حتى لا تفشل حكومة التعايشي، عليه كرئيس وزراء وبصورة عاجلة استكمال هياكل الحكم، وخاصة السلك الدبلوماسي بالتعاون مع وزير خارجيته، لما لهذا السلك من دور فاعل في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد، وإذا تعذر إعلان سفارات وقنصليات تأسيسية بالخارج، عليه إقامة مكاتب للمتابعة أو قائمين بالأعمال في الدول الصديقة لحكومة تأسيس، وأن يعجّل بتعيين وزير إعلام نابه يضع خطته الناجزة والسريعة، لمواجهة الهجمات الإعلامية الشرسة المعادية، القادمة من ترسانة إعلام فلول النظام البائد المندسين في بورتسودان، فرئيس الوزراء هو نموذج مكبّر للرئيس التنفيذي للشركات العملاقة، إذ أنه وبخبراته وتجاربه تنجح الشركة أو تفشل، ففي حال فشل الرئيس التنفيذي يقوم مجلس الإدارة وأصحاب المصلحة والشركاء، باستبداله برئيس تنفيذي أكثر تأهيلاً لقيادة الشركة العملاقة إلى بر الأمان، والخروج بها من حضيض الخسائر الفادحة إلى براح الأرباح الطائلة، وهؤلاء الشركاء وأصحاب المصلحة يقابلهم المجلس الرئاسي وأعضاؤه، الذين تقع عليهم مسؤولية رعاية هذه الحكومة ودعمها، وتوجيهها وفتح قنوات التواصل بينها وبين الدوائر الدولية والإقليمية، وهذه الفرصة التاريخية والمسؤولية العظيمة التي حملها الثائر المغوار محمد جسن التعايشي، تفرض عليه أن يكون على قدر أهل العزم، ليضع بصمته الافتتاحية لتأسيس الدولة المنشودة التي يرنو إليها الثائرون. كدأب الساسة والطامحين لاعتلاء كرسي الحكم، لا يخلو تحالف تأسيس ذو الطيف السياسي العريض، من الشخوص والكوادر الساعية لخلافة التعايشي، في حال قصوره عن تلبية نداء الواجب التأسيسي وطموحات الثوار، وهذا المسعى الذي يراود البعض هو في حقيقته مسعى حميد ومشروع، ما دام يهدف إلى تدارك الركود والجمود السياسي الذي لازم حكومة التعايشي منذ أداءه للقسم رئيساً للوزراء، فإيقاع الاحداث يتطلب المواكبة والجاهزية والسرعة والحسم، وبحسب متابعتنا لفعاليات الحكومة بعد إعلان بعض من وزراءها، لاحظنا ولاحظ كل مراقب حركة السلحفاء التي شابت الفعل السياسي لهذه الحكومة، التي عقد عليها الأشاوس والنازحون واللاجئون والمغتربون والمهاجرون الأمل الكبير، فهذا البطء غير مبرر ولا يخدم الشعب الذي ما يزال يحتاج وبإلحاح شديد، لأن يستخرج شهادة الميلاد والجنسية وجواز السفر وإدخال أولاده وبناته المدارس، الأمر الذي يعتبر مسهل تسهيلاً كبيراً في أماكن سيطرة جيش الفول، هذه المعادلة المختلة والمرئية بكل وضوح من قبل المواطن البسيط، لا تشفع لحكومة التعايشي وتفتح باب الأسئلة واسعاً، فالحكومات الثورية لا تبيع الناس الكلام، وإنّما تعمل على حل مشكلاتهم الملحّة والعاجلة، المرتبطة بمصائرهم ومستقبل أطفالهم الذين حرمتهم الحرب من الخدمات الأساسية، على حكومة تأسيس الأولى هذه أن لا تدفع مؤيديها لأن يطالبوا بحلها. لقد سكت الحريصون على صون دماء الشهداء، وامتنعوا عن النقد البناء لهذه الحكومة، لكن، لا كبير على النقد إلّا الشهيد والجريح والمفقود، لذلك خرجت الأصوات من الصدور للفضاء الواسع بمنصات التواصل الاجتماعي – المنابر المستقلة غير المرهونة لزعماء الأحزاب والكتل السياسية، وبدأ زفير الهواء السخن يخرج من الرئات الممتلئة بحديث ناصح وأمين لرئيس الوزراء، الذي توسّم فيه المناصرون الخير، ولا خير في هؤلاء المناصرين إن لم يقولوها، ولا خير في رئيس الوزراء إن لم يسمعها بطيب خاطر، فدولة رئيسها "الصادق الأمين" جديرة بقول كلمة الحق من أشعث أغبر إذا أقسم على الله لأبره، وبناء الدول العظمى لا ينجزه الممسكون للعصا من منتصفها، فلتكن لنا أسوة حسنة بالرجل الذي قال لسيدنا عمر لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بحد السيف، فالمشروع التأسيسي ليس حكراً على حزب أو قبيلة، وإنما هو مشروع رواه السودانيون بالدم والدمع، ودفنوا في أرضه الرجال النزهاء والشرفاء أمثال الشهداء على يعقوب وعبد الله حسين وجلحة وشيريا وقرن شطة والبيشي، وآخرين كثر ليسوا بأقصر هامة من هؤلاء الرجال الذين ذكرناهم كمثال، فيا حكومتنا التأسيسية أشرعي مباشرة في اتخاذ القرارات الشجاعة، التي تكافئ شجاعة ذلك الأشوس الذي هزم كبرياء المرتزقة يوم أمس، وهو يسير على مضمار المعركة مضرجاً بالدماء والرصاص ينهمر عليه كالمطر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة