إنك في السودان تتلقى الكثير من الوعود التي تعلم تماماً أنها كاذبة، مثل وعد الجيش بتسليم السلطة للمدنيين، ووعد الأحزاب بان تكون دموقراطية وعادلة، ووعد شخص رد دينه لمن استدانه منه، ووعد المغترب بأن يجد وظيفة لعاطل قابع في جحيم السودان، ووعد حب أبدي، ووعد بأننا "سنعبر وسننتصر" ثم استقالة..الخ. السوء دان هو شبه دولة مما يسمى بدار العجز، دار غطاها الله تعالى بلعنته وسخطه الأبدي، فكل شيء فيها شديد الفساد، من موظفي الحكومة وحتى أكبر مسؤول في الدولة، وهواؤها فاسد ومناخها فاسد، رغم أنها تبدو واعدة، ولكنه الوعد الكاذب كالعادة. دولة تكثر فيها أمراض الفقر، ويتبعها الجهل أنى كان زمانها. فهي دولة أفسد الله فيها عقول الناس بما كسبت أيديهم، فهم لا يعقلون. ثم أنه تعالى أمر مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرها تدميرا. صيفها أتربة وبخر، وخريفها مستنقعات وحشرات ومرض، وشتاؤها بعوض، وهي -تاكيداً على نحسها- بلا ربيع. يُقتل فيها الأبرياء ويفلت فيها المجرمون من العقاب، ويتجسس فيها الأخ على أخيه، وشعبها شحيح النفس، بخيل العطاء خفيف اليد، كذوب اللسان. ظلومٌ جهولٌ، كسول. فهو أقل الشعوب انتاجاً، على مستوى السلع والخدمات، والزراعة والرعي، والأفكار والفلسفات والعلوم. فقير من النزاهة مطفف في ميزان القيم والأخلاق؛ فإذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، لذلك فلسانهم ليس لسان صدق في العالمين، ينصر فيه المرء بلسانه نفسه ظالماً أو مظلوماً، فلا نزاهة ولا حياد، لذلك لا يؤخذ منهم قول بل هو مردود لعدم العدل والعدالة. وإذ كانت أغلبية الشعب من هذا الفصيل، فإنهم يعانون أشد العناء، ولو تمسكوا بقليل من النزاهة والأخلاق لأكلوا من تحتهم ومن فوقهم، ولكنهم قوم يفرقون. لذلك لا غرو إن كان الوعد في شبه الدولة هذه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. وإنك في المواصلات تسمع كذبهم في احاديثهم في الهواتف وفيما بينهم، والكذب منجاة للجبناء، ذلك أنهم فوق افتقارهم للصدق يعتقدون بأنهم أذكياء، وما هم من النصاحة في شيء، بل أورثهم ذكاؤهم هذا الفشل تلو الآخر، والتمركز حول الذات، والأنانية والتحاسد، والانكباب على متعة البطن والفرج، فإذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا زنوا والعياذ بالله من الخبث والخبائث. والعربان أسوأهم خلقاً، فهم فضلاً عن جهالتهم وسوء خلقهم، يتصيدون لبعضهم السقطات ويوثقون الكبوات، ويراقبون اللقمة في يد آكلها حتى أنهم يشاهدون سبيبة الشعر فيها، وهم قوم لا يُمسكون من ألسنتهم، متلونون كالحرباء، لا تأمنهم على مال أو عرض. فاجرون في الخصومة، وإذا اقتدروا بطشوا جبارين، وإذا بُطش بهم ارتدت إليهم أبصارهم، ومسكة من عقل لا تقيهم إلا أن يفروا من مضاجع موتهم، ثم يرتدون عمياناً جاحدين. وأما دون العربان فسائمة، لا يهتدون، وهم لا يلوون على شيء، صغيرهم ككبيرهم، نساؤهم كرجالهم، سمدة في ظلمة العقل وخفته، وبأسهم بينهم شديد. ذلك بأن الله لا يهدي القوم الظالمين. وهم بعربانهم وما دون ذلك يفتقرون إلى حكمة التقييم، فيعظمون من حقير أفعالهم ما يعظمون، ويتهافتون عليه تهافت الحيوان على السفاد. سفهاء الأحلام، يتلون الأسفار فلا تكاد تغادر حلاقيمهم، وكل حزب بما لديهم فرحون. هؤلاء قوم لا خير فيهم، ولا خير منهم، ولا خير لهم. طال الزمان أو قصر، وهذا حكم الزمان عليهم منذ الأزل، لم يختلف ولم يتبدل، وقد قلتُ من قبل بأن تاريخ الأرض يكتب في رقعتها لا في إنسانها، فلعنتها فيها، ومن دخلها تلبسته لبوس الشياطين للإنس، لذلك يعيد التاريخ نفسه، ولذلك من يخرج منها فبصره بعد خروجه حديد. اللهم اكتب لنا الخروج كما أخرجت بني إسرائيل من مصر، واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً، ثم لا تعدنا إليها أبداً، فإنك لست بظلام للعبيد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 06/01/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة