حينما ضاق صدر الشارع، بثلاثية الفشل والفساد والإستبداد، التي مثلتها تجربة الكيزان بقيادة الطاغية عمر البشير خرج الشعب السوداني في أواخر عام ٢٠١٨، إلى الشوارع باحثاً عن هواء نقي، يحرر رئتيه من غبار السنين المُرة. فإصطدم بقلاع الظلم والطغيان فسال الدم في الطرقات، وبدأ سقوط الشهداء الواحد تلو الآخر وإنسكبت دموع الحزن الدفين هنا وهناك.. وعلا هتاف .. هتاف الثوار والثائرات: ما بنخاف .. بنخاف.. وإلتهب الحماس، حتى بلغ عنان السماء .. وتسلل الحلم بين شلالات الدم والدموع وملء النفوس أملاً بإقتراب فجر الخلاص..الذي تحقق برغم الصعوبات . . التحية للشهداء الأبرار الذين هم أكرم منا جميعاً الذين جعلوا ذلك ممكناً. فجاء دكتور عبدالله حمدوك إلى رئاسة مجلس الوزراء، وإتسعت دائرة الحلم إنطلاقاً من الوعود التي أطلقها في أول مؤتمر صحفي عقده بعد وصوله الخرطوم قادماً من أديس أبابا، التي ساهم في نهضتها، كما فعل في دول إفريقية أخرى، لذلك أبدت له إحتراماً وتقديراً كبيرين رأيناهما في الدموع التي إنهمرت من عيون الوسيط الإثيوبي الأستاذ الدبلوماسي محمود درير أثناء توقيع الإتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري في عام٢٠١٩م. منذ تولي د. عبدالله حمدوك مقاليد رئاسة مجلس الوزراء في الربع الأخير من عام ٢٠١٩م، وحتى تقديمه لإستقالته في بداية عام ٢٠٢٢م والحسرة تملأ عينيه..! حاول الرجل جاهداً توسيع شرايين الحلم، وإعطاء جرعات إضافية من الأمل، بأن بلادنا تسير نحو الإستقرار والهناء والرخاء، وهنا تحضرني مقولته الشهيرة: "سنعبر" بعد إزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. وإعادته إلى المجتمع الدولي معفياً من أغلب الديون.. لكنه للأسف إصطدم بعقبة كادأ .. في الجهة الأخرى، إذ كانت الأفاعي تتربص به، وبالثورة، وبكل إنجاز حققه، ببث السموم، عبر التبخيس وإطلاق الشائعات.. حتى بلغت العتمة أوجها..! فخرج الطاغية الجديد البرهان يومها، في صبيحة ٢٠٢١/١٠/٢٥ ومزق الوثيقة الدستورية، وعطل مسيرة التحول الديمقراطي، إعتقاداً منه أن الشعب السوداني، سيقبل العيش في حظيرة القطيع كحال بعض الشعوب التي خضعت للقهر والإستبداد.. لكن طائر الفينيق خرج من وسط الرماد، نافضاً عنه غبار الفناء، محلقاً بجناحيه في الفضاء في رحلة أزلية غايتها عودة العسكر إلى الثكنات، ووضع حد للعبث، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.. دولة القانون والمؤسسات.
الطيب الزين
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/03/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة