من الغباء ان تكرر ذات التجربة، وتنتظر نتيجة مُختلفه.
بعيداً عن السيادة، وإستغلال العاطفة، و إلهاء البسطاء بشعارات جوفاء شربنا منها لثلاثة عقود، ولم نجني شيئ سوى القتل، والدمار، والنهب الممنهج لثروات البلاد، ومقدراته.
بالعقل نحن كشعب فشلنا منذ الإستقلال في ان ننشيئ دولة محترمة، يعيش الإنسان فيها حراً كريما، وظللنا نجرب ذات تجاربنا الفاشلة، فأهدرنا ثلاث ثورات، حيث اصبحنا لا نمتلك رفاهية الخيارات.
السودان يمر بتعقيدات كبيرة، وتزداد إتساع رقعتها يوماً بعد يوم، لأن الامر السياسي قاعدته الاساسية عندنا هي الإستقطاب الديني، او الطائفي، او القبلي، او الجهوي.
اثبتت ثورة ديسمبر بُعد المسافة بيننا وبين الدولة القومية التي تستوعب كل اشكال المجتمع، وإنعكس ذلك في ترهل عملية السلام، التي لم تبارح مكانها بعد، حيث لم يجلس الجميع في مائدة واحدة برغم الثورة، ويُعتبر الجميع شركاء فيها.
*لا نُنكر ان هناك خلل كبير في القوات المسلحة، وهي عبارة عن ملعب للإسلاميين حتي تاريخه، ولم تكن هناك خطوات جادة لهيكلتها، وإعادتها الي وضعها الطبيعي، و الثورة في عامها الثاني.
*الكل يعرف مدى قوة، ونفوذ مليشيات الدعم السريع، قبلية المنشأ، والتكوين، والتداعيات التي اوجدتها، فلابد من علاج هذا الوضع الشاذ ضمن قوات مسلحة قومية، تقف علي مسافة واحدة من الجميع.
* هناك عدد كبير من الحركات المسلحة التي نشأت نتيجة للمظالم التاريخية، والتهميش، وهي نشأت علي اسس قبلية، و جهوية تُعتبر ظاهرة لأمراض الدولة الوطنية بعد الإستقلال.
جميعنا لا نملك الشجاعة الكافية لفتح هذه الملفات، وحسمها بشكل جذري، ونهائي، تحت مظلة دولة واحدة، بمؤسسات قومية، تمثل الجميع بالتراضي في حب، وسلام، وعيش مشترك.
عندما تغيب الدولة، يلجأ الناس للتجمعات، او حواضن توفر لهم الحماية، والطمأنينة، فيلجئون الي الدين، او الطائفة، او القبيلة، او العشيرة، و من المؤكد يتضائل نفوذ الدولة حتي التلاشئ امام هذه الحواضن، التي لا يمكن ان تتسق مع مبادئ الدولة المدنية.
اعتقد نحن جميعاً بحاجة لطرف يساعدنا لنخرج من هذه الازمة، التي تُنذر بزوال الدولة السودانية.
البند السادس هو عبارة عن بعثة دبلوماسية لا علاقة لها بأي عمل عسكري، لا من قريب، او بعيد.
الهدف الاساسي هو دفع الاطراف المتنازعة للجلوس، وتسوية الخلافات بطرق سلمية.
آليات البند السادس..
* التفاوض المباشر بين الاطراف
* التوافق بين الاطراف
*الوساطة بين المتنازعين
*التحكيم بين المتنازعين
*التقاضي
لم يكن ضمن آليات البند السادس اي ذِكر لقوة عسكرية، او إستخدام قوة.
اعتقد هناك فرصة تاريخية لتسوية قضايا السوداني المتراكمة، والتي اصبحت عصية علينا في حدود الإطار الوطني، الذي يحتاج إلي شريك بحجم الامم المتحدة، ليضع جميع الاطراف امام مسؤولياتهم، و ان يحمل الجميع الامر بمحمل الجد دون تلكؤ، او مماطلة، ونستطيع الإستفادة من إمكانيات الامم المتحدة، وتطويعها حسب حاجتنا لها.
اعتقد هناك اطراف، ستتضرر من تسوية قضايا هذا البلد الذي انهكت إنسانه الحروب، وإفرازاتها من جوع، وفقر، ومرض، برغم موارده الهائلة، وإمكانياته الضخمة.
هناك من يُريد التجارة بمآسي هذا الشعب، ويرى الحل في إطاره الضيِّق، طمعاً في السلطة، والنفوذ، والمال.
اعتقد الثلاثين سنة الماضية خير دليل علي الفشل، الذي قاد جزء عزيز علينا إلي تقرير المصير، والإنفصال، وذلك لغياب الحلول المتوافق عليها، و المُرضية لجميع الاطراف في إطار الدولة الوطنية، التي تعتمد المواطنة علي اساس الحقوق، والواجبات.
اعتقد الخطأ الذي وقعت فيه حكومة حمدوك لم تقم بتنوير الشارع بهذه القضية بشكل واضح، فجعلت الباب موارباً لأصحاب الاجندة، وضعاف النفوس لتفسير الامر علي اهوائهم، في تجهيل الناس، وشحنهم بالعاطفة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة