لقد اختفت تلك النغمات الوحيدة التي كانت تطرب الأسماع بعد الانتفاضة العظيمة .. وذلك في زمن ضاعت فيه معالم السعادة والأفراح .. فهو ذلك الزمن المشبع بكافة أشكال وألوان الويلات والأوجاع والأزمات .. بجانب تلك الإخفاقات والفشل في كافة مجالات الحياة .. وتلك الأصوات كانت تمثل الترياق الوحيد الذي كان يشفي جروح الشعب السوداني .. وكانت توحي بأن البلاد تعيش حالة من حالات الانتفاضة الكبرى .. كما أنها كانت توحي بأن دماء الشهداء الأبرار لم تهدر وتضيع سداً في معمعة الأحداث .. وتلك الأصوات التي يفتقدها الشعب السوداني في هذه الأيام هي أصوات : ( لجنة إزالة التمكين ) .. أصوات كانت تطرب وجدان الشعب السوداني .. ولكنها قد اختفت في الآونة الأخيرة لسبب من الأسباب التي يجهلها الشعب السوداني .. ولسان حال الشعب السوداني يقول : (لا أسكت الله أصواتهم فهؤلاء يمثلون ذلك الرهط المتفاني في أداء الواجب ) .. وفي اعتقاد وتكهنات البعض من أبناء الشعب السوداني فإن تلك اللجنة قد دخلت في معمعة التسويف والتهاون والمماطلة كما هو الحال لكافة مكونات ولجان الحكومة المؤقتة في البلاد .. والبعض من المراقبين يرون أن تلك اللجنة قد خمدت حماسها ونشاطها عندما بدأت تلامس تلك الخطوط الحمراء التي لا تقبل المجاملة بأي شكل من الأشكال .. وهي تلك اللجنة التي بدأت تكشف الأسرار عن الكثير والكثير من تلك المرافق والمؤسسات والشركات الحساسة .. وهي تلك المؤسسات والشركات ذات النفوذ القوية في البلاد .. ومنها تلك المؤسسات والشركات العسكرية التجارية .. والشعب السوداني كان يعرف جيداً مدى الصعوبة في حال التعامل مع تلك المؤسسات والشركات .. كما كان يعرف جيداً مقدار التحدي في حال المواجهات الصريحة .. ولذلك فإن الشعب كان يرجو من تلك اللجنة أن تبتعد قليلاً عن تلك المعضلات العصية في الوقت الحاضر ،، وأن تواصل مشوارها في بواقي قضايا الفساد بالبلاد .. وهي قضايا مازالت تتمثل في الكثير والكثير من المرافق والمواقع والمؤسسات العامة والخاصة .. وما أكثر تلك القضايا التي لم تلاحق ولم تنقب حتى الآن !!.. وهي قضايا في كثافتها تطابق تلك العقود الثلاثة التي حكموا فيها البلاد .. والكثير الكثير من تلك القضايا قد أهملت بالتقادم والنسيان .. ولجنة إزالة التمكين يجب أن لا تكتفي فقط بتلك القضايا الظاهرة التي يعرفها الجميع بالشهرة .. ولكن يجب عليها أن تتحرى في تلك القضايا والخفايا العديدة التي يجهلها الشعب السوداني .. وكل الدلائل تؤكد بأن مواصلة ذلك التحري والتحقيق سوف يكشف الكثير والكثير من تلك الممارسات الخاطئة التي كانت تجري في البلاد .. ولابد من استرجاع كافة تلك الحقوق والممتلكات والأموال المنهوبة للشعب السوداني .. وكذلك لابد من معاقبة هؤلاء الذين تعدوا على تلك الحقوق العامة .. والشعب السوداني لا يلاحق هؤلاء الغاصبين وهؤلاء السارقين والناهبين من قبيل الأحقاد والانتقام ،، ولكنه يريد أن يعطي دروساً قاسيةً لكل من تسول له النفس بالتلاعب في تلك الحقوق والأموال والممتلكات العامة في مستقبل الأيام .. ويجب على كل شخص في هذه البلاد أن يعرف بأن تلك الحقوق والأموال والممتلكات العامة تمثل تلك الخطوط الحمراء التي لا تقبل التجاوز أو المساس أو التعدي في أي وقت من الأوقات .. والكثير من دول العالم ترى أن تلك الحقوق العامة هي حقوق مقدسة لا يجوز مساسها أو التصرف فيها بأي شكل من الأشكال .. ومعظم دول العالم يرى أن عقوبة الإعدام هي العقوبة المناسبة الرادعة لكل من تسول له النفس بالتلاعب في تلك الحقوق العامة .. أما هنا في دولة السودان فقد هانت تلك الحقوق العامة بدرجة الاستهتار والمبالغة .. لدرجة أن البعض من هؤلاء المفسدين قد فكروا في شراء تلك الميادين المحاطة بالقصر الجمهوري !! .. إن لم يفكروا في شراء القصر الجمهوري نفسه في وقت من الأوقات !! .. وفعلاً بحق وحقيقة فإن تلك العقود الثلاثة قد مثلت قمة المهازل في هذه البلاد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة