يُعد مضيق هرمز أحد أهم الشرايين البحرية الحيوية في العالم، حيث يمر عبره ما يقرب من 20% من تجارة النفط العالمية، وما يُقارب ثلث النفط المنقول بحرًا. ومع تصاعد التوترات في منطقة الخليج، تبرز التساؤلات مجددًا: ماذا لو قررت إيران إغلاق مضيق هرمز؟ هذا السيناريو الخطير يثير مخاوف على عدة مستويات اقتصادية، عسكرية، ولوجستية ويعيد إلى الأذهان مواقف مشابهة هددت الأمن العالمي خلال العقود الماضية ماهي التأثيرات الاقتصادية المتوقعة في حال إغلاق المضيق اولها ارتفاع أسعار النفط عالميًا لان أي إغلاق ولو مؤقت للمضيق قد يؤدي إلى قفزات حادة في أسعار النفط، قد تتجاوز الـ 150 دولارًا للبرميل، حسب حجم الانقطاع ومدته هذا من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب الأسواق العالمية وارتفاع تكاليف النقل والشحن وتضخم أسعار الطاقة والسلع الأساسية، خصوصًا في الدول الصناعية الكبرى اضافة الي ضرب اقتصادات الدول الخليجية المصدّرة للنفط مثل السعودية، الإمارات، والكويت والتي تعتمد على مرور صادراتها النفطية من خلال المضيق فإن إغلاقه سيعني تعطيلًا مباشرًا لعائداتها، مما يضغط على ميزانياتها بشكل فوري اضافة الي تأثير مباشر على أسواق الطاقة الآسيوية مثل اليابان والصين والهند حيث تعتبر من أكبر مستوردي النفط من الخليج، وتعتمد بشكل كبير على المرور عبر المضيق، وبالتالي فإن اقتصادها الصناعي قد يتعرض لهزات عنيفة ثانيًا التأثيرات العسكرية والأمنيةرد عسكري أمريكي/غربي محتمل لان الولايات المتحدة تعتبر أي محاولة لإغلاق المضيق "خطًا أحمر"، وقد تقود تحالفًا عسكريًا لفتح المضيق بالقوة، كما فعلت جزئيًا في الثمانينات (خلال حرب الناقلات) الرد قد يشمل ضربات جوية وبحرية لمواقع الحرس الثوري الايراني وايضا يمكن فرض حصار بحري على السواحل الإيرانيةوتدمير الزوارق السريعة والمنصات البحرية الإيرانية وربما هذا يؤدي الي انفجار الوضع الإقليمي وقد تمتد المعركة إلى دول الخليج، حيث تُستهدف قواعد أمريكية أو منشآت نفطية، مما يشعل حربًا واسعة في الخليج العربي وهذا بالتاكيد يؤدي الي استدعاء لمزيد من الحلفاء إلى الساحة، اما إسرائيل، وتركيا، وربما روسيا، قد تجد نفسها مضطرة للتدخل أو إعادة التموضع في هذه الأزمة، ما قد يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي ثالثًا التأثيرات اللوجستية شلل في حركة السفن التجارية وناقلات النفط وللعلم ان المضيق ضيق للغاية (عرضه حوالي 33 كم فقط في أضيق نقطة)، وهو بمثابة عنق زجاجة لحركة السفن، وبالتالي فإن أي تهديد أو لغم بحري أو قصف قد يشل الحركة بالكامل وقد يحدث تحويل المسارات البحرية في حال اغلاقه و رغم وجود بدائل (مثل أنابيب النفط عبر السعودية والإمارات)، فإنها لا تغطي كامل حجم الصادرات، وسيؤدي الاعتماد عليها إلى ضغط كبير على هذه الشبكات اضافة الي تعطيل إمدادات الغاز الطبيعي المُسال (LNG)وقطر، وهي من أكبر المصدرين للغاز، تعتمد كليًا على المرور عبر المضيق، مما يهدد الإمدادات إلى أوروبا وآسيا رابعًا: السيناريوهات المتوقعة ماذكرته سابقا هو بعض السيناريوهات المتوقع في حال إغلاق المضيق بشكل كلي ومباشر من جانب إيران وقد تلجأ الي غلق المضيق بالكامل باستخدام الألغام والزوارق المسلحة اي ستكون حرب مفتوحة "تدخل عسكري أمريكي" انهيار جزئي في إمدادات النفط او إغلاق جزئي مؤقت و تصعيد محسوب من جانب ايران لإيصال رسائل سياسية، دون نية للحرب الشاملة وهذا بالتاكيد سوف يحدث اضطراب مؤقت - مفاوضات عاجلة - رفع أسعار النفط مؤقتًا وربما تلجأ ايران الي التهديد بالإغلاق دون تنفيذ فعلي كنوع من الحرب النفسية والاقتصادية تهدف لابتزاز الغرب أو الضغط في ملفات إقليمية (مثل الملف النووي) اضافة الي ما تحدثه من توتر في الأسواق و ارتفاع نسبي في الأسعار اضافة الي ضغط دبلوماسي لان ايران ربما تخوض حرب غير متماثلة ولهذا سوف يتم استهداف السفن عبر هجمات "غامضة" أو بطائرات مسيّرة دون إعلان رسمي وصعوبة تحديد المسؤولية وهذا يؤدي الي استنزاف للخصوم و تصعيد غير مباشر كل هذه السيناريوهات محتملة وواردة والعالم يتابع مجريات الاحداث المتسارعة بين ايران وإسرائيل خاتمة استطيع ان اقول في ختام هذا المقال ان المضيق خطر دائم في خاصرة العالم وبكل تاكيد يبقى مضيق هرمز نقطة اختناق جيوسياسي شديدة الحساسية، وأي اضطراب فيه لا يؤثر فقط على الشرق الأوسط، بل على الأمن الاقتصادي العالمي بأسره بينما تستمر إيران في استخدام المضيق كورقة ضغط استراتيجية، فإن المجتمع الدولي يقف أمام معادلة صعبة بين الردع العسكري والحوار السياسي في عالم تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية، يظل سؤال "ماذا لو؟" بخصوص مضيق هرمز مطروحًا بقوة، ولا تزال الإجابة عنه تحمل مزيجًا من القلق والتأهب والترقب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالرحمن محمد فضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست