من الطقس إلى الدستور- الإعلان الصادق يفتح أفق دولة السودان الحديثة السودان الجديد: من الطقس الديني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-15-2025, 08:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-01-2025, 00:01 AM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الطقس إلى الدستور- الإعلان الصادق يفتح أفق دولة السودان الحديثة السودان الجديد: من الطقس الديني

    00:01 AM August, 31 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر




    من الطقس إلى الدستور- الإعلان الصادق يفتح أفق دولة السودان الحديثة
    السودان الجديد: من الطقس الديني إلى العقد المدني!

    31/8/2025 خالد كودي، بوسطن

    أولاً: الحدث في سياقه التأسيسي:
    الإعلان الصادق: حين تحرر "القسم" من أسر الكتب السماوية:
    في 30 أغسطس 2025، بمدينة نيالا، أدى القائد عبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان، "الإعلان الصادق" بصفته نائبا لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة "تأسيس"، إلى جانب اعضاء المجلس، وأمام رئيس المجلس الفريق أول محمد حمدان دقلو ورئيس القضاء مولانا رمضان شميلا. لم يكن هذا الإعلان مجرد إجراء بروتوكولي روتيني، بل محطة فارقة في التاريخ السوداني، حيث مثّل تحولاً جوهرياً في مفهوم "القسم الدستوري."

    تكمن فرادة الحدث في ثلاث علامات فارقة:
    - التحرر من الحصر الطقسي في الكتب السماوية: إذ أصبح للمسؤول أن يؤدي الإعلان أو القسم وفق ما يؤمن به من مرجعية دينية، أو قيم إنسانية مدنية، بما يعكس احترام حرية المعتقد وتعدد المرجعيات الروحية والفكرية.
    - النص الجديد على طبيعة الدولة: لأول مرة في تاريخ السودان، يتضمن الإعلان الصادق اعترافاً صريحاً بأن السودان وطن علماني، ديمقراطي، لا مركزي، يقوم على المساواة والمواطنة لا على العقيدة أو الانتماء الإثني.
    - انعقاد الحدث في الهامش لا في المركز: جرى الإعلان في مدينة نيالا، في قلب الهامش السوداني، بينما درجت مثل هذه الطقوس سابقاً أن تُعقد في الخرطوم، بما يعكس تحولاً في مركز الشرعية ومصدر السلطة.
    بهذا المعنى، يمثل الإعلان الصادق لحظة انتقالية تتجاوز ميراث السودان القديم، حيث ظل القسم الدستوري مرتبطاً بالقرآن أو الإنجيل أو التوراة، دون أن يمنع النخب التي أدته من ممارسة القمع والفساد، وسرقة الموارد، وارتكاب جرائم الحرب والإبادة. إنه إعلان يفتح أفقاً جديداً لتأسيس دولة لا تستمد شرعيتها من الطقس الديني، بل من التزامها الفعلي بالعدالة والمواطن

    ثانياً: الإعلان الصادق كفعل تاريخي:
    لم يكن ما قام به القائد عبد العزيز الحلو مجرد ترديد لصيغة قانونية مألوفة، بل فعل سياسي–تاريخي أعاد صياغة علاقة الدين بالدولة في السودان. فمنذ الاستقلال، ظلّت النخب السياسية والدينية تؤدي القسم على القرآن الكريم، وفي حالات محدودة على الإنجيل، دون أن يمنعها ذلك من نهب الثروات، ارتكاب الجرائم، وتشريع القوانين التمييزية. لم يكن القسم الديني عائقاً أمام الفساد، ولا رادعاً عن إشعال الحروب أو ارتكاب الإبادات بحق المواطنين.
    في المقابل، ينقل الإعلان الصادق القسم من مستوى الطقس الشكلي إلى مضمون أخلاقي وسياسي جديد، يعيد الاعتبار إلى معنى الالتزام أمام الشعب، لا أمام النصوص الدينية وحدها. إنه إعلان يؤكد أن المواطنة هي قاعدة الحقوق والواجبات، لا العقيدة الدينية ولا الانتماء الإثني. بهذا يصبح الإعلان خطوة رمزية وعملية معاً، تكسر حلقة التواطؤ التاريخي بين النخب والدين، وتفتح الباب أمام تأسيس دولة حديثة.
    إن الإعلان الصادق الذي أداه الكمرد عبد العزيز الحلو وعدد من الرفاق يتجاوز الشكل الرمزي للقسم ليُؤسس لمفهوم جديد في التاريخ السياسي السوداني: إنه إعلان صريح عن نهاية عهدٍ طالما استُخدم فيه الدين أداة لإدامة السلطة، وفرض القوانين التمييزية، وتبرير العنف ضد المختلفين دينياً وثقافياً.
    وعليه، فإن الإعلان الصادق يُعد محطة مفصلية في تاريخ السودان، إذ يؤكد – لأول مرة – أن المواطنة، لا العقيدة الدينية، هي أساس الحقوق والواجبات. إنه إعلان يساوي بين جميع السودانيين في الكرامة والانتماء، ويؤسس لمرحلة جديدة تتجاوز السودان القديم نحو وطن يقوم على الحرية والعدالة والمساواة.

    ثالثاً: المقاربة التاريخية العالمية
    إن رفع اليد عند أداء القسم أو الشهادة تقليد ضارب الجذور في التاريخ الديني والقانوني والرمزي الإنساني. ففي اليهودية والمسيحية والإسلام ارتبط هذا الفعل بالصدق والوفاء بالعهد، بينما مثّل في أوروبا الوسيطة إعلاناً رسمياً للشهادة أمام القضاء واستدعاءً لقوة الحق. ومع مرور الزمن، تحوّل من ممارسة ذات طابع ديني إلى رمز مدني يجسد الالتزام بالنزاهة والجدية، واقترن بالعدالة باعتبارها قيمة كونية عليا.
    في الأنظمة الحديثة، ولا سيما في الغرب، يُمارس رفع اليد اليمنى عند أداء القسم القضائي باعتباره تعبيراً علنياً للصدق أمام القانون والمجتمع. وقد تبنّت السلطة المدنية للسودان الجديد في الاراضي المحررة هذا التقليد ضمن طقس "الإعلان الصادق"، ليصبح ممارسة دستورية متكررة ذات بعد تأسيسي، تؤكد الانتقال من الطقس الديني الحصري إلى الطقس المدني الجامع. وأدّى القائد عبد العزيز الحلو الإعلان الصادق في مدينة نيالا مؤخراً، في لحظة ارتبطت بإعلان حكومة "تأسيس"، لتُسجَّل بوصفها ميلاداً فعلياً للسودان الجديد، القائم على قاعدة المواطنة لا العقيدة، وعلى مبادئ العلمانية والديمقراطية واللامركزية.
    ومن منظور أنثروبولوجي، يُفهم هذا الطقس كرمز لوحدة الجماعة السياسية أكثر من كونه التزاماً دينياً صرفاً. فحرية المعتقد مكفولة دستورياً، وصيغة الإعلان لا تفرض عقيدة بعينها، بل تعبر عن التزام مدني يتجاوز المعتقد الشخصي. وبهذا، تُصبح الأديان جزءاً من الموروث الرمزي والثقافي للشعوب، لا أداة للهيمنة أو التمييز.
    هذه اللحظة السودانية تستدعي مقارنات مع تجارب عالمية مفصلية:
    - الولايات المتحدة (1787): حيث كرس الدستور مبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة بوصفه أساساً للحرية والديمقراطية
    - فرنسا (1789): حين أعلنت الثورة "حرية الضمير"، منهية امتيازات رجال الدين وسلطتهم على الدولة والمجتمع
    - جنوب إفريقيا (1996): حيث مثّل القسم على دستور علماني–ديمقراطي لحظة فارقة في تجاوز الفصل العنصري وبناء دولة المساواة.
    - بريطانيا المعاصرة: حين رفض عدد من نواب البرلمان القسم على الكتب السماوية العام الماضي، مفضلين الصيغة المدنية القائمة على الضمير الإنساني، في دلالة على حياد الدولة وسمو القيم المدنية.
    لكن فرادة اللحظة السودانية تتعمّق إذا نظرنا إلى سياقها الداخلي. فعلى امتداد العقود الماضية، تحوّل الدين في السودان من فضاء روحي شخصي إلى أداة بيد النخب السلطوية لترسيخ القهر والسيطرة:
    - فُرضت الشريعة لا كخيار حر للتدين، بل كوسيلة سياسية لإخضاع المجتمع
    - استُخدمت الفتاوى لتبرير الحروب الأهلية، تكفير الخصوم، وإضفاء شرعية على نهب الموارد العامة
    - تحالف رجال الدين مع العسكر لتعطيل أي مشروع وطني جامع، وتحويل المقدس إلى أداة لإدامة الامتيازات السياسية والاقتصادية.
    - وباسم الدين أُعدم مفكرون أحرار مثل الأستاذ محمود محمد طه، وقُمعت الفنون والآداب، وصودرت الصحف والكتب، وجُلد الفنانون والمبدعون، في محاولة ممنهجة لخنق الفكر النقدي والإبداع.
    وهذا النمط من استغلال الدين يتقاطع مع تجارب أخرى:
    - إسبانيا الفرانكوية (1939–1975): حيث تحالفت الكنيسة الكاثوليكية مع نظام فرانكو، فأضفت عليه شرعية دينية، ودعمت قمعه للمعارضة السياسية والفكرية، مما أدى إلى تديين الدولة وقمع الحريات المدنية لعقود.
    - إيران بعد ثورة 1979: حيث استُخدم الدين لإقامة نظام ثيوقراطي قائم على ولاية الفقيه، تكفير المعارضين، تقييد النساء والمفكرين والفنانين، وتحويل الثورة الشعبية إلى عسكرة دينية أجهضت أي مشروع ديمقراطي جامع.
    في كل هذه الحالات، كما في السودان، كان الدين أداة لإنتاج شرعية مصطنعة للسلطة وقمع الحريات.
    في مواجهة هذا الإرث، يمثل الإعلان الصادق في السودان اليوم لحظة قطيعة تاريخية: فهو لا يكتفي بالتحرر من الحصر الطقسي في الكتب السماوية، بل يعيد تعريف الدين باعتباره علاقة فردية بين الإنسان وربه، منزهاً عن التوظيف السياسي. إنه تأسيس لدولة حديثة تقوم على المواطنة كقاعدة للحقوق والواجبات، حيث تُحرر السياسة من وصاية رجال الدين، ويُحرر الدين من ابتذال السلطة.
    هذا التحول لا يُعد خطوة محلية فحسب، بل هو انخراط في مسار إنساني طويل اختبرته شعوب عدة، سعت إلى تحرير الدولة من هيمنة الدين وإعادة بناء المجال العام على قاعدة المساواة والكرامة الإنسانية. وهو ما يجعل السودان اليوم جزءاً من التاريخ الكوني في سعي الشعوب لإقامة دولة مدنية ديمقراطية.

    خامساً: الأثر على مشروع السودان الجديد:
    اعتماد صيغة الإعلان الصادق يُعدّ انتصاراً حقيقياً لرؤية السودان الجديد، تلك الرؤية التي سعت إلى إقامة دولة قائمة على المساواة، العدالة، وحرية المعتقد، بعيداً عن الامتيازات الدينية أو الإثنية التي غذّت الانقسام لعقود طويلة. هذه اللحظة ليست مجرد طقس رمزي، بل هي تعبير عن إرادة جماعية تهدف إلى بناء وطن يتجاوز الحدود المصطنعة للهوية، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد يستند إلى المواطنة وحدها، لا إلى العقيدة أو الاثنية او الجهة.
    بهذا المعنى، يُمثل الإعلان الصادق انتصاراً لمشروع وفلسفة السودان الجديد التي تؤمن بأن وحدة الوطن لا يمكن أن تقوم إلا على العدالة والمساواة، لا على الإقصاء أو التمييز. إنه إعلان عن قطيعة تاريخية مع السودان القديم؛ ذلك السودان الذي شُكِّل وفق مصالح النخب المتحالفة مع الاستعمار ثم مع الإسلاميين، لترسيخ سلطة المركز وهيمنة العقيدة الواحدة.
    اليوم، يقف السودان أمام منعطف تاريخي فارق، شبيه باللحظات الكبرى التي عرفتها شعوب أخرى حين تحررت من سلطة رجال الدين ومن هيمنة الأيديولوجيات الشمولية، لتبني دولاً مدنية ديمقراطية. فالإعلان الصادق لا يحرر المجال العام من الوصاية الدينية فحسب، بل يضع أسس دولة جديدة قوامها الإنسان وكرامته، حيث تصبح المواطنة المتساوية الركيزة الوحيدة للانتماء، والعدالة والحرية القاعدة الصلبة لبناء مؤسسات الدولة الحديثة.

    في الختام:
    الإعلان الصادق الذي أداه الكمرد عبد العزيز آدم الحلو، في تدشين حكومة "تأسيس"، لا يمكن النظر إليه كقسم شكلي أو طقس بروتوكولي، بل هو لحظة ميلاد وطن جديد: وطن علماني ديمقراطي لا مركزي، يُعلن من قمة الدولة ولأول مرة في تاريخ السودان، ومن قلب الهامش الذي طالما أُقصي وحُرم من حقه في صياغة مستقبل البلاد. إنها لحظة تأسيسية تنقل السودان من أسر الدولة الدينية المركزية إلى أفق جديد يجعل من المواطنة المتساوية قاعدة الحقوق والواجبات.
    هذه اللحظة لا تهدد فقط قوى الهيمنة الدينية التي احتكرت الدولة باسم العقيدة لعقود، بل تُربك أيضاً القوى المدنية التقليدية من النخب التي تواطأت مع تلك الهيمنة، سواء بالصمت أو بالتسويات أو بتبرير الاستبداد وتسويق طبيعة الصراع. فالإعلان الصادق يفضح تواطؤ النخب مع النظام القديم، ويضع معياراً جديداً للشرعية لا يقوم على الطقوس الدينية أو التحالفات النخبوية، بل على إرادة شعبية تُعيد تأسيس الدولة من الهامش إلى المركز.
    إنها لحظة استثنائية تُحرر الدين من قبضة السياسة، وتحرر السياسة من وصاية رجال الدين، وتضع الإنسان – لا الطائفة ولا القبيلة ولا العقيدة – في قلب مشروع الدولة. ولأول مرة في تاريخ السودان، يولد وطن جديد من الهامش ليضع نهايةً لزمن الهيمنة ويؤسس لعقد اجتماعي جديد، قاعدته الكرامة والعدالة والمساواة.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de