▪️نعم نقول وبكل ثقة فن الغناء السوداني كنز آخر من ثروات السودان التي لم تكتشف بعد لأن تنقيب الباحثين عن كنوز المعارف في عالمنا المعاصر لم تصل إليه بعد، وقبيل الخوض فى تفاصيل زعمنا هذا دعونا نحكي لكم هذه الحكاية الظريفة والتي تلخص روعة فن الغناء السوداني وتفرده مع جهل الكثير من الأشقاء في دول عربية حتى بوجود فن غناء سوداني لأنهم يعتقدون أن في السودان فنان وحيد اسمه سيد خليفة لايملك الا اغنيتين هما ازيكم كيفنكم و المامبو السوداني، اعتقد انكم متشوقون للحكاية والتي رواها الأخ الصديق بدر الدين محمد أحمد عثمان (الجعلي ) وهو من عشاق الأغاني الجميلة في كل عهودها. تقول الحكاية أن معلما سودانيا كان يدرس في اليمن الشقيق ومعه عدد من المعلمين المصريين، وكان أحد اليمانيين يزورهم حيث يسكنون فنشات صداقة بين ذاك اليماني مع معلم مصري ومع المعلم السوداني، في إحدى الأمسيات دعا اليماني صاحبيه لحضور حفل عرس، فاعتذر السوداني لظرف يخصه، وذهب المصري مع اليماني وحضر الحفل، ثم عادا سويا ليحكي اليماني للمعلم السوداني عن روعة الحفل و سحر الغناء ثم التفت إلى المصري قائلا :- والله السودانيين مايعرفون مثل هذا الغناء اللي عندنا، وبدت على وجه المصري الموافقة على ما هب إليه اليمني، بينما إنتابت السوداني الدهشة فقال لليماني وبكل هدوء ( والله نحن عندنا غناء لو سمعتموه لصليتم به). ▪️ولكأني بالمعلم السوداني المذكور في الحكاية، قد حدثهم عن علاقة الغناء السوداني بالقرآن، وعلم الحديث، وعلوم الفقه، وعلم الفلك، وعلم النبات، وعلوم البحار والأنهار، وعلم التاريخ والجغرافيا، وعلم الجمال فيماخلق الله، وكأنه عندما قال لليماني لوعرفتم غناء السودانيين لصليتم به، ما كان يقصد الإستهانة بالصلاة، ولكنه قصد قول شاعر الحقيبة الكبير محمد ود الرضى في أغنيته (أحرموني ولاتحرموني سنة الإسلام السلام) إلى أن يقول :-( من تعاطي المكروه عمدا غير شك يتعاطى الحرام) أو ربما طافت بذاكرته قصة الشيخ الوقور والعلم الفقيه الشيخ قريب الله عندما اطربه غناء سرور في إحدى أغنياته ذات ليلة ام درمانية (ياليل ابقالي شاهد) فشهادة الليل عند الذاكرين مهمة للغاية، واسم ليلي ورمزيته في غناء السودانين ومدائحهم النبوية يحدث وبكل وضوح تلازم فن الغناء عندهم بعبادتهم بل والأعجب من ذلك أن أجمل الأصوات الغنائية تحسن أداء المدائح النبوية، والإنشاد الديني الجميل، والمدهش حقا أن الرواد من شعراء الحقيبة أغلبهم من حفظة القرآن وطلاب الخلاوي القرآنية وهي أشبه بالكتاتيب في بعض البلدان العربية. فأغنية مثل (دمعة الشوق) تتجلى فيها معرفة الشاعر بعلم الفلك حيث يقول ( انتحل جسمي والمحال طبي مصدرو الزهرة ألفي نواحي سهيل) فالزهرة التي قصد بها محبوبه هي كوكب لامع في السماء وكذلك سهيل الذي يطل من الجهة الغربية كل مساء، اما علم علم التاريخ والجغرافيا وعلم وعلم النبات وعلم البحار يلخصه شاعر آخر في إحدى أغنياته حيث يقول ( من جنائن الشاطئ من قصور الروم حيّ زهرة روما وابكي يامغروم... إلى أن يقول والصدير الطامح زي خليج الروم). أما علم اللغة فنون التعبير وتفوق شعراء الحقيبة على الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العروض، وتجاوز كل من ساهموا في تشطير قصيدة البردة للإمام البصيري، ذلك ما اكتشافه عالم العربية الفريد دكتور عبدالله الطيب المجذوب، عندما قال إن الشاعر الغنائي السوداني محمد ود الرضى قد تفوق كل الخليل بن أحمد الفراهيدي في تفعيلاته، وتجاوز كل الذين شطّروا البردة وإليكم ما ذكرته البروفيسور عبدالله الطيب... الشاعر ودالرضي يقول العلامة البروف: ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻥ (ﺍﻡ ﺿﺒﺎﻥ ) ﻭﻳﻌﻨﻲ -ﺍﻡ ﺿﻮﺍً ﺑﺎﻥ- ﺃﺗﺖ ﺑﻤﺴﺘﺤﻴﻠﻴﻦ... ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ (ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺩ ﺍﻟﺮﺿﻲ ) ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﺴﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻔﻌﻮﻻً ﻭﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻼﺕ ﻭﻣﻔﺎﻋﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ (ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ) ﻭﺗﺨﻄﻰ ﺑﺬﻟﻚ (ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ) ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ... ﻟﻮ ﺃﺩﺭﻛﻪ (ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻔﺮﻫﻴﺪﻱ ) ﻝ ﺷﻬﻖ ﺇﻋﺠﺎﺑﺂ ﺑــ (ﻭﺩﺍﻟﺮﺿﻲ )....
ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻭﺩﺍﻟﺮﺿﻰ ﺍﻧﻪ ﻗﺪ ﺻﺤﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥﻳﻨﺎﻡ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﻥ ﻭﻟﻰ ... ﻭﺻﺤﻴﺖ ﻧﺪﻣﺎﻥ ﻧﻮﻣﻲﺍﻧﻘﻞ....... . ﺗﺮﺧﺮﺥ ﺟﺴﻤﻲ ﻭﻗﻮﺍﻱ ﻛﻞ ّ ﺗﻨﺎﻭﻡ ﻏﺶ ﻟﻜﻦ ﻛﻼ.........ﻫﻴﻬﺎ ﺕ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﻥﻭﻟّﻰ ﻭﻓﻰ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ...ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻧﻮﻡ ﻟﻜﻦ ﻛﻼ .... ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﻥﻭﻟﻰ. ▪️عندما يلتفت الباحثون إلي كنوز السودان الإجتماعية سيتوقفون مذهولين بروائع الغناء السوداني، وسيكتشفون أن السودان ليس أقل من الأندلس وموشحاتها المسكرة وسحر الفن الأندلسي والمغاربي. الذي احتضن الزنجران واختفى بزرياب المغني، مثلما احتفل شاعر السودان تاج السر الحسن بذرياب مغني الأندلس وطاغور شاعر الهند، وكبار قادة حركة عدم الانحياز في القرن العشرين، سوكارنو وجومو كنياتيا وجمال عبد الناصر، مستصحبا معه غابات كنيا وجبال الجزائر. ▪️وحتما سيكتشف الباحثون في التاريخ والتراث السوداني وفن غنائه على وجه التحديد، أن علم الجمال في أبهى صوره يتجلى في قصيدة للشاعر السوداني الكبير إدريس محمد جماع إسمها (غيّرة) يقول فيها:- أعلى الجمال تغار منا ماذا علينا إذا نظرنا هي نظرة تُنسي الوقار. وتٌسعد الروح الَمعنّي دنيايّ أنت وفرحتي ومني الفوائد إذا تمنّي أنت السماءُ بدت لنا واستعصمت بالبعدِ عنّا. يالروعة الشعر وجمال الغناء السوداني الذي لايرغب كثيرون في الإلتفات إليه ربما لخشيتهم أن يكتفوا الحقيقة وهي أن شعراء السودان وأغانيه تتفوق عليهم بمسافات ضوئية.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 19 202
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة