في محاولة لفهم جذور الأزمة السودانية المستمرة ، يبرز تقرير المركز الأفريقي للتنمية المحلية – وحدة التوثيق الدولية ( رقم 4/2025 ، ديسمبر 2025 ) كوثيقة استثنائية بموثوقيتها العالية ومرجعيتها فائقة الدقة والمصداقية ولتعدد مصادرها الدولية المستقلة . اعتمد هذا المقال حصريًا على هذا التقرير التوثيقي غير المنحاز سياسيًا ، والذي جمع بين الشهادات المباشرة من قيادات إسلامية وعسكرية سودانية ، وتقارير منظمات دولية رفيعة المستوى كالأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومجموعة الأزمات الدولية، ليرسم صورة موثقة للعلاقة الجدلية بين الحركة الإسلامية السودانية والمؤسسة العسكرية .
يكشف التقرير أن انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 مثبتا بالأدلة القاطعة ، كان تتويجًا لاستراتيجية ممتدة بدأت فعليا عبر عقدين من الزمن . أستهدفت هذه الخطة إختراقا ممنهجا للكلية الحربية ومفاصل القيادة ، محولا العقيدة العسكرية تدريجيا من حماية السيادة الوطنية إلي خدمة الأجندة الايدولوجية للتنظيم عبر ما عرف لاحقا بالتكليف التنظيمي المباشر للضباط .
فقد اعترف الدكتور حسن الترابي ، الأمين العام للحركة الإسلامية ، صراحة بأن الانقلاب "كان عملاً خططت له الحركة الإسلامية ونفذه ضباط ينتمون إليها تنظيميًا" . وأكد علي عثمان محمد طه ، نائب رئيس الجمهورية الاسبق ، أن هؤلاء الضباط كانوا "يعملون داخل القوات المسلحة بتكليف تنظيمي من المكتب السياسي" ، مما يكشف عن آلية مؤسسية منظمة تجاوزت الانتماء الشخصي إلى التخطيط المركزي .
الأخطر من ذلك ، يوثق التقرير أن عملية الاختراق المؤسسي بدأت منذ منتصف السبعينيات ، حيث كانت الحركة تبني شبكة سرية داخل الجيش بصبر استراتيجي . هذا ما أكده الزبير محمد صالح بقوله إن الحركة " أعدّت كوادرها داخل القوات المسلحة منذ أوائل السبعينيات " . وتتطابق هذه الاعترافات الداخلية مع تحليلات دولية مستقلة ، حيث وصف البروفيسور أليكس دي وال من جامعة هارفارد الجيش السوداني بأنه أصبح "الذراع التنفيذي للحركة الإسلامية" .
والمثير للقلق أن التقرير يؤكد استمرار آثار هذا الاختراق حتى بعد سقوط نظام البشير عام 2019 . فقد اعترف الفريق عبد الفتاح البرهان بوجود "تمكين سياسي داخل مؤسسات الدولة بما فيها القوات المسلحة"، بينما أكد محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن "الإسلاميين اخترقوا الجيش والأمن" . ووثقت تقارير الأمم المتحدة استخدام هذه الشبكات في أنشطة غير قانونية كتمويل الجماعات المسلحة عبر ميزانيات موازية .
للاطلاع على التفاصيل الكاملة والشهادات الدولية المباشرة ، يُنصح بمراجعة التقرير الموثق عبر الرابط : https://2u.pw/mUnTmOhttps://2u.pw/mUnTmO
تكمن خطورة هذه الجماعة في أنها حولت مؤسسة وطنية محايدة إلى أداة أيديولوجية ، مما أفقد الدولة السودانية توازنها ومهنيتها . كل الدمار والانقسامات والحروب الأهلية التي شهدها السودان على مدى ثلاثة عقود ، كانت ثمرة مباشرة لهذه السيطرة التنظيمية المنهجية على المؤسسة العسكرية ، التي حولت الجيش من حامٍ للوطن إلى حارس لمشروع سياسي ضيق ، تاركًا البلاد في دوامة من الصراعات لا تزال تدفع ثمنها حتى اليوم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة