تقع فى واحد من احياء كوالالمبور الراقيه ، حى تون اون . بلغ انتاج البترول السودانى و ايرادته ذروته فى الفتره التى سبقت انفصال الجنوب ، بمعدل انتاج يومى متوسط بلغ 750 الف برميل . و يتميز الخام السودانى بكثافته المتوسطه ، و التى تجعله قريبأ من الخامات الخفيفه ، و التى تجنى اعلى الاسعار فى سوق النفط العالمى . و اضافة الى ذلك فان المحتوى الكبريتى له منخفض بصوره تجعله من افضل الخامات فى الشرق الاوسط . و فى تلك الفتره ، بلغ الاحتياطى المؤكد للبترول السودانى 6 .2 مليار برميل ، كما بلغت احتياطات الغاز نحو 2010 مليار متر مكعب . و صنف احتياطى البترول السودانى حينذاك رقم 20 على مستوى العالم . و مغزى هذه الارقام ، ان السودان و مع نهاية الالفيه الثانية قد كان مؤهلأ ليكون رقمأ مقدرأ فى انتاج النفط و تأسيس و تنمية صناعات نفطيه بسعات كبيره . و لكن الفساد ، الذى كان الطابع الابرز لادارة انتاج البترول و ايراداته قد اهدر تلك الفرصه الثمينه للارتقاء بالاقتصاد السودانى ، و الذى يتمتع بموارد طبيعيه غير نفطيه هائله . تعتبر كاليفورنيا اغنى الولايات فى الولايات المتحده الامريكيه ، و لم يتأتى لها ذلك ، الا بتكامل مواردها و انتاجها الزراعى ، بانتاجها النفطى . السودان كان مهيئآ ليصبح كاليفورنيا افريقيا ، فى حالة توظيف ايرادات البترول للتنميه الزراعيه ، و للصناعات البتروكيماويه و غيرها من الصناعات البتروليه . و نظرأ للاحتياطى الكبير ، كان يمكن مضاعفة انتاج البترول و الانتاج و الصادرات الزراعيه متزامنين . و ذلك باستثمار مداخيل البترول ، فى قطاعى البترول و الزراعه . و لكن ذلك لم يحدث و ذهبت ايرادات البترول فى حقبته الذهبيه : 1998 و حتى 2011 ، نهبأ لفساد النظام المخلوع و رموزه . و تحولت الثروه الوطنيه ، الى ثراء لافراد . و ضاعت على البلاد فرص الانعتاق من اسار التخلف و التبعيه الاقتصاديه ، و الانطلاق فى مسارات للتنميه متوازنه و عادله . و تلك فرص ، لا تعوض . شهد مطلع الالفيه الثالثه تمدد فساد نظام المتأسلمين فى ماليزيا . و اصبح مشهد السودانيين و هم يقودون الفارهات فى شوارع ماليزيا ، ملفتأ للنظر حتى للماليزيين ، الذين يعرفون ان السودان هو واحدأ من الدول الافريقيه الفقيره . كنت اعمل استاذأ بكلية الاقتصاد بالجامعه الماليزيه الوطنيه . و هى تقع على بعد 40 كيلومتر من العاصمه ، يقطعها القطار السريع فى 15 دقيقه و هو ينهب الارض على بساط من الخضره ، تتخله تلال هى الاخرى مخضره . ويوظف الماليزيون اساتذة الجامعات من الاجانب ، بصورة اساسيه ليعملوا فى الاشراف على طلاب الدراسات العليا ، و قسم كبير من هؤلاء اجانب قصدوا ماليزيا للتعلم ، فى جامعات لا تقل عن الجامعات الاوروبيه ، من حيث بنيتها و امكاناتها الماديه و البشريه . و كما لفت التواجد الكثيف لرجال الاعمال السودانيين الانظار ، لفت انتشار البزنس السودانى فى ماليزيا الإنتباه . كلفت فى الكليه ، فى العام الدراسى 2006_ 2007 بالاشراف على مشروعات التخرج لمجموعه من طلاب البكلاريوس . و كانت المجموعه تتكون من اربعين طالبأ ، قسمتهم الى اربع مجموعات ، وكلفت كل مجموعه بدراسة موضوع حددته لهم . و كان من بين تلك المواضيع دراسة الاستثمارات الاجنبيه المباشره فى ماليزيا ، من حيث طبيعة نشاطها وجنسيات مالكيها ، وقيمتها الرأسماليه ، و اسهامها فى الناتج الاقتصادى المحلى ، و فى صادرات البلاد و توفير فرص العماله . و اخترت ان يكون مصدر البيانات لتلك الدراسه هو المسح الشامل Complete census للتغلب على مشكلات اللا يقين التى تحيط بنتائج الدراسات التى تعتمد فى توفير بياناتها على العينات العشوائيه Random sampling و شجعنى على اختيار اسلوب التعداد الشامل توفر امكانات التنقل ، و الفنيين ذوى التأهيل و الخبره . هذا اضافة الى ان الطلاب يقضون عامهم النهائي فى الكليه باكمله ، لاعداد مشروع التخرج . وفرت تلك الدراسه العلميه و الميدانيه ، بيانات و معلومات مهمه عن الاستثمارات الاجنبيه فى ماليزيا . و ما يهمنى انها خلصت الى تحديد القيمه الراسماليه للاستثمارات السودانيه ، و التى بلغت 42 مليار دولار ، و بنسبة بلغت 16% من قيمة الاستثمارات الاجنبيه الكليه فى ماليزيا . و كان ذلك فى العام 2007 . و يصرح رئيس الوزراء انه يحتاج 10 مليار دولار ، لتسيير المرحله الانتقاليه ، منها 2 مليار دولار تودع فى بنك السودان ، لتسترد العمله الوطنيه عافيتها ، و لوقف نزفها المستمر لقيمتها فى مقابل الدولار ، و غيره من العملات القابله للتحويل . هذه قارىء العزيز بعضأ من حقيقة المال السودانى العام المنهوب فى ماليزيا ، ذلك ان التقدير الذى تحصلت عليه ، لا يشمل الاموال السودانية المودعه فى المصارف الماليزيه و الاجنبيه فى ماليزيا . كما انه لا يشمل قيمة العقارات التى يمتلكها رموز النظام المخلوع فى تلك البلاد ، هذا اضافة الى عدم اشتماله على الاستثمارات الماليه فى البورصه الماليزيه ، و التى تصنف عاليأ فى منظومة اسواق الاوراق الماليه العالميه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة