في خطوة غير مسبوقة بتاريخ السودان ، تم إعلان حكومة تأسيس الجديدة من مدينة نيالا ، حاضرة ولاية جنوب دارفور . هذه الحكومة تمثل نقلة نوعية في مسار الحكم في السودان وتجربة جديدة يحب أن تمنح الفرصة للدراسة والتقييم ، لأنها أول حكومة تنطلق من أطراف البلاد وتضم في تركيبتها قوى الهامش المختلفة ، بمشاركة قومية واسعة تمتد من جنوب كردفان إلى الشرق والشمال والوسط والنيل الأزرق .
المميز في هذه الحكومة أنها لم تُبْنَ على مفاهيم المركزية القديمة التي حكمت السودان منذ الاستقلال ، وإنما جاءت لتعكس واقع السودان المتنوع ، وتستجيب للمطالب التاريخية بالمساواة والعدالة والتنمية . وقد شاركت في تشكيلها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو ، إلى جانب ممثلين من الشرق والشمال والوسط والنيل الأزرق ، في صورة تجسد الوحدة القومية للسودانيين بعد سنوات طويلة من الانقسام والتهميش .
ما يجعل هذا التطور لافتًا هو أن الحكومة وُلدت خارج المركز ، في قلب دارفور ، بعد إعلان نيروبي الذي وضع أسسًا جديدة لإعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس عادلة . هذه الخطوة حملت رمزية كبيرة ، ورسالة واضحة بأن مناطق الهامش صارت صانعة للقرار ولم تكن تستكين لدور الضحية للقرارات التي تصنعها المركز وتعتب مبادِرة في رسم مستقبل السودان .
ستتمتع الحكومة الجديدة بدعم إقليمي ( معلن أو غير معلن ) مهم من دول مثل الإمارات وتشاد وكينيا وليبيا ( تيار حفتر ) ، إلى جانب تواصلها مع الاتحاد الأوروبي وغيرها من دول العالم . هذا الدعم يعزز من فرص نجاحها في ظل غياب سلطة مركزية مستقرة بسبب الحرب وتنازع أطراف السلطة في بورت سودان ، لكنه في الوقت نفسه يضع على عاتقها مسؤولية الحفاظ على استقلال قرارها الوطني ، وتوازن علاقاتها الخارجية .
نجاح هذه الحكومة تعتمد على قدرتها في تحقيق الأمن والخدمات ، والاستماع للمواطنين ، والعمل على إنهاء الحروب والانقسامات ، وبناء مؤسسات تمثل كل السودانيين بعدل وشفافية كنموذج مفقود منذ الاستقلال .
اليوم أمام السودان فرصة تاريخية نادرة لبناء نظام جديد ينطلق من الهامش لصناعة المركز الذي يشترك فيه الجميع ويعتمد على الشراكة لا الهيمنة ، وعلى التعدد لا الإقصاء . وإذا استطاعت هذه الحكومة الوفاء بوعودها فقد تفتح الباب لمرحلة جديدة من السلام والاستقرار والوحدة الحقيقية في البلاد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة