هل تُعيد حكومة (تأسيس) تعريف الدولة السودانية؟ كتبه محمد هاشم محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-15-2025, 08:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-02-2025, 04:51 AM

محمد هاشم محمد الحسن
<aمحمد هاشم محمد الحسن
تاريخ التسجيل: 05-09-2025
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل تُعيد حكومة (تأسيس) تعريف الدولة السودانية؟ كتبه محمد هاشم محمد الحسن

    04:51 AM September, 01 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد هاشم محمد الحسن-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر




    في لحظة فارقة من تاريخ السودان، جاء أداء القسم لحكومة (تأسيس) في نيالا يوم 30 أغسطس 2025 ليؤكد أن ما يجري ليس مجرد تطور ظرفي في سياق الحرب، بل هو إعلان عن تحول عميق في بنية الدولة السودانية وفي مفاهيم السلطة والشرعية التي لطالما ظلت محل نزاع. هذه الخطوة، التي تلت إعلان تشكيل الحكومة قبل أسابيع، لم تكن إجراءً بروتوكوليًا عاديا، بل حملت دلالات سياسية وأمنية واجتماعية تتجاوز حدود دارفور وتمتد إلى كامل الجغرافيا السودانية، بل وربما إلى الإقليم المحيط.

    ما يلفت الانتباه في خطاب محمد حمدان دقلو (حميدتي) عقب أداء القسم أنه لم يكن مجرد احتفال سياسي، بل محاولة واعية لإعادة صياغة سردية جديدة تتجاوز منطق المركز والهامش، وتطرح تصورًا مختلفًا للدولة السودانية. تحدث (حميدتي) عن بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية، وعن إنهاء الحروب، وتحقيق العدالة، واحترام حقوق الإنسان، والتعاون مع المجتمع الدولي. غير أن هذه المفردات، حين تصدر من قائد عسكري في لحظة حرب داخلية طاحنة، تستدعي قراءة متأنية لما وراء الكلمات.

    من زاوية أخرى، بدا أن الخطاب تجاوز نبرة القائد العسكري إلى لغة رجل الدولة، في محاولة لإعادة تعريف الذات السياسية لتحالف (تأسيس)، والانتقال من منطق الحرب إلى منطق الإدارة. استخدم مفردات ترتبط بالحكم الرشيد، والتنمية، والمصالحة، وهو تحول لغوي يعكس رغبة في بناء شرعية جديدة تستند إلى القدرة على الحكم لا إلى القوة العسكرية فقط. هذا التحول يستحق قراءة دقيقة، خاصة في ظل غياب التفعيل الفعلي للمؤسسات التشريعية والرقابية، التي لا تزال في طور التأسيس ضمن خطة حكومة (تأسيس)، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية هذا الانتقال، وهل يمثل تحولًا مؤسسيًا حقيقيًا أم أنه مجرد تكتيك مرحلي لتثبيت شرعية سياسية في سياق الحرب.

    من الناحية التاريخية، لا يمكن فصل ظهور حكومة (تأسيس) عن السياق الذي أنتجها. فالإقصاء السياسي، والتهميش التنموي، والانحيازات الجهوية التي مارستها الحكومات المركزية المتعاقبة منذ الاستقلال، إلى جانب تعنت قيادة الجيش ورفضها للمنابر التفاوضية، واتخاذ حكومة بورتسودان إجراءات تعسفية كقطع الخدمات الصحية والتعليمية، وتغيير العملة، وتعقيد استخراج الأوراق الثبوتية ،كلها عوامل لم تخلق فقط بيئة خصبة لنشوء حركات مقاومة، بل شكّلت أيضًا مبررات منطقية لدى داعمي مشروع (تأسيس) لتشكيل حكومة موازية، باعتبارها ردًا سياسيًا على تلك الممارسات، لا مجرد نتيجة عشوائية لانفجار أمني. لذا، فإن النظر إلى حكومة (تأسيس) كحالة تمرد فقط أو كسلطة أمر واقع يتجاهل جذورها الاجتماعية والسياسية، ويختزلها في بعدها العسكري، مما يؤدي إلى قراءة سطحية للمشهد ويغفل عن الديناميكيات التي دفعت نحو هذا التحول.

    أما من حيث البناء السياسي، فإن تشكيل الحكومة يمثل المرحلة الرابعة من خطة خماسية لتحالف (تأسيس)، بدأت بإعلان التحالف، ثم توقيع الإعلان السياسي، تلاه تشكيل المجلس الرئاسي، وصولًا إلى تعيين الحكومة، على أن تُستكمل لاحقًا بتشكيل المجلس التشريعي. هذا التسلسل الزمني يكشف أن ما يجري ليس مجرد رد فعل عسكري، بل مشروع سياسي له ملامح واضحة، حتى وإن كانت مثيرة للجدل.

    في المقابل، تواجه هذه الحكومة تحديات معقدة؛ فهي غير معترف بها دوليًا، وتعمل في بيئة حرب، وتفتقر إلى مؤسسات مستقرة، وتواجه حصارًا سياسيًا وإعلاميًا من الحكومة المركزية في بورتسودان. ورغم أن غياب الاعتراف الدولي يمثل تحديًا حقيقيًا، إلا أن تجارب مثل تايوان وصوماليا لاند تشير إلى أن بناء الشرعية الداخلية وتقديم نموذج حكم فعال قد يكون أكثر أهمية من الاعتراف الرسمي، خاصة في المراحل التأسيسية.

    وفي هذا الإطار، يكتسب حديث رئيس الوزراء محمد حسن التعايشي ونائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالعزيز الحلو أهمية خاصة، إذ يعكس محاولة طموحة لإعادة تعريف الدولة السودانية من خلال مشروع (تأسيس)، الذي يطرح نفسه كبديل جذري لنموذج ما بعد الاستقلال. ورغم أن الخطاب يحمل نبرة ثورية ويعد بتحولات مؤسسية عميقة، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة هذه الوعود إلى واقع ملموس في ظل بيئة سياسية معقدة وتاريخ طويل من الإخفاقات البنيوية.

    التركيز على الأمن، ومحاربة الإرهاب، والفساد، وخطاب الكراهية، يعكس إدراكًا لأزمات الدولة، لكنه لا يجيب بشكل واضح على سؤال كيف ستتم إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع؟ كما أن الحديث عن دستور تأسيسي جديد يثير تساؤلات حول مدى التوافق الوطني عليه، خاصة في ظل تعدد الرؤى والمطالب الإقليمية. أما دعوة الحلو إلى وحدة على أسس جديدة، فهي تعكس تحولًا في الخطاب من مطلب تقرير المصير إلى مشروع اندماجي مشروط، لكنه يظل مرهونًا بمدى قدرة الحكومة على ضمان العدالة والمساواة فعليًا لا نظريًا. في المجمل، الخطاب يحمل وعودًا كبيرة، لكنه بحاجة إلى آليات تنفيذ واضحة وضمانات سياسية ومجتمعية تضمن ألا يتحول مشروع (تأسيس) إلى مجرد إعادة إنتاج للسلطة بوجه جديد.

    من زاوية التنظيمات السياسية، لا يقتصر الانقسام على الجغرافيا، بل يمتد إلى بنية الأحزاب نفسها. فالأحزاب السودانية، التي لطالما تمركزت في الخرطوم أو في مناطق نفوذ محددة، تجد نفسها اليوم موزعة بين مناطق سيطرة حكومة (تأسيس) ومناطق سيطرة حكومة بورتسودان. هذا التوزيع لا يمر دون أثر، إذ قد تبدأ بعض الكوادر الحزبية في مناطق (تأسيس) بالانسلاخ عن مركزياتها التنظيمية، أو إعلان نفسها كتنظيمات جديدة أكثر توافقًا مع الواقع المحلي، مما يفسر بداية تآكل الكتلة الحزبية التقليدية. هذا التآكل لا يضعف فقط الأحزاب الكبرى، بل يهدد أيضًا القوى المدنية غير المنخرطة في أي من الطرفين، ويقلل من قدرتها على التأثير في المشهد السياسي، خاصة في ظل استقطاب حاد وانعدام أرضية وطنية جامعة.

    وفي سياق متصل، تسعى حكومة (تأسيس) إلى توسيع نطاق حضورها السياسي خارجيًا، وقد جاء تعيين الدكتور قوني شريف كمندوب دائم للسودان لدى الأمم المتحدة ليشكّل خطوة رمزية تحمل دلالات استراتيجية. هذا التعيين لا يُقرأ فقط كمحاولة لكسر العزلة الدولية، بل يعكس أيضًا رغبة في إعادة تعريف تمثيل السودان على المستوى الأممي، في ظل وجود حكومة موازية في بورتسودان. ورغم أن الأمم المتحدة لم تعترف رسميًا بهذا التمثيل، فإن الخطوة تكشف عن توجه سياسي لتثبيت شرعية بديلة، تتجاوز الجغرافيا وتخاطب المجتمع الدولي مباشرة. كما أنها تطرح تساؤلات حول مستقبل التمثيل الدبلوماسي للسودان، واحتمالات نشوء ازدواجية في الخطاب الرسمي، بما يعكس عمق الانقسام السياسي ويعقّد مسارات التسوية.

    في ضوء ما سبق، يبدو أن المشهد السوداني يقف عند مفترق طرق حقيقي. فحكومة (تأسيس) لا تكتفي بإدارة مناطق نفوذها، بل تسعى إلى إعادة تعريف الدولة نفسها، سياسيًا ومؤسسيًا. ومع ذلك، فإن غياب التوافق الوطني، واستمرار الحرب، وتعدد مراكز الشرعية، كلها عوامل تجعل من هذا التحول محفوفًا بالمخاطر. وبين طموح التأسيس واحتمالات التفكك، يظل مستقبل السودان رهينًا بقدرته على إنتاج مشروع وطني جامع، يتجاوز منطق الغلبة، ويؤسس لدولة تمثل الجميع لا أن تُعاد إنتاجها من طرف واحد.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de