صحيح فان ذلك الرجل الشيبة الذي جلد في احد شوارع الخرطوم قبل اندلاع هذه الحرب كان موجعا ولكنه كان كأنه مؤشراً لما بعده فقد كان عمنا يتلوي من تلك السياط التي تنهال عليه دون حياء ولا وقار لعمره الهرم وهو يغالب انهمار دموعه لكي لا تكسر رجولته وتحطم كبرياءه لكن ما كشفت عنه عدسات الفضائيات التي زارت المسجونين الكثر بعد أن فك الجيش السوداني احتباسهم من احد سجون منطقة جبل أولياء حيث تحولت اجسادهم لهياكل عظمية جفت عروقهم من الماء والغذاء وتمزقت ألبستهم البالية أصلا وبالكاد كانوا يهرشون جلودهم التي اخشوشنت هي الأخرى وكانوا بالكاد يستطيعون ان يحكوا فصولا من العذابات الجسدية والنفسية التي تعرضوا لها خلال فترة الاحتباس القهري ولم يمنع منهم الغذاء والدواء فقط بل كان التعذيب النفسي الذي تعيفه النفس البشرية السوية إذا اجبر بعضهم لتناول وجبته الشحيحة وتحت ناظريه جثامين تتحلل وتتعفن ولم يتم سترها ودفنها وفق سنة الإسلام .. ولا حتى مراعاة لإصحاح البيئة .. ان فصول تعذيب المواطنين الغبش المغلوبين علي امرهم في هذه الحرب تجاوز المعتاد في الحروب وربما لم يشهد مثيلها العالم من قبل فهي لم تكتفي بإعداد النازحين والمشردين اللذين تاهو في المدن والطرقات بحثا عن الامان في ظل تجاهل مريب من كثير من دول العالم وكأن الأنظمة هي الأخرى قد فقدت الاحساس الإنساني او ان بنود الاتفاقيات الاقليمية والدولية التي كان يتغنى بها قد جمدت .. تبا لهذه الحرب وتبا لمن أشعلها .. عواطف عبداللطيف [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة