السيناريو الآخر : الشعب الجنوب سوداني ينظم قواعده و يقود التغيير بنفسه بعيداً عن حكومته :- عقل الكاتب أو المفكر ، يختزن فيه تجارب السنين ، للإستخدام عند الحاجة ، و في هذه الجزئية ، أتذكر حوارا أجرته صحيفة سودانية ، مع أحد قيادات منطقة أبيي في حزب المؤتمر الوطني ، و البلاد مقبلة على الإستحقاق التأريخي المتعلق باستفتاء شعب دولة جنوب السودان ، و القيادي هو : سيادة العقيد الراحل عبد الكريم منيل شول كدجانق ، سأله الصحفي في ذلك الحوار سؤال أخير لا أذكره بالتحديد بقدر ما أذكر الإجابة التي كانت مختصرة و مفيدة جداً جداً ، ألا و هي : ( على المريض أن يعاود الطبيب) . فالشعب الجنوب سوداني اليوم هو المريض ، وهو في ذات الوقت ، هو طبيب نفسه ، لأن أدواء الشعوب ، لا تعالج بوصفات من الخارج ، بل بوصفات من الداخل ؛ فالسيناريو الأول الخاص بأن يعيد حزب الحركة الشعبية تنظيم نفسه ، و إعطاء الفرصة للإصلاحيين في داخل الحزب هو بيد الحكومة ، و ربما بل أكيد لن يجد طريقه للتنفيذ بسبب غلبة أهل المصلحة داخل الحزب و الحكومة على أهل الإصلاح و الميل لتدارك صالح الشعب ، و لذا على الشعب الجنوبي أن يشرع في تنظيم نفسه ، ليقود بنفسه معركة التغيير ؛ فالخطأ الذي وقع فيه الشعب طوال السنوات الماضية و التي ترجع إلى العام ٢٠١٨م هو كونه أوكل مهمة إجراء الإنتخابات إلى الحكومة فقط ، و جعلها مسألة حكومية بحتة ، لا يد ، من قريب أو بعيد للشعب فيه ، و الحصاد كان : المماطلة في التنفيذ ؛ فكل مرة تؤجل لمدة عامين ، نعم ، و الان الشعب صار : أفقر شعب في العالم ، و صار : أذل مواطن على وجه الأرض في موطنه ؛ حيث يشتغل تحت الأجنبي في بلاده ، لأن الحكومة فشلت في توفير حاجياته الأساسية : التعليم بيد المنظمات الدولية ، الصحة بيد المنظمات الدولية ، الغذاء بيد المنظمات الدولية ؛ كذلك الكهرباء و المياه ، بيد الشركات الأجنبية ، الحكومة فشلت حتى في الإيفاء بأبسط حق من حقوق المواطن وهو : بند المرتبات و التسيير ، حيث يطالب الشعب حكومته بمرتبات أكثر من أثني عشر شهر ؟ هل يعقل أن يكون حصاد الإستقلال أن يكون وضع المواطن الجنوب سوداني أكثر سوءاً بثلاث أو أربع مرات من وضعه قبل الإستقلال ؟ فما الفائدة إذن من الإستقلال؟ الشعب الروسي عندما كان يعاني في ما قبل و ما بعد تمزق الإتحاد السوفيتي أعاد تنظيم نفسه ، و رشح فلادمير بوتين لمعركة الإصلاح السياسي و الاقتصادي ، فنجح في ذلك ، مع أن التغيير كان قد جاء ، وهو مقبل على عمره الخمسين ، أي كان معاصرا لجزء من معاناة الشعب الروسي مع الحكومات الفاسدة و العاجزة ، و كذلك عندما إنتظمت تركيا خلف حزب العدالة والتنمية التركي لقيادة التغيير ، و سلمت القيادة لرجب طيب اردوغان ، كان أيضاً في بدايات الخمسينيات من عمره ، أي عاصر عدداً من الحكومات العسكرية الفاسدة المتعاقبة على تركيا ، فالشعب في أي مرحلة من مراحل نموه الحضاري ، لا يخلو من الرجال الإصلاحيين الأكفاء ، و لكنه يحتاج فقط إلى تنظيم صفوفه ، و ترتيب قواعده للوصول إليهم ، و بعد ذلك إعطائهم الفرصة ، فعلى الشعب الجنوب سوداني إدراك أن أمثال د. جون قرنق أو من هم أفضل منه ، هم موجودين في صفوفه ، فحواء الجنوب سودانية ولادة ، لم تعقم أو تتوقف عن الولادة بعد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة