الحنين وسيلة لاستحضار ما مَضَى من ماضِي امرأةٍ أقامَها الجمال أثناء ربيع العمر في قصر الرَّغبة الطائشة المُهْدَى لها كلاماً كلما صادفت في الطريق عيني ذئب يفضحه اللعاب المُسال من بين أنيابه تلمع استعداداً للقفز من مكانيهما لتقبيل رسمِ خطواتها من باب البيت الى المكان القاصدة إيَّاه قَصُرَ أم بَعُدَ عنوانه ، وقد أعادها خريف أيامها لكوخٍ ورثته ممَّن أوقعها في شباك أكاذيبه فأسقطها من نجمة سابحة في فضاء الحُسنِ إلى خادمة لإسعاد الآخرين واختلاس عرقها ليتجرَّعه صَهْبَاء ابن هانِئ ويتمادى في مجونه . الحنين لما وراء الزمن دون خلسة أو تحايل للوقوف على تهوُّر إنسانة حسبتها لحظة ثورة على الفقر والاحتياج حَلاً لاقتسام السعادة مع صاحب ثروة وإن كان مذموم الأفعال الحاصل بها على المال كمتاجر في المخدرات وله من ريعها على نطاق واسع أوكار متعة لاصطياد وتوريط المتعاونين معه من رجال سلطة تديرها مَن اختارته بَعْلاً فشاركها في ترويج سمومه ، لتجد نفسها مدمنة على شم "البيضاء" منها لتُصاب في عقلها وتسكن مستشفى الأمراض العقلية أما رفيقها في الويل مقذوف (تؤنسه المآسي والأحزان وحسرة فقدان كل شيء) في زنزانة حبسه . الحنين فتاة ريفية صالحة اتجهت اليه عن شوق وألم لمشاهدة خطواتها الأولى على طريق حبها البريء الطاهر لشاب مثَّلَ (منذ لقائهما عن غير موعد) فتى أحلامها الورديَّة فبادلها نفس الشعور وتعاهدا على الوفاء والإخلاص وفي اليوم الذي عاد فيه من تطوان حيث اجتاز امتحان الباكلوريا رأى جوقة نحاسية يقودها صديقه الحميم عبد القادر ولما اراد مرافقته لاحظ منه نفورا ومعارضة على غير عادته في مناسبات سابقة مشابهة بالحالية فأصرَّ على المرافقة الى أن وصلت الجوقة تلك لدار حبيبته ومن حوله أصدقاء يبكون من التأثُّر إذ بالداخل أطلَّت موجهة الكلام اليه صارخة أمام الجميع : زوجوني بصديقٍ لك لانك فقير وهو غني بثروة عائلته .
... القصر الكبير رغم تعرُّضها لمحنٍ جسام لم تتزحزح عن قيمها الأصيلة المتحضرة ، رامية وراء ظهرها تعنُّت بيادق عُيِّنوا لمراقبة حتى أنفاس نخبة من طليعة سكانها ، تاركة إياهم يتمرغون في غباوة صنيعهم الى أن التقفهم الاحتلال الاسباني ومكَّنهم من مناصب فضحت ما دأبوا على ارتكابه من مدة لتسهيل ولوج غرباء للمدينة ، في ظروف مشحونة بالقلق والتوتر والغضب من جو وصلَ بُعْده السلبي للمدينة المجاهدة مِن داخل المغرب ، حينما تهاون مَن بأيديهم زمام الأمور ، ومنها الدفاع عن الوطن مهما كان المانع . وما أن أطلَّ الاحتلال الاسباني على القصر الكبير حتى أحسَّ الجميع بحجم الكارثة ، التي سبَّب فى حصولها حُكام العاصمة الرباط ، فما كان عليها الا انتظار ما تخفيه الايام المقبلة من مفاجآت أكانت خيرا أو سوءا. وحتى يجتاز المُحتَل مرحلة الحذر والخوف من انتقام الأهالي للتخلُّص من تلك الوضعية المُقيَّدة لحريتهم المعهودة ، التجأ الإسبان لخلق مناصب شغل عن طريق انجاز مشاريع عمرانية ضخمة ، مكَّنت مدينة القصر الكبير من استرجاع حلة ريادتها الحضرية ، والظهور بما يقربها للمدن المتكاملة المرافق المنظمة عبر ميادين تدنو كل يوم للتقدم والازدهار بأقوى الوسائل وأقومها على التغيير نحو الأفضل في جو من الاستقرار النسبي ، المُتحمِّل كل مشارك في ندبير الشأن العام مسؤوليته مُتجنباً الشطط أو الاستفزاز ، مما ترتب عن الفاعل ارتياح مبني على نظرة دكاء القصريين البعيدة ، ومضمونها التعلُّم واكتساب التجربة وامتلاك مقومات الدفاع عن النفس متى حلَّت المناسبة ، مما أتاح الفرصة حتى للإسبان للزيادة في تشييد معالم لعبت دورا كبيراً في طمأنة المعنيين أصحاب الأرض بكون الوجود الإسباني من أهدافه خدمة المدينة وسكانها ، خدمة لاستعادة الأمجاد المكتسبة ، المسلسل الحديث عنها في المدوَّن من كتب الإغريق والرومان ، وهكذا شرعَ المحتل في بناء القاعدة العسكرية الأضخم بحي "باريو حارة" المهيأة لاستيعاب الجيوش الاسبانية المستقرة داخلها بما لهم فيها من منشآت سكنية وكأنها مدينة مصغرة مكتفية ذاتيا ، والغرض حماية المساحة الترابية المحتلة من طرف اسبانيا ، وأيضا البداية في وضع البنيات التحتية لتشمل شطري "باب الوادي" و"الشريعة" معا ، وبتصاميم وإشراف المهندسين العسكريين تم انجاز وبناء محطة السكك الحديدية الرابطة طنجة بالرياط والمتضمنة أيضا الخط الواصل القصر الكبير بمدينة العرائش ، مع تشييد جسر "الكرمة" بين ضفتي نهر "اللوكوس" ، وفتح طرق على النمط المواكب ذاك العصر بين المدينة والواقع في المحيط المحتل من مدن وبعض القرى ومنها "تَطاَفْتْ" و"جَهْجُوكَة "و"القُلَّة" ، وبناء المستشفى المدني ، والمجزرة ، والقيام بالأشغال الكبرى المخصصة لجلب المياه الصالحة للشرب ، والمقبرة المسيحية ، واول مدرسة اسبانية عرفتها القصر الكبير ، وانجازات أخرى جعلت من القصر الكبير مدينة متوفرة على أسس استقبال المستقبل بما يليق من إضافات مماثلة لما تحقق دون توقف ، وهي كلمة حق من الواجب تسطيرها بما تعنيه أن ما بنته اسبانيا إبان احتلالها للقصر الكبير في عشر سنوات لم تضطلع الدولة المفربية في بناء ولو ربعه خلال سبعين سنة من الاستقلال ، والادهى والأمر من ذلك سكوتها الغريب عن إتلاف أغلبية تلك المعالم الرائعة التي حملت توقيع اسبانيا لتصبح دليلا ممنوحا عن مدينة القصر الكبير لمعرفة من ساهم في بناء أجزاء مهمة منها ومن ساهم في هدم مآثر كان المفروض أن تُصان ليُشيَّد بجوارها الأحسن منها ، لكن هو الانتقام من مدينة عُرِقت بقولها "لآ" وهي على حق ، مكان "نَعَم" المطلوب الإدلاء بها كأمر ، تعلم مُسبقاً بفائدتها العائدة على الباطل لتقوبة مساره البعيد كل البعد عن احترام حقوق الإنسان
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا
الحنين وسيلة لاستحضار ما مَضَى من ماضِي امرأةٍ أقامَها الجمال أثناء ربيع العمر في قصر الرَّغبة الطائشة المُهْدَى لها كلاماً كلما صادفت في الطريق عيني ذئب يفضحه اللعاب المُسال من بين أنيابه تلمع استعداداً للقفز من مكانيهما لتقبيل رسمِ خطواتها من باب البيت الى المكان القاصدة إيَّاه قَصُرَ أم بَعُدَ عنوانه ، وقد أعادها خريف أيامها لكوخٍ ورثته ممَّن أوقعها في شباك أكاذيبه فأسقطها من نجمة سابحة في فضاء الحُسنِ إلى خادمة لإسعاد الآخرين واختلاس عرقها ليتجرَّعه صَهْبَاء ابن هانِئ ويتمادى في مجونه . الحنين لما وراء الزمن دون خلسة أو تحايل للوقوف على تهوُّر إنسانة حسبتها لحظة ثورة على الفقر والاحتياج حَلاً لاقتسام السعادة مع صاحب ثروة وإن كان مذموم الأفعال الحاصل بها على المال كمتاجر في المخدرات وله من ريعها على نطاق واسع أوكار متعة لاصطياد وتوريط المتعاونين معه من رجال سلطة تديرها مَن اختارته بَعْلاً فشاركها في ترويج سمومه ، لتجد نفسها مدمنة على شم "البيضاء" منها لتُصاب في عقلها وتسكن مستشفى الأمراض العقلية أما رفيقها في الويل مقذوف (تؤنسه المآسي والأحزان وحسرة فقدان كل شيء) في زنزانة حبسه . الحنين فتاة ريفية صالحة اتجهت اليه عن شوق وألم لمشاهدة خطواتها الأولى على طريق حبها البريء الطاهر لشاب مثَّلَ (منذ لقائهما عن غير موعد) فتى أحلامها الورديَّة فبادلها نفس الشعور وتعاهدا على الوفاء والإخلاص وفي اليوم الذي عاد فيه من تطوان حيث اجتاز امتحان الباكلوريا رأى جوقة نحاسية يقودها صديقه الحميم عبد القادر ولما اراد مرافقته لاحظ منه نفورا ومعارضة على غير عادته في مناسبات سابقة مشابهة بالحالية فأصرَّ على المرافقة الى أن وصلت الجوقة تلك لدار حبيبته ومن حوله أصدقاء يبكون من التأثُّر إذ بالداخل أطلَّت موجهة الكلام اليه صارخة أمام الجميع : زوجوني بصديقٍ لك لانك فقير وهو غني بثروة عائلته .
... القصر الكبير رغم تعرُّضها لمحنٍ جسام لم تتزحزح عن قيمها الأصيلة المتحضرة ، رامية وراء ظهرها تعنُّت بيادق عُيِّنوا لمراقبة حتى أنفاس نخبة من طليعة سكانها ، تاركة إياهم يتمرغون في غباوة صنيعهم الى أن التقفهم الاحتلال الاسباني ومكَّنهم من مناصب فضحت ما دأبوا على ارتكابه من مدة لتسهيل ولوج غرباء للمدينة ، في ظروف مشحونة بالقلق والتوتر والغضب من جو وصلَ بُعْده السلبي للمدينة المجاهدة مِن داخل المغرب ، حينما تهاون مَن بأيديهم زمام الأمور ، ومنها الدفاع عن الوطن مهما كان المانع . وما أن أطلَّ الاحتلال الاسباني على القصر الكبير حتى أحسَّ الجميع بحجم الكارثة ، التي سبَّب فى حصولها حُكام العاصمة الرباط ، فما كان عليها الا انتظار ما تخفيه الايام المقبلة من مفاجآت أكانت خيرا أو سوءا. وحتى يجتاز المُحتَل مرحلة الحذر والخوف من انتقام الأهالي للتخلُّص من تلك الوضعية المُقيَّدة لحريتهم المعهودة ، التجأ الإسبان لخلق مناصب شغل عن طريق انجاز مشاريع عمرانية ضخمة ، مكَّنت مدينة القصر الكبير من استرجاع حلة ريادتها الحضرية ، والظهور بما يقربها للمدن المتكاملة المرافق المنظمة عبر ميادين تدنو كل يوم للتقدم والازدهار بأقوى الوسائل وأقومها على التغيير نحو الأفضل في جو من الاستقرار النسبي ، المُتحمِّل كل مشارك في ندبير الشأن العام مسؤوليته مُتجنباً الشطط أو الاستفزاز ، مما ترتب عن الفاعل ارتياح مبني على نظرة دكاء القصريين البعيدة ، ومضمونها التعلُّم واكتساب التجربة وامتلاك مقومات الدفاع عن النفس متى حلَّت المناسبة ، مما أتاح الفرصة حتى للإسبان للزيادة في تشييد معالم لعبت دورا كبيراً في طمأنة المعنيين أصحاب الأرض بكون الوجود الإسباني من أهدافه خدمة المدينة وسكانها ، خدمة لاستعادة الأمجاد المكتسبة ، المسلسل الحديث عنها في المدوَّن من كتب الإغريق والرومان ، وهكذا شرعَ المحتل في بناء القاعدة العسكرية الأضخم بحي "باريو حارة" المهيأة لاستيعاب الجيوش الاسبانية المستقرة داخلها بما لهم فيها من منشآت سكنية وكأنها مدينة مصغرة مكتفية ذاتيا ، والغرض حماية المساحة الترابية المحتلة من طرف اسبانيا ، وأيضا البداية في وضع البنيات التحتية لتشمل شطري "باب الوادي" و"الشريعة" معا ، وبتصاميم وإشراف المهندسين العسكريين تم انجاز وبناء محطة السكك الحديدية الرابطة طنجة بالرياط والمتضمنة أيضا الخط الواصل القصر الكبير بمدينة العرائش ، مع تشييد جسر "الكرمة" بين ضفتي نهر "اللوكوس" ، وفتح طرق على النمط المواكب ذاك العصر بين المدينة والواقع في المحيط المحتل من مدن وبعض القرى ومنها "تَطاَفْتْ" و"جَهْجُوكَة "و"القُلَّة" ، وبناء المستشفى المدني ، والمجزرة ، والقيام بالأشغال الكبرى المخصصة لجلب المياه الصالحة للشرب ، والمقبرة المسيحية ، واول مدرسة اسبانية عرفتها القصر الكبير ، وانجازات أخرى جعلت من القصر الكبير مدينة متوفرة على أسس استقبال المستقبل بما يليق من إضافات مماثلة لما تحقق دون توقف ، وهي كلمة حق من الواجب تسطيرها بما تعنيه أن ما بنته اسبانيا إبان احتلالها للقصر الكبير في عشر سنوات لم تضطلع الدولة المفربية في بناء ولو ربعه خلال سبعين سنة من الاستقلال ، والادهى والأمر من ذلك سكوتها الغريب عن إتلاف أغلبية تلك المعالم الرائعة التي حملت توقيع اسبانيا لتصبح دليلا ممنوحا عن مدينة القصر الكبير لمعرفة من ساهم في بناء أجزاء مهمة منها ومن ساهم في هدم مآثر كان المفروض أن تُصان ليُشيَّد بجوارها الأحسن منها ، لكن هو الانتقام من مدينة عُرِقت بقولها "لآ" وهي على حق ، مكان "نَعَم" المطلوب الإدلاء بها كأمر ، تعلم مُسبقاً بفائدتها العائدة على الباطل لتقوبة مساره البعيد كل البعد عن احترام حقوق الإنسان
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة