لم أزل أفكر في منهج العسكر في التعامل مع الأزمات منذ الثورة ثم فض الاعتصام وحتى الانقلاب الأخير ثم الواقع الراهن، لقد تبين لي أن العسكر كانوا دائماً يلعبون لعبة ملؤها الخيانة وتطميع اللاهثين وراء السلطة، ثم إعطائهم بالجزمة. أتذكر انه أثناء الاعتصام تكالبت مجموعات من هؤلاء الطامحين تنادي بتفويض العسكر، وبدلاً عن أن يدعمهم العسكر؛ طمَّعوهم ثم وقعوا مع الدقير والأصم وأستاذ المدرسة ومنحوهم السلطة. في تلك الفترة عقد الطامعون الطامحون من أنصار العسكر مؤتمرهم الذي انتهى بزيارة متعجرفة من الكباشي استهيفهم فيها، فهو لم يقعد في مجلسه دقيقة حتى نهض وغادر، ثم تضارب الناس بالكراسي، بعدها عقد نفس هؤلاء الطامعين اعتصاماً لتفويض العسكر، ولكن العسكر وقعوا مع قحط، وذات الأمر حدث مع اعتصام الموز، وبعد اعتصام الموز، وكل من جرى لاهثاً وراء العسكر، لم ينل ما يبل به ريقه الجاف من كثرة اللهاث. وفي النهاية أعاد العسكر الكيزان، ثم جروا للتعاقد مع قحط، وذلك ليتوصلوا بذلك إلى حكومة مواءمة بين أولاد الغرب العلمانيين وأولاد الإسلاميين فيأمن كل طرف من الآخر. أما الذين خرجوا في اعتصام الموز فقد نالوا -كالعادة- بالصرمة القديمة. ويبدو أن هناك محاولات تجري الآن لخلق كيان تعايشي بين طرفين لا يمكن أن يتعايشا، وهما العلمانيون والإسلاميون إلا إن قرر أحدهما التنازل عن بعض شعاراته، ومن يقدم تنازله اولاً هو الذي سيخسر إلى الأبد. إن المسألة لا تتعلق بمبادئ، ولكن تتعلق بالقوة. هناك اليوم ثلاث قوى: العسكر بدعم مصري وخلفية إسلامية. الدعم السريع يفقد حلفاءه رويداً رويداً وإن كان يملك المال والسلاح. وأولاد مو إبراهيم ومن ورائهم الرأسماليون من الشمال سواء الراسخون في الداخل أو من تم إرسالهم خلال السنوات الثلاث الماضية ليمتلكوا ناصية الاقتصاد عبر دعم خارجي بالملايين أو بالمليارات. وهناك أطراف اخرى اضعف، مثل الحركات المسلحة، وباقي الأحزاب والقوى الأهلية الجهوية. وكلها تحتاج لمصدر دخل، أو كما قال جبريل إبراهيم بأنه قبل الوزارة ليتمكن من تمويل مشروعهم السياسي. ولكنه لن ينال الكثير مما صوره له خياله. حميدتي يمتلك المال، لكنه تائه الخطى، وطموحاته ارتكزت على العاصمة رغم أن سنده الحقيقي هو دارفور لو كان قد اجتهد الاجتهاد اللائق والمطلوب وبتركيز كبير على دارفور لوضع أوتاد حكم عضود سيمكنه لاحقاً من مد بصره إلى العاصمة والشمال. لكنه لم يفعل، لذلك فهو يخسر يوماً بعد يوم. أخيراً فإن المتغطي بالعسكر ليس عرياناً فقط بل سيذهبوا به إلى البحر ويعيدوه عطشاناً. ويجب أن يستفيق الطامعون وأصحاب الطموحات ويبحثوا لهم عن نفاج آخر.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/13/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة