® ... مذكراتُ شهداءَ رغٍمَتْ أُنوفُهُم π√

(1)
® ... مذكرات شهيد رغٍمتْ انفُه π√
{] الحَيطة و الحذر ما بنجن من قدر [}
[} ضربة البداية دي حنجسدا على لسان واحد دونجوان زمانه
نوع أبو عين زايغة بعد عمليات إعادة التدوير وقدحة بهاراتٍ حادقةٍ:
® يلا يوم مشيت مناسبة عرس واحد فردة قديمة و هيصنا و هججنا
مساهرين لامن في نهاية الحفلة جاتني واحدةٌ معرفةٌ من إياهم وطلبت
مني أوصل قريبتا لأهلا في سكتي لو ما عندي مانع ، لأنو أخوها كان
مفروض يجي يسوقا بس خايفنو يتأخر لسة و أهلا يقلقو عليها.

《2》
▪ بالأول توجستُ خيفتن، لأنو في بيتنا شبحُ بغلةٍ راجياني
هناك تتاوق من قعر الأبريق فحاولت أتملص من المهمة، بس لما
قدموني للجكسوية عرفت حاجة زاتو ، يعني شنو قنبلة موقوتة ،
و ليه حلاوة الزول في عُلا قوامو الممشوق و في طعامة لهيجو السكري
لزوم الحنك النضيف. و انفتح جواي شريط كاسيت قديم فيهو كل أغاني
الزمن الجميل ديك من ناس "سيدة وجمالها فريد "و حبايبي الحلوين
أهلن جوني وأنا ما قايل طاعمين زي ديل بزوروني"(كأنو ما واثق من
روحو):و بكل اريحية استأذنتها أجيب العربية لعند باب الصالة.

▪يستاهلك الخير ود مهدينا و العيد مبارك
عليكم أتا و الحداك وينك يا فردة ليك وحشة.
▪يلا بدينا تتعارف أكتر من جديد و دورنا عشرات الونسة،
و أول مرة اعرف إني ظريف و دمي خفيف و أكلي رغيف و كمان
عندي نوبات و طق حنك موبالغة و أنو العربية لما تكون ماشة بسرعة
10 كيلو بتكون طايرة بجناحين كما لو كنا في "رحلة بين طيات السحاب
وحدنا إنتا و أنا" و خلال المشوار عرفت كل معلوماتها الشخصية بما فيها
الرقم الوطني و تاريخ و مكان إصدار جواز السفر و فصيلة دمها الشربات
و إنو اسمها رنا ، في نفسي لىايىقلت سبحان الله في ناس أساميهم بتجي
طقمة مفصلة عليهم شوكة و شنكار و مدلعين خِلقة كدا، و عرفت عني
ملامح طشاش مسلن زي إني عايش مع الطبيعة عازباً حراً طليقاً كما
ولدتني أمي من الرضاعة، و ما عارف ليه قريني تاني جاني يوسوس
و يخنس في أضاني اليسارلامن جبرني على الكضب !!¿

(5)
® ... مذكرات شهيد رغٍمتْ انفُه !!¿
▪ و في الآخر وصلتها بيتهم وقبال نتوادع بالأخضان تجاذبنا أطراف
الهمس و اللمس ، و تبادلنا أرقام الهواتف وكنت حريص أرن ليها و أسجل
اسمها و هي معاي عشان اضمنإني ما أطلع زي عمو بلة اللقى الرقم جلى.

▪"و رجعت حابس أدمعي في الليلة ديييك" بردان من المكيف النفخني،
و دخلت اتدبى على أمشاطي متل الحرامي سراق الجنا جداد ؛ و ما صدقت
زاتي لقيت البغلة مغتغتة في الأوضة، رفعت يدها بالراحة كدا متل عصاة الركشة
أبت تدور و قلت الحمد لله على سلطان النوم البخلي حروم الجن لاحقات أمات طه
بغطن مع أهل الكهف في سباتٍ عميقٍ و حمدت ربي إني متهمٌ بريء حتى تثبت
إدانتي حتى حينه و قد خلا لي الجو تمامن لكي أبرطع أسرح و أمرح أبيض و أصفِر
و لأني ما شاعر بأي نعاسٍو شاعر إني زي الشارب لي عبار خندريس ريد بوول و حتقوم
لي جناحات و جلحات عريضة و حاس بحاجات كتيرة متراكمة جواي، و يلا عفاريت
الجن الكلكي بدأت تفرفر و تنفض عنها غبار العزلة و غيابت النسيان.

《6》
▪يلا مشيت انسدحت في كنبة الصالون وختيت التلفون في سدري
و درعت سماعاتي في اضنيني نظام الود متحرف لقتالٍ أو متحيِّزٍ إلى
فئةٍ و كدا. جريت لي نفسين شهيق ثم زفير عميقين لزوم الريلاكسيشن
زي ما في أفلام الآكشن. سميت و قريت المعوذتين أدعيةالخلود للنوم
و دُست ليك رقم الحنان الجديد و مع كل رنة كنت بحس بقلبي بيدقّ
و كل شوية اتلفت من باب التحوط امنياً وكدا وكان يتخايل لي الفي
البيت كلهم سامعين رنة التلفون رغم إني موطي الصوت بس
السامسونغ المعفن صوتو عالي يجيب الضهبان.

(7)
▪ و ما شاء الله تبارك الله و عيني باردة، طلعت
ونَّاسة لامن موبالغة ياهي وقالت: حسة من جواي كدا
إني بعرفك من زمان الناس هداوة بال و أنتا زمانك ااترحال،
و أنا زاتي ما قصرت جنس حنك . دندنن ليها بي"تحفة و لهيجا
فريد و خلقوها زي مدريد" و حسيت معاهل منشدة الفرحة
و الابتسامات العريضة المالية وشي انو عضلات
وشي زاتن قربن يتشمطن .

《8》
♧ عرفت منا هواياتا إنها أديبة أريبة و كاتبة نحريرة
وكيف بتقضي اوقات فراغا و أنها بتكتب شعر حلمنتيشي
و لأني علمت لبها بموت في [حلمنطيش] أصريت ثم ألحيت
عليها تسمعني شيء من عيون ماوتفتقتوعنه قريحتا؛ نظام
الولد عزابي ما عندو شيء و بكرة اليوم دا حا يكون جمعة
و الإمة مجتمعة ؛ و عملت ليها فيها أنو ناس نزار قباني و أمير
شعراء المهجر جبرات ديل كانو صحباني الروح ما تروح و كنا
بنقعد نقِّرض شعر سوا سوا ؛ رغم أنو كرهتي في الدنيادي قروض
الشعر حاف على الناشف و الناس العاملين فيها موسغفاتية و قعدت
كل شوية أقول ليها الله الله على الكلام الطاعم الرقيق و الصوت المدوزن
خلقة و صراحة انتي مشروع شاعرة مدفونة و فيك شئ من نازك الملايكة
و غادة السمان رغم إني السمان دي زاتها ما بعرفها سمينة و لا بجغورة، كاتبة
و لا حكامة و لا شغالة في الضرايب بس سامع بها طشاشزمن الثانوي. و قعدت
أكسر ليها في التلج دا تلجة تلجة و هي بنبرة بصوتها الىخبم و طعومية لهيجا
السكري اللذيذ داك و هي تتجلع وتتهنجك أثناء الإلقاء ؛ و شكلها ما صدقت إنها
أخيرن لمت ليها في أذن صاغية و يبدو والله أعلم إني لامستشغاف قلبا المكتول
كمد و دغدغت أوتار عصبا السابع، و أنا مندمج أغمض في عويناتي و أتخيل فيها
و هي تلقي و مرات بتخايللي اني بدقس و أصحىترا متل ديك البطانة :
بجاي يعوعي لصلاة العصر و بجاي يكشنولو في بصلتو.

《9》
¶ يلا، فجأة حسيت بصوت حركة شيتن كدي دخل القش و ما قال كش
و بقى لي زي الفي زول صحى قطعت ليها قصيدتها وقلت ليها دقيقة أعمل
لي كباية شاي فاهمة كدا و راجع أساهر معاك نشيلا حمدين صباحي والليلة
ما بخليك إلا البياح يأذن. و فسراع فسراع، قفلت الخط وقمت أتلفت و أبحلق
في الضُلُمَّة؛ لامن اطمأنيت إنو كلهم نايمين و الوضع طبيعي آمن و مستتب ،
رجعت كنبتي و مسكت التلفون ودوستو أعيد الاتصال بمزاااج كدا!!!

《11》
▪ عمومن حدس ما حدس و الفاس وقع في الراس
و أنو المعاي دي مرتي لايف على الهوى الغلاب مباشرتن و
الباقي ممكن الناس يتموه خيال .. و يقولو غلتان المرحوم.
▪ و هسي أنا محبوس مشبوحاً في ببت الأشباح لي 4 ساعات
على ذمة تحقيقات الأمن الجنائي ؛ زنقة الكلب الأكل الدريش
في زُقاق فلاتة . و بضرب أخماس في أسداس أنو لو الحاجة
حست إني بلعب بضنبي أقول ليها شنو؟! يعنسيا ربي لو مسلن
عملت فيها بهضرب و شايلني حمار النوم بتصدقني و لا كمان
الحمير زاتا بقت هفتانة ما بتشيل و شكل البغلة متناومة بس
و راقدة لي بالخيرة. فورونا أفادكم الله أقبل وين و لا
أغتس وين؟أها شايفين حبل الكضب قِصَيٍّر كيف!؟

♧ حيَّاك و بباك شيخي شيخ الترابلة وأ عترف
بعجزي تمامن عن رد غيضٍ من فيوض جميلك.
(12)
[} و عشان تعرف حال بلدنا الحبوب هذا بزماننا
الجميل هذا في حالة شد و جذب بين شاطر و مشطور
و نحن بينهما (طرشيٍّ) طازجٌ، إليك هنا اعترافات مؤلمة
على لسان شهيدٍ من طراز آخر و رغماً عن أنفه π√.

[} فقد وُجِدت رفاة جنديٍّ مقتولاً (فطيساً) حيث عُثِر على
قصاصةٍ ورقة توت يابسة دسها في جيبه يُدلي فبها باعترافاتٍ
مثيرةٍ خطيرةٍ إذ يقول: إذا مُتّ ، فلا تصدقوا كلَّ شيءٍ يقال في
حقي. فإذا قالت لكم أمي في برنامجٍ تلفزيونيٍّ هاتفٍ"هايف :"حمدا
لله، أخيرن لقد تحقق لابني ما كان يصبو إليه و يتمناه من شرف الجندية
بالموت شهاداً و كان يقوللي: جدودنا زمان وصونا على الوطن..على التراب
الغالي الما ليه تمن" و علينا أن نبذ لالدم و الروح رخيصةً زوداً عن حياضه
و دفاعاً عن ترابه "؛ فلا تصدقوها .فأنا لم أنبس ببنت شفةٍ واحدةٍ لأقول
شيئاً من ذك القبيل و أنا مثلكم تمامن ، شابٌّ لم أذق بعد الحريرة و لا
الضريرةوأعشق زهرة الحياة الدنيا و أمقت الموت سدًى كما أكره
أن ألقى في النار ، لكنّ تلك المذيعة ذاتَ الحُمرةِ الفاقعة الأباها
المهدي لا بد أنها قد أقنعت أمي لتقول عني ذلك!!

《13》
[}> أما رفيق سلاحي ذاك الذي حمَّل صورةً لي
على صفحته في الفيسبوك و كتبَ شِعراً رگيكاً يتغنى
بِـشهادتي حداداً علي روحي الراهقة سُدًى في رحاب
صيف العبور، فلا تصدقوه ، فهو منافقٌ كبير و كذا مرةٍ
طلبت منه أن يساعدني للنفاد بجلدي لكنه كان يتهرّب مني.
[}> و أما صاحب الفخامة..فلا تصدقوه أبداً و هو يتغنّى بِمآثر
روحي القتالية العالية التي لا تُشقُّ لها ذرة غبابر في ساحات
فداء الوغى و حبي للوطن الذي يدانيه أدنى شك كل ذلك
الوهم في حفل(عرس) تأبين الشهيد المقام على شرفي،
أترونَ طقمه الأنيقَ الذي اشتراه من اختلاسه للمعونات
المخصصة لنا نحن الغُبُش أبان مسوحن موية،
وقود نيرار الحروب التي يوقدونها.

[}> أما أبناء صاحب الفخامة و السمو فهم إما خارج البلد
مترفين أو يتسكعون سگارى في الكافيهات و الملاهي الليلية.

[}> و أما سيّدي المقدّم فربما كانَ حزنه منطقياً قليلاً ، فقد
خسر بِـرحيلي مبلغا معتبرا كنت أرشوه به على شكل هدايا
عينية أو ( رصيد شحن موبايل) كي أسترد بعضا من حقوقي.

[}> و هؤلاء الذين يطلقون الرصاص في الهواء بتشييع جثماني ،
ترى من هم؟! لم أرهم أبداً يخرجون معنا في أية سرية او يخوضون
أية معركة. كما أني لم أكنْ بطلاً كما يقولون و لا أعرف شيئا عن البسالة
و شعارات حب الوطن و القائد الملهم ، و لكن للبندقيةِ إغواءً كما للنساء
تستفزُّ الرجولةَ الحمقاء.إن مُتّ برصاصٍ ، او بقذيفةٍ طائشة تگون قد
سقطت مصادفةً بقربي قدراً، أو إنْ مُتّ قهراً ، فالموت واحد.

[}> فلا تصدقوا سوى لحظات انكسارَ أبي و غصةً عنيدةً
تغالب حلقه حزنا لفراقي ، أو تنهيدةَ نبيلةً تخرج من جوف
أمي الحبيبةٍ ، و دمعة سخينة تتزحلق بجسدها المائي الحلزوني
على وجنتيها ، و لطالما طمأنتُها گذباً بأنْ أكونَ بخير و لكني
خذلتها حينما التحقت ( مرتزقاً ) خارج أسوار الوطن ، ليس
للجهاد للأسف و لكن لِـمكافحة الفقر و البحث عن لقمةرغيف
عيش نظيفة ولأضمن لي ولاسرتي مصدر دخل ثابت.

[} هذه حقيقة كل واحدٍ منا بمعسكر لجيوش التحالف.
فلا نامت أعين الجبناء و من يتشدقون بِـنضالنا. و لطالما
سألت نفسي كثيراً: لماذا فقط أبناء الفقراء هم وقود المحارق!
و هم المدافعون ؟! و هم لا يملكون شبراً على هذا التراب؟!
و تباع عليهم قبورهم؟! لماذا لم نسمع قط باستشهاد مسؤولٍ؟!
كبيرٍ أو ابن مسؤول فداءَ لتراب الوطن؟! فهل وجدت الجواب
بعد موتي؟! أنا آسف يا وطني، إذ لم أمت لأجلك ولم أحبك
يوماً كما بنبغي و إنما مت لأجل لقمة العيش في وطنٍ
لم يوفر أبجديات متطلبات حياتي البسيطة !

بوابة الشروق
(غـــــــــــــــرام و انتقـــــــــــــــام)
(01)
نشر فى : الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 6:50 م |
«ومن الحب ما قتل»، بهذا الشطر الشهير، اختتم الأصمعى، مساجلة شعرية، مع عاشق حائر بالبصرة.
كان قد عمل بنصيحته للجم حبه المستحيل، عبر الإقدام على الانتحار مطلع القرن التاسع الميلادى. وبعدها
لى الأردنية «إيمان رشيد». بعدما قُتلن غيلة على أيدى شبان، رفضن حبهم أو أَبَين الزواج منهم.
+ رغم كونها دخيلة على مجتمعاتنا الشرقية، أماطت جرائم العنف الرومانسى، القائم على النوع الاجتماعى،
اللثام عن غيوم القصور الفكرى والاضطراب النفسى، التى تلبد أفقها. فثمة من أبدى تفهما لسلوك القتلة، معتبراً
أن القتل باسم الحب، إنما يأتى فى عداد الانتقام للكرامة، ورد الاعتبار للكبرياء العاطفى. ولم تخل مواقع التواصل
الاجتماعى من عبارات اللوم للضحايا، وإشارات التعاطف مع قاتليهم، بل وحشد الدعم لهم. ولقد أفصحت تلك الجرائم
عن خلل فى تكوين بعض المراهقين، من قبيل؛ التضخم فى الذات، والمبالغة فى تقدير القدرات الفردية. بما يدفعهم لتغافل
حق الطرف الآخر فى ممارسة حريته لاختيار شريك حياته، من خلال القبول أو الرفض العاطفى. ومن أسف؛ أن يفضى
تأخر العقاب الرادع والسريع، إلى تكرار المأساة غير مرة، بمناطق متفرقة، وفى مدى زمنى قصير نسبيا. الأمر الذى
يكرس لاستضعاف المرأة، إلى حد يجعلها تدفع حياتها ثمنا لحريتها، وتحديها للثقافة الذكورية، ورفضها الإذعان
للسادية، أو الرضوخ للقهر.تسلط «جرائم الحب»، الضوء على ما يُعرف اصطلاحا فى علم النفس الاجتماعى،
بإشكالية «فرط الحساسية للرفض». تلك المتمثلة فى الميل إلى الاستجابة بشكل حاد وعنيف لرسائل الرفض
من قبل الآخرين. فغالبا ما يتملك الأشخاص الذين يعانون حساسية عالية تجاه الرفض، هلع بالغ تجاهه،
ينعكس سلبا على حياتهم وعلاقاتهم بمحيطهم. وبجريرة مخاوفهم وتوقعاتهم، يميل أولئك
الموتورون، إلى إساءة تفسير ما يصدر عن الآخرين من قول أو فعل، والمبالغة فى
تقدير وقعه. ومن ثم، يستسلمون لنداء الغضب، فيقدمون على إيذاء رافضيهم.

(02)
يرجح أهل الاختصاص أن أجواء التنشئة العائلية المبكرة غير الصحية،
قد تتمخض عن متلازمة فرط الحساسية للرفض الاجتماعى. إذ تبدأ هذه المعاناة
لدى الفرد عند عزوف والديه عن التجاوب مع احتياجاته، خاصة تلك المتعلقة بالقبول
والمودة. وبناء عليه، ينشأ معتقدا أن الرفض المجتمعى سيجهض مساعيه الرامية لبناء
علاقات ناجحة. ولقد أوضحت دراسة أُجريت على طائفة من الشباب الجامعى عام 2015،
أن ما يختزنونه فى ذاكرتهم، حول مدى قبول والديهم، أو رفضهما لهم، خلال مرحلة الطفولة،
قد خلف أثرا عميقا، على مستوياتهم الحالية من حساسية الرفض. كما أن العنف الناجم عن تلك
الحساسية، قد لا ينتظر مرحلة البلوغ، بحيث يبدأ الأمر مُبكرا، ليتصرف الأطفال شديدو الحساسية
للرفض، بشكل عدوانى إزاء الآخرين. إذ يحسبون أن العالم مكان غير مضياف، وبيئة مفعمة بالإقص
والعداء. وقد تجلى هذا الأمر فى الفاجعة التى زلزلت إحدى قرى مركز بلقاس بالدقهلية، مطلع الشهر
قيصة ذميمة، تنم عن فرط جهل، وفقر خلق، ووهن تدين. غير أن الأمر لم يكن ليتطور أبدا، بحيث
يبلغ غضب وغيرة الأبناء والبنات المضطهدين، مستوى قتل الأخوة أو الأخوات.
+ يعتقد علماء كُثر فى القابلية البيولوجية لدى بعض الأشخاص، للإصابة بحساسية الرفض.
عبر وجود استعداد وراثى، أو سمات شخصية معينة، تزيد من احتمالية أن يغدو الشخص بالغ
الحساسية تجاه رفض الآخرين له. حتى أن بعض الباحثين ربط بين حساسية الرفض واضطرابات
نفسية أخرى، كتدنى احترام الذات، والتشنج السلوكى، والقلق الاجتماعى، واهتزاز الثقة بالنفس.

ل(03)
يست الثقافة الذكورية بمنأى عن هذا المضمار. حيث يمكن إرجاع السبب
وراء حساسية الرفض المبالغ فيها لدى بعض المراهقين، إلى الصورة الذهنية
النمطية للرجال فى الوعى الجمعى الإنسانى. تلك القائمة على كونهم أقوياء،
عل هذه الصورة تفسر الفوارق بين الجنسين لجهة قبول الرفض الاجتماعى.
+ إذ تتفاوت استجابة الرجال والنساء للرفض، حسب التكوين النفسى والبيولوجى
، ووفقا لمرئيات ثقافية. فبدرجة أكثر حدة من النساء، يعتبر الذكورالرفض، انتقاصا
من رجولتهم، أو إهانة لمكانتهم المتصورة فى التسلسل الاجتماعى الهرمى.
+ فى عام 1998، اكتشف فريق بحثى غربى، أن حساسية المراهقين المتنامية
حيال الرفض، تتأتى أساسا من استجابات عاطفية ثلاث: توقع الرفض بشكل دفاعى،
الميل إلى تصور سلوكيات الآخرين على أنها رفض. ثم المعاناة من ردود فعل سلبية
شديدة على الرفض الرومانسى. وتوصل الفريق إلى أن الألم الناتج عن تجربة الرفض،
يتشابه، بدرجة كبيرة، مع الألم الجسدى. وفى عام 2003، انتهت دراسة إلى أن الأشخاص
الذين يتعرضون للرفض أو النبذ الاجتماعى، يتحولون أحيانا إلى أشخاص عدوانيين وتواقين
لممارسة العنف. وقد أُجريت دراسات حالة لبعض حوادث إطلاق النار فى المدارس الأمريكية
بين عامَى 1995 و2001. بغية الوقوف على الدور المحتمل للرفض الاجتماعى فى أحداث
العنف المدرسى. وخَلٌصت الدراسة إلى أن الحساسية المفرطة إزاء الرفض العاطفى
الحاد أو المزمن، والذى يحدث على شكل، نبذ و/أو تنمر و/أو رفض
رومانسى، يشكل دافعا ملحا لارتكاب معظم هذه الحوادث.

(04)
+ لا يمكن تبرئة الإعلام والدراما من مآسى جرائم قتل الفتيات بسبب الحب،
فى عالمنا العربى. ففى أحيان كثيرة، قد يعرضان منتجا يحض على تكريس مناخ
العنف، والكراهية، والحقد، والانتقام. من خلال الأعمال الهابطة والمفلسة، التى تتبارى
فى تسويق السفه والترويج للانحلال. وقد أكد علماء النفس والاجتماع، أن معايشى أعمال
العنف فى بيئاتهم، أو متابعيها عبر الدراما والإعلام غير المسئولين، يظنون دوما أن العنف\
وسيلة مقبولة لتحقيق الانتصار والغلبة. ومن ثم، تصير الحياة فى نظرهم، ساحة نزال بين
فئتين؛ منتصرين ومهزومين. ولما كان المصابون بفرط الحساسية تجاه الرفض،
يعتبرون الهزيمة هزيمة لتقديرهم المبالغ فيه لذواتهم، فقد يلجأون إلى العنف،
بوصفه سبيلا للظفر فى معركة لا وجود لها إلا فى مخيلاتهم.
+ خلافا لذلك المشهد الإعلامى والدرامى الهدام، كان عشاق الفن السابع،
ومرتادو الشاشة الفضية، فى عام 1944، على موعد مع الملحمة السينمائية
التى حملت عنوان «غرام وانتقام». ذلك الفيلم الخالد الذى أخرجه، وكتبه، وتصدر
بطولته، الفنان الراحل يوسف وهبى، بمشاركة المطربة اسمهان، وأنور وجدى، ومحمود
المليجى، وبشارة واكيم. وهنالك، أوضح الفيلم كيف يسمو الحب بالروح، ليحض الإنسان
على التعقل والتسامح، واحترام إرادة الآخرين، وتقدير مشاعرهم. وبعدها بسنوات أربع،
جاءت رائعة «غزل البنات»، التى كتبها، وأنتجها، وأخرجها، المبدع أنور وجدى. كما
تشارك بطولتها مع العمالقة؛ نجيب الريحانى، ويوسف وهبى، وليلى مراد، سنة 1948.
+ فمن خلالها، أعطى، يوسف وهبى، الذى جسَد دور الفنان العظيم، لنجيب الريحانى،
ذلك المدرس البائس، والعاشق المكلوم، وصفة إنسانية مثالية فى التعاطى مع محبوبته،
التى لم تطاوعها نفسها مبادلته الغرام. حيث ينصحه أن يرضى بقدره، فيطوى حبها
فى سويداء قلبه، ويضحى بسعادته، لأجل غبطتها. وأن يتمنى لها من صميم
الوجدان، دوام البقاء والهناء، مع من يناسبها، ويهوى إليه فؤادها.

(04)
+ لا يمكن تبرئة الإعلام والدراما من مآسى جرائم قتل الفتيات بسبب الحب،
فى عالمنا العربى. ففى أحيان كثيرة، قد يعرضان منتجا يحض على تكريس مناخ
العنف، والكراهية، والحقد، والانتقام. من خلال الأعمال الهابطة والمفلسة، التى تتبارى
فى تسويق السفه والترويج للانحلال. وقد أكد علماء النفس والاجتماع، أن معايشى أعمال
العنف فى بيئاتهم، أو متابعيها عبر الدراما والإعلام غير المسئولين، يظنون دوما أن العنف\
وسيلة مقبولة لتحقيق الانتصار والغلبة. ومن ثم، تصير الحياة فى نظرهم، ساحة نزال بين
فئتين؛ منتصرين ومهزومين. ولما كان المصابون بفرط الحساسية تجاه الرفض،
يعتبرون الهزيمة هزيمة لتقديرهم المبالغ فيه لذواتهم، فقد يلجأون إلى العنف،
بوصفه سبيلا للظفر فى معركة لا وجود لها إلا فى مخيلاتهم.
+ خلافا لذلك المشهد الإعلامى والدرامى الهدام، كان عشاق الفن السابع،
ومرتادو الشاشة الفضية، فى عام 1944، على موعد مع الملحمة السينمائية
التى حملت عنوان «غرام وانتقام». ذلك الفيلم الخالد الذى أخرجه، وكتبه، وتصدر
بطولته، الفنان الراحل يوسف وهبى، بمشاركة المطربة اسمهان، وأنور وجدى، ومحمود
المليجى، وبشارة واكيم. وهنالك، أوضح الفيلم كيف يسمو الحب بالروح، ليحض الإنسان
على التعقل والتسامح، واحترام إرادة الآخرين، وتقدير مشاعرهم. وبعدها بسنوات أربع،
جاءت رائعة «غزل البنات»، التى كتبها، وأنتجها، وأخرجها، المبدع أنور وجدى. كما
تشارك بطولتها مع العمالقة؛ نجيب الريحانى، ويوسف وهبى، وليلى مراد، سنة 1948.
+ فمن خلالها، أعطى، يوسف وهبى، الذى جسَد دور الفنان العظيم، لنجيب الريحانى،
ذلك المدرس البائس، والعاشق المكلوم، وصفة إنسانية مثالية فى التعاطى مع محبوبته،
التى لم تطاوعها نفسها مبادلته الغرام. حيث ينصحه أن يرضى بقدره، فيطوى حبها
فى سويداء قلبه، ويضحى بسعادته، لأجل غبطتها. وأن يتمنى لها من صميم
الوجدان، دوام البقاء والهناء، مع من يناسبها، ويهوى إليه فؤادها.