نبوخذ نصر الثاني (حكم 605– 562 ق.م) وهو تحديدا من أخترع اليهود بقلم:Tarig Anter

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 10:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-30-2021, 03:16 AM

Tarig Anter
<aTarig Anter
تاريخ التسجيل: 03-24-2015
مجموع المشاركات: 797

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نبوخذ نصر الثاني (حكم 605– 562 ق.م) وهو تحديدا من أخترع اليهود بقلم:Tarig Anter

    03:16 AM May, 29 2021

    سودانيز اون لاين
    Tarig Anter-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    نبوخذ نصر الأول (1126 - 1103 ق م) هو الملك الرابع من فترة ايسن الثانية والعصابة الرابعة الحاكمة لبابل تولى الحكم لمدة 23 سنة وهو من الكيشيين المتأخرين وليس من السومريين. والكيشيين هم من الهكسوس المطرودين من مصر ومنهم ايضا العبرانيين والميتاني ومكارب اليمن السبئيين. وفي ذلك الزمن لم يكن يوجد يهود بينما قبائل بني اسرائيل كانوا موجودين في القرن الافريقي من قبل 800 سنة

    نبوخذ نصر الأول ليس هو نبوخذ نصر الثاني «نبوخذ نصر الكبير» الملك الكلداني الذي حكم حوالي سنة 600 ق م والذي ذُكر في العهد القديم في التوراة العبرية التي حلت محل توراة موسي عام 580 ق م. وليس بين نبوخذ نصر الأول ونبوخذ نصر الثاني اي علاقة سوي ان كلاهما من الهكسوس الذين احتلوا بابل وحاربوا السومريين الشعب الأصلي فيما يعرف بالعراق ليوم. ونبوخذ نصر الثاني تولى الحكم بعد وفاة والده نينورتا اوكين شومي وخلفه في الحكم ابنه إنليل نادين أبلي.

    حكم نبوخذ نصر الثاني من 605 ق.م – 562 ق.م وهو تحديدا من أخترع اليهود وهذا جاء بعد معركة كركميش الكارثية التي غيرت المنطقة بالكامل واسقطتها كليا في يد العصابات المتفرعة من الهكسوس في 605 ق م. وفي معركة كركميش دمر التركمنغول والعموريين وهما معا الهكسوس آخر سلطة وطنية للسومريين وكانت الامبراطورية الاشورية الحديثة (بقيادة الملك آشور أوباليط الثاني آخر ملوك الإمبراطورية الآشورية الحديثة) كما بدء معها السقوط السريع للحكم الوطني في مصر الذي انتهي عام 343 ق م بسقوط الأسرة 30 أمام الاخمينية الفارسية وهم أيضا مرتبطين بالهكسوس الذين طردتهم مصر عام 1523 ق م

    معركة كركميش ونهاية الإمبراطورية الآشورية الحديثة وتاريخ الملك نخاو الثاني للأسرة المصرية 26 (من صا الحجر محافظة الغربية) وتكوين العبرانيين الهكسوس في جنوب اوغاريت في ذلك الوقت يوضحوا حقيقة وميعاد ظهور اليهود لأول مرة. كما أنهم لا يشيروا لوجود اليهود وان ذكرت الكتب وجود ما يدعي مملكة واسمها يهودا ومن المفترض انه كان لها عاصمة قائمة اسمها القدس وهي موقع هيكل سليمان وكنوزه الغير مكتشف. ويضاف للارتباك القول بأن المملكة الأكبر والتي من المفترض أنها ضمت 10 قبائل هم غالبية بني إسرائيل وكانت عاصمتها السامرة اختفت تماما بشعبها عام 720 ق م وهو أمر محير يستحيل تصديقه

    الأكديون هم عصابات تركمنغول من حول جبال الطاي شرق كازاخستان وغرب منغوليا وشمال الايغور. غزو واحتلوا سومر عام 2334 ق م وطردهم السومريين عام 2154 ق م فاختلطوا وتحالفوا مع العموريين بدو الشام والاردن والعراق الذين سبق لهم ان غزو مصر وتسببوا في فترة الانحطاط المصري الأول لمدة 126 سنة (2181– 2055 ق.م). ثم غزت عصابات التركمنغول مع البدو العموريين مصر عام 1670 ق م وعرفوا فيها بالهكسوس. وطردهم المصريين عام 1523 ق م. وبعد طردهم من مصر كونوا عصابات العبرانيين والكيشيين والميتاني والمكارب. وتلك العصابات اصبحت اسمائهم اليهود والبابليين والكرد والسبئيين عام 600 ق م بعد معركة كركميش وهزيمة تحالف جيوش الاشوريين والمصريين.

    لذلك اليهود هم عبرانيين من الهكسوس وليسوا ابدا بني اسرائيل الذين حملوا هذا الاسم منذ 1900 ق م. والعموريين هم بدو أعراب ومكارب سبئيين وليسوا ابدا عرب. فالعرب هم أصحاب حضارات دلمون وماجان وملوحا في الشرقية والحجاز واليمن والذين ذكرهم السومريين كجوار صديق وشركاء. واحتلال وجاهلية الاعراب البدو العموريين لشبه الجزيرة العربية منذ طرد الهكسوس من مصر في 1523 ق م هو الذي ادخل ونشر في العرب ممارسات البدو. فأطلق العموريين علي العرب صفة بدو وأنتحل الاعراب البدو هوية عرب. https://wp.me/p1TBMj-1gUhttps://wp.me/p1TBMj-1gU

    شخصية نبوخذ نصر الثاني من عدة جوانب كما جاء بموقع الأقباط اليوم https://www.coptstoday.com/Archive/Detail.php؟Id=1358https://www.coptstoday.com/Archive/Detail.php؟Id=1358

    نبوخذ نصر الملك العظيم :

    كان نبوخذ نصر ملكاً على بابل مدة ثلاثة وأربعين عاماً ما بين عام 605 إلى 562 ق . م ، وكان أبوه مؤسس الدولة الكلدانية ، وكان هو فى حياة أبيه قائداً للجيش ، وسمع عن موت أبيه ، وهو فى المعارك الحربية ، وعاد عام 605 ق . م إلى بلاده ليعتلى العرش ، ... وبالمقاييس البشرية كان هذا الرجل أعظم رجل فى عصره ، وقصته تصلح أن تكون نموذجاً وعبرة لمن يريد أن يتعلم ويعتبر ، لقد بلغ من القوة ما لم يكن له نظير فى جيله ، ولعله وصل إلى إحساس الإسكندر الأكبر ، عندما اكتسح امامه الممالك ، وبلغ به الاعتداد والغرور ، أنه ليس من طينة الناس بل من طينة أخرى ، وعندما نزف جرح من يده ذات مرة ، تعجب كيف ينهمر الدم من يده ، كما ينهمر من سائر البشر !! وإذ اكتسح نبوخذ نصر جميع الممالك التى كانت تحيط به ، وقهر أعظم دولتين ، وهما آشور ومصر ، فى عصره ، رأى نفسه الشجرة " التى كبرت وقويت وبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى كل الأرض ، وأوراقها جميلة وثمرها كثير ، وفيها طعام للجميع ، وتحتها سكن حيوان البر ، وفى أغصانها سكنت طيور السماء " " دا 4 : 20 و 21 " . وللعظمة التى أعطاه اللّه إياها : " كانت ترتعد وتفزع قدامه جميع الشعوب والأمم والألسنة فأياً شاء قتل ، وأيا شاء استحيا ، وأيا شاء رفع وأيا شاء وضع " " دا 5 : 19 " .

    على أن عظمة نبوخذ نصر كانت تكمن فى شئ آخر ربما كان أهم وأعظم ، إذ كان بناء عظيماً ... وإذا كان أوغسطس قيصر قد قال عن روما أنه استلمها مبانى من الطوب ، فحولها إلى مبان من الرخام ، ... فإن نبوخذ نصر جعل من بابل مدينة من أعظم المدن التى شيدت فى كل العصور ، ويكفى أنه صنع ما أطلق عليه " حدائق بابل المعلقة " والتى كانت واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة ، ... كان نبوخذ نصر ، وهو يجمل بابل ، يريد أن يعيد الجنة القديمة - والتى كان نهر الفرات واحداً من أنهارها العظيمة - مرة أخرى فى عاصمة ملكه ، ... ولقد أنفق عليها ببذخ مما أخذ من الغنائم التى استولى عليها ، والأسلاب التى وصلت إلى يده !! ..

    وقد أعطى لبابل إلى جانب هذين الأمرين - حياة اللذة والمتعة فكانت هناك الأطايب التى تحفل بها مائدته ، ومائدة الكثيرين من شعبه ومواطنيه ، كانت بابل مدينة مغنية راقصة ، تضحك موائدها على أنغام الصنوج والموسيقى الحلوة الجميلة الناعمة !! ..

    نبوخذ نصر الملك المجنون :

    هذا الجنون الحيوانى الذى أصاب الملك فى السنين الأخيرة من حكمه ، لم يكن فى واقع الحال إلا انعكاساً لطبيعته الداخلية المجنونة ، وكما يعبث الجنون بالإنسان خفية ، قبل أن يظهر أمام الناس ، هكذا امتلا نبوخذ نصر من الجنون الذى ظهر فى أعماله قبل أن يطرد مع الحيوان ، ويعيش مطروداً كواحد من السائمة ... لقد أصيب الرجل أولا : بجنون القوة ، ... والقوة إذا امتلأ بها الإنسان ، لا تصبر على التفكير أو تعيش بالمنطق ، أو تقبل الحجة العقلية ، ... وليس أدل على ذلك مما فعله مع حكماء بابل ، عندما حلم حلماً ، فانزعج وطار عنه نومه ، ويبدو أنه نسى الحلم ، ومع ذلك يريد تفسيره ، وهو يطلب من المجوس والسحرة والعرافين أن يخبروه بالحلم وبتفسيره ، وإلا يمزقون إرباً إرباً وتصبح بيوتهم مزبلة ، والذى يفسر الحلم يعطيه الهدايا والحلاوين ، ويكرم إكراماً عظيماً !! ولم يكن أمام هؤلاء جميعاً إلا الإجابة بالقول : " ليس على الأرض إنسان يستطيع أن يبين أمر الملك . لذلك ليس ملك عظيم ذو سلطان سأل أمراً مثل هذا من مجوس أو ساحر أو كلدانى ، والأمر الذى يطلبه الملك عسر ، وليس آخر يبينه قدام الملك غير الآلهة الذين ليس سكناهم مع البشر . لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جداً ، وأمر بابادة كل حكماء بابل " " دا 2 : 10 - 12 " ... والحقيقة أن البشر عندما تقوى أذرعهم يقل اتجاههم إلى العقل أو التفكير أو المناقشة الهادئة الواعية، هنا يصاب الإنسان بجنون الوحش الذى يتصرف بقانون الغاب ، إن صح أن للغاب قانوناً ، ... وقد قيل إن اللّه إذا أراد أن يقضى على إنسان أصابه بجنون القوة !! ... كان من المستحيل على نابليون أن ينطق بالحكمة التى وصل إليها قبل أن يذهب إلى جزيرة سانت هيلانة ، وهناك حاول الجنزال برتران - الذى نفى معه - أن يتملقه مشبهاً إياه بالقواد الأقدمين وصناع الأديان ، والمسيح ، وعندما استمع نابليون إلى اسم المسيح لم يطق صبرا وصاح على الفور : " إننى أعرف الناس وأستطيع أن أقول إن المسيح يسوع لم يكن مجرد إنسان ، والعقول السطحية وحدها هى التى تحاول أن تجعل شبهاً بين المسيح وآلهة الأديان الأخرى وهذا الشبه منتف وغير موجود على الإطلاق ، إذ كل ما فى المسيح يسحرنى ، ولا يمكن أن يقارن به أحد فى العالم كله إذ هو كائن بذاته ، فميلاده وتاريخ حياته ، وسحر وروعة تعاليمه ، التعاليم التى تجابه أضخم المشكلات بأروع الحلول ، وإنجيله وإمبراطوريته وتمشيه فى موكب العصور ، كل هذه تستولى على بسحر أخاذ لا أستطيع تجنبه ، وهنا لا أرى شيئاً بشرياً ، ولثلاثة قرون من الزمان نشب صراع رهيب بين الروح والعواطف الوحشية ، وبين الضمير والطغيان ، وبين النفس والجسد ، وبين الفضيلة والرذيلة ، وسالت دماء المسيحيين أنهاراً ، ولكنهم كانوا يموتون ، وهم يقبلون اليد التى تذبحهم ، وفى كل مكان سقط المسيحيون ، وفى كل مكان انتصروا أيضاً ... إنك تتحدث عن قيصر والإسكندر ، وأعمالهما من غزوات وفتوحات ، وعما كانا يثير ان فى قلوب جنودهما من الحمية والحماس ، لقد شاد قيصر والإسكندر وشرلمان وأنا امبراطوريات عظيمة ، ولكن علام كانت عبقرياتنا جميعاً تعتمد ؟ ... على القوة !! . أما يسوع فقد شاد إمبراطوريته العظيمة على المحبة ، وإلى هذا اليوم يموت الملايين من أجله ، وأية هوة واسعة بين بؤسى العميق ، وحكمه الخالد. الحكم الذى ينادى به ويحب ويمجد وينتشر فى الأرض كلها !! .. "

    لم ينطق نابليون بهذا كله . وهو يقود جيوشه الزاحفة على أوربا ، بل عندما وصل إلى المنفى مجرداً من كل قوة !! ..

    امتلأ نبوخذ نصر بجنون الثروة ، جنون الإنسان الذى يملك القصور ويطل من فوقها على بابل ، المدينة الفنية الممتلئة بالعز والبهاء ... وإذا كثرت الثروة فربما تجعل الإنسان مجنوناً لا يستطيع أن يعقل أو يفكر ... وويل للإنسان إذا أصيب بجنون الثروة..

    فى قصة للكاتب الفرنسى " أندريه موروا " تحت عنوان " لغة الذهب " يتحدث عن رجل وامرأة جمعاا مبلغاً كبيراً من المال ، وجاءتهما هذه اللعنة " فهما لا يعرفان النوم ليلا أو نهاراً خوفاً على الذهب ، وهما يخافان أن يضيع أو ينقص أو يفقد ، وهما يفكران فى أن ينقلا ثروتهما إلى سويسرا ، ثم إلى هولندا ومرة أخرى إلى إنجلترا ، فأمريكا !! ... وهما لا يعلمان ، هل يحولانه إلى فرنكات ، أم أن الاسترلينى أفضل أم الدولار ؟ ، ... وينتهى بهما الأمر إلى الذهاب إلى امريكا ومعهما الثروة بالدولار ، وهما لا يطمئنان إلى البنوك ، ويعيشان فى غرفة فى فندق ، وتجلس الزوجة نصف الوقت لتحرس المال ، والرجل النصف الآخر ، وآخر الأمر تموت المرأة بجانب الذهب ، ويجلس الزوج سجيناً حتى يلحقها .. مع لعنة الذهب !! ..

    ولا ننسى أن نبوخذ نصر كان عنده جنون آخر اسمه جنون المتعة ، وقد كان من سياسته الإمبراطورية أن يجمع من مختلف الأجناس الشباب من الطبقات الشريفة العالية ، فى مدرسة يتعلمون فيها أعظم العلوم فى ذلك العصر ، وكان من أهم ما يشترط فيهم أن يكونوا حسان المنظر فتيان بلا عيب ، تقدم لهم أشهى الأطعمة ، أو ما يطلق عليه " أطايب الملك " ... لكن " دانيال " رأى فى هذه الأطايب " النجاسة " بأكملها ، فإذا كانت الأطايب وخمر مشروب الملك تعطى لهولاء ، فكم بالأولى الملك نفسه وقصره !! وطابع الشهوانية والمجون ، الذي يلاحق الكل ، ... وما دخل المجون أمة أو شعباً إلا وأصابه بالجنون ، مهما قيل إنه شعب متحضر ، ويكفى أن النساء كن يعدونه شرفاً ما بعده شرف أن يلحق بقصور لويس الرابع عشر ، ليتمرغن فى أحضان الأثم والفجور والرذيلة !! ... وكان الجنون الواضح الأخير جنون العبقرية ، ولعلك تستطيع أن تلاحظ هذا ، والملك يردد فى نفسه فوق القصر الملكى : " أليست هذه بابل العظيمة التى بنيتها لبيت الملك بقوة اقتدارى ولجلال مجدى " !!! ؟ " دا 4 : 30 " فإذا قالوا إن هناك شعرة رقيقة دقيقة تفصل بين العبقرية والجنون ، فإننا نعلم أن العبقرى الذى لا يستطيع أن يتضع فى حضرة اللّه ، مدركاً أن ما وصل إليه من معرفة أو علم ليس إلا عطية من اللّه لا فضل له فيها ، … وأن ما وصل إليه هو على حد تعبير " البرت شويتزر " أكبر عالم فى عصرنا الحاضر لم يصل إلى أكثر من سبع فى المائة من عشرة ألاف مليون من بحر المعرفة العظيم !! … لكنه الجنون الذى يصيب العلماء أو أدعياء العلم !! وينبغى أن ندرك هنا ما قاله أحدهم : لا تصور أن نبوخذ نصر كان فريداً فى هذا ، إذ أن فى أعماق كل واحد منا نبوخذ نصر آخر ينهض وهو ينسب إلى نفسه ، ما كان ينبغى أن يذكره بالشكر أمام اللّه ، … فيوم تنجح حاذر أن تقول هذه بابل التى صنعتها باقتدارى وقوتى ولجلال مجدى ، … ويوم تتفوق على زميل أو جار أو صديق ، حاذر أن يستيقظ فيك نبوخذ نصر ، … حاذر من هذا المارد ، أو الحيوان المجنون الذى إذا تركته ينفلت فى نفسك سيقودك – تدرى أو لا تدرى إلى الجنون المطبق !! ..

    نبوخذ نصر الملك الذليل :

    ضرب اللّه الملك بالضربة القاسية إذ أسقطه إلى مرتبة الحيوان ، أو بالأخرى أعطاه أن يكتشف الصورة التى انحدر إليها من الإنسانية إلى الحيوانية !! .. ولعله من الملاحظ أن اللّه لم يفعل هذا قبل أن يحذره فى الحلم الذى حلمه ، والذى فسره له دانيال عندما قال له : " يطردونك من بين الناس ، تكون سكناك مع حيوان البر ، ويطعمونك العشب كالثيران ، ويبلونك بندى السماء فتمضى عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلى متسلط فى مملكة الناس ويعطيها من يشاء " " دا 4 : 25 " ... ولقد تركه اللّه اثنى عشر شهراً قبل أن يحوله حيواناً يعيش بين الحيوانات !! ... وهل هناك ذل أبلغ من هذا الذل ؟!! .. أن يصبح الإنسان حيواناً أمام نفسه ، ... ومع أن هذه هى القسوة على أشدها لكنها مرات كثيرة ، ما تكون رحمة اللّه ونعمته أن يكشف اللّه لنا الإسفاف الذى وصلنا إليه !! .. فإننى أتصور يعقوب وقد ثاب إلى رشده ، فيهمس لنفسه : إن نفسى تتحول فجاة داخلى إلى ذئب ، ومرة أخرى إلى كلب فى طمعه وحسده وخداعه .. إن قلبى يخبئ القطعة من الطعام التى لا أستطيعع أن آكلها لئلا يأتى آخر ويأخذها ويأكلها،... وتارة أنا أسد ليس فى قدرته وقوته ، بل فى قسوته وعنفه . وطورا أنا حية فى مكرها ، كما وعظ يوحنا المعمدان سامعيه فوصفهم بالحيات أولاد الأفاعى !! وذل نبوخذ نصر أمام أقرب الناس إليه ، ... عندما أصابه هذا النوع من الجنون ، ربما احتمله ابنه أو زوجته بعض الوقت ، واحتمله الخدم أوقات أخرى ، ووربما احتمله الخاصة زمناً إلى الحد الذى لم يعد فيه يحتمل ، فطرد لتصرفاته الغريبة الشائنة القاسية ، أغلب الظن أنه تخيل نفسه ثوراً يخور مع الثيران ، ويأبى إلا أن يأكل أكلها ، ويشرب شربها ، ويتبرز مثلها ، ... على أنه كان أكثر من ذلك إذ ذلت نفسه أمام اللّه ، أعمق الذل ، ولعله قال شيئاً شبيهاً بقول آساف : " وأنا بليد ولا أعرف ، صرت كبهيم عندك " .

    على أية حال لقد ذل الرجل ، وضع فى مكان يمارس فيه هوايته المجنونة ، إذ " طرد من بين الناس وأكل العشب كالثيران ، وابتل جسمه بندى السماء حتى طال شعره مثل النسور ، وأظفاره مثل الطيور !! " .. " دا 4 : 33 " ولعل ابنه والخاصة كانوا يحكمون البلاد باسمه وهو مريض طوال فترة هذا المرض الذى استمر سبعة أزمنة ( فسرها البعض بسبع سنوات كما يذهب يوسيفوس وغيره من الشراح اليهود ، وفسرها آخرون بشهور أو مواسم ، إذ أن الكلمة : " أزمنة " لا تقطع فى التفسير بأنها سنوات " ... ونحن - على أية حال - نرجح أنها فترة غير قصيرة ، كان لابد أن يذل فيها الملك حتى يكون عبره لنفسه ، وعبرة لجميع اللذين يرفعون عيونهم إلى العلاء فى الكبرياء أو الارتفاع أو الشموخ !! ..

    نبوخذ نصر الملك المرفوع :

    هوى به اللّه من القمة إلى القاع ، ومن المجد إلى الهوان ... وعندما وصل إلى القاع وفى الوادى العميق ، وليس على أعلى بقعة فى بابل ، ترفق به اللّه وأحسن إليه ... وفى وادى الاتضاع نستطيع أن نرى اللّه ، وإحسانه وجوده وحبه وعطفه وغفرانه،... قال أحدهم : أرجو أن تلاحظوا أن هذا الرجل الذى وقف على أعلى قمة فى بابل هو الذى جثا أمام دانيال عبد اللّه الحى ... !! .. أو فى لغة أخرى : أنه أدرك أن أكبر مأساة فى حياة الإنسان هى الكبرياء !! كيف لا ، والتغير فى حياة الإنسان يمكن أن يتم فى لحظة واحدة مفاجئة !! .. والمرتفع فى الأعالى يمكن أن يهوى إلى القاع ، ... والمدوس من أقدام الناس يمكن أن يصعد من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ، والمريض يصح ، والصحيح يمرض ، والغنى يفتقر ، والفقير يغتنى ... أو كما صلت حنة قديمـــــا : " فرح قلبى بالرب ارتفع قرنى بالرب اتسع فمى على أعدائى لأنى قد ابتهجت بخلاصك ، ليس قدوس مثل الرب لأنه ليس غيرك ، وليس صخرة مثل إلهنا ، لا تكثروا الكلام العالى المستعلى ولتبرح وقاحة من أفواهكم . لأن الرب إله عليم وبه توزن الأعمال . قسى الجبابرة انحطمت والضعفاء تمنطقوا بالبأس الشباعى آجروا أنفسهم بالخبز ، والجياع كفوا ، حتى أن العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت . الرب يميت ويحى . يهبط إلى الهاوية ويصعد . الرب يفقر ويغنى ويرفع ، يقيم المسكين من التراب يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملكهم كرسى المجد !! " "1 صم 3 : 1 - 8 " فإذا كان الأمر كذلك فإن من الحماقة أن يتعالى الإنسان ويرتفع ، ومن الأولى به أن يرى نفسه مع داود كلباً ميتاً ، برغوثاً ، لأن الأرض كلها بجميع سكانها ليست إلا مجموعة من الجندب أمام اللّه !! ... ويوم يدرك هذا ، فهو فى الطريق إلى الصعود أمام اللّه ، لأن اللّه يقاوم المستكبرين ، أما المتواضعون فيعطيهم نعمة !! .. " 1 بط 5 : 5 " وإلى جانب هذا رفع نبوخذ نصر عينيه نحو السماء فى ذلة وانكسار ، وفى تلك اللحظة عاد إليه عقله ، .. وفى الواقع أن هناك علاقة دائمة بين التوبة والتعقل ، وبين الجنون والتمرد على شخص اللّه ، ... والتوبة فى المعنى الصحيح ليست إلا رجوعاً إلى النفس والعقل ، ألم يقل المرنم : تفكرت فى طرقى ورددت قدمى إلى شهاداتك " " مز 119 : 59 "... وألم يرجع الابن الضال إلى نفسه وهو يفكر فى الفرق البعيد بين ماضيه وحاضره ، والرجوع إلى العقل فى كل أوضاع الحياة يرد أقدامنا إلى الطريق الصحيح ، متى انحرفنا هنا أو هناك فى السلوك أو العمل أو التصرف !! .. وليست التوبة وحدها هى التى ردت نبوخذ نصر مع الاتضاع الكامل ، بل لعلها الصلاة ، ولا أعلم إن كان قد صلى بشفتيه ، أم صلى فى صمت بعينيه ، ولكنه على أية حال رفع عينيه نحو السماء ، ... وأشفق اللّه على البائس المجنون ، ورد إليه عقله !! ..

    ما أجمل أن يربط الرجل بين " عقله " و " السماء " ! فلا يرى شفاءه مجرد صدفة أو بسبب دواء أو طبيب أرضى ، أو حتى آلهته التى تعود أن يتعبد لها ، أو يتصور أنها تنجده وتعينه ، لقد استعصى داؤه على الجميع ، حتى جاءه شفاء اللّه من السماء،... ومع أننا لا نعلم مدى ما كان له من وعى وقتى خلال أزمنة مرضه ، إلا أنه يبدو أنه أدرك مدى المهانة التى كان عليها ، وهو يذكر فضل اللّه ورحمته عليه ، إذ لم يرجع إليه عقله فحسب ، بل أعاد إليه أيضاً جلال ملكه ومجده وبهاءه ، حيث طلبه مشيروه وعظماؤه ، وتثبت على مملكته وازدادت له عظمة كثيرة ، .. وهو لا يستطيع أن يذكر هذا إلا بالشكر وعرفان الجميل والحمد للّه وتسبيحه ، وهو لا يكتفى بهذا كله ، بل يرسل شهادته للعالم وللتاريخ متحدثاً عن القدرة الإلهية التى تطوى كل شئ ، وتنتصر على كل شئ : " وباركت العلى وسبحت وحمدت الحى إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدى وملكوته إلى دور فدور . وحسبت جميع سكان الأرض كلا شئ وهو يفعل كما يشاء فى جند السمــــاء وسكان الأرض ، ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل !! .. " .. " دا 4 : 34 ، 35 "

    <14 century BC Eastern Mediterranean and the Middle East.jpg>
    <نبوخذ نصر الثاني (حكم 605– 562 ق.م) وهو تحديدا من أخترع اليهود.docx>























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de