من بحيري إلى جبريل: وزراء المالية الذين صنعوا أحلام السودان وكوابيسه كتبه ا. محمد سنهوري الفكي الام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-26-2025, 11:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2025, 07:52 PM

محمد سنهوري الفكي الامين
<aمحمد سنهوري الفكي الامين
تاريخ التسجيل: 08-31-2025
مجموع المشاركات: 19

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من بحيري إلى جبريل: وزراء المالية الذين صنعوا أحلام السودان وكوابيسه كتبه ا. محمد سنهوري الفكي الام

    07:52 PM October, 02 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد سنهوري الفكي الامين-UAE
    مكتبتى
    رابط مختصر




    لم يكن منصب وزير المالية في السودان يومًا منصبًا عاديًا، بل ظل دائمًا مقعدًا على صفيح ساخن، تتقاطع عنده السياسة بالاقتصاد، وتنعكس فيه تقلبات الداخل وضغوط الخارج. ومنذ أن جلس مأمون محمد بحيري على كرسي المالية في سنوات الاستقلال الأولى وحتى عهد جبريل إبراهيم في زمن الحرب والانقسام، ظل هذا المنصب بمثابة مرآة صافية تعكس تاريخ السودان كله: أحلامه، وإخفاقاته، ومغامراته الاقتصادية.
    حين تولى مأمون بحيري وزارة المالية، حمل على عاتقه مهمة بناء مؤسسات الدولة الاقتصادية من الصفر. كان الرجل رائدًا في مجاله، أسس بنك السودان المركزي ووضع اللبنات الأولى للسياسة النقدية، وارتبط اسمه بالانضباط والصرامة. لم يكن يملك موارد وفيرة، لكنه امتلك عقلية مؤسسية رصينة، ومن هنا اكتسب لقب “الأب المؤسس للاقتصاد السوداني الحديث”.
    ومع عهد الفريق عبود، تعاقب وزراء على المالية كان أبرزهم أحمد السيد حمد، واستمرت محاولات التوسع في المشاريع الزراعية الكبرى. غير أن الاعتماد على القطن ظل نقطة ضعف قاتلة؛ فعندما هبطت الأسعار تزعزعت مالية الدولة، وظهر أن الاقتصاد غير محصن أمام تقلبات السوق العالمية. أما في الديمقراطية الثانية، فقد برزت أسماء مثل بشير عباس وعبد الرحمن عبد الله، لكنهم كانوا أسرى أزمات سياسية متكررة وعجز مالي مزمن، فكان إنجازهم الأكبر مجرد الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن وسط عواصف الديمقراطية الوليدة.
    ثم جاء عهد جعفر نميري الطويل ليشهد صعود واحد من أبرز وزراء المالية في ذاكرة السودانيين: إبراهيم منعم منصور. تميز منصور بصرامته ونزاهته، وارتبط اسمه بالانضباط المالي والدفاع عن المال العام. لم يكن يخشى مواجهة الرئيس إذا شعر أن القرارات ستدمر الاقتصاد، فكان رمزًا للوزير الذي يضع المبدأ فوق المساومة. لكن حقبة نميري حملت تناقضاتها: بدايةً بالتأميم الذي شل الاقتصاد وأفقده الحيوية، ثم العودة إلى الانفتاح بعد 1977. وبرغم ذلك بقي منصور في ذاكرة الناس كأحد أنظف وأكفأ من تولوا الوزارة.
    بعد سقوط نميري وقيام الديمقراطية الثالثة، برز ميرغني سليمان حمزة، الوزير الهادئ الذي لم يُحدث ضجيجًا لكنه حاول أن يمسك العصا من منتصفها. وجه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية، وعمل على معالجة العجز بوسائل واقعية دون قرارات صادمة. لم تطل تجربته، لكن حكمته واعتداله جعلاه من الأسماء المحترمة في ذاكرة السودانيين.
    ومع وصول الإنقاذ عام 1989، دخل السودان مرحلة مختلفة تمامًا. جاء عبد الرحيم حمدي ليطلق سياسة التحرير الاقتصادي التي غيّرت وجه البلاد. فتح الأسواق، وشرّع الخصخصة، وحرر الأسعار. كان حمدي صاحب رؤية جريئة جعلت الاقتصاد أكثر ديناميكية وربطته بالأسواق الإقليمية، لكن سياساته تركت جراحًا عميقة؛ إذ انهارت الصناعة الوطنية، واتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء. مؤيدوه يرونه مهندس التحول الكبير، بينما يعتبره خصومه صانع الكوابيس التي عاشها المواطن السوداني لاحقًا. إلى جانبه مر على الوزارة وزراء مثل عبد الوهاب عثمان الذي سعى لجذب الاستثمارات الخليجية، وعوض الجاز الذي ارتبط اسمه بطفرة النفط، وهو المورد الذي أنعش الاقتصاد لسنوات قبل أن ينهار فجأة مع انفصال الجنوب عام 2011.
    ما بعد الانفصال كان كارثيًا على المالية العامة. وزراء مثل بدر الدين محمود ومحمد عثمان الركابي واجهوا فجوة الإيرادات الضخمة بفقدان النفط، لكنهم عجزوا عن ابتكار حلول جذرية، فلجأوا إلى الضرائب والاقتراض وطباعة النقود، ما أدى إلى تضخم جنوني أفقد الجنيه قيمته.
    ثم جاءت ثورة ديسمبر 2019 لتفتح باب الأمل. تولى إبراهيم البدوي حقيبة المالية بخلفية أكاديمية ورؤية إصلاحية حديثة. حاول إعادة السودان إلى المجتمع المالي الدولي، طرح خطة لرفع الدعم التدريجي مقابل شبكات أمان اجتماعي، وسعى لتوحيد سعر الصرف. كانت أفكاره طموحة، لكنها لم تجد وقتًا كافيًا ولا بيئة سياسية مستقرة لتنفيذها، فبقيت تجربته غير مكتملة لكنها مثيرة للإعجاب من حيث وضوح الرؤية.
    وأخيرًا جاء جبريل إبراهيم في فترة حرجة. حمل معه إرثه كزعيم سياسي لحركة مسلحة، وحاول أن يثبت أنه قادر على إدارة الملف الاقتصادي. واصل سياسات الإصلاح المالي مثل رفع الدعم وتوحيد سعر الصرف، وأشرف على برنامج “ثمرات” لدعم الأسر. لكن قراراته أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، إذ رآها الناس قاسية على جيوبهم. ومع اندلاع الحرب في 2023، انهارت قدرته على إدارة الاقتصاد، وصارت وزارته تلهث خلف الأزمات بدل أن تضع سياسات للمستقبل.
    من مأمون بحيري إلى جبريل إبراهيم، يبقى تاريخ وزراء المالية في السودان حكاية عن رجال حاول كلٌّ منهم أن يقود سفينة الاقتصاد وسط أمواج عاتية. بعضهم صنع أحلام السودانيين، وبعضهم رسم كوابيسهم، لكن الجامع بينهم أنهم كانوا دائمًا في قلب العاصفة. وفي النهاية، فإن وزارة المالية لم تكن يومًا مجرد حقيبة وزارية، بل كانت دائمًا خط النار الذي يحدد مصير السودان نفسه.

    [email protected]
    UAE
    2/10/2025




    صورة داخلية




    مُرسل من بريد Yahoo لجهاز iPhone























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de