متي يبلغُ البنيانُ يوماً تمامه - إذا كنتَ تبنيهِ وغيركَ يهدمُ فلو ألف بانٍ خلهم هادمٌ كفي - فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم ،،، بشّار بن برد ،،،
✍️ في بلدٍ كالسودان عليك ألا ترفع سقف توقعاتك وأحلامك خاصة في المستقبل المنظور لأن الأصل هو تناسل الكوارث والأزمات المتتابعة حيث تكون الدهشة هي أستثناء في أرضٍ خصبة لزراعة الفتن والخلافات التي تتسابق في البقعة الشاسعة كتسابق الخيول الأصيلة في مضمار السباق لأحراز قصب السبق "وكم أتعبت قصبات السبق حاويها"! فرؤية الحد الأدني من التوافق السياسي في هذا القطر الأستوائي المضطرب هي بحد ذاتها حلمٌ بعيد المنال بل أشبه بالأحلام الرغبوية التي لا توجد إلّا في خيالات الحالمين إن لم تكن أوهام المساطيل!! لقد إتفق قادة هذا البلد علي ألّا يتفقوا وتعاهدوا علي ألّا يلتقوا حتي يلتقي الليلُ والنهار.
☀️فبعد التوقعات الكبيرة بقرب حدوث الإنفراج ومغادرة محطة الحرب وإنطلاق قطار السلام إلي آفاق البناء والنهضة والتقدم بعد توقيع مذكرة التفاهم بين الزعيمين عبدالله حمدوك رئيس الوزراء وعبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية والتي أكدت علي علمانية الدولة "وهي عدم إدخال الدين في السياسة" أي أن الدولة تقف في مسافة واحدة بين كل الأديان والمعتقدات لأن الدين هو علاقة بين الإنسان والله، أما الدولة فهي للجميع بمختلف أديانهم وأعراقهم ! إلّا أن هذه الخطوة الجريئة والتي عُقِدَت لها ورشة لدراستها ووضع خارطة طريق لها ذهب عضو المجلس السيادي والمتحدث بإسمه الفريق شمس الدين كبّاشي ونسفها بتصريح غير مسؤول واصفاً لها (بأنها عطاء من لا يملك لمن لا يستحق)!! علماً بأن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أتت به ثورة شعبية عارمة شهدها كل العالم وأُعجِبَ بسلميتها ونضجها وأصبحت مثلاً ومعياراً عالمياً في كيفية إسقاط وإقتلاع أعتي الأنظمة الشمولية القمعية بالتنظيم السلمي! وأهم شعاراتها كان "حرية، سلام وعدالة" ،،، إذن فإن الدكتور حمدوك هو مفوّض شعبياً لإحلال السلام، فكيف يقول هذا الكباشي بأنه (لا يملك) التفويض؟ ونسألك أيّها "الكوزباشي" من الذي أعطاك الفيتو والفرمان؟
🔥 أن مشكلة الفريق الكباشي أنه ينطلق من زاوية أيدولوجية بحتة! إذ أنه عسكري مدجّن حيث يدين بأيديولوجية الأخوان المسلمون الذين أسقطهم الشعب ولولا خلل الوثيقة الدستورية وضعف من صاغوها وكثرة خلافات مكونات قوي الحرية والتغيير والتي أضعفتها، لم يكن ليصبح هـؤلاء العسكر شركاء في حكومة الثورة وهم الذين كانوا يمثلون اللجنة الأمنية لنظام المخلوع !!! فهذا الكباشي وزملاءه العسكر في المجلس السيادي جعلوا من أنفسهم حمأة الايديولوجيا الساقطة المنبوذة من قبل الشعب! بل في حقيقة الأمر أنه لا يوجد أي حكم إسلامي خلال الثلاثين عاماً الماضية، إنما كانت شعارات للمزايدة والمتاجرة وقدموا أسوأ نموزج حكم تخصص في القتل والإنتهاك والفساد والسرقة والغش وعدم الوطنية !!! وإن من مضحكات القدر ومبكياته أن يزايد عليك منافق بحكمٍ أسلامي وقوانين الشريعة بعد ثلاثة عقود من حكمٍ بلا عنوان كان متدثراً بثوبٍ مزيّف بإسم الإسلام حتي عرّاه الشعب قبل أن يسقطه ويلقي به في مكب نفايات التاريخ ،،،،
✍️ من جهة أخري وعلي خطي حزب الأمة في التناقض وعدم الإنسجام مع مكونات قوي الحرية والتغيير ، أعلن الحزب الشيوعي خروجه النهائي من مكونات الثورة بعد شهورٍ من المناورة والإستهبال واللعب علي كل الحبال!! فمنذ تشكيل حكومة الثورة ظل الحزب الشيوعي ك "خميرة عكننة" فهو حكومة من خلال مشاركته بنصيب الأسد من الكوادر في هياكلها وفي الوقت نفسه معارضة من خلال رفضه لكل الخطوات! كما درج الحزب لإصدار البيانات المتتالية بشكلٍ شبه يومي لإعلان مواقف مناهضة لمًا تتم إتخاذه من خطوات من قبل حكومة الثورة التي هو جزءٌ منها !! فالحزب أعلن رفضه لسلام جوبا في مسلك يعتبر "جهوي! ثم أعلن رفضه للتطبيع في مسلك "عروبي"! كل هذا في تناقض غريب لا تجده إلا من حزب مراهق لم يبلغ الرشد وليس كالحزب الشيوعي المتمرّس في العمل السياسي ويفترض أنه يحسب لكل خطواته بعد دراسة وتمحيص! ربما بقاء الحزب طويلاً في صفوف المعارضة إنطبع عليه السلوك المعارض! فالطبع غلّاب. وعليه فأن خروجه من الحكومة فيه العافية لها لأنه كان نشازاً هدّاماً من الداخل ....
✍️ بعد 64 عاماً من الإستقلال "الشكلي الصوري" بات الجميع يؤمن إيمان العجائز بأن هذا القطر الإستوائي لن يحكم إلّا من خلال النموذج الفيدرالي العلماني وإنه لمن العبث وإهدار الوقت والموارد في أي محاولة لحكمه مركزياً أو بشعارات دينية أيّاً كانت! فهذا الشعب متدينٌ بطبعه وفطرته يا "كوزباشي" وهذا الدين بينه وبين ربه ولن يقبل بوجود واسطة أو سمسار !! فالسلام والحرية والعدالة هي خيارات الشعب التي بسببها دفع المهج والأرواح ولن يقبل بأي شخصٍ يحاول الوقوف في وجه هذه المطالب المشروعة أو يفرض عليه نمطاً للحكم لم ينجح منذ الإستقلال بل هو نمطْ مجرب ! ومن جرّب المجرّب حاقت به الندامة! وهذه الدنيا .... الخاسر من لم يأخذ منها ما تعطيه علي إستحياء والغافل من ظنّ الأشياء هي الأشياء !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة