استطاعت كل القوى المدنية في أقاليم السودان بناء مليشيات خاصة بها، في الشرق والجنوب والغرب. لذلك بات من السهل على كل القيادات الحاملة للسلاح أن تؤسس جيشاً موحداً. وهذا حقها القانوني. فإذا كانت كل الاقاليم قد قبلت بتأسيس هذا الجيش فهذا استفتاء شعبي، يمنحها الشرعية اللازمة لتكوين جيشها. بدون حتى الالتفات لجيش النخبة الشمالية. وأعتقد أن هذا أصبح أمراً سهلاً. فبدلا عن أن تكون تابعاً عبر ما يسمى بالترتيبات الأمنية، ستكون سيداً وشريكاً أصيلاً. إنَّ تكوين جيش قومي يعبر عن (الهلال الأخضر): الشرق الجنوب الغرب أو (البحر الغابة والصحراء). سيكون حلاً حاسماً ونهائياً لكل مشاكل السودان التي نجمت كلها وانبثقت من حكم النخبة الشمالية منذ الاستقلال. فكل بلاوي ومصائب هذا البلد نتجت من حكم تلك النخبة.. إذاً، فليتم استبعادها نهائياً وبالتالي تذهب وتأخذ مشاكلها معها. فهذه النخب ورطت باقي أقاليم السودان منذ الاستقلال في عداء غير مبرر مع المجتمع الدولي، تارة باسم العروبة وتارة باسم الشيوعية، وتارة باسم الاسلام، وكل مجموعة منها تأتي لتحمي مصالحها عبر شعارات كاذبة لا تؤمن بها، ولكن الطامة أن تلك الشعارات دمرت الدولة تدميراً بالغ الجسامة. وتلك النخبة استأثرت بالحكم ولم تكتفِ فقط بحرمان الاثنيات منه بل استخدمت مليشياتها لشن حروب على باقي الاثنيات في الشرق والغرب والجنوب، ونفس تلك النخبة شيطنت كل قيادات الإثنيات الأخرى أو حاولت استخدام مثقفيهم كتمومة جرتق بتنصيبهم بعض الوزارات الهلامية. ونفس هذه النخبة أوقعتنا في الاتهام بدعم الارهاب، ونفس تلك النخب فشلت حتى في تأسيس دستور دائم لأنها لم تملك يوماً روحاً دموقراطية بل كانت أنانية وفاسدة. تلك النخب هي التي تسيطر اليوم على البنوك والقضاء وجيشها وجهاز مخابراتها وغير ذلك، وكل تلك الأجهزة والمؤسسات منهارة نتيجة للمحسوبية والفساد. هذه النخبة شكلت كل مافيات الأراضي والدواء والدقيق والبنزين والصمغ العربي..الخ. وتأكل من ثدي الأقاليم الأخرى حتى جف ضرعها. إذاً، فلتذهب تلك النخبة إلى الجحيم ولتعمل باقي الأقاليم مع نفسها، مع قياداتها، ولتشكل جيوشها، وتؤسس لحكم كونفيدرالي وتضع خارطة علاقات بينية عادلة، وتبني دستور خاص ب(الهلال الاخضر: البحر والغابة والصحراء) من البحر الاحمر شرقاً مروراً بكسلا والنيل الازرق والأبيض وكردفان كلها وحتى شمال دارفور.. انظروا من بقى بعد هذا كله؟: لم يبقَ سوى تلك المجموعة الفاشلة من النخبة الفاسدة. فاتركوها مع فسادها وبلاويها وحسدها وعنصريتها وبغضها وتمركزها الأناني حول نفسها. إنني متأكد بأنه بمجرد تكوين الجيش القومي من أقاليم الهلال الأخضر، ستبدأ كل دول العالم بالدخول لهذه الدولة السودانية التي ولدت من جديد بعد ان اجتثت الورم السرطاني، وسيتم إنشاء اكبر وأطول قطار شحن في خط سكة حديد على شكل هلال سيمتد من أعلى شمال دارفور منحنياً حتى موانئ الشرق البحرية. سيتم نقل كل بضائع الأقاليم الاخرى، من سمسم وفول سوداني ومواشي وصمغ عبر ذلك القطار، ويمكن إنشاء اتفاقيات عبور بين أقاليم الهلال الاخضر. ويحمي الجيش القومي الموحد ذلك القطار. لماذا نبقى متألمين من الورم السرطاني إذا كان بإمكاننا استئصاله؟ هذا ما يحيرني بالفعل؟
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 04 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة