من يقرأ هذا العنوان ربما أو حتما سيصاب بالدهشة ، وربما نعتني بصفات الجهل والتخلف والرجوع بنا الى ملايين السنوات فمعه كل الحق وربما كان مصيبا ، ولكن لم اكن يوما من الأيام داعما للقبلية والتخلف والعنصرية والجهوية ، ودائما ما امتعض وأحتقر كل من يتكئ على القبلية والعصبية ، وأرفض دائما ذكر القبيلة عندما أسأل عنها ، وأرد بطريقة قاسية لمن يسألني هذا السؤال المقيت ، وأقول بأن قبيلتي السودان ولغتي العربية وديني الإسلام ، ولا أنسى أنني في مرة من المرات سألني رجل طاعن في السن عن قبيلتي ، فرددت عليه بلطف بان قبيلتي السودان ، وذكر لي أعرف انك سوداني ولكن ما قبيلتك ، قلت له ولأنه طاعن في السن للأسف بعرف فقط إني سوداني فكان رده ( من لا يعرف قبيلته فهو كافر )
لا يخفى الإحباط الذي وصلنا إليه في السودان ومستوى التراجع في كل شيء ، العالم من حولنا يتقدم ، ونحن نتراجع ، مع تأكيد كل الساسة وعلماء الاقتصاد ببلادنا ومن خارجها بان السودان تتوفر لديه كل الإمكانات الطبيعية من ارض صالحة للزراعة تخلو من كل الموانع الزراعية ، ومناخ متنوع يتيح إنتاج جل المحاصيل الزراعية التي تحتاجها البشرية وبكميات تجارية ، المعادن بباطن الأرض من ذهب وبترول ويورانيوم ، النيلين الأزرق والأبيض ، ومع كل ذلك وقبل أيام قليلة ترسل إلينا المملكة العربية السعودية ــ جزى الله قادتها خيرا ــ كمية مقدرة من القمح لنأكل ، وللأسف ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الدعم ويعاني أهلنا من كل شيء ولا يتوفر لديهم اقل مقومات الحياة البشرية
في ظل هذه الأوضاع يتناحر ساستنا وعلى ماذا لا ادري على الفشل المريع ؟ أم على المنظر المعيب ؟ أم على الجوع والفقر وانعدام أساسيات الحياة من مأكل ومشرب وكهرباء ومياه وانعدام مقومات الأمن والصحة والتعليم ولو أخذنا مثلا مشروع الجزيرة الذي سلمه المستعمر لنا وأنشأه في العام 1925م ليمد مصانع لانكشير بالأقطان ، فمده بالقطن ومد بعده السودان بالقطن والقمح والذرة وكان أول مصادر توفير العملات الأجنبية ، ومصدر اتزان الميزان التجاري ، فماذا حدث بعد ذلك وأين مشروع الجزيرة الآن وهذا مثالا فقط
في ظل هذه الأوضاع والظروف القاتمة والمبادرات المتكررة من قبل السياسيين بالسودان من جد وخال وعم من سياسي وصحفي وعسكري وطالب وشرطي وبائع التسالي والفلافل ،وغناية ودوباي تتبخر الآمال في جمع السياسيين والأحزاب السياسية على كلمة واحدة ، وإنهاء هذا التشرذم والخلاف وجدت على الفيسبوك تجمع قبلي لقبيلة الكواهلة تقريبا بكردفان ، وتنادى الجميع للم شمل القبيلة ومبايعة أمير واحد لهذه القبيلة . هنا توقفت قليلا ثم كررت الوقوف وتوقفت اكثر بتأمل وروية ومن داخلى قلت أن الحل ها هنا الحل في القبيلة التي نعتبرها مصدر التخلف والرجعية ، القبيلة التي نعتبرها قد أضاعت الحقوق القبيلة التي نعتبر أن الزمن قد تجاوزها .
لا ينكر القارئ بأن تأثير القبيلة في المجتمع السوداني تأثيراً كبيرا وخاصة بعد السنوات الثلاثين التي عاشها المجتمع السوداني في حكم الإنقاذ ، والتي من اهم وابرز تأثيرها هيمنة وسيطرة القبلية على المجتمع والساسة ويمكن أن يجتمع أهل القرية ومن ثم أهل القبيلة في جميع الأرياف والحضر ، ولكن لا يمكن أن تجتمع الأحزاب السياسية رغم المبادرات الكثيرة المتعددة الصادقة وغير الصادقة تدرجت في السؤال لماذا اهتمت الإنقاذ بالقبيلة رغم أن الإنقاذ تتكئ على مبادئ دينية وأن الدين الإسلامي ينهى عن القبلية والتشرذم ، وهنا أيقنت بأن منظري الاستراتيجية الشاملة بالإنقاذ أدركوا قوة وهيبة القبيلة وتغلغله في المجتمع السوداني .
في الختام وفي الوضع الحالي من الصعب جداً إزاحة القبيلة والمنطقة عن واجهة الحياة وإدارة دولاب العمل السياسي والإداري فلماذا لا نستفيد من الوحدة التي أحدثها هذا الشرخ وأليس من السهل أن يكون لدينا حزب الكواهلة بدلا من حزب الأمة وحزب الزغاوة بدلا من الحزب الاتحادي الديمقراطي أو حزب الفور بدلا من حزب المؤتمر الوطني أو حزب الجعليين بدلا من حزب المؤتمر الشعبي والذي من السهل جدا أن يجتمع أبناء القبيلة من كل الأحزاب السياسية المختلفة ذات الرؤى والأيدلوجيات المختلفة ووضع برنامج الحزب وسهولة الاتفاق على ما يريدون لصلابة قبول الكل بشيخ أو أمير القبيلة ، ألا نجد في المناسبات العامة اتفاق الشيوعي والإسلامي وحزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي على قلب رجل واحد وكان لا مشكلة بينهم ، إنها ليست دعوى للجاهلية والقبلية ولكن هذا اقوى جسم صلب يمكن ان نتكئ عليه في ظل هذا الانقسام ، وعدم القبول بالآخر . ادعموا مسيرة القبيلة والمناطقية وربما انصلح الحال
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة