الطيب الزين كاتب وباحث في قضايا القيادة والاصلاح المؤسسي
منذ إستقلال السودان ظلت السلطة تدار من قبل نخب مركزية تحتكر الدولة وتقصي الهامش في البداية كانت الهيمنة بيد البيوت الطائفية الكبرى بيت المهدي وبيت المرغني هذه الاسر لم تبن دولة بل بنت إمتيازات وإحتكرت الرمزية الدينية والسياسية وشاركت في إنتاج دولة لا تسع الجميع لكن التحول الأخطر جاء مع صعود الحركة الاسلامية عبر إنقلاب عام ١٩٨٩م ورفعت شعار الدين، و"المشروع الحضاري" لكنها أخفت وراءه مشروعا اجتماعيا عنصريا يقوده *علي عثمان محمد طه* ويستغل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية لخدمة مكونه القبلي ويقصي كل من لا ينتمي اليه حتى شيخه حسن الترابي نفسه. الحركة الاسلامية ليست مجرد تنظيم ديني او سياسي بل هي تعبير عن مصالح طبقة اجتماعية طفيلية تتغذى على الدولة وتمنع تحولها الى دولة مواطنة هذه القوى تشمل البرجوازية الطفيلية التي راكمت الثروات عبر الفساد والامتيازات والنخب الدينية التقليدية التي توظف الدين لتبرير الاستبداد والقيادات العسكرية والامنية التي تحولت الى ادوات قمع لحماية المشروع الطفيلي والتحالفات القبلية النيلية التي ترى في الدولة امتدادا لسلطتها التاريخية هذه القوى هي التي هيمنت على مؤسسات الدولة واشعلت الحرب الحالية للحيلولة دون قيام دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية علمانية *علي عثمان محمد طه* لم يكن مجرد سياسي بل مهندس مشروع الهيمنة العنصرية اقصى الترابي واعاد تشكيل الدولة لتخدم مكونه الاجتماعي والقبلي وظف مؤسسات الدولة من القضاء الى الامن لخدمة مشروعه والحق ابناء المهدي والمرغني بكابينة السلطة لا كمنافسين بل كاتباع ليضفوا شرعية زائفة على نظام الطغيان هذا المشروع لا يعتمد على الرمزية بل على السيطرة المؤسسية والتمكين الاقتصادي والتطهير السياسي ومن اجل الحفاظ على امتيازاته لا يتردد هذا التيار في بيع السودان للنظام المصري او غيره من الانظمة التي تضمن له البقاء في السلطة وهنا لا نقصد كل سكان الشمال بل التيار العنصري الانتهازي الذي يقوده *علي عثمان محمد طه* الذي يرى في السودان مزرعة خاصة لا وطنا للجميع ولا ننسى الوطنيين من ابناء الشمال الذين ناضلوا من اجل دولة تسع الجميع رغم ضعف صوتهم وسط ضجيج الطفيليين الحرب الدائرة اليوم في السودان ليست عشوائية بل مدارة بعناية من قبل *علي عثمان محمد طه* الذي لا يزال يتحكم في مفاصل الدولة العميقة. أما البرهان وعلي كرتي واسامة داؤد وغيرهم مجرد أدوات تنفيذ. االهدف الإستراتيجي *لعلي عثمان محمد طه* هو منع التحول الديمقراطي وابقاء السودان رهينة لمصالح المركز الطفيلي. لذا على الشعب السوداني لا سيما اهل الهامش ان يدرك ان الصراع ليس بين احزاب بل بين مشروعين مشروع الهيمنة العنصرية الذي يتخفى وراء الدين .. ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية العلمانية التي تسع الجميع الوعي هو الخطوة الاولى نحو التحرر. لذا، لا بد من كشف البنية الإجتماعية التي تختبئي وراء الشعارات الزائفة وتفكيك خطاب التضليل السياسي، وبناء مداميك وعي سياسي مدرك لابعاد الصراع السياسي والإجتماعي وقادر على تحقيق بناء الحرية والعدالة والمواطنة والتمثيل الحقيقي. الوعي حول الهامش الى قوة صانعة للتغيير ومصدر أمل فيه تنمو سردية جديدة عن الوطن وعن العدالة وعن الدولة التي تسع الجميع. آن اوان أن نعيد تعريف السودان لا كغنيمة بل كعهد أخلاقي ووعي سياسي ناضج قادر على تجاوز أخطاء الماضي وإتاحة الفرصة امام جميع ابناء وبنات السودان لبناء وطن حر ديمقراطي فيدرالي علماني لا يظلم فيه أحد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة