إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
بذلك العنوان قدم أستاذنا البديع والمجتهد معاوية يس محاضرتين روى بهما تجربته مع توثيق شعر/غناء الحقيبة على وجه الخصوص. المحاضرتان مهمتان ليقف عندهما كل من يستطيع من المهتمين بالذات الأولى منهما وذاك طبعاً من وجهة نظري الخاصة.
لكن تبقى لنا سؤال (الإفتتان) لم يتم الإجابة عليه بطريقة مباشرة!.
عمل معاوية جهده في إيضاح وجهة نظره مستنداُ إلى تاريخه المعروف كموثق للغناء السوداني ومنه الحقيبة وعمل نقداً بناءاً شجاعاً وكاشفاً كشفاً بائناً غاية البيان فقط فاتته مهمة صغيرة لكنها من أس مطلوبات المحاضرة (الندوة) وهي أن نتعرف بدقة على معنى وأسباب "الإفتتان" تلك الكلمة الساحرة والتي تدبج بها عنوان المحاضرة.. ولذلك آليت على نفسي أن أحاول تتميم النقص الذي رأيت، وأجيب على سؤال "الإفتتان" وفق فهمي الخاص له ومستنداً على خلاصات بحث (حقيبة الفن).. خصوصاً وأنني سألت أستاذ معاوية ذات السؤال (أسباب الإفتتان؟ ومن هو المُفتَتِن؟) في ختام المحاضرة الثانية (يأتي رابطها في مستقبل السرد) ولم يكن الوقت يسع الرد فلم أتلقى رد على سوالي ذلك اليوم.
إذاً نحن إزا سؤال أسباب الإفتتان؟ ومن المستمع المُفْتَتِن في بلاد السودان الواسعة (الموقع الجغرافي/الآنثربولوجي/اللغة/التعليم).
وهذه هي المحاضرة الأولى: إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة.. الأستاذ/ معاوية حسن يس:
مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً.. أو هي الخطة المأمولة.. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. وإذاً نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة! --- التعديل: إصلاح العنوان في صدر البورد (طويل) : إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
تلات بوستات جديدة لمن شاء (1- إضاءات جديدة على بحث الحقيبة 2- أخطاء مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث و 3- قواعد العامية الوسطسودانية) وذلك من جوهر الثورة:
1- إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
للإفتتنان أسباب وعنده محددات تتمثل في زمنه وحدوده ولغة المُفتَتِن الأم.
نبدأ بمحاولة إستكشساف الأسباب ثم نذهب إلى الأمام لنفي وإثبات الإفتتتان ومن هو المفتتن!.
أولا النظم (الصًّنعة = التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) ومن أمثلته القافية الثلاثية والرباعية وأحيانا تقفية صدر البيت الواحد وعجزه كل الوقت وفي بعض المرات صدر البيت بقافية مختلفة عن عجزه (مثال: قايد الإسطول لسيد عبد العزيز وبرضي ليك المولى الموالي للعبادي تتعدد القافية في البيت الواحد أحياناً: هاتكْ وفاتكْ ويا لكْ وإنت عاشق بالجد خيالكْ). سنأتي على ذلك تفصيلياً في مستقبل السرد.
ثانياً المفردات المتفردة الرنانة الغريبة على العامية الوسطسودانية بمعنى أن قصيدة الحقيبة جارية على قواعد وقاموس العامية الوسطسودانية لكنها محلاة بمفردات رنانة مستوردة من خارجها وهذه التحلية ضرورية للإفتتان (يا غصين النقا يا مهفهف يا لدن يا أملدن.. ود الرضي مثال).
ثالثاً الحقيبة هي الأدب الغنائي الوحيد الذي وجد الرعاية والدعم الرسمي وبالتالي تسجيله في إسطوانات منذ الربع الأول من القرن العشرين بداية بحوالي 1926 هذا التوثيق جعله متاح للمستمع الذي يملك الأدوات آنها وبعد أن جاءت الإذاعة لم تجد غيره فظلت تبثه وتكرره بلا ملل حتى تسيد الذوق العام.
رابعاً الحقيبة أدب شعري محايد عن السياسة والقبيلة ومركزه الغزل والطبيعة مع بعض المدح والمديح مما جعله مقبولاً على علاته من عموم الناس بعد إستقلال البلاد عام 1956 وسيطرة القبيلة والطائفة على المشهد السياسي .
خامساُ وأخيراً النظرة إلى أدب الحقيبة كتراث جعلته متاحاً لجميع من أراد ترديدها في المناسبات الخاصة والعامة والإذاعات والتلفزيونات وللشهرة والصعود السريع والكثير يتكسب من الحقيبة مادياً كما يشهد به الواقع.
والسبب الأول والثاني هم المحددان وحدهما للنوع الشعري (هما الأكثر أهمية على وجه الإطلاق) أي النَّظم/الصًّنعة ( التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) + المفردة/الكلمات المفتاحية = (النوع الشعري). ولذا أتوقع أن نصرف زمن أكثر للعناية الدقيقة بالسببين الأول والثاني.
وهنا ضوء على كل سبب من أسباب الإفتتان الخمسة وفق الترتيب أعلاه:
1- الصنعة: أمثلة:
تقفية صدر البيت وعجزه كل الوقت وبقافية ممختلفة وتتنوع بين مقطع وآخر لكسر الرتابة والإحتفاظ دوماً بفتنة المفتتن يدري ولا يدري.. مثال (قائد الإسطول):
يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان
ياذو الفخار والطول أرحم بنى الإنسان
مين لسماك يطول ما يطولك اللمسان.
التلاتة أبيات دي بتدينا مثال لنمطية القصيدة كلها .. إذ أن القصيدة دوماً يتكون بيتها الواحد من قافيتين مختلفتين.. صدرها مختلف عن عجزها في كل مقطع وآخر.. لاحظ هنا مرة ثانية أن الصدر ينتهي باللازمة ( طُولْ) والعجز باللازمة (سَانْ):
يا قائد الأس/طولْ تخضع لك الفر/سَانْ
يازو الفخار وال/طولْ أرحم بنى الإن/سَانْ
مين لسماك ي/طولْ ما يطولك الّمَ/سَانْ.
وهذه هي القصيدة كاملة:
يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان
ياذو الفخار والطول أرحم بنى الإنسان
مين لسماك يطول ما يطولك اللمسان
معناك شرحه يطول والله يا إنسان
أصدق كفانا مطول ياذو الحسن إحسان
أنا عقلى بيك مخطول والناس عقول ولسان
ما بنكر المعقول آمنت بالأيمان
بالطلسم المصقول بدل لخوفى أمان
بالنور سحرت عقول كانت صميمة زمان
يا من تحق القول قتل النفوس حرمان
وما الجندى والمكتول و طالب الغفران
من أيده راح منتول واتوهد النيران
أصبح زهر مشتول وفاح ملا الجيران
يا علة المعلول كم أومى ليك بنان
كم من أٍسير مغلول مالاقى فى لحظة حنان
يرى وعدك المحلول زى حجة الوسنان
والكان سكونه تلول ما ببدلهم بجنان
يا حبيبي كون ممهول وليكون ماكان
الفى غد مجهول والماضى أسمه الكان
نفديك شباب وكهول ونبقى ليك أركان
فى حبك المأهول ونخدم السكان يالفى سماك مفصول تنشاف عيان وبيان
ما عرفنا ليك وصول وما دنيت أحيان
إنت الخطاك أصول يعلم الديان
مثلت فينا فصول ما بدرسها النسيان
وهنا نحدد مكامن الفتنة:
يا قائد الأس/طول تخضع لك الفر/سان
ياذو الفخار وال/طول أرحم بنى الإن/سان
مين لسماك ي/طول ما يطولك اللم/سان
معناك شرحه ي/طول والله يا إن/سان
أصدق كفانا م/طول ياذو الحسن إح/سان
أنا عقلى بيك مخ/طول والناس عقول ول/سان
ما بنكر المع/قول آمنت بالأي/مان
بالطلسم المص/قول بدل لخوفى أ/مان
بالنور سحرت ع/قول كانت صميمة ز/مان
يا من تحق ال/قول قتل النفوس حر/مان
وما الجندى والمك/تول و طالب الغف/ران
من أيده راح من/تول واتوهد الني/ران
أصبح زهر مش/تول وفاح ملا الجي/ران
يا علة المع/لول كم أومى ليك ب/نان
كم من أسير مغ/لول مالاقى فى لحظة ح/نان
يرى وعدك المح/لول زى حجة الوس/نان
والكان سكونه ت/لول ما ببدلهم بج/نان
يا حبيبي كون مم/هول وليكون ما/كان
الفى غد مج/هول والماضى أسمه ال/كان
نفديك شباب وك/هول ونبقى ليك أر/كان
فى حبك المأ/هول ونخدم الس/كان
يالفى سماك مف/صول تنشاف عيان وب/يان
ما عرفنا ليك و/صول وما دنيت أح/يان
إنت الخطاك أ/صول يعلم الد/يان
مثلت فينا ف/صول ما بدرسها النس/يان
ومثال آخر لفتنة مختلفة في ذات الإتجاه القافية الثلاثية والرباعية وتعدد فنون النظم عبر تنويع التفعيلة (أحرموني لود الرضي):
عن حقيقة الحب غين ولام عنْ حَقَيقْتَلْ/ حُبْ غينْ/ وَلام فَاعِليتْتَانْ/فِعْلانْ//فَعُولْ
وملاحظة أخيرة: فرادة وغرابة بعض الكلمات المحتشدة بها القصيدة برغم أنها عامية (غير معربة) وخاضعة لقواعد العامية السودانية وهذا ما سأحاول تبيانه المرة القادمة فما نزال في البدايات ونحتاج المزيد من الأمثلة حتى تتضح الصورة عبر تحليل وتناول الأسباب الخمسة التي زعمنا أن بها يكمن سر الإفتتان.
تتعدد القافية داخل البيت الواحد أحياناً: (هاتكْ وفاتكْ ويا لكْ/ وإنت عاشق بالجد خيالكْ).. يالفراقك لي كياني هادّي مِنِّي ليك الشكر الجزيل تشكي كتر النوح العَيالك ديما تطرا ايام زاهيالك مرة تهدي تقول الحيالك كالنسيم اليتّم عِيالك قاسي فاتك هاتك و يالك من مُرائي وصدقك قليل انت عاشق بالجد خيالك مِنُّو ساكن ظلاً ظليل (العبادي).
وطبعاً تلك مجرد أمثلة لا حصرية فيما يتعلق بالسبب الاول للفتنة الكبرى ذات الأسباب الخمسة وهو هنا: الصناعة النظمية المحكمة (القافية الواسعة/تعدد التفاعيل/الوزن وشكل بناء القصيدة) .
ونمشي للسبب الثاني وهو: المفردة (المفردات المباغتة المدهشة في سياق قصيدة عامية غنائية كتبت أول ما كتبت بداية القرن العشرين 1921) تلك المفردات المتفردة الغريبة الغرائبية التي تحير المفتون وهو في السياق يفهمها ولا يفهمها وذلك من أسرار الخلود .. (لا اقول مستنكف دهوني عن كثير عن قيس نبهوني)!.
المداخلة المقبلة
08-02-2022, 07:06 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
مقدمات السبب الثاني وهو الأكثر حسماً (المفردات المدهشة) + السبب الأول (الصنعة) بقية الأسباب مجرد عوامل (مهمة) مساعدة.. ونأخذ ثلاثة مقاطع من (برضي ليك المولى) للنظر من جديد في الصنعة والتفعيلة والوزن والمفردة الغريبة المباغتة في سياق قصيدة غنائية عامية (غير معربة): ﺑﺮﺿﻲ ﻟﻴﻚ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻲ بﺮْﺿﻲ/ ﻟﻴﻚَلْ/ ﻤﻮْﻟَلْ/ ﻤُﻮﺍﻟِﻲ فِعْلُنْ/فِعْلُنْ/فِعْلُنْ/فَعُولُن
القصيدة/الغنية (ليست كاملة) أدناه لتأمل في المفردات والتفاعيل ونعود لتفصيل السبب الثاني للفتنة بنماذج أخرى وتحليلها:
لو تحول دون قصدي العوالي برضي اغوص في بحوري وأوالي ليك إخراج درري الغوالي وانشي شعري وزجلي وموالي اشدو وحدي واهدي الحوالي
جدّ وجدي وحان انفقادي ديما هايم رايح وغادي بحري دمعي وفي النار رقادي يطفي ناري الماء في اعتقادي مالو زادا وزاد في انتقادي عازلي فيك وعُدم الخليل خلي نصحك يا خالي غادي
عن سراط الحُب ما بميل
كيف أفيق واسمع نصح هادِ يا الغرامك اوجب سهادي أعيا جدّي واعيا اجتهادي إيه يفيد يا ليل فيك جهادي جمري قايد وأنا روحي ها دي لي خروجا فِضل القليل يا الغرامك لي كياني هادي
ليك مني الشكر الجزيل
قاللي كتر النوح العيالك ديما تطرا أيام زاهيالك كالنسيم اليتّم عيالك قاسي فاتك هاتك ويالك من مرائي وصدقك قليل إنتَ عاشق بالجد خيالك ومنو ساكن ظلاً ظليل.
وهنا القصيدة كاملة بصوت سرور من يوتوب (لمن عنده الوسائل) ونعود إلى محاولة تفصيل السبب الثاني (المفردة = الكلمات المفتاحية).. إستراحة غنائية أصلية من الحاج محمد أحمد سرور:
08-02-2022, 08:41 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ملاحظة مهمة: سناخذ وقت طويل نسبياً في المفردة/الكلمات المفتاحية في الحقيبة ربما عدة أيام للأهمية.. وربما نعرف أن المورخ الجليل محمد عبد الرحيم (1878 - 1966م) (الجد المباشر لهاشم بدر الدين الرياضي المعروف) ربما غلطانفي نقده لبطران وسيد عبد العزيز والآخرين .. غلط في نقده للبلبل الذي يغرد بالليل كما أن مثلاً: كالمال كالبنون (صحيحة كدا) الخطأ أن نعربها لنقول (كالمال كالبنين) ستختل القافية وتختل التفعيلة ويختل الوزن بالنتيجة (إشارة إلى ما ورد في محاضرة أستاذنا معاوية).. فصبراً جميلاً يا صحاب.
استمع للمحاضرة مرة ثانية بين الدقيقة 14 والدقيقة 25:
هل كان يعرف بعض شعراء الحقيبة كلمة/مصطلح (زَجَلْ = نوع شعري معروف عبر التاريخ الحقيبة أقتفت أثره)؟. أظنهم يعرفون فقط نحن لا نعرف أنهم يعرفون أو في الحقيقة لا نعرف كيف عرفوا!.
وإلا كيف أوردوا هذه الكلمة الغريبة المدهشة لنا في أشعارهم (لا ننسى أننا نحن هذه اللحظة إزاء مفردة الحقيبة) وبل لا يعرفون فقط الكلمة (الغريبة علينا) بل حتى أنهم يصفون الزجل بالحلاوة:
انشِي شعري و"زجلي" وموالي... في ثَناك قليل يا جميل (العبادي)
ضاع صبري زاد من نار الصدود وجلي.. يامعاني الشـعر و"الزجــــــــلِ”
وبمناسبة مفردة (زَجَلْ) الحقيبية.. أورد هذا المقطع المتعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل". ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدنا الزجال: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م قبل خراب سوبا.
ربما نحتاج هذا الكلام (العجيب) في مستقبل السرد حيال مفردة الحقيبة = الكلمات المفتاحية (السبب الثاني للإفتتان)!
08-03-2022, 02:26 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
فللاهمية بحث الحقيبة لم يتطرق ابدا للالحان ولا الايقاع ولا الموسيقى ولا كيفية اداء الغناء (تلك شؤون اخرى) بل فقط بالكلمة الشعرية (النوع الشعري وخلفيته وقواعده المحتملة) وبالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نشا فيها النمط الشعري بداية عهد الاستعمار الانجليزي وما الى ذلك.. والاسباب. وبالتالي فالبحث ليس في غناء الحقيبة في شموله (هو ليس بحث في غناء الحقيبة) بل فقط في النوع الشعري/النظمي للغناء وظروف محيط نشاة هذا النوع والاسباب .. هو بالزبط يتحدث عن القطن قبل ان يصبح ملابس (مثال للبيان) وذلك مشروح تفصيليا في خلاصات البحث المنشورة.. وهذه الملاحظة الأخيرة هي الأهم.. ونمضى إلى الأمام.
ونحن ما نزال في مقدمات: مفردة الحقيبة (السبب الثاني لسر الإفتتان): ما هي وكيف ومن أين جاءت؟ تلك الكلمات الغريبة المباغتة المدهشة!.
وربما تحققنا في مستقبل السرد أن تصنيف مدرسة (الحقيبة) وما يسمى بالمدرسة (الوترية) التي لحقتها تصنيف خاطي أو لا معنى له.. لان التحول لم يكن في الأوتار والموسيقى واللحن بل في النص (الشعري) ذاته ولان الحقيبة ذاتها صاحبت الأوتار وحتى تاريخ اليوم واللحظة وبلا تعارض.
نحن ما نزال في مقدمات: مفردة الحقيبة (السبب الثاني والحاسم لسر الإفتتان)
08-03-2022, 03:17 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: حقيبة الفن السودانية شديدة الإبهار ومنوعة (تلاتة اقسام)!
إذاً كيف نفرز زجل حقيبة الفن السودانية من أشعار الحقيبة الأخرى وبل من الانواع الشعرية الاخرى مطلقا؟!.
إذاً ما هي تلك الانواع المدعاة وكيف نفرز زجل حقيبة الفن السودانية من أشعار الحقيبة الأخرى؟.
وذاك سؤال سألني أياه أحد المهتمين الذين هم على قناعة بنتيجة البحث في حقيبة الفن في أنها من نمطية الزجل الأندلسي (فرعية زجل العهد المملوكي).. والسؤال مجددا بلغة اخرى: كيف نتعرف على زجل حقيبة الفن السودانية ونميزه عن أشعار الحقيبة الأخرى التي ربما كانت متعددة؟.
وتلك بمثابة اضاءة جديدة على هامش نتيجة البحث.
إذ قلنا أن الحقيبة ثلاثة أنواع يضعها الناس في ثلة واحدة لكن الأمر ليس كذلك في الحقيقة.. فليس كل أغاني الحقيبة زجل بل تتضمن أنواع أخرى من أنماط الشعر ويكمن إجمالاً أن نقول أنها ثلاثة أقسام كبيرة:
1- زجل كامل الشروط مثل كل اشعار العبادي التي غناها سرور ومثل بدور القلعة لأبو صلاح والغصن الرطيب لسيد عبد العزيز (امثلة ليست حصرية).
2- خليط أو بين بين مثل العديد من أشعار عتيق والمتأخرين من شعراء الحقيبة.
3- خارج نمطية الزجل بالكامل مثل ست البيت والأسكلا لود الرضي فهما إنشودتان سودانيتان بالكامل مثلهما وأشعار حسان الحرك في العهد السناري وشغبة المراغامبية (مجرد مثال) إذ معظم شعراء الحقيبة أنتجوا أنماطاً أخرى غير الزجل مثل الدوبيت وغيره.
إذن كيف للناس غير المتخصصين معرفة أو فرز زجل الحقيبة من غيره.. سهل جداً في تقديري:
1- كل الأغاني التي سجلت في أسطوانات بين الأعوام 1923 إلى العام 1935 زجل خالص لأنها تمت بتشجيع من الدولة آنها (الإنجليز) أعني عملية تسجيل الأسطوانات وبالتالي أشعار السودان الأخرى غير مرحب بها (شرح إضافي في النقطة المقبلة رقم 2).
2- جميع الأغاني التي غناها سرور زجل.. لأن سرور عادة ما يغني للجيش ومات في صحبة الجيش الذي كان يحارب الطليان في مصوع وأسمرا بين الأعوام 1940-1946. وبالتالي فآغاني وأشعار السودان الأخرى غير مفهومة بالكامل لقيادات الجيش بل حتى الكثير من جنوده كما أن كثيرها عدائي وعنيف في نظر الدولة آنها. كما أن سرور "مثلاً" لم يغني أبداً لخليل فرح أفندي وأمتنع عن غناء عازة في هواك مما حدى بخليل ليغنيها بنفسه.. والسبب أن خليل ماخد جانب وحدة وادي النيل وهي أصبحت رؤية سياسية عدائية بعد المحاولة الأنقلابية االفاشلة (ثورة 1924) التي سعت إلى إقصاء الإنجليز من الحكم وإنفراد الباشوات الأتراك بالسلطة كما كان مخطط له. وعندها تم طرد الجيش المصري من السودان 1924 ولم يعد أبدا بعدها. وبالتالي فإن خليل فرح لم يعد مرحب به وبفنه كما كان في السابق.
3- ستجد في البحث 8 محددات للفرز بين زجل الحقيبة وغيره لكن دعني الآن أخبرك بشئ بسيط "الكلمات المفتاحية" إذ للزجل كلامات مفتاحية تتردد عبر الأزمان وفي كل الأقطار التي تتحدث العربية بالأصالة وتلك الكلمات عديدة وعرف بها الزجل دون غيره من الأنماط الشعرية الأخرى.. وفي السودان (لاحظ أقول السودان هذه المرة) فأي قصيدة/أغنية غزلية دارجة وترد بها هذه الكلمات فهي زجل:
الأيك، يا خشيف، قصر الرشيد، الأسد الهصور، زاد جسمي نحول، سحر بابل، ماحل، أمحال، أمقال، الغصن الرطيب، ساطل/يسطل (تاتي في الزجل بمعنى سكران ومسكر ويسكر جراء الخمر الحسية او المعنوية وليس الافيون ويقول ابو صلاح: الشعور البسطل عنبرا)، الخميلة وغصن نقا و"غصن/غصين النقا" هذه شديدة الحصرية الزجلية وهي جملة مغرم بها أهل الأندلس شديد الغرام هي والغصن الرطيب.
يا غصن نقا مكلل بالذهب أفديك من الردى بأمى وأبي.. إن كنت أسـأت فى هواكم أدبي.. فالعصمة لا تكون إلا لنبي (وهو جزءً موشح أندلسي وليس زجل).
فمن أهم شروط الزجل أن يكون دارجي غير فصيح ولا معرب ولا يجري على الأوزان الشعرية الرسمية. فأي قصيدة أو غنية معربة فهي إذن وحتماً ليست زجل وإنما أي شيء آخر (راجع محددات إبن قزمان الأندلسي للزجل في بحث حقيبة الفن السودانية) وزجليات الحقيبة إلتزمت بالكامل بكل قواعد الزجل (مرفق روابط لبحث الحقيبة).
ويقول ود الرضي السوداني: يا غصين النقا يا مهفف يا لدن يا أملدن.
ومثل تلك الكلمات غير موجودة في الاشعار السودانية الاقدم ولا اللاحقة.. ولا توجد في المدايح النبوية السودانية ولا القرآن وهو إدعاء البعض لجهلهم بحقيقة نمطية زجليات حقيبة الفن. إذ المدايح موجودة منذ قرون عديدة كما الخلاوي ولم تنتج زجل حقيبي في السودان.. كما أنها موجودة بعد إنتهاء نظم الحقيبة مرة ثانية لم تنتج زجل حقيبي.. ذلك هو المنطق (راجع أيضاً الملاحظة في الختام).
اذ مثل تلك الكلمات /التصاريف/ التعابير لا يعرفها الشعر السابق للحقيبة ولم يستلفها الشعر التالي لها، بل الشعر التالي للحقيبة نأى بنفسه عن عباراتها ما عدا القليل والنادر مثل: الخد الزهري ورشا يا كحيل.
ذلك واما اذا وجد احدكم كلمة (زجل) واردة في اي اغنية سودانية سابقة غير زجليات الحقيبة فله مني هدية مليون دولار (للمبالغة): (وانشي شعري وزجلي وموالي "العبادي" ورقصنا وزجلنا "عمر البنا".. يا ماحي الزجل يا بيت القصيد.. منظر شي بديع ما احلى الغزل).
ملاحظة: الشيء الذي يجعل الناس تخلط بين الزجل وبعض المدايح السودانية هو جهلهم بحقيقة أن كثير من المدايح السودانية أخذت نمطها من الطريقة الأدريسية وهي مغربية النشأة ونعرف أن الطرق الصوفية عابرة للأزمان والقارات وان مدائح الطريقة الأدريسية ومن أخذ عنها تجري على نمطية المالوف المغربي وهو فرع من فروع الزجل إذ أن الزجل الغزلي أقدم وأصل لا المدايح التي جارته وجرت على نمطه. و المدايح الأدريسية ذاتها لم تأخذ سوى القليل النادر من كلمات الزجل مثل “أمقال” لكنها التزمت قواعد النمط. وأول صوفي أزجل هو أبو الحسن الششتري المغربي ثم القطب محي الدين بن عربي (أو هكذا قال إبن خلدون في تاريخه) إذ قبل ذلك كانت المدايح فصيحة مطلقا في المسافة بين حسان بن ثابت شاعر الرسول والششتري المغربي 1269م.
مقالة عفوية قديمة ذات علاقة بالسبب الثاني هنا (المفردة).. ونواصل
08-03-2022, 03:28 AM
أبوبكر عباس
أبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3467
أنا معجب بافتتانك بما توصلت إليه من أصل لغناء الحقيبة، والحقيقة أنا نفسي أصبحت مفتون ببحثك دا وأصبحت أتخيل مجموعة الشعراء هؤلاء في صالون وقد وصلتهم قصائد زجل من مصر كل فترة مع المراسلات التي تأتي للحكومة من مصر، وأتخيل واحد من الشعراء تغيب عن جلسة من جلسات الصالون ولاقوهو أصحابو في السوق أو بيت بكا وحكو ليهو عن وصول قصيدة جديدة بالأمس من مصر، جنّ جنونه ليسمعها. المهم يا زول، نستمتع بكتاباتك وليس لنا مقدرة المشاركة وفقط نمتلك التشجيع لك "أيها الرجل المرئي الجميل" الله يحفظك
08-03-2022, 03:52 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: وأتخيل واحد من الشعراء تغيب عن جلسة من جلسات الصالون ولاقوهو أصحابو في السوق أو بيت بكا وحكو ليهو عن وصول قصيدة جديدة بالأمس من مصر، جنّ جنونه ليسمعها. المهم يا زول، نستمتع بكتاباتك وليس لنا مقدرة المشاركة وفقط نمتلك التشجيع لك "أيها الرجل المرئي الجميل" الله يحفظك
كلام جميل من ولدنا الجميل ابو بكر عباس.. لكنه خارج النص.. الله يحفظك وتحية ومحبة أكيدة.
نحن ما زال في رحاب السبب الثاني المفردة (الكلمات المفتاحية للحقيبة) لسا المشوار طويل، لا بد من شوية صبر، لطفاً
08-03-2022, 04:02 AM
أبوبكر عباس
أبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3467
Quote: بالله، بعد تعبي دا كلو برضو خارج النص، يا زول، واصل نحاول أن نفهم ولو قليل
تعبك مقدر بس القصة ما كدا.. ثم أن ذكر مصر في السياق مضلل لأن الزجل ما مصري ومصر العهد المملوكي ورواق سنار ليست مصر اليوم والإستعمار التركي وحلايب والسد العالي وسد النهضة والعسكر والكوارث.. بالتالي فإن كلمة (مصر) اليوم تحمل مضمون صراعي آني ومكنون منحاز سلفاً فوق العلمي وفوق البحثي يعني إستخدام مضلل في هذا السياق.. أتمنى أن تكون النقطة واضحة.. ومرحبا.
أهلا MOHAMMED ELSHEIKH
Quote: معقول البوست الدسم دا يادوووب نقع فوقو؟؟؟؟
شكرا وسلاما
مرحب بيك.. بس نحن في بداية المشوار.. نسعد بصحبتك.. فقط عليك أن تربط الحزام لأنك إن نظرت من النافذة سترى ثمة سحب داكنة إلى حد السواد في الفضاء ربما تنذر بمطبات هوائية هوجاء ولكن تعودنا دائماً أن الرحلة تصل وجهتها الأخيرة سالمة.
08-03-2022, 03:27 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
أولا النظم (الصًّنعة = التفعيلة والوزن والقوافي وبناء القصيدة) ومن أمثلته القافية الثلاثية والرباعية وأحيانا تقفية صدر البيت الواحد وعجزه كل الوقت وفي بعض المرات صدر البيت بقافية مختلفة عن عجزه (مثال: قايد الإسطول لسيد عبد العزيز وبرضي ليك المولى الموالي للعبادي تتعد القافية في البيت الواحد أحياناً: هاتكْ وفاتكْ ويا لكْ وإنت عاشق بالجد خيالكْ). سنأتي على ذلك تفصيلياً في مستقبل السرد.
ثانياً المفردات المتفردة الرنانة الغريبة على العامية الوسطسودانية بمعنى أن قصيدة الحقيبة جارية على قواعد وقاموس العامية الوسطسودانية لكنها محلاة بمفردات رنانة مستوردة من خارجها وهذه التحلية ضرورية للإفتتان (يا غصين النقا يا مهفهف يا لدن يا أملدن.. ود الرضي مثال).
ثالثاً الحقيبة هي الأدب الغنائي الوحيد الذي وجد الرعاية والدعم الرسمي وبالتالي تسجيله في إسطوانات منذ الربع الأول من القرن العشرين بداية بحوالي 1926 هذا التوثيق جعله متاح للمستمع الذي يملك الأدوات آنها وبعد أن جاءت الإذاعة لم تجد غيره فظلت تبثه وتكرره بلا ملل حتى تسيد الذوق العام.
رابعاً الحقيبة أدب شعري محايد عن السياسة والقبيلة ومركزه الغزل والطبيعة مع بعض المدح والمديح مما جعله مقبولاً على علاته من عموم الناس بعد إستقلال البلاد عام 1956 وسيطرة القبيلة والطائفة على المشهد السياسي .
خامساُ وأخيراً النظرة إلى أدب الحقيبة كتراث جعلته متاحاً لجميع من أراد ترديدها في المناسبات الخاصة والعامة والإذاعات والتلفزيونات وللشهرة والصعود السريع والكثير يتكسب من الحقيبة مادياً كما يشهد به الواقع.
ونحن الآن لم ننتهي بعد من السبب الثاني .. لسا في المقدمات الشارحة بحكم الضرورة التي رأيت.. بعدها سننتهي بخلاصة السبب (الثاني).
والسبب الأول والثاني هم المحددان وحدهما للنوع الشعري (هما الأكثر أهمية على وجه الإطلاق) أي النَّظم/الصًّنعة ( التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) + المفردة/الكلمات المفتاحية = (النوع الشعري).
كيف نستطيع فرز الأنواع الشعرية عن بعضها البعض ومنها الحقيبة؟! .. النَّظم/الصًّنعة ( التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) + المفردة/الكلمات المفتاحية = (النوع الشعري)
الناس في العروض ما تقيسه بي تيبانه ما يغرك لباسن والعروض عريانه ديل حراس رزق ذي التكنو امانه زي ابل الرحيل شايله السقى وعطشانه
زي إبل الرحيل شايله السقى وعطشانه كالعِيسِ في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولُ
البيتان الأخيران يحملان نفس الفكرة (لكنه مجرد تناص وليس مجاراة) إذ بعد ذلك يختلفان في كل شئ: من حيث النظم والتفعيلة والوزن وأهم شئ المفردة: هذا: كالعِيسِ في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولُ. بيت شعري عربي معرب كلاسيكي (عامودي) لغته معجمية وتفعيلته مختلفة ووزنه مختلف ونوعه الشعري مختلف. وهذا: زي إبل الرحيل شايله السقى وعطشانه. بيت شعري عامي قاموسه من العامية الوسطسودانية) غير معرب وتفعيلته ووزنه مختلفتين عن الأول كما بناءه الفني (وبنظره سريعة إليه في سياقه سنعرف أنه دوبيت = نوعه الشعري).
وهذا أيضاً دوبيت: نحن اولاد بلد نقعد نقوم على كيفنا في لقى في عدم دايما مخضر صيفنا نحن اب خرس بنملاه وبنكرم ضيفنا ونحن الفوق رقاب الناس دايما مجرب سيفنا وهذا؟: ﻣﺎ ﺩﺍﻳﺮﺍﻟﻚ ﺍﻟﻤﻴﺘﻪ ﺃﻡ ﺭﻣﺎﺩﺍ ﺷﺢ ﺩﺍﻳﺮﺍﻙ ﻳﻮﻡ ﻟﻘﻰ ﺑﺪﻣﻴﻚ ﺗﺘﻮﺷّﺢ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻣﺴﻮﻟﺐ ﻭﺍﻟﻌﺠﺎﺝ ﻳﻜﺘﺢ ﺃﺣﻲّ ﻋﻠﻲ ﺳﻴﻔﻪ ﺍﻟﺒﺴﻮﻱ ﺍﻟﺘﺢ
نوع هذا المقطع (مناحة) .. وعرفنا ذلك طبعاً من طريقة النظم والتفعيلة والوزن والبناء الفني والكلمات المفتاحية.
وهذا؟:
شدّولو وركب .... يا جرو الأسود أب قرناً يخرخر زيتْ
يا يوم العيد البفتحولو البيت
كسار قلم مكميك
نوع هذا المقطع (حماسة) .. وعرفنا ذلك طبعاً من طريقة النظم والتفعيلة والوزن والبناء الفني والكلمات المفتاحية.
وهناك أنواع كثيرة من الشعر نعرف نوعها (نمطيتها) يعني مرجعيتها الشعرية، يعني الشفرات الجينية مثل الدوبيت والمناحة والحماسة والمسدار والشعر العامودي الفصيح وشعر التفعيلة وقصيدة النثر مؤخراً وإلخ.
ونعرف مرجعية أشعار اسحاق الحلنقي وبازرعة وإسماعيل حسن وعندما نقرأها نعرف من أول سطر أن هذا ليس دوبيت ولا مسدار ولا مناحة ولا حماسة ولا (إيه تاني؟) ولا حقيبة.. شعر غزلي لطيف وخفيف الظل ونستطيع أن نعرفه من اول لمحة أنه ليس بحقيبة!.
كيف عرفنا ذلك من أول وهلة ولو أننا اول مرة نسمع؟:
ممكن يرحلوا النيلين ويمشوا يهاجروا مغتربين وممكن يجرح الياسمين والزيتون يجافي التين إلا الأصلو ما ممكن نعيش انا وانت مفترقين ممكن أي حاجة تكون وحرف النون يكون ما نون وممكن تاني يظهر لون يضيع لون دهب شيبون إلا الأصلو ما ممكن نعيش انا وانت مفترقين.
وفي القصيدة تين وزيتون وياسمين وعنده قافية مموسقة ورنين؟. صحيح.. لكن المقطع يفارق الحقيبة في النظم والتفعيلة والوزن وبناء القصيدة والطريقة السردية (القصصية) لا الوصفية وهو طبعاً (المقطع أعلاه) من صناعة إسحاق الحلنقي.
لكن هذا المقطع القادم مختلف.. أظن دا واضح وضوح الشمس (حقيبة)؟!.
يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان ياذو الفخار والطول أرحم بنى الإنسان مين لسماك يطول ما يطولك اللمسان معناك شرحه يطول والله يا إنسان أصدق كفانا مطول ياذو الحسن إحسان أنا عقلى بيك مختول والناس عقول ولسان ما بنكر المعقول آمنت بالأيمان بالطلسم المصقول بدل لخوفى أمان
يبدو لأول وهلة أن الأمر صعب أو معقد.. في الحقيقة ليس كذلك فأنت تعرف بالسليقة لكن السليقة وحدها ليست كافية وليست مضمونة دوماً.. لا بد أن نحاول إذن تلمس حل علمي وموضوعي لفرز الأنواع الشعرية ومنها الحقيبة طبعاً.. هذا الحل يكمن في هذه المعادلة البسيطة التالية: النَّظم/الصًّنعة ( التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) + المفردة/الكلمات المفتاحية = (النوع الشعري).
نحن ما نزال في مقدمات السبب الثاني: مفردة الحقيبة (إحدى أعمدة أسرار الإفتتان).. والسؤال من أين جاءت المفردة؟!.
من العربية الفصيحة مباشرة؟. مثل القول بأنها جاءت من القرآن والخلاوي؟. من المدايح (المفردة جاءت)؟. من العامية الوسطسودانية أو أي عامية سودانية أخرى؟. أم من مصدر آخر؟.
في كل الأحوال نحتاج أدلة مادية تعضد الإجابة على تلك الإسئلة.. سنفعل في مستقبل السرد.
والآن ونحن نتقدم في محاولة الإجابة على السبب الثاني (المفردة) دعنا نتقدم معه خطوة إلى الأمام بإستصحاب السبب الثالث: ثالثاً الحقيبة هي الأدب الغنائي الوحيد الذي وجد الرعاية والدعم الرسمي (المباشر وغير المباشر) وبالتالي تسجيله في إسطوانات منذ الربع الأول من القرن العشرين بداية بحوالي 1926 هذا التوثيق جعله متاح للمستمع الذي يملك الأدوات آنها وبعد أن جاءت الإذاعة لم تجد غيره فظلت تبثه وتكرره بلا ملل حتى تسيد الذوق العام.
سنسمع قصة سفر مغني الحقيبة الكبير عبد الله الماحي إلى مصر 1929 وكيف تم إقناعه بالسفر وهو لا يريد وكيف تم تمويل الرحلة والملابسات (هذا الفيديو مجرد بداية ولكسر أي رتابة محتملة للكتابة).. أضعه في المداخلة المقبلة من يوتوب
08-03-2022, 09:08 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
عبد الله الماحي إلى مصر 1929 وكيف تم إقناعه بالسفر وهو لا يريد وكيف تم تمويل الرحلة والملابسات.. الخواجة (ليس ديمتري البازار ولا مصري) بل خواجة أصيل.. حقق كل أمنيات المواطن المبدع عبد الله الماحي (القصة بلسان عبد الله الماحي).. أسمع بهدوء من الثانية الأولى حتى الدقيقة 6 و10 ثواني:
المعلومة المهمة بالحساب أن الخواجة (لو أفترضنا أنه تاجر) لن يكسب مادياً لأننا عرفنا بالحساب أن المبلغ الذي كلفته رحلة عبد الله الماحي وعبد الله الأمي والكورس لو عاش الخواجة متفرغاً يبيع أسطوانات (بملاليم) حتى خروج الإنجليز من السودان لن يسترجع رأسماله ناهيك عن أن يربح (لا بد إذن من أن هناك أمر آخر غير الظاهر لنا ولعبد الله الماحي ورهطه).. بالذات عندما نعلم ماذا سجل عبد الله الماحي في تلك الإسطوانات!.
سنحتاج في المستقبل لهذه الشهادة وشهادات أخرى عديدة وعدد من الوثائق لنتحقق من حقيقة السبب الثالث للإفتتان.
لا ننسى أن نحن ما نزال في مقدمات السبب (الثاني)
08-03-2022, 09:39 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
لاحظت أن جدنا المبدع الجليل عبد الله الماحي (مغني الحقيبة) كذب على الخواجة الكبير (المفتش) عشان يديه إجازة عشان يؤدي عمل للخواجة الآخر بقروش.. قال للمفتش الذي يعمل عنده سايق خاص (ابوي عيان جاي يموت في البجرواية).. زمان بالمناسبة أنا في الإبتدائي كتلت حبوبتي تلات مرات عشان أبرر غيابي من المدرسة (هل تلك كلها كذبات بريئة وعادية ولا تقتضي الإعتذار في لحظتها من إملاء الضمير.. لماذا حدث ذلك)!
مجرد ملاحظة عابرة من باب الطرافة إن صحت كطرافة.. ونواصل
انظر لطفاً مرة ثانية في المفردات (مفردات عامية غير معربة لكنها عامية ليست من العامية الوسطسودانية ولا أي عامية سودانية).. من أين جاءت تلك العامية الغريبة ومن أي تاريخ (ﻛَﻢْ ﻏِﻀَﻨْﻔَﺮْ ﻓَﺎﺗْﻜَﺎﺑُﻮ ﺳُﻮﺩَﻙْ ﻭﺍﻟﻤُﻬَﺎ ﺗَﻬْﻮَﺍﻙْ ﻳَﺎ ﺧُﺸَﻴﻒْ )؟.. ذلك هو السؤال الذي سنمضي به إلى الأمام.. ونحن في محطة السبب الثاني للإفتتان.
08-04-2022, 03:49 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
من العربية الفصيحة مباشرة؟. مثل القول بأنها جاءت من القرآن والخلاوي؟. من المدايح (المفردة جاءت)؟. من العامية الوسطسودانية أو أي عامية سودانية أخرى؟. الإجابة: لا.
بعد البحث والعينات التي تمت مقارنتها بأشعار عامية مختلفة بما في ذلك المديح النبوي السوداني والوافد مع الطرق الصوفية العابرة للقارات.. لا علاقة للحقيبة بذلك من حيث الكلمة (اللغة) لا نتحدث هنا عن الصوتيات والأداء والإيقاعات.
ليس لمفردة الحقيبة علاقة بالقرآن إلا كونهما معاً مرجعيتهما العامة في اللغة العربية.. لكن لا علاقة ذات خصوصية ولا الخلاوي كما هو سائد في الأقوال الإنطباعية المتداولة دون دراسة أو تحري.
مفردة الحقيبة مرجعيتها في الزجل الأندلسي (مصطلح لنوع شعري عامي منتشر عند كل الجماعات المتحدثة العربية بالأصالة). المفردة كما بناء القصيدة وتفاعيلها وأوزانها وعادات الزجل في مخاطبة المؤنث في صيغة المذكر (لا توجد كلمة حبيبة مثلاً بل دوما الحبيب) وفي الأرقام والحروف والمنلوج الذاتي (قال لي قلتو لو) مثلاً: لو معنعن قول كلموني حبي طاهر لم تظلموني لا اقول مستنكف دهوني يقول القايل دروني او يحدث عني المنام قال لي قربك عين المحال قال لي جملة وعقد الاظافر قال لي طبع الريم اصلو نافر قلت علّ تريم النوافر وعل راء الريم تبقى لام قلت ليت الايام يندن تبقى لانت وسحابا دندن قال لي كيف تستوجب لي حمدنْ.
ذلك ود الرضي حقيبة وهنا إنموذج لإبن حجة الحموي/زجل:
قولْ نعم وانعم على مشتاقكْ قالْ لي: ميل إلى خدي لأنو أنعمْ قلت لو قد ذبت في عشقك ... وضنيتْ
قالْ لي الخبر عندي
قُلتلُو دمعي اتلون ... ويجري على خدي دار إلى إنسانْ مقلتي قلو ... أنت ما عندكْ نظرْ بعدي قلت خاف الإله يا ناقض عهودو
تدرو آش قال لي لما أراد أن يماحل آش تقول في روض الوصال قلت ماحل.
من كتاب بلوغ الأمل في فن الزجل (العهد المملوكي).
سنأتي إلى تبيان بناء القصيدة في الزجل والحقيبة والقوافي والتفعيلة والوزن.. كله منسجم.. كما طبعا الكلمات المفتاحية التي نحن هنا بصددها..
حتى ليس الكلمات كمعاني مجردة فقط بل أنواع الفواكه وأنواع الغزلان ( شادن وخشيف ورشا) والطيور والزهور والاشجار والغابات (الأيك والخميلة) والحدائق والنساء الخياليات البديعات (كله ليسوا من هنا) وما ظباء المسالمة إلا توطين للنمط (ومثل هذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها (("صفي الدين الحلي"في توصيفه للزجل عبر التاريخ )). كله من التاريخ (من عاميات سالفة) وهذا لا يحدث في الحقيبة وحدها بل عند شعوب أخرى.. اسمع مثلاً ماذا يقول "مراد القادري" عن الزجل المغربي الحديث: فصِلتي بالشاعر أحمد لمسيح تعودُ لأواسط الثمانينيات من القرن المنصرم عندما سقطت في يدي قصيدته « بلادي يالمزوقا من برا... أش اخبارك من الداخل»، التي فتحت عيني على القصيدة الزجلية وعلى الثراء الذي تختزنُه التعابير الشعرية القادمة من عامية أخرى، ليست هي عامية التخاطُب والتواصُل اليومي، كما اعتدتها في الشارع والحياة، فقد وجدتُ كلماتها وألفاظَها تتشبّع بدلالاتٍ سياقية مُخالفة لدلالاتها المعجمية، ما يجعلُها من ثمّ عامّيةً إيحائية ًمنذورة لتقديم رؤية الشاعر للذات وللعالم ولحالاتٍ جمالية معبّرة عن الزمان والمكان التاريخيين.
نال الشاعر المغربي مراد القادري على درجة الدكتوراه بمرتبة مشرف والإمتياز مع توصية بطبع أطروحته، التي حضرها في موضوع ( القصيدة الزجلية المغربية).
سناخذ المزيد من الأمثلة المقارنة في مستقبل السرد.
ملاحظة: نحن ما نزال نتحدث عن السبب الثاني للإفتتان (المفردة) ومن أين جاءت!.
ورد أعلاه في قصيدة (زجلية) إبن حُجة هذا البيت من أغنيته (هي أغنية في زمانها):
تدرو آش قال لي لما راد أن يماحل آش تقول في روض الوصال قلت ماحل.
هذا بيت شعري قد يكون عند البعض عادي.. لكن لا.. دا بيت ينطوي على عدة أسرار.
1- لازم نتذكر أن عمر البيت 600 سنة (غنية) وهو عامي (غير معرب)
2- ذات نظم وتفعيلة ووزن أشعار زجل الحقيبة
3- ذات المنلوج الذاتي ( قال لي وقلت)
4- مخاطبة المؤنث بصيغة المذكر
5- ومؤلفه عالم بنمطية الزجل وألف كتاب إسمه (الأمل في بلوغ الزجل)
كما أن البيت الصغير دا: 6- يحتوي البيت الواحد دا على كلمتين من مفردات الحقيبة الغريبة على العامية السودانية (الروض وماحل) وهنَّ فقط 300 بس (المفردات المدهشة في الحقيبة حسب رصد البحث).
فقط أنت لم تسمعه في زمانه.. لم تسمعه في إذاعة أم درمانه ذلك الزمان أي لم يتكرر في أذنك مليون مرة.
تدرو آش قال لي لما راد أن يماحل؟ (يماحل بمعني يقاطعني ويخليني في صيف بلا مطر) آش تقول في روض الوصال؟.. قلت ماحل (أي أن لا روض = حديقة رطيبة معاي.. فانت جعلتني في مَحَلْ أي جفاف)
أرض آمالي في إمحالْ ومن الهم بقيت في أوحال "إبراهيم العبادي" حقيبة.
إنتباه: هذا السرد لا يقوم على التخمين أو التحليل الفلسفي والمنطقي فحسب بل بحث علمي يستند على مقارنات علمية إنتهت بالنتيجة.. وأنا هنا فقط أحاول أن أستفيد من بعض خلاصات البحث في هذا البوست.
نحن ما نزال نتحدث عن السبب الثاني للإفتتان (المفردة) ومن أين جاءت!.
شكـرا ليك أخ محمد جمال على إخراج هذه الدرر الغوالى فى هذه الفيديوهات العظيمة.. وبعيدا عن النقد الفنى الذى لست متخصصا فيه، أقول انى اتفق مع معاوية فى أمن غناء الحقيبة يعتبر تراث سودانى.. وأقول ان هذا التراث يجب ان يعالج فى مسارين: 1. القيمة التراثيـة والثقافية والتأريخية : هنا يجب أن تنشأ مؤسسة متخصصة (إن لم تكن موجودة بالفعل) تعنى بحفظ هذا الفن كما هو، بدون أى تعديل فلا تدخل فيه يد فنان بأى مستوى من المستويات وإنمات نسخه وحفظه وتأمينه مع إستصحاب ان الحفظ سوف يستمر لمئات السنين.. ولذلك يجب تحويله الى الشكل الرقمى لانه يمكن حفظه الى أزمان طويلة وصيانته بسهولة فى حاله تعرضه الى أى سبب يشوه شكله ونوعيته. فهذا تأريخ يجب أن يحفظ كما هو، ويدرس كما هو، وإعادة أدائه كما هو. وأن تنشئ الدولة فرقـة أو فرق محلية فى كل إقليم، متخصصة فى أداء أغانى الحقيبـة كما هى.. وتكريم شعرائها بما يستحقون من تكريم كإقامة تماثيل لهم كل فى منطقته..الخ. وأن تكون جزءاً من منهج الموسيقى فى المدارس الإبتدائية والمعاهد المتخصصة. وأن تكتب موسيقاها بالنوتة كما هى بدون أى قدر من إعادة التوزيع. المؤسسة أعلاه يجب أن تعنى بكل أغانى الحقيبـة وألأغانى التراثية المندثرة فى كل بقاع السودان وبلغات شعرائها.. ولا يضير ان تسمى كلها أغانى حقيبة للتبسيط.
2.فى مجال النقد أو التطوير، يجب أن لا يترك هذا العمل للأفراد، أو على الأقل يجب إشراف جهة أكاديمية على تقويمه حتى يتم التأكد من عدم النسخ بإضافة شكليات بسيطة عليه.. ويجب ان يكون التعديل أصيلاً وأساسيـاً ومعتبراً . وليس تسلقاً على شعراء الحقيبة.. ثم يحفظ مع الأغانى الحديثة وليس مع الحقيبة.
08-04-2022, 11:17 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
شكراً عزيزنا أبو الريش.. تحيات ,وشكراً للمرور الجميل ---
لكن نواصل من النقطة الاخيرة أعلاه (التحريات في مفردة الحقيبة):
كسر قلبي كسير جفنو... فاعجبوا للكاسر المكسور وابتسم لي عن نقا ثغرو
زجل.. صفي الدين الحلي 1339م (مؤلف كتاب العاطل الحالي في فن الزجل، ورد إسمه أعلاه).
النظر مكسور دون توقل تارك كم قلب مكسور في حسابه كسور
والبروق تتلامع من بسوم ونحور
سيد عبد العزيز / حقيبة 1930 (مؤلف عدد من عيون شعر الحقيبة).
ملاحظة|: لاحظ إن شئت تطابق المفردات والتفعيلة والوزن والقافية في المقطعين.. مثلاً:
النظر مكسور دون توقل تارك كم قلب مكسور في حسابه كسور.. سيد عبد العزيز: (كسر قلبي كسير جفنو... فاعجبوا للكاسر المكسور): صفي الدين. ودعك من: وابتسم لي عن نقا ثغرو... و: والبروق تتلامع من بسوم ونحور.
---
نحن ما نزال نتحدث عن السبب الثاني للإفتتان (المفردة) ومن أين جاءت!.
08-05-2022, 00:24 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
2- كالعِيسِ في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولُ (شعر كلاسيكي)
البيتان ا يحملان نفس الفكرة (لكنه مجرد تناص وليس مجاراة) إذ بعد ذلك يختلفان في كل شئ: من حيث النظم والتفعيلة والوزن وأهم شئ المفردة: هذا: كالعِيسِ في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولُ. بيت شعري عربي معرب كلاسيكي (عامودي) لغته معجمية وتفعيلته مختلفة ووزنه مختلف ونوعه الشعري مختلف. وهذا: زي إبل الرحيل شايله السقى وعطشانه. بيت شعري عامي قاموسه من العامية الوسطسودانية) غير معرب وتفعيلته ووزنه مختلفتين عن الأول كما بناءه الفني (وبنظره سريعة إليه في سياقه سنعرف أنه دوبيت = نوعه الشعري).
لكن شوف هنا:
كسر قلبي كسير جفنو... فاعجبوا للكاسر المكسور(صفي الحلي)-- النظر مكسوردون توقل تارك كم قلب مكسور (سيد عبد العزيز).
هذه الالوان للتحية واللطف والسلام ليس إلا.
نحن ما نزال نتحدث عن السبب الثاني للإفتتان (المفردة) ومن أين جاءت!.
08-05-2022, 00:35 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: سؤال هام جدا: ما الفائدة العملية من البحث في شيء مضى كالحقيبة؟. لماذا نحن نهتم كل هذا الاهتمام حد التعب؟!. أولاً هو لم يمض.. إذ ما نزال نتغنى بشعر الحقيبة. لكن هناك ما هو أهم.. أن حياتنا العامة من المفترض أن تقوم على العلم والعلمي، على جميع الأصعدة الممكنة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية. لدينا زعم أن أزمة البلاد المزمنة ذات علاقة عضوية بجهلنا بأنفسنا والبيئة الطبيعية المحيطة بنا وإتكائنا على التفسيرات السحرية "غير العلمية" للواقع الذي نعيشه وهي علة قديمة تجد جذورها في مجتمعنا التاريخي العشائري/الصوفي/الغيبي/السلفي، هكذا معا. الحضارة كما تحدثنا التجارب البشرية لا تكون بلا علم والعلم لا يكون بلا بحث والبحث لا يكون بلا جهد وتضحية وشرط صحته/فاعليته حرية الفكر والضمير المفضيان إلى الحياد العلمي. كيف يقود الجهل بالذات إلى عدم الإستقرار والحرب والفوضى؟. لأن الناس في الحيز الجغرافي لا يعرفون عملياً وعلى وجه الدقة مصالحهم المشتركة ولا تحدياتهم المشتركة ولا مصيرهم المشترك وماذا يجمعهم وماذا يفرقهم عملياً.. وبالتالي لا يستطيعون تكوين تجربة جماعية تراكمية للعيش السلمي المشترك.. وهذا بالضبط ما يحدث الآن في السودان. وأرى علينا الآن بشكل عاجل أن نعمل في جانبين 1- تخفيف حدة الأزمة الشاملة في الوقت الراهن عبر تحسين الأجهزة السياسية والإدارية وتقليل حدة المظالم الإجتماعية 2- العمل في الجانب الإستراتيجي وهو العلم بالذات الجماعية لشعبنا والإلمام بتفاصيل البيئة الطبيعية المحيطة بنا من أرض وسماء ومناخ وغابة وصحراء إلخ.. (لدينا مبادرة بهذا الخصوص هي "السودان200"). هذه محاولة مختصرة للدفاع عن معنى مثل هذه البحوث العملية ولا أتحدث هنا عن جودتها من عدمها بل عن المبدأ. وقد قام البحث في الاساس للنظر في الجانب الوظيفي للنوع الشعري/الغنائي والظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نشأت في كفنها أشعار الحقيبة.. ولم يكن من شأن بحثنا النظر في الجوانب الجمالية والإبداعية للنوع الشعري/الغنائي ذاك شأن آخر
سبتمبر 2017... حين إعلان نتيجة بحث حقيبة الفن.
نحن ما نزال نتحدث عن السبب الثاني للإفتتان (المفردة) ومن أين جاءت!.
08-05-2022, 01:49 AM
Abureesh
Abureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182
معليش يا محمد.. مفردة "الحقيبة" جات من وين؟ وبالله ما تخت المعنى تحت المويـة.. عارف تخت تحت الموية شنو؟ الخنزيـر لا يحب شرب الماء، ولو اراد صاحبه ان يسقيه يجيب الطشت يملاه موية ويخت تحته الاكل (الحبوب).. الخنزير يقوم يشرب الموية كلها عشان يصل للحبوب. ههههه فى الشرح أعلاه انا فى دقيقتين فقدت البوصلة
08-05-2022, 03:40 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
أمثلة لكلمات وعبارات حصرية في الحقيبة وكلمات عبارات لا ترد مطلقاً في زجل الحقيبة:
فأي قصيدة/أغنية غزلية دارجة وترد بها هذه الكلمات فهي زجل (حقيبة):
حمام الأيك، يا خشيف (وليد الغزال)، الشادن(وليد الغزال) عشقت شادن عيونو ساحرة وقوامو لادن ، لدن أملدن، رشا يا كحيل (الرشا هو أيضاً وليد الغزال)، قصر الرشيد، الأسد الهصور، زاد جسمي نحول، سحر بابل، سحر هاروت وماروت، ماحل، أمحال، أمقال، الغصن الرطيب، ساطل/يسطل (تاتي في الزجل بمعنى سكران ومسكر ويسكر جراء الخمر الحسية او المعنوية وليس الافيون ويقول ابو صلاح: الشعور البسطل عنبرا)، الخميلة وغصن نقا و"غصن/غصين النقا" هذه شديدة الحصرية الزجلية وهي جملة مغرم بها أهل الأندلس شديد الغرام هي والغصن الرطيب.
يا غصن نقا مكلل بالذهب أفديك من الردى بأمى وأبي.. إن كنت أسـأت فى هواكم أدبي.. فالعصمة لا تكون إلا لنبي (وهو جزءً موشح أندلسي وليس زجل).
فمن أهم شروط الزجل أن يكون دارجي غير فصيح ولا معرب ولا يجري على الأوزان الشعرية الرسمية. فأي قصيدة أو غنية معربة فهي إذن وحتماً ليست زجل وإنما أي شيء آخر (راجع محددات إبن قزمان الأندلسي للزجل في بحث حقيبة الفن السودانية) وزجليات الحقيبة إلتزمت بالكامل بكل قواعد الزجل (مرفق روابط لبحث الحقيبة).
ويقول ود الرضي السوداني: يا غصين النقا يا مهفف يا لدن يا أملدن (عامي غير معرب).
ومثل تلك الكلمات غير موجودة في الاشعار السودانية الاقدم ولا اللاحقة.. ولا توجد في المدايح النبوية السودانية ولا القرآن وهو إدعاء البعض لجهلهم بحقيقة نمطية زجليات حقيبة الفن. إذ المدايح موجودة منذ قرون عديدة كما الخلاوي ولم تنتج زجل حقيبي في السودان.. كما أنها موجودة بعد إنتهاء نظم الحقيبة مرة ثانية لم تنتج زجل حقيبي.. ذلك هو المنطق (راجع أيضاً الملاحظة في الختام).
اذ مثل تلك الكلمات /التصاريف/ التعابير لا يعرفها الشعر السابق للحقيبة ولم يستلفها الشعر التالي لها، بل الشعر التالي للحقيبة نأى بنفسه عن عباراتها ما عدا القليل والنادر مثل: الخد الزهري ورشا يا كحيل.
وأهم كلمة مفتاحية وحصرية في شعر الحقيبة هي كلمة (زَجَلْ) ذاتها.
هل كان يعرف بعض شعراء الحقيبة كلمة/مصطلح (زَجَلْ = نوع شعري معروف عبر التاريخ الحقيبة أقتفت أثره)؟. أظنهم يعرفون فقط نحن لا نعرف أنهم يعرفون أو في الحقيقة لا نعرف كيف عرفوا!.
وإلا كيف أوردوا هذه الكلمة الغريبة المدهشة لنا في أشعارهم (لا ننسى أننا نحن هذه اللحظة إزاء مفردة الحقيبة) وبل لا يعرفون فقط الكلمة (الغريبة علينا) بل حتى أنهم يصفون الزجل بالحلاوة (كان يسميه الأأقدمون العاطل الحالي أي عاطل عن الإعراب ولكن حلو):
انشِي شعري و"زجلي" وموالي... في ثَناك قليل يا جميل (العبادي)
ضاع صبري زاد من نار الصدود وجلي.. يامعاني الشـعر و"الزجــــــــلِ”
يا بيت القصيد يا روح "الزجل"
يا ماحي الزجل (عبيد عبد الرحمن) ماحي الزجل بمعنى هو أحلى منه (لاغيه).
لو رد السلام بحكمة و خجل .. كنا نقول كلام احلى من "الزجل" .. (عبد العزيز سيد احمد، متأثراً بالحقيبة إذ لا قبله ولا بعده).
والعكس يحدث هناك كلمات وعبارات لا ترد في قاموس الحقيبة (طير الرهو، البلوم، أم قيردون "أسماء طيور" السُّرة، شمة، أم حقين "أسماء بنات"، سيال، حراز، دوم، طلح، تبلدي "أسماء شجر" مجرد أمثلة: فطيور الحقيبة في الغالب الحمام بالذات حمام الأيك والأراك والقمري ولكل قاعدة شواذ وأسماء البنات هند وهندا (مثال) واسماء الأشجار عنب وتفاح ولارنجة، وأسماء القصور (قصر الرشيد) وأسماء السحرة: هاروت وماروت والمدينة الساحرة المسحورة هي بابل (مجرد أمثلة) هذا مع العلم أن شعر الحقيبة عامي (غير معرب) وهو شعر صنع خصيصاً للغناء في أمدرمان والخرطوم بداية بالعام 1921 في مجتمع كانت نسبة الأمية فيه فوق ال 90% وبعض شعراء الحقيبة ذاتها أميين أو قليلي الحظ في التعليم. إذاً لماذا وكيف حدث هذا (لا بد أنه شيء غريب)!.
نحن في سبيل الإجابة على سؤال من أين جاءت مفردة الحقيبة وكيف ولماذا!
08-05-2022, 07:11 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ورد في خلاصات البحث أن: حقيبة الفن السودانية (إبداع سوداني أصيل) من نمطية الزجل الأندلسي. إبداع سوداني أصيل ويمكن أن تعتبر الحقيبة من أجود وأبهر أنواع فن الزجل الأندلسي على مر تاريخه (حسب المقارنات العديدة التي جرت أثناء البحث الحر والمستقل).
والزجل الأندلسي فن شعري/غنائي ما يزال يمارس عند جميع الشعوب المتحدثة اللغة العربية بالاصالة وحتى تاريخ اليوم. وعنده أسماء مختلفة في البلدان المختلفة ففي المغرب العربي الكبير من أسمائه الحوزي والصنعة والمالوف وزجل.. وفي مصر ولبنان وفلسطين والعراق: زجل.. وفي المملكلة العربية السعودية إسمه الحجازي.. وفي السودان إسمه: حقيبة الفن (وفق خلاصة بحث الحقيبة).
هنا لقاء مع قناة سودانية 24 حول خلاصات بحث حقيبة الفن وذلك على سبيل المناسبة:
08-05-2022, 07:25 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
إستدراك على مقطع من محاضرة أستاذنا الجليل معاوية يس إذ يستنكر بعض الأخطاء التي رآها نحوياً لا تليق ببعض شعراء من الحقيبة ذكرهم بالإسم: المساح وسيد عبد العزيز وبطران خطَّأَه المؤرخ محمد عبد الحليم وهو أيضاً في تلك الجزئية مخطي أعني المؤرخ الجليل (نأتي على ذلك لاحقا) الآن نحن مع يس.
اسمع بين الدقيقة 18.30 و19.30 وطالع تعليقي من بعد ذلك وخلاصته أن معاوية جانبه الصواب هذه المرة وحدها:
يقول المساح هاروت وليس هارون وإنما البعض الذي نسخ ديوانه لاحقاً ظن أن هاروت هي هارون نسبة لشيوع إسم الخليفة العباشي الشهير هارون الرشيد في مقابل الصحيح "هاروت" وهو ملاك السحر في بابل.
والسحر في الحقيبة : 1- سحر بابل 2- سحر هاروت وماروت 3- سحر هاروت (أحيانا يسقط ماروت ملاك السحر الثاني فيكون سحر هاروت وحده يكفي أو حسب النظم والقوافي) وهذا ما فعله المساح.. وعبارات السحر الثلاثة هذه من الكلمات المفتاحية للزجل الأندلسي الذي مارسته وتمارسه الشعوب المتحدثة العربية عبر القرون بعد إندثار الأندلس وحتى تاريخ اليوم. وعنده أسماء مختلفة عند الشعوب المختلفة ففي المغرب الكبير من أسمائه: الحوزي والمالوف والصنعة والقوما و"زجل" وفي مصر زجل وكذا في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان (زجل) وفي السعودية إسمه الحجازي وفي السودان (حقيبة).
وتعييبه لما ظنه خطأ نحوي في (هاروت سحره ماخود من سحر عينانك طلموك لو يقولوا الدر شبيه أسنانك).. لا.. فالمساح فعل الصواب (لا تعريب) فالنص عامي وأي محاولة لتعريبه تعني كتابته من جديد بقافية جديدة ووزن جديد. فتصور إن عربت (عينانك) لتكون "عينيك" ستختل القافية ويختل الوزن وهكذا.
يقول يس في غنى القمر على الغصون مستنكراً الخطأ النحوي (عظيم كالمال حلو كالنون) وفي أغنية أخرى (يا جميل النور ماسه من عيناك) وإلخ:
المعلومة المهمة التي وجب التنبيه لها أن الحقيبة شعر عامي فقط في عاميته يستلف مفردات من عاميات تاريخية كحال العرف والعادة عند كل الزجالين عبر التاريخ لا الحقيبة وحدها.. انظر هذا المقطع من عني القمري على الغصون ولاحظة (كالبنون) وموقعها من القافية: غنى القمري على الغصون ذكرني الدر المصون فريد عصره المامثله شئ قمرنا الليك متربصون يالغصن البزري الغصون ملاك محروس داخل الحصون شمس الكون تشبه وشي قاسي سماع لهجه الحنون عظيم كالمال حلو كالبنون
وبما النوع الشعري (حقيبة = زجل سوداني) تنطبق عليه قواعد الزجل وهذا حاصل بالفعل (لا تعريب) بل التعريب قاتل ومضر حسب قواعد هذا النمط المرعية.
وعلى ذكر ذلك أضع من جديد الخلاصات الأولية ل: (قواعد العامية/الشعر العامي) وفق هذا التصور:
1- أن أشعار السودان الوسطية تجرى على أساس قواعد العامية الوسطسودانية لذا معرفة قواعد تلك العامية جوهرية الأهمية.
2- التعريب عيب (ممنوع) في الأشعار العامية، وجب أن تنطق بلغة الشارع.
3- تفاعيل الأشعار مختلفة عن بعضها البعض وقاموس مفرداتها.
4- نمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة
5- للأشعار العامية أوزانها وأبحرها الخاصة بها وليست بالضرورة تنسجم مع الأبحر العربية الرسمية كما أن التفاعيل منوعة ومتعددة وتفوق التفاعيل الرسمية الثمانية المعروفة في الأنماط الرسمية فمثلاً في الرسمية لا توجد (فِيعْلانْ، فيعْعِلاتُنْ) وتوجد في الحقيبة.
6- التقطيع العروضي للأشعار العامية ضروري لنتعرف على البناء الداخلي للقصيدة وفرز الأنواع الشعرية كما شيء آخر أهم: اللفظ السليم للمفردات.
ونختم هذه الحلقة بمقطع متعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل". ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدي: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م.
ملاحظة: كلمة خلاعة في الزجل كلمة بريئة ومستخدمة بكثافة لتعني (البهجة = التحلل من القيود) .
إن شئت راجع هذا البوست ففيه شرح مفصل مع ضرب الأمثلة البيانية في أخطاء التعريب وأخطاء اللفظ السليم للعامية الوسطسودانية بالذات في لحظة أداء غناء الحقيبة:
أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم:
ما هدف الحقيبة الأول في لحظتها التاريخية الأولى؟.. ما هدف الغناء الجديد/ الشيء الجديد (هكذا اسماه العبادي وكذا فعل سرور).. ما الهدف أو الأهداف (ثلاثة):
1- خلق أدب شعري (غنائي) جديد يواكب المرحلة الجديدة فيما بعد كرري وبداية الحكم الإنجليزي للسودان.. شعر غير عنيف ولا ثوري لان لا داعي للثورة فجاء نظام مدني كامل الدسم ( شعر وغناء ما فيه سيوف وحراب وإرهاب وزول بريد اللطام أو سيفو بحد الروس).
2- اصبح بالخرطوم وأم درمان وجود حكام وموظفين وعمال وجاليات تتحدث عاميات عربية مختلفة بما فيهم الحكام الإنجليز والباشوات أنفسهم لكن لا يعرفون العامية السودان ولا يفهمون الأشعار والإغاني المكتوب بها من شاكلة الدوبيت والحماسة والمناحة إضافة إلى كونها عنيفة الكلمة ومحرضة على الثورات المسلحة والرقصات المصاحبة لها (أعنف) بالسيوف والحراب والعصى وهناك بطان.
3- الجيش وقياداته يحتاجون ترفيه (مهضوم) وذلك الوقت 1920 لا توجد إذاعات ولا فونغرافات ولا أي وسيلة لتسجيل الصوت (ليس بعد في السودان)، فإلّا الشاعر أو المغني يقف أمام الناس بشحمه ولحمه (لا توجد طريقة أخرى) ولذا كان سرور فنان الجيش في الخرطوم وفي ليبيا وفي اليونان ومات مع الجيش في أسمرا عام 1946.
تلك مذكرة لمقبل السرد.. نحن ما نزال في السبب الثاني للإفتتان (المفردة ومن أين جاءت).
08-05-2022, 09:16 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
مفردة الحقيبة قادمة من أربع عاميات أساسية*: 1- عامية العهد الوسيط والأخير من الأندلس (1100-1500م عامية ماتت). 2- تلك العامية (في ف "1") مرت عبر المغرب العربي (شالت من نكهته آنذاك) (1250-1500 عامية ماتت). 3- تلك العامية (الكلمات المفتاحية) تعبأت من جديد في كبسولات زجل العهد المملوكي (1250-1500 عامية ماتت). 4- العامية الوسطسودانية (1920-1945) أي أن ذلك الزجل أي كلماته المفتاحية (في "3") تعبأت من جديد في عامية جديدة حية.
وتلك مذكرة لمقبل السرد.. نحن ما نزال في السبب الثاني للإفتتان (المفردة ومن أين جاءت).
08-06-2022, 03:03 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها
العاطل الحالي والمرخص الغالي كتاب في (فن الزجل = نمط الحقيبة) ألفه: صفي الدين الحلي 1330م (التاريخ دا 1330م قبل خراب سوبا سنة 1503م . . كانوا يعرفون نمط الحقيبة الذي جاء 1921م في أم در التي تأسست 1885م)!
ملاحظة مكررة للأهمية: نحن ما نزال في السبب الثاني للإفتتان (المفردة ومن أين جاءت).
08-06-2022, 03:02 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
أنظر إلــــــــــى المتعب اللان بدر الكمــــــال لــو تصبر صبر أيـــوب ياللان والصابر ينال أصبر ولا تقلق كما صبر أحمد بين الأنــــــام كمل زجلي موفق بالتمـــــــام
---- 3- اسمعنا مره اسمعنا مره وحاتنا عندك اسمعنا مره الدنيا تبقى مافيها مره والكون يلالي بهجه ومسره حن في عمرنا كايسنو مره وان قلت لا لا هم واستمره
ان درنا نشكي وين نشكي ليكا وين نلقى دنيا تجمعنا بيكا كنت بتجينا ياحليل مجيكا وان ضاع عمرنا محسوب عليكا
4- قلبي يحب تيّاه ليس يعشق إلا إياه فاز من وقف وحياه يرصد علي مُحياه بدر السّما لو يطلع من رام وصالو يعطب صغيَر يحيّر في أمرو غزال قهر بِسُمرو ليث الهوي ونمرو فاعجب لصغر عمرو ريم اردي الاسود وأرعب من في الجمال فريدو للصب من وريدو يذبح ولو يزيدو --- 5- حبيتو ما حباني وأتذكرتو قام نساني --- 6- في سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب أنظر نعمـــــــــــة الخضرا في الروض العجيــــب لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب --- ـــــــ 7- يا من سحرني بحسنه البديع * وجماله الفـــــــايق
حبه ملكني سريـــــع * وبقيت متقــــــــلق وقلبي في هــوال * جمرو يحــرق حسنو فــريد وحــده يا معشر العشاق مغنج الأحداق ليه قد مكمل وقوص هنـدي أمــا العيون مرض وقاح والجبين يهلل وريقو شهدي و التبر قــــوس أشباح ما رئيت مثلو
بالحسن سلطان * على جمع الحسان * في عصرو حـاكم وقلبي حيـران * من شديد الجراح * في دي المحنة هايـم والعقل هينـان * ما جاء بـصراح * يا سلام ســــلم
8- ياما الغربة بتتحداني وانا بتحدى الزمن الجاير لو في بعدك يتحداني لمّ سحابة تلاقي سحابة وتنزل منها دمعة عشاني لمّ تلاقي مسافر عايد تمشي وتسألي عن عنواني وانا عنواني عيونك انتي وأي مكان تمشيهو مكاني
إنتهي.. الإمتحان سيستمر لمدة نصف ساعة فقط وستفوز أول إجابة صحيحة.. وستعلن الجائزة لاحقا.. الإجابة مرة واحدة ولازم تفرز .. وكل إجابة مكبشرة سلفا.. مصورة عندي أول بأول>
--- هذا الإمتحان في الحقيقة الإستطلاع عملناه أيام بحث الحقيبة ومن مثله عدة مرات وكانت النتيجة محيرة إذ أشترك في الإمتحان 200 شخص عبر وسائل تواصل مختلفة وجميعهم أجابوا بأن المقاطع التي تنتمي للحقيبة هي:
2 و4 و6 و7 (راجع مرة ثانية المقاطع اعلاه).. وعندما سألت البعض منهم كيف عرفتم قالو من اللغة و التون.. واللغة (= المفردة = الكلمات المفتاحية) و التون (= الريتما = الجرس الشعري = التفعليلة = الوزن العروضي) غير أن هناك سر بسيط (في المداخلة المقبلة).
08-06-2022, 03:11 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
أنظر إلــــــــــى المتعب اللان بدر الكمــــــال لــو تصبر صبر أيـــوب ياللان والصابر ينال أصبر ولا تقلق كما صبر أحمد بين الأنــــــام كمل زجلي موفق بالتمـــــــام
---- 4- قلبي يحب تيّاه ليس يعشق إلا إياه فاز من وقف وحياه يرصد علي مُحياه بدر السّما لو يطلع من رام وصالو يعطب صغيَر يحيّر في أمرو غزال قهر بِسُمرو ليث الهوي ونمرو فاعجب لصغر عمرو ريم اردي الاسود وأرعب من في الجمال فريدو للصب من وريدو يذبح ولو يزيدو
--- 6- في سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب أنظر نعمـــــــــــة الخضرا في الروض العجيــــب لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب ---
7- يا من سحرني بحسنه البديع * وجماله الفـــــــايق
حبه ملكني سريـــــع * وبقيت متقــــــــلق وقلبي في هــوال * جمرو يحــرق حسنو فــريد وحــده يا معشر العشاق مغنج الأحداق ليه قد مكمل وقوص هنـدي أمــا العيون مرض وقاح والجبين يهلل وريقو شهدي و التبر قــــوس أشباح ما رئيت مثلو
بالحسن سلطان * على جمع الحسان * في عصرو حـاكم وقلبي حيـران * من شديد الجراح * في دي المحنة هايـم والعقل هينـان * ما جاء بـصراح * يا سلام ســــلم
تلك هي الإجابة التي أجابها 100% من المشتركين في المسابقة الودية.. غير أن لا أحد أنتبه للخدعة الحميدة أن في الحقيقة لا يوجد أي مقطع من كل تلك المقاطع ينتمي للحقيبة بل اربعة منها شعر عادي ما بعد حقيبي وأالأربعة الأخرى تنتمي إلى أنماط مختلفة من الزجل الأندلسي وتحديداً من نوعية (المملوكي والحوزي المغربي).. إنها أغاني أزمان ماضية (يتراوح عمرها بين 500 إلى 900 سنة) ولكن ما زال الناس يرددونها حتى الآن أو ينظمون على شاكلتها من حيث الوزن والمفردة وذلك هو السر.
08-06-2022, 04:25 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
سنقارن عدة نماذج لنتبين طريقة النظم (الصنعة = التفعيلة = الوزن) مع مفردات مشابهة + البناء الشكلاني للقصيدة والسجع والجناسات ولزوم ما لا يلزم والقوافي الثلاثية والرباعية والحروف مثل ( غين ولام) والأرقام.
08-06-2022, 07:54 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
النظم/الصنعة هذه المرة (بين الحقيبة والحوزي المغاربي)
ملاحظة إستباقية: نحن هنا نسعى إلى تبيان تطابق النظم/الصنعة هذه المرة.. دعك الآن من المفردة. والنظم = الصنعة = التفعلية + الوزن + القوافي المتعددة والسجع ولزوم ما لا يلزم والدخلة والطلعة (من مقطع إلى آخر) والخرجة (النهاية).. أمثلة:
تقفية صدر البيت وعجزه كل الوقت وبقافية مختلفة وتتنوع بين مقطع وآخر لكسر الرتابة والإحتفاظ دوماً بفتنة المفتتن يدري ولا يدري.. (سيد عبد العزيز والتلمساني) مثال لا حصري:
يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان
ياذو الفخار والطول أرحم بنى الإنسان
مين لسماك يطول ما يطولك اللمسان.
التلاتة أبيات دي بتدينا مثال لنمطية القصيدة كلها .. إذ أن القصيدة دوماً يتكون بيتها الواحد من قافيتين مختلفتين.. صدرها مختلف عن عجزها في كل مقطع وآخر.. لاحظ هنا مرة ثانية أن الصدر ينتهي باللازمة ( طُولْ) والعجز باللازمة (سَانْ):
يا قائد الأس/طولْ تخضع لك الفر/سَانْ
يازو الفخار وال/طولْ أرحم بنى الإن/سَانْ
مين لسماك ي/طولْ ما يطولك الّمَ/سَانْ.
وهنا ذات طريقة النظم من أغنية زجلية للتلمساني (حوالي 1590م)
بعنوان: يا قلبي ندعيك للشرع (يلوم قلبه):
يـا قـلـبــــي نــدعـيـــك للـشــــــرع للــطـلـبــــــــــة و الـعــــــــــارفـــــيـن
مـن فـيـــه الــحـــــق يـــرتـــجــــع و يـتــــــوب لـلــــــــــرب الــحــنـــيـن
آه يا قــلــــبـــــــــــــــــــــــي آه
لاحظ النظم بتقفية البيت الواحد بقافيتين مختلفتين هي ذاتها طريقة نظم قايد الإسطول مثلاً:
يـا قـلـبــــي نــدعـيـــك للـشـــــ/ـرع للــطـلـبــــــــــة و الـعــــــــــار/فـــــيـن
مـن فـيـــه الــحـــــق يـــرتـــ/جــــع و يـتــــــوب لـلــــــــــرب الــح/ــنـــيـن
ملاحظات أخيرة حول هذه المقاطع: طريقة النظم/الصنعة هذه هي + الكلمات المفتاحية الرنانة هي ما يميز الزجل بكل أنواعه وفي جميع البلدان التي أشتغلت عليه وعبر الأزمان وهي سر خلوده برغم أن معانيه قليلة لكن لغته فخمة ودسمة وحلوة.
فنحن هنا نسعى إلى تبيان تطابق النظم/الصنعة هذه المرة.. دعك الآن من المفردة. والصنعة = التفعلية + الوزن + القوافي المتعددة والسجع ولزوم ما لا يلزم والدخلة والطلعة (من مقطع إلى آخر) والخرجة (النهاية).
وشئ أخير المقاطع أعلاه زجل حوزي وهي مقاطع نموذجية للنظر في صنعة الزجل.. لكن بالنسبة للشخص الذي يسمعها لأول مرة قد لا يستسيغها كما يفعل لدى الحقيبة وهناك سببان بديهيان: الأول أن هذه المقاطع قديمة (حوالي 500 سنة) والثاني أن إذنك لم تعتاد على لحنها كما أنت مستمع للحقيبة مئات أو آلاف المرات. فهي في زمانها في غاية الإبهار وما تزال تغنى في الجزائر والمغرب حتى تاريخ اليوم كما يتم النظم على أثرها (مجاراة مستمرة) على ذات الوزن وبذات الكلمات المفتاحية.
ولك أن تتأمل هذا المثال الأخير بنفسك:
شكر ألِّي جفات صـــــــــــــــــــاير.. زينا المخنتر موجود في النصــــــار (النصار = النصارى "اوروبا = بنات هولندا" مثلاً)
من كوت قلبي بلا محـــــــــــــــاور .. مهموم حزيـن أو في قليبي شعلة نار
عقلي مخطوف رَاهُ حايـــــــــــــــر.. بلا جنحين راح طـار فالوعــــــــار (المحاور الحديد الذي يوضع في النار ..والوعار = الخلاء)
طال عذابي أعيت صـــــــــــــــابر.. نرجى آلاوقات يا صحابي كل نهار
جــــــــــــــاني سيف الهوا طعني
نحن ما نزال نتحدث عن الصنعة في الحقيبة ومن أين جاءت المفردة!
لاحظ اللعب بالقوافي في هذا المقطع (الحوزي) الصغير.. هذا لا يحدث أبداً في أي غناء أو نوع شعري آخر إلا في فن الزجل وحده والحقيبة.
--- ونختم هذه الحلقة بمقطع متعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل".
ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدي: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م قبل خراب سوبا الناس كانت عارفة الأنماط الشعرية العامية عندها وأنواعها وطرائق نظمها وأوزانها وتفاعليها وكلماتها المفتاحية إلخ.. لكن نحن لا.. والسبب لأننا متخلفين في لحظتنا التاريخية (مجرد محاولة عاجلة مني للتفسير).
نحن ما نزال نتحدث عن الصنعة في الحقيبة ومن أين جاءت المفردة ومقارنات!
08-06-2022, 09:30 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
هنا كل الروابط المتعلقة بوضوعنا هنا (ناس أعزاء من خارج البورد طلبوا مني ذلك):
تلات بوستات جديدة لمن شاء (1- إضاءات جديدة على بحث الحقيبة 2- أخطاء مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث و 3- قواعد العامية الوسطسودانية) وذلك من جوهر الثورة:
1- إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
لاحظ تعدد القوافي في البيت الواحد ثم في المقطع الواحد ولاحظ الطلعة أو الخرجة:
بالحسن سلطان * على جمع الحسان * في عصرو حـاكم وقلبي حيـران * من شديد الجراح * في دي المحنة هايـم والعقل هينـان * ما جاء بـالصراح *
يا سلام ســــلم.. (زجل حوزي مغاربي)
يا سلام ســــلم (دي الطلعة إلى مقطع جديد في ذات القصيدة وأحياناً تكون الخرجة (النهاية)
في التفكر اصبح وامسي ايضا التزكار نجوى همسي وحياتي اشبه برمسي اشكو يومي واسترحم امسي ما عهدتك يا ليل تمسي طلت وامتى اشراق شمسي
وانت وين يا بدر التمام
وانت وين يا بدر التمام (الطلعة إلى مقطع جديد) ود الرضي/حقيبة.
هنا نسعى إلى تبيان تطابق النظم/الصنعة هذه المرة.. دعك الآن من المفردة. والنظم = الصنعة = التفعلية + الوزن + القوافي المتعددة والسجع ولزوم ما لا يلزم والدخلة والطلعة (من مقطع إلى آخر) والخرجة (النهاية).
نحن ما نزال نتحدث عن الصنعة في الحقيبة ومن أين جاءت المفردة!
08-06-2022, 11:15 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
--- * وانت لن تسأل عن أي معنى ولن تجد أي معنى محدد أو حكمة محددة لأن لا معنى أبداً ولا حكمة.. هذا النمط صنع خصيصاً عبر العصور كبنج للآلام.
لاحظ الدخلة والطلعة (من مقطع إلى مقطع) والخرجة/النهاية .. (كل شئ وفق نسق شديد النظام والحبكة.. إنه كون كامل من النظام الدقيق الذي لا بد أن يكون وراءه إرث ومدبر ذو تدبير):
احرموني ولا تحرموني سنة الاسلام السلام
سنة الاسلام السلام ... (الدخلة)
عطفكم يا من الموني كالاشعة الاسهم رموني الشجون بالليل نادموني الانين والنوح علموني لو معنعن قول كلموني حبي طاهر لم تظلموني
برضي قابل الظلم احترام ... (طلعة)
يا النفوني كفى اعرفوني ساهي ساهر ساحات جفوني في هواكم يا من جفوني لا الوم ان لم تنصفوني انعكاس الاحوال كفوني ايضا الايام عرفوني
يوم سموما ويوما غمام ... (طلعة)
كلما النسمات عطروني فاجأوني دموع مطروني رب اغفر للعكروني في وداعة الباري العروني رب وقت يتذكروني او يقول القايل دروني
او يحدث عني المنام ... (طلعة)
الدهاة بالسلو ما دهوني عن تجاهكم ما وجهوني بي تحكو وشمتو النهوني وبرضي هايم وخاضع لهوني لا اقول مستنكف دهوني عن كثير عن قيس نبهوني
عن حقيقة الحب غين ولام ... (طلعة)
ما تنفس صبح او ضحى لي الا غاب هدهد فكري ورحالي قال قربك عين المحال قلبي غير زكراك ما صحى لي يكفي ان السهد اكتحالي يكفي شاهد لي انتحالي
مذكرة: مقارنة بين مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز) وغنية زجلية حوزية .. مقارنة في النظم والصنعة والمفردة (يأتي لاحقاً) الآن هذه هي: مداعب الغصن الرطيب:
يا مداعب الغصن الرطيب في بنانك إزدهت الزهور زادت جمال ونضار وطيب
* * * أنا وأنت في الروض يا حبيب راق النسيم وحلى للمرور بقى أحلى من ساعة السرور وأدق من فهم اللبيب
* * * والروضة في موقع خصيب حضنوها وإتلافوا النهور ترى فيها أنواع الزهور من كل لون أخدت نصيب
* * * يانع ثمارها ونص وطيب أشبه بربات الخدور الإنبرجن في يوم حبور زادن جمال ونضار وطيب
* * * في الروض غنى العندليب ورددوا غناه الطيور ترتيل أناشيد الحبور وفتيانها يوم عيد الصليب
* * * دنت الثريا بقت قريب بين السلوك في تاني دور في ثانية كم سطعت بدور وأهلة كان نوعن غريب
* * * شيء ينعش الروح في الأديب ويحيي روح ميت الشعور للقاك تنشرح الصدور ويفرح القلب الكئيب
وزجلية حوزية قديمة:
أملا يانديم في الحـــــــان كـاسي بلا مـــــــــــزاح ما غنت على الأغصـــان طيور الفصــــــــــــاح
فاح اليسمين الزيـــــــــن سلطان النـــــــــــــــوار لما غرد المغنيـــــــــــــن عن تلك الخضــــــــــار هيا نتدرجو الاثنيـــــــــــن مابين الاشجــــــــــــــار
نتمشى يــا إنســـــــــــان ســـــــــــاعة في البطاح ما غنت على الأغصــــان طيور الفصــــــــــــاح
أنضر نعمـــــــــــة القدرا في الروض العجيــــب لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب قصدي نقيــــــــــم سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب
أملا يا نديم في الحـــــــان كـــــــــاسي بلا مزاح ما غنت على الأغصــــــان طيــــــــــور الفصــاح .. (طيور الفصاح = الطيور التي تغرد صباح عيد المسيح)
نظرة جديدة في طريقة النظم والتفعيلة والوزن والبناء والمفردة) ياتي في مستقبل السرد (مقارنة مع الزجلية الحوزية).. في المداخلة المقبلة.
نحن ما نزال مع السببين: السبب الأول والثاني للإفتتان (الصنعة + المفردة) ومن أين جاءا!
هذه المرة مقارنة بين سيد عبد العزيز في (يا مداعب الغصن الرطيب) من نمط الحقيبة وإبن قزمان في (يا مداعب الغصن الرطيب) من نمط الزجل الأندلسي.
ربما تكون مقارنة مدهشة للبعض منا (وعد).. القصيدتين كاملتين مرفقات آخر الكلام.
ماذا يجري هنا، أن هناك قصيدتين (أغنيتين) كتبتا في زمنين مختلفين (الاولى 1150م تقريباُ وظل يرددها الناس في المغارب والمشارق حتى تاريخ اليوم ونظموا على منوالها كل الوقت والثانية قبل 90 سنة تقريباً (1930م) وفي مكانيين مختلفين في الجغرافيا والبيئة) لكن نجد أن التفعيلة والوزن والكلمات المفتاحية وبناء القصيدة والصور الحسية الوصفية شبه متطابقة كما الأخيلة الشعرية المعنوية، ذلك أن: هناك حديقة/روض/روضة خضراء يانعة وأن هناك طيور تغني في الحالين وأن الحديقة مزهرة وأن لا شيء يعكر الجو، من ملامح وصف الطبيعة في الحالين إذ لا يوجد رقيب ولا واشي في الحالين عكس الصورة في حتات تانية في الحالتين الأندلسية والحقبنجية السودانية وبالتالي هذه المرة: هيا نتدرج الإثنيـــــــــــن مابين الأشجــــــــــــــار نتمشى يــا إنســـــــــــان ســـــــــــاعة "في الروض الأندلسي".
أنا وأنت في الروض يا حبيب.. راق النسيم وحلى للمرور "يعني هيا نتدرج ونتمشى ساعة في الروض الأمدرماني". وكلمة ساعة واردة في الحالين مع إختلاف وظيفتها في الاولى الأندلسية ساعة زمن بمعنى بعض الوقت "اللذيذ" وفي الثانية السودانية الساعة تعني توقيت مناسب للتمشي والتجوال اللذيذ والمتعة مع الحبيب في الروض الخصيب.
وكما نرى أن الصور الشعرية والأخيلة شبه متطابقة مع إختلافات فقط في إستخدام اللغة. فإننا نجد أيضاً الجرس الموسيقي شبه متطابق مع قافية في بعض الأحيان متطابقة. زيادة على ذلك هناك عدد من الجمل الكاملة او/و الكلمات المفتاحية مكررة/متطابقة في العملين:
قصدي نقيــــــــــم سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب (إبن قزمان) أنا وأنت في الروض يا حبيب (سيد عبد العزيز) --- أنضر نعمـــــــــــة القدرا في الروض العجيــــب (ابن قزمان) والروضة في موقع خصيب (سيد عبد العزيز) ---- لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب (إبن قزمان) يا مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز).
وأهم شيء والذي ربما حيَّر الملاحظ المتأمل أن المناسبتين حدثتا في يوم مناسبة مسيحية وهي يوم عيد الصليب (الفصح أو الفصاح وأصلاً هي الفساح بالعبري) وأن في الحالين (الحبيبة مسيحية الديانة) وان الطيور كانت تغني منشرحة في هذا اليوم الاندلسي الصليبي العجيب الذي تكرر في ام درمان:
ما غنت على الأغصــــان طيور الفصــــــــــــاح (الفصح هو عيد الصليب) ابن قزمان
في الروض غنى العندليب ورددوا غناه الطيور ترتيل أناشيد الحبور وفتيانها يوم عيد الصليب (سيد عبد العزيز)
والـبلبل الـغريد يـدور عـلي منبر الاغصان خطيب (سيد عبد العزيز)
شبه الثريــــــــــــــــــا حين جــــــــــــاد بوصالي (ابن قزمان)
دنت الثريا بقت قريب (سيد عبد العزيز)
كما أن الصورة الكلية في الحالين واضح من السياق انها متخيلة وليست حقيقية وهذه ملاحظة هامة جدا وكأنها الحنين إلى فردوس غائب/مفقود!.
تعليق: ذلك هو فن الزجل، كل قصيدة عندها مرجعية وأصل لأنه نوع شعري يتناسل من بعضه البعض (فن المجاراة) فكل قصيدة (غنية) عندها أم وأب وعندها جد وجدة وعشيرة وقبيلة وعندها مرجعيتها الجينية الكلية في الزجل الأندلسي.. وكل وليد يأتي أكثر جمالاً وكمالاً من أهله وهذا ما حدث هذه اللحظة فجاءت يا مداعب الغصن الرطيب لسيدها سيد عبد العزيز زاهية وباهية وطاعمة أكثر بكثير من جدتها الأولي (الغصن الرطيب لسيدها إبن قزمان).
في الختام ملاحظة: أمامك رابط من منبر سودانيزأونلاين لسرد جاري حول نتيجة بحث الحقيبة ثم ستجد بعده (إن شئت) قصيدة سيد عبد العزيز وتلك التي لأبن قزمان لمزيد من التأمل الذاتي.
إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
مقارنة بين مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز) وغنية زجلية حوزية .. مقارنة في النظم والصنعة والمفردة (المقارنة تمت أعلاه) وهنا تجد القصيدين بالتتابع لمزيد من التأمل الذاتي:
يا مداعب الغصن الرطيب في بنانك إزدهت الزهور زادت جمال ونضار وطيب
ديــــــــــــــــــر الحمية واسقينا يا غـــــــــــــزالي خمرت ذكيــــــــــــــــة مــن شــــــــــرب الدوالي شبه الثريــــــــــــــــــة حين جــــــــــــاد بوصالي
نحن في السودان نضع أنواع شعرية كثيرة تحت بند دوبيت ومسدار. وكثير مما نسميه دوبيت هو ليس بدوبيت بل مواليا وقوما كما أن النمط الذي نسميه المسدار هو في الحقيقة كنكان (كان وكان) إذ هذه الأنواع الشعرية أنتشرت بداية بمنتصف العهد السناري ثم التركية وهكذا.
ولكن السودانيين لم يعهدوا النظم على قالب الزجل الأندلسي إلا في الربع الأول من القرن العشرين بداية بحوالي 1920م.. وسرعان ما توقف النظم الزجلي في حدود العام 1945 إذ رواده والعالمين به توقفوا للأسباب التي يعلمون وظل البعض القليل ينتج النمطية حتى الستنيات من القرن الماضي ثم أنزوى النمط مرة واحدة وهو أمر محير فجميع الأنماط الشعرية الأخرى الأقدم منه تمارس حتى تاريخ اليوم سواءاً الفصيح منها أو العامي. وإذ توقف النظم.. ظل الناس يرددون أغاني الحقيبة بلا كلل ولا ملل وحتى تاريخ اليوم في إفتتان غير واعي بذاته.. ودون أن يلقى النمط الدارسة العلمية والأكاديمية الكافية مما جعله عرضة للروايات الشفاهية والإنطباعات الشخصية في مجتمع تاريخي سحري يعشق الخوارق والأساطير والخرافات وكل الما ورائيات. ففي الحوزي المغاربي مثلاً هناك مئات الدراسات والعشرات من رسالات الدكتوراة. . لكن نحن لا!.
نحن ما نزال مع السببين: السبب الأول والثاني للإفتتان (الصنعة + المفردة) ومن أين جاءا!
08-08-2022, 07:38 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
المجاراة التي تمت لبعض اشعار السافل من العبادي وغيره لم يغنيها احد ناهيك ان تسجل في اسطوانات.. وتمت الاجابة عبر البحث ان مرجعية الحقيبة الزجلية من حيث الكلمة والنظم (لا نتحدث عن الالحان هنا) لا توجد في المديح ولا الخلاوي كما تقول الروايات النمطية.. وذاك ما اكده البحث حتى الان.. وهنا ادناه محاججة قديمة عن لحظة ما قبل الحقيبة بقليل تبدا بسؤال.. ولكن اظنها لن تكون مفيدة للانسان في شي ان لم يكن قد اطلع سلفا على خلاصات البحث:
لماذا خان الإنجليز أدب وفن كبوشية؟! .. وارتهنو إلى نمط جديد مختلف هو ما سمي لاحقا بالحقيبة (هنا نتحدث عن الخلفية والاسباب والأهداف والنتيجة الختامية) !
توصلت إلى إشارات غاية في الاهمية في تقديري ذلك أن الإنجليز في حل عن الباشوات الأتراك "حكام مصر" ركنو في البدء إلى تصعيد الفن الشعري والغنائي لمنطقة كبوشية قبل الحقيبة بقليل. وشجعو أيقونة الفن الكبوشي في زمانه محمد ود الفكي وبرز عدد من فناني وطنابرة كبوشية من اشهرهم عبد الغفار وغيره الكثير وهناك طبعا المطرب الشهير عبد الله الماحي ابن كبوشية.. (يبدو لي جلياً ان الإنجليز أيام الإحتلال كانوا على وعي كبير بمرجعيات المخيال الأنثروبولوجي لإنسان السودان، ربما أفضل مما نفعل نحن حتى هذه الحظة)!.
لكن ماذا حدث بعد لحظة لأعلام كبوشية؟: محمد ود الفكي رجع إلى كبوشية وهو في قمة صيته وشهرته ووصل مستوى أكبر من محمد وردي في قمة مجده وبلا منافس آخر "مثال للبيان".. وبعد ورد في الحكايات المعلنة أن والده منعه الغناء "هذا يبدو غير منطقي لان الأولى أن يمنعه قبل أن يصبح فنان السودان الاول بلا منازع في زمانه وقبل أن يصبح أستاذ سرور ومحط إعجاب العبادي وجموع العارفين في زمانه. أليس منطقيا!.
وعبد الغفار رفض النمط الجديد "الحقيبة" علناً وقاوم ثم رحل إلى مدني. في الحقيقة تم نفيه وضربه هناك ومنعه من الغناء وهو في منفاه "توجد شهادات ووثائق على ذلك" وليس هو وحده بل كل من رفض من اهل كبوشية تم التضييق عليه ومطاردته.
وما حدث لعبد الله الماحي شيء مختلف إذ أختار النمط الجديد "الحقيبة" وتم الرضى عنه ولو موقتا لكن دون تصعيد مبالغ فيه كما تم لسرور وتسميته عميد الغناء.
لماذا إذن حدث ذلك؟.. لما لم يواصل الإنجليز دعم أدب كبوشية ذلك الزمان حتى النهاية؟!.
أعتقد أنهم توصلوا إلى نتيجة مفادها أن: النسخة الكبوشية من الفن شديدة الإعتداد بالذات وتذكر الناس بأمجاد وبطولات الماضي والعزة والكرامة والإستقلالية الذاتية.. وقد أختيرت في البدء كبوشية لسببين أساسيين أهمهما الثاني:
1- منطقة مليئة بالتنوع الفني والفلكلوري والكفاءات البشرية التي تسطيع أداء المهام الإبداعية 2- كبوشية تقع في حزام الجعليين العشائري والفكلوري والثقافي.. والمنطقة كانت في معظمها معادية للمهدية وآيدولوجيتها وهي كانت اي المهدية العدو الأقرب للإنجليز قبل أن يتصالحوا مع الزعامات القلبية والصوفية ويؤسسو نظام الإدارة الأهلية.
لذا كان أدب كبوشية مناسبا دون غيرة من الفنون مثال ما لدى الشكرية والبطاحين والمسلمية والكواهلة ولهم أدب شعري وغنائي كثيف في التاريخ وحتى الآن "مثال" لكن تم اختيار كبوشية دون غيرها.. ولكن!
لقد تم إيقاف أدب كبوشية الغنائي بطريقة مفاجئة وعنيفة بما يشبه لغة الصالح العام هذه الأيام ومن ضمنه معاكسة ومطاردة المتمسكين بفن كبوشية والرافضين لنمطية الزجل المملوكية التي كانت البديل وهي بالفعل نسخة لطيفة مجنحة "رومانسية" لا علاقة لها بالواقع العملي ولكنها مسلية وخيالية وبديعة النظم وذات وقع وايقاع جديدين "الحقيبة".. وظل أدب كبوشية الغنائي يلمع حتى الآن برغم التضييق الرسمي الذي تعرض له. وذلك فيما يتعلق بأدب كبوشية واما فنون وأداب السودان الأخرى فلا ذكر لها أيام العهد الإنجليزي.. لا مجال لها في الإعلام الرسمي.
لا ننسى أن للأنجليز برنامج سياسي وإقتصادي واضح ومحدد ومن أجله تم إحتلال البلاد.. طبعاً دا أظنه واضح.. لكن ذلك البرنامج وحتماً لا بد أن يتبعه برنامج ثقافي ومدني بدأ مباشرة بتأسيس كلية غردون ومعهد ام درمان العلمي العلمي ثم بخت الرضاء وبين هذا وذاك تم إنتقاء عناصر الأدب والثقافة العامة عبر إدخال إصدارات محددة إلى السودان دون غيرها كما أن أي مادة إعلامية خارجة من السودان لا بد أن تتماشى مع الخط العام للدولة المحتلة.. توجد أدلة مادية على ذلك وشهادات شهود عيان وشهود نافذين ومنفذين.
وأزعم أن الصراع بين كبوشية "الطنابرة" وسرور والعبادي هو في الأصل صراع بين رؤيتين "حكومية" لما يجب أن يكون عليه الفن الغنائي في السودان وهو أمر ذا شأن عظيم في زمانه كون الغناء هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة الفاعلة شعبياً في غياب صحف "نادرة" وإذاعة وتلفاز وطبعاً أنترنت مافيش. وأنتصر الخط الثاني وفاز الزجل "الحقيبة" إبداع سوداني من نوع جديد لا سابقة له. وهنا لا تقييم ولا رفض أو قبول.. إنه ما حدث في التاريخ وليس في الإمكان أحسن مما كان.. فقط نحن نود أن نفهم كيف جرت الأمور.
تلك فرضية جديدة لا علاقة لها مباشرة بنتائج بحث الحقيبة الذي أنتهى بنهاية فحص فرضياته المعلنة.. لكن هذه فرضية قائمة بذاتها ونستطيع محاولة إثباتها أو نفيها وفيها إضاءات كثيرة لتاريخنا القريب وفيها فهم للحاضر ومن هنا نستطيع أن نخطط المستقبل (إنها مجرد مثال صغير لعدد كبيرة من الأشياء التي وجب أن ننظرها من جديد لنتحقق منها علمياً وعملياً)!.
هذا طبعاً للمطلعين على تفاصيل الحكاية.. وشكراً لتعاونكم وصبركم معي.. وطابت أيامكم
نوفمبر 2017
08-08-2022, 10:15 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ملاحظة عامة: مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً.. أو هي الخطة المأمولة.. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. وإذاً نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة!
نحن ما نزال في محطة: النظم + المفردة = سر الافتتان بغناء الحقيبة
08-09-2022, 00:19 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
يا ترى لماذا الشاعر ود الرضي في (ست البيت) لم يستخدم مفردة الحقيبة الزجلية وفضل ان تكون المفردة عامية وسطسودانية صرفة ولم يقل مثلا ست البيت مهفهفة لدنة املدنة.. وخاطبها بضمير المؤنث وهذا لا حدث في الحقيبة الزجلية: طيبة عشرة مى غالاته ما سابت الشباب لبناته
مى العزايه دايما ساده مى الغبشه المغبره حاده .
مى اللهفانه بى وراء المادة أل للبوخه ديمه مواده
ما قالت بقيت حبوبه وتركت بوخته المحبوبه .
لو جاتك من رياحه هبوبه تحى عروقك المحبوبه.
هو ذاته الشاعر الذي صنع هذه المفردة الغريبة موضع اخر (احرموني ولاتحرموني كلمات): انظر كم هو الاختلاف بيت ست البت واحرموني:
من الاوهام الخالدة : ان اسم الحقيبة جاء لان هناك حقيبة توضع بها الاسطوانات.. لم يحدث!
تلك المعلومة منتشرة على مر الزمن (ان الحقيبة سميت بذلك لان الشاعر صلاح احمد محمد صالح يحمل الاسطوانات في حقيبة الى دار الاذاعة) خطا.. لا توجد حقيبة بها اسطوانات والبرنامج اول ما تم تقديمه من اذاعة لندن القسم العربي وليس ام درمان.. والحقيبة المزعومة كانت رمزية وليست حقيبة حقيقية وان وجدت شنطة لاحقا فهي بمثابة الة ايقاع يتم ضربها لاصدار صوت اشبه بصوت الطبل ولا توجد بداخلها اي اسطوانات.. وصاحب البرنامج هو الذي قال بذلك.
تلك واحدة فقط من عشرات الروايات الخرافية المنتشرة حول ادب حقيبة الفن.. اسمع في الرابط المرفق ماذا يقول صاحب الشي ذاته بين الدقيقة 44 و46 ( دقيقتين بس ستعرف كم كانت المعلومة مزيفة وكسولة):لقاء مع الشاعر صلاح احمد محمد صالح حول حقيبة الفن .. اسمع بين الدقيقة 44 و46
تلك كانت مجرد معلومة عامة عن واحدة من الاوهام الخالدة حول ادب الحقيبة.. ونحن هنا من اجل اسباب الافتتان!
مذكرة لمستقبل السرد: اللعب بالحروف: معشوقي الفتان نون وعين وميم شال السعد فوق راسو عين ولام وميم ... داللي قد هواه قلبي صاد وبا ويا مليح ما رأيت مثله ظا وبا ويا ... ما أحلاه عند ما يلبس قاف وبا ويا ذقت من صدود حبي غين وصاد وصاد ... لما رأيت صبري نون وقاف وصاد النوم من جفون عيني خا ولام وصاد ... وأصبحت عين ودال وميم قلت يوم لمن كان لي سين ونون ودال ... اعدل في الذي صبرو نون وفا ودال ولا تهجر العشاق با وعين ودال ... ما أفلح قط يا ناس من ظا ولام وميم (الزجال صفي الدين)
08-15-2022, 11:05 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: للإفتتنان أسباب وعنده محددات تتمثل في زمنه وحدوده ولغة المُفتَتِن الأم.
نبدأ بمحاولة إستكشساف الأسباب ثم نذهب إلى الأمام لنفي وإثبات الإفتتتان ومن هو المفتتن!.
أولا النظم (الصًّنعة = التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) ومن أمثلته القافية الثلاثية والرباعية وأحيانا تقفية صدر البيت الواحد وعجزه كل الوقت وفي بعض المرات صدر البيت بقافية مختلفة عن عجزه (مثال: قايد الإسطول لسيد عبد العزيز وبرضي ليك المولى الموالي للعبادي تتعدد القافية في البيت الواحد أحياناً: هاتكْ وفاتكْ ويا لكْ وإنت عاشق بالجد خيالكْ). سنأتي على ذلك تفصيلياً في مستقبل السرد.
ثانياً المفردات المتفردة الرنانة الغريبة على العامية الوسطسودانية بمعنى أن قصيدة الحقيبة جارية على قواعد وقاموس العامية الوسطسودانية لكنها محلاة بمفردات رنانة مستوردة من خارجها وهذه التحلية ضرورية للإفتتان (يا غصين النقا يا مهفهف يا لدن يا أملدن.. ود الرضي مثال).
ثالثاً الحقيبة هي الأدب الغنائي الوحيد الذي وجد الرعاية والدعم الرسمي وبالتالي تسجيله في إسطوانات منذ الربع الأول من القرن العشرين بداية بحوالي 1926 هذا التوثيق جعله متاح للمستمع الذي يملك الأدوات آنها وبعد أن جاءت الإذاعة لم تجد غيره فظلت تبثه وتكرره بلا ملل حتى تسيد الذوق العام.
رابعاً الحقيبة أدب شعري محايد عن السياسة والقبيلة ومركزه الغزل والطبيعة مع بعض المدح والمديح مما جعله مقبولاً على علاته من عموم الناس بعد إستقلال البلاد عام 1956 وسيطرة القبيلة والطائفة على المشهد السياسي .
خامساُ وأخيراً النظرة إلى أدب الحقيبة كتراث جعلته متاحاً لجميع من أراد ترديدها في المناسبات الخاصة والعامة والإذاعات والتلفزيونات وللشهرة والصعود السريع والكثير يتكسب من الحقيبة مادياً كما يشهد به الواقع.
والسبب الأول والثاني هم المحددان وحدهما للنوع الشعري (هما الأكثر أهمية على وجه الإطلاق) أي النَّظم/الصًّنعة ( التفعيلة والوزن والقوافي وشكل بناء القصيدة) + المفردة/الكلمات المفتاحية = (النوع الشعري). ولذا أتوقع أن نصرف زمن أكثر للعناية الدقيقة بالسببين الأول والثاني.
ولكن هسا بفكر في أن أمر على بقية أسباب الإفتتان الثلاثة بإختصار (أكلفتُم) لأن عندي الأهم في بوست آخر وهو شغل "قواعد العامية الوسطسودانية" بفكر أديه الأيام الجاية ما عندي من شوية زمن (بفكر مع نفسي)😀
08-16-2022, 11:25 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
وزول الانثروبولوجيا سؤاله الاساسي: الوضع الهسا دا (الراهن) جا من وين!.
واخوك منطلقه انثروبولوجي وليس تاريخي.
فمنطلق أعمالي الشوية ليس التاريخ بل الآنثروبولوجيا.. والاتنين مهمات بذات القدر.. والفرق بينهما أن التاريخ يمشي من الخلف إلى الأمام و الآنثروبولوجيا تفعل العكس إذ تبدأ من الآن (الراهن) ماضية إلى الخلف.
وختامه ان كنت تبحث عن مؤرخين عظام فمن امثالهم: د. احمد الياس حسين ود. احمد ابراهيم ابو شوك. والانثروبولجست من امثالهم: د. ادريس سالم الحسن د. محمد يوسف د. الواثق كمير د. بلقيس البدري ود. منزول عسل وسلالتهم ويشرفني جدا ان الاقدار جعلتني من تلك السلالة (متعة ذاتية).
وواحدة من هوايات اخوكم (المحب لكم) التقطيع العروضي للاشعار الكلاسيكية كما العامية.
مجرد توضيح اتمناه مفيد.. حيال موضوعنا هنا!
08-18-2022, 01:16 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
تحياتي محمد اولا اسجل تقديري لجهدك البحثي الكبير واختيار زاوية جديدة وفريدة للنظر في اغنية الحقيبة هذا الجهد وهذه الافكار تستحق على الاقل التحاور فرضيتك التي قدمت لها اسانيد تحتاج لحوار من اهل الخبرة والاختصاص فى قضايا النظم والشعر
اود التعليق على النقطة الثالثة وهي حول ان اغنية الحقيبة كانت محايدة سياسيا ولكنها حظيت بدعم رسمي اعتقد فى بدايات الحقيبة كانت الجهود ذاتية لتسجيل الاسطوانات والسفر الى مصر مع ظهور الاذاعة كاداة اعلامية قوية ووحيدة ومسيطرة في يد الدولة بدا الاهتمام المتعاظم بفن الحقيبة واغلب سوء الظن ثقافة الوسط عملت على تكريس غناء الحقيبة كمحور مركزي في الغناء السوداني كل الحكومات والسلطات الرسمية دللت فن الحقيبة وبقصدية همشت انواع وانماط الغناء السوداني لدي كل الثقافات السودانية
08-18-2022, 04:52 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
أهلا بيك محمد سيد أحمد.. وشكرا للتشجيع.. طبعاً موضوع الحقيبة مثله وتاريخنا كله في ال200 سنة الفاتت (1821-تاريخ اليوم) يحفه الكثير من الظلام نسبة لأن ال200 سنة دي منها 120 سنة أستعمار وال80 سنة البقية منها 15 سنة مهدية و52 سنة حكم عسكري و5 سنوات فترات إنتقالية (200 -120-15-52-5 =8) أي 8 سنوات فق\ حكم ديمقراطي.. بقية الأنظمة كلها معدومة الشفافية.. هذا هو السبب الاساسي في تغييب الحقائق أو تزييفها وبالتالي سيادة الشفاهة كما القصص الهلامية والخرافية إذ ليس الحقيبة وجدها بل كل حياتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية تحتاج إعادة قراءة وكتابة.
وأما بالنسبة لتعليقك.. هناك نقطة واحدة أكثر أهمية ح أعلق عليها هسا وأعود في مداخلة مقبلة لبقية النقاط ذلك أن تسجيل أسطوانات الحقيبة تم بتمويل ذاتي.. توجد وثائق تؤكد أنه تم وفق ترتيب ودعم من أطراف أخرى من خارج دائرة منتجي الحقيبة كشعر وأداء.
Quote: اود التعليق على النقطة الثالثة وهي حول ان اغنية الحقيبة كانت محايدة سياسيا ولكنها حظيت بدعم رسمي اعتقد فى بدايات الحقيبة كانت الجهود ذاتية لتسجيل الاسطوانات والسفر الى مصر مع ظهور الاذاعة كاداة اعلامية قوية ووحيدة ومسيطرة في يد الدولة بدا الاهتمام المتعاظم بفن الحقيبة واغلب سوء الظن ثقافة الوسط عملت على تكريس غناء الحقيبة كمحور مركزي في الغناء السوداني كل الحكومات والسلطات الرسمية دللت فن الحقيبة وبقصدية همشت انواع وانماط الغناء السوداني لدي كل الثقافات السودانية
مثلاً اسمع هذه الشهادة من عدة شهادات كيف تم تمويل رحلة عبد الله الماحي: عبد الله الماحي إلى مصر 1929 وكيف تم إقناعه بالسفر وهو لا يريد وكيف تم تمويل الرحلة والملابسات.. الخواجة (ليس ديمتري البازار ولا مصري) بل خواجة أصيل.. حقق كل أمنيات المواطن المبدع عبد الله الماحي (القصة بلسان عبد الله الماحي).. أسمع بهدوء من الثانية الأولى حتى الدقيقة 6 و10 ثواني:
المعلومة المهمة بالحساب أن الخواجة (لو أفترضنا أنه تاجر) لن يكسب مادياً لأننا عرفنا بالحساب أن المبلغ الذي كلفته رحلة عبد الله الماحي وعبد الله الأمي والكورس لو عاش الخواجة متفرغاً يبيع أسطوانات (بملاليم) حتى خروج الإنجليز من السودان لن يسترجع رأسماله ناهيك عن أن يربح (لا بد إذن من أن هناك أمر آخر غير الظاهر لنا ولعبد الله الماحي ورهطه).. بالذات عندما نعلم ماذا سجل عبد الله الماحي في تلك الإسطوانات!. سنحتاج في المستقبل لهذه الشهادة وشهادات أخرى عديدة وعدد من الوثائق لنتحقق من حقيقة السبب الثالث للإفتتان.لا ننسى أن نحن ما نزال في مقدمات السبب (الثاني).
وبرجع ليك تاني لهذه النقطة مرة ثانية للأهمية:
Quote: مع ظهور الاذاعة كاداة اعلامية قوية ووحيدة ومسيطرة في يد الدولة بدا الاهتمام المتعاظم بفن الحقيبة واغلب سوء الظن ثقافة الوسط عملت على تكريس غناء الحقيبة كمحور مركزي في الغناء السوداني كل الحكومات والسلطات الرسمية دللت فن الحقيبة وبقصدية همشت انواع وانماط الغناء السوداني لدي كل الثقافات السودانية
تحيات عبرك للأهل ولخزان جبل أولياء (أنا ولدت وعشت في جزيرة أم أرضة 4 كيلومترات شمال الخزان) معليش دي حاجة كدا ساكت خارج النص
08-18-2022, 05:31 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ح أخد وقت زيادة في معالجة النقاط التي طرحها أخونا محمد سيد أحمد لأنه في الحقيبة هبش بقية أسباب الإفتتان التلاتة الأخرى غير (النظم والمفردة):
أولاً لا بد أن نتذكر أن الحقيبة مرت بعدة مراحل زمنية وليس مرحلة واحدة:
1910-1920 (المرحلة الجنينية) لجنة جيمس كيري أوصت في العام 1910 بترقية الفنون السودانية بما يواكب المرحلة.
1921- 1939 بدأ نظم الحقيبة وتم تسجيل النمط الزجلي (وحده) في أسطوانات بدعم من نظاميين إنجليز إضافة إلى ديميتري البازار (ممول البرنامج الثقافي للدولة ويعمل معه في المكتبة من شعراء الحقيبة من بينهم ود الرضي وبعضهم يعملون مع شخصيات إنجليزية رفيعة فعبد الله الماحي سائق المفتش الإنجليزي وسرور هو فنان الجيش ).. لم تكن الحقيبة كفن معلومة ولم يكن مرحب بها لا من الأوساط المشتغلة بالفن ولا البشر العاديين نسبة لغرابة مفردتها ولأن الناس متعودة على أنماط معروفة لهم مثل الدوبيت وأغاني الطمبور.
1939 هذه التاريخ مهم جداً إذ أوقف الإنجليز جميع خططهم ومشاريعهم عند بداية الحرب العالمية الثانية وأتفقوا مع قيادات سودانية للمساعدة في دحر الطليان في شرق السودان وأريتريا وإن أنتصروا في الحرب سيخرجو من السودان وهذا القرار تم تنفيذه بالفعل لاحقا.
1940- 1956 بين هذه الأعوام بدأت الإذاعة (لندن وأمدرمان) في بث متكرر لأغاني الحقيبة كونها مسجلة بالفعل في أسطوانات ولا يوجد غيرها أبداً من فنون السودان الأخرى.
1956- الآن .. تسيدت الحقيبة المشهد الغنائي معظم الوقت بجانب الغناء السردي الجديد (الحقيبة غناء وصفي "زجل").. الأغنية الوترية إسم خاطي في تقديري إذ أن التحول لم يتم في الاساس في الموسيقى بل في النظم والنمط الشعريين.
هذا بإختصار ونعود بالتفاصيل لاحقاً.
ح أواصل لسا مع محمد سيد أحمد
08-18-2022, 05:33 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
الحقيبة هي النسخة الوحيدة من الشعر/الغناء المعترف بها رسمياً خلال ال 100 سنة الماضية إذ بدأت الحقيبة في حدود العام 1920 وفي العام 1934 تم تقليد سرور وسام الإبداع وتسميته رسمياً بواسطة الدولة مجدد وعميد الفن السوداني.. وقد قلده الوسام الأمير طوسون باشا (أمير العلماء والزعيم الروحي لوحدة وادي النيل) في حضور وفد ثقافي حكومي بعضه قادم خصيصاً من القاهرة. وفي مارس 2017 أي بداية هذا العام كرمت الحكومة السودانية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام ذاكرة رموز الحقيبة.. وهذا خبر رسمي: (دشنت وزارة الثقافة والإعلام والسياحة بولاية الخرطوم ومؤسسة أروقة للثقافة والعلوم يوم (الأربعاء) مهرجان روائع الحقيبة، وهو بمثابة حفظ لهذا الأثر التليد، حيث أشار السمؤال خلف إلى أن المهرجان يستمر لمدة (14) يوماً وتم تخصيص ليلة لكل شاعر من فحول شعراء الحقيبة ليتم عرض إنتاجه. وأردف بأن المهرجان تعقبه ليال ثقافية تخصص لكل شاعر مع طباعة ديوان يحمل جميع أشعاره، بجانب طباعة مجلد لكل الشعراء يحمل اسم (روائع الحقيبة) عقب المهرجان، خلف الله قال إن المهرجان يأتي في إطار رد الدين للرعيل الأول من أرباب الغناء السوداني، منوها إلى هذا المهرجان سيشهد التغني بـ (144) عملاً مستمداً من الحقيبة على مدار أسبوعين بمشاركة (420) عازفاً و(120) كورالاً، وكان الانطلاق بأم درمان بوتقة الغناء وأم شعراء الحقيبة، برعاية مجدي عبد العزيز معتمد أمدرمان، الذي قال إن أم درمان منذ تكوينها تعد بوتقة تضم كل سحنات السودان وفنها انعكاس طبيعي لما تزخر به، فهي مدينة صاحبة بصمة متفردة حتى في غنائها الذي تميز واكتسب لونية تضاهي تاريخها الكبير). من صفحة وزارة الثقافة والإعلام، مارس 2017 (١٤ شاعراً؟ يقول الخبر).
وفي كل المرات وجدت حقيبة الفن رسمياً طريقها سهلاً إلى الإنتشار.. في الضد من فنون السودان الأخرى التي لم يعترف بها أي نظام إستعماري ولا وطني إذ لم نسمع تكريم رسمي معتبر لشعراء التراث أو الدوبيت أو الحماسة أو المناحة ولا غنا البنات (أجمل غنا إجتماعي وظيفي في السودان) دا مش يكرموه دا أتصور الوزارات بتكون خجلانة منه!.. إنه من التبعية وغربة الذات.. تلك ألباب فنون الشعر الشعبي والغنا في السودان في ذاكرته المستقلة.
الإحتفاء بالحقيبة وحدها ودون غيرها من الجهات الرسمية في الماضي والحاضر من الصراع بين الريف والمدينة والإستقلالية والتبعية.. كل هذا جزاً من الفضاء السياسي والآيديولوجي الموسوم بالتبعية والغربة عن الذات سواءاً في عام 1934 وعام 2017 أو الإحتفاءات الكثيرة بينهما. إذ لم يتم ولا مرة واحدة عقد محفل رسمي ترعاه وزارة رسمية لا في زمان الإنجليز ولا في الأزمنة التي تلته يخص الفنون السودانية الأصيلة (أقترح ان تعمل الوزارات الثقافية المقبلة إحتفاليات رسمية لغنا الحماسة والمناحة والحوبي والدوبيت والبنات والنوبة وترانيم النوبة والجبال والفور والأنقسنا إلخ). كل شيء مربوط بالفضاء الإجتماعي في أوقاته المختلفة.. والحقيبة هبطت من سماء التفاعلات القسرية والإرادية لكنها في كل الأحوال توطدت في المخيال المدني الحديث وأصبحت جزءاً منه.
أدناه مقالة كتبتها بعد نشر نتيجة البحث مباشرة في سبتمبر 2017.. أنشرها هنا من جديد بمناسبة كلام عبد الله الماحي أعلاه ، قال محمد عبد الله الأُمي (قابلهم صدفة وهم في طكريقهم للقاهرة ومشى معاهم) .. هناك شك في هذه الصدف الكثيرة.. لا شيء حدث صدفة من تلك الصدف فإما أنها مخططة أو مختلقة بعناية لهدف محدد (إسمع مرة ثانية كلام الفنان الحقيبي: عبد الله الماحي في الفيديو المرفق آخر الكلام) :
حقيبة الفن ودهشة الصدف (تلاتة انواع من الصدف) ..هل الحقيبة فعلا مجرد فن بريء مثل كل الفنون الأصيلة وجاء حقاً وليد الصدفة المجردة!
ملاحظة إستباقية: هذا البوست حصرياً خاص بالمتابعين للبحث لأنه مختصر بحكم الضرورة كونه يستند على مقالات وكتابات ومنشورات وجدليات سابقة لكن طبعاً مرحباً بالجميع.
الحقيبة محض صدف.. صدف كتيرة.. أو كلها صدف (هكذا تحدثنا الروايات الرسمية).. ما سر هذه الصدف الكثيرة؟!.
أشعر أحياناً أن هناك عقلية ما صنعت راويات ليست بالضرورة هي الحقيقة المجردة وإنما شيء أشبه بالرواية بمعناها الإصطلاحي.. وكأن تلك العقلية تود أن تنفي مسبقاً إن لا خطة وراء فن الحقيبة وإنما هو مجرد شيء عفوي وتلقائي وحدث كدا بس مثل الظواهر الطبيعية (راجع آخر خلاصات البحث، تجد رابطها أيضاً في أول مداخلة).
كل ذلك حدث لمصلحة ذلك الزمان ولحظته التاريخية المختلفة عن هذا الزمان .. ونحن نشأنا على ما وجدنا عليه روايات الحقيبة دون كثير تحقيق أو تدقيق.. ولكن الفرصة أظن ما تزال أمامنا لإعمال النظر من جديد فيما جرى وكونه أمر متعلق مباشرة بالحقيقة المجردة!.
وتلك الصدف أصنفها في ثلاثة مستويات بحسب أهميتها.. صدف صغيرة وصدف كبيرة وصدف عظيمة (التصنيف مختلق مني بغرض التبيان)
قلنا الصدف تلاتة مستويات من حيث الأهمية:
1- صدف صغيرة:
أن كثير من قصائد الحقيبة كتبت في الحال وعن محض صدفة... هناك قصص ومقالات وكتب ألفت في تلك الصدف التي جاءت كإلهام لكتابة قصيدة محددة من قصائد الحقيبة ودائماً من الشعراء المعترف بهم فقط (راجع اللستة في الرابط المعني).
مثال قصيدة يا مداعب الغصن الرطيب لسيد عبد العزيز والأسكلا لود الرضي (الرواية هنا تقول أن محبوبة سرور أو قل فاتنته ركبت الباخرة المسافرة إلى الجنوب فجا جاري إلى ود الرضي في الدكان وطلب منو كتابة القصيدة ففعل ود الرضي على أثر ذلك الأغنية الجميلة المعروفة "الاسكلا" التي تعدد مرافي السفينة التي تحمل محبوبة سرور وحتى مرساها الأخير في جوبا.
(هاهي الدموع تبلل ثياب ود الرضي بعد رحيل مليم إلى جنوب السودان وهى فاتنة شعراء الحقيبة في ذلك الوقت في أغنية من الاسكلا وحلا.... وقصة الأغنية أن سرور رأى مليم وهى تتجه مع أسرتها على الباخرة المتجهة إلى جنوب السودان من الاسكلا التي هي مرسى السفن الذي كان يقع جنوب منطقة فندق الهيلتون الحالي .....فتألم سرور كثيرا لفراق مليم فطلب من قبطان السفينة أسماء المدن التي تمر بها الباخرة ثم أخذها مسرعا إلى ود الرضي الذي كان يجلس مع الشاعر احمد حسين العمرابى في دكانه بالخرطوم وكان سرور حزينا وحكي لهم خبر سفر مليم وطلب من ودالرضى تأليف أغنية بهذه المناسبة بعد أن أعطاه أسماء المدن ....وعلى الفور جادت قريحة ود الرضي الشعرية بأغنية من الاسكلا وحلا وكان الوقت منتصف النهار فحفظها سرور وتغنى بها في المساء).. صدفة صغيرة جميلة!.
تلك الصدف الصغير لا حصر لها دا فقط مجرد مثال.
2- صدف كبيرة:
هنا دميتري البازار أبو الفن السوداني يروي في مقطع واحد صغير صدفتين كبيرتين –لقاءه أول مرة مع الفنان إبراهيم عبد الجليل ولقاء كوكب الشرق أم كلثوم مع إبراهيم عبد الجليل في مصر (الإتنين صدفة)!.. لاحظ أن كلمة "صدفىة" ترد في كلام البازار حرفيا:
(أنا بعد ما سنة 30 (1930) كده ده يوم كده عندنا فرع بتاع مكتبة في الخرطوم، في امدرمان ، بعدين انا راكب العجلة بتاعتي ماشي في الموردة هناك صدفة كده في الشارع لقيت ولد صغير ماشي كده راسو كاشف وحفيان ، بيغني وماشي .. "الشويدن روض الجنان .. بي هواك إزداد الجنان .." ، تابعته كده خطوة كتيرة لغاية ما خلص الغنوة ، نزلت من العجلة وقفته : "تعال يا شاطر انت اسمك منو ؟" قال لي : "اسمي ابراهيم عبدالجليل" ، قولت ليه انت سمعت اسطوانات عبدالله الماحي ، قال لي ايي والله سمعتها ، عجبتك ؟ ، عجبتني. قولت ليه ايه فكرك نحنا العملناو وعاوزين نعمل ليك زيها ، قال لي والله كويس .. امشي اشاور اهلي ، مشيت معاه في بيتهم هناك في الموردة لي اهله ، في الاول مانعوا لكن في الاخر وافقوا ، بعدين سوقناه وديناه في مصر برضو ، بعدين هناك اثناء التسجيل في الاستديو ، كان بقي ابراهيم سجلنا في شركة اوديون ، كان اثناء التسجيل نحن قاعدين جات ام كلثوم عشان تسجل ، بعدين شافت شافتنا هناك جماعة لابسين جلاليب وولد صغير كده لابس ليه بدلة ، قالت دول ايه دول ، قالوا ليها دول فنانيين سودانيين ، قالت وفين المطرب بتاعهم ؟ قالوا ليها الولد ده ، الولد الصغنوني ده ؟ قالت ، جابت كرسيها وقعدت جنبه قالت له غني لي كده يا شاطر ، قام غني ليها "الشويدن روض الجنان بي هواك إزداد الجنان .." ، حبت تقلده "الشويدن روض الجُنان" قال ليها لا ما "الجُنان" ، "الجِنان).. دميتري البازار في لقاء تلفزيوني عام 1974.
وهناك صدفة برضو كبيرة جداً(كبيرة بلاشك) إكتشاف العبادي لسرور عميد الغناء السوداني لاحقاً:
"كان العبادي يتنزه في شوارع أمدرمان... فجأة سمع راعي أغنام في المرعى يغني رمية لمحمد ود الفكي.. عجبته.. ساقو طوالي قال ليه انت دا ما مكانك انت مكانك مع الجمهور" ومن هنا بدأت رحلة سرور كفنان حتى أصبح في عدة سنوات عميد الفن السوداني. من عدة مراجع ومنها رواد شعر الغناء في السودان لمبارك المغربي.
والصدف الكبيرة كثيرة.. لكن هنا نختم بأعظم الصدف.. صدفة حولت وجه الفن الرسمي في السودان إلى شيء جديد إسمه الحقيبة (أهم الروايات الرسمية تخبرنا بذلك) راجع كتاب الطيب ود الرضي ومبارك المغربي مثلاً.
3- صدف عظيمة:
الصدفة الأعظم في تاريخ الحقيبة حدثت حسب الرواية الرسمية في زواج التاجر بشير الشيخ: بدأت الحقيبة بعد إضراب الطنابرة الشهير عن الغناء فى حفلة التاجر بشير الشيخ وجاء العبادى واعتذر وتشجع الحاج محمد احمد سرور لمواصلة الحفل بدون الطنابرة ولأول مرة ومن هنا بدأ غناء الحقيبة.. وعلى اثر هذه المناسة كتب العبادي قصيدة يشيد فيها بسرور وورد فيها هذه الكلمة "سرور" التي إلتصقت بسرور حتى تاريخ اليوم إذ هي مجرد لقب حميد. وفي العام 1934 تم تسمية سرور رسمياً كعميد للغناء السوداني بواسطة طوسون باشا حفيد محمد على باشا الكبير والملقب بأمير العلماء كما الأمير المستنير (1872-1944).
فقط تكريم سرور لم يحدث صدفة بل مخطط له وحضره كبار رجالات الدولة الإنجليزية/التركية آنها وكان العبادي في مقدمة الحضور.. وتم تكريمه ايضاً بلقب أمير شعراء السودان.
كما نلاحظ أن الصدف الكبيرة والعظيمة لا تحدث مع أي شخص بل مع دميتري البازار و العبادي فقط كما نستطيع أن نقرأ ونسمع الروايات المكتوبة والشفهية والرسمية.. هما المكتشفان للمواهب واللذان يقرران القرارات الكبيرة أي الحاسمة والجوهرية.. واما الصدف الصغيرة يفعلها الكل، كل الشعراء والفنانين الآخرين مع بعضهم البعض ومع الجمهور ومع المعشوقات الحقيقيات او المتخيلات وكلما حانت الصدف وهي كثيرة إذ كما يلاحظ البعض المهتم منا أن معظم القصائد إما مجاراة كصدفة أو صدفة محضة لولادة قصيدة جديدة تتحول إلى أغنية يلحنها ويغنيها في الغالب عميد الفن سرور.
تلك الصدف كلها ربما ليست "صدفة" ربما لا شيء من ذلك أبداً حدث بل الحقيقة في الواقع ربما كانت مختلفة عن القصص المعلنة للجمهور بالذات إضراب الطنابرة إنه إحالة ليست للصالح العام فقط بلغة هذا الزمان بل إزاحة عنيفة لفنون السودان الشعبية الأصيلة وإلا كيف نفسر أن بعد نفي عبد الغفار الطنباري لمدني وهو قائد الإضراب ورمز الغناء الشعبي في السودان الأوسط في زمانه تم منعه من الغناء وحتى هو في مدني "ما يغني إلا وفق طريقة الحقيبة" وهو رفض كل الوقت وإلى وقت رحيله في الستينيات من القرن الماضي !.
كما أن من حيث البدء وقبل الحقيبة الإتكاء على أدب منطقة كبوشية لسيت صدفة إي أنها منطقة جعليين ومعروف أن معظم الجعليين على خلاف جذري مع النظام القديم (المهدية) ولهذا دلالة سنشرحها بإستفاضة في المستقبل إذ هي بدورها ليست صدفة وطبعاً هي منطقة غنية بالفنون والإبداع وحتى تاريخ اليوم ولكن لا شيء تم صدفة.. ربما هناك إستغلال ما تم لإرث المنطقة بواسطة أيدي خفية دون علم أو موافقة أصحاب الشأن من المنطقة بل تم العكس في لحظة ما تم نفي وقهر إبن كبوشية العظيم ابو الفن السوداني الحقيقي ومجدده وحرمانه من الغناء طوال حياته وهو الرمز الكبير الذي دفنوه حياً "محمد ود الفكي" مثلما حدث مع قرينه وابن قريته عبد الغفار.
ملاحظة ختامية لمن يهتم أو يتابع من الأصدقاء: البحث عن الحقيبة إكتمل ونحن الآن في مرحلة مراجعته وطباعته ونشره وفق الوسائل المعروفة والمتبعة.. ونواصل معاً أعمالنا وطموحاتنا الاخرى المشتركة.
وهذا البوست مجرد إضاءات إضافية على هامش النظر.
خارج النص: أمال الخرطوم وكل السودان زمن الإنجليز كان ماش على حد السيف ليه لأن كل شيء محسوب ومرتب ولا يحدث عبطاً كما العهود المدعوة بالوطنية التالية للإنجليز والتي أنتهت إلى ما نحن فيه من بوار عظيم.. وهسا الحقيبة بقت في نفسها إنجاز سلفي عظيم (زي زمان الأندلس عند العرب) يسعى القوم إلى فعل مثله بلا جدوى فيرددونه كصدى وهيام بلا وعي منهم.. وربما بوعي.. لا ندري!.. 9 سبتمبر 2017)
استمع من الثانية الأولى حتى الدقيقة 6 و10 ثواني.. ستسمع أيضاً في النص صدفة لقاء عبد الله الأمي وتذكر بعدها الصدف الكثيرة الواردة في المقالة أعلاه (وهذه طبعاً من صنف الصدف الصغيرة):
08-18-2022, 07:32 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ماذا سجل عبد الماحي من أغنيات في أسطوانات الخواجة الذي وقع معه العقد؟ زجل ليس من بينه دوبيت أو طنبور.. لاحظ أنه يتحسر على الشعراء القدامي الذين يعرفهم ويتغني لهم دوماً في أرض الواقع.. لكن ما سجله في الأسطوانات شيء آخر (زجل الحقيبة) ولكنه يتحسر (بأسف شديد) على شيء لم يفعله بل غنى متى مزاري وأشعار أخرى للعبادي وود الرضي لأنه موقع عقد مع الخواجة (هو قال كدا):
اسمع هنا بداية بالدقيقة 3 إلى 6 ثم من الدقيقة 10 إلى 15:
لقاء نادر مع الفنان الحقيبي عبدالله الماحي
08-22-2022, 02:53 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ورد أعلاه كلمة زجل وموشح (ما الفرق بينهما؟) وهما الأثنان من فنون الأندلس التي عاشت كل الوقت وحتى تاريخ اليوم في السودان وكل الامكنة:
الفرق بين الموشح والزجل والحقيبة منه (فرق كبير جداً) لا يجوز التعريب في الزجل وعلى وجه الإطلاق فهو عامي وملحون بالضرورة ( حرام التعريب فيه بلغة المقدس فهو يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن والسجع والجناس الذي هو خصيصة الزجل فتغيب حلاوته) وأما الموشح فأصله فصيح وإن ألحنت بعضه إضطراراً فيجب أن يكون ذلك بحساب دقيق يراعي أوزانه (تلك هي أس القواعد والفروقات بين النمطين):
وهنا شكل من أشكال الموشحات السودانية (قليلة بس موجودة) حسن محجوب - الندامي:
08-22-2022, 07:14 AM
mohmmed said ahmed
mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8789
سلام محمد بالله ام مرضا ذاتا كيف ياخ ...ام مرضا ...ام رباح ...اللدية ..ام قراقير...قوز الشيخ حامد
معلومة جديدة بالنسبة لي رعاية الانجليز لفن الحقيبة كما قدمت من شواهد السؤال عن دوافع الانجليز هل هو تؤاطو لتكريس هيمنة ثقافة الوسط؟ هل هى رغبة الانجليز في محاربة الفكر الديني المتشدد؟ هل كانت الرعاية بحسن نية؟
08-22-2022, 08:34 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: بالله ام مرضا ذاتا كيف ياخ ...ام مرضا ...ام رباح ...اللدية ..ام قراقير...قوز الشيخ حامد
ديل أهلي طبعأ.. وكل حلال الجعليين بخط البحر وحلتنا حاجة كدا صغيرة ظريفة إسمها (ود أبو دروس) وأنا عشت في جزيرة أم أرضة (دائمة) خلف الحلة ود أبو دروس وشمال ديم البساطاب مباشرة مقابلة لجزيرة رفيدة الموسمية في الصيف ممكن وانت في الخزان تشوفوها 4 كيولمتر شمال الخزان.
واصحابي في الحلة الجديدة كلها وحي الفانوس كتيرين منذ عهد الطفولة وفي الديم قريبي الفنان الطيب مدثر ود أم نعيم ورهط آخر عظيم.. وقريت في الجبل الثانوية زمن حسن عبد الحميد ورفدني مرة من المدرسة بسبب العناد ولكن رجعوني بعد شوية ومن هناك مشيت الجامعة (الخرطوم) ومنها وطلعت من البلد بسبب نظام الإنقاذ المظلم.. بس قلت أعرِّفك تعريف زيادة😀🌹.. وأنا طبعا بعرفك منذ الأزل أو بسمع عنك كل الوقت أجمل الأخبار.
ولما جيت السودان 2020 وبالصدفة قابلت الزعيم محمد سوركتي امام قاعة الصداقة ومعاه الراحل القدال يوم ليلة العود وأكتر زول فرحني اليوم داك هو القدال ذاته قال لي بدون مناسبة أنا متابع شغلك (ما سألتو شغل شنو.. خايفو يقول لي شغلك المهبب 😀 ) بس فرحت ساكت عوارة مني.. وعلى إتصال وونسات مع صديقك العتيق المجتهد والمفكر الحساس: صبحي آدم.. وهكذا.. قصدي ليك ما مقطوع تماماً برغم الغربة اللعينة.
وبجيك بعد شوية للكلام المهم جداً دا بروية:
Quote: معلومة جديدة بالنسبة لي رعاية الانجليز لفن الحقيبة كما قدمت من شواهدالسؤال عن دوافع الانجليزهل هو تؤاطو لتكريس هيمنة ثقافة الوسط؟هل هى رغبة الانجليز في محاربة الفكر الديني المتشدد؟هل كانت الرعاية بحسن نية؟
--- يا جماعة معليش للونسة الجانبية نحن أهل.. عشان ما في زول يفتكرني هامل وبس متفرغ للفارغة 😀 والله مقتطع زمن ثمين على حساب حاجات كتيرة وأهلي وأصحابي الجد وربما نفسي (تلك حقيقة ولكنها خيار في صيغة قدر).
دا كان مجرد فاصل ونواصل 🌹
08-23-2022, 03:07 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
Quote: معلومة جديدة بالنسبة لي رعاية الانجليز لفن الحقيبة كما قدمت من شواهد السؤال عن دوافع الانجليزهل هو تؤاطو لتكريس هيمنة ثقافة الوسط؟ هل هى رغبة الانجليز في محاربة الفكر الديني المتشدد؟ هل كانت الرعاية بحسن نية؟
الدافع الأول أن فنون السودان تم النظر لها كمعادية وعنيفة وداعية للثورة والحرب والتمرد (اشعار السيف) كما أن الرقصات المصاحبة لها بدورها عنيفة وتستخدم فيها السيوف والحراب والعصى والسيطان.. دا السبب الأول بإختصار والسبب الثاني أن هناك عهد جديد وحكام جدد وجاليات جديدة وجيش جديد .. كل هؤلاء يحتاجون للترفيه ولا يستسيغون الأشعار المكتوبة بالعامية السودانية فكان لا بد من فن شعري وغنائي يفهمونه ويطربون له ولذا تم تغيير اللون الشعري واللحني معا وتم قمع الطنبور الحاضن الأساسي للفنون العنيفة والمعادية (بتريد اللطام أسس الكداد الزام .. أحي على سيفه البحد الروس.. ونحن الفوق رقاب الناس مجرب سيفنا "أمثلة").
تلك هي الاسباب الاساسية ولم يكن في خاطر الانجليز تكريس لهيمنة ولم يكن خيال العالم آنذاك كما هو عليه اليوم فلا أمريكا ولا روسيا كانتا قوة عالمية ولا توجد محاور أقليمية وكانت فقط ألمانيا هي المهدد وفرنسا هي الند المنافس للإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس. وكانت الآيديولوجيا الوحيدة الداخلية المزعجة للإنجليز هي وحدة وادي النيل بالذات بعد المحاولة الإنقلابية الفاشلة في 1924 ما سمي بثورة اللواء الأبيض والتي على أثرها تم طرد الجيش التركي مرة واحدة والى الأبد وإنفراد الإنجليز بحكم السودان حتى خروجهم في 1956.
في 2020 عند زيارتي الأخيرة للسودان سمعت أسئلة قريبة من أسئلتك المهمة دي .. مثلاً هنا لقاء مع سودانية 24 (من مسافة اقرب):
08-23-2022, 06:13 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
الغناء الجديد/الشيء الجديد (كلام عن بداية الحقيبة/ شهادة صانعيها في لقاءات مباشرة معهم او مصادر وثقت لهم)
جيمس كري عمل لجنة لدراسة المخيال الشعبي السوداني سنة 1905 اوصت بترقية الفن السوداني بما يواكب المرحلة الجديدة.
سرور دخلني الغرفة قال لي تعال اوريك الغناء الجديد" ديمتري البازار.. حلقة إذاعية 1974 في حضور عبيد عبد الرحمن والعبادي واخرين
" من اللحظة ديك ابتدا تغيير الغناء واول غنية كانت انة المجروح غناها سرور" ديمتري البازار
"كنا بنجتمع في البيوت انا وخليل فرح وأحمد حسين العمرابي ومصطفي بطران، عملنا جمعية وحدة وادي النيل جمعية سرية لما الإنجليز كشفوها رفدونا الاربعة من كلية غردون دا كان سنة 1918 ودي الجمعية اللي انبثقت منها اللواء الابيض لاحقا) ديمتري البازار
"أنا بلقبوني بأبو الفن (أي فن الحقيبة)... ابوي أمه أخت سلاطين باشا، سلاطين باشا جدي وهو الربى ابوي ، ونجت باشا حاكم عام السودان زار ابوي في البيت، هيكسون باشا قال لأبوي تجيب الولد دا الخرطوم يتعلم وشالوني ودخلوني كلية غردون" ديمتري البازار
(هكسون باشا جابني انا واخوك من دنقلا ودخلنا كلية غردون) دميتري البازار
(لما جاء ود رئيس الوزراء تشرشل تبع الديش جابوه لي في المكتب قالوا ليه دا بعرف البلد كلها والمثقفين، وكان جايبين واحد في باب المكتبة براقب) دميتري البازار
"عملنا الاسطوانات في مصر وأتباعت كويس في الخرطوم برغم انو كنا خايفين الناس ما متعودة على الغناء الجديد" ديمتري البازار
"اول حفلة (تجارية) عملناها سنة 1930 الخواجة ابى يدينا تصريح قال لينا السودانيين ما وصلو المستوى دا، انا مشيت للزول الأكبر منو جبت التصريح وجاء مدير الخرطوم بنفسو حضر الحفلة كانت سمحة بس في النهاية حصلت شكلة كسرو الكراسي "الناس قالو دايرين عبد الماحي يغني مش سرور”" ديمتري البازار
"احكي لينا يا دميتري عن الوفود الوديتها مصر" د. محمد عبد الله الريخ ... حلقة إذاعية 1974 في حضور عبيد عبد الرحمن والعبادي واخرين
"أنا وديتهم مصر عشان يتدربو على الغناء الجديد ويسجلو اسطوانات .. خليل وسرور وتانيين" .. ديمتري البازار
"قبل كدا كان في غناء الدوبيت والطمبور وفي واحد تاني اسمه الحومبيي وهو خطوة قدام خطوة وراء وكرير زي الطمبور ومعاه رقصة من البنات وسرور اول زول فكر يغير الغناء دا" دميتري البازار
"العبادي كتب كتاب أستاذ الأغاني، عشان يعلم الناس الغناء الجديد" السر قدور في اغاني وأغاني حلقة خاصة بالعبادي ٢٠٠٩
"العبادي نادا الناس في البيت سنة 1923 لاجتماع هام قال ليهم تعالو نوريكم الغناء الجديد، الشيء الجديد العملناه" السر قدور أغاني وأغاني حلقة العبادي 2009
(سرور كان شغال مكوجي “عندما ألتقيته أول مرة 1914” ) إبراهيم العبادي في لقاء إذاعي مع الطيب صالح
في حفلة بشير الطنابرة رفضو يطنبرو وراء سرور دا كان في حفلة بشير سنة 1919.. المصدر السابق
"لن تستطيع الدخول إلى عالم العاملقة العبادي وخليل فرح الا بعد امتحانات عسيرة.... ولن يغني لك سرور الا بعد اجتياز الامتحان". كتاب الحقيبة نهر الابداع الخالد للطيب ود الرضي
(ودالرضي كان يعمل مع دميتري البازار في المكتبة وعدد من شعراء الحقيبة) المصدر السابق
(سلاطين باشا هو للدخل ابراهيم العبادي المدرسة.. وانا استشرته في المعلومة دي وقال لي صاح انشرها) من كتاب مبارك المغريب و الحقيبة نهر الابداع الخالد
(أبو صلاح درس في المدرسة الأمريكية) مبارك المغربي
(سيد عبد العزيز بتجيه الإصدارات المصرية وبقرا في مكتبة الإمام عبد الرحمن المهدي وكان بيدرس إنجليزي لما مسكني الكاشف) عبيد عبد الرحمن
(انا كنت شغال سواق للمفتش الانجليزي الكبير) الفنان عبد الله الماحي حلقة تلفزيونية عام 1996
(الخواجة أداني خمسين جنيه (كانت كتيرة خالص الزمن داك) وقال لي لمدة سنة ما ارتبط مع زول غيرو ومشيت مصر وعملت الأسطوانة ومعاي الكورس وعبد الله الأمي بالصدفة) المصدر السابق
(سرور كان بغني للجيش في اليونان وليبيا واسمرا لغاية أن توفى سنة 1946 في أسمرا) مبارك المغربي الأغنية السودانية
(سرور بغني وشايل مسدس “الطنابرة لا يحتاجون ذلك”) المصدر السابق
(عبد الله الأمي دق عبد الغفار الطنباري في مدني وقال ليه لو غنيت تاني بكتلك، سرور كان بحرشه) المصدر السابق
(سرور على علاقة بالملك فؤاد) ابنة سرور في لقاء تلفزيوني
(سرور مشى إشتغل سواق سنة 1936 للملك السعودي ومن هناك مشى الحج) المصدر السابق
(المساح كان عندو أصحابه شوام) من وثاقي خاص بالشاعر المساح
(العبادي جاء زار المساح) المصدر السابق
(خليل فرح كان مغرم بالمشوحات الأندلسية) على المك في تقدمة ديوان الخليل
(وقد ألقى حضرة رئيس النادي كلمة ترحيب، وألقى فؤاد بك كلمة شكر، ثم أطربنا مطرب السودان المشهور الحاج «محمد أحمد سرور أفندي» بأغاني سودانية أُعجب بها الحاضرون، وقال فؤاد بك: إن الدكتور محجوب بجواري يهزني مرددًا صدى الأغاني في نفسه، فأطلب إليه أن يعبر لنا عن نشوته. فوقف الدكتور وصال وجال في الأغاني السودانية مؤكدًا أنها كالأغاني الأندلسية ومادحًا المطرب «سرور»، الذي جعلنا نقضي الليلة في سرور.
(٣-٦) نموذج من أغاني السودان٥ التي أنشدها المطرب سرور يا أنة المجروح بالروح حياتك … … … (روح الحب) وفيك يا ليل معنى الجمال مشروح).. البعثة المصرية للسودان 1936
" انا وقفت لونية الحقيبة وعملت للكاشف شي جديد مختلف" عبيد عبد الرحمن في حلقة اذاعية عام 1983 من الدقيقة 2.25 إلى 3 الدقيقة
خلاصة إبتدائية: الغناء الجديد/الشيء الجديد .. حدث عن وعي وخطة وليس أي شيء نابع تلقائياً من شيء سابق له؟!
تعليق: تلك من الفرضيات المعضدة .. أرجو منك ويسرى أحمد بن إدريس ومجدي الجبل المواصلة في تفتيش الأدلة المضادة اليومين دي انا متوعك شوية.
سأراجع هذه الملاحظات اليوم وبرجع ليكم.. لو شدينا حلينا بنقدر نطلع بنتيجة البحث خلال تلاتة شهور بس.. أنا بقيت متفاءل!.
سيد عبد العزيز في (جارو أهلك وجورهم امر) يجاري مقطع لصفي الدين الحلي داخل مجاراته لقصيدة حوزية.
جارو أهلك وجورهم امر
جاروا أهلك وجورهم أمر بالبعاد والأمِر الأمَر
في ديارهم حجبوا القمر
البديع السحر الفكر بالجمال والحياء أنذكر
حسنو يرمي الزول في وكر شوفتو تسكَر من دون سَكَر
للقلوب ياصاحي أحتكر شئ يخلف خالد الذكر
مفخر الأجيال والدهر حسنه اعجز على ماظهر
في خدوده الحياء إزدهر والطبيعة تناجي الزهر
تدي منظر جذاب بهر زي نجوم السما في النهر
نوره للبدرين أحتقر البهيج النضر الأغر
المحتشم من الصغر يزدري البراق بالثغر
منه كل الجيل في بغر فيه شارد الحسن أستقر
من عيونه أين المفر جيده جيد الظبي النفر
محيه فيه البدر السفر كم بافئدة واعين ظفر
هو الحاز الحسن الوفر زول ويوزن مليون نفر
لويحجبوا الأمر الصدر ماحجبوا دمعي الأنحدر
وكل شئ إن صفا أو كدر في أيادي القضاء والقدر
إما دهري إن صد أو غدر البعرفوا الوفاء ماندر
حبي هاك القول الأبر العيان يغنيك عن خبر
كم نظرت في دهر العبر نظرة أل للحياة أختبر
الجزع في الناس والصبر شفته طوع القدر أنجبر
وهنا مقاطع صفي الدين الحلي.. وقد جاراه سيد عبد العزيز في أكثر من قصيدة:
حبّي عني حجبوه اهلو. واسرفوا في جمع حفاظو. والرقيب قد غيبو عني. حتي عني قيد الفاظو --- الغزال النافر الأنسي ... للغزالة قد أعار النور كسر قلبي كسير جفنوا ... فاعجبوا للكاسر المكسور وبخمر الدن قد عربد ... وادعى إني أنا المخمور وابتسم لي عن نقا ثغرو ... وخطر والبشر فيا بان صحت يا قلبي صفا وردك ... أنت ما بين النقا والبان للصفي الحلي: فأنت يا قبلة الكرام ... زينة المال والبنين الله يعطيك فوق ذا المقام ... ويعيدك على السنين -- أنت شاما بين الأنام ... الله يحرس شمايلك ويزيدك بالدوام كي ... نعيش في فواضلك ما ينطوي ذكر الكرام ... لما تنشر فضايلك ونهنيك لكل عام ... والخلائق تقول آمين قد بقينا بك في أمان ... الله يحييك طول السنين.
وهنا القصيدة التي تأثر بها سيد في عدد من قصائده و المقطع الاول وارد في قصيدة سيد أعلاه:
ما جالَ بعدكِ لحظي في سنَا القمرِ (إبن زيدون)
لكل وسيلَةً سَبَباً إِلّا تَكُن نَسَباً فَهُوَ الوِدادُ صَفا مِن غَيرِ ما كَدَرِ وَبائِنٍ مِن ثَناءٍ حُسنُهُ مَثَلٌ وَشيُ المَحاسِنِ مِنهُ مُعلَمُ الطُرَرِ يُستَودَعُ الصُحفَ لا تَخفى نَوافِحُهُ إِلّا خَفاءَ نَسيمِ المِسكِ في الصُرَرِ
هااام: سأعود بالمقارنة مفصلة الإسبوع المقبل. على أي حال لقيت التفاعيل و الأوزان كما اللزوميات و لزوم ما لا يلزم والكلمات المفتاحية وجدتها بالفعل متطابقة. وعندي أعتقاد أن سيد عبد العزيز تأثر أكثر بالحوزي التلمساني وبعدها بالمملوكي وبالذات بأعمال صفي الدين الحلي وإبن حُجة الحموي.
ولو في أي ملاحظات أتمنى تصلني قبل اليوم السبت. بفتش للنسخة الاصلية لديوان إبن قزمان (أي مساعدة مطلوبة).
سلام محمد تخريمة في الاول حسن عبد الحميد مدير مدرسة البنات مدير مدرسة الاولاد حسن عبد الغفور وانا درست فيها سنة1988
تفسيرك لرعاية الانجليز لفن الحقيبة منطقي...مع اشاراتك المهمة لرفض فكرة تكريس الانجليز لهيمنة نمط غنتء الحقيبة
نقطة مهمة جدا تدعم فكرة علاقة شعر الحقيبة بالزجل الاندلسي عندما ذكرت اعجاب خليل فرح بالزجل الاندلسي وخاصة هو متعلم ومثقف ومطلع واحتمال في اسماء اخري من مثقفين تلك الفترة عرفوا الزجل
08-24-2022, 02:03 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
نحن درسنا مع البنات 😀 صحيح.. كانت المدرسة مختلطة قبل أن يتم ترحيل الأولاد إلى المباني الجديدة في منطقة الأراضي.. كل سنين الدراسة كان حسن عبد الحميد هو المدير، ومن الحلة الجديدة درسوني فاطمة الفنجري وأنور ومحمد عيسي.
أما الزجل
Quote: نقطة مهمة جدا تدعم فكرة علاقة شعر الحقيبة بالزجل الاندلسي عندما ذكرت اعجاب خليل فرح بالزجل الاندلسي
تم ذلك عبر خطة مرتبة يعلمها البعض والبعض لا يعلم إنما كانو يجارون.. لدينا أدلة مادية وافية وشهادات عديدة
08-24-2022, 07:07 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
مقاطع مصورة لمبارك المغربي (الأغنية السودانية) الطيب محمد ود الرضي (كتاب عن ود الرضي: نهر الإبداع الخالد)
شكراً يسرى.. ح أفحص إحتمال أن يكون لشعراء الحقيبة عالم سري.. هناك أدلة تثبت وأدلة تنفي.
هل صحيح أن لزعماء الحقيبة عالم سري خاص مغلق لا يدخله أي زول ساي مهما كانت مقدراته ومواهبه.. ألا بعد تدقيق وتمحيص وامتحانات؟.
هل صحيح أن ود الرضي تم امتحانه بواسطة العبادي في مجلس خليل فرح امتحانا صعبا وأنهم طلبو منه مجاراة نمط محدد ثم اجازوه كشاعر وفق نمط الغناء الجديد، وكانو يمزحون معه من قبل إذ يسمونه ب"اب توب" تساوي العريبي الان، دلالة على قرويته؟.
هل طلب سرور من ود الرضي تغيير عدد كبير من القصائد لتناسب النمط الجديد ؟.
هل تصل سيد عبد العزيز الكتب والمجلات من مصر ؟
هل درس أبو صلاح في المدرسة الامريكية؟.
هل سلاطين باشا النمساوي ورجل المخابرات الشهير هو من ادخل إبراهيم العبادي المدرسة؟.
هل يعرف العبادي "حساب الدوبيا" ولا أحد يعرف كيف تحصل العبادي على هذا العلم؟!.
هل ام والد ديمتري البازار شقيقة سلاطين باشا؟.
الإجابة بنعم على كل تلك الأسئلة (حتى الآن) هل هناك أدلة نافية؟. لازم نشتغل على الأدلة النافية وعشان نشوف الكفة الراجحة.
مرفق الصور الجديدة (شكراً للشابة الهميمة يسرا أحمد). --- يونيو 2017
https://www.0zz0.com
https://www.0zz0.com
https://www.0zz0.com
https://www.0zz0.com
https://www.0zz0.com
https://www.0zz0.com
نحن ما نزال مع أسباب الإفتتان بالحقيبة = النظم + المفردة + العناية الفائقة والتمويل الرسمي + الإسطوانات + الإذاعة + إعتبار الحقيبة كتراث ذلك ساعد في إنتشارها= سر الافتتان بغناء الحقيبة
08-24-2022, 07:34 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ملاحظة هاااامة: مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً.. أو هي الخطة المأمولة.. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا = معرفة الذات والتراث = مشروع السودان200 .. وإذاً عبر ذلك السبيل نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة!
08-24-2022, 08:24 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
خليل فرح لم يجاري أحد (لا زجل مملوكي ولا حوزي) ولا أندلسي مباشر. ربما تأثر فقط بالمفردة في قليل من اعماله.. لكن لا مجاراة.. فهو أصيل بالكامل.. أظن دا سر إختلافه (أظن نحتاج أن نبحث في الخليل في دراسة خاصة به). لاحظت أن الخليل تراجع دوره بعد 1924 أو كان محارب بشدة.. اعتقد دا سر وفاته المبكرة. وكان بشرب كتير وبتغيب عن الشغل.
والعبادي (الحادي) لم يكتب غير خمسة زجليات فقط (مع أن الناس الدربهم كتبوا العشرات).. نقطة نحتاج أن نقيف عندها.. أظنه كان متفرغ للتدريب!.
وجدت حتى الأن أن أبو صلاح وسيد عبد العزيز والعمرابي عندهم مدخل للمصدر (الأصلي) مباشرة عكس البقية (لا أعرف بعد كيف)!
ود الرضي؟ (لسا ما وصلت لحاجة محددة) أحتاج مزيد من البحث!.
وضح لي أن سرور كان يعرف الخطة ولا يهتم للمصادر!.
وصلتني المادة من جامعة درم ومحمد المعتصم صور عدد من كتابات عمر طوسون من مكتبة الإسكندرية (عندي فكرة أولية أن دور عمر طوسون يقارب دور جيمس كري بالذات قبل أحداث 1924) لسا ما وصلت لشيء حاسم.
أزحت سلاطين باشا من المشهد (لا أظن له دور حقيقي) أو حاجة جانبية ح تتعبنا بس زيادة ولا خيط واضح في الأفق.
اظن لسا ح نحتاج شهور عشان نصل لنتيجة.
يونيو 2017 ---
تعليق:
ذلك من كواليس بحث الحقيبة.. ربما عنده علاقة بأسباب الإفتتان موضوعنا هنا.
ولقد ساعدني في البحث: في جمع المعلومات والتحليل وثبت المراجع حوالي 35 زول.. كلهم لهم أدوار مهمة.. لكن منهم من بذل مجهودات كبيرة ولولاهم لما أكتمل البحث.. وأذكر منهم مع التحية والإحترام يسرى أحمد بن إدريس ومجدي الجبل وأمنية زاهر والشيخ أبو جديري (أمثلة لا حصرية)
08-24-2022, 10:39 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
متى مزاري لود الرضي (وكذلك العبادي) لاحظ أن البداية بدت بالقاف وتتالت الأحرف المشابهة.. قارن مع أحرف صفي الدين الحلي (الأغنية مرفقة بصوت مبارك حسن بركات) التركيز هنا على المقدمة اي ما يسمى بالرمية (لاحظ الأحرف):
وهنا مقطع من صفي الدين الحلي:
خال عبد الرحيم حبر من غير قاف ولام، ... واسم ثغر معشوقي الفتان نون وعين وميم شال السعد فوق راسو عين ولام وميم ... داللي قد هواه قلبي صاد وبا ويا مليح ما رأيت مثله ظا وبا ويا ... ما أحلاه عند ما يلبس قاف وبا ويا ذقت من صدود حبي غين وصاد وصاد ... لما رأيت صبري نون وقاف وصاد النوم من جفون عيني خا ولام وصاد ... وأصبحت وجود فكري عين ودال وميم قلت يوم لمن كان لي سين ونون ودال ... اعدل في الذي صبرو نون وفا ودال ولا تهجر العشاق با وعين ودال ... ما أفلح قط يا ناس من ظا ولام وميم ... (صفي الدين 1330م.. جاراه العبادي وتأثر به في زجلياته الخمسة)
وهنا الرمية المعنية من الثانية الأولى للدقيقة الأولى فقط (لا تهتم للبقية):
انظر مرة ثانية أحرف صفي الدين أعلاه (مجاراة) أعتقد أن النص الأول للعبادي (وحده يعرف السر) عكس القصة السائدة أو هناك شئ خفي!يونيو 2017---نحن ما نزال مع اسباب الإفتتان!
إنتباه: إبن قزمان (ورد إسمه أعلاه) كان ضد اللغة العربية الفصحى في الغناء.. وحارب وحورب بشدة من أجل أن يكون الغناء عامي وأعجمي كمان (عشان ما في زول يفهم غلط)!
08-25-2022, 07:31 AM
mohmmed said ahmed
mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8789
Quote: سلام محمد كتبت العبادي وسيد وابوصلاح كان لديهم مدخل للمصدر
هل تقصد كان لهم اطلاع على نظم الزجل وماهي مصادرهم للزجل في تلك الفترة؟ هل من كتب ومجلات ام عن طريق نقل المشافهة
السودان كان مفتوح على الشمال والشرق منذ عهد الممالك الكوشية وكان مربي الملك أركماني 350 ق م يوناني.. وثم في خلال الممالك المسيحية كانت اللغة الرسمية اليونانية لمدة ستة قرون وكانت المذاهب الكنسية يعقوبية ومالكانية وفي خلال المرحلة السنارية هناك رحلات إلى الخارج وبعثات ثقافية وتواصل الأمر خلال العهد التركي وحدث إنقطاع خلال المهدية ثم أنفتح السودان من جديد على العالم وكمان أوروبا ذاتها هذه المرة ناهيك عن الشمال والشرق والغرب الأفريقي.
لكن نحن أمام خطة مرتبة.. فالمدخل الأساسي للزجل جاء عبر كلية غردون عبوراً بخليل فرح فالعبادي وعندما تراجع دور الخليل.. فالعبادي أخذ المهمة على عاتقه وعبره إلى أبو صلاح وود الرضي وسيد عبد العزيز ثم الآخرين.. ولو تلاحظ أن الأربعة في كلية غردون الذين اسسوا لفكرة وحدة وادي النيل (الخليل وبطران والعمري والبازار) أصحاب علاقة مباشرة بالحقيبة. مجاراة الزجل ليست صعبة. فأي بناء ماهر عندما توفر له مواد البناء من طوب وأسمنت وسيخ وإلخ فبيعمل ليك بيت أو حسب المواد الإنت جبتها. وقد نندهش للفكرة أو كيف وصل الزجل إلى شعراء الحقيبة لكن بالأدلة القاطعة أن الحقيبة من نمطية الزجل (مملوكي وحوزي) تحديداً.
أيام البحث أو بعده بقليل طلبت من بعض الشاباب الموهوبين يجاروا أنماط من الزجل الحوزي.. بما يسمى تمثيل للإبداع الجميل فكانت هذه هي النتيجة (مثلاً):
طال أنيني/ وفاق حنيني/ الحان لأوطانْ/ -- واليلومني/ في هواكْ يا سيدى غلطانْ/
كانت تلك محاولة جديدة لتبيان سحر النظم (ستة قوافي في البيت الواحد) ذلك من أسرار الإفتتان.. مع أن القصيدة ضنينة بأي معنى محدد فقط وصف ثم وصف ثم وصف ولغة رنانة وجرس موسيقي فخيم وباهر ليس إلا.. فالصنعة في النظم الباهر هو سر خلود هذا النمط الشعري.. هذا لا يوجد إلا في الزجل “وحده” لا شريك له من الأشعار الأخرى العامية أو الفصيحة.
هنا مثال لقصيدة حوزية تشبه قصيدة عبد الأمي من ناحية النظم (لا تهتم للكلمات) نحن هنا نتحدث هذه المرة عن النظم لا الكلمات المفتاحية (دا موضوع تاني):
يا عشـــــــــــاق الزيـــــــــن/ ساعدوا القلب الحزيـــــن/ جـــــــــــــرحت الخديـــــــن/ بالمدامع ديما سيـــــــــــالي/ أشعلت نار البيــــن/ فالدليل و الهجر توالــــــــي/ أبــــــــويا حنين/ طاب قلبي من قولـــــة لا لا
هذا حسن البديــــــــــــــــــع/ كيف يهنا من به اوليـــــــع/ في الأقطار جميــــــــــــــــع/ ما مثيلك هيفاء ميـــــــــالا/ عشقك راه منيـــــــــــــــــع/ أعلى عشيقك و تعـــــــــالا/
حسدوني النــــــــــــــــــــاس/ في غرامك يا غصن الياس/ مسبلة للنعــــــــــــــــــــــــاس/ عيونها مثل عيـــون غزالا/ و للقـــــــــــــــــــــــــــاس/ زين ولفي للبدر جهـــــــالا/
أمر الحب عظيــــــــــــــــــم/ ضاع صبري والقلب هميـم/ دائم في ذا الضيــــــــــــــــم/ صاحبو عمرو ما يســــــألا/ رؤفي بالتسليـــــــــــــــــــــم/ كتبتلك عقد بالخط عـــــدالا/
يا زينة الأقمـــــــــــــــــــــار/ راه زينك يفني العمـــــــــار/ في جميع الأقطـــــــــــــــــار/ ما مثلك هيفاء زعبـــــــالا/ أنا عقلي طـــــــــــــــــــــــار/ ليس يشبه عشقي مـن والا/
قدك غصن رشيــــــــــــــــق/ صار فتنا لناس حقيـــــــــق/ خدك ورد عبيـــــــــــــــــــق/ في ريــــــاض مدلل يتلالا/
ما يجنيه احديـــــــــــــــــــق/ حاجبين يبريوه بنصــــــالا/
الوجه تقـــــــــــــول هلال/ تحت سالف مخــــــال/ ودلالا و شفر قتـــــــــــــــــــــــال/ سيف صايل لناس قبــــــــالا/ زادوا ليا التهـــــــــــــــوال/ الخد عكري و الشفا عســـالا/ أبــــــــويا حنينـــــــــــــــي تاب قلبي من قولــــــة لا لا
عمري ما ننســــــــــــــــاك/ خيم في قلبــــــــــــــي هواك/ نتمنى و عســــــــــــــــــاك/ تعطفي يا ولفي بالمســــــالا
رؤفي عني بلقـــــــــــــــاك/ ما تحني عن هاد الحــــــالا/
نتمنى يا صـــــــــــــــــــاح/ نغنمو بعد الحزن أفــــــراح/ نمزجو كــــــــــــأس الراح/ من رحيق الشفاء المذبــــــالا/ أنا من سقمـــــــــــي نرتاح/ ننطرب بوصول الزعبـــــالا/ أبــــــويا حنينـــــــــــــــــي/ تاب قلبي من قولــــــة لا لا/
أمر الحب شديــــــــــــــــــد/ فيه مقدر شاقي و سعيـــــــد/ دائم فالتنكيــــــــــــــــــــــد/ أنا ما جبرت للقـــــــاك بدالا/ إدا مت شهيــــــــــــــــــــــد/ في غرامك من غير ضلالا/ بن تريكــــــــــــــــــــــــــي طـتــاب قلبو من قولت لالا/ . (احمد بن تريكي (1650–1750)/ زجل حوزي تلمساني )
لاحظة مرة ثانية التعقيد في النظم وفي تعدد القوفي وتنوعها:
حسدوني النــــــــــــــــــــاس/ في غرامك يا غصن الياس/ مسبلة للنعــــــــــــــــــــــــاس/ عيونها مثل عيـــون غزالا/ و للقـــــــــــــــــــــــــــاس/ زين ولفي للبدر جهـــــــالا/
أمر الحب عظيــــــــــــــــــم/ ضاع صبري والقلب هميـم/ دائم في ذا الضيــــــــــــــــم/ صاحبو عمرو ما يســــــألا/ رؤفي بالتسليـــــــــــــــــــــم/ كتبتلك عقد بالخط عـــــدالا/
وبهذا القدر نكون قد تلمسنا أسباب الإفتتان الخمسة وفق هذا التصور. وهي بإختصار أن أسباب الإفتتان بالحقيبة = النظم + المفردة الفريدة + العناية الفائقة بالصنعة + التمويل الرسمي + الإسطوانات + الإذاعة + إعتبار الحقيبة كتراث ذلك ساعد أيضاً في إنتشاره = أسباب الإفتتان = الخلود.
وتبقي لكن سؤال بدوره مهم: من هو المُفتتن حقاً بالحقيبة؟. ما هي خواصه؟.
وجدت عبر البحث أن الناس بدأت تسمع الحقيبة بعد العام 1952.
أن الناس البتسمع الحقيبة لا بد أنهم يتحدثون العامية الوسطسودانية.
أنهم سكان المدن عامة + المتعلمين من الريف خاصة.
سكان أقاليم دارفور وجبال النوبة والبجا والنيل الأزرق والشمال الأقصى للسودان وجنوب السودان لا يسمعون الحقيبة عبر التاريخ.. ولكل قاعدة شواذ.
أضاءة جديدة على هذا النقاط لاحقا.
08-26-2022, 09:08 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
الحقيبة سودانية اصلية وأصيلة كما أبدعها أهلها المبدعون في لحظة أستقرار عام وتصالح مجتمعي وأمن وسلام.. إبداع من نمط الزجل.. زي الدوبيت سوداني لكن النمط فارسي والدوبيت أيضاً عند كل الشعوب المتحدثة العربية والفارسية والتركية مثله والزجل.. دا شي طبيعي.. كل الاشعار عندها طبيعتها ومرجعياتها.. وتبقى الأصالة والتفرد في إطار النوع الشعري نفسه.. وهذا منعاً لسوء الفهم من البعض المتعجل.
تلك كانت مجرد ملاحظة صغيرة عابرة ونواصل في محاولة الإجابة على سؤال (من المُفتَتِن أو المَفتون بالحقيبة)؟.
08-27-2022, 07:47 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
قلنا أعلاه الخاصية الاولى له لا بد أن: تكون العامية الوسطسودانية لغته الأم أو موازية للغته الأم.. غير ذلك يتنقص الإفتتان.. والسبب بسيط أن العامية الوسطسودانية هي اللغة الحاضنة لشعر الحقيبة.. الحاضنة للمفردات الجديدة الوافدة من عاميات تاريخية سحيقة محمولة في أزجال الأقدمين. والآن لنتحول لوهلة من النظري إلى العملي (التطبيقي):
نبدأ بعبد الله الأمي (إنت حكمة ولا آية ولا إنسانْ):
أنت صاحي ولا نايمْ ولا طرفك من طبعو نعسانْ – أنت راحي/ أنت روحي أنت انسانْ
(كل الكلمات في هذا البيت عادية ومن قلب العامية الوسطسودانية ومستخدمة في اليوم ما عدا “أنت راحي” راحي دخيلة.. غير مستخدمة في اليومي).
عيني يا صاحي وأنت إحسانْ – انت نادي انت هادي وأنت ميسانْ/
(أنت ميسان في حضن العامية الوسطسودانية,, غير مستخدمة في اليومي).
(الصبابا غريبة على العامية الوسطسودانية) يعني ما في زول ممكن يقول ليك في اليومي (بت فلان السمحة ديك عاملة لي صبابة) ما ح تكون جملة مفهومة في اليومي إلا أن تذهب إلى طلبة جامعة أفريقيا العالمية وتقول لهم (أنني أعاني من الصبابةِ بسبب الغرام يا صحابي بماذا أنتم ناصحون). ولكن نحن في حالة الحقيبة أمام شعر عامي (ملحون/غير معرب) وصاحب القصيدة نفسه أمي أكاديمياً ومن المفترض أنه لا يعرف العربي الفصيح غير أن هذه الكلمات الغريبة الفريدة تأتي مع الكرتونة أي ال (الباكيدش) باللغة الإنجليزية من عاميات تاريخية سحيقة كما هو حال الزجل في كل مكان وزمان (هو فن المجاراة).
وهنا مثال لمن أين تأتي الكلمان في حضن العامية الوسطسودانية (سيد عبد العزيز وإبن قزمان):
قصدي نقيــــــــــم سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب (إبن قزمان) أنا وأنت في الروض يا حبيب (سيد عبد العزيز) --- أنضر نعمـــــــــــة القدرا في الروض العجيــــب (ابن قزمان) والروضة في موقع خصيب (سيد عبد العزيز)
لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب (إبن قزمان) يا مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز).
وأهم شيء والذي ربما حيَّر الملاحظ المتأمل أن المناسبتين حدثتا في يوم مناسبة مسيحية وهي يوم عيد الصليب (الفصح أو الفصاح وأصلاً هي الفساح بالعبري) وأن في الحالين (الحبيبة مسيحية الديانة) وان الطيور كانت تغني منشرحة في هذا اليوم الاندلسي الصليبي العجيب الذي تكرر في ام درمان:
ما غنت على الأغصــــان طيور الفصــــــــــــاح (الفصح هو عيد الصليب) ابن قزمان
في الروض غنى العندليب ورددوا غناه الطيور ترتيل أناشيد الحبور وفتيانها يوم عيد الصليب (سيد عبد العزيز)
عبيد عبد الرحمن هو من حول المشهد الغنائي في السودان لا الكاشف!
عبيد عبد الرحمن (ظلموه أم ظلم نفسه) هو من عمل التحول الجديد عن وعي ودراية من الحقيبة إلى النمط الجديد (الوتري).. والكاشف قد يكون كان مجرد أداة مبدعة بديعة لا غير!.
ماذا فعل عبيد عبد الرحمن بالزبط وما هو دليلنا على ذلك كي نقول ذلك؟!.. هو نفسه قال وفعل لكن لا أحد أعطى الكلام الخطير قدره.
هكذا تحدث الشاعر عبيد عبد الرحمن : "أنا عملت فاصل بين أغاني الحقيبة والأغاني الحبيت اديها للكاشف".. هذه العبارة المهمة (مهمة غاية الأهمية) من اقوال الشاعر عبيد عبد الرحمن 1905-1986 في لقاء تلفزيوني (الرابط مرفق) الكلام بين الدقيقة 2.44 و 2.51 خمسة ثواني فقط بس مهمة جدا.. لازم نحاول نتعرف على قصة الفاصل دي شنو!.. ما قال لينا الحقيبة عيبها شنو و ليه تخلى عن نظمها؟ ما هسا كلنا بنغني الحقيبة بكل انواع الموسيقى وشايفنها جميلة ومنتهى الروعة.!. هل كان عبيد عبد الرحمن يعرف أن الحقيبة نمط مختلف (عنده مواصفاته وصفاته المحددة ومرجعيته) وهو على وعي بها وراى أنها قد لا تناسب الكاشف (كيف وليه؟) ولذا عمل ليه غنا جديد مختلف عن الحقيبة أو غنا عادي المهم انه ما على نمطية الحقيبة والأهم ان عبيد عبد الرحمن كما كل شعراء الحقيبة توقف وتوقفو كلهم في وقت واحد عن ممارسة نمط الحقيبة.. أي أن النمط بدا فجأة وانتهى فجأة هذا لم يحدث لأي نمط شعري لا في السودان ولا العالم.. سنحيل هذه النقطة إلى تطوير سؤال "ما قبل الحقيبة وما بعدها" ولكن قبله سأخبركم ما لاحظه عبر البحث أن عبيد عبد الرحمن خلص الغناء من عناء الحقيبة النظمي الباهر لكن (المُعسَّم) والوصفي الذي يعتمد على رصف الكلمات الغريبة الفريدة الدخيلة الباهرة دون محتوى) وهو حال الزجل في كل مكان وزمان دا واحد وإتنين خلص الغناء من الكلمات الغريبة الوافدة. فصنع النمط الجديد المسمى "المرحلة الوترية التالية للحقيبة" وفي الحقيقة هناك نظر في هذه التسمية لأن التغيير لم يحدث في الألات والإيقاعات إنما في النوع الشعري. "أنا عملت فاصل بين أغاني الحقيبة والأغاني الحبيت اديها للكاشف".. هذه العبارة المهمة (مهمة غاية الأهمية) من اقوال الشاعر عبيد عبد الرحمن 1905-1986 في لقاء تلفزيوني (الرابط مرفق) الكلام بين الدقيقة 2.44 و 2.51 خمسة ثواني فقط بس مهمة جدا.. لازم نحاول نتعرف على قصة الفاصل دي شنو!
سنأتي لاحقاً بنماذج للأغاني التي أعطاها عبيد عبد الرحمن للكاشف وتسببت في تحويل المشهد الغنائي في السودان وموت الحقيبة كنظم ولكن ظلت وما زالت تعيش كصدى.
يتواصل.. نحن ما نزال مع سؤال الإفتتان ومن هو المُفتتن!
08-28-2022, 00:47 AM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
ملاحظة هامة: أن مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً (عبر مراجعة الذات والتراث).. أو هي الخطة المأمولة. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. (مشروع السودان200) .. وإذاً عبر ذلك السبيل نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة! --- يتواصل.. نحن ما نزال مع سؤال الإفتتان ومن هو المُفتتن!
08-30-2022, 08:08 PM
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5269
المدرسة "الفنية" الوترية.. مدرسة غنائية تلت الحقيبة.. هناك حيرة ونفي لفنون السودان الأصيلة (أوتار السودان)!
المدرسة الوترية.. لدي إعتراض وعندي مبرراته. أظن أن الإسم لا يحمل أي مضمون وهو غير حقيقي من حيث المبداً. أولاً النقلة في الغناء من مرحلة الحقيبة إلى المسماة وترية لم تكن في الآلات الموسيقية وإنما كانت في الأنواع الشعرية. لأن الحقيبة نفسها هي أول من إستخدم الأوتار التي وفدت حديثاً (الكمان والعود) ولك أن تستمع إلى عازة في هواك بصوت خليل فرح وسرور في صباح النور عليك يا زهور هناك موسيقى وترية إضافة إلى الكورس.
ثم أن الآلات الوترية معروفة في السودان منذ قرون عديدة إن لم يكن آلاف السنين: فاَلة الطمبور وترية وآلة الباسنكوب في شرق السودان وترية وآلة الجنقر في النيل الأزرق وترية وآلة أم كيكي في غرب السودان وترية وهي تشبه الكمان إلى حد ما. والسؤال هنا على أي أساس تم تسمية مرحلة ما بعد الحقيبة بالمدرسة الوترية؟. والأوتار سابقة للحقيبة ومصاحبة للحقيبة وتحديداً الحديث منها (الكمان والعود) وعرف السودان الكمان والعود منذ العام 1915 بداية بالفرقة الموسيقية للجيش التي تدرب على يديها عدداً من الموسيقيين السودانيين بداية بالعام 1920 وكان بعضهم يعزف الأوتار (العود والكمان) مع سرور في الخرطوم والقاهرة وأسمرا وليبيا واليونان وتلك آلات وترية عن جدارة بل هي قلب الأوتار “الحديثة” في السودان الذي عرف أوتاره الخاصة منذ آلاف السنين كما أسلفنا القول وحددنا تلك الأوتار بالإسم.
وشئ آخر مهم بدوره أن المرحلة التي جاءت فيما بعد الحقيبة أعتمدت آلات أخرى غير الوترية عكس الحقيبة التي أستخدمت الآلات الوترية وحدها إضافة إلى الرق والطار. والقليل من أغاني الحقيبة لم يتم فيه إستخدام الآلات الوترية بالذات التسجيلات التي تمت في البداية. ففي مرحلة ما بعد الحقيبة بالإضافة الى الآلات الوترية جاءت آلات جديد غير وترية مثل السَاكسُفون والأوكورديون والترومبيت الحديث.
أظن أن الاسم جاء خبط عشواء أو صدفة مثله وإسم (الحقيبة) أو من جراء الحيرة.. وأرى أن الإسم ليس خاطىء فحسب بل مضلل.. لأنه يغض الطرف عمداً أو سهواً عن أوتار السودان الأصيلة قاطبة ويعتمد الأوتار الدخيلة وحدها (الكمان والعود والمندلين والجيتار) ليحدد على أساسها مرحلة من مراحل الغناء في البلاد وينسى الأوتار التاريخية الكثيرة الأصيلة الجليلة المستبعدة والمنفية من طمبور و باسنكوب و جنقر و أم كيكي والربابة. إضافة إلى أننا قلنا أن الإسم لا معنى له لأن الحقيبة هي اول نوع غنائي في السودان إستخدم الأوتار.. والأهم وهو لب هذا التصور أن لا الحقيبة ولا المدرسة التي تلتها رائدة في إستخدام الأوتار كي تسمى وترية دون أغاني السودان الشاسع.
فيا للحيرة ونفي الذات!.
ملاحظة: البعض يقول المدرسة الفنية الأولى (حقيبة الفن) والمدرسة الفنية الثانية (الوترية) في مقابل الحقيبة والشائع عندهم أن المدرسة الثانية وترية في مقابل لا وترية الحقيبة.. في هذه السانحة أناقش هذا المخيال والنفي لفنون السودان الأصيلة. فمثلاً الطمبور آلة وترية ودا كان النوع الغنائي السابق للحقيبة (وتري) مع كورس “"كرير" وهنا يأتي الخلط من بعضنا بين الطمبور كألة وترية والكرير لأنه أيضاً يسمى طمبور أو طنبور. إذاً لماذا لا تكون تلك المدرسة الفنية الاولى (الوترية) والحقيبة الثانية والجديدة الثالثة!. لما لا!.. أناقش المخيال!.
سأرفق لاحقاً روابط كنماذج لأوتار الحقيبة وأوتار الكاشف وعدد من أوتار السودان قبلهم أجمعين:
الحاج محمد أحمد سرور.. صباح النور عليك يا زهور: موسيقى وترية وكورس
عازة في هواك بصوت خليل فرح وموسيقى وترية
--- ارجو أن تتطلع على الحلقات السابقة والقادمة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم (القواعد) أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها فحسب.
---
ملاحظة هامة في الختام: يوجد رابط لبوست أسباب الإفتتان بالحقيبة بعد هذه الملاحظة مباشرة. والملاحظة أن مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً (عبر مراجعة الذات والتراث).. أو هي الخطة المأمولة. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. (مشروع السودان200) .. وإذاً عبر ذلك السبيل نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة!
الرابط لسلسلة كاملة:
أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم!
الاستاذ محمد جمال تحياتي اكثر بوستات مفيدة في سودانيز يا سلام ولديك مداخلات في منتهى الروعة والعمق توقفت عند مداخلة لك في بوست مصطفى نور عن تأثير مصر قراءة في منتهى العقلانية والعمق
واصل يا جميل أنا متابع جيد لكل كتاباتك أتفق أو اختلف معك ولكن حقيقة انت فريد في هذا المنبر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة