بقلم : الاستاذ / ابراهيم محمد اسحق- كاتب وباحث كثيرا ما غني الفنان والمسيقار الكبير / محمد الامين اغنية عيال ابو قويلي الكمبلوا وعرضوا في داركردفان(التراثيةوالتاريخية ) وكثيرا ما رددهااغلب المثقفين من السودانيين . من اهل دارفور وكردفان بكل فرح وسرور دون ان يدروا مضامينها ومعانيها ويستفيدوا من العبر و الدروس التاريخيةالتي تحملها. والواضح انهم لو علموا معانيها وما فيها من اشارات لما تحملوا ذلك لحظة الا واخذتهم الحماسة فاندفعوا نحو امدرمان فاتحين او غازيين ليردوا الاعتبار لكرامتهم . حيث بداءت الاغنية بعيال ابقويلي الكمبلوا وعرضوا-والكمبلا هي رقصة النوبة المشهورة – والعرضة هي عرضة الجعليين و العرب العبدلاب وهي الرقصة التي اشتهر بها الرئيس البشير مؤخرا .. لقد كان موطن عيال ابو قويلي شرق النيل بالقرب شندي وهم العربان الذين كانوا يغيرون علي مناطق جبال النوبة وجنوب السودان وحدود دارفور الشرقية فيما عرف بحملات جلب العبيد والنساء السبايا والسرايا الذين يتم بيعم في الموردة بامدرمان والتي اشتهرت بهذا الاسم لانها مكان لبيع وتصدير العبيد الي مصر عبر نهر النيل ومنها الي اوربا وامريكيا وكانت ذات تاريخ سيئ مثلها وميناء الكيب تاون وميناء بوقنا موية في تنزانيا , واطلق علي هؤلاء السماسرة والمغامرين الجلابة الذين يتاجرون بالبشر وكل شي مما غلاء ثمنه وقتها .. ولهذة الاغنية قصة وتاريخ طويل اي منذ فترة دولة العبدلاب حلفاء الفونج ومملكة دارفور التي كان بينهما صراع طويل حول تبعية اجزاء من مناطق كردفان وجبال النوبة لدارفور ام الفونج وتفاصيل هذة القصة بالتحديد في عهد حكم السلطان تيراب لدارفور وابن عمه هاشم المسبعاوي علي دار كرفان التي كانت الولاية الخامسة لدارفور ويحكمها المسبعات ابناء عمومة سلاطين الفور من قبل دارفوروتحكي القصة المشهورة التي كانت تدرس ضمن منهج التاريخ في المرحلة الاولية حتي عهد حكم النميري العسكري الذي قام بتغيير السلم التعليمي في عام 1970 ورغم ذلك ظل هذا المنهج يدرس حتي 1976 الاانه حزف من الدراسة بل تم اعدام ذلك الكتاب الصغير من مخازن وزرارة التربية والتعليم في عهد الديمقراطية الثالثة بعد ان صار بكري عديل وزيرا للتربية من قبل حزب الامة عام 1988وحمل الغلاف صورة السلطان تيرا ب وحوت صفحاته بالداخل قصته في حربه للسلطان هاشم المسبعاوي وقد كان اعراب عيال ابو قويلي هم الذين يعتمد عليهم العبدلاب في حملات غزو جلب العبيد الي البحر اوالنيل وقد اراد الشاعر تشجيعهم للغزو واسترقاق النساء من ام قرقد حبوب (اللعوبة) وام قرقد سائح (من الدهن والسمن المخلوط مع الخمرة –عطر بلدي- الذي يقطر من شعرهن اثناء الرقص والشبال علي الفحول من اولاد البحر مفردها فحل ومهمته معروفة ) لقد اراد الشاعر تشجيع هؤلاء الاعراب علي القتال في صف السلطان هاشم حتي يمتلكوا السرايا والخدم لكن يبدوا ان السلطان تيراب بلغه هذا النباء واعد العدة لرد الاهانة التي لحقت رعاياه من اهل كردفان ودارفور فجهز اكبر حملة عسكرية برية في التاريخ وشرع لقيادة التجريدة بنفسة لوقف حملات الاغارة التي بداء يشنها العبدلاب وتوابعم من الاعراب عيال ابو قويلي وبداء تيراب بضرب نحاسات الفور الكبري السبعة اما العبدلاب وحلفهم من عيال ابو قويلي فقد ضربوا جوزهم اي نحاستهم - الاثنين- كناية عن استعدادهم للحرب والتي غنمهما جيش الفور في اخر الامر بعد انتصارهم علي العبدلاب وطلوها بالذهب رغم ان عيال ابقويلي هم الذين اعلنوا الحرب وشجعوا عليها الا ان استعداد السلطان تيراب لها من الفاشر الكبيرة جعلهم -يعردوا – اي يفروا وهي غير العرضة (والمقصود بالفاشر الكبيرة هنا شوبا عاصمة سلطنة الفور في زمن السلطان تيراب وهي غير الفاشر – ابو زكريا- التي اسسها السلطان عبدالرحمن الرشيد بعد هذة المعركة )وهي اخر عواصم سلطنة دارفور . الجوامعة في معية سلاطين الفور:- اشتهر الجوامعة انهم كانوا علماء وحفظة للقران الكريم وبالصلاح والتقوي وكانوا علي صلة قوية بسلاطين الفور حيث لازموا الدعاء بدوام السطنة بكرة وعشية حتي انطبق الاسم علي المسمي من شدة ملازمتهم للجوامع وكان العلماء يحرسون البلاد بالدعاء ويحوطونها من شر الاعداء لقد استعان السلطان تيراب بالجوامعة في حربهم علي العبدلاب مثلما استعان ببعض القبائل العربية التي استجلبها من المغرب ومن صعيد مصر مثل الرزيقات و اوكلهم عبدالرحمن الرشيد رعاية اموال الدولة من الماشية فكانوا رعاة لاموال السلطان فسموا رزيقات من الارزاق اما الحمر فهم مجموعة من العرب الرعاة السيارة (المسيرية )وكان مهمتم في هذة الحملة قطع اشجار الحمر بالفؤوس لذلك سموا لاحقا بالحمر كما سميت منطقتهم بدار حمر والتي وهبها لهم السلطان عبدالرحمن الرشيد بعد عودته من حملة الشرق (وحمر هي شجرة الجميز العملاقة ) التي كانت تعوق تقدم سير حملة جيش السلطان تيراب البرية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث . لقد اشتهر الملوك والسلاطين في الماضي انه كان لهم علماء يدعون لهم بكرة وعشية وتجري عليهم الدولة واجبات الرعاية والحماية فكان لرجل الدين نفوذ معنوي هائل في سلطنة دارفور وسنار . كانت اغلب اغارات العربان تتم في جنح الليل او الصباح الباكر وقد اشار الموسيقار محمد الامين في مناحة ثانية الي تفرد الجوامعة في قراية العلم وكلمة التهليل واردف قائلا : بصادم المغارة خيولا بجا بالليل وذهب به الفخر للقول يا ود نيل البحور يا الجدك المانجيل ويكشف الشاعر العداء التاريخي لجلابة البحر واعتزازهم بالاعتداء والغزو والسلب وسرقة وبيع السرايا جمع سرية وهي الخادم مؤنث يقابلها العبد .. غني وشكري يا ام قرقد :- كان الشاعرالذي غني له الموسيقار محمد الامين ينتظر سمح الخبر بجلب السرايا والعبيد بعد الانتصار علي اهل دارفور وكردفان ولكن يبدوا ان فأله قد خاب فقد تحول الخبر الي مناحة يرددها الاجيال جيلا بعد جيل في اشعار واغاني تراثية نحاول في هذة العجالة فك طلاسمها حتي يتضح للخاصة والعامة البعد التاريخي للصراع في دارفور وكردفان . وما ان ضرب عيال ابقويلي الجوز الا واستدرك الشاعر قائلا ؛ جانا الشناع فائح دوقوا الجوز عديل اصلوا العمر رايح اي شاع الخبر بأن الفاشر الكبيرة وكانت شوبا وقتها كبري عواصم افريقيا بانها طلعت وصاية اي (اعلنت الحرب ) واستدرك صاحبنا لما علم بحجم الحملة وعدد الجيش الجرار بالاستعداد للموت (اصلوا العمر رايح ) فعليكم الصبر في مواجهة تيراب الا ان عيال ابقويلي والسلطان هاشم المسبعاوي لم ينتظروا السلطان تيراب في دار كردفان انما – عردوا – اي فروا من امام الجيش العرمرم كما صوره التونسي في كتابه تشحيذ الاذهان طبعة القاهرة 1840 وامرت السيدة الفضلي /سوزان المبارك باعادة طباعته في القاهرة لمن اراد مراجعته للذكري واوردته في كتابي الذي اصدرته عام 2005 بمناسبة احتفال الخرطوم عاصمة العرب الثقافية بعنوان (الفور التاريخ والحضارة ) لمزيد من المعلومات . لقد سطر التاريخ ان السلطان تيراب قد انتصر علي حلف ابن عمه هاشم المسبعاوي من العبدلاب وعيال ابقويلي وغنم نحاستهم فصارت نحاسات الفور تسعة نحاسات اختفت السبعة وبقيت الاثنين بالفاشر الي يومنا هذا , وشتت شملهم وتبعهم الي مشارف شندي والمتمة (وسندي هي كلمة بالغة الاساءة بلغة الفور – كرد فعل لام قرقد حبوب التي اطلقها شاعر عيال ابقويلي ) بل كان الخبر الشنيع ان اوصلهما الي عطبرة بعد تلك التعريدة . كما هو مكتوب باللغة الانجليزية علي مدخل كبري عطبرة ada bara (وتعني ادا- برا )وقفتم في الحدود اي حدود مملكة دارفور . وعندما تململ جيش الفور من طول المسافة وبعدهم عن ديارهم حسب رواية الراوي عمر التونسي اخرج لهم السلطان تيراب يده من داخل ملابس الحرب وهي تقطر دما وقال لهم قولته المشهورة :- هل تحيض الرجال يا اهل دارفور لقد صبرت شهورا اقاتل ومنذ فترة وانا انزف دما ولم اترجل ولم اتواني في تعقب الاعداء وها انتم تريدونني ان ارجع دون مرادي فهيا بنا الي الفاشر .. كانت اخر كلمة قالها السلطان تيراب ومن ثم مرض بعدها مرضا شديدا الي ان انتقل الي الرفيق الاعلي وحمله جنوده في معية سلطان دارفور وكردفان الجديد عبد الرحمن الرشيد من امدرمان مرورا ببارا والتي ما ان بلغها ركب الجيش المنتصر الا واستقبلته بالاغاني والزغاريد وامر السلطان عبدالرحمن الرشيد علماء الجوامعة بحمل جثمان السلطان تيراب بعد تحنيطه والدعاء له علي امتداد الطريق حتي مسقط رأسة ليدفن بمقابر سلاطين الفور بمسجد طرة جامع (في جبل مرة ) وكانت هذة هي النقلة الاولي للجوامعة من دارصباح الي عمق مناطق الفور الحصينة في جبل مرة ليصيروا حماة لتقاليد الفور في طريقة دفن سلاطينهم وكان في معية هؤلاء العلماء الشريف عثمان الذي تزوج من احدي الميارم ومن احفاده احمد النور عثمان والد الاستاذ/ عبدالواحد احمد النور رئيس حركة تحرير السودان ومن احفاده ايضا المحامي الحقوقي صالح محمود عثمان واالاستاذ امين محمود عثمان ومن هذة العائلة الاستاذ محمد يوسف عبدالله وزير الشباب ابن خالة عبدالواحد علي سبيل الذكر . هكذا بداء دخول العلماء من دار صباح بوفودهم الي دارفور منذ عهد السلطان عبد الرحمن الرشيد (وهو اول من اطلق علي نفسه خادم الحرمين الشريفين ) لقد حاول سلاطين الفور بحكمتهم في فترة حكمهم دائما ان يوحدوا بين القبائل والعشائر ويدخلونهم في معيتهم حتي لايكون هنالك تماييز ولايمكنك ان تفصل في دارفور بين العربي والفوراوي والزغاوي الا وتجد ان نسب هذة الاسرة قد دخل في اتجاه كنت تحسبه غير الذي عنيته فصارت دارفور دولة وصار الفور امة لهم تاريخ عريق . فماذا جري الان حتي دارت الدائرة علي اهل دارفور منذ ان حمل المحامي الشاب عبدالواحد النور ورفاقه السلاح والذي يداعبه الكثيرين من اهل دارفور ويطلقون عليه ada , الاوتحولت دارفور الي مناحة كبيرة وصاراهلها الشرفاء حفظة القرآن اهل الكرم والنخوة والشجاعة اسري المعسكرت وتحت رحمة المنظمات وصارت نساهن سبايا الجنجويد وقوات الباشمرقة الحكومية ومازال البشيرحفيد عيال ابقويلي يعرض ولكن هذة المرة في فاشر السلطان وفي معية عثمان كبر ومن خلفه محمد يوسف عبدالله وابو القاسم امام والي غرب دارفور والاغرب ان تكون هذة العرضة بعد غزوة خليل والشهيد الجمالي لامدرمان و في ظل ثورة مسلحة اهتزت لها كل اركان الدنيا وهاجت وماجت من اقصاها لادناها والتي قادها احفاد تيراب والرشيد ودوسة وكسفرو واندوكا منهم(ادا – عبدالواحد النور)وخليل ابراهيم واحمد توبا والزعيم المخضرم احمد ابراهيم دريج ورفيقه شريف الحرير وكوكبة التسعة عشر ومني واجنحة الوحدة والقيادة الجماعية والرؤوس التسعة والتسعين التي انشطرت كلها من قيادة المناضل الاستاذ / عبدالواحد بعد اتفاقية ابوجا فهل اراد النور اعادة مولدة التاريخ الي النور ام انه قد حمل اوزار القوم واثقالا مع اثقالهم فنأت سفينته عن الحمل فاضطربت وماجت من شدة الحمل وسقط من سقط من علي ظهرها وبقي ربانها يكافح حتي يوصلها الي بر الامان من جولات ابوجا وطرابلس وسرت واخيرا هل تكون خاتمة المطاف لقضية دارفور ميناء الدوحة في المبادرة القطرية بالخليج الفارسي او يواجه السفين الواقع المرير بعد ان يكون الفاس قد وقع في الرأس وهذا ماسنحاول الاجابة عليه في هذة السياحة التاريخيه في سفر الثورة المسلحة في دارفور التي جاء الوقت للتوثيق لها بجدية وواقعية لنؤرخ لمرحلة جديدة وخطيرة من تاريخنا المعاصر .. لقد طالبني الكثيرين الكتابة عن تاريخ الثورة وبداية الصراع المسلح في دارفور بعد الورقة التي كتبتها منذ عام 2002 بعنوان (دارفور صراع ثقافي ام حرب مصيرية للقبائل العربية في دارفور ) كواحد من الكتاب والمفكرين الذين اسسوا نهجا جديدا للكتابة التاريخية المدعمة بالوثائق ومنذ مجيئي الي القاهرة لاجئا الجمت قلمي عن الكتابة خاصة بعد اخر مقالات كتبتها في سودانيز اون لاين (دارفور من النهب المسلح الي الابادة الجماعية )التي حاولت ابداء ملامح الطريق الا ان دخول جماعات الهكر الي البريد الالكتروني وسرقته وامور كثيرة حدثت لي جعلتني اؤثر التاخير عن الخوض في هذا المجال حتي يتبين لي ملامح الطريق وهو طريق شاق ووعر ولكني انشالله سوف احاول في هذة المقالات التي ستأتي تباعا بأذن الله بعنوان : هل سيعيد عبدالواحد مولدة التاريخ الي النور بعد عرضة عيال ابو قويلي في دار كردفان 1-10 لاوثق لحركة ومسيرتاريخ الثورة في دارفورفارجو ان يعييني رفقاء الدرب وكل مخلص وحادب من ابناء دارفور بالمعلومات والاضافة والتصحيح. والله ولي التوفيق .. ابراهيم محمد اسحق كاتب وباحث مدير مركزكيرا للتراث وحوار الثقافات - القاهرة ديسمبر2008 [email protected] [email protected] [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابراهيم محمد اسحق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست