أعلن البشير قبل بضع سنوات من سقوطه بأنه تخلى عن ماضيه مع الحركة الإسلامية، وأرسل الدعم السريع للسعودية وقطع علاقته مع إيران، وكوريا الشمالية، ثم بدأت عقارب الساعة تدق للوراء، وبدا الإنهيار، وتحرك الكيزان، وانهار الجنيه، ونشِفت البنوك من الكاش، فعاد وصرخ بأنه حركة إسلامية كاملة الدسم، وسافر إلى موسكو مستجيراً من الرمضاء بالنار، ولكنه بات مكشوف الظهر والصدر. فتناوشته الصقور وتخطف الطير حكمه. ونسمع اليوم نفس اضطراب البشير من فم البرهان، فلا نفهم إذا كان يهذي أم هو جاد، يحاول أن يسترضي المصريين أم سينزل ما يقوله على أرض الواقع؟ لكن أرض الواقع ليست في مصلحة البرهان بل في مصلحة الكيزان، فتقريباً هم ليسوا مسيطرين على المال فقط، بل هم الآن أعادوا القضاء وأعادهم القضاء. فكيف سيواجه البرهان من عاش في حجرهم ربيباً؟ أشك أنه يملك أداة كافية لذلك، لأن موقف الكيزان في السودان مختلف عن موقف الكيزان في مصر، ففي مصر كانت الحكومات المصرية تعرف كل شاردة وواردة عن الإخوان المسلمين منذ عبد الناصر، والمخابرات تعرف كل قرش في جيوبهم وجيوب أولادهم، وظل الإخوان في مصر مواجهين بأنظمة حكم قوية وقاسية، شردتهم تشريداً، على العكس من ذلك؛ فإخوان السودان ظلوا يحكمون لخمسة وثلاثين عاماً، منذ إعلان قوانين سبتمبر النميرية، وحتى اليوم. لذلك فمسألة ان يكون البرهان أبا لجميع ابنائه (الخطاب البابوي الكلاسيكي) يكاد يكون مستحيلاً، وخاصة في السودان، ذلك أن الأنظمة العسكرية التي استولت على النصيب الأكبر من سنوات الحكم، قمعت المثقفين، ودمرت الحركة الثقافية، وزاد الإسلاميون الطين بلة، في حين أن الأنظمة العسكرية في مصر وسوريا، ظلت تدعم المثقفين وحركة الفنون والآداب، فأصبحت فئة المثقفين كلها ضد انغلاق الإسلاميين، بل خائفين منهم. فمن سيقف من المثقفين مع البرهان؟ لا أحد تقريباً. لذلك لا يملك البرهان خيارات كثيرة، فهو إما أن يحتفظ بحكمه مع تحالفه المعلن مع الإسلاميين أو يسلم رقبته لحبل المشنقة.. وشكراً
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق November, 07 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة