ما هي الدولة؟ إن الدولة كيان يحقق الأمن لمجموعة من البشر، فإذا انتفى الشعور بالأمن انتفى مبرر وجود الدولة. فالإنسان يهاجر إلى دولة ويكتسب جنسيتها ليحصل على أمنه القانوني والاقتصادي والعاطفي والثقافي. ولن يهاجر إلى دولة تفتقر للأمن. لقد أدرك الانسان البدائي انه لن يستطيع مواجهة الطبيعة إن لم يجد معه أشخاصاً آخرين، ليقوموا بحماية انفسهم (كجماعة) من هجمات الوحوش والبراكين والزلالزل (الأمن بمفهومه الضيق)، والصيد والرعي والزراعة جماعة (الأمن بمفهومه الاقتصادي)، وبناء علاقات انسانية (الأمن العاطفي)،..الخ. لذلك تشكلت الأسرة ثم العشيرة فالقبيلة وصولاً إلى الدولة بمعناها الحديث. لذلك الذين يتحدثون عن تقسيم السودان ككارثة عليهم أن يبينوا لنا محاسن وجود عشرات الأقاليم التي تعاني من انعدام الأمن بكل صنوفه رغم انهم داخل دولة واحدة؟ إن مبرر بقاء الشعوب تحت ظل دولة تفتقر للمساواة أمام القانون، وتفتقر للعدالة في تقسيم الثروة والسلطة، لهي أدعى بأن تترك لكل شعب حرية تقرير مصيره الذي يرى أنه سيحقق له ذلك الأمن. إن الذين يتباكون على تقسيم السودان ومنح كل ذي حق حقه هم إما ظالمون أو عاطفيون، ظالمون لأنهم لا يريدون منح الآخرين حقوقهم وفي نفس الوقت يريدون السيطرة على كل الموارد وضخها في جيوبهم. أو أن يكونوا عاطفيين يعيشون في الأحاسيس العامة دون اهتمام بمعاناة الآخرين. إن بورتسودان التي تأتي منها واردات الوقود تعاني من انعدام الماء والكهرباء، كردفان بكل أقاليمها تعاني وهي الإقاليم الأكثر انتاجاً (محاصيل وماشية، وبترول)، دارفور والنيل الأزرق..الخ. إن السودان دولة ليست صناعية، بل تعتمد في الأساس على الزراعة والرعي ومؤخراً الذهب، مع ذلك فالمزارعون والرعاة هم أفقر الناس، وأموال الضرائب توزع على الحكومة، والحكومة تستخرج عطاءات بالمحسوبية والفساد، فيصبح اللصوص السماسرة مليونيرات، في حين يبقى المنتج الحقيقي شديد الفقر. إنني لا أجد أي سبب مشروع يمكِّن من جعل شخص مليونيراً وهو غير منتج.. فهناك الضربة الأولى ثم يأتي المال بالمال. في ظل شبكات فساد في الدواء والدقيق والبترول والأراضي..الخ، يكون تقسيم السودان هو أفضل الحلول لتحمي كل جماعة ثرواتها وتستفيد منها. لأن الحكومات المركزية لم يأتِ منها خير أبداً بل كانت سبباً مباشرا للفساد والطبقية. وإذا كانت مجموعات ما تحتكر السلطة والثروة فمن الأفضل لكل شعوب الأقاليم أن يحموا حقوقهم عبر تقرير المصير. أرى ذلك عادلاً جداً. على كل شعب من الشعوب في هذا البلد أن يطالب بحقه في ثرواته أو تقرير مصيره. هذا هو الحق والعدل.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 06/01/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة