يمثل التسامح والتعايش بين أبناء الوطن حجر الزاوية في أي مجتمع متماسك، لكن عندما تسود العنصرية والتمييز، يصبح السؤال عن تقبل بعضنا البعض أكثر من مجرد فضول، بل ضرورة وجودية. في السودان، كما في غيره من البلدان، تتعدد الأبعاد العرقية والقبلية والثقافية، وهو ما يجعل من التحدي الأكبر الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز الاحترام المتبادل.
العنصرية البغيضة، سواء كانت صريحة أو مستترة، تؤثر على النسيج الاجتماعي وتضعف الثقة بين أفراد المجتمع. فحين يُعامل الفرد بناءً على لونه أو أصله بدلاً من كفاءته وإنسانيته، ينشأ شعور بالرفض والانعزال. هذا الوضع لا يضر فقط بالمستضعفين، بل يضر المجتمع ككل، لأنه يقوض القيم الإنسانية التي تجمع الناس ويخلق دوامات من الكراهية والاحتيال النفسي والاجتماعي.
على الرغم من هذا الواقع المؤلم، إلا أن هناك إشارات واضحة على قدرة السودانيين على التعايش والتفاهم. كثيرون يرفضون العنصرية بشكل صريح، ويعملون على تعزيز مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية. المبادرات المجتمعية، مثل الجمعيات الأهلية والفعاليات الثقافية المشتركة، تُظهر أن القلوب لا تزال مفتوحة للتفاهم وأن الاحترام المتبادل ممكن، حتى في أصعب الظروف.
لكي يتقبل السودانيون بعضهم البعض بشكل كامل، يحتاج المجتمع إلى جهود متعددة المستويات: تعليم الأطفال على قيم التسامح من الصغر، تشجيع الحوار بين مختلف المكونات الاجتماعية، وتعزيز القوانين التي تحمي الأفراد من التمييز. فالمستقبل يتطلب من الجميع أن يتحلوا بالشجاعة للوقوف ضد العنصرية والعمل معًا لبناء وطن يحترم الجميع بغض النظر عن العرق أو اللون أو الانتماء القبلي.
في النهاية، يتضح أن تقبل السودانيين لبعضهم البعض ليس مجرد مسألة اختيار فردي، بل تحدٍ جماعي يختبر مدى قدرة المجتمع على تجاوز العنصرية وإعادة بناء الثقة والإنسانية المشتركة. رغم الصعوبات، يبقى الأمل في النفوس، لأن التعايش والاحترام المتبادل هما السبيل الوحيد لمستقبل سوداني مزدهر ومتماسك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة