* أورد د. القدال في مؤلفه (ذكرياتي في معتقل كوبر) أن المعتقلين في فترات إعتقالات مايو قد إحتاروا في هوية أحد المعتقلين الجدد، فاختاروا أحد أكثر (الحبرتجية) في أوساطهم لكي يكشف أمر المعتقل الجديد وما إن كان (غواصة) بواسطة جهاز أمن النميري، ذهب (الحبرتجي) منفذاً للتكليف، وجالس المعتقل الجديد، سأله أسئلة عديدة كدردشة بريئة معه، ، ثم فجأة سأله المدرسة التي درس بها، فأجابه المعتقل بأنها مدارس (الكمبوني)، سأله عن نوع وماركة الدراجة التي كان يستخدمها في الذهاب إلى كمبوني، فأشار له المعتقل لنوع ماركة لا يمكن أن يستخدمها تلاميذ مدارس كمبوني مطلقاً! ،، لحظتها هب (الحبرتجي) واقفاً ـ وكأنه قد أكمل التكليف بنجاح ـ وهو يقول له ( قوم كده ولا كده! ،، والله لو نطتت غواصة)! وهكذا تم إبطال مفعول المعتقل الجديد، وبعد يومين سحبه جهاز الأمن بفرية (إطلاق سراحه) بعد (احتراقه) بواسطة ذاك (الحبرتجي)!. * لم يكن ذاك (الحبرتجي) سوى (محمد نور السيد) الذي فجعنا برحيلة بغتة عنا وهو يلتحق بقوافل من رحلوا موخراً، حيث نعى الناعي خبر رحيله في القاهرة ليترك غصة عند كل من عرف (نور). * نور هو احد كوادر الحزب القيادية التي كان يعتمد عليها الشهيد عبد الخالق محجوب في كل أنشطته كسكرتير للحزب الشيوعي السوداني، . كان يتم إبتعاثه للاتحاد السوفيتي باقتراح من عبد الخالق ليجتمع هناك مع قيادات نافذة فيما يتعلق بمنح دراسية أو علاجية أو تنظيم مدارس كادر للحزب وقد تصفحت البوم صوره التي تجمعه مع قيادات حزبية نافذة في (الاتحاد الذي كان)!. * شكل نور آخر صحابة عبد الخالق وكوادر الحزب الذين عاصروه عليهما الرحمة جميعاً . * هناك طرفة أخرى تُروى عنه ـ وهو متعدد الطرائف ـ حيث قيل أنه تم اختياره من قيادة الحزب للسفر متخفيا إلى القاهرة ليعمل مع مجموعة منتقاة من كادر الحزب وهو على رأسها لتهريب عبد الخالق الذي نفاه نظام مايو في بداية السبعينيات برفقة الصادق المهدي والعودة به سراً للسودان، وحال دخوله مع مجموعته الأراضي المصرية إكتشفته المخابرات المصرية هناك، فالتقى عبد الناصر الشهيد عبد الخالق بمكتبه حيث كانت تجمعهما صداقة بين بعضهما البعض، وبعد دردشة قصيرة بينهما سأله عبد الخالق حول ما إن أصبحت مصر منفى للوطنيين السودانيين مشيراً لحالته وحالة الصادق المهدي معه، فنفى عبد الناصر ذلك وقال له أن لك مطلق الحرية أنت والصادق بالعودة إذا لم ترق لكما الحياة بمصر!، ثم أردف في دعابة مع عبد الخالق قائلاً ( إيه يا عبدو ،، تبعتولي من السودان (قواهرقي) علشان يختطفك مننا؟!، والاشارة كانت لمحمد نور السيد الذي كان وقتها بالفعل (جواهرجي) في سوق الذهب!. * كان الحظ قد حالفنا عندما دعانا الراحل (نور)، الأستاذة ايمان عثمان رئيسة تحرير الميدان وشخصي كمساعد لرئيس ومدير التحرير، لتناول شاي العصرية معه بمنزله، وقد أوصانا بأن تكون معنا مسجلة وكاميرا فوتوغرافية. حينها قدرنا أنها من المؤكد دعوة لخبطة صحفية أراد أن يبر بها (نور) صحيفة الميدان!, وهو المعروف عنه الكتمان، درجة أن العديد من أعضاء وعضوات الحزب لا يعلمون ما إن كان نور بالفعل عضو حزب أم ديمقراطي مقرب كصديق للشهيد عبد الخالق وبعض قيادات الحزب في ذلك الوقت!، مما أهله ليكون صديقاً مقرباً لعبد الخالق وخازن أسراره الشخصية والحزبية وبذلك شكل رجل المهام الصعبة في حياة الحزب، وقد كان. حيث أدلى لنا باخطر الافادات على الاطلاق والتي تُروى لأول مرة، فيما يخص وقائع بعينها تتعلق بأحداث انقلاب ٢٥ مايو وتداعيات صراع الحزب مع قيادات نميري وأحداث انقلاب ١٩ يوليو. حيث شكل ما قاله خبطة بالفعل صحفية، رغم الأضابير المتعلقة بما تمت روايته من شهود عيان حول تلك الأحداث!، وهي إفادات ستضع نقاطعا عديدة على الأحرف!. وقد أوصانا بعد تسجيلنا لكل إفاداتنا بأن (لا ننشر شيئاً في الوقت الحالي)، كان ذلك قبل فترة وجيزة من إندلاع الحرب!. حيث وصل بعدها نور للقاهرة التي لاذ بها وحالما غادرها وعادر كل الدنيا!. فيا يا الله. * تعرفت عليه كخال وصديق فيما بعد، وذلك من خلال صداقتي بأشقائه الصغار علي وخالد، وبنفس فداحتي في رحيل (علي السيد) فجأة بكوبنهاجن بدايات الانتفاضة عام 1986، هئنذا أفجع الأن في الزميل والصديق محمد نور السيد. ليترك رحيله المباغت غصة أخرى على حلقي!. مما لا شك فيه أن رحيل هذا الزميل المتفرد سيعد خسارة فادحة على كل المستويات في هذا الظرف الدقيق من عمر بلادنا. العزاء لشقيقه الصديق خالد السيد ولجميع أشقائه وشقيقاته وأهله في حلة حمد وعموم بحري وكوبنهاجن وأصدقائه العديدين في جميع بقاع العالم وللزملاء والزميلات وأصدقاء حزبنا. * لك الرحمة والخلود ،، فوداعاً ووداعاً يا نورنا ضواي حياتنا.لك الرحمة والخلود . وهكذا فالندفن موتانا وننهض!. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * الحرية للزميل هيثم دفع الله مدير تحرير صحيفة الميدان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة