يستمر اضطهاد الأطفال والثورة تتفرج!! بقلم:د. سعاد الحاج موسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 02:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-15-2020, 08:25 PM

د.سعاد مصطفي الحاج موسي
<aد.سعاد مصطفي الحاج موسي
تاريخ التسجيل: 03-11-2019
مجموع المشاركات: 44

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يستمر اضطهاد الأطفال والثورة تتفرج!! بقلم:د. سعاد الحاج موسي

    07:25 PM November, 15 2020

    سودانيز اون لاين
    د.سعاد مصطفي الحاج موسي-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر





    لعناية السيد وزير العدل/ الدكتور نصر الدين عبد الباري. الموقر

    في أمسية شتوية في العقد الأول من بداية الألفية الثالثة وفي قلب مدينة الخرطوم، يصل الرجل الموسر بعربته المرسيدس الفارهة الي ڤلته الجديدة الفخمة ذات الأربعة طوابق والمطلة على فضاء واسع يمتد في نهايته مجري لتصريف مياه الخريف ويفصله عن الحي الشعبي المجاور. يغطي المصرف في أعلاه قطع من البلاط وُضعت متفرقة بإهمال وسيئ الحظ من يتعثر عليها فبالكاد ينجو من كسور واصابات جسيمة. تكدست علي المصرف الأوساخ وتراكم عليه التراب منذ أول موسم للأمطار عقب انشائه قبل أكثر من عشرة أعوام فركنته الجهات المسئولة في سجل النسيان – فقد أدي مشروع حفره غرضه للفاسدين أكّالون السُحت الذين ليسوا بأقوياء ولا هم بأمينين علي أموال الشعب ولا يهم بعدها ان صرّف المياه أم صرّف الدماء والأرواح، ومن السخرية انه صار رحمةً وملاذاً دافئاً للكثيرين ممن تشرد من الأطفال بفعل الحرب والفقر والعوز.

    ركن الرجل سيارته بالداخل وعاد أدراجه الي الخارج وهو مهتاج، فما يزال أولئك المشردون الغبش بثيابهم المتسخة وأجسادهم النحيلة يلوذون بذلك المصرف ويشوهون منظر بيته الأنيق بتواجدهم المنفر قربه. وبالرغم من أنه حذرهم وقام بطردهم مرارا وتكراراً الاّ انهم تجاهلونه وأهملوا تحذيراته وها هو يعود بعد غياب شهرين ليجدهم لا يزالون يدنسون المكان وزادوا عليه بتعالي ضحكاتهم وتطاير الغبار من أثر مطاردتهم لبعضهم البعض "فلعلهم يلعبون الشليل"، همس الرجل لنفسه وغمغم مردفاً: " ديل شبه شليل، يشيلهم البلا!"

    كان الرجل مغتاظاً بشدة فقرر أن يضع حداً لمشكلته معهم. جلس بحديقة منزله يدخن ويفكر فخطرت له فكرة شيطانية، فكرة ستقفل الباب تماما أمام هؤلاء المشردين وتبعدهم من المكان فوراً وبلا رجعة! انتظر هبوط الظلام الي أن انقطعت حركة المرور وهمدت الأصوات ومعها ضحكات أولئك الصغار الذين خلدوا الي النوم بطمأنينة داخل المصرف. بعد أن تأكد من خلو المنطقة من المارة تقدم بهدوء من المصرف وبداخله تمدد قرابة التسعة أطفال وأرهف السمع متلصصاً فأتاه شخير بعضهم وما ينم عن أن البعض يعاني كوابيساً مريعة، ثم قام بوضع كمية كبيرة من ورق الكرتون والجرائد واكياس البلاستيك في فتحته وأوصدها بقطعة ثقيلة من البلاط وأشعل النار وعاد سريعاً الي منزله متسللاً عبر الحي المجاور، وأغلق خلفه الباب.

    تصاعد الدخان واختنق الأطفال وأخذوا يسعلون بشدة ثم صحوا فجأة علي لهيب النار واكتشفوا أن المدخل موصدٌ من الخارج. كانت المساحة بالداخل صغيرة وساعدت الفتحات بسقف المصرف علي اشتعال النار ولا يوجد ماء لإطفائها ولا يسمع صوت صراخهم واستغاثتهم أحد، فغطوا وجوههم بملابسهم ليتقوا لفحات اللهيب وقام الأكبر سناً بلف أيديهم وصدورهم بما توفر من أغطية وتقدموا بإصرار بطولي نحو النار المشتعلة، فطبيعة حياتهم المتخمة بالمعاناة والألم عودتهم علي الصمود والزود عن بعضهم البعض. شقوا اللهيب وقاموا بدفع ما يصد الفتحة بكل قواهم الي أن تمكنوا من زحزحته وخرج بقية الأطفال فقضي بعضهم نحبه ومكث البعض الآخر دهراً بالمستشفى لمداواة حروقهم الدامية! لم يبذل المسؤولون جهدا لمعرفة الجاني فقيدت القضية ضد مجهول ولا غرو فعهد الإنقاذ لا آدمية فيه ولا إنسانية للمشردين والمجتمعات التي انحدروا منها والعرف السائد انهم لا يستحقون الاّ القهر والحرق والموت. أحداث مليونية المقدار ومن ذات النوع يكابدها الأطفال المشردين والنازحين بالعاصمة القومية، مقر الرئيس والرئاسة، منذ نشأة الدولة السودانية، الي أن جاءت منظمات رعاية الطفولة الدولية في ثمانينات القرن المنصرم وبادر اخوة واخوات كرام وانشئوا منظمة أمل وصباح، لهم ترفع الهامات، فتصدوا لمعاناة الأطفال، فكانوا في الطليعة ورواداً في حماية الطفل.

    وفي ذات السياق تداولت الميديا الالكترونية في الأسابيع الماضية مشهد لطفل يبدو في الثانية عشر من عمره يزيد أو ينقص قليلا، وحوله التفت مجموعة من الشباب والأطفال تعالت أصوات بعضهم تأمره بفتح غطاء محرك سيارة بيضاء اللون تقف بجانبهم ليبرهنوا كيف يقوم هؤلاء الحرامية بسرقة أجهزة العربات. كان يبدو على الحاضرين المتعة واستحسان فعل كبيرهم وهم يشاهدون الطفل يقف بينهم وحيداً غريباً حائراً يرتجف ويكاد يموت من القهر والاذلال والخوف. بغض النظر عن خلفية هذا المنظر الاّ أن السلوك الذي بدر من أولئك الشباب هو عمل يسئ الي إنسانية الطفل ويقدح في قيم الثورة ويشكك في التزام الحكومة بما صادقت عليها من مواثيق حقوق الطفل الاقليمية والعالمية. فالميثاق الافريقي لحقوق الطفل الذي بدأ العمل به منذ 29 فبراير 1999، يعرف الطفل في مادته الثانية (2) " بأنه كل انسان تحت سن الثامنة عشر". وضمن حقوق الطفل المنصوصة في الميثاق حقّـه في الحياة، حقـه في التربية، حقـه في التعليم، حقـه في الحماية من إساءة المعاملة، وحقـه في الحماية من التفرقة العنصرية والتمييز.

    فاذا سلّمنا بأن الطفل سارق، أما كان حرياً بأولئك الشباب الذين تسيدوا الموقف تسليمه للشرطة إن كان غرضهم حماية المجتمع، وأن يسألوه لماذا يسرق وأين أهله، بدلا عن التشفي فيه وتعريضه للمزيد من القهر والإذلال، مما يصقل مشاعر الكره ورفض الآخر بسبب جرائم اقترفتها الدولة في حق بنيها، وتوسعة فرجة التشرذم المجتمعي وإعادة انتاج ما أتت الثورة لمحاربته.

    هؤلاء الأطفال قضت عليهم سياسات النخب المركزية الحاكمة وخططها الاستعلائية واهمالها وحروبها بالتشرد والضياع، ووجدوا أنفسهم مقذوفين في الطرقات وقمامة العوز والقهر لا يحترم لهم سناً ولا إنسانية فهربوا من رمضاء حظهم واستجاروا بالمجاري في عاصمة الدولة ظناً منهم أنهم في مأمن ليجدوا في انتظارهم من يترصدهم بالمزيد من معاول الكره والبغض. وما الإنقاذ الاّ بيتاً أُضيف لشعر النخبة ليقوي منظومة الطبقية والجهوية في المجتمع.

    من الغرابة بمكان أن الذين تجمعوا حول ذلك الطفل أغفلوا أنهم في عهد ثورة جاءت للتغيير والإصلاح بإدانة ممارسات الماضي القميئة ونبذها والحد من المعاناة وكل ما يسئ الي انسان هذا الوطن المنشطر ورد الحقوق المستلبة، أهداف تبطن شعار حرية، سلام وعدالة، يجب أن تظل متقدة في النفوس ومتجسدة في الأفعال وصامدة بالتوجهات والسياسات والقوانين في وجه المتربصين والغلاة والمرجفين! نفهم أيضاً أن السلام جاء ليكون للأطفال الحق في تنشئة مستقرة بين افراد اسرهم، ورعاية وحماية وتعليم يخلق منهم أشخاصاً مؤهلين للبناء قادرين علي الاختيار الواعي، وأن العدالة الانتقالية هي البوابة الرئيسية لنزع الشعور بالقهر والاذلال والظلم الذي أدمنت ممارسته النخب الحاكمة وغرسته في أفئدة ووجدان أولئك الضحايا، وإبداله بالمعافاة والتعافي والتصالح والمصالحة بما يمهد للسلام المستدام والاستقرار في مجتمعٍ تسود فيه قيم الاحترام المتبادل والديمقراطية هدفاً ووسيلة ومؤسسة.

    فعلي الجهات العدلية والقانونية مسؤولية رصد مثل هذه السلوكيات وأشكال العنف الممارس ضد الأطفال، والتصدي الفاعل لها وحسمها بالمساءلة والعقاب، فيكفي هؤلاء الضحايا الصغار ما اختبروه من العسف والمعاناة منذ ولادتهم.

    د. سعاد الحاج موسي
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de