وافلام الكرتون. والاطفال والشباب في زماننا هذا على معرفة واتصال بهذه العوالم، فهم مُطَّلعون على رسومات مايكل انجلو، بابلو بيكاسو، فنسنت فان فوخ، ادورد مونش، كلود مونيه وليوناردو دافنشي * مهاجمو الدكتور القراي هم الكيزان تصفية لحساب قديم مع القراي الذي اعتاد ان يعزهم خطابا، وكراهة في الفكرة الجمهورية التي ابانت خطل ما هم عليه، وطعنا وحربا على حكومة الثورة، والفئة الثانية هم السلفيون لجهلهم بما يخوضون فيه من ناحية ولما يحملونه من عداء للفكرة الجمهورية، اما الفئة الثالثة فهم انتهازيو وزبائنيو الانقاذ ممن ابعدتهم الثورة من مواقع تسنموها بغير حق ، وفئة رابعة هم اصحاب امتياز طبع الكتاب المدرسي وبيعه ايام الانقاذ، وفئة خامسة هم هوام الاسافير من الحمقى الذين يستسهلون الكتابة عما لا يعرفون ، والفئة السادسة التي نأسف لوجودها بين هذه الفئات هي حزب الامة بسبب آراء القراي الذائعة في زعيمهم الراحل الصادق المهدي، فهذا ما يعاب على الحزب العريق ان يكون ضمن هذه الجوقة متعاميا عن فلسفة وآلية وضع المناهج، ليمارس وترا على خصم سياسي بلا موضوعية، فهذا ما سيحسب على الحزب العريق وعلى تربوييه ومتعلميه. * بقي شئ اعيبه على دكتور القراي، وهو اتاحة الفرصة لمن يزعمون انهم علماء، ليفتوا في امر لا ناقة لهم فيه او جمل او يعدون لشهر ليست لهم فيه نفقه، فالامر بعيد كل البعد عما انفقوا عمرهم في دراسته، فهم بحكم تأهيلهم بعيدون كل البعد عن معارف العصر التي يخوضون فيها بلا ورع، واصلا لا اجد مبررا لاستفتائهم في امر كهذا، فهذا لا يشبه الا خطل استفتائهم في وصول الانسان الي القمر او زراعة الكلى او نقل الدم!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالله عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست