بقلم الطيب الزين كاتب وباحث في قضايا القيادة والاصلاح المؤسسي
في ظرف اقليمي بالغ الحساسية نكتب هذا المقال من باب النصح الصادق لا من باب العداء. الشعب السوداني لا يحمل ضغينة تجاه الشعب المصري بل يتمنى له الاستقرار والازدهار. لكننا نرفض ان يتدخل نظامه في شؤوننا الداخلية او ان يدعم دعاة الحرب الذين يرفضون وقف القتال وتحقيق السلام. بعد تحرير مدينة الفاشر يوم الاحد الماضي من قبضة جماعة " *بل بس* " يكون السودان قد دخل مرحلة جديدة من اعادة التوازن العسكري والسياسي على الارض. هذه الخطوة ليست مجرد انتصار ميداني بل هي اعلان واضح بان ارادة الشعب السوداني اقوى من مشاريع الهيمنة وان زمن التبعية قد انتهى. وجماعة " *بل بس* " هم فلول النظام السابق الذين سرقوا اموال الشعب السوداني طوال ثلاث عقود مظلمة واكثر. وقد انضم اليهم قادة حركات الارتزاق الذين لا يفكرون الا في جني الاموال من وراء الحرب اللعينة. بينما يدفع الضحايا الاثمان الباهظة من دمائهم وكرامتهم وامنهم. وفي هذا السياق تداولت منصات اعلامية منشورا منسوبا للجيش المصري يقول ان مصر ستتدخل عسكريا في السودان اذا حررت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر. هذا المنشور ان صح فهو مؤشر خطير على نوايا عدوانية لا تخدم مصالح الشعبين بل تهدد امن المنطقة وتفتح ابواب الفوضى والتدخلات الخارجية. نذكر مصر كشعب ونظام ان الفاشر ارض سودانية خالصة. وان السودان دولة مستقلة ذات سيادة لا وصاية لاحد عليها. وان اي تدخل في شؤونه الداخلية سيقابل برفض شعبي واسع ويعتبر عدوانا مباشرا على كرامة السودانيين وارادتهم الحرة. ان اي مغامرة من النظام المصري في السودان ستكون مقامرة خطيرة لا تهدد السودان وحده بل قد تفتح ابواب الانهيار على مصر نفسها دولة ونظاما. فالسودان اليوم ليس كما كان بالامس وشعبه لم يعد يقبل التبعية او الاستغلال او الاستغفال. ان السلام في السودان ليس مكسبا للسودانيين وحدهم بل هو مكسب لمصر وللمنطقة كلها. فاستقرار السودان يفتح افاقا واسعة للتعاون الاقتصادي والتكامل الزراعي والتبادل التجاري. ويمنح مصر عمقا استراتيجيا آمنا ومستقرا بدلا من حدود مشتعلة بالحرب والدمار. مصر تربح في السلام اكثر مما تربح في الحرب. فالتعاون مع السودان في اطار من المصالح المتبادلة والمنافع المشتركة يفتح ابواب التنمية ويعزز الامن الاقليمي ويغلق منافذ الفوضى والانهيار. اما دعم معسكر الحرب فلن يؤدي الا الى عزلة سياسية واخلاقية ويضع مصر في مواجهة مع شعب السودان كله. لذلك على مصر كدولة ونظام وعلى المحيط الاقليمي والدولي دور كبير منوط بهم الاضطلاع به لوضع حد للحرب اللعينة وتحقيق السلام الذي تتبعه فوائد جمة للشعبين السوداني والمصري وشعوب المنطقة والعالم. المطلوب هو ان تلعب مصر دورها المنوط بها كدولة جارة. وان تفكر في فوائدها من وراء تحقيق السلام في السودان بدلا من التورط اكثر لخدمة تجار الحرب. لقد انتهى زمن الهيمنة وبدأ زمن الشعوب الحرة. السودان للسودانيين وسيظل كذلك. ومن يراهن على غير ذلك فليستعد لدفع الثمن سياسيا واخلاقيا وتاريخيا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة